العصمة والرجعة

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - العصمة والرجعة

العصمة والرجعة

من مصنّفات

الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد الخامس
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله جزيل النعماء ( النعم خ ) والالاء وجميل الافضال والعطاء وحسن البلاء وجليل العظمة والكبرياء وصلى الله على محمد واله النبلاء الذين خصهم بالعصمة والولاء وجملهم باكمل الثناء وجعلهم ملوك الدنيا والاخرة والاولى صلى الله عليه وعليهم ما دامت الارض والسماء

اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين ‌الدين الاحسائي ان حامي حوزة المسلمين وناصر الدين ومعز المؤمنين العضد اليمنى للسلطنة البهية والركن الاقوى للدولة السنية حليف السعادة وجليل الافادة ورافد الوفادة كعبة الكرم وحرم الشيم والمولى المحترم الشاه بن الشاه بن الشاه محمد عليّ ميرزا الشاه‌ زاده ادام الله تأييده وامداده واشاد نصره وارفاده وايده بالنصر هو واجناده وحفظه هو واولاده وسدده وسدد له نظام دولته على ما احبه واراده واصلح له بما تقر به عينه معاده وختم له احواله واعماله بالسعادة انه سميع الدعاء لطيف لما يشاء وهو على كل شيء قدير وبالاجابة لمن دعاه جدير رحم الله من قال امين فان في ذلك صلاح الدنيا والدين قد امر محبه وداعيه ان يكتب شيئا في بيان العصمة وثبوتها لاهلها عليهم السلام ونفي ما ينافي ذلك وما يرد عليه في ذكر رجعة محمد واهل بيته الطاهرين وخواص شيعتهم ومواليهم واعدائهم وذكر علاماتها واحوالها وذكر ما ورد فيها فاجبته الى ذلك مع قلة البضاعة وكثرة الاضاعة وتشتت الخاطر بدواعي الاعراض وموانع الامراض بناء على الاتيان بما يحضر من هذه الامور لانه من جهة كثرة الموانع هو المقدور اذ لا يسقط الميسور بالمعسور والى الله ترجع الامور ورتبت بيان كل واحدة من المسئلتين على مقدمة وفصول وخاتمة تقريبا للوصول الى المحصول

المسئلة الاولى: في بيان العصمة وثبوتها لاهلها ونفي ما ينافي ذلك وما يرد عليه

مقدمة - قيل العصمة في اللغة المنع ومنه قوله تعالى والله يعصمك من الناس اي يمنعك منهم فلا يقدرون عليك وقوله تعالى واعتصموا بحبل الله اي التجئوا الى الله بطاعته وحبل الله هو القرآن وقيل بعهد الله يرجع الى معنى الامتناع بالله وبحبله اي ( الى خ ) القرآن او بعهده اليهم بما امرهم به من طاعته بالقيام باوامره ونواهيه من معاصيه وسخطه وعقابه والمعصوم هو الممتنع من جميع محارم الله كما روى وروي عن عليّ بن الحسين عليهما السلام الامام من لا يكون الا معصوما وليست العصمة في ظاهر الخلق ( الخلقة خ ) فتعرف قيل فما المعصوم قال عليه السلام المعتصم بحبل الله وحبل الله هو القرآن لا يفترقان الى يوم القيمة والامام يهدي الى القرآن والقرآن يهدي الى الامام وذلك قوله تعالى ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم وفي الاصطلاح العصمة على ما اختاره العدلية هي اللطف المانع للمكلف من ترك الواجبات وفعل المحرمات يفعله الله به غير سالب للقدرة على خلاف مقتضى ذلك اللطف والا لم يكن مكلفا ولم يستحق مدحا ولا ثوابا بل ذلك اللطف موجب لسلب الداعية المستلزمة لاحدهما وهذا حاصل ما قرروه ( قرره خ ) في قواعدهم وعند الاشاعرة العصمة الا يخلق الله في المعصوم ذنبا ولاجل غرض لهم في ذلك كما يأتي خصوه بكونه من الكبائر كالكفر وسائر الكبائر ومن الصغائر الدالة على الدناءة والخسة والرذالة كسرقة حبة او لقمة مما ينسب فاعله الى الدناءة والخسة والرذالة وذلك بناء على اصلهم من استناد جميع الاشياء كلها الى القادر المختار وعند الحكماء العصمة ملكة تمنع الفجور ناشية من العلم بمثالب المعاصي ومناقب الطاعات وتتأكد في الانبياء بتتابع الوحي اليهم بالاوامر الداعية الى ما ينبغي والنواهي الزاجرة عما لا ينبغي وعلى تعريف العدلية بان العصمة تستلزم سلب الداعي الذي هو الميل والارادة لا سلب القدرة معه انما يتم على رأي من يقول ان القدرة لا يدخل في مفهومها الارادة وانما هي الصفة التي بها يقع التأثير عند انضمام الارادة اليها كما هو الحق في المسئلة لان الارادة هي داعي القادر الى الفعل الذي هو التأثير واما على رأي من يقول ان القدرة هي مجموع ما يتوقف عليه التأثير ومنه الارادة فلا يصح قولهم غير سالب للقدرة لانه ان لم ‌يسلب القدرة لم يستلزم سلب الداعي لدخوله في مفهوم القدرة واذا لم‌ يستلزم ذلك اللطف سلب الداعي لم ‌يتحقق ( لم‌ تتحقق خ ) العصمة بل يكون المكلف مع ذلك مقارفا للذنوب او طالبا لها محبا لها وان سلب القدرة لم يتوجه اليه الخطاب وكذلك ان سلب الارادة استلزم سلب القدرة لرفع المركب برفع بعض اجزائه وعلى تعريف الاشاعرة يرد انه اذا بنوا ذلك على اصلهم من استناد جميع الاشياء الى القادر المختار عز وجل يقال ( فيقال خ ) لهم هل الكسب الذي اثبتوه للعبد والمباشرة اللذين هما علة ترتب الثواب والعقاب مخلوقان لله تعالى ليس للعبد فيهما صنع ام لا بل هما صادران من العبد باختياره فان جعلوهما مخلوقين لله تعالى كغيرهما من الاشياء بحيث ليس للعبد فيهما صنع امتنع تكليف ذلك المعصوم وانما يتحقق عدم خلق الذنب فيه مع اقتضائه ذلك بالتكليف لولا العصمة فاذا لم يتحقق التكليف لم يتحقق عدم خلق الذنب مع عدم مقتضيه وكون افعاله تعالى غير معللة بالاغراض كما يزعمون او تجويز التكليف بالمحال وبما لا يطاق لا يقتضي جواز ذلك لانه فرع التكليف والتكليف فرع تحقق الانية واذا كان كل شيء من الله تعالى من غير اعتبار شيء من قابليات المكلف سقط اعتباره خصوصا في الانية فافهم وان كانا صادرين من المكلف باختياره ليصح نسبة ترتب الثواب والعقاب الى المكلف اقتضيا طاعة او معصية بنسبة اعتبارهما فيلزم في تعريف العصمة بنسبة اقتضائهما ذلك اعتبار تعريف العدلية مع ان العصمة معنى وجودي وهم عرفوها ( عرفوه خ ) بالعدمي وعلى تعريف الحكماء يرد انه ناقص يحتاج الى قيد وهو ان يقال ملكة تمنع الفجور منعا غير سالب للقدرة الخ ثم انا نقول ان الملكة في تعريف الحكماء ثمرة اللطف في تعريف العدلية وقول الحكماء ناشية من العلم الخ ليس بشيء لان العلم لا يثمر تلك الملكة الا ان يراد به العلم الحقيقي وهو المقترن بالعمل بحيث لا يتخلف عنه في حال فحينئذ يكون صورة للعصمة ومادتها طلب الله سبحانه من المكلف وهدايته وروحها ذلك اللطف فعلى ظاهر القول يكون تعريف الحكماء مع اعتبار القيد اقرب لاشتماله على الجنس القريب واما تعريف العدلية فاولى ان يكون رسما وحاصل القول الصواب في تعريفها انها ملكة ربانية تمنع من فعل المعصية والميل اليها مع القدرة عليها

فصل - اعلم ان الله سبحانه خلق الاشياء بفعله على حسب قوابلها لفعله بمعنى انه احدث موادها لا من شيء اعني وجوداتها وصورها كما قبلت يعني انه تعالى ركب صورها على حسب قوابلها فمن لطفت مادته ورقت لشدة نوريتها وقربها من المبدء الفياض الذي هو مشية الله وفعله تلاشت انيتها وضعفت بحيث لا تكاد تنافي هيئة فعله فلا تبدو عنها هيئة تخالف هيئة فعله فلا يقع لها متعلق اقتضاء غير ما اقتضته هيئة مشيته فلا يريد ذلك المخلوق غير ما يريده ( يريد خ ) خالقه كما قال تعالى وما تشاؤن الا ان يشاء الله وهو معنى قول عليّ عليه السلام فجعلهم السن ارادته يعني ان ارادته تعالى تنطق بهم فقولهم قول الله ( قوله تعالى خ ) وفعلهم فعله عز وجل وهو معنى قولهم عليهم السلام نحن محال مشية الله وفي زيارة الحجة عليه السلام عن ابي جعفر محمد بن عثمان العمري مجاهدتك في الله ذات مشية الله ومقارعتك في الله ذات انتقام الله وصبرك في الله ذو اناة الله وشكرك لله ذو مزيد الله ورحمته وفيها بعد هذا والقضاء المثبت ما استأثرت به مشيتكم والممحو ما لا استأثرت به مشيتكم فكان بعناية الله ولطفه عن قابليته سابقا على ( لكل خ ) من لم ‌يكن كذلك وقولي بعناية الله ولطفه اريد منه انه تعالى لطف بذلك العبد لسبق عناية الاختصاص فراضه بقابليته حتى بلغ به اعلى مراتب ( مقام خ ) القرب من رضوانه كما في الزيارة التي رواها ابن طاووس والشيخ محمد بن المشهدي والشيخ المفيد في الثناء على اهل البيت عليهم السلام الذين هم اهل هذه المرتبة التي نحن بصدد بيانها وفيها لا يسبقكم ثناء الملائكة في الاخلاص والخشوع ولا يضادكم ذو ابتهال وخضوع اني ولكم القلوب التي تولي الله رياضتها بالخوف والرجاء وجعلها اوعية للشكر والثناء وامنها من عوارض الغفلة وصفاها من شواغل الفترة بل يتقرب اهل السماء بحبكم وبالبراءة من اعدائكم وتواتر البكاء على مصابكم والاستغفار لشيعتكم ومحبيكم الخ فكانت فطرة هذا العبد على هيئة فعله تعالى ومحبته فحين توجه اليه امر ربه كان ميل فطرته وداعي صورته العينية مطابقا لمحبة الله وارادته وامره مع دوام الرياضة والتربية عن حقيقة ما هو اهله بالتوفيق والتسديد وعدم التخلية الى نفسه في كل حال فتكون وتحقق وثبت واستقر عن ذلك اللطف والعناية والرياضة والتربية المصاحبة للتوفيق والتسديد وعدم التخلية مع مطابقة تلك الفطرة لفعل الله وارادته ومحبته ملكة ربانية تمنع من فعل المعصية والميل اليها مع القدرة عليها لكون تلك العنايات والالطاف والرياضات والتربيات والتوفيقات والتسديدات جارية لذلك العبد بقابليته وحقيقة ما هو اهله كما اشار اليه تعالى في قوله الله اعلم حيث يجعل رسالته وذكره ( ذكر خ ) امير المؤمنين عليه السلام في الثناء على النبي صلى الله عليه وآله في خطبته ( خطبة خ ) يوم الغدير والجمعة كما رواه الشيخ في المصباح قال عليه السلام واشهد ان محمدا عبده ورسوله استخلصه في القدم على سائر الامم على علم منه انفرد عن التشاكل والتماثل من ابناء الجنس وانتجبه امرا وناهيا عنه اقامه في ساير عالمه في الاداء مقامه اذ كان لا تدركه الابصار ولا تحويه خواطر الافكار ولا تمثله غوامض الظنون في الاسرار لا اله الا هو الملك الجبار قرن الاعتراف بنبوته بالاعتراف بلاهوتيته واختصه من تكرمته بما لم يلحقه فيه احد من بريته فهو اهل ذلك بخاصته وخلته اذ لا يختص من يشوبه التغيير ولا يخالل من يلحقه التظنين الخ فابان عليه السلام ان استخلاص الله تعالى له واختصاصه به انما هو لانفراده عن التشاكل والتماثل من ابناء الجنس وذكر علة ذلك فقال لانه عز وجل لا يختص من يشوبه التغيير ولا يخالل من يلحقه التظنين وهو المراد مما اشرنا اليه من تحقيق تلك الملكة وبيان منشئها فتفهم كما ( ما خ ) ذكرناه وما ذكره ( ذكر خ ) عليه السلام في هذه الخطبة وقولي ملكة ربانية لبيان نشو هذه الملكة على مقتضى تلك التربيات والرياضات والالطاف الربانية وهذه الملكة هي العصمة فاذا عرفت ما ذكرنا لك في بيانها تبين لك ما في التعاريف الثلاثة السابقة لعدم انطباقها على ما ذكرنا بيانه ومنشئه

فصل - العصمة مجمع ( منشأ خ ) الكمالات لانطواء جميع الكمالات فيها باعتبار عموم دائرتها واحاطتها بجميع الصفات والافعال من الجهة العليا وهي جهة التلقي من الفيض الالهي لقوة استعدادها لذلك ومن جهة ( الجهة خ ) السفلي وهي جهة الاداء والتبليغ وتربية الرعية وعمارة مدينة الكون والنظام لانها هي العدالة المطلقة الامكانية المستلزمة لحفظ النسبة الايجادية الالهية بين جميع الموجودات على ما هي مذكورة به في العلم الامكاني في ( من خ ) نفس الامر والى هذه العدالة المطلقة الامكانية التي هي العصمة الاشارة في قوله عليه السلام بالعدل قامت السموات والارض وروي في حديث اخر بالعدول قامت السموات والارض يعني بالعدول اصحاب تلك العدالة المطلقة التي هي العصمة لانهم يسيرون في اعمالهم واحوالهم واقوالهم وافعالهم على مقتضاها من حفظ النظام وعمارة المدينة بحفظ النسب القيومية الالهية بين الاشياء كلها التي بها يرتفع الفساد من ساير البلاد فهي عند المحققين تقتضي امورا : الاول صدق الاقوال في كل المواطن الثاني حسن الافعال في جميع الاعمال الثالث صحة الاحوال واستقامتها على مقتضى العدل الرابع ملازمة المراقبة والتلقي من الجهة العليا الخامس مداومة شهود العليا قبل السفلي ومعها من غير انتقال ( اشتغال خ ) البصيرة ولا التفات السريرة السادس حفظ الحقوق عن التعطيل والتعطل السابع حفظ نظام المعاش والمعاد عما يوجب اختلالهما بحسب الامور العقلية والشرعية في التمام والكمال وتلزمها اوصاف حميدة شريفة يتصف بها من اتصف بهذه الملكة كالعقل الكامل والعلم والحلم والخير والايمان والتصديق والرجاء والعدل والرضا والشكر والتوكل والرأفة والرحمة والفهم والعفة والزهد والرفق والرهبة والتواضع والتؤدة والصمت والاستسلام والتسليم والصبر والصفح والغناء عن الخلق والفقر الى الخالق سبحانه والتذكر والذكر والحفظ والتعطف والقنوع والمواساة والمودة والحب والصدق والحق والامانة والاخلاص والشهامة والشجاعة وقوة الرأي وحسن الخلق والفهم والمعرفة والمداراة وسلامة الغيب والكتمان والصلوة والزكوة والصوم والحج والجهاد وصون الحديث عن النميمة وبر الوالدين والحقيقة والمعروف والستر والتقية والانصاف والتهيئة والنظافة والحياء والقصد والراحة والسهولة والبركة والعافية والقوام بفتح القاف والحكمة والوقار والسكينة والسعادة والتوبة والاستغفار والمحافظة والدعاء والنشاط والفرح والالفة والكرم والسخاء وسلامة الخلقة من العيوب المنفرة للطباع كالجذام والبرص وتشويه الصورة وامثال هذه من الصفات الحميدة الشريفة وتلزمها الطهارة والنزاهة عن اضداد تلك الاوصاف الحميدة لان كل صفة من تلك الاوصاف الحميدة التي تكون فيها انما تكون فيها في اعلى مراتبها واكملها فلا يجامعها شيء من ضدها فان قلت ان مراتب هذه الملكة متفاوتة تفاوتا لا يكاد يتناهى فلو لم يكن في الرتبة الناقصة شيء من ضدها لما كانت ناقصة بل تساوي العليا قلت ان السفلي ليست ناقصة في رتبتها ليلزمها شيء من ضدها بل هي كاملة في رتبتها كمالا لا يتحمل شيئا من ضدها لان الضد انما يظهر في رتبته من النقصان المتحقق في تلك الرتبة ونقصانها انما هو بالنسبة الى ما فوقها وهو لا يصلح ان يكون محلا لضدها لانه محل لضد ما فوقها فلا ينسب اليها مع كمالها وعدم صلوح محلها محلا له فهي كاملة وتزداد بدوام المدد كمالا وهكذا بلا نهاية كما امر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله بطلب زيادة علمه مع كماله فقال تعالى وقل رب زدني علما وهذا الطلب حاصل له ابد الابدين

فصل - اعلم انه قد اختلف في متعلق العصمة بانه ما هو فقال الجمهور ان متعلقها الاداء والتبليغ لانه هو المقصود منها فلا تجب العصمة الا لاجله اذ لولا حاجة المكلفين الى ذلك لم توجد لان تكليفهم متوقف على معرفة ما كلفوا به وهذه المعرفة متوقفة على اخبار الواسطة المبلغ عن الله وحصول المعرفة عن اخبار الواسطة متوقف على صدقه وصدقه متوقف على العصمة فوجبت لذلك وقال الاكثر من المحققين ان متعلقها مجرد استعداده لقبول الفيض من الحق سبحانه عليه الذي من جملته الاداء والتبليغ لان الاستعداد شرط في حصول التبليغ والاداء وهو مرتبة الولاية المطلقة السابقة على مرتبة النبوة التي معناها الاداء والتبليغ فتكون العصمة سابقة على وقت الاداء ضرورة تقدم الاستعداد على ذلك ومرتبة الولاية هي مرتبة القرب من الحق الموجبة للفيض والاستفادة منه ومن مقربي حضرته على مراتب الاستعداد فيجب ان يكونوا متخلقين باخلاقه موافقين له في جميع الافعال فلا يحبون الا ما يحب ولا يكرهون الا ما يكره وذلك هو عين العصمة المطلقة اقول ظاهر قول هؤلاء ان متعلقها مجرد استعداده لقبول الفيض من الحق سبحانه عليه الذي من جملته الاداء والتبليغ ان المراد منه صفة الموصوف بها بمعنى ان اتصافه بها هو ذلك او ما يلزم منه بقرينة تعليلهم اعني قولهم لان الاستعداد شرط في حصول التبليغ ( منه خ ) والاداء بمعنى مطلق التعلق سواء كان تعلق التلقي من الفيض ام تعلق التبليغ منه واداء المتلقي عنه الى المكلفين وظاهر قولهم مرتبة النبوة التي معناها الاداء والتبليغ ينافي الاول لان قولهم فتكون العصمة سابقة على وقت الاداء ضرورة تقدم الاستعداد على ذلك ينافي قولهم الذي من جملته الاداء والتبليغ وكأنهم ارادوا مطلق الوصف سواء كان لذات العصمة او لحال محلها اي المتصف بها او لمتعلقها من المكلفين بما يراد منهم والاول ( الاولى خ ) ما اشرنا اليه سابقا من ان حقيقتها هي الملكة التي اشرنا اليه من ( اشرنا الى خ ) كيفية بدءها هناك وان محلها الذي هو المتصف بها القائم بوظائفها هو ما اشرنا اليه من ( اشرنا الى خ ) نورية مادته وسبقها وقربها من المبدء الفياض ومن ( الى خ ) ضعف انيته وتلاشيها حتى لا تكاد تعتبر في احكام الايجاد وان متعلقها من الجهة العليا هو ( هي خ ) التلقي بذلك الاستعداد ومن الجهة الوسطى التي هي المحل وهو المتصف بها وهو المشار الى نوع كونه ( كونها خ ) من مادته وصورته المخصوصين ومن الجهة السفلي هو التبليغ والاداء فافهم فلو اردنا مجرد التعدد لقلنا الاقوال ثلثة قول الجمهور بان المتعلق الاداء والتبليغ وقول المحققين ان المتعلق ما سمعت مما نقلنا عنهم وقولي ان متعلقها في الجهات الثلاث العليا التلقي والوسطى القبول والاتصاف والتحمل بذلك الاستعداد والسفلي التبليغ والاداء فافهم

فصل - والمتصف بالعصمة ( بها خ ) القائم بوظائفها المتحمل لاعبائها انبياء الله ورسله وخلفاؤهم ( خلفاؤه خ ) وملائكته لانهم المؤدون الى عباده كما قال تعالى جاعل الملائكة رسلا وقول عليّ بن الحسين عليهما السلام في الصحيفة وعلى الملائكة الذين من دونهم من سكان ( اهل خ ) سمواتك واهل الامانة على رسالاتك وقوله عليه السلام ورسلك من الملائكة الى اهل الارض بمكروه ما ينزل من البلاء ومحبوب الرخاء والسفرة الكرام البررة وانما اشترط اتصاف الدعاة الى الله سبحانه فيما يامر وينهي مما يحب ويكره بالعصمة لتوفر الدواعي الى الاقبال اليهم والثقة باخباراتهم ليتم لهم اللطف باتباعهم وتكون عندنا مصاحبة لهم كما يأتي من اول العمر الى اخره ليحصل تمام الاقبال وتوفر دواعي المكلفين على الاقبال والتوجه اليهم الذي هو المقصود بالذات من بعثهم ولهذا اعتبر فيهم اتصافهم بها لاشتمالها على الصفات الحميدة كما تقدم وسلامتها من اضدادها اذ بسببها يرتسم في نفس كل عارف باتصافهم بها اتصافهم بغاية الكمال ونهاية الجلال الموجب لتعظيمهم واعتقاد نورانيتهم التي من شانها ان تجذب النفوس اليهم ( اليها خ ) وتنجذب انجذاب محبة وعشق كانجذاب الحديد الى المقناطيس وذلك لانه قد تقرر في الحكمة من ان النفوس بطباعها منجذبة الى الانوار محبة لها وعشقا وكلما كانت النورانية اتم واكمل كان انجذابها اليها اشد واقوى وانما كان اتصافهم بغاية الكمال ونهاية الجلال لقوة استعدادهم الذي هو مقتضى صفاء نورانية موادهم وتلاشي انيتهم حتى برزت صورهم على هيئة مشيته وارادته تعالى حتى لحقت نواسيتهم بالمجردات واقبلوا على معبودهم بجميع الارادات وتخلقوا باخلاقه في جميع الحالات فظهرت فيهم بمقتضى طهارة ذواتهم وشدة مجاهداتهم ومراقباتهم تلك الملكة اعني العصمة فاستحقوا مقام السفارة ومنصب الوساطة فالبسهم خلعة الخلافة واقامهم مقامه في عالمه في الاداء الى بريته وجعلهم ظاهره في خليقته كما رواه جابر بن يزيد الجعفي عن عليّ بن الحسين عليه السلام في حديث طويل الى ان قال عليه السلام واما المعاني فنحن معانيه وظاهره فيكم اخترعنا من نور ذاته وفوض الينا امور عباده الحديث والمراد بالذات التي اخترعهم من نورها ذات محمد صلى الله عليه وآله يعني من نور ذات له نسبها اليه تعالى تشريفا لها وتكريما بها على سائر الذوات لانه تعالى خلقهم من نور محمد صلى الله عليه وآله فاضافة النور الى الذات بيانية واضافة الذات الى الضمير بمعنى اللام والمعنى اخترعنا من نور هو ذات له يملكها ويختص بها وتختص به وانما استحقوا الخلافة والسفارة والقيام مقامه تعالى في خليقته في الاداء والتبليغ والترجمة لوحيه تعالى وما انزل من خزائن غيبه على القابلين والمكلفين من امدادات الغيب والشهادة ومن اوامره ونواهيه مما به تمام نظام وجوداتهم ودنياهم ودينهم واخرتهم بهذه الملكة التي هي العصمة بعد ان خلقهم لها وطهرهم من الرجس والدنس وراضهم بلطف عنايته حتى كانوا احق بها واهلها ومعنى قولي خلقهم لها هو ما سمعت من لطفه وعنايته بهم وتربيته لهم وتخليقه اياهم باخلاقه فلما خلقهم لها كما سمعت هنا وسابقا خلقها لهم بتلك القوابل والاستعدادات الموجبة لايجادها فيهم فتمت كلمته كما شاء فيمن شاء من خلقه

فصل - المتصفون بهذه الصفة كانوا لله سبحانه بجميع افكارهم وانظارهم واقوالهم واحوالهم واعمالهم وافعالهم وحركاتهم وسكناتهم فهم بكليتهم وظاهرهم وباطنهم مقصورون على طاعة الله محبوسون على محبته ورضاه لا يريدون الا ما يريد بل لا ارادة لهم غير ارادته وذلك لما تقدم من صفاء حقائقهم وتربيته اياهم بالطافه وتوفيقاته وتأييداته وتسديداته واختصاصه اياهم بعصمته فان قلت قد جاء في الكتب المنزلة وصفهم من الحق تعالى بما يخالف ما ذكرتموه من وقوع بعض المعاصي والهفوات ومن معاتبته سبحانه لكثير ممن اتصف بتلك الملكة وقد قلتم ان الفائدة في بعثة الانبياء والرسل وسائر الوسايط والسفراء بين الله سبحانه وبين خلقه تصديقهم والثقة باخبارهم واتباعهم والميل اليهم والقبول منهم فيما يدلون على الله سبحانه وعلى ما يرضيه من الاعمال الظاهرة والباطنة ولا يتم ذلك الا بعصمتهم لانها تمنع من كل ما ينفر عنهم ويوجب ( توجب خ ) كلما يقرب من تصديقهم ومن الثقة باخبارهم ( والثقة من اخبارهم وخ ) وقوع تلك التقصيرات منهم وعتابهم على تقصيراتهم ينافي مقتضى العصمة ويوجب التنفير عنهم وكل هذا ينافي فائدة بعثتهم قلت ان تلك الظاهر ( الظواهر خ ) الواردة في الكتب السماوية والعتابات المروية في حقهم عليهم السلام ليست مقصودة على ما هو المعروف عند ساير الناس فان المعروف عندهم ان الشخص اذا عاتب اخر او السيد اذا عاتب عبده فانه في تلك الحال واجد عليه او مريد لعقوبته لاجل مخالفته لما امره به او نهاه عنه لانه عاص له قادم على مخالفة امره واما عتابه ( عتاب الله خ ) عز وجل فانه ليس من هذا القبيل لان انبيائه ( الانبياء خ ) لا يقدمون على مخالفته وان ما يقع منهم بمقتضي الطبيعة البشرية ما ليس مما نهى الله عنه نهي تحريم ليقال كيف يرجحون داعي الطبيعة البشرية على داعي امر الله وداعي الطبيعة البشرية النفس الامارة بالسوء وداعي امر الله هو العقل واصحاب العقول الكاملة لا يطيعون قرين الشيطان وانما هو نهي تنزيه وارشاد فاذا اراد الله سبحانه ان يرفع نبيه او وليه الى درجة لم ينلها بالاعمال وهو سبحانه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم وقد قدر لوليه روحا من امره يسدده عن الغفلة والخطأ والنسيان فضلا منه تعالى من غير استحقاق من ذلك الولي لان يسدده ذلك الملك وان كان اذا قدر له فقد وضع المعروف موضعه لانه بالنسبة الى قابليته صالح لذلك بحيث لا ينافي تقديره له مقتضى الحكمة الا ان اعطاءه نعمة ( للقابل خ ) ابتدائية كما قال سيد الساجدين (ع) منتك ابتداء وعفوك تفضل وقال اذ كل مننك ابتداء فاذا اراد رفع درجته الى ما هو اعلى من مقتضى استعداده بالقابليات الظاهرة والباطنة التي هي الاعمال امر الملك المسدد فغاب عنه وهذا معنى ما ورد في مثل ما قال عليه السلام ان يونس على محمد واله وعليه السلام وكله الله الى نفسه طرفة عين فوقع ( فيقع خ ) منه ما شاء الله ( تعالى خ ) بمقتضى بدء شأن ذلك الولي في علم الغيب من التقصير لكن لما كان ذلك الولي بقوة الاستعداد وصحة الاعمال ودوام المراقبة لذي الجلال مستقيم الطبيعة كامل العقل مطمئن النفس لم تقع منه المعاصي الكبائر ولا الصغائر لبعده منها اذ ليس للشيطان عليه سلطان نعم اذا غاب عنه الملك فقد يقع منه خلاف الاولى وهو ( لانه خ ) ينافي الكمال ولا يستلزم النقصان لانه بتلك الصفات الحميدة تام ( قام خ ) في مقامه ورتبته التي وضعه الله سبحانه فيها فاذا وقع منه خلاف الاولى استوجب العقاب ( العتاب خ ) والذم من رب الارباب لعلم ذلك الولي انه مرجوح لا ينبغي له ان يفعله فاذا فعله مع علمه بذلك عرف من نفسه التقصير واستحقاق العقاب ( العتاب خ ) لان الله سبحانه اقامه مقام القدس الذي هو محل الخلافة والسفارة المقتضي لان يجري على الحكمة التي هي مقتضى ارادة المولي سبحانه وفعله فاذا ورد عليه الذم والعتاب انكسر واناب فاستحق بانكساره وذله واستغفاره وتوبته تلك الدرجة العالية كما قال تعالى فظن داود انما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا واناب فغفرنا له ذلك وان له عندنا لزلفى وحسن مآب ولو لم‌ يغب عنه الملك المسدد ( له خ ) لما وقعت منه الهفوة ولو لم تقع منه الهفوة لم يرد عليه عتاب ولا ذم ولو لم ‌يرد عليه ذلك لم‌ يحصل له انكسار في نفسه ولو لم يحصل له انكسار في نفسه لم ينل تلك الدرجة العالية ومنه قوله صلى الله عليه وآله لو لم تذنبوا لذهب بكم وجيء بقوم يذنبون ويستغفرون ويغفر لهم وفي تفسير عليّ بن ابراهيم فلما اخبر رسول الله صلى الله عليه وآله قريشا بخبر اصحاب الكهف قالوا اخبرنا عن العالم الذي امر الله عز وجل موسى ان يتبعه وما قصته فانزل الله عز وجل اذ قال موسى لفتيه لا ابرح حتى ابلغ مجمع البحرين او امضي حقبا قال وكان سبب ذلك انه لما كلم الله موسى تكليما وانزل عليه الالواح وفيها كما قال الله عز وجل وكتبنا له في الالواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء رجع موسى عليه السلام الى بني اسرائيل فصعد المنبر فاخبرهم ان الله عز وجل قد انزل عليه التورية وكلمه قال في نفسه ما خلق الله تعالى خلقا اعلم مني فاوحى ( الله خ ) عز وجل الى جبرئيل عليه السلام ان ادرك موسى عليه السلام فقد هلك واعلمه ان عند ملتقى البحرين عند الصخرة رجلا اعلم منك فصر اليه وتعلم من علمه فنزل جبرئيل عليه السلام واخبره فذل موسى في نفسه وعلم انه اخطأ ودخله الرعب وقال لوصيه يوشع بن نون ان الله عز وجل امرني ان اتبع رجلا عند ملتقى البحرين واتعلم منه الحديث وهذا مما ذكرت لك فانه لما اراد الله ان يجد في نفسه ذلة وانكسارا ويعلم انه اخطأ بالتفاته الى غير ما امر ( به خ ) بان يمضي اليه امر الملك المسدد ان يغيب عنه فلما غاب عنه وجد في نفسه انه ماخلق الله خلقا اعلم منه فامر الله تعالى جبرئيل ان يأمره بان ( ان خ ) يتعلم من الخضر عليه السلام تنبيها له على خطائه وابانة لتقصيره لتحصل ( ليحصل خ ) له بانكساره وذلته النجاة فقد هلك وهكذا يفعل بالمقربين عنده كما يعالج الطبيب المريض بالكى والفصد والحجامة واسقاء الدواء المر لان شفائهم وصحتهم في ان لا يجدوا لهم شيئا من انياتهم على حد ما قال تعالى ولا يلتفت منكم احد وامضوا حيث تؤمرون وبهذا ونحوه يظهر لمن عرف انهم فيما يفعل بهم منزهون عن النقائص والرذائل وانما يفعل بهم من قبيل الرياضة لهم بان يحلهم ويعقدهم ويصوغهم ويكسرهم حتى ينال كل واحد منهم اعلى درجات ما يمكن في حقه كما اوصى شاعرهم التلميذ عند استاده ( حيث خ ) قال :

اعدم وجودك لا تشهد له اثر او دعه يهدمه طورا ويبنيه

فتلك العتابات والتوبيخات دالة على عظم شأنهم وجلالة قدرهم عنده لعظيم اعتنائه عز وجل بهم فانه قد يعاتبهم ويلومهم على ما ليس بذنب وانما هو تكميل على تكميل وتنزيه لهم عن ملابسة ما لا يليق بمقامهم عنده وذلك لما ارتضاهم لمقام الحضور والمشاهدة لزمهم عدم الغفلة فاوحى اليهم لا يلتفت منكم احد وامضوا حيث تؤمرون فاذا اراد من احدهم الا يلتفت من نفسه بمجاهدته واستعداده فعل به ما سمعت ليطلعه على ما سوى الله ويعرفه ذلك ليفر الى الله تعالى من كل ما سواه على حد تأويل قوله تعالى لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا فتفهم هذا النوع لتنجلي عن قلبك كل شبهة ترد عليه في هذا المقام

فصل - اعلم انه قد وقع الاختلاف الكثير بين الناس من القائلين بالعصمة في متعلقها ووقتها فقالت الامامية ان العصمة تصاحب المعصوم وتلازمه من اول عمره الى اخره ويكون بها معصوما من جميع الذنوب من الكفر والكبائر كلها والصغائر كلها عمدا وسهوا ونسيانا بل لا يقع منه مطلق السهو والنسيان لان اللطف الذي هو منشأ العصمة واصلها منه نشوها ومنه تحققها حتى كانت ملكة للمعصوم ومنه تمكين الاستعداد المقتضى لها على نحو ما اشرنا اليه سابقا ومنه لزوم الملك المسدد للمعصوم عن الخطأ المعلم له عن الجهل المنبه له عن السهو المذكر له عن سمة النسيان المحبب له ( اليه خ ) الطاعة المكره اليه المعاصي وهو اي ذلك اللطف دائم التعلق بذلك المعصوم مستمر اللزوم له لوجود المقتضى لذلك من ملازمة الاجتهاد والمراقبة وقوة الاستعداد ولما كانت قوة استعداده موجودة فيه في اول ايجاده لشدة نورية روحه وشدة صفاء طينته لقربهما من المبدء بحيث اقتضيا ارتباط اللطف بهما بحقيقة ما هما اهله كما اشار اليه عز وجل بقوله واصطنعتك لنفسي استحق العصمة بقوة استعداده وقابليته من اول عمره الى اخره المانعة من جميع الذنوب والمعاصي الكبائر والصغائر مطلقا عمدا وسهوا ونسيانا وقد ذكر سيد الوصيين عليّ بن ابي‌ طالب صلوات الله عليه الاشارة الى ذلك في قوله ( بقوله خ ) :

سبقتكم الى الاسلام طرا مقرا بالنبي في بطن امي

لانه خليفة الله في ارضه على خلقه وما استخلفه الا بعد ان اختاره وانتجبه عن ساير خلقه في عالم الذر الاول على علم منه به انفرد عن ابناء جنسه فليس له فيهم مماثل وخالقه العالم به لا يختار من يلحقه التظنين فلو وجد في شيء منه ما ينافي شيئا من مراداته لماجاز له اختياره والا لكان قد اختار ما يخالف مراده وقد اختاره في اول بدئه فيكون في اول بدئه منزها عن كل ما ينافي مراده بالقوة والفعل من اول بدئه الى اخره لان المستخلف سبحانه حق لا شبهة فيه فلا يستخلف من فيه شبهة وهو العليم القدير الا من لا يعلم بها او لا يقدر على من لا شبهة فيه او كان في نفسه شبهة والاحوال الثلاثة منفية عنه عز وجل فلا يختار من فيه شبهة كما ذكره امير المؤمنين عليه السلام في خطبته في الغدير والجمعة في وصف النبي صلى الله عليه وآله بقوله فهو اهل ذلك بخاصته وخلته اذ لا يختص من يشوبه التغيير ولا يخالل من يلحقه التظنين وقد تقدم وقد استدلوا على وجوب عصمة الذين وصفوا بالعصمة من الانبياء والمرسلين وغيرهم من الاوصياء ان المكلفين مأمورون باتباع الانبياء في افعالهم واقوالهم فلو وقع منهم كفر او ذنب صغير او كبير لوجب اتباعهم لقوله تعالى فاتبعوه لعلكم تهتدون وقوله تعالى وما اتيكم الرسول فخذوه وغير ذلك واتباعهم في هذه الافعال التي حرمها الله يلزم منه الجمع بين الوجوب والحرمة وهو غير جايز وايضا لو وقع منهم الذنب لكانوا عليهم السلام من حزب الشيطان لانهم فعلوا ما اراد الشيطان وحزب الشيطان هم الخاسرون ومعلوم انهم عليهم السلام حزب الله وحزب الله هم المفلحون وايضا لو صدر منهم كفر او ذنب لفسقوا لان الفسق هو الخروج عن الطاعة وحينئذ لم تقبل شهادتهم لقوله تعالى ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا واولئك هم الفاسقون ولم يجب قبول قولهم وخبرهم لقوله تعالى ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا واللازم في الصورتين باطل بالاجماع ولان الفائدة في بعثتهم ورسالتهم قبول شهادتهم وخبرهم والملزوم ( فالملزوم خ ) مثله وايضا لو وقع منهم كفر او ذنب لوجب الانكار عليهم لوجوب النهي عن المنكر ووجوب انكاره وذلك يستلزم ذمهم وايذائهم وايذاء الانبياء عليهم السلام حرام موجب للعنة الله في الدنيا والاخرة لقوله تعالى ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة ولو لم يجب الانكار عليهم لزم عدم وجوب انكار المنكر مع القدرة عليه وهو باطل اتفاقا وايضا انهم عليهم السلام في اعلى درجات الشرف فلو وقع منهم كفر او ذنب لوجب ان يضاعف عذابهم لان من كان اشرف كان صدور الذنب منه افحش كما قال تعالى في شان نساء النبي صلى الله عليه وآله يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ضعفا بفعل الفاحشة وضعفا بهتك حرمة شرف النبي صلى الله عليه وآله والبعد منه وكما ضاعف عقوبة الاحرار لشرفهم على المماليك لان حد المملوك نصف حد الحر قال تعالى فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب فتكون انبياء الله واحباؤه معذبين باشد العذاب وهو باطل اتفاقا وايضا لو صدر منهم كفر او ذنب لم تنلهم النبوة والامامة لانهم اذا وقع منهم ذلك كانوا ظالمين والظالم لم ينله عهد النبوة والامامة لان رتبة النبوة في اعلى عليين ورتبة الظلم في اسفل سافلين لان الله سبحانه حين قال لابراهيم على محمد واله وعليه السلام اني جاعلك للناس اماما استعظم درجة الامامة في نفسه فسألها لذريته قال ومن ذريتي اي واجعل بعض ذريتي اماما وانما اتى بمن الدالة على التبعيض لعلمه بان من ذريته من هو كافر ولم يسأل له الامامة وانما سألها للمؤمنين من ذريته فاجابه تعالى بان من وقع منه ذنب وان كان صغيرا ولو مرة واحدة فانه يصدق عليه ( على خ ) انه ظالم وان كان مؤمنا وذلك بعيد من مقام الامامة لانها عهده الحق وميثاقه الصدق يعني الصدق معه في كل المواطن في جميع الاحوال فجمع له جميع ما اشرنا اليه فقال لا ينال عهدي الظالمين فان من وقع منه الظلم في وقت ما يصدق عليه ( على خ ) انه ظالم لما قرر في الاصول من عدم اشتراط بقاء المبدء في صدق المشتق ( المعنى في صحة الصدق خ ) حقيقة كما هو الصحيح في المسألة والظالم بعيد من عهد الامامة والامامة لازمة للنبوة فكل نبي امام فلا يقال ان هذه الاية خاصة بالامام ( بالامامة خ ) ولو قيل بذلك قلنا ففي النبي بطريق اولى لان الامام اذا لم يكن نبيا فهو وصي نبي ونبيه افضل فاعتبار علو الدرجة في النبي اولى منه في وصيه هذا بعض ما ذكروا من الادلة وغيرها كثير من الكتاب العزيز وسنة النبي صلى الله عليه وآله واحاديث اهل بيته المعصومين ( اهل العصمة خ ) عليهم السلام وهي كثيرة لا تكاد تحصى ومن الاجماع من الفرقة المحقة ومن ائمتهم عليهم السلام ومن دليل العقل منه ما كان من دليل الحكمة كما اشرنا اليه سابقا الى شيء منه في تحقيق بدء المعصوم والعصمة ومن دليل الموعظة الحسنة من الكتاب والسنة مما ( ما خ ) يضيق بذكره المقام ( الوقت خ ) ومن ذلك مثل قوله تعالى افمن يهدي الى الحق احق ان يتبع امن لا يهدي الا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون وجه الاستدلال العقلي من دليل الموعظة الحسنة انه سبحانه اخبرهم بان من يهدي الى الحق اولى بالاتباع ومن فعل الذنب لا يكون هاديا الى الحق حال معصيته ولا بفعله اما حال معصيته فلا يقبل منه ولا يؤثر ( لا تؤثر خ ) موعظته في القلوب بل تنكر عليه وذلك موجب لخلاف دعوته الى الحق واما بفعله ففعله ذنب والذنب باطل يدعو الى الباطل واما في غير تلك الحال فالعقول تجوز عليه حال المعصية لما فيها من شائبة النفرة فلا يتم له هدايته الى الحق ولو فرض انها لا تجوز عليه حال الطاعة حال المعصية لم يستحق احقية الاتباع المطلقة المستمرة التي هي المراد في الاية الشريفة ولو فرض الاستحقاق والحال هذه في الجملة او بقول مطلق لم يكن في الاستحقاق للاتباع مثل من لم يقع منه ذنب مطلقا فاذا كان الاتباع انما هو للهداية للحق والصواب الموجبة للنجاة من عذاب الله وسخطه وجب في العقل اتباع من لم تجوز ( لم يجوز خ ) عليه العقل شيئا من المعاصي للقطع بحصول النجاة في اتباعه دون من وقع منه الذنب لعدم القطع بحصول النجاة في اتباعه فاخبر سبحانه عباده من حيث يعقلون نصحا وموعظة وارشادا لهم الى ما فيه نجاتهم من عذابه ومن يعمل بما اتاه الله من التميز ( التمييز خ ) والعقل لا يختار المظنون ويترك المعلوم الذي قطع به عقله فافهم فان هذا من دليل الموعظة الحسنة ومن دليل المجادلة بالتي هي احسن وهو كثير لا يكاد يحصى وقد ذكر منه العلامة الحسن بن المطهر الحلي قدس الله سره ( روحه خ ) ونور ضريحه في كتابه الالفين الفي دليل من ادلة العقل المستنبطة من الكتاب من ادلة المجادلة بالتي هي احسن وهذه الانواع الثلثة من الادلة العقلية غير النقلية وهي التي امر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله ان يدعو الى سبيله بها فقال تعالى ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن وهذه الثلثة هي المراد ( المرادة خ ) بتأويل قوله تعالى في حق من يجادل في الله بغير هذه الادلة الثلثة ليضل عن سبيل الله اي يصرف الناس عن ولي الله وولايته ويدعوهم الى نفسه قد لبس ثياب النسك بالدعوى بلا حقيقة ولا معنى ومنهم اي ( وهو قوله تعالى خ ) ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله الاية فتفهم تفهم

فصل - واتفق الجمهور بالقول الصريح على عصمة الانبياء عليهم السلام من الكفر و ( ومن خ ) المعاصي الكبار ( الكبائر خ ) بعد الوحي وقال فضل بن روزبهان في كتابه الذي وضعه في الرد على الامام العلامة الحلي قدس سره ( قدس روحه ونور ضريحه خ ) في كشف الحق ونهج الصدق قال ثم اعلم ان تحقيق هذا البحث يرجع الى تحقيق معنى العصمة وهي عند الاشاعرة على ما يقتضيه اصلهم من استناد الاشياء كلها الى الفاعل المختار ابتداء الا يخلق الله فيهم ذنبا فعلى هذا يكون الانبياء معصومين من الكفر والكبائر والصغائر الدالة على الخسة والدناءة والرذالة واما غيرها من الصغائر فانهم يقولون لا تجب عصمتهم عنها لانها مغفورة بنص الكتاب من تارك الكبيرة الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش الا اللمم ان ربك واسع المغفرة هو اعلم بكم اذ انشأكم من الارض واذ انتم اجنة في بطون امهاتكم فلا تزكوا انفسكم هو اعلم بمن اتقى دلت الاية على ان مجتنب الكبيرة مغفور له ما صدر من الصغاير عنه وفي الاية اشارة الى ان الانسان لما خلق من الارض ونشأ منها فلا يخلو من الكدورات الترابية التي تقتضي الذنب والغفلة فكان بعض الذنوب تصدر عنه بحسب مقتضى الطبع ولما لم يكن خلاف ملكة العصمة فلا مؤاخذة به انتهى اقول ان تعريف الاشاعرة للعصمة مصرح بعدم صدور الصغيرة من المعصوم لان ذنبا في التعريف نكرة في سياق النفي تقتضي ( فتقتضي خ ) العموم فاستثناؤه للصغيرة مناقض لمذهبه ودعوى المراد لا تدفع الايراد لان الصغيرة ذنب بالاتفاق وصدورها من المعصوم عندهم انما هو بخلق الله تعالى لها فيه فان اعترف بخلق الله لها فيه انتقض تعريفه وان نسب صدورها الى المعصوم او الى مقتضى الكدورات الترابية او الطبع انتقض اصله وكونها مغفورة فرع ثبوتها ومخلوقيتها ويأتي ما قلنا وقوله لما لم يكن خلاف ملكة العصمة فلا مؤاخذة به غلط من وجوه : الاول ان العصمة عنده الا يخلق الله في المعصوم ذنبا وهذا لا يكون ملكة لان الملكة طبيعة وقوة تصدر منها الافعال وهذا مناف لاعتقاده لانها ان لم يصدر عنها شيء من الافعال فليست ملكة وان صدر عنها شيء كان في الوجود مؤثر غير الله وكلا الفرضين مخالف لاعتقاده الثاني ان العصمة عنده الا يخلق الله ذنبا ووقوع الصغيرة معناه عنده ان الله خلق ذنبا فوقوع الصغيرة عنده مانع ( مانع عنده خ ) من تحقق العصمة وتحقق العصمة مانع من صدور الصغيرة وهذا لازم على قوله الثالث ان قوله فلا مؤاخذة به يلزم منه انه لا فرق بين المعصوم وبين مجتنب الكبائر وان لم يكن معصوما لان العفو عن الصغيرة انما هو لاجتناب الكبائر ولا فرق بين العصمة واجتناب الكبائر فلا فرق بين الانبياء وغيرهم لان الاجتناب عنده الا يخلق الله في المجتنب ذنبا فاثباته العصمة للانبياء لغو لا فائدة فيه اذ لا اختصاص للانبياء بهذا المعنى دون غيرهم لان الانبياء ان دخلوا في جملة المجتنبين مطلقا فالعفو للاجتناب وان لم يدخلوا فيهم فلا عفو فاي معنى يثبته للعصمة غير الاجتناب المذكور الذي لم يختص به المعصوم فقوله لما لم يكن الخ لا يجديه نفعا بل تركه اسلم لاعتقاده ولدليله

فصل - مذهب الامامية تنزيه الانبياء عليهم السلام عن كل ما يكرهه ( يكره خ ) الله قبل البعثة وبعدها اختيارا واضطرارا عمدا وسهوا وهو مما لا خلاف فيه واما فضل بن روزبهان فوضع كتابه على محض المعارضة من غير تثبت ودعويه على الامامية انهم يجوزون على الانبياء ايقاع الكفر تقية افتراء اذ لم يقل به احد منهم ولم ينقله احد عن احد منهم بل صريح كلام مخالفيهم نسبة نفي الكفر وغيره من الذنوب الكبائر والصغائر مطلقا عن الانبياء الى الامامية خاصة قبل النبوة ومعها وبعدها كما ذكره البدخشي في بحث الافعال من شرح منهاج الاصول حيث قال الاكثر من المحققين على انه لا يمتنع عقلا قبل النبوة ذنب من كبيرة او صغيرة خلافا للروافض مطلقا وللمعتزلة في الكبائر ولا خلاف لاحد منا في امتناع الكفر عليهم الا الفضيلية من الخوارج بناء على اصلهم من ان كل معصية كفر وقد قال الله تعالى وعصى ادم ربه فغوى وجوز البعض عليهم عند خوف تلف المهجة اظهار الكفر واما بعد النبوة فالاجماع منعقد على عصمتهم في تعمد الكذب في الاحكام لدلالة المعجزة على صدقهم واما الكذب غلطا فجوزه القاضي ومنعه الباقون الى اخره فذكر ان من جوز على الانبياء الكفر خوفا جماعة غير الشيعة لانه ذكر ان الشيعة مانعون مطلقا في قوله خلافا للروافض مطلقا وذكر ( قال خ ) الشهرستاني في الملل والنحل ان من بدع الازارقة اصحاب ابي ‌راشد نافع بن الازرق من الخوارج انهم جوزوا ان يبعث الله تعالى نبيا يعلم انه يكفر بعد نبوته او كان كافرا قبل البعثة والكبائر والصغائر اذا كانت بمثابة عنده فهي كفر وفي الامة من جوز الكبائر والصغائر على الانبياء فهو كفر وقال ابن‌فورك من الاشاعرة تجوز بعثة من كان كافرا وفي شرح الطوالع اتفقوا على عصمة الانبياء من الكفر والمعاصي بعد الوحي والفضيلية من الخوارج جوزوا من الانبياء المعاصي واعتقدوا ان كل معصية كفر وجوزوا على الانبياء الكفر ومن الناس من لم يجوز الكفر على الانبياء لكنهم جوزوا اظهار الكفر تقية بل اوجبوه لان اظهار الاسلام اذا كان مفضيا الى القتل كان القاء للنفس الى التهلكة والقاء النفس الى التهلكة حرام لقوله تعالى ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة واذا كان اظهار الاسلام حراما كان اظهار الكفر واجبا ومنع بانه لو جاز اظهار الكفر تقية لكان اولى الاوقات به وقت ظهور الدعوة لان الناس في ذلك الوقت بالكلية منكرون فكان لا يجوز اظهار الدعوة لاحد من الانبياء فيؤدي الى اخفاء الدين بالكلية والحشوية لم يجوزوا الكفر ولا اظهاره وجوزوا الاقدام على الكبائر وقوم منعوا ان تتعمد الانبياء الكبيرة وجوزوا تعمد الصغائر واصحابنا منعوا الكبائر مطلقا سواء كان عمدا او سهوا وجوزوا الصغائر سهوا لا عمدا انتهى اقول اذا نظرت الى اقوال المخالفين ( قول المختلفين خ ) من الاشاعرة والمعتزلة والخوارج وغيرهم عرفت انهم مخالفون للامامية لان الامامية طريقتهم واعتقادهم في هذه المسئلة كما هو مسموع من اقوالهم ومذكور في كتبهم من الاولين والاخرين ونقله عنهم المخالف لهم والمؤالف انه يمتنع صدور الكفر وجميع المعاصي الكبائر والصغائر قبل النبوة وبعدها اختيارا واضطرارا عمدا وسهوا ونسيانا من جميع الانبياء ومن نقل عنهم خلاف هذا فهو مفتر مباهت واما ساير مخالفيهم فكما سمعت فمنهم من منع الكفر بعد البعثة ومنهم من اجازه بعدها وقبلها ومنهم من جوز الصغائر بعدها او حال اخسية ( او ما لا خسة خ ) فيه كسرقة حبة ولقمة ومنهم من جوز مطلق الذنوب وما تقدم من الادلة ينفي جميع ما ذكره المخالفون لمنافاة الذنب للعصمة كما تقرر ( قرر خ ) سابقا لا فرق بين الصغيرة والكبيرة وقول فضل بن روزبهان في كتابه المذكور بعد ما نقلنا عنه سابقا حين ذكر حد العصمة للحكماء فقال واما العصمة عند الحكماء فهي ملكة تمنع الفجور وتحصل هذه ابتداء بالعلم بمثالب المعاصي ومناقب الطاعات وتتأكد في الانبياء بتتابع الوحي اليهم بالاوامر الداعية الى ما ينبغي والنواهي الزاجرة عما لا ينبغي ولا اعتراض على ما يصدر عنهم من الصغائر سهوا او عمدا عند من يجوز تعمدها من ترك الاولى والافضل فانها لا تمنع العصمة التي هي الملكة فان الصفات النفسانية تكون في ابتداء حصولها احوالا ثم تصير ملكات بالتدريج انتهى وقوله ولا اعتراض الخ ففيه ( فيه خ ) ان الاعتراض بل المنع قائم فان تفسيره الصغائر بترك الاولى غلط اذ المعروف من الصغائر المحرمات لا المكروهات الارشادية والتنزيهية والصفات النفسانية اذا استقرت حتى كانت ملكات فان كانت في الابتداء تنزيهية فان تعقبها العفو لم تستقر فلا تكون ملكات وان استقرت بترادفها كانت محرمة تنافي العصمة كما قررنا سابقا وان كانت في الابتداء صغائر محرمات فانها تنافي العصمة ( وان تعقبها العفو خ ) كما ذكرنا سابقا وان لم يتعقبها العفو وتكررت ولو بالعزم على العفو فهي كبيرة منافية للعصمة ولما كان ترك الاولى قد يقع من المعصوم لم يمهل الله تعالى معاتبته عليها ليندم على فعله فيمحي عنه لئلا يترادف فيكون محرما منافيا للعصمة فانه قبل الترادف غير مناف لها لانه كدورة بشرية قد تعرض للمعصوم بتخلية الله له ليعاتب عليها فينكسر ويخضع فيرفع الله تعالى بذلك درجته على نحو ما ذكرنا سابقا لانه عز وجل عادته التردد في قبض روح عبده المؤمن على انحاء شتّى فيؤدب المؤمنين بما يمكن في حقهم من قوله عليه السلام لو لم تذنبوا لذهب بكم وجيء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم وقوله تعالى وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم الاية ويؤدب المعصومين بما يمكن في حقهم بترك الاولى الجائز الترك ليرفع درجتهم من قوله تعالى ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في السماء الا في كتاب من قبل ان نبرأها الايات ولما كان المخالفون قد اخطأوا اختلفت عباراتهم واقوالهم فاذا عبروا عما عندهم من الاعتقاد انتقض بالدليل فاذا ناقضه الدليل سلكوا الجمع بين قولهم واعتقادهم وكان بعض الاشاعرة اذا نقض عليهم بعض دعويهم تجويز المعاصي والكفر من بعضهم وساير الذنوب قبل الوحي وتجويز الصغائر بعد الوحي ومثل ما نقل في شرح منهاج الاصول ادعي خلاف ذلك كما نقلته من عبارة بعضهم في اول هذا الفصل بقولي واتفق الجمهور بالقول الصريح وقولي بالقول الصريح اريد به ان هذا القائل قد يقول بهذا اعني دعوى الاتفاق ويأتي في خلال كلامه بما ينافي تصريحه اولا

فصل - ذكر الغزالي مثل ما قال ابن ‌فورك قال الغزالي في بحث افعال الرسول من كتابه المسمى بالمنحول في الاصول والمختار ما ذكره القاضي وهو انه لا يجب عقلا عصمتهم اذ لا يستبان استحالة وقوعه بضرورة العقل ولا بنظره وليس هو مناقضا لمدلول المعجزة فان مدلوله صدق اللهجة فيما يخبر عن الله تعالى لا عمدا ولا سهوا ومعنى التنفير باطل فانا نجوز ان ينبئ الله تعالى كافرا يؤيده بالمعجزة انتهى اقول قوله اذ لا يستبان استحالة وقوعه الخ ففيه انه ان اراد به استبانة موافقة للحكمة ومنطوق الكتاب فهو باطل وان اراد به استبانة مطلقا ولو مخالفة للحكمة ولمنطوق الكتاب فكما قال ولكن الدعوى استبانة موافقة للحكمة والكتاب اما استحالة وقوعه بضرورة العقل فلأن وقوعه انما يجوز من المحتاج او الجاهل او العاجز لان وقوعه خلاف الحسن والكمال من الغني المطلق والعالم المطلق والقادر المطلق ولا يصير الغني العالم القادر الى خلاف الحسن والكمال بالضرورة لانه نقص بحكم ( يحكم خ ) العقل بضرورته بعدم وقوعه من الغني العالم القادر واما استحالة وقوعه بنظر العقل فان ما فيه احتمال منافاة الغرض ولو في وقت مّا لا يصير اليه الغني العالم القادر لان حصول الغرض من البعثة واقامة الحجة البالغة بما لا يحتمل منافاة الغرض في حال من الاحوال تام كامل حسن على اكمل وجه لموافقة اللطيف بعباده الغني القادر العليم ولا ريب انه اتم في غرض الفاعل المختار واكمل وما سواه مما قد يحتمل المنافاة ناقص قد يفوت الغرض الذي لاجله بعث انبيائه ورسله ومن لم يكن لاعبا ولا عابثا لا يصير الى الناقص مع كونه مرجوحا بلا مرجح الا احتمال القلوب المنكوسة لان احتمال وقوعه ولو على خلاف الاصلح ولو كان مفوتا للغرض الذي لاجله وقع الفعل لاجل ملاحظة اعتقاد انه يفعل لا للاصلح وان افعاله غير معللة بالاغراض وانه لا يقبح منه شيء وما اشبه ذلك من الوساوس الباطلة المخالفة للكتاب والسنة وللعقول لانه كثيرا ما يثني على نفسه بالاتصاف بالصفات الجميلة وبالتنزه عن الاتصاف بالصفات القبيحة كالظلم والعجلة والصنع بغير فائدة واللعب والعبث فاذا كان لا يفعل الاصلح ( للاصلح خ ) فلم اثنى على نفسه بفعل الاصلح فقال يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقال والله يعدكم مغفرة منه ورحمة والله رؤف بالعباد واذا كانت افعاله غير معللة بالاغراض فلم عللها في كتابه في كل موضع وذم من ظن خلاف ذلك فقال وماخلقنا السموات والارض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار وقال وماخلقنا السموات والارض وما بينهما لاعبين وقال افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون واذا كان لا يقبح منه شيء فلم لم يصف نفسه بالظلم والجهل والعجز والكذب وهي حسنة بالنسبة اليه فان قلت انها وان كانت حسنة بالنسبة اليه الا انها ( لا انها خ ) قبيحة بالنسبة الينا قلت اذا كان بملاحظة النسبة الينا ترك وصف نفسه بما يجوز بالنسبة اليه ولا يقبح فيجب ان يترك ما يفعل بنا مما يقبح بالنسبة الينا وان حسن بالنسبة اليه بالطريق الاولى واما استحالة وقوعه بمنطوق الكتاب فلما تقدم من جوابه تعالى لابراهيم على محمد واله وعليه السلام حين سئل الله تعالى ان يجعل ذريته المؤمنين ائمة من قوله تعالى لا ينال عهدي الظالمين فلو جاز موافقا للحكمة والغني والعلم والقدرة لمارد دعاء خليله مع اجابته في ذريته المتقين صلى الله عليهم اجمعين وقوله وليس مناقضا لمدلول المعجزة فان مدلوله صدق اللهجة فيما يخبر عن الله الخ ففيه ( فيه خ ) ان المعجزة انما هي شهادة تصديقه في كل مايقول ويفعل فانه لا يقول ولا يفعل الا بامر من الله تعالى قال الله تعالى وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى وقال تعالى ولو تقول علينا بعض الاقاويل لاخذنا منه باليمين ولا يخصص بالقران وبما يقول قال الله بل هو شامل لجميع اقواله واحواله واعماله وافعاله صلى الله عليه وآله لقوله تعالى وما اتيكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقال تعالى فاتبعوه لعلكم تهتدون وقد تقدم في استدلال الامامية انه لو وقع من النبي صلى الله عليه وآله ذنب لوجب الاخذ به فيكون واجبا حراما وقد استدل المخالفون كلهم بتلك الادلة واما تخصيصها بما بعد النبوة او في غير الصغائر فشيء لم يرجع الى الدليل وانما يرجع الى شهوات النفوس والى الاغراض ودفاعا عمن يقتدون بهم مع مقارفتهم للمعاصي ولا يخفى شيء منها على طالب الحق ولله در الشاعر ما انسب ما قال بهذا المقام :

ثوب الرياء يشف عما تحته فاذا التحفت به فانك عاري

فمدلول المعجزة انما هو الشهادة بالتصديق المطلق واستخلاف الحق تعالى فالتجويز على الخليفة تجويز على المستخلف ومضى ( معنى خ ) قوله لا عمدا ولا سهوا ان ما سوى الاخبار عن الله تعالى يجوز منه كل شيء من الذنوب والمعاصي عمدا وسهوا وهو حكم على الله تعالى وعلى رسله بما هو من سنخ طينته وشهادة على الله ورسله بذلك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وهو سبحانه سيجزيهم وصفهم انه حكيم عليم قوله ومعنى التنفير باطل مطابق لما هو عليه من الاعتقاد من عدم ( لعدم خ ) تنفير القبائح ومن استحسانها في الاصول والفروع كما هو مذكور في محله والا فان العقول تقطع بان الاطمينان التام الذي لا يكون معه اضطراب بحيث ينحصر فيه قيام حجج الله على عباده حتى لا يكون لمحتج حجة ولا لمعتذر عذر وهو معنى الحجة البالغة لا يحصل الا مع القول بالعصمة على ما قرره الامامية خاصة فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فان قيل ان استعقاب بعض الذنوب للعفو ينفي النفرة او احتمالها او عدم الاطمينان لان من وقع منه الذنب ثم تاب او غفر له كمن لا ذنب له بل روى انه افضل ممن لم يذنب قلنا لا نسلّم ان ذلك ينفي النفرة وان كان افضل من جهة انكسار المعصية والندم لان المساواة او الافضلية انما هو من امور الاخرة في الثواب وهو شيء يرجع الى المجازات وذلك غير ما يعتبر في التبليغ والاداء وقبول التكاليف لان المعتبر في التبليغ والاداء والقبول من المبلغ انما هو حصول القطع بالصدق عن الله ( تعالى خ ) ولا يجب في كل حال الا ممن حصل القطع بعدم وقوع تقصير منه لان تجويز الكذب انما يثبت في حق من يجوز منه تقصير وان كان قليلا ونادرا لان الكذب انما هو منه واما من لم يصدر منه تقصير فلم يتصور منه الكذب فتطمئن به النفوس بخلاف الاول فلا تنتفي منه النفرة بالكلية بخلاف الثاني

فصل - قال المخالفون في عصمة الانبياء المجوزون لوقوع المعاصي منهم عليهم السلام مثل قول فضل بن روزبهان في كتابه ان الانبياء مكلفون بترك الذنوب ومثابون به ولو كان الذنب ممتنعا عنهم لما كان الامر كذلك اذ لا تكليف بترك الممتنع ولا ثواب عليه وايضا فقوله قل انما انا بشر مثلكم يوحى الى يدل على مماثلتهم لسائر الناس فيما يرجع الى البشرية والامتياز بالوحي لا غير فلا يمتنع صدور الذنب عنهم كما في سائر البشرية ( البشر خ ) وهذا حقيقة مذهب الاشاعرة ومن تأمل فيه علم انه الحق الصريح المطابق للعقل والنقل انتهى ( كلامه خ ) اقول قد تقدم ذكر الاشارة الى جواب هذا التوهم في تعريف العصمة للعدلية في قولهم غير سالب للقدرة على خلاف مقتضى ذلك اللطف والا لم يكن مكلفا ولم يستحق مدحا ولا ثوابا والمراد ان الانبياء كلهم مكلفون كغيرهم من سائر الناس وليس صدور المعصية شرطا في جواز التكليف بتركها اذ يجوز تكليف العبد بترك المعصية اذا كان متمكنا من فعلها وان لم تقع منه لان التمكن من فعل المعصية شرط في التمكن من الطاعة فان الطاعة ما تتحقق حتى يتمكن من تركها الذي هو المعصية فاذا تمكن من المعصية وتركها باختياره مع القدرة عليها وفعل الطاعة كان مطيعا ولو لم يقدر على المعصية لم يكن قادرا على الطاعة فشرط التكليف التمكن من المعصية والقدرة عليها لا صدورها منه ومرادنا بقولنا ان مقتضى العصمة انه يمتنع منه وقوع المعصية انه لا يفعلها ولا يميل ( اليها خ ) مع قدرته على ذلك لا انه ( لانه خ ) يمتنع منه الامتناع العقلي الا تسمع الى قولنا المتقدم ان العصمة تستلزم سلب الداعي الذي هو الميل والارادة لا سلب القدرة معه فان قلت ان المخالفين لكم انما يدعون جواز صدور الذنب من المعصوم وقولكم هذا يوافقهم قلت نحن لا نقول بان المراد بامتناع وقوع الذنب من المعصوم عدم الامكان العقلي اذ ( وخ ) لم يقل به احد ممن له ادنى معرفة وانما نقول بان المعصوم يمتنع منه وقوع الذنب حال كونه معصوما فلو وقع منه ذنب لم‌ نحكم بامتناع صدوره من ذلك المكلف امتناعا عقليا وانما نحكم بانه حينئذ ليس بمعصوم اذ لا عصمة الا من وقوعه فاذا وقع فلا عصمة وتعريفكم يصدق قولنا هذا ويكذب قولكم بجواز صدور الذنب من المعصوم لان تعريفكم الا يخلق الله في المعصوم ذنبا وهذا لا يجتمع مع صدور الذنب كما ذكرنا سابقا فان صدور الذنب ليس الا ان الله تعالى خلقه في المعصوم كما تزعمونه وكونه مخلوقا في المعصوم ينافي العصمة التي هي عندكم الا يخلق في المعصوم ذنبا وقوله اذ لا تكليف بالممتنع ينافي اعتقادكم فانكم تقولون بانه يجوز التكليف بالمحال وبما لا يطاق لانكم قلتم ان الله سبحانه علم ان ابالهب لم‌ يؤمن فوقوع الايمان منه ممتنع والا لانقلب علم الله جهلا مع انه كلفه بالايمان فبحكم المعارضة نقول انه لا بأس عندكم بالتكليف بالممتنع مع انا اجبنا عن معنى قولنا يمتنع فانكم لم تفسروا بمرادنا منه وانتم تعلمون مرادنا منه لانا قلنا في تعريف العصمة غير سالب للقدرة واما قوله وايضا فقوله قل انما انا بشر مثلكم يوحى اليّ يدل على مماثلتهم لسائر الناس فيما يرجع الى البشرية والامتياز بالوحي فجوابه انا نقول ان المعصوم اذا جعلتموه مماثلا لسائر الناس فلم قلتم فيما يرجع الى البشرية لان هذا القيد لا يلائم قولكم والامتياز بالوحي وانما يلايمه لو قلتم هو في جميع ذاتياته واحواله مماثل لسائر الناس فعلى هذا الملايم لم لا يقع منه الكفر ولو بعد الوحي اذ لا مانع له منه وان جعلتم الوحي مانعا من الكفر فهو مانع من غيره فلم لم ‌تسموه عصمة فيلزم انه لا يماثل سائر الناس وعلى قوله غير الملايم ان انحصرت المماثلة في البشرية كان ما سواها كافيا في المفارقة وفي المنع من الذنوب كلها مع ان مقتضى البشرية جواز وقوع الكفر والمعاصي ما لم يحصل مانع منها وليس الا العصمة والوحي فان تكفلا بالمنع او احدهما والا فلا فرق بين المعصوم وبين الاعرابي المتهتك البوال على عقبيه وان صح حصر المماثلة في البشرية على الفرضين فلا ينحصر الامتياز في الوحي بل حصول الامتياز بالعصمة ( بل بالعصمة يحصل الامتياز خ ) اولى من حصوله بالوحي لانها شرط الوحي ( لوحي خ ) التبليغ والاداء والتلقي لا مطلق الوحي فان الامتياز لا يحصل به اذ جميع الخلق يأتيهم من الله سبحانه وحي مّا خصوصا على مذهبه فان العبد على مذهبه لا يقدر على ان يتكلم او يتحرك او يسكن الا بوحي من الله اليه ولهذا يروون عن شيخهم شيخ صوفيتهم ابن‌عطاءالله في مناجاته قال ام كيف اترجم لك بمقالي وهو منك برز اليك وقوله فلا يمتنع صدور الذنب منهم كما في سائر البشر يلزم منه تجويز الكفر والكبائر عليهم بعد النبوة كما هو مذهب الازارقة من الخوارج الذي نقلناه عنهم سابقا فانهم يجوزون ان يبعث الله تعالى نبيا يعلم انه يكفر بعد نبوته وذلك لان سائر البشر يجوز صدور الكفر منهم في جميع مدد اعمارهم وقوله هذا حقيقة مذهب الاشاعرة صحيح لا شك فيه وقوله ومن تأمل فيه علم انه الحق الصريح المطابق للعقل والنقل اقول ان من تأمل فيه على ما تقتضيه عقولهم من الجمود على قاعدتهم واصلهم عن تصحيح ما ليس بصحيح حفظا لاعتبارهم وتسترا من اغيارهم ( اخيارهم خ ) فكما قال لان عادتهم انهم يبحثون في الاعتقادات على ما يقتضيه المذهب لا على ما تقتضيه ( يقتضيه خ ) الحق كما هو الواقع وان تأمل فيه على مقتضى الانصاف وترك الاعتساف علم انه كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماءا واذا اردت ان تعرف صدق قولي هذا فتأمل فيما كتبت في الدليل والرد عليهم

فصل - اعلم ان القائلين بجواز صدور الذنب عن الانبياء عارضوا ادلة المانعين من وجوه : الاول قوله تعالى لنبيه (ص) عفى الله عنك فانها تدل على جواز صدور الذنب من النبي صلى الله عليه وآله لان العفو انما يرد بعد تحقق الذنب والجواب هو ان هذا يستعمل من لطيف المعاتبة وان كان العتاب على فعل جائز مثل المراد في هذه الاية وليس للعفو متعلق الا التلطف في العتاب لانه يقول له لو اذنت لهم في القعود لتبين لك الصادقون من الكاذبين يعني لتعرف من يقعد عن عذر ومن يقعد عن غير عذر وهو ارشاد له لاجل استبصاره بهم وليس ذنبا وانما قصاراه ان يكون ترك الاولى وفي تفسير عليّ بن ابراهيم عن الباقر عليه السلام يقول لتعرف اهل العذر والذين جلسوا بغير عذر وقال الطبرسي في جامع الجوامع هذا من لطيف ( لطف خ ) المعاتبة بدءه بالعفو قبل العتاب ويجوز العتاب من الله فيما غيره منه اولى لا سيّما للانبياء وليس كما قاله جار الله من انه كناية عن الجناية وحاشي سيد الانبياء وخير بني ادم وحواء من ان تنسب اليه الجناية وعن الرضا كما في عيون الاخبار في جواب مسئلة ( ما سأله خ ) المأمون من عصمة الانبياء هذا مما نزل باياك اعني واسمعي يا جارة خاطب الله بذلك نبيه (ص) واراد به امته وكانوا يستعملون هذا اللفظ من غير اعتبار ذنب او تقصير وانما هو من حسن التلطف في الخطاب واذا قام احتمال ذلك بطل الاستدلال للخصم ( استدلال الخصم خ ) لان هذا الاحتمال نظرا الى تخاطب اهل اللسان مساو لاستدلال الخصم بل ارجح فيبطل استدلاله الثاني قوله تعالى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فانها صريحة في صدور الذنب عن سيد الانبياء صلى الله عليه وآله والجواب انه محمول على ترك الاولى كما تقدم وقيل ليغفر لك الله ما تقدم من ذنب امتك بشفاعتك وانما حسنت اضافة ذنوب امته اليه للاتصال بينه وبينهم وعن الصادق عليه السلام انه سئل عن هذه الاية فقال ما كان له ذنب ولا هم بذنب ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له وروى المفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام انه سئل عنها فقال والله ما كان له ذنب ولكن الله سبحانه ضمن له ان يغفر ذنوب شيعته على ما تقدم من ذنبهم وما تأخر وفي العيون عن الرضا عليه السلام انه سئل عن هذه الاية فقال لم يكن احد عند مشركي اهل مكة اعظم ذنبا من رسول الله صلى الله عليه وآله لانهم كانوا يعبدون من دون الله ثلثمائة وستين صنما فلما جائهم بالدعوة الى كلمة الاخلاص كبر ذلك عليهم وعظم قالوا اجعل الالهة الها واحدا الى قوله الا اختلاق فلما فتح الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وآله مكة قال له يا محمد انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر عند مشركي اهل مكة بدعائك الى توحيد الله فيما تقدم وما تأخر لان مشركي قريش اسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة ومن بقي منهم لم يقدر على انكار التوحيد عليه صلى الله عليه وآله اذا دعا الناس اليه فصار ذنبه عندهم مغفورا بظهوره عليهم وفي رواية ابن طاووس عنهم عليهم السلام ان المراد ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر عند اهل مكة وقريش يعني ما تقدم قبل الهجرة وبعدها فانك اذا فتحت مكة بغير قتل لهم ولا استيصال ولا اخذهم بما قدموه من العداوة والقتال غفروا ما كانوا يعتقدونه ذنبا لك عندهم متقدما او متأخرا وما كان يظهر من ( من عداوته لهم في مقابلة خ ) عداوتهم له فلما رأوه قد تحكم وتمكن وما استقصي غفروا ما ظنوه من الذنوب ونقل انه صلى الله عليه وآله حين كسر الاصنام قالوا ما كان احد اعظم ذنبا من محمد كسر ثلثمائة وستين الها فقال تعالى انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك بمنعك من عبادتها وما تأخر بكسرك اياها تهكما بهم واستهزاء والمراد بالفتح هنا ( هو خ ) فتح مكة وقيل هو فتح الحديبية لقوله صلى الله عليه وآله بل اعظم الفتوح وقيل هو فتح خيبر فعلى الاخير يكون المعنى ظاهرا لانه علة لما قبله وعلى الاولين يكون التعليل فيما تقدم لمنعه صلى الله عليه وآله من عبادتها وفيما تأخر مما ظنوا انه ان تمكن كسرها فلا منافاة على الاقوال الثلثة واوائل الادلة لقطع حجة المخالف واواخرها تقوية لقلب المؤالف نعم دليل كسره ( كسر خ ) الاصنام صالح للفريقين والحق لا يخفى على ذي عينين فان احتمال ارادة الاولى كاف لانه احتمال مساو واذا قام الاحتمال المساوي بطل الاستدلال قال في شرح الطوالع في الجواب عن قوله تعالى عفا الله عنك وقوله تعالى ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر بان نحو هذا محمول على ترك الاولى جمعا بين الدليلين لا يقال لو كان ترك الاولى موجبا للعفو والغفران لكان جميع العبادات الصادرة من النبي صلى الله عليه وآله في محل العفو والمغفرة لانه لا عبادة الا وفوقها عبادة لانا نقول لا محذور في ان يكون جميع العبادات في محل العفو والمغفرة فالعفو والمغفرة انما يكون اذا لزم من ترك الاولى فوات مصلحة او حصول مضرة اقول حمل امثال هذه على ترك الاولى كاحوالهم عليهم السلام في حال الاكل والشرب والنكاح والجهاد وغيرها فانهم يفعلونها لله سبحانه وحده لكنهم في هذه الحال ليس كحالهم في الشهود بين يدي المعبود وحال نحن فيها هو وهو نحن وهو هو ونحن نحن فان الحالة الاولى بالنسبة الى الثانية معصية كما قال عليه السلام حسنات الابرار سيئات المقربين فبدليل المؤالف والمخالف بطلت دعوى المخالف تجويز صدور المعاصي من الانبياء وان كانت صغيرة لان الصغيرة ليست من ترك الاولى الثالث واقعة ادم عليه السلام فان قوله تعالى وعصى ادم ربه فغوى يدل صريحا على انه صدر منه المعصية مع انه نبي بالاتفاق واجاب عنه البيضاوي في كتابه طوالع الانوار بان واقعة ادم (ع) قبل نبوته اذ لم يكن لادم حينئذ امة ولا يوجد نبي الا اذا كان له امة ولقوله تعالى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى اقول وربما توهم بان ما في العيون عن الرضا عليه السلام في جوابه للمأمون عن قصة ادم عليه السلام يؤيد قول البيضاوي وهو قول الرضا عليه السلام في الجواب فان الله عز وجل خلق ادم (ع) حجة في ارضه وخليفة في بلاده لم‌ يخلقه للجنة وكانت المعصية من ادم عليه السلام في الجنة لا في الارض ليتم مقادير الله عز وجل فلما اهبط الى الارض وجعل حجة وخليفة عصم بقول الله عز وجل ان الله اصطفي ادم ونوحا وال ابراهيم وال عمران على العالمين ه‍ وليس كما توهمه المتوهم بل جواب البيضاوي جار على معتقده من ان الانبياء يجوز منهم صدور المعصية قبل النبوة وانما يعصمون من الكفر والكبائر بعد النبوة واما كلام الرضا صلوات الله عليه فمعناه ظاهرا اسكات الخصم واما في الواقع فقد ورد عنهم عليهم السلام ان الحجة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق وحين وقعت المعصية من ادم كان هو نبيا ( ادم هو نبي خ ) على حواء وقد ورد عنهم عليهم السلام ما معناه انه لم يوجد اثنان الا واحدهما حجة على الاخر ولكن العصمة فائدتها حصول الاطمينان في التلقي وفي الاداء والتبليغ وفي واقعة ادم عليه السلام وان كان هو حينئذ نبيا الا ان المعصية وقعت منها اولا وهو انما عصي باطاعتها ومعالجتها له ومتابعته لها فلم يكن ذلك منافيا للعصمة بالنسبة اليها في قبول ما اداه وبلغه فلما اهبط الى الارض وحصلت الكثرة او ان لها ان تحصل عصم لفائدة القبول فقوله عليه السلام ليتم مقادير الله يعني انه لو بقي في الجنة مع ذريته لم يحصل هذا النظام التام العجيب اذ لم ‌يتميز الخبيث من الطيب الا في الدنيا و ( وفي خ ) الارض ولما جرت عادة لطف الله بعباده انه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم والمعصوم من حيث انه ( هو خ ) معصوم لا يقع منه تغيير فاذا اراد الله امضاء مقاديره بما فيه صلاح عباده وتمام نظام بلاده وكله الى نفسه طرفة عين فيقع منه التغيير فيغير الله ما به من نعمة على حسب مصلحته ففي ما نحن فيه رفع عنه اللطف وغيب عنه الملك المسدد فعصى وفي الواقع لا يقال انه عصى من حيث هو معصوم كما هو حال ما نحن بصدده بل انما عصى حين صرف عنه وجه العصمة ليتم مقادير الله عز وجل فليس كلامه ومراده عليه السلام موافقا لمراد البيضاوي وكلامه فافهم وقال شارح الطوالع ومنهم من اعتذر عن قصة ادم عليه السلام بان قوله تعالى وعصى ادم ربه فغوى اراد به وعصي اولاد ادم كما في قوله تعالى واسئل القرية والذي يؤكد هو ( هذا خ ) قوله تعالى في قصة ادم وحواء فلما اتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما اتيهما وبالاتفاق لم يشرك ادم (ع) ولا حواء وانما اشرك اولادهما ومنهم من قال كان ذلك بعد الرسالة فزعم انه كان على سبيل النسيان لقوله تعالى ولقد عهدنا الى ادم فنسى واعترض عليه بان ابليس ذكر ادم وقت الوسوسة امر النهي فقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة ومع هذا التذكير يمنع النسيان وقد اجيب عنه بانه يجوز ان يكون وقت التذكير غير وقت النسيان والا فلا وجه لقوله تعالى فنسي وايضا عاتبه على ذلك في قوله ( لقوله خ ) تعالى الم ‌انهكما عن تلكما الشجرة وادم وحواء اعترفا بالزلة وقالا ربنا ظلمنا انفسنا فقبل الله توبتهما فقال الله تعالى فتاب عليه وهدى وكل ذلك ينافي النسيان ومنهم من سلم ان ادم كان متذكرا للنهي لكنه اقدم على التناول بالتأويل وهو من وجوه احدها زعم النظام ان ادم فهم من قوله تعالى ولا تقربا هذه الشجرة الشخص وكان المراد النوع وكلمة هذه كما تكون اشارة الى الشخص فقد تكون اشارة الى النوع كقوله ( لقوله خ ) صلى الله عليه وآله هذا وضوء لا يقبل الله الصلوة الا به وزعم اخرون ان النهي وان كان ظاهرا في التحريم لكنه ليس نصا فيه وصرفه عن الظاهر لدليل عنده وبالجملة اذا تعارضت الدلائل فلا خلاص الا بالتأويل او التوقف ( التوقيف خ ) انتهى اقول قول من قدر في الكلام مضافا كما في قوله تعالى واسئل القرية اي واسئل اهل القرية وان كان احتمالا يصحح ( لا يصحح خ ) اللفظ لكنه مخالف لما في الواقع فان اولاد ادم لم يقع منهم الاكل من الشجرة شجرة الخلد بعد ان نهاهم الله عنها ولم يكن ذلك الا من ادم وحواء بخلاف ما تأيد به من الاية الثانية فان جعل الشركاء لله وقع من الاولاد وذلك صحيح نعم لو فسرت الاية الاولى بما ذكره اهل التأويل وعلماء الصناعة الفلسفية من ان المراد بالشجرة ( من الشجرة خ ) حب الدنيا ورياستها وزينتها وعلم الاكسير امكن التأويل بحذف مضاف فان اهل التأويل يجرون ( يجزون خ ) الاكل من الشجرة المشار اليها في الاية الشريفة الى ما ذكرنا من خصوص علم الصناعة او مطلق حب الدنيا وهذا التأويل على فرض قبوله لا يدفع القول في ادم وحواء الا على حصر معنى الاية في التأويل وهو باطل فان المعنى الظاهري مراد قطعا وواقع وانما الكلام ( المراد خ ) في المعنى التأويلي ( التأويل خ ) بانه هل هو مراد ام لا واما من زعم انه بعد الرسالة وكان من ( عصى خ ) ادم وحواء على سبيل النسيان فغير مسلم له اما اولا فلما تقدم من الادلة الشاملة لما قبل الرسالة وبعدها بعدم جواز صدور الذنب عن المعصوم عمدا وسهوا فالحمل على ذلك غير صحيح ولو تنزلنا ( نزلنا خ ) لكان ما قبل البعثة اولى مما بعدها وان كان نسيانا لما مر في قول الرضا عليه السلام لانه قبل البعثة لا يحدث منه عظيم منافاة لمقتضى العصمة على ما يعرف عامة الناس واما على مقتضى الادلة وحكمها فلا يجوز قبلها ولا بعدها ومع هذا فقد وردت الاخبار عن ائمة ( الائمة خ ) الاطهار عليهم السلام ان نسى في الاية بمعنى ترك وهو ينافي قول من فر عن قبح نسبة المعصية الى النسيان فان النسيان ايضا من المعصوم ايضا قبيح لمنافاته لفائدة العصمة فان قلت نعم ولكنه اقل قبحا من النسيان بمعنى الترك فلا يصار الى الاقبح قلت لا حاجة تدعو الى المصير الى شيء منهما ولم اذكره للمصير اليه وانما ذكرته معارضة لمن التجا اليه حتى سهل عليه نسبة المعصية اليه بعد الرسالة ولولا حمله على النسيان لماقال به بعد الرسالة فان قلت لم قلت انه لا حاجة تدعو الى المصير الى شيء منهما وانت تروي ان النسيان بمعنى الترك وهو يدل على مصيرك اليه قلت لم اصر اليه في هذا المعنى وانما اصير اليه فيما روى بمعنى انه لما كلف مع النبيين اولى العزم في الذر الاول بما يختص به النبيون السابقون امنوا به عن بصيرة وادم امن به عن غير بصيرة ولا فهم له ولم يجحد ولو جحد لكفر فسمى النبيون المؤمنون به عن معرفة باولي العزم ولم تكن تلك الرتبة لادم فقال الله تعالى ولقد عهدنا الى ادم من قبل فنسى اي فترك يعني لم يفهم ولم يجحد ولم نجد له عزما وثباتا ( وصبرا خ ) كما كان لاولي العزم عليهم السلام فان قلت لعل ما ذكرت مخصوص بتلك الواقعة قلت ان الظاهر انه ليس بخاص بها بل هو المراد بقرينة ما دل على تذكره كما يأتي في اجوبة القوم وان تكلمنا هناك على ما يناسب المقام ولهذا قال الشارح واعترض عليه بان ابليس ذكر ادم وقت الوسوسة امر النهي فقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة ومع هذا التذكير يمتنع النسيان وقد اجيب عنه بانه يجوز ان يكون وقت التذكير غير وقت النسيان اقول هذا الاحتمال قائم بل هو الظاهر لان قول ابليس انما يذكر ادم النهي حال الوسوسة والتزيين وهو غير وقت النسيان لان وقت النسيان هو وقت الاكل لكن قول المجيب والا فلا وجه لقوله تعالى فنسى فيه انه وان سلمنا ان وقت التذكير والوسوسة غير وقت النسيان الذي هو وقت الاكل لكن لا نسلم الا وجه لقوله تعالى فنسي بل له وجه وهو ان نسي بمعنى ترك كما هو مذكور في كتب اللغة ومنه النسيئة بمعنى التأخير فان قلت ان الظاهر منه النسيان المذكور الذي هو محو الصورة من الحافظة لانه اشهر الفردين قلت ان باقي الاية وهو قوله ولم نجد له عزما يشعر بانه فعل ما فعل ذاكرا للنهي والا لم يحسن ان يقال في حقه ولم نجد له عزما وايضا حين عاتبهما اعترفا بالتقصير والزلة ولو كان فعلهما عن نسيان وعدم عمد لكان الاعتذار به اولى واقرب للمسامحة فان قلت انما اعترفا طلبا للصفح من الكريم والمعتذر بالنسيان غير طالب للصفح قلت ان الاعتذار بالنسيان طلب للصفح مع عدم عظيم تقصير وهو ابلغ من الاول واقرب للرحمة واما قول من سلم ان ادم كان متذكرا للنهي لكنه اقدم على التناول بالتأويل الى اخر احتجاجه فهو مروي وهو احتجاج قوي ومعنى ما روي على جهة الاختصار والاقتصار انه لما امتنع ابليس من السجود لادم وطرد من الجنة كان لا يقدر على الصعود اليها بنفسه وانما كان يدخل في فم الحية ويصعد ( تصعد خ ) به الى الجنة فكان يوسوس لادم بالاكل من الشجرة وهو في فم الحية ويتوهم ادم ان الحية هي التي تكلمه فلم يقبل منها ومضى الى حواء وذكر لها ذلك فلم تقبل منه فقال لها ابليس ان الله نهاكما عن الاكل من الشجرة التي اشار اليها وفي الجنة امثالها كثير فكلى من غير المشار اليها ونوع الشجرة واحد كلها شجرة الخلد فابت فقال ان الله تعالى نهاكما عن الاكل وبعد ذلك النهي رخص لكما قالت لو صدرت عن الله تعالى رخصة لوصلت الى نبيه ادم فقال لها هذه الشجرة واشار الى غير ما اشار الله تعالى اليها عليها ( على خ ) حرس من الملائكة يحرسونها فامضى اليها فان منعتك الملائكة الحارسون فاعلمي ان النهي باق وان لم تمنعك فاعلمي ان النهي ارتفع فمضت الى الشجرة فهمت الملائكة الحارسون بمنعها فاوحي الله اليهم ان امسكوا فاني ( فاني انما خ ) جعلتكم حرسا من غير العقلاء واما العقلاء فقد وكلتهم الى عقولهم فاتت الى الشجرة فلم تمنعها الملائكة فاكلت منها فمضت الى ادم فاخبرته بالقصة وان النهي ارتفع وانها اكلت فمضى ادم واكل ( فاكل خ ) ولم يأكلا من نفس الشجرة التي نزل الوحي بالاشارة اليها بخصوصها فتوجيه النظام موافق في المعنى لما يفهم من هذه الرواية التي نقلتها بالمعنى مقتصرا على ما فيه الاستشهاد وهو توجيه متجه ويرجع الى ترك الاولى وهو ليس بذنب في الحقيقة نعم يسمى معصية وذنبا وسيئة اذا صدر من اصحاب المراتب العالية في القرب من الله عز وجل كالنبيين ولهذا ورد حسنات الابرار سيئات المقربين وذلك انه قد روي عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه قال لنا مع الله حالات نحن فيها هو وهو نحن وهو هو ونحن نحن وهذا ( هذا هو خ ) معنى ما ذكره الحجة عليه وعلى ابائه السلام في دعاء شهر رجب قال فجعلتهم معادن لكلما تك واركانا لتوحيدك واياتك ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك الدعاء وهذه اعلى مراتب القرب وهم عليهم السلام في هذه الحال بالنسبة الى فعل الله ومشيته مثل الحديدة المحماة في النار فانه لا فرق بينها في الاحراق وبين النار لانها محل فعل النار وهم عليهم السلام في هذه الحال محال مشية الله وهم عباد الله وخلقه ولهم حالات دون هذه وهي حالة عبادتهم واكلهم وشربهم ونكاحهم وما اشبه هذا وهي وان كانت حسنات يثابون عليها وقد امرهم بها الا انها بالنسبة الى الحالة الاولى معاصي وغفلات عن الحضرة الالهية فهم يستغفرون منها وان لم تكن ذنوبا حقيقية ( حقيقة خ ) ومثال ذلك الرجل المقرب عند السلطان فانه اذا كان بين يديه لا يحسن منه ان يأكل ويشرب وينكح وان كان برضاه بخلاف ما اذا مضى عن مجلسه فانه يفعل ما يشاء مما لا يسخط السلطان ولا عيب فيه ولكن حالة ( حاله خ ) الاولى افضل واجل من الحالة ( الحال خ ) الثانية فاذا فهمت هذا ظهر لك ان ما ينسب الى الانبياء من قبيل ترك الاولى وانهم يعدونه ذنوبا والله سبحانه يعاتبهم على فعل ذلك لقرب محلهم من حضرة مناجاته ومن زعم ان النهي وان كان ظاهرا في التحريم لكنه ليس نصا فيه الى اخر كلامه يريد بالتأويل الحمل على ترك الاولى وهو استدلال صحيح من دليل المجادلة بالتي هي احسن في الظاهر وقوله او التوقف ( التوقيف خ ) تردد منه بين مقتضى الادلة وهو الحمل على ترك الاولى وبين مقتضى الاعتقاد من اثبات المعصية الحقيقية اما قبل النبوة او بعدها او نسيانا لان اصل هذا ميل الى المعتقد لا بصريح الدليل وهو الذي اشار اليه سبحانه بقوله واما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله الاية يعني ان الذين لا يطلبون ( يطلبون خ ) محض الحق وانما يطلبون تصحيح غرضهم واعتبار طريقتهم وان خالف مقتضى الادلة فيتكلف ما يغالط به الخصم وان كان يعلم انه ليس بدليل ومنه تردد هذا الزاعم بعد ما قاده الدليل الى صحيح التأويل فافهم

فصل - ومن الوجوه التي عارض بها القائلون بجواز صدور الذنب عن الانبياء عليهم السلام ادلة المانعين قول ابراهيم عليه السلام هذا ربي فانه كفر وقد صدر عن ابراهيم وهو نبي بالاتفاق اجاب بان قول ابراهيم هذا ربي على سبيل الفرض فان من اراد ابطال قول يفرضه اولا ثم يبطله اقول ان هذا الجواب صحيح وان كان مجملا مختصرا وبيانه انه كان في زمانه (ع) طائفة يعبدون الزهرة وطائفة يعبدون القمر وطائفة يعبدون الشمس فاتي الى العابدين للزهرة فلما طلعت الزهرة قال لهم هذا ربي على جهة الانكار اظهره في صورة الاقرار ليميلوا اليه ويقبلوا بيانه و ( لانهم خ ) لا يتهمونه فلما مالوا اليه وفرحوا به واحبوه وافلت الزهرة قال لهم ما احب هذا فقالوا لم قال ( لهم خ ) لانه افل وانتقل من مكان الى مكان والرب لا يجوز ان يغيب ولا ينتقل لانه اذا غاب وانتقل فارق مربوبه واذا فارقه اضمحل مربوبه ولو كان هذا الكوكب ربا لكان حين افل ذهبت مربوباته فلما بين لهم بطلان اعتقادهم انتقل الى العابدين للقمر وفعل معهم مثل ما فعل بالاولين ثم انتقل الى عبدة الشمس وفعل معهم مثل ما فعل بعبدة الكوكب والقمر وهذا مراد المجيب والظاهر ان هذا الاحتمال الذي اقامه ارجح من ظاهر اللفظ بدلالة الايات التي بعد تلك القصة وهي قوله تعالى وتلك حجتنا اتيناها ابراهيم على قومه فانه دال على ان ابراهيم فعل ذلك ليبين لهم كيفية الاستدلال على معرفة المعبود عز وجل واذا كان ارجح او مساويا بطل استدلال الخصم مع معارضة الادلة الصحيحة الصريحة له ومن الوجوه التي عارض بها الخصم قول ابراهيم عليه السلام بل فعله كبيرهم هذا وهو كذب والكذب ذنب وقد صدر من النبي ذنب ه‍ اجاب عنه بوجهين احدهما ان ابراهيم قال هذا القول على سبيل الاستهزاء بالكفار كما لو قلت لصاحبك وهو امي ويعتقد انه قادر على الكتابة انت كتبت هذا على سبيل الاستهزاء وثانيهما ان اسناد الفعل الى الكبير اسناد الفعل الى السبب لان تعظيم الكفار للصنم حمل ابراهيم على ان يجعلهم جذاذا اقول وفيه وجه ثالث وهو تقديم الجزاء على الشرط والمعنى ان كانوا ينطقون فقد فعله كبيرهم هذا فقدم الجزاء على الشرط ايهاما لهم وتنبيها لهم الا انهم اذا كانوا لا ينطقون بل هم جماد فانهم لا ينفعونهم شيئا ولا يضرونهم فلم يعبدون ما لا ينفعهم شيئا ولا يضرهم فلما نبههم وتنبهوا قالوا لانفسهم انكم ( انتم ظ ) الظالمون ( الراجعون خ ) ثم رجعوا عن التنبيه الى اتباع طريقة ابائهم والى العصبية ( المعصية خ ) ولو لم ينسب ذلك الفعل الى الكبير لما تنبهوا على خطائهم في عبادتهم لاصنامهم وان كانوا لا ينتفعون بذلك ولكن اقامة للحجة عليهم ولاجل هذه الفائدة قيل ان هذا الوجه اظهر من الاولين وعلى اي حال فان هذه الاحتمالات لا اقل ان تكون مساوية فتبطل بها معارضة الخصم ومن الوجوه نظر ابراهيم عليه السلام في النجوم ليعلم حاله من تأثير النجوم لقوله تعالى فنظر نظرة في النجوم فقال اني سقيم والنظر في النجوم من هذا الوجه حرام وقوله (ع) اني سقيم كذب لانه لم يكن سقيما والكذب ذنب اجاب ان نظر ابراهيم في النجوم ليس ليعرف حاله من تأثير النجوم بل نظره في النجوم كان للاستدلال والتعرف من صنعه تعالى والنظر في النجوم من هذا الوجه طاعة لقوله تعالى ويتفكرون في خلق السموات والارض وبان قوله تعالى اني سقيم يجوز ان يكون عن سقم حال به او عن سقم متوقع في الاستقبال ه‍ اقول ان النظر في علم النجوم لتعرف حاله ليس بحرام مطلقا وانما الحرام اذا نظر باعتقاد انها مؤثرة وليس في الاية ما يدل على ذلك فحمل المعارض نظره على الاعتقاد غير مراد ودون اثباته خرط القتاد وانما الواقع في المسئلة ان الاسباب جعلها الله سبحانه اسبابا ومعنى جعله ( جعل خ ) اسبابا انه عز وجل يفعل بها المسببات كرمي بذر الحنطة في الارض وتنقية الارض وتغطيته لئلا ياكله الطير وسقيه بالماء فانها اسباب جرت عادة الله انه لا يوجد الزرع للحنطة بدون ذلك لانه سبحانه مستقل بالزرع بدون الاسباب كما يعتقده صاحب الاعتراض وصاحب الجواب لانه سبحانه اذا اراد ان ينبت النبات من الحنطة فلا بد له من تهيئة الاسباب لها كما ذكرنا مثلا واما غيرها لانه ( فانه خ ) مسبب الاسباب من غير السبب والا لم تكن الاسباب اسبابا وليس ذلك لعجز في القدرة ولكن لعجز في المقدور عن قبوله للايجاد ( الايجاد خ ) بغيرها كما جعل علة الشيء من الاجسام المادة والصورة فلا يمكن ايجاد جسم مادي بلا مادة وصورة وذلك لعجز المصنوع عن قبول الوجود بدون ذلك ولذا صرح سبحانه بالرد على من ادعي ( ان خ ) له ولدا فقال اني يكون له ولد ولم تكن له صاحبة لانه لو خلق ولدا لم يكن ولدا بلا سبب بل هو من سائر خلقه ولا يكون حتى يتولد من اب وام ظاهرين او باطنين او احدهما ظاهر والاخر باطن مثل تكون زيد من اب وام ظاهرين ومثل تكون ادم (ع) من اب وام باطنين وهما المادة والصورة ومثل تكون عيسى (ع) من اب باطن وهو المادة المتخلقة من نفخ روح القدس ومن ام ظاهر وهي مريم فان الله تعالى امر جبرئيل الامين فاستل من لطيف الارض سلالة قد وقع عليها من شجرة المزن في الرائحة المستجنة في النطفة استجنت في باطنها كاستجنان النطفة التي من شجرة المزن في الرائحة المستجنة في النطفة نطفة المني فنطفة شجرة المزن استجنت في الرائحة والرائحة تعلقت بلطيف السلالة المشار اليها فانبثت تلك السلالة في الهواء كانبثاث الذر والغبار في الهواء فنفخ منه جبرئيل عليه السلام في جيب مريم فتكون عيسى عليه السلام من تلك النطفة التي هي المادة وهي الاب الباطني مع ما من مريم عليها السلام من القابلية وهي الصورة التي هي الام الباطنية ولاجل هذا قال الله سبحانه انما مثل عيسى عند الله كمثل ادم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون اي خلق عيسى من تراب كما خلق ادم من تراب فقال له كن فيكون كما قال لادم وليس المعنى ان مثل عيسى عند الله كمثل ادم في انه يقول له كن فيكون بدون خلقه من تراب كيف وعيسى ( خلق خ ) من صلب ادم (ع) ولكنه حين مسح على ظهر ادم واخرج الذرية في الذر منه من ظهور ابائهم وكلفهم ارجعهم في صلبه ولم يرجع عيسى فيه فلذا سمي المسيح لانه قد بقي عليه اثار المسح والحاصل انه لا بد في الاشياء من اسبابها فلو لم يكن للاسباب مدخل ( الاسباب مدخلا خ ) في الايجاد اصلا كما يزعمه الاشعري لما كان للايجاد وتسميتها ( لايجادها ولتسميتها خ ) اسبابا فائدة ونحن لا نقول انها هي المؤثرة بدون الله تعالى بل نقول الله سبحانه يفعل بها ما يشاء من مسبباتها ويستحيل قبول الايجاد بدون قابل والمادة والصورة علتان والفعل العلة الفاعلية وبالجملة ليس هذا محل بيان هذه المسئلة الا انا نقول ان الله سبحانه جعل النجوم وما في العالم العلوي اسبابا يفعل بها ( بها يفعل خ ) فهي مؤثرة بالله في المسببات فان الماء والارض والفصل جعلها الله سبحانه اسبابا للنبات فبها ينبت النبات وبه كانت اسبابا لكون البذر قابلا للزرع وانت اذا تأملت قوله تعالى اني يكون له ولد ولم تكن له صاحبة بعقلك طالبا للحق غير ملتفت الى مذهبك ظهر لك ما اشرنا ( اشرت خ ) اليه واذا نظرت الى جميع الاشياء رأيتها جارية على نحو ما ذكرنا لم يخلق شيئا بغير سبب وذلك لعجز المخلوق عن قبول الايجاد بدون الاسباب فان قلت لو شاء الله تعالى خلق ما شاء بغير سبب لانه سبب من لا سبب له وسبب ( مسبب خ ) كل ذي سبب ومسبب الاسباب من غير سبب قلت هو سبحانه كذلك وفوق ذلك ولكن المخلوق لا يقدر على قبول الوجود بدون الاسباب المخلوقة فاذا اراد ( الله خ ) سبحانه ايجاده سبب الاسباب وقوله (ع) سبب كل ذي سبب وسبب من لا سبب له انه يسبب الاسباب لمن لا سبب له من غير سبب قديم بل هو بفعله ( بفعله تعالى خ ) يخترع الاسباب لما يريد من ايجاده فافهم فنظره عليه السلام في النجوم من هذا النحو فان الله سبحانه جعل الكواكب والافلاك والبروج وجميع المنازل والحركات اوقاتا واسبابا لما يفعل مثل ارتفاع الشمس الذي جعله سببا لفصل الربيع فانها بحرارتها تسخن وبرطوبة فصل الشتاء ( الربيع ظ ) ( وبحرارتها خ ) تحصل الجمادة ( الحرارة خ ) والرطوبة في العالم السفلي اللتان هما علة الكون لان الاسباب جعلها اعضادا للمسببات وهو الفاعل بتلك الاسباب والمحرم من علم النجوم هو اعتقاد انها مؤثرة بدون الله واما بالله فقد نص سبحانه على نظائره فقال في حق عيسى على محمد واله وعليه السلام واذ تخلق من الطين كهيئة الطير باذني فتنفخ فيها فتكون طيرا باذني وتبرء الاكمه والابرص باذني واذ تخرج الموتى باذني وكل هذا مثل هذا ما قلنا ( مثل ما قلنا خ ) اذ لا فرق بين عيسى (ع) وبين الجمادات كالماء والارض للنبات وايضا المحرم من علم النجوم اعتقاد التأثير بما ظهر له من الاسباب وان كان بالله سبحانه لانه لا يحيط بجميع الاسباب ولهذا ورد ان هذا العلم ( علم خ ) لا يعلمه الا نحن واهل بيت في الهند فمثل ابراهيم عليه السلام يحيط بالقدر الذي يكون تاما في السببية الايجاد ( لايجاد خ ) فاذا نظر عرف علة ( علامة خ ) التأثير ولم يبق عليه من الجزم بايجاد الله للمسبب عند ما يعلم من الاسباب الا ما لله في ايجاده البداء فانه قبل ان يوجده له الا يوجده لما تجدد ( يوجد خ ) من الموانع اذا ( اذا شاء خ ) وحينئذ يحصل لابراهيم عليه السلام علم بوقوع السبب عن تلك المسببات بالله سبحانه كما يحصل لك حين رأيت الجبل اليوم ومضيت عنه مع العلم تعلم بانه باق على حجريته لم يقلبه الله ذهبا ولو شاء تعالى انقلب وهذا العلم العادي بما كان ( كان يحصل خ ) لاهل العصمة عليهم السلام بما سيكون عن الاسباب المستلزمة لذلك بالله سبحانه الذي جعلها مستلزمة به تعالى وغير المعصومين لا يحصل لهم ذلك العلم لعدم احاطتهم بقواعده كما كان دانيال عليه السلام يحصل له العلم القطعي من علم الرمل وعلماء الرمل غير المعصومين اجمعوا بانه من غير ( بغير خ ) المعصوم لا يفيد الا الظن وانه يفيد القطع من المعصوم وذلك لان علوم المعصومين عن الوحي عن الله سبحانه بواسطة الملك وهم مع هذا مؤيدون بروح القدس فيحصل لهم القطع لا يتوقف احدهم على شيء في حصول القطع الا على البداء فانهم يعلمون ان الله عز وجل يمحو ما يشاء ويثبت وهم يعلمون ان كل شيء قائم بامر الله فالاسباب انما تؤثر بل انما هي شيء بالله اي بالله وبما اقامها وحفظها من امره فهي به تعالى وبامره شيء وهي به تعالى وبامره تؤثر وليس كما يتوهم ( به خ ) المفوضة ولا الجبرية فالنظر في النجوم ليس حراما فاذا عرفت ما بينا لك ظهر لك ان الجواب المذكور سابقا المنقول عن شارح الطوالع ليس بشيء بل الجواب هذا وهو المروي من اخبار اهل بيت محمد صلى الله عليه وآله بالمعنى لان قوله فقال اني سقيم متفرع على نظره في النجوم واما قوله اني سقيم فليس بكذب لانه سقيم القلب اما ظاهرا فلما لحقه من افعالهم وعبادتهم الاصنام فلما خرجوا لعيدهم وارادوا منه ان يخرج معهم قال لهم اني سقيم وهو يريد اني سقيم القلب من افعالكم ولا اقدر على الخروج حتى اشفي قلبي من اصنامكم بتكسيرها وكلامه مطابق للواقع ولاعتقاده ولارادته ( فهو صدق ولا يراد من الصدق الا مطابقة الكلام للواقع بعقد المتكلم وارادته خ ) من لفظه ودلالة لفظه لا على ما يفهم السامع لان فهم السامع من الكلام مطابقته للواقع لا يجعله صدقا بخلاف ارادة المتكلم وقصده ولهذا لما قال المنافقون لمحمد صلى الله عليه وآله نشهد انك لرسول الله قال الله والله يعلم انك لرسوله فعلم الله من هذا الكلام مطابقته للواقع ولكنهم لم يريدوا بكلامهم مطابقته للواقع لعدم توطين انفسهم على طاعته فجعل الله كلامهم كذبا لعدم ارادتهم المطابقة فقال تعالى والله يشهد ان المنافقين لكاذبون وانما امر بالتورية في بعض الواقعات تفصيا من الكذب ولو كانت التورية كذبا لما وجبت في مواضعها احترازا من الكذب فافهم ان كنت تفهم

فصل - ومن الوجوه التي عارض بها المخالفون ادلة الموافقين اخفاء يوسف عليه السلام حريته عن بيعه فانه كتمان للحق وكتمان الحق ذنب اجاب انما اخفي يوسف حريته لاشعاره بالقتل ان اظهر حريته وكان قبل نبوته اقول انما اخفي يوسف حريته دفعا للقتل فانه نقل انهم خاطبوه بلغتهم والسيارة لا يعرفون لغتهم وقالوا له ان لم تعترف عندهم بانك رق لنا ( لنا والا خ ) قتلناك فاعترف لهم عند السيارة بذلك الا انه اعترف لهم بانهم صادقون تورية لانهم لو لم يعترف لهم بذلك لقتلوه فهم ( لم يعترف قتلوه فانهم خ ) صادقون في وعيدهم وروي عن ابن‌ عباس انه سكت واكثر المفسرون ( المفسرين خ ) ان اخوته اتوا الرفقة وقالوا هذا غلامنا ابق منا فاشتروه وسكت يوسف مخافة ان يقتلوه وانت خبير بان السكوت ليس قولا ولا يدل على القول ولا ( ولا يدل خ ) على الرضا لانه اعم منهما ( منه خ ) فلا يفهم منه كتمان الحق بوجه من الوجوه فلا يكون ذنبا ولا حاجة الى تخصيصه بما قبل النبوة ومن الوجوه هم يوسف بالزنا لقوله تعالى ولقد همت به وهم بها والهم بالزنا ذنب اجاب عنه بان هم يوسف جبلي لان ميل الرجل الى المرأة جبلي ليس بنقص في حق الرجال بل صفة محمودة غير اختيارية انتهى اقول هذا الجواب يراد به ما لا يدل لفظه على كله لان ظاهر لفظه ان هذا الهم نقص بل المراد كما قيل بهمه ميل الطبع ومنازعة الشهوة لا القصد الاختياري وذلك مما لا يدخل تحت التكليف بل الحقيق بالمدح وللاجر ( الاجر خ ) الجزيل من الله من يكف عن الفعل عند قيام هذا الهم او مشارفة الهم كقولك قتلته لو لم اخف الله وعن الرضا عليه السلام في جوابه للمأمون لقد همت به ولولا ان رأي برهان ربه لهم ( بها خ ) كما همت به لكنه كان معصوما والمعصوم لا يهم بذنب ولا يأتيه ولقد حدثني ابي عن الصادق عليه السلام انه قال همت بان يفعل وهم بألا يفعل وروي همت بان يفعل وهم بان يضربها واذا تأملت هذه المحامل خصوصا المروية ظهر لك انه ما هم ولا مالت نفسه وحاشا نبي الله من القبيح كما قال الرضا عليه السلام لكنه كان معصوما والمعصوم لا يهم بذنب ولا يأتيه وليس عند اهل البيت عليهم السلام فرق بين ما قبل النبوة وما بعدها كما يظهر من كلام الرضا عليه السلام وما احسن ما قيل وقيل انه للرازي ان الذين لهم تعلق بهذه الواقعة هم يوسف والمرأة وزوجها والنسوة والشهود ورب العالمين وابليس وكلهم قالوا ببرائة يوسف عن الذنب فلم يبق لمسلم توقف في هذا الباب اما يوسف فقوله ( هي خ ) راودتني عن نفسي وقوله رب السجن احب الى مما يدعونني اليه واما المرأة فلقوله ( فلقولها خ ) ولقد راودته عن نفسه فاستعصم وقالت الان حصحص الحق انا راودته عن نفسه واما زوجها فلقوله انه من كيدكن ان كيدكن عظيم واما النسوة فلقولهن امرأة العزيز تراود فتيها عن نفسه قد شغفها حبا انا لنريها في ضلال مبين وقولهن حاش لله ماعلمنا عليه من سوء واما الشهود فقوله تعالى فشهد شاهد من اهلها الاية واما شهادة الله بذلك فقوله عز وجل من قائل كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين واما ابليس فقوله لاغوينهم اجمعين الا عبادك منهم المخلصين فقد اقر ابليس بانه لم يغوه وعند هذا نقول لهؤلاء الجهال الذين نسبوا الى يوسف عليه السلام الفضيحة ان كانوا من اتباع دين الله فليقبلوا شهادة الله بطهارته وان كانوا من اتباع ابليس ( وجنوده خ ) فليقبلوا اقرار ابليس بطهارته وقال الزمخشري في الكشاف بعد ان ذكر اقوال ( الاقوال خ ) الحشوية في هم يوسف (ع) فان منهم ( فانهم خ ) من قال همت بمخالطته وهم بمخالطتها ومنهم من قال ان يوسف حل الهميان وجلس منها مجلس المجامع ومنهم من قال بانه ( انه خ ) حل تكة سراويله وقعد بين شعبيها الاربع وهي مستلقية على قفاها وفسر البرهان بانه سمع صوتا اياك واياها فلم يكترث له فسمعه ( ثانيا فلم يعمل به فسمعه خ ) ثالثا اعرض عنها فلم ينجع فيه حتى مثل له يعقوب عاضا على انملته وقيل ضرب بيده في صدره فخرجت شهوته من انامله وقيل كل ولد يعقوب له اثنا عشر ولدا الا يوسف فانه ولد له احد عشر ولدا من اجل ما نقص من شهوته حين هم وقيل صيح به يا يوسف لا تكن كالطاير كان له ريش فلما زنى قعد ولا ريش له وقيل بدت كف فيما بينهما ليس لها عضد ولا معصم مكتوب فيها وان عليكم لحافظين كراما كاتبين فلم ينصرف ثم رأى فيها ولا تقربوا الزنى انه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا فلم ينته ثم رأي فيها واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله فلم ينجع فيه فقال الله لجبرئيل ادرك عبدي قبل ان يصيب الخطيئة فانحط جبرئيل وهو يقول يا يوسف اتعمل عمل السفهاء وانت مكتوب في ديوان الانبياء وقيل رأى مثال ( تمثال خ ) العزيز وقيل قامت المرأة الى صنم كان هناك فسترته وقال ( فقالت خ ) استحيي ان يرانا فقال استحييت ممن لا يسمع ولا يبصر ولا استحيي من السميع البصير العليم بذات الصدور وقال الزمخشري وهذا ونحوه مما يورده اهل الحشو والجبر الذين دينهم بهت الله وانبيائه واهل العدل والتوحيد ليسوا من مقالاتهم ورواياتهم بحمد الله بسبيل ولو وجدت من يوسف عليه السلام ادنى مزلة ( زلة خ ) لنعيت اليه وذكرت توبته واستغفاره كما نعيت على ادم صلوات الله عليه زلته وعلى داود وعلى نوح وعلى ايوب وعلى ذي ‌النون وذكرت توبتهم واستغفارهم كيف وقد اثنى عليه وسمي ( سماه خ ) مخلصا فعلم بالقطع انه ثبت في ذلك المقام الدحض ( الاخص خ ) وانه جاهد نفسه مجاهدة اولي القوة والعزم ناظرا في دليل التحريم ووجه القبح ( القبيح خ ) حتى استحق من الله الثناء فيما انزله ( انزل خ ) من كتب الاولين ثم في القرءان الذي هو حجة ( حجته خ ) على سائر كتبه ومصداق لها ولم يقتصر الا على استيفاء قصته ( قصة خ ) وضرب سورة كاملة عليها ليجعل له لسان صدق في الاخرين كما جعله لجده الخليل ابراهيم وليقتدي به الصالحون ( الصائمون خ ) الى اخر الدهر في العفة وطيب الازار والتثبت في مواقف العثار فاخزى الله اولئك في ايرادهم ما يؤدي الى ان يكون انزال الله السورة التي هي احسن القصص في القرءان العربي المبين ليقتدي بنبي من انبياء الله في القعود بين شعبي الزانية وفي حل تكته للوقوع عليها وفي ان ينهاه ربه ثلاث كرات ويصاح به من عنده ثلاث صيحات بقوارع القرءان وبالتوبيخ العظيم وبالوعيد الشديد وبالتشبيه بالطائر الذي سقط ريشه حين سفد غير انثاه وهو جاثم في مربضه لا يتحلل ( لا يتحلحل خ ) ولا ينتهي ولا يتنبه حتى يتداركه الله بجبرئيل وباخباره ولو ان اوقح الزناة واشطرهم واحدهم حدقة واجلجهم ( احلجهم خ ) وجها القي بادني ما القي به نبي الله مما ذكر لما بقي له عرق ينبض ولا عضو يتحرك فيا له من مذهب ما افحشه ومن اضلال ما ابينه انتهى كلام الكشاف فتدبر في كلام من لم ينظر الى خصوص مذهبه كالرازي والى كلام الزمخشري وان كان من العدلية الا ان ما نقله عنهم حق وما قال فيهم حق والحمد لله رب العالمين ومن الوجوه التي عارضوا بها جعل يوسف سقايته في رحل اخيه ليتهمه بالسرقة وذلك خيانة والخيانة ذنب اجاب بان ذلك بموافقة اخيه ليقيم عنده فلا يكون خيانة فلا يكون ذنبا ه‍ اقول هذا الجواب حسن في نقض هذه المعارضة ويقال بان ذلك شيء فعله بامر الله تعالى لقوله تعالى كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ اخاه في دين الملك الا ان يشاء الله الاية فلا يكون فعل ما امر الله به ذنبا ومن الوجوه التي عارضوا بها ما صدر عن اخوة يوسف في القائه في غيابة الجب وايذاء ابيهم وكذبهم بان الذئب قد اكل يوسف ( وخ ) كل هذا ذنب اجاب عنه بانا لا نسلّم ان اخوة يوسف انبياء ولئن سلم انهم انبياء فما صدر منهم لم يكن حال نبوتهم ه‍ اقول الجواب بانهم ليسوا بانبياء هو الجواب واما الجواب على فرض التسليم فمبني على مذهبه كما هو طريقته في تأييد مذهبه ووجه فرض التسليم ان بعضا قال بنبوتهم مستدلا بقوله تعالى قولوا امنا بالله وما انزل الينا وما انزل الى ابراهيم واسمعيل واسحق ويعقوب والاسباط وما اوتي موسى وعيسى الاية والمراد بالاسباط اخوة يوسف وما انزل اليهم هو الوحي والمشهور بينهم المعروف عندهم انهم ليسوا بانبياء ففي العياشي عن الباقر عليه السلام انه سئل هل كان ولد يعقوب انبياء قال لا ولكنهم كانوا اسباطا اولاد الانبياء لم يكونوا يفارقوا الدنيا الا سعداء تابوا وتذكروا ما صنعوا ه‍ فاذا فالمراد ( فما المراد خ ) بما انزل اليهم قيل الصحف صحف ابراهيم بمعنى انهم يعملون بها واقاموها بعد توبتهم وقيل المراد من تولد منهم من الانبياء بعد يوسف فعلى ما هو الظاهر ليس لمعارضتهم بهذا الوجه معنى الا تكثير صور الادلة ترويجا ( ترويحا خ ) لفتنتهم

فصل - ومن الوجوه التي عارضوا بها قصة داود عليه السلام والطمع في امرأة اخيه اوريا كما قال الله تعالى على لسان الملائكة ان هذا اخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال اكفلنيها وعزني في الخطاب وكل ذلك ذنب اجاب بان قصة داود عليه السلام لم تثبت صحتها على ما ذكروه والاية لم تدل على ما ذكروه ( ذكره خ ) بل يحتمل غيره هذا حال عصمة الانبياء بعد الوحي اما قبل الوحي فالاكثرون منعوا جواز الكفر وافشاء الكذب والاصرار على الذنب لئلا تزول عن النبي الثقة بالكلية وجوزوا صدور المعصية منه على سبيل الندور كقصة اخوة يوسف والروافض اوجبوا عصمة الانبياء عن الكذب والمعاصي مطلقا كبيرة او صغيرة عمدا او سهوا قبل البعثة او بعدها انتهى ما نقله ( نقلته خ ) من شرح الطوالع اقول ما ذكره المجيب من ان قصة داود عليه السلام لم تثبت على ما ذكروه صحيح لان ذلك من روايات الحشوية الذين يفترون على الله الكذب بل الثابت من قصته ما رواه في العيون عن الرضا عليه السلام قال واما داود فما يقول من قبلكم فيه فقيل ان داود عليه السلام كان يصلي في محرابه اذ تصور له ابليس على صورة طير احسن ما يكون من الطيور فقطع داود عليه السلام صلاته وقام ليأخذ الطير فخرج الطير الى الدار فخرج داود في اثره فطار الطير الى السطح فصعد في طلبه فسقط الطير في دار اوريا بن حنان فاطلع داود في اثر الطير فاذا بامرأة اوريا تغتسل فلما نظر اليها هويها وكان قد اخرج اوريا في بعض غزواته فكتب الى صاحبه ان قدم اوريا امام التابوت فقدم فقتل اوريا وتزوج داود عليه السلام بامرأته فضرب الرضا عليه السلام على جبهته وقال انا لله وانا اليه راجعون لقد نسبتم نبيا من انبياء الله تعالى الى التهاون بصلاته ( بصلواته خ ) حتى خرج في اثر الطير ثم بالفاحشة ثم بالقتل فقيل يا بن رسول الله فما كانت خطيئته فقال ويحك ان داود عليه السلام انما ظن انه ماخلق الله عز وجل خلقا هو اعلم منه فبعث الله عز وجل اليه الملكين فتسوروا المحراب فقالا له خصمان بغي بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا الى سواء الصراط ان هذا اخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال اكفلنيها وعزني في الخطاب فعجل داود عليه السلام على المدعي عليه فقال لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه ولم يسئل المدعي البينة على ذلك ولم يقبل على المدعي عليه فيقول له ما تقول فكان هذا خطيئة رسم حكم لا ما ذهبتم اليه الا تسمع الله عز وجل يقول يا داود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق الى اخر الاية فقيل يا بن رسول الله فما قصته مع اوريا قال الرضا عليه السلام ان المرأة في ايام داود اذا مات بعلها او قتل لا تتزوج بعده ابدا فاول من اباح الله عز وجل ان يتزوج بامرأة قتل بعلها داود عليه السلام فتزوج بامرأة اوريا لما قتل وانقضت عدتها فذلك الذي شق على اوريا وفي رواية ابي الجارود عن ابي جعفر عليه السلام في قوله وظن داود يعني علم واناب اي تاب وذكر ان داود عليه السلام كتب الى صاحبه الا يقدم اوريا بين يدي التابوت ورد فقدم اوريا الى اهله فمكث ثمانية ايام ثم مات اقول لعل المراد من قوله عليه السلام فكان هذا خطيئة رسم حكمه ( حكم خ ) انه ترك الاولى لانه ربما علم صدق الدعوى بقرائن حصل له بها العلم الا ان ادب الشرع يقتضي سؤال المدعي عليه وان كان يجوز له الحكم بدون السؤال كما هو المشهور الصحيح في المسئلة فكانت هذه الفتنة من ترك الاولى فاستشهاد الرضا عليه السلام بقوله تعالى يا داود انا جعلناك خليفة في الارض الاية يدل على انه عالم بالمسئلة معصوم عن الخطأ فيها لاستخلاف الله له في ارضه على عباده وقول الله تعالى ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ليس ذلك عتابا له لتقصير وقع منه بل هو بيان له وارشاد الى مراد الله سبحانه عند اول جعله خليفة ويؤيد تنزيهه عما روت الحشوية ما رواه الطبرسي في المجمع عن امير المؤمنين عليه السلام لا اوتي برجل يزعم ان داود عليه السلام تزوج امرأة اوريا الا جلدته حدين حدا للنبوة وحدا للاسلام وروي انه قال من حدث بحديث داود عليه السلام على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين والحاصل ان كل ما اوردوه في اثبات معاصي الانبياء عليهم السلام غير ما ذكر من الكتاب والسنة والجواب عنه مع قوة معارضه عليه من نحو ما ذكرنا في جواب ما ذكروا سابقا

فصل - وما ذكره المخالفون في وقوع المعاصي منهم (ع) قبل العصمة توهما منهم ان العصمة لا ترسخ ولا تتم الا بالوحي وتتابعه غلط لانهم يقررون ان الهيئة النفسانية قبل ان تكون راسخة تسمى حالا فاذا رسخت تصير ملكة والعصمة هي الملكة لانها تتوقف ( توقف خ ) على العلم بمثالب المعاصي ومناقب الطاعات لانه اذا علم بمناقب الطاعات ومثالب المعاصي يرغب في الطاعات ويرغب عن المعاصي وتتابع الوحي مؤكد لها لتتابعه على تذكير ذلك العلم وهذا مبني على انها مكتسبة بعد توجه التكليف بالاعمال الظاهرة من غير حصول اصل مقتضى لها في اصل بنية الشخص وتخلقه من روحه وطينته ولذا قالوا جعلها انها هي كون الشخص بحيث يمتنع منه ( منها خ ) الذنب بخاصية في نفسه او بدنه ممنوع ذلك بالعقل والنقل كما يأتي في دليلهم وهو غلط لما اشرنا اليه سابقا من ان روح المعصوم نورانية لقربها من الفيض كما قرب الاشعة من السراج اليه فانه نوراني لضعف ظلمته وانيته وان طينته طينة ( طيبة خ ) صافية نورانية لبعدها عن تصادم العناصر وتعاورها ( تعاودها خ تغادرها خ‌ل ) لانها من عناصر نورانية مخزونة مكنونة تحت العرش وقد اشار اليه ( اليها خ ) سبحانه بقوله يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار اي يكاد تلك الطينة ان تحيي ولو لم تحلها روح ولاجل شرفها وقربها وتأصلها ( تأهلها خ قابلها خ‌ل ) لتلك الروح الربانية ظهرت فضائله وهو حمل في بطن امه وحين ولادته وحين ( حال خ ) طفوليته حتى ظهرت له معاجز ودلائل وكل ذلك قبل التكليف وقبل العلم الذي يدعونه وقبل الوحي بل لا يوضع الوحي الا في الموضع الصالح له بكونه قابلا له محتملا بحقيقة ( لحقيقته خ‌ل ) ما هو اهله اعباء الوحي قال الله تعالى الله اعلم حيث يجعل رسالته هذا في روحه وطينته ( درجة وظيفته خ‌ل ) ومع ذلك يكون مصطنعا لله سبحانه بعنايته به محفوفا ( محفوظا خ‌ل ) باللطف مغموسا في الرحمة ( بالرحمة خ‌ل ) كما تقدم في قوله في الزيارة التي رواها بحديث ( رواها محمد بن خ ) عثمان بن سعيد العمري قال اني ولكم القلوب التي تولي الله رياضتها الخ وهو تركيب اللطف والاختصاص كما تقدم في خطبة عليّ عليه السلام يوم الغدير والجمعة ( الجمعة بقوله خ ) انتجبه في القدم على سائر الامم لعلم منه انفرد عن التشاكل والتماثل الخ وكل هذا وامثاله بخاصية في نفسه وبدنه قبل الوحي ( بل قبل التكليف خ ) بل قبل الولادة ومقتضى هذا البنية التخلق بتلك الملكة فينشأ مهذبا مطهرا زاكيا طيبا يخوض في النور ويمشي في النور وينظر في النور وينام في النور فتقتضي الحكمة وضع الوحي في موضع صالح له فيوضع فيه مؤيدا بروح القدس مسددا في الافكار والاقوال والاعمال عن استحقاق منه لذلك وذلك الاستحقاق هو استعداده وقبوله لتلك المراتب العالية عن اختياره مع قدرته على خلاف ذلك يعني ان قبوله واستعداده باعماله الباطنة والظاهرة عن اختيار منه من غير اضطرار ولا جبر ولا جبل فلو وجد ( وجدت خ‌ل ) فيه ما يقتضي شيئا من الذنوب من ظلمة او كدورة ولو جواز ( او لجواز خ‌ل ) الميل بمعنى اقتضائه لاصل فيه لما ناله عهد الله الذي هو الامانة ( الامامة خ ) والنبوة لان الله تعالى يقول لا ينال عهدي الظالمين وكما تقدم في كلام عليّ ( امير المؤمنين خ ) عليه السلام المنقول من خطبته ( خطبة خ ) يوم الغدير والجمعة في قوله في وصف النبي صلى الله عليه وآله فهو اهل ذلك بخاصته وخلته اذ لا يختص من يشوبه التغيير ولا يخالل من يلحقه التظنين ولا ريب ان هذا كله قبل الوحي فلا يجوز عليه شيء مما جوزه الخصم قبل الوحي والا لاختص سبحانه من يشوبه التغيير لان عدم الشوب سابق على الاختصاص الاستخصاص ( على الاستخصاص خ ) الذي اريد للوحي فافهم ان كنت تفهم والعقل والنقل اللذان ( الذين خ ) منع بهما الخصم كون الشخص بحيث يمتنع عنه الذنب بخاصية في نفسه او بدنه هو قولهم اما العقل فلأنه لو كان كذلك لما استحق صاحبها المدح على عصمته ولامتنع تكليفه وبطل الامر والنهي والثواب والعقاب وجوابه ( انه خ ) انما يستحق ( لم يستحق خ ) المدح على عصمته لو كان كونه كذلك من الله تعالى وصنعه من غير اعتبار شيء من الشخص من قابليته واستعداده اللذين هما جزء الصنع ولا من كسبه لتلك الافاضات ( الاوصاف خ ) والتكاليف كما هو مذهب المانعين فانهم مع قولهم ان كل شيء من الاوامر والنواهي وما يرتبط بها من الله تعالى قالوا لا بد من اثبات الكسب للعبد والا لبطل المدح والذم والثواب والعقاب فاذا كانوا مع اعتقادهم ان كل شيء من الله تعالى من التكليف والامر والنهي والخير والشر وجميع ( القدر وخ ) الارادات وجميع الاسباب صححوا استحقاق المدح والذم والثواب والعقاب والتكاليف باثبات معنى موهوم لا اصل له وهو الكسب فكيف يحكمون بعدم استحقاق شيء من ذلك اذا قيل بثبوت العصمة او دواعيها وقوابلها او مقتضاها بخاصية في نفسه او بدنه مع ما سمعت من ان الله سبحانه يقول الله اعلم حيث يجعل رسالته وبمفهوم قوله تعالى لا ينال عهدي الظالمين ان عهده تعالى يناله ( ينال خ ) المتقين السابقين والصادقين فانه مشعر بان العهد انما ينال من كان طيب العنصر زاكي الاصل بل الدليل منقلب فانه لو لم يكن اصل المنع من الذنب ذاتيا للشخص والعصمة في الحقيقة انما هي ثمرة ذلك الاصل لكانت العصمة على خلاف مقتضى ذاته واصله فاذا قال الخصم ان العصمة الا يخلق الله في المعصوم ذنبا وكانت ذاته مقتضية للذنب لزم الا يستحق مدحا على عصمته اذ لا مدخل له فيها ولا ثواب ولا عقاب ( لا ثوابا ولا عقابا خ ) لان استحقاقه ذلك عند المخالف انما هو بكسبه ولا كسب له حينئذ لان الكسب انما يكون لامر ذاتي والا لما كان منه ولا ينسب اليه والمباشرة التي يدعونها انما تثبت لنوع ملايمته ومناسبته ( ملايمة ومناسبة خ ) في ذاته ولو بمطلق القبول واذا كانت ذاته على خلاف ذلك او خالية من جهة مناسبة او ملايمة كانت منافرة لذلك فيكون اجنبيا مما ينسبه المدعي اليه من كسب او مباشرة فيكون المباشرة لذلك العمل غير مباشرة ولا كسب بل لمباشرة ( كمباشرة خ ) ساير ثيابه بخلاف ما لو اثبت ( ثبت خ ) الخاصية الذاتية فانه يثبت له الكسب والمباشرة اللذان يتوقف ( اللذين تتوقف خ ) عليهما صحة التكليف والمدح والذم والثواب والعقاب هذا على اصله واما على ما هو الحق والواقع ان المقتضى لاستحقاق العصمة سابق على التكليف بل على الولادة كما يرويه الخصم في ميلاد النبي صلى الله عليه وآله من نزول الملائكة حتى ضاقت بهم الارض والفضاء وطرد الشياطين عن استراق السمع من السماء بالشهب وانشقاق ايوان كسري وخمود نيران فارس وغور بحيرة ساوه وغير ذلك وليس هذه ( وما اشبهها خ ) الا ايات ومعجزات لظهور الحقيقة الربانية وبروز التجلي الاعظم وهذه الحقيقة النورانية بتكونها وقابليتها تقتضي تنزل الوحي وتقتضي الاستخلاف الالهي لذاتها كل ذلك قبل التكليف وقبل الوحي ولو جاز عليها صدور الذنب لذاتها لما جاز عليها الا لكونها مقتضية لذلك لذاتها واذا كانت كذلك لم تقتض لضده لذاتها ولو اقتضت الضد حينئذ لوجب ( لموجب خ ) غير ذاتها لم تستحق مدحا عليه وقد ذكرنا سابقا انهم يحملون كلامنا اذا قلنا يمتنع صدور الذنب عنهم على الامتناع العقلي يعني عدم كونه ممكنا مغالطة منهم او عدم معرفة منهم بالكلام ( في الكلام خ ) ونحن قد بينا ان المراد بكلامنا عدم وقوع شيء من الذنوب منهم مع القدرة عليه ووجود دواعي التمكن من الذنب ولكن الخلق الالهي والاستعداد الرباني وصفاء الروح وطيب الطينة وتوالي الالطاف الالهية والتأييدات الصمدانية مستولية على دواعي الذنوب والتمكن منها والميل اليها استيلاء مانعا لاقتضائها لمتعلقاتها غير مستهلك لها بل الشخص باق على حكم الاختيار ومرادي في اول الجواب انه انما لم يستحق المدح على عصمته لو كان كونه كذلك من الله تعالى وصنعه من غير اعتبار شيء من الشخص الخ ان الشيء المخلوق لا يكون بسيطا كما قال الرضا عليه السلام ان الله لم يجعل ( لم يخلق خ ) شيئا فردا قائما بذاته للذي اراد من الدلالة عليه ( بل خ ) لا يكون الا مركبا من وجود وماهية ومن ميل كل منهما الى الاستمداد من نوعه ومن مقتضى الضدين نشأ الاختيار لانه التردد ( لتردد خ ) بين المقتضي الميلين والتكليف دائر مدار الاختيار نفيا واثباتا ولا مناص عن هذا لاحد فانه لا ينكره الا منكر لوجدانه مكابر لعقله وعيانه فمن عرف هذا كيف يمنع ان العصمة كون الشخص بحيث يمتنع منه الذنب بخاصية في نفسه او بدنه مع ما بينا من الاشارة الى نوع تخلق المعصوم وان العصمة ثمرة تلك البنية الطاهرة لان تلك البنية مقتضية لظهور العصمة فيها والى هذا الاشارة في قوله تعالى وانك لعلى خلق عظيم فافهم هذا الكلام المكرر المردد الميسر المذكر فهل من مدكر واما النقل فلقوله تعالى قل انما انا بشر مثلكم يوحى اليّ وقوله تعالى لولا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا فان الاية الاولى تدل على ان النبي صلى الله عليه وآله مثل الامة في حق جواز صدور المعصية منه والاية الثانية تدل على ان الله تعالى ثبت على عدم الركون اليهم والا لركن اليهم ( فيكون الركون اليهم خ ) الذي هو ذنب غير ممتنع انتهى وجوابه اما قوله تعالى قل انما انا بشر مثلكم فالمراد انه سبحانه اظهره لهم في صورة المماثلة ليتم لهم الانتفاع بما هو مثلهم ولو خرج لهم على ما هو عليه لم يقدر احد من البشر ان ينظر اليه فضلا عن ان يكلمه او ينتفع به وذلك كما قاله تعالى ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون بمعنى ( يعني خ ) انا ارسلنا اليهم ما هو مثلهم حتى اذا اتيهم بمعجز يشهد له صدقوه لانهم مثله ولا يقدرون ان يأتوا بمثل ما اتى به وحتى ينتفعوا بمخاطبته لانه من جنسهم وبلسانهم ولو جعله الله ملكا كما اقترحوا عليه لكان اذا اتيهم بمعجز ( عند الملائكة خ ) قالوا الملائكة يقدرون على مثل هذا فلا يكون الله تعالى مصدقا لك باظهار هذا المعجز على يديك وليس ايضا بمعجز عند الملائكة وانما هو معجز بالنسبة الى نوعنا وما قدروا ( لما قدروا خ ) ايضا ان يتلقوا منه لان لسانه غير لسانهم وجنسه غير جنسهم فلو جعله الله ملكا لاقتضى اللطف بالعباد والحكمة جعله رجلا ليتم فائدة البعثة بالمماثلة والاتيان بالمعجزات الباهرة ينافي المماثلة كما هو الواقع فاثبت لهم العبودية بالاقرار بما يعملونه اخبرهم بانه ( باني خ ) لا ادّعي الاتيان بما اتيكم ( اتيتكم خ ) به من نفسه وانما هو من الله اوحى اليّ ما اوحى وليس المراد من الاية اني مثلكم يعني اكون مساويا لكم في الحقيقة وانما الفرق بيننا بالوحي وانما المراد الاعتراف بالعبودية لدفع توهم المشركين والمنافقين عليه دعوى الربوبية واما قوله تعالى قالت لهم رسلهم ان نحن الا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده فهو من ( على خ ) نحو ما ذكرنا وقوله تعالى ولكن الله يمن الخ مثل قوله يوحي الى لانا اذا قلنا ان العبد المعصوم يستحق التأييد والوحي والتقرب ( التقريب خ ) والعصمة وغير ذلك لا نريد به ان ذلك له باصل الكون او الامكان بل نريد ان الله سبحانه لا يخلق شيئا من خلقه بمقتضي محض فعله خاصة والا لتساوي المخلوقات لان نسبتها اليه على السواء بل لا تحد المخلوق ولم يحصل ( التعدد خ ) لان التعدد انما نشأ من القوابل المختلفة والمشخصات المتكثرة المتغايرة وانما نريد ان كل خير فهو من فضل الله وفعله على جهة الابتداء والتفضل الا انه يضع الاشياء على مقتضى الحكمة لا على الاهمال والعبث كما يزعمه الزعيم والا لزم لو كان الصنع بمقتضي محض فعله او على جهة الاهمال والاتفاق والعبث ان يسعد الشقي ويشقي السعيد ويبعد القريب ويقرب البعيد ويخلف الوعد والوعيد ويظلم العبيد بمعنى انه كان منه ذلك او يكون لا بمعنى انه يمكن له ويقدر عليه فانا نعلم ونعتقد انه تعالى على كل شيء قدير لا يعجزه شيء ولكن نريد انه فعل ذلك او يفعله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا قال عليه السلام وانما يعجل من يخاف الفوت وانما يحتاج الى الظلم الضعيف فاذا ثبت في اللطف والحكمة انه يضع الاشياء المستحقة ( المستحقات خ ) مواضعها على قدر الاستحقاق كما هو شان المدبر الحكيم الخبير العليم كما اشار اليه من قوله تعالى ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض ولكن ينزل بقدر ما يشاء انه بعباده خبير بصير كان الشخص المخلوق لو لم يكن اهلا لما اعطاه الله من العصمة والوحي وغير ذلك لبغى في الارض وادعى ما ليس له من الربوبية وهذا هو السر في كتمان الاسم الاعظم الاكبر عن غير اهل العصمة لان الاسم لو وقع عند غير اهله لافسد النظام واهلك الانام فلو كانت المماثلة في الحقيقة وفي اصل الخلقة لزم ما قلنا ولا ينافي ما قلنا ان كل خير فمن الله ابتداء فافهم الا ترى ان الوحي لا ينزل على الشيطان ( الشياطين خ ) ولا على المفسدين وانما ينزل على من هو اهل لذلك لاصل فطرته الله اعلم حيث يجعل رسالته واما قوله تعالى ولولا ان ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا فروي انه لما كان يوم الفتح اخرج رسول الله صلى الله عليه وآله اصناما من المسجد وكان منها ( هيهنا خ ) صنم على المروة وطلب اليه قريش ان يترك ( يتركه خ ) وكان مسخا ( صبيحا خ ) فهم بتركه ثم امر بكسره فنزلت وكانت عادته عز وجل مع رسوله صلى الله عليه وآله فعل ما يرفع التوهم فيه عنه ويحبب القلوب الى طريقته وحسن سيرته وكان صلى الله عليه وآله لا ينطق الا عن امر الله ولا يتقول شيئا قليلا او كثيرا على الله تعالى ولا يسبق فكره وقلبه ارادة الله ابدا وانما هو تابع لامره في قوله وعمله وسره وعلانيته ولم يأمره الله تعالى بكسر ذلك الصنم ولا اخراجه وقد اعلمه الله حقايق الاشياء واطلعه على اسرار الخليقة ومما اراه الله تعالى ان الاشياء مرهونة باوقاتها فلما لم يأمره ( الله خ ) بكسره ولا باخراجه انتظر نزول مراد الله فيه فهم بتركه حتى ينزل مراد الله تعالى فيه ثم امر بكسره فكسره وقوله ولولا ان ثبتناك الاية يراد منه ان تركه الصنم انتظارا لمراد الله لم يكن قبل سؤال قريش ليعلم الناس انه تركه انتظارا لامر الله وانما كان سؤالهم قبل الترك فاذا تركه بعد سؤالهم علم الناس انه صلى الله عليه وآله اطاعهم في الجملة وحصل منه ركون ما اليهم فبادر سبحانه بامره لنبيه صلى الله عليه وآله قبل ان يحصل عند الناس انه حصل منه ميل لان الناس لا يعلمون ما في قلبه وانما يعرفون ( يعلمون خ ) ما ظهر من فعله وليس همه ( بتركه خ ) اجابة لهم وانما هو لانتظار امر الله وهو صلى الله عليه وآله لا يسبقه بالقول وهو بامره يعمل ولو اظهر هذا المعنى لما قبله الناس فخاطبه بخطاب غيره لان هذه الاية نزلت من قبيل اياك اعني واسمعي يا جارة فقال ( فقوله خ ) ولولا ان ثبتناك يعني بان امرناك بكسره لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا يعني لولا ان ثبتنا ما يظهر من فعلك على ظاهر الصواب لقد كان يظن بسبب تركك انك ركنت اليهم شيئا قليلا ولو فعلت ذلك مع ما قربناك وعلمناك ان الركون اليهم شرك مثل قوله تعالى لئن اشركت ليحبطن عملك وايدناك حتى لا تخشى احدا الا الله وقويناك على من عاداك اذا لاذقناك ضعف الحيوة وضعف الممات اي ضعف عذاب الحيوة في الدنيا وضعف عذاب الممات في الاخرة ولما كان الخطاب له والمقصود غيره قال لما نزلت هذه الاية تنبيها للغير وتعليما لهم بالانقطاع الى الله سبحانه والبراءة من الحول والقوة قال (ص) اللهم لا تكلني الى نفسي طرفة عين ابدا قال في الكشاف في تفسير هذه الاية ولولا ان ثبتناك الاية وهذا تهييج من الله له وفضل وتثبيت وفي ذلك لطف للمؤمنين وقال ( واما خ ) بعد قوله اذا لاذقناك الاية وفي ذكر الكيدودة دليل على ان القبيح يعظم قبحه بمقدار عظم شأن فاعله وارتفاع منزلته ومن ثم استعظم مشائخ العدل والتوحيد نسبة المجبرة القبائح الى الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وفيه دليل على ان ( انه ادنى خ ) مداهنة للغواة مضادة لله وخروج من ولايته وسبب موجب لغضبه ونكاله الخ انتهى اقول الامر كما قال وهو يدل على تنزه مقام النبوة عن ادنى ما فيه نوع وهن ولقد وردت الروايات المتعددة ان هذه الاية وما اشبهها مما فيه شائبة عتاب له صلى الله عليه وآله انما نزلت باياك اعني واسمعي يا جارة لانه لما كان المعنى بها وامثالها الامة خاطب بها نبيه صلى الله عليه وآله والمعنى لامته وانما قال تعالى ضعف الحيوة وضعف الممات والمعنى لغيره ولا يكون الضعف الا اذا كان المعنى له لان الخطاب لما توجه له ذكر له حكم نفسه تشديدا في التخويف ولطفا في التكليف فيقول من دونه اذا كان هذا حاله لو ركن اليهم شيئا قليلا مع شرفه وقربه من ربه وخلق الاشياء كلها له فكيف حال من سواه فيكون لطفا في التكليف

خاتمة - اعلم وفقك الله انه قد سئلني بعض السادات الاجلاء عن مسئلة اشتهرت عن المخالفين اوردت على الامامية في اعتقادهم وجوب عصمة الامام وعدم جواز خلو الزمان من المعصوم مع خلوه الان من المعصوم ( والاكتفاء بالاخذ من علمائهم مع عدم عصمتهم وجواز ذلك ينافي اعتقادهم وعدم جواز خلو الزمان من المعصوم خ ) فكتبت جوابه فاحببت ان الحقه بهذه المسئلة ليكون خاتمة له وصورة السؤال :

ما حاجة المكلفين الى عصمة المعصوم عليه السلام ويتفرع عليه انه ان كانت الحاجة ( الى ذلك خ ) للامن من الخطأ في التبليغ الى المكلفين ليعبدوا ربهم باليقين لانه لا يعبد بالشك والتخمين اذا امكن عبادته باليقين الصرف ولا يقبلها على حرف لزم عدم جواز خلو الزمان في كل آن من معصوم ظاهر يتلقون عنه الاوامر والنواهي لان ذلك لطف في التكليف ورأفة عند التعريف ولزم عدم جواز الاخذ عن غير المعصوم للعلة المذكورة وهذا خلاف الواقع في هذا الزمان ووقوع ذلك مع اعتقاد انه تعالى لا يخل بواجب في الحكمة دليل على عدم احتياجهم الى متصف بالعصمة وثبوت ذلك دليل على جواز الخطأ والغفلة على الوسائط بين الله وبين خلقه المستلزم لهدم بنيان مثبتيها وتزعزع اركان مدعيها
اقول ( الجواب خ ) اعلم ان جواب هذه المسئلة المشكلة مع جميع ما يتفرع عليها يتوقف على تقديم اشارة الى كلما ت ينكشف بها لاولي الالباب صريح الجواب فاقول ومن الله الهام الصواب واليه المرجع والماب اعلم ان الله سبحانه لما كان كنهه تفريقا بينه وبين خلقه وغيوره تحديدا لما سواه كان لا يعلم احد كيف هو لا في سر ولا علانية الا بما دل على ذاته بذاته ولا يعرفه احد الا بما تعرف به اليه فهو الدليل والمدلول عليه وفي كل ما وصلت اليه الافهام وحامت حوله الاوهام فهو مثلها مردود عليها وحيث احب من عباده ان يعرفوه وطلب منهم ان يعبدوه تأصيلا للرحمة واسباغا للنعمة وكانوا لا يعرفون ما لا يليق ( ما يليق خ ) بعز جلاله وانما يعرفون ما يليق بهم وجب في الحكمة ان يبعث اليهم روحا خميصة من امره وان يلبسه قالبا من بشريتهم ليجانسهم ويؤانسهم بظاهره كاملا قويا في باطنه يقدر على التلقي والتعريف الالهي تاما قويا في ظاهره يقدر على ترجمة التعريف والوحي بلسانهم قال تعالى ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وقال تعالى وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم والمراد بوجوب ذلك في الحكمة وجوبه في عالم الامكان والحدوث ومعناه لا يجري الامكان الا على مقتضى الحكمة ولا يخرج الموجود الحادث في كل رتبة من تطوراته الا مبينا مشروحا على اكمل وجه في البيان في كل رتبة بحسبها فما بطن خفي ظاهر ( ظاهرا خ ) بيانه وما ظهر استعلن برهانه وحيث كان ذلك التعريف الذي هو مبدء التكليف سببا وسبيلا بين مختلفين في كل جهة من كل جهة لما لوحنا لك ان الوجوب بخلاف الحدوث ولا نريد انه بعكسه فيعرف بضده اذ لا ضد له كالحرارة والرطوبة مثلا فان الحرارة تعرف بالبرودة والرطوبة باليبوسة على انه لو كان كذلك لم يكن عنه شيء منه بل نريد انها ليست كمثله اذ لا ند له فيكون في عزه وغناه مشاركا وفي ذاته وصفاته وافعاله مماثلا سبحان ربك رب العزة عما يصفون وكان الترجمان الواسطة بين المختلفين موافقا بجهته العليا للتكليف ومبدئه وتلقيه وبجهته السفلي للتبليغ والتعريف وكان ذلك التعريف ( التكليف خ ) على ما هم ( هو خ ) عليه ومذكورون به في المشية فجرى هناك بذكرهم على ما لا يعرفونه من انفسهم هذا ( هنا خ ) لانه في الحقيقة ثناء من ( على ما خ ) لا يعرفونه الا بما وصف لهم نفسه على لسان الترجمان وجب في الحكمة ان نعتبر عصمة الترجمان في التبليغ اذ لو جاز عليه الخطأ لجاز ان يكون فيما بلغ غير ما امر به وهو غير ما يراد منهم فلا يجب قبول شيء من قوله لانه اذا جاز في مسئلة جاز في اخرى فاما ان يلزم من ذلك قول البراهمة او يرتفع التكليف اذ لا فرق حينئذ بينهم وبينه وقد ثبت بطلان قول البراهمة وثبت بقاء التكليف وبه دار الفلك فثبتت الحاجة الى عصمة الترجمان عن الله تعالى ثم لما كان مقتضى القدر والقضاء الالهيين الجاريين على مقتضى الحكمة في ايجاد الموجودات عدم بقاء هذا الترجمان الى انقضاء وقت التكليف لسبب ( بسبب خ ) يطول ببيانه الكلام وكانت الاوامر والنواهي المتعلقان بافعال المكلفين غير محصورة لكثرتها لتجدد الحوادث والوقائع ما دام التكليف باقيا وجب في الحكمة ان يكون لها حافظ عن التغيير والتبديل والتلف بسهو او نسيان او جهل او موت او غير ذلك ومن كان كذلك وجب ان يعتبر فيه ما يعتبر في الترجمان من الحفظ والفهم وقوة الباطن في التحمل والتلقي عنه لانه يأخذ عنه بالجهة التي اخذ بها الترجمان عن الله تعالى وقوة الظاهر في الاداء والعصمة للامن من الخطا والاخلال بالواجب كما ذكر في الترجمان وذلك لان الترجمان لما وجب عليه ان يلقيها الى الحافظ لئلا يضيع من في الاصلاب والارحام ويرتفع التكليف وكانت لا ينحصر بالعد ولا يضبطها حد ( الجد خ ) وجب عليه ان يلقيها اصولا وقواعد كما القيت اليه كذلك في جوامع الكلم الى الحافظ وقد فعل ولهذا قال الحافظ لما سئل عما اوعز اليه حين ناجاه طويلا قال علمني الف باب من العلم ينفتح لي من كل باب الف باب وكذلك ما اشتملت عليه الجفر والجامعة والغابر والمزبور ومصحف فاطمة عليها السلام ونور ليلة القدر والعمود النور والاسم الاكبر والرجم وغير ذلك مما كتبه عنه باملائه وكلها اصول وضوابط تنطبق على افراد من المسائل لا تكاد تتناهي واخراجها من اكمام غيب الضوابط والكليات على طبق الواقع لا يمكن الا بتلك القوة الالهية مع العصمة وتسديد الملك المحدث والا جاز عليه التغيير والتبديل فلا يكون حافظا ولا يجب الاخذ عنه كما مر في الترجمان حرفا بحرف لان تفصيل تلك الجمل على طبق مراد الله الذي هو حكم الله في نفس الامر ليس في وسع البشر ليستغني عن الكشف الرباني الملابس للعصمة وهكذا حكم كل مستحفظ بعد مستحفظ وهذه سنة الله التي قد خلت في عباده فلن‌تجد لسنة الله تبديلا ولن‌تجد لسنة الله تحويلا وفي اخبارهم ذلك ( وفي اخبارنا ذلك وفي اخبارهم خ ) فمنها ( فمنه خ ) ما رواه ابو ليث الواقدي عن النبي صلى الله عليه وآله في غزوة اوطاس قال صلى الله عليه وآله لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه الحديث وكانت الانبياء مع اوصيائهم على هذه السنن منذ اهبط الله ادم الى زمان نبينا صلى الله عليه وآله حتى امره الله ان يخبر عن نفسه بجريه على ذلك السنن فقال تعالى قل ما كنت بدعا من الرسل فكانت الحجة لله على عباده قائمة من العقول والرسل قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق اذ في كل وقت لا يخلو العالم من غوث وهو محل نظر الله من العالم وهو المستحفظ المشار اليه واما في هذا الزمان فانا انما لم نشترط العصمة في كل واحد من العلماء الذين هم وسائط بين الرعية والراعين كما اشار تعالى اليه بتأويل قوله وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة والقرى الظاهرة هم العلماء على احد التأويلين لانهم لا يراد منهم التلقي عن الله وتفصيل الجمل على طبق مراد الله في نفس الامر كما في الترجمان والحافظ وانما يراد منهم نقل ما فصل لهم وحمل ما وصل اليهم وان كانوا يستنبطون الاحكام من كلام الترجمان والحافظ المنقول اليهم بالنقل المعتبر لان افهامهم تدور مدار مرادهما ( تدور مدارهما خ ) وتحوم حول كلامهما لتحصيل ما قصداه فافهامهم محبوسة على ما هو مرادهما بحسب ما يفهمون لم يطلبوا غير ما ارادا بكل ما يقدرون عليه ليتبعوهما في هداهما قد قصروا نظرهم ( انظارهم خ ) في اتباعهما فاغنى وجود العصمة في المتبوع والاصل عن وجودها في التابع والفرع فان ذلك اذا كان التابع محفوظا مفصلا عند المتبوع لا يضر تجويز خطاء التابع لانه اذا اخطأ واحد منهم لم يخط غيره فلم يخرج عن مستقره نعم يشترط حصول اثرها اعني اصابة الواقع في المجموع وهو قطعي الحصول لانهم قد حصروا بعقولهم جميع ما يحتمله كلامهما على ما ضبطاه لهم من الاصول فلم يخرج مرادهما عن اقوالهم وقد نص الترجمان على هذا بقوله لا تزال طائفة من امتي على الحق حتى تقوم الساعة كما يشترط حصولها اي العصمة في ( من خ ) المستحفظ لاتحاده والاصل في ذلك اعني الاكتفاء بالتكليف المنقول المفصل من دون اعتبار العصمة في هذا الحامل انه وان كان مفصلا ومفرعا الا انه طالب لمراد المستحفظ من الجهة الجامعة بينهما وهي الجهة البشرية التي قلنا انها جهة المجانسة والمؤانسة لانهم يعرفون احكامها بخلاف الجهة العليا من المستحفظ التي لا يعرفون احكامها فان شرط قبول التكليف بما لا يعرفون وجود العصمة ليلتزموا باحكامها فلاجل ما قررنا اشترطنا وجود العصمة في التلقي من جهة الوحي لئلا يجوز عليه تلقي ما لا يفهم ( ما لا يجوز يفهم خ ) وما لا يراد منه وفي الاداء والتبليغ لئلا يجوز عليه تبليغ ما لا يراد منه من تفصيل تلك الجمل اذ لا يعرف تفصيلها غيره فيريد غير المراد ولو كنا نعرف تفصيلها لم نشترط فيه لها العصمة لانا نقومه اذا اعوج ونسدده اذا ازاغ ولم نشترط ذلك في تلقي ما فصله الحافظ لما قلنا من انا نعرف احكام جهتنا ( جهتها خ ) وهو انما فصلها لنا على ما نفهم ولانه مسدد لنا كما قال الصادق عليه السلام ان الارض لا تخلو عن حجة كيما ان زاد المؤمنون ردهم وان نقصوا اتمه لهم ه‍ هذا مع حفظ اصله على ان الدليل القاطع قد قام على وجود المستحفظ في هذا الزمان لما قلنا ان العالم لا يجوز ان يخلو عن قطب وغوث وهو محل نظر الله من العالم والاخبار المتواترة معنى ( تعني خ ) بذلك وان كان مستترا بعينه فان نور وجوده في قلوب شيعته ولقد ورد في الاثر المعتبر انهم ينتفعون في غيبته ( بوجوده خ ) كما ينتفع الناس بضوء الشمس اذا غيبها السحاب يعني انه (ع) في غيبته كالشمس اذا غيبها السحاب فان النهار موجود لوجود ضيائها ولو لم تكن موجودة لم يوجد ضياء النهار عادة فعلي هذا لم يستغن عن العصمة اما بعينها وضيائها كما في الترجمان والمستحفظ واما بضيائها كما في العلماء الاخذين عنه ولو فقدت اصلا لفقدت ( فقد خ ) الادراك المجزي لعدم النور اصلا ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ( وكتب العبد المسكين احمد بن زين ‌الدين والحمد لله رب العالمين هذا اخر ما حضر اثباته من كتابة المسئلة الاولى مما امر بكتابته الجناب الحضرة العالية الجناب خلد الله سلطانه وانار برهانه واعلى قدره وشانه ورفع مكانته ومكانه انه على كل شيء قدير وبالاجابة جدير خ ) والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله ( الطيبين خ ) الطاهرين ( المعصومين خ )

المسئلة الثانية: في الرجعة في ذكر رجعة محمد واهل بيته الطاهرين وشيعتهم واعدائهم الى الدنيا وذكر ما يرتبط بذلك وما يتعلق به على جهة الاختصار والاقتصار

مقدمة - اعلم ان الرجعة سر من سر الله والقول بها ثمرة الايمان بالغيب والمراد بها رجوع الائمة عليهم السلام وشيعتهم واعدائهم ممن محض من الفريقين الايمان او الكفر محضا ولم يكن ممن اهلكه الله في الدنيا بالعذاب فان من اهلكه الله في الدنيا بالعذاب لا يرجع الى الدنيا قال الله تعالى وحرام على قرية اهلكناها انهم لا يرجعون روى القمي عنهما عليهما السلام انهما قالا كل قرية اهلك الله اهلها بالعذاب لا يرجعون في الرجعة وروى الطبرسي في مجمع البيان عن الباقر عليه السلام قال كل قرية اهلكها الله بعذاب فانهم لا يرجعون الا اذا كان لهم قصاص كما لو قتلوا ظلما ولم يكونوا ماحضين للايمان او الكفر فانهم يرجعون مع قاتليهم فيقتلوا قاتليهم ويعيشون بعد ان يقتصوا منهم ثلثين شهرا ثم يموتون في ليلة واحدة وهو الحشر الاول الذي اشار اليه سبحانه بقوله ويوم نحشر من كل امة فوجا ممن يكذب باياتنا فهم يوزعون وهو قول الصادق عليه السلام والدليل على ان هذا في الرجعة قوله تعالى ويوم نحشر من كل امة فوجا ممن يكذب بآياتنا قال (ع) الايات امير المؤمنين والائمة عليه وعليهم السلام فقال الرجل ان العامة تزعم ان قوله تعالى ويوم نحشر من كل امة فوجا عنى في يوم القيمة فقال عليه السلام فيحشر الله عز وجل يوم القيمة من كل امة فوجا ويدع الباقين لا ولكنه في الرجعة واما اية القيمة فهي وحشرناهم فلم نغادر منهم احدا وعنه عليه السلام ليس احد من المؤمنين قتل الا ويرجع حتى يموت ولا يرجع الا من محض الايمان محضا ومحض الكفر محضا وفي الكافي عنه عليه السلام في قوله تعالى بعثنا عليكم عبادا لنا اولي بأس شديد انهم قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم عليه السلام فلا يدعون وترا لآل محمد الا قتلوه الحديث وبقوله ( في قوله خ ) تعالى يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب اليم في حديث اشراط الساعة عنه (ص) اول الايات الدخان ونزول عيسى ونار تخرج من قعر عدن ابين تسوق الناس الى المحشر قيل وما الدخان فتلا رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الاية وقال يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث اربعين يوما وليلة اما المؤمن فيصيبه كهيئة الزكام واما الكافر فهو كالسكران يخرج من منخريه واذنيه ودبره وفي تفسير عليّ بن ابراهيم قال ذلك في الرجعة من القبر الى ان قال ثم قال انا كاشفوا العذاب قليلا انكم عائدون يعني الى القيمة ولو كان قوله تعالى يوم تأتي السماء بدخان مبين في القيمة لم يقل انكم عائدون لانه ليس بعد الاخرة والقيمة حالة يعودون اليها ثم قال يوم نبطش البطشة الكبرى يعني في القيمة انا منتقمون انتهى اقول قوله من قعر عدن ابين بسكون الباء الموحدة وفتح المثناة التحتانية اسم رجل وهو الثاني من الاعرابيين وعدن اسم موضع يعني ان النار التي تسوق الناس من مسببات مضمرات فتن باطن ذلك الاعرابي وبالجملة فالرجعة قول الاكثرين من الامامية للاخبار المتكثرة المتواترة معنى والايات الكثيرة وقد انكرها بعض الامامية يقال ولم يثبت الا خروج القائم (ع) لانه من المجمع عليه بين المسلمين وان اختلفوا في القائم على ثلثة اقوال فمنهم من قال هو عيسى بن مريم عليه السلام ومنهم من قال هو المهدي من بني العباس كما رجحه ابن حجر في الصواعق ومنهم من قال هو محمد بن الحسن العسكري عليه السلام وهو قول جميع الشيعة وقليل من الجمهور وممن نفي هو وجودها الشيخ المفيد وحمل ما دل عليها على خصوص قيام القائم عليه السلام وطرح اكثر الروايات بالتضعيف ومما يشير الى ذلك قوله في اخر كتابه الارشاد وليس بعد دولة القائم عليه السلام من قيام الا ما جاءت به الرواية ( الروايات خ ) ولم ترد به على القطع والثبات واكثر الروايات انه لم يمضي مهدي هذه الامة عليه السلام الا قبل القيمة باربعين ( اربعين خ ) يوما يكون فيها الهرج والمرج وعلامة خروج الاموات وقيام الساعة للحساب والله اعلم بما يكون انتهى واما الجمهور فانهم ينكرون الرجعة اشد الانكار ويشنعون على الشيعة وينسبونهم في القول بذلك الى الابتداع قال ابن الاثير في النهاية والرجعة مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم ومذهب طائفة من فرق المسلمين من اولى البدع والاهواء يقولون ان الميت يرجع الى الدنيا ويكون فيها حيا كما كان ومن جملتهم طائفة من الرافضة يقولون ان عليّ بن ابي طالب (ع) مستتر في السحاب فلا يخرج مع من خرج من ولده حتى ينادي مناد من السماء اخرج مع فلان ويشهد لهذا المذهب السوء قوله تعالى حتى اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعوني لعلّي اعمل صالحا فيما تركت يريد الكفار نحمد الله على الهداية والايمان انتهى واعلم ان المخالفين كانوا في الصدر الاول كثيرا ما يخافون عليّ بن ابي ‌طالب عليه السلام ليصرفوا وجوه الناس عنه اليهم فكانوا يسئلون عن احكامه واعتقاداته فيقولون بخلافها ويتكلفون الادلة على بدعتهم ويأولون ما يوافق المذهب الحق ويوردون الشبهة ( الشبه خ ) التي تخفى على العامة في صورة الحق دليلا لهم على من لا يفهم وعذرا لهم عند من يفهم فنصبوا ائمة الهدى عليهم السلام ادلة الحق الموصلة الى طريق الرشاد والنافية لحجج اهل الخلاف والعناد ما بين مجملات وقواعد ومفصلات وشواهد فمن المجملات والقواعد ما امروا به وجعلوه اصلا ينفتح به الف باب وهو قولهم صلى الله عليهم خذ بما خالف القوم فان الرشد في خلافهم والعلة في ذلك ان خلافهم هو قول عليّ عليه السلام واعتقاده والرجعة من ذلك ( لانها خ ) لما اخبر بها هو واهل بيته (ع) انكروها غاية الانكار واوردوا عليها الشبهة ( الشبه خ ) تمويها على الحق بالباطل فمن ذلك قالوا ان القول بالرجعة ينافي ثبوت التكليف لان من يرجع الى الدنيا فهو راجع الى دار التكليف فان قلتم بتكليفه ثانيا بعد انقطاع التكليف عنه قلنا الاصل برائة ذمته من اصل التكليف حتى يثبت بالدليل وانما ثبت قبل الموت باخبار من شهدت له المعاجز الظاهرة بالتصديق من الله تعالى ولا يثبت بعد ارتفاعه بالاتفاق الا بمثل ذلك وقد اجمع المسلمون على ان محمدا صلى الله عليه وآله خاتم النبيين فلا نبي بعده وان قلتم انه ليس بمكلف فقد نقضتم قولكم بانه يرجع لاقامة الدين والجهاد في سبيل الله حتى تملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما وان قلتم الرجوع للجزاء فهو خلاف الاجماع لان الجزاء انما هو في يوم القيمة يوم الدين اجماعا فلا يصح القول بالرجعة ومن ذلك قولهم انه يلزم منه القول بالتناسخ والقول بالتناسخ كفر وذلك لانهم لا يرجعون ( يرجعون خ ) على هذه الحالة في الدنيا واجسادهم قد فنيت في قبورهم ولم يبق منها الا الطينة الاصلية وهي لطيفة مثل عالم الاخرة فاذا رجعوا في الدنيا رجعوا في غيرها وهو قول بالتناسخ وان قلتم يرجعون فيها لزم انهم يكونون ( ان يكونوا خ ) على غير حالهم في الدنيا فلا يكون بينهم وبين الموجودين في ذلك الزمان مجانسة ولا مؤانسة ولا يتم ما تدعون الا بالمجانسة ( والمؤانسة خ ) ويلزم منها ( منه خ ) التناسخ ومن ذلك انهم قالوا انهم ما ماتوا في الدنيا الا بعد فناء اجالهم وارزاقهم لانهم قبل فناء اجالهم وارزاقهم لا يموتون بل كما قال تعالى اولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب فيستحيل رجوعهم بغير اجال و ( لا خ ) ارزاق ومن ذلك ( انهم خ ) قالوا لو رجعوا الى الدنيا جاز ان يتوب يزيد والشمر وعبدالرحمن بن ملجم واضرابهم فاذا تابوا وجب ( على الله سبحانه خ ) قبول توبتهم فيصيروا الى طاعة الامام فيجب عليكم ان تتولوهم فاذا جاز ذلك لم يجز لكم الان في هذه الدنيا لعنهم والبراءة منهم لجواز ان يصيروا الى اهل ولايتكم فان قلتم انهم قد يئسوا من قبول التوبة فلا يحتمل فيهم قلنا ان دواعي معاصيهم قد ارتفعت ولا سيّما مع علمهم بما سلف من تعذيبهم الى وقت الرجعة ومن ذلك ان ( انهم قالوا خ ) الرجعة لو كانت حقا لوجب ذكرها في شروط الاسلام مع ان المذكور في شرائط الاسلام انما هو الايمان بالله ورسله وكتبه واليوم الاخر وهو يوم القيمة ومن ذلك قولهم ان قولكم بالرجعة ( انما هو خ ) من غير دليل يعتمد عليه لان ما يستدلون به اخبار احاد ضعيفة في اسانيدها وفي دلالتها اما في اسانيدها فظاهر ( لانه خ ) لم يروه احد من الصحابة المعتمدين والا لروته العلماء في صحاحهم واما في دلالتها فعلى ( فرض خ ) تسليم قبولها من جهة الورود فليست صريحة في الدلالة بل يحتمل ان المراد برجوع الدولة رجوعها عند قيام القائم الموعود به في اخر الزمان ونحن نقول به كما ورد في الصحاح قوله صلى الله عليه وآله لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي اسمه كاسمي واسم ابيه كاسم ابي فيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ومن ذلك ( انهم قالوا خ ) انه قال صلى الله عليه وآله من مات فقد قامت قيامته ه‍ فلو رجع الى الدنيا لم تقم قيامته والا لما رجع الى الدنيا ومن ذلك ( انهم قالوا خ ) ان يوم موت الانسان اول يوم من الاخرة واخر يوم من الدنيا فلو رجع لكان يوم موته ليس اول يوم من الاخرة واخر يوم من الدنيا بل هو من وسط الدنيا وامثال ذلك ومن ذلك ( انهم قالوا خ ) انها تنافي التكليف لان التكليف شرطه الاختيار كما يقولونه واذا كان القائم عليه السلام يملأها قسطا وعدلا كان ملجأ الى فعل الطاعات والامتناع من المعاصي وذلك ينافي التكليف والجواب عن الاول ان العلة الموجبة للتكليف في الدنيا موجودة بعينها في الاولى التي هي الرجعة لان الدنيا والاولى التي هي الرجعة هي دار المتاع والاستعداد للمعاد يوم القيمة وذلك ظاهر لمن عرف علة تركيب الاجسام من العناصر المختلفة المتضادة والاعراض المتغيرة الموجبة لعدم البقاء الدالة على ارادة الاختيار بذلك التغيير ( التغير خ ) ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة وانقطاع التكليف في دار الدنيا لا يدل على عدمه بعدها لجواز ان يكون انقطاعه الى اجل محدود لسبق علم الله برجوعه فهو مكتوب في اللوح المحفوظ لانه هو مقتضى كونه في دار التكليف وهذا الكون فرع التركيب من العناصر والاعراض المتغيرة والتكليف انما هو لتعديل نظام احوال المكلف المختلفة لاختلاف التركيب ( التراكيب خ ) والاعراض الذي هو المتاع لسفر الاخرة التي هي دار الجزاء وما ذكرنا هو الاصل الاول فيستصحب بقاؤه بشغل ذمته ( لشغل الذمة خ ) به للعلة المذكورة ولو سلمنا توقفه على اخبار من شهدت له المعاجز فهو موجود مستكمل لجميع الشرائط ما خلا النبوة لما قررنا في المسئلة الاولى في ذكر الحافظ واشتراطنا فيه جميع شرائط التلقي والاداء والتبليغ بشهادة الاخبار والاجماع والمعاجز الباهرة التي يأتي عليه السلام بها كمعاجز النبي صلى الله عليه وآله والرجعة عندنا دار تكليف لا دار جزاء فان قلت انكم تروون ان الحسين عليه السلام في الرجعة هو الذي يحاسب الخلق عن امر رسول الله صلى الله عليه وآله عن الله تعالى وان ما في الاخرة فانما هو بعث ( بعد البعث خ ) الى الجنة وبعث الى النار وهذا ينافي نص القرءان والسنة والاجماع على ان الجزاء انما هو في الاخرة قلت قد ثبت عقلا ونقلا ووجدانا ان الجزاء اوقاته مختلفة باختلاف مراتب اسبابه ومسبباته فمنه ما يكون في الدنيا ومنه ما يكون في البرزخ ومنه ما يكون في الاخرة وما ينسب في الرواية المشار اليها الى الحسين صلوات الله عليه من الحساب والمجازات فهو فيما يتعلق بالرجعة سواء جعلتها من الدنيا ام من البرزخ وما اشرت اليه هو ما يكون وقته يوم القيمة فيبطل ( فبطل خ ) بما ذكرنا دليل النفي والجواب عن الثاني في انه انما يلزم القول بالتناسخ لو قلنا بان الارواح ترجع في غير اجسادها واما اذا كانت ترجع في اجسادها فاين التناسخ بل هو كما تقولون به يوم القيمة وقولكم في انه لم يبق في قبورهم الا الطينة الاصلية يوم القيمة هو جوابنا لكم في الرجعة وفي الدنيا لان الطينة الاصلية تلبس في كل عالم من اعراض مكانه ووقته فيمزجها في كل عالم ما هو منه ففي الدنيا ( تلبس خ ) بما فيها من الكثائف وفي البرزخ ( وما في البرازخ خ ) بما فيه من الامور البرزخية و ( وفي خ ) الاخرة بما فيها من اللطائف وعلى ما بينا يرجعون على حال اهل الرجعة وتحصل ( تحصيل خ ) المجانسة والمؤانسة ولا يلزم منه القول بالتناسخ والا لزم القول به في الدنيا اذ لا فرق بينهما والجواب عن الثالث انهم ماتوا بعد فناء اجالهم وارزاقهم المكتوبة لهم في الدنيا واذا رجعوا عاشوا باجالهم وارزاقهم المكتوبة لهم في الرجعة كما كان في عزير وفي الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم احياهم وفي السبعين الذين سئلوا موسى ان يريهم الله تعالى فاخذتهم الصاعقة والجواب عن الرابع انهم لا يتوبون عن صدق وليس حالهم في الرجعة من جواز التوبة وذهاب اسباب العناد والنفاق ومعاينة العذاب والندم على ما فعلوا باشد منهم يوم القيمة وقد اخبر الله سبحانه بانهم يكذبون فيما يدعون من التوبة في قوله عز وجل ولو ترى اذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولانكذب بايات ربنا ونكون من المؤمنين فكذبهم الله العليم باحوال خلقه وبما هم صائرون اليه فقال بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون فان قلت ان اهل القيمة انما لم تقبل توبتهم لانهم في دار ليس فيها تكليف بخلاف الرجعة فانها عندكم انها دار التكليف فيقبل منهم ما لا يقبل من اهل الاخرة قلت ان الله قد حكم في كتابه بتعذيبهم وتخليدهم في النار على جهة الحتم والبت فقال تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له جهنم وساءت مصيرا وهو عز وجل يعلم انه يمكن في حقهم ايقاع التوبة ولكنه حكم بعدم قبولها ممن قتل مؤمنا متعمدا لاجل ايمانه والله سبحانه يحكم لا معقب لحكمه ومعقول هذا ان من يقدم على ( هذا خ ) الحنث العظيم لا يكون في حقيقة ذاته مقتض للتوبة لانها لا تصدر في محل قبولها الا من حقيقة فيها طيب مقتض للتوبة في محل قبولها وفاعل ذلك الحنث العظيم لو كان في حقيقته طيب ما لم يقع منه فيجب لعنهم والبراءة منهم للعلم القطعي العادي بعدم توبتهم وعدم قبولها لو وقعت منهم فان الله سبحانه يقول وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر احدهم الموت قال اني تبت الان وهو صادق على المذكورين ونحوهم وقال تعالى ولا الذين يموتون وهم كفار وهذا صادق عليهم وكذا يصدق عليهم قوله تعالى فلما رأوا بأسنا قالوا امنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا الاية فلم تكن ترتفع دواعي معاصيهم وان ارتفعت متعلقاتها والجواب عن الخامس انا لا نقول ان القول بالرجعة من شرائط الاسلام وانما هي من شرائط الايمان الكامل فالمكملات للايمان لا يجب ذكرها في شرائط الاسلام بل قد يمنع ذكرها في اوايل الاسلام ومباديه لعدم احتمال العامة لذلك لانها من الغيب الذي مدح الله الذين يؤمنون به ولذا قلنا فيما تقدم انها سر من اسرار الله تعالى فالايمان بها مكمل للايمان والجهل بها غير ناقض للاسلام وانما الاشكال في اسلام منكرها بعد ما تبين له الهدى ولو لم يقل بها شخص لعدم ظهور الدليل له ومن شانه الايمان بملوك الرجعة والرد اليهم والتسليم لهم فان ذلك لا يكفره واما من انكرها بعد ظهور الدليل ( له خ ) فالقرءان ناطق بكفره وذلك في قوله تعالى واقسموا بالله جهد ايمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن اكثر الناس لا يعلمون ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا انهم كانوا كاذبين انما قولنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون وفي تفسير العياشي عن سيرين قال كنت عند ابي عبد الله عليه السلام اذ قال ما تقول الناس في هذه الاية واقسموا بالله جهد ايمانهم لا يبعث الله من يموت قال يقولون لا قيامة ولا بعث ولا نشور ( لا نشر خ ) فقال عليه السلام كذبوا والله انما ذلك اذا قام القائم عليه السلام وكر ( يكر خ ) معه المكرون فقال اهل خلافكم قد ظهرت دولتكم يا معشر الشيعة وهذا من كذبكم يقولون ( تقولون خ ) رجع فلان وفلان لا والله لا يبعث الله من يموت الا ترى اذ قال واقسموا بالله جهد ايمانهم كان ( كانت خ ) المشركون اشد تعظيما ( حبا خ ) للات والعزى من ان يقسموا بغيرها فقال الله بلى وعدا عليه حقا الاية وفي روضة الكافي عن ابي بصير قال قلت لابي عبد الله عليه السلام قول الله تبارك وتعالى واقسموا بالله الاية قال فقال لي يا ابا بصير ما تقول في هذه الاية قال قلت ان المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله صلى الله عليه وآله ان الله لا يبعث الموتى قال فقال تبا لمن قال هذا هل كان المشركون يحلفون بالله ام باللات والعزى قال قلت جعلت فداك فاوجدنيه قال فقال يا ابا بصير لو قد قام قائمنا بعث الله قوما من شيعتنا تبايع سيوفهم على عواتقهم فبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا فيقولون يا معشر الشيعة ما كذبتم ( اكذبتم خ ) هذه دولتكم وانتم تقولون فيها الكذب لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون الى يوم القيمة قال فحكى الله قولهم فقال واقسموا بالله جهد ايمانهم لا يبعث الله من يموت وفي تفسير عليّ بن ابراهيم عن ابي عبد الله عليه السلام قال ما يقول الناس فيها قال يقولون نزلت في الكفار قال ان الكفار كانوا لا يحلفون بالله وانما نزلت في قوم من امة محمد صلى الله عليه وآله قيل لهم ترجعون بعد الموت قبل القيمة فيحلفون ( بالله خ ) انهم لا يرجعون فرد الله عليهم فقال ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا انهم كانوا كاذبين يعني في الرجعة يردهم فيقتلهم ويشفي صدور المؤمنين منهم قال عز من قال انما امرنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون فقد نطق القرءان بكفر من انكرها بعد البيان في قوله وليعلم الذين كفروا فافهم والجواب عن السادس انا انما قلنا بهذا للاخبار ( بهذه الاخبار خ ) المتكثرة عن اهل العصمة عليهم السلام المتواترة معنى فقد تكررت في احاديثهم وادعيتهم وزياراتهم حتى ان من تتبع اثارهم حصل له العلم القطعي بان الرجعة من متممات الايمان عندهم والقول بها شعارهم وقد فسروا كثيرا من ايات القرءان بالرجعة مثل ما فسروا منها في يوم القيمة بل في الرجعة اكثر وقد نقل الاجماع على ثبوتها العلماء وهو عندنا حجة لكشفه عن قول المعصوم عليه السلام مع ان ذلك امر ممكن مقدور وقد اخبر الصادقون عليهم السلام والقرءان بوقوعه وكل ما اخبر الصادقون عليهم السلام والقرءان بوقوعه فهو حق وكلام علمائنا في ذلك متطابق متوافق على الوقوع واما من تأول الرجعة من بعض شذاذ الامامية على ان المراد منها رجوع الدولة والامر والنهي اليهم عليهم السلام من دون رجوع الاشخاص واحياء الاموات ( فهو ممن لا يصغي اليه خ ) فانه لما عجز عن نصرة القول بالرجعة لما دخلت عليه شبهة المخالفين في احياء الاموات فلم يقدر على رد شبهتهم ( شبههم خ ) ولا تزييف اخبار الرجعة اولها بهذا التأويل الباطل ( وهو تأويل باطل خ ) لان الرجعة لم تثبت بخصوص اخبار احاد ليمكن تأويلها او طرحها وانما ثبتت باخبار متواترة معنى عليها عمل العلماء واعتقادهم على ان اكثرهم انما عول على الاجماع الذي هو مقطوع به ولا يحتمل التأويل بان الله يحيي امواتا عند قيام القائم عليه السلام من اوليائه واعدائه واما قول المفيد (ره) فهو قائل بان الله تعالى يحيي امواتا عند قيام القائم عليه السلام وانما توقفه في مثل ما ندعيه من رجوع النبي واله الطاهرين صلى الله عليه وآله الطاهرين والمخالفون انما انكروا من جهة احياء الاموات كما تقدم في قوله تعالى واقسموا بالله جهد ايمانهم لا يبعث الله من يموت والا فهم قائلون بقيام القائم عليه السلام واصحابنا متفقون على خلافهم الا من شذ ممن لا يعتبر بهم مع ان جل علمائنا ادعوا الاجماع على خلافهم فلم يكن خلافهم ناقضا للاجماع مع ان المخالفين المنكرين للرجعة واحياء الاموات قائلون بما يلزم منه القول بها وباحياء الاموات فهم في الحقيقة مكذبون لانفسهم باقرارهم وذلك انهم رووا عن الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن ابي ‌سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لا تبعتموهم ( لتبعتموه خ ) قلنا يا رسول الله (ص) اليهود والنصاري قال فمن وروي الزمخشري في الكشاف عن حذيفة انتم اشبه الامم سيما ببني اسرائيل لتركبن طريقهم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى اني لا ادري تعبدون ( أتعبدون خ ) العجل ام لا ورووا انه صلى الله عليه وآله قال سيكون في امتي مثل ما كان في بني اسرائيل حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو ان احدهم دخل جحر ضب لدخلتموه وروى ابو ليث الواقدي قال كنت رديفا لرسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة اوطاس فمررنا بشجرة للمشركين ينوطون عليها اسلحتهم يسمونها ذات انواط فقلت يا رسول الله اجعل لنا ذات انواط كما لهم ذات انواط قال صلى الله عليه وآله قلتم والذي نفسي بيده ما قال من كان قبلكم لنبيهم اجعل لنا الها كما لهم الهة لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه قلت بني اسرائيل قال والا فمن او كما قال فاذا رووا هذه الروايات وامثالها معتمدين عليها قائلين بمدلولاتها وقد كان في ما قبلنا من الامم مثل عزير اماته الله واحياه وعاش خمسا وعشرين سنة و ( مثل خ ) السبعين الذين اختارهم موسى عليه السلام فاخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم احياهم الله وكالذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا واحياهم وروى الزمخشري في الكشاف في حديث ذي‌ القرنين وعن عليّ عليه السلام سخر له السحاب ومدت له الاستار وبسط له النور وسئل عنه فقال احب الله فاحبه وسئل ابن‌ الكوا ما ذو القرنين أملك ام نبي فقال ليس بملك ولا نبي ولكن كان عبدا صالحا ضرب على قرنه ( الايمن خ ) في طاعة الله فمات ثم بعثه الله فضرب على قرنه الايسر فمات فبعثه الله وسمي ذوالقرنين وفيكم مثله وفي بعض كتب اخبار المخالفين عن جماعة من المسلمين انهم رجعوا بعد الممات قبل الدفن وتكلموا وتحدثوا ثم ماتوا فمن ذلك ما رواه الحاكم النيشابوري في تاريخه في حديث حسام بن عبد الرحمن عن ابيه عن جده وكان قاضي نيشابور دخل عليه رجل فقيل له ان عند هذا حديثا عجيبا فقال يا هذا ما هو فقال اعلم اني كنت نباشا انبش القبور فماتت امرأة فذهبت لاعرف قبرها فصليت عليها فلما جن الليل قال ذهبت ( عنها خ ) لانبش عنها وضربت يدي الى كفنها لاسلبها فقالت سبحان الله رجل من اهل الجنة يسلب امرأة من اهل الجنة ثم قالت الم تعلم انك ممن صليت عليّ وان الله عز وجل قد غفر لمن صلى عليّ قال السيد بن طاوس فاذا كان قد رووه ودونوه عن نباش القبور فهلا كان لعلماء اهل البيت عليهم السلام اسوة به ولاي حال تقابل رواياتهم ( رواتهم خ ) عليهم السلام بالنفور وهذه المرأة المذكورة دون الذين يرجعون لمهمات الامور والرجعة التي تعتمدها علماؤنا واهل البيت عليهم السلام وشيعتهم تكون من جملة ايات النبي صلى الله عليه وآله ومعجزاته ولاي حال تكون منزلته عند الجمهور دون موسى عليه السلام وعيسى عليه السلام ودانيال وقد احيى جل جلاله على ايديهم امواتا كثيرة بغير خلاف عند العلماء لهذه الامور انتهى

اقول فاذا اعترف المخالفون بتلك الاخبار التي دلت على ان كل ما يكون في الامم الماضية يكون في هذه الامة واعترفوا بان الله سبحانه قد احيي امواتا كثيرة في الامم الماضية لزمهم القول بان الله يحيي امواتا في هذه الامة وقد اخبر الصادقون عليهم السلام بان الاحياء في هذه الامة في الرجعة والقرءان المجيد مخبر بما احيى الله تعالى ( بان الله تعالى احيى خ ) من الاولين وبان سنة الله في الاولين جارية في الاخرين فلن ‌تجد لسنة الله تبديلا ولن ‌تجد لسنة الله تحويلا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وان يعودوا فقد مضت سنة الاولين وسيجيء في الاخرين لانه سنة جارية لا تنقطع واشار ( سبحانه خ ) الى هذا الاحياء في الاخرين بقوله تعالى فاذا جاء وعد الاخرة ليسوؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا قال عليّ بن ابراهيم في تفسيره فاذا جاء وعد الاخرة يعني القائم عليه السلام واصحابه ليسوؤا وجوهكم يعني تسود وجوههم وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة يعني رسول الله صلى الله عليه وآله واصحابه وامير المؤمنين عليه السلام واصحابه وليتبروا ما علوا تتبيرا اي يعلوا عليكم فيقتلوكم الخ وقال السيد المرتضى في اجوبة المسائل التي وردت عليه من الري حيث سئلوا عن حقيقة الرجعة لان شذاذ الامامية يذهبون الى ان الرجعة رجوع دولتهم في ايام القائم عليه السلام من دون رجوع اجسامهم ( اجسادهم خ ) الجواب اعلم ان الذي قد ذهب ( تذهب خ ) الشيعة الامامية اليه ان الله تعالى يعيد عند ظهور امام الزمان المهدي صلوات الله عليه قوما ممن كان قد تقدم مدته من شيعته ليفوز ( ليفوزوا خ ) بثواب نصرته ومعونته ومشاهدة دولته ويعيد ايضا قوما من اعدائه لينتقم منهم فيلتذون بما يشاهدون من ظهور الحق وعلو كلمة اهله والدلالة على صحة هذا المذهب ان الذي ذهبوا اليه مما لا شبهة فيه على عاقل في انه مقدور لله تعالى غير مستحيل في نفسه فانا نري كثيرا من مخالفينا ينكرون الرجعة انكار من يراها مستحيلة غير مقدورة واذا ثبت جواز الرجعة ودخولها تحت المقدور ( القدرة خ ) فالطريق الى اثباتها اجماع الامامية على وقوعها فانهم لا يختلفون في ذلك واجماعهم قد بيناه في مواضع من كتبنا انه حجة لدخول قول الامام عليه السلام فيه وما يشتمل ( يشمل خ ) على قول المعصوم عليه السلام من الاقوال لا بد فيه من كونه صوابا وقد بينا ان الرجعة لا تنافي التكليف وان الدواعي مترددة معها حين لا يظن ظان ان تكليف من يعاد باطل وذكرنا ان التكليف كما يصح مع ظهور المعجزات الباهرة والايات القاهرة فكذلك يصح مع الرجعة لانه ليس في جميع ذلك ملجأ الى فعل الواجب والامتناع من فعل القبيح الى اخر كلامه (ره) ونحو هذا قال ابن‌ طاوس والطبرسي (ره) وقال الشيخ عبد الله بن نور الله البحراني في المجلد السادس والعشرين من كتاب عوالم العلوم بعد نقل كلام كثير من ( نقل كثير من كلام خ ) العلماء في احتجاجهم على صحة الرجعة اقول اذا عرفت هذا فاعلم يا اخي اني لا اظنك ترتاب بعد ما مهدت واوضحت لك في القول بالرجعة التي اجمعت الشيعة عليها في جميع الاعصار واشتهرت بينهم كالشمس في رابعة النهار حتى نظموها في اشعارهم واحتجوا بها على المخالفين في جميع اعصارهم وشنع المخالفون عليهم في ذلك واثبتوه في كتبهم واسفارهم منهم الرازي والنيشابوري وغيرهما وقد مر كلام ابن ابي الحديد حيث اوضح مذهب الامامية في ذلك ولولا مخافة التطويل من غير طائل لاوردت كثيرا من كلما تهم في ذلك وكيف يشك مؤمن بحقيقة ( بحقية خ ) الائمة الاطهار عليهم السلام فيما تواتر عنهم في قريب من مأتي حديث صريح رواها نيف واربعون من الثقات العظام والعلماء الاعلام في ازيد من خمسين من مؤلفاتهم كثقة الاسلام الكليني والصدوق محمد بن بابويه والشيخ ابو جعفر الطوسي والمرتضي والنجاشي والكشي والعياشي وعليّ بن ابراهيم وسليم الهلالي والشيخ المفيد والكراجكي والنعماني والصفار وسعد بن عبد الله وابن ‌قولويه وعليّ بن عبد الحميد والسيد عليّ بن طاوس وولده صاحب كتاب زوائد الفوائد ومحمد بن عليّ بن ابراهيم وفرات بن ابراهيم ومؤلف كتاب التنزيل والتحريف وابي‌ الفضل الطبرسي وابي طالب الطبرسي وابراهيم بن محمد الثقفي ومحمد بن العباس بن مروان والبرقي وابن ‌شهر اشوب والحسن بن سليمان والقطب الراوندي والعلامة الحلي والسيد بهاء الدين عليّ بن عبد الكريم واحمد بن داود بن سعيد والحسن بن عليّ بن ابي ‌حمزة والفضل بن شاذان والشيخ الشهيد محمد بن مكي والحسين بن حمدان والحسن بن محمد بن جمهور العمي مؤلف كتاب الواحدة والحسن بن محبوب وجعفر بن محمد بن مالك الكوفي وطهر بن عبد الله وشاذان بن جبرئيل وصاحب كتاب الفضائل ومؤلف الكتاب العتيق ومؤلف كتاب الخطب وغيرهم من مؤلفي الكتب التي عندنا ولم نعرف مؤلفها على التعيين ولذا لم ننسب الاخبار اليهم وان كان موجودا فيها واذا ( ان خ ) لم يكن مثل هذا متواترا ففي اي شيء يمكن دعوى التواتر مع ما روته كافة الشيعة خلفا عن سلف وظني ان من يشك في امثالها فهو شاك في ائمة الدين عليهم السلام ولا يمكنه اظهار ذلك ( من خ ) بين المؤمنين فيحتال في تخريب الملة القويمة بالقاء ما يتسارع اليه عقول المستضعفين من استبعاد المتفلسفين وتشكيكات الملحدين يريدون ليطفئوا نور الله بافواههم والله متم نوره ولو كره المشركون ولنذكر لمزيد التشييد ( التشديد خ ) والتأكيد اسماء بعض من تعرضوا ( تعرض خ ) لتأسيس هذا المدعي وصنف فيه او احتج على المنكرين او خاصم المخالفين سوى ما ظهر مما قدمناه في ضمن الاخبار والله الموفق فمنهم احمد بن داود بن سعيد الجرجاني قال الشيخ في الفهرست له كتاب المتعة والرجعة ومنهم الحسن بن عليّ بن ابي ‌حمزة البطائني وعد ( عده خ ) النجاشي من جملة كتبه كتاب الرجعة ومنهم الفضل بن شاذان النيشابوري ذكر الشيخ في الفهرست والنجاشي ان له كتابا في اثبات الرجعة ومنهم الصدوق محمد بن عليّ بن بابويه فانه عد النجاشي من كتبه كتاب الرجعة ومنهم محمد بن مسعود العياشي ذكر النجاشي والشيخ في الفهرست كتابه في الرجعة ومنهم الحسن بن سليمان على ما روينا عنه الاخبار واما ساير الاصحاب فانهم ذكروها فيما صنفوا في الغيبة ولم يفردوا لها رسالة واكثر اصحاب الكتب من اصحابنا افردوا كتابا في الغيبة وقد عرفت سابقا من روى ذلك من عظماء الاصحاب واكابر المحدثين الذين ليس في جلالتهم شك ولا ارتياب وقال العلامة (ره) في خلاصة الرجال في ترجمة ميسر بن عبد العزيز وقال العقيقي اثنى عليه آل محمد (ص) وهو ممن يجاهد في الرجعة انتهى اقول قيل المعنى هو انه يرجع بعد موته مع القائم عليه السلام ويجاهد معه والاظهر عندي ان المعنى انه كان يجادل ( يجاهد خ ) مع المخالفين ويحتج عليهم في حقيقة الرجعة انتهى كلام الشيخ عبد الله (ره) اقول والقرءان ناطق على لسان من خاطبهم الله تعالى به والسنة النبوية واخبار اهل بيت محمد صلى الله عليه وآله ناطقة بذلك وهي كثيرة جدا واحب ان اورد منها واحدا وهو ما رواه الحسن بن سليمان الحلي في منتخب بصائر سعد بن عبد الله الاشعري من كتاب الواحدة للعمي بسنده الى عاصم بن حميد عن ابي جعفر الباقر عليه السلام قال قال امير المؤمنين صلوات الله عليه ان الله تبارك وتعالى احد واحد تفرد في وحدانيته ثم تكلم بكلمة فصارت نورا ثم خلق من ذلك النور محمدا صلى الله عليه وآله وخلقني وذريتي ثم تكلم بكلمة فصارت روحا فاسكنه الله في ذلك النور واسكنه في ابداننا فنحن روح الله وكلما ته فبنا احتج على خلقه فمازلنا في ظلة ( ظلمة خ ) خضراء حيث لا شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار ولا عين تطرف نعبده ونقدسه ونسبحه وذلك قبل ان يخلق الخلق واخذ ميثاق الانبياء بالايمان والنصرة لنا وذلك قوله عز وجل واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه يعني لتؤمنن بمحمد صلى الله عليه وآله ولتنصرن وصيه وينصرونه ( تنصرونه خ ) جميعا وان الله اخذ ميثاقي مع ميثاق محمد صلى الله عليه وآله بالنصرة بعضنا لبعض فقد نصرت محمدا صلى الله عليه وآله وجاهدت بين يديه وقتلت عدوه ووفيت لله بما اخذه ( اخذ خ ) على من الميثاق والعهد والنصرة لمحمد صلى الله عليه وآله ولم ينصرني احد من انبياء الله ورسله وذلك لما قبضهم الله اليه وسوف ينصرونني ويكون لي ما بين مشرقها ومغربها وليبعثهم الله احياء من ادم الى محمد صلى الله عليه وآله كل نبي مرسل يضربون بين يدي بالسيف هام الاموات والاحياء ومن الثقلين جميعا فيا عجبا فكيف ( وكيف خ ) لا اعجب من اموات يبعثهم الله احياء يلبون زمرة زمرة بالتلبية لبيك لبيك يا داعي الله قد تخللوا سكك الكوفة قد شهروا اسيافهم ( سيوفهم خ ) على عواتقهم ليضربوا بها هام الكفرة وجبابرتهم واتباعهم من جبابرة الاولين والاخرين حتى ينجز الله ما وعدهم في قوله عز وجل وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا اي يعبدونني امنين لا يخافون احدا في عبادتي ( عبادي خ ) ليس عندهم تقية وان لي الكرة بعد الكرة والرجعة بعد الرجعة وانا صاحب الرجعات والكرات وصاحب الصولات والنقمات والدولات العجيبات وانا قرن من حديد وانا عبد الله واخو رسول الله ( رسوله خ ) صلى الله عليه وآله وانا امين الله وخازنه وعيبة سره وحجابه ووجهه وصراطه وميزانه وانا الحاشر الى الله وانا كلمة الله التي يجمع بها المفترق ويفرق بها المجتمع وانا اسماء الله الحسنى وامثاله العليا واياته الكبرى وانا صاحب الجنة والنار اسكن اهل الجنة الجنة و ( اسكن خ ) اهل النار النار والى تزويج اهل الجنة والى عذاب اهل النار والى اياب الخلق جميعا وانا الاياب الذي يؤب اليه كل شيء بعد القضاء والى حساب الخلق جميعا وانا صاحب الهنات وانا المؤذن على الاعراف وانا امير المؤمنين ويعسوب المتقين واية السابقين ولسان الناطقين وخاتم الوصيين ووارث النبيين وخليفة رب العالمين وصراط ربي المستقيم وقسطاسه المستقيم والحجة على السموات والارضين وما فيهما وما بينهما وانا الذي احتج الله به عليكم في ابتداء خلقكم وانا الشاهد يوم الدين وانا الذي علمت علم المنايا والبلايا والقضايا وفصل الخطاب والانساب واستحفظت ايات النبيين المستحقين المستحفظين وانا صاحب العصي والميسم وانا الذي سخرت لي السحاب والرعد والبرق والظلم والانوار والرياح والجبال والبحار والنجوم والشمس والقمر وانا قرن الحديد وانا فاروق الامة وانا الهادي وانا الذي احصيت كل شيء عددا بعلم الله الذي اودعنيه وبسره الذي اسره الى محمد صلى الله عليه وآله واسره النبي صلى الله عليه وآله الى وانا الذي انحلني ربي اسمه وكلمته وحكمته وعلمه وفهمه يا معشر الناس اسألوني قبل ان تفقدوني اللهم اني اشهدك واستعديك عليهم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم والحمد لله متبعين امره ( بامره خ ) فان لم يكن فيما سمعت من الاخبار واقوال العلماء في سائر الاعصار والاجماع والقرءان وما لم تسمع اكثر من كل ذلك دليل على ثبوت الرجعة كما تقوله الامامية وائمتهم عليهم السلام ففي اي شيء يثبت الدليل واما قول القائل ان المراد برجوع الدولة ( رجوعها خ ) عند قيام القائم عليه السلام فجوابه ان الادلة القطعية كالاجماع والاخبار المتواترة معنى دالة على احياء الاموات ( اموات خ ) ورجوعهم الى الدنيا وانتم انما انكرتم الرجعة بحجة ( بجهة خ ) عدم احياء الاموات لما ادعيتم في ذلك واما اذا لزمكم صحة احياء اموات عند قيام القائم عليه السلام فلا فرق بين ان يكون من الائمة عليهم السلام او من غيرهم فيثبت المدعي بالادلة القاطعة

بقي شيء في قولكم بما تروون من هذا الحديث بانه صلى الله عليه وآله قال حتى يخرج رجل من ولدي اسمه كاسمي واسم ابيه كاسم ابي و ( فيه ان خ ) المروي عن ائمتنا عليهم السلام ليس فيه واسم ابيه كاسم ابي وهو ( باوله خ ) مطابق لدعوانا وما ترونه مخالف للاكثر منكم لان منكم من يقول هو عيسى عليه السلام وعيسى ليس من ولد محمد صلى الله عليه وآله ولا اسمه كاسمه ولا اب لعيسى ومنكم من يقول هو المهدي من بني العباس كما رواه ابن حجر في الصواعق وذلك ليس من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله والقول الثالث انه هو محمد بن الحسن عليهما السلام وهو قولنا واسمه كاسمه صلى الله عليه وآله وليس اسم ابيه كاسم ابيه الا ان نقول ان الحسن العسكري عليه السلام عبد الله وهو حق لكنه ليس اسما بل ( اسما له بل هو خ ) صفة له فقولكم اسم ابيه كاسم ابي زيادة في الحديث بدلا مما نقصتم منه فان فيه اسمه كاسمي وكنيته ككنيتي يعني ان كنيته ابو القاسم عليه السلام وهو عند ابائه عليهم السلام حق لانهم يكنونه بذلك ويكره ان يكنى من اسمه محمد بابي‌القاسم غير محمد صلى الله عليه وآله وغيره عليه السلام واما ان اسمه كاسمه فهو يعني به فيما يظهر وفيما يخفى فان اسمه فيما يظهر محمد وفيما يخفى احمد كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله كذلك يعني اسمه في الارض محمد وفي السماء احمد صلى الله عليه وآله والجواب عن السابع ان المراد ( من قوله (ص) خ ) بان من مات فقد قامت قيامته على جهة المجاز بمعنى ان من مات فقد عرف ما هو وارد عليه وقادم يوم القيمة لان الموت يأتي بحقيقة عاقبته كما قال تعالى وجاءت سكرة الموت بالحق فان من مات من الاولين واحياه الله لم تقم قيامته بالمعنى المراد للسائل والجواب عن الثامن ان المراد به مثل المراد من الذي قبله لان الاخرة لم تكن على الحقيقة وهذا ظاهر والجواب عن التاسع ان قيام القائم وابائه عليهم السلام اذا تمكنوا واقاموا الدين حتى ملأوا الارض قسطا وعدلا وتسلطوا لم يكن ذلك ملجأ للمكلف بحيث لا يقدر على ترك الطاعة وفعل المعصية بل يكون دعاؤهم عليهم السلام الى ملازمة امتثال الاوامر واجتناب النواهي وقتل من لم يقبل ذلك لطفا للمكلفين غير مخرج لهم عن الاختيار وقد جاهد رسول الله صلى الله عليه وآله المشركين وقتلهم وسباهم والزمهم قبول الشهادتين والقيام بشرائط الاسلام واركانه ولم يكن فعله ملجأ للمكلفين وحكم الحالين واحد والجواب عن الاول نفس الجواب عن الثاني وطريق الحق والحمد لله واضح وسبيل الهدى منير ( منه خ ) لائح والحمد لله رب العالمين واما قول ابن الاثير في النهاية ففي النهاية من العدول عن الاستقامة لانه ما قصد الحق في قوله لان الشيعة ما يقولون بان جميع الخلق يرجعون الى الدنيا كما هو ظاهر ما حكاه عنهم حين قال من اولى البدع والاهواء يقولون ان الميت يرجع الى الدنيا ويكون فيها حيا كما كان ثم قال ومن جملتهم طائفة من الرافضة يقولون ان عليّ بن ابي طالب عليه السلام مستتر في السحاب الخ فنسب اليهم افترائين احدهما ما عرض به من انهم يدعون العموم وثانيهما ان عليّ بن ابي طالب عليه السلام مستتر في السحاب ( فانهم لم يقولوا ولا يقولون به خ ) وانما يقولون كما سمعت سابقا بان الله يحيي امواتا لا كل من مات بل كما اخبر الصادق الامين صلى الله عليه وآله ان كل ما كان في الامم الماضية سيما بني اسرائيل يكون في هذه الامة واخبر عن الله بما انزل في كتابه واوحى اليه انه تعالى سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون وذلك في الدنيا ولم يأت ما وعد به ولا بد ان يكون في الدنيا ولن ‌يخلف الله وعده ومن قال بشيء من الاعتقاد او غيره عن ادلة مثل ما سمعت بعضها يكون من اهل البدع والاهواء ولكن انما قال هو واصحابه ذلك في حيوته وحياتهم ومن مات منهم لا بد ان يؤمن بما قلنا فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا كما قال تعالى وان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيمة يكون عليهم شهيدا وروي ان رسول الله صلى الله عليه وآله اذا رجع امن به الناس كلهم وفي تفسير العياشي عن ابي جعفر عليه السلام في تفسيرها ليس من احد من جميع الاديان يموت الا رأى رسول الله وامير المؤمنين عليهما وآلهما السلام من الاولين والاخرين وفي مجمع البيان في احد معانيها ليؤمنن بمحمد صلى الله عليه وآله قبل موت الكتابي عن عكرمة ( عسكرية خ ) ورواه اصحابنا قال وفيه دلالة على ان كل كافر يؤمن عند ( من عند خ ) المعاينة وعلى ان ايمانه ذلك غير مقبول كما لم يقبل ايمان فرعون في حال اليأس عند زوال التكليف ويقرب من هذا ما رواه الامامية ان المحتضرين من جميع الاديان يرون رسول الله صلى الله عليه وآله وخلفاءه عليهم السلام عند الوفاة ويروون في ذلك عن عليّ عليه السلام انه قال للحارث الهمداني :

يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن او منافق قبلا
يعرفني طرفه واعرفه بعينه ( بعينيه خ ) واسمه وما عملا

نظم قول عليّ عليه السلام السيد اسمعيل الحميري وفي الجوامع للطبرسي عنهما عليهما السلام حرام على روح ان تفارق جسدها حتى ترى ( يرى خ ) محمدا وعليّا (ص) وفي تفسير العياشي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن هذه الاية فقال هذه نزلت فينا خاصة انه ليس رجل من ولد فاطمة يموت ولا يخرج من الدنيا حتى يقر للامام بامامته كما اقر ولد يعقوب ليوسف حين قالوا تالله لقد اثرك الله علينا وان كنا لخاطئين وفي تفسير فرات بن ابراهيم الكوفي قال حدثني عبيد بن كثير معنعنا عن جعفر بن محمد بن عليّ عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا عليّ ان فيك مثلا من عيسى بن مريم قال الله تعالى وان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيمة يكون عليهم شهيدا يا عليّ انه لا يموت رجل يفتري على عيسى بن مريم عليه السلام حتى يؤمن به قبل موته ويقول فيه الحق حيث لا ينفعه ذلك شيئا وانك يا عليّ مثله لا يموت عدوك حتى يراك عند الموت فتكون عليه غيظا وحزنا حتى يقر بالامر من امرك ويقول فيه الحق ويقر بولايتك حتى ( حيث خ ) لا ينفعه ذلك شيئا واما وليك فانه يراك عند الموت فتكون له شفيعا ومبشرا وقرة عين الحديث وانا اقول كما قال الله تعالى حكاية عن مؤمن ال فرعون فستذكرون ما اقول لكم وافوض امري الى الله ان الله بصير بالعباد

فصل - ( في ان هل المراد بالرجعة رجوع صاحب الزمان عليه السلام ام رجوع رسول الله صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين والائمة من ولده عليهم السلام الى الدنيا وترجيح الثاني ) اعلم ان الرجعة في الاصل يراد بها رجوع الاموات الى الدنيا كأنهم خرجوا منها ورجعوا اليها وقد تستعمل فيمن غاب وآب فانه خرج من اهله ورجع اليهم وهل الرجعة التي قال بها الامامية وانكرها المخالفون ظهور الحجة عليه السلام في الدنيا بالسيف يدعو الى الله سبحانه ام ظهور الائمة عليهم السلام مع امير المؤمنين عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله ورجوعهم الى الدنيا مع من شاء الله تعالى من اوليائهم واعدائهم احتمالان نشئا من اختلاف ظواهر الاخبار من اطلاق الرجعة على ظهور صاحب الزمان عليه السلام مع من يظهر معه من اصحاب القبور وعلى رجوع الائمة عليهم السلام مع رسول الله صلى الله عليه وآله وانت اذا نظرت في التسمية الى المعنى وجدته صادقا على الاحتمالين فتصدق الرجعة في حق صاحب الزمان عليه السلام لانه ( اذا خ ) غاب عن الناس واستتر حتى خفي امره وقيل مات او هلك وفي اي واد سلك كما يأتي ان شاء الله فاذا ظهر ( اظهر خ ) امره فقد رجع الى الحالة الاولى واذا نظرت في التسمية الى خصوص رجوع رسول الله صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين عليه السلام والائمة عليهم السلام وان اصل الحيرة والتشكيك من المخالفين وانكارهم على من يدعي الرجعة ويدعي ان الله يحيي امواتا يرجعون الى الدنيا يجاهدون في سبيل الله لم يصدق على ظهور الحجة عليه السلام لانهم قائلون به الا ( الا ان خ ) اكثرهم فانه ( فانهم ظ ) يقولون ( يقول خ ) بانه المهدي من بني العباس وهو الى الان لم يولد ولا منافاة في ظهوره بعد ولادته ومن قال بانه ( بانه هو خ ) عيسى بن مريم فكذلك لانه حي ويستدلون على حياته بقوله تعالى وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وان الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم الا اتباع الظن وماقتلوه يقينا بل رفعه الله اليه وبقوله تعالى وان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته والضمير في موته راجع الى عيسى اي قبل موت عيسى واذا ثبت بكتاب الله انه حي فلا منافاة في قيامه فلا يريدون ( فانهم لا يريدون خ ) من الرجعة ما تناول ( يتناول خ ) قيامه لان ذلك لا ينكرونه وانما يعنون بالرجعة ما ينكرونه من رجعة رسول الله صلى الله عليه وآله وامير المؤمنين عليه السلام والائمة عليهم السلام ويتعلقون في منعهم بان حيوة الاموات ورجوعهم الى دار التكليف مناف للتكليف ويحتجون على انكارهم بما سمعت ونحوه والذي دعاهم الى انكار ذلك ما يلزم عليهم مع الاعتراف بها من فساد ما كانوا عليه لان في الرجعة هدم جميع ما اسسوا فغطوا على ما يعرفون انه الحق من ربهم بالشبهات والمغالطات فاذا اردت ان المراد بالرجعة ما انكره المخالفون لم يتناول الا رجعة رسول الله صلى الله عليه واله وعلى والائمة عليهم السلام ومن يرجع معهم ممن محض الايمان ومن محض الكفر محضا واصحاب القصاص ولا يخفى عليك انهم اذا اعترفوا بقيام الحجة عليه السلام وبصحة ما رووا من الروايات المتقدمة الدالة على ان كل ما كان في بني اسرائيل يكون في هذه الامة ( وخ ) وقعوا فيما فروا منه فلا محيص لهم عنه لان صحة قيام القائم عليه السلام تستلزم احياء اموات ( الاموات خ ) كما دلت عليه ادلة القاطعة هذا بالنسبة اليهم والى من نظر الى مرادهم وكذلك ما دلت عليه احاديث تقسيم ايام الله مثل ما رواه في الخصال عن مثنى الحناط ( المناط خ ) قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول ايام الله يوم يقوم القائم عليه السلام ويوم الكرة ويوم القيمة فانه صريح بان الرجعة غير قيام القائم عليه السلام واما بالنسبة الى مطلق معنى الرجوع والى احياء الاموات فلا عيب في استعمال هذا اللفظ في اليومين وقد دلت اخبارهم بان اول ما ( من خ ) يخرج هو الحسين عليه السلام وهو اول من ينفض التراب عن رأسه وهو عليه السلام يخرج في اخر دولة القائم عليه السلام اذا مضى منها نحو تسع وخمسين سنة كما تشير اليه بعض الاخبار ويبقى صامتا حتى يتحقق عند الخلق انه الحسين بن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله فاذا تحقق وعلم جاء الحجة عليه السلام الموت فتقتله سعيدة التميمية لعنها الله ترميه بجاون ( من خ ) صخر من فوق سطح وهو متجاوز في الطريق كما روي وهذه المرأة ( ام لحية خ ) لها لحية مثل لحية الرجل فاذا قتلته تولى تغسيله ( وتكفينه خ ) ودفنه الحسين عليه السلام وقام ( وامام خ ) بالامر بعده ثمان سنين ثم يقوم عليّ عليه السلام لنصرة ابنه الحسين عليه السلام ثم يقتل عليّ ثم يرجع اخر الرجعات مع شيعته ويأتي تمام هذا الكلام وذلك يشعر بان الرجعة التي وقع الكلام والخلاف فيها هي الاخيرة التي اولها خروج الحسين عليه السلام واما قيام القائم عليه السلام فليس منها وان كانت متصلة به وانما تسمى ( يسمى خ ) بالرجعة باعتبار ملاحظة رجوع من يرجع معه من اهل القبور

فصل - في علامات الرجعة ومن علامات الرجعة ما رواه المفيد في المجالس بسنده الى حذيفة بن اليمان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يميز الله اولياءه واصفياءه حتى يطهر الارض من المنافقين والضالين وابناء الضالين وحتى يلتقى الرجل يومئذ خمسون امرأة هذه تقول يا عبد الله اشترني وهذه تقول يا عبد الله اوني وفي جامع الاخبار عن النبي صلى الله عليه وآله ان في العشر بعد ستمائة الخروج والقتل ( القتلي خ ) تمتلي الارض ظلما وجورا وفي العشرين بعدها يقع موت العلماء لا يبقى الرجل بعد الرجل وفي الثلاثين ( بعدها خ ) ينقص النيل والفرات حتى لا يزرع الناس على شطهما وفي الاربعين بعدها تمطر السماء الحجر كامثال البيض يهلك البهائم فيها وفي الخمسين بعدها يسلط عليهم السباع وفي الستين ( بعدها خ ) تنكسف الشمس فيموت نصف الجن والانس وفي السبعين بعدها لا يولد المؤمن من المؤمنين وفي الثمانين بعدها تصير النساء كالبهم وفي التسعين بعدها تخرج دابة الارض ومعها عصي ادم وخاتم سليمان وفي السبع ‌مائة ( بعدها خ ) تطلع الشمس سوداء مظلمة ولا تسئلوا عما ورائها وفي خبر اخر وفي الثمانين وسبعمائة تظهر امرأة يقال لها سعيدة مع لحية وسبال مع الدجال ( الرجال خ ) تأتي من الصعيد في مأتي الف عنان وتصير ( تسير خ ) الى العراق وهذه قصة طويلة عظيمة وفي سنة سبع وثمانين وسبع‌مائة يظهر من الروم رجل يقال له المزيد في سبعماة قنطارية ( قنطارة خ ) وهي علم على كل علم قنطارية صليب تحت كل صليب الف فارس افرنجي ( وخ ) نصراني وهذه قصة عظيمة طويلة وفي زمانه يخرج رجل من مكة يقال له سفيان بن حرب وفي خبر اخر من وقت خروجه الى ظهور قائم آل محمد صلى الله عليه وآله ثمان اشهر لا تكون زيادة يوم ولا نقصان يوم اقول وهذا الحديث مقطوع مرسل وكتاب جامع الاخبار الذي نقلت منه هذه الاخبار قد استثناه الشيخ محمد بن الحسن الحر رحمه الله مع ما استثناه من الكتب فلم ينقل منها شيئا وقال هذه كتب غير معتمد عليها لعدم ثبوت اسانيدها وعدم ( مع خ ) العلم بثبوت مؤلفيها وينسب الى الصدوق الى اخر كلامه وقال الشيخ محمد باقر المجلسي وينسب الى الصدوق وظني انه تأليف بعض المتأخرين ولم اظفر بمؤلفه على ( عن خ ) التعيين ونقل عنه انه لمحمد بن محمد الشعيري وقال بعض المشايخ ان جامع الاخبار من مصنفات الفقيه جعفر بن محمد الدويسي ( وخ ) قال بعض المشايخ وقفت على نسخة صحيحة عتيقة جدا في دار السلطنة اصفهان وفيها تم الكتاب على يد مصنفه الحسن بن محمد السبزواري وعلى تقدير صحتها فقائله اعلم بما قال لانه لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى صلى الله عليه وآله ويحمل على نحو ما ذكرنا او على انه بدا فيه لله سبحانه بمحو او بتأخير او على انها وقعت فيما سبق ولا ضرر فيه كما ثبت ( على خ ) ان ملك بني امية وبني العباس من اشراط الساعة وكذلك انشقاق القمر وكذلك بعثته صلى الله عليه وآله كما قال بعثت انا والساعة كهاتين واشار بسبابته والوسطى ويحتمل ان يراد بقوله صلى الله عليه وآله في العشر بعد ستمائة الخ ما يكون بعد الالف السابع كما قد يشير اليه حديث ابي ‌لبيد المخزومي فانه قد يبنى على ما دل عليه هذا الخبر وقوله يقال له سفيان بن حرب هو السفياني من ذرية سفيان بن حرب وفي رواية ان اسمه عثمان بن عنبسة ولعل تسميته في الخبر الاول تكنية عنه او لانه من ذريته ذرية عتبة بن ابي ‌سفيان او على طريقته وطبيعته وقوله من وقت خروجه الى خروج السفياني الى ظهور قائم آل محمد صلى الله عليه وآله ثمان اشهر لانه يخرج في السنة التي يظهر فيها القائم عليه السلام يخرج في العاشر من جمادي الاولى ويظهر القائم عليه السلام في العاشر من المحرم يكون بينهما ثمان اشهر لا تكون من زيادة يوم ولا نقصان يوم وروي ان الدجال لعنه الله ايضا يخرج من اصفهان او من سجستان على اختلاف الروايتين في يوم خروج السفياني ويحتمل الجمع بين الروايتين ان سجستان محل ولادته واصفهان محل خروجه لانه الان محبوس في بئر في قرية من قرى اصفهان يقال لها اليهودية وفي غيبة النعماني بسنده الى محمد بن بشير قال سمعت محمد بن الحنفية يقول ان قبل رايتنا راية لآل جعفر ولآل مرداس فاما راية عتبة بن ابي سفيان ( راية جعفر خ ) فليست بشيء ولا الى شيء فغضبت وكنت اقرب الناس اليه فقلت جعلت فداك ان قبل راياتكم راية قال اي والله ان لبني‌مرداس ملكا موطئا لا يعرفون في سلطانهم شيئا من الخير سلطانهم عسر ليس فيه يسر يدنون فيه البعيد ويقصون فيه القريب حتى اذا امنوا مكر الله وعقابه صيح بهم صيحة لم يبق لهم مناد يسمعهم ولا جماعة يجتمعون اليهم وقد ضربهم الله مثلا في كتابه حتى اذا اخذت الارض زخرفها وازينت الاية ثم حلف محمد بن الحنفية بالله ان هذه الاية نزلت فيهم فقلت جعلت فداك لقد حدثتني عن هؤلاء بامر عظيم فمتى يهلكون فقال ويحك يا محمد ان الله خالف علمه علم ( وقت خ ) الموقتين وان موسى عليه السلام وعد ثلثين ليلة وكان في علم الله عز وجل زيادة عشرة ايام لم يخبر بها موسى عليه السلام فكفر قومه واتخذوا العجل من بعده لما جاز عنهم الوقت وان يونس وعد قومه العذاب وكان في علم الله ان يعفو عنهم وكان في امر ما قد علمت ولكن اذا رأيت الحاجة قد ظهرت وقال الرجل بت الليلة ( الليل خ ) بغير عشاء وحتى يلقاك الرجل بوجه ثم يلقاك بوجه اخر قلت هذه الحاجة قد عرفتها والاخرى اي شيء هي قال يلقاك بوجه طلق فاذا لقيته تستقرض ( يستقرض خ ) منه قرضا لقيك بغير ذلك الوجه فعند ذلك تقع الصيحة من قريب اقول قوله لآل مرداس يعني به العباس ( بني العباس خ ) بن مرداس السلمي كني به عن بني العباس لاجل المشاركة في الاسم وقوله يلقاك بوجه طلق الخ يريد ( به خ ) انه اذا وقعت الحاجة باحدكم حتى انه يبيت بغير عشاء فيلقاه قبل ان يعلم بحاجته بوجه طلق فاذا اتاه يستقرضه عبس في وجهه فاذا كان ذلك فتوقعوا الصيحة بهم ومن العلامات العامة ما رواه في جامع الاخبار عن جابر بن عبد الله الانصاري ( انه خ ) قال حججت مع رسول الله صلى الله عليه وآله حجة الوداع فلما قضى النبي صلى الله عليه وآله ما افترض عليه من الحج اتى مودع ( يودع خ ) الكعبة فلزم حلقة الباب ونادى برفيع ( برفع خ ) صوته ايها الناس فاجتمع اهل المسجد واهل السوق فقال اسمعوا ما اني ( باني خ ) قائل ما هو بعدي كائن فليبلغ شاهدكم غائبكم ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى بكى لبكائه الناس اجمعون فلما سكت من بكائه قال اعلموا رحمكم الله ان مثلكم في هذا اليوم كمثل ورق لا شوك فيه الى اربعين ومائة سنة ثم يأتي من بعد ذلك شوك وورق الى مائة سنة ( ثم خ ) تأتي من بعد ذلك شوك لا ورق فيه حتى لا يرى فيه الا سلطان جائر او غني بخيل او عالم راغب في المال او فقير كذاب او شيخ فاجر او صبي وقح او امرأة رعناء ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وآله فقام اليه سلمان الفارسي رحمه الله وقال يا رسول الله اخبرنا متى يكون ذلك فقال عليه السلام يا سلمان اذا قلت علماؤكم وذهبت قراؤكم وقطعتم زكوتكم واظهرتم منكراتكم وعلت اصواتكم في مساجدكم وجعلتم الدنيا فوق رؤسكم والعلم تحت اقدامكم والكذب حديثكم والغيبة فاكهتكم والحرام غنيمتكم لا يرحم كبيركم صغيركم ولا يوقر صغيركم كبيركم فعند ذلك تنزل اللعنة عليكم ويجعل بأسكم بينكم وبقي الدين بينكم لفظا بالسنتكم فاذا اوتيتم ( رايتم خ ) هذه الخصال توقعوا الريح او مسخا او قذفا ( قذفة خ ) بالحجارة وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل قل هو القادر على ان يبعث عليكم عذابا من فوقكم او من تحت ارجلكم او يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الايات لعلهم يفقهون فقام اليه جماعة من الصحابة فقالوا يا رسول الله اخبرنا متى يكون ذلك فقال (ص) عند تأخير الصلوة ( الصلوات خ ) واتباع الشهوات وشرب القهوات وشتم الاباء والامهات حتى يرون الحرام مغنما والزكوة مغرما واطاع الرجل زوجته وجفا جاره وقطع رحمه وذهبت رحمة الاكابر وقل حياء الاصاغر وشيدوا البنيان وظلموا العبيد والاماء وشهدوا بالهوى وحكموا بالجور ويسب الرجل اباه ويحسد الرجل اخاه ويعامل الشركاء بالخيانة وقل الوفاء وشاع الزنا وتزين الرجال بثياب النساء وتزين النساء بثياب الرجال وسلب عنهن ثياب الحياء ودب الكبر في القلوب كدبيب السم في الابدان وقل المعروف وظهرت الجرائم وهونت العظائم وطلبوا المدح بالمال وانفقوا المال للغناء وشغلوا بالدنيا عن الاخرة وقل الورع وكثر الطمع والهرج والمرج واصبح المؤمن ذليلا والمنافق عزيزا مساجدهم معمورة بالاذان وقلوبهم خالية من الايمان بما استخفوا بالقرءان وبلغ المؤمن عنهم كل هوان فعند ذلك ترى وجوههم وجوه الادميين وقلوبهم قلوب الشياطين كلامهم احلي من العسل وقلوبهم امر من الحنظل فهم ( منهم خ ) ذئاب عليهم ثياب ما من يوم الا يقول الله تعالى افبي تغترون ام عليّ تجبرون ( تجهرون خ تجترون خ‌ل ) افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون فوعزتي وجلالي لولا من يعبدني مخلصا ما امهلت من عصاني طرفة عين ولولا ورع الورعين من عبادي لما انزلت من السماء قطرة ولا انبت ورقة خضراء فواعجبا لقوم الهتهم اموالهم وطالت امالهم وقصرت اجالهم وهم يطمعون في مجاورة مولاهم ولا يصلون الى ذلك الا بالعمل ولا يتم العمل الا بالعقل اقول الوقح قلة الحياء والرعناء الحمقاء والقهوة الخمر وهذا الحديث وامثاله ذكر فيها اشراط مطلق الساعة لا خصوص الرجعة التي هي الساعة الصغرى وان كان اكثرها من اشراطها وكلها قبلها وقوعا منها المحتوم ومنها ما فيه البداء ومنها ما كان ومنها ما محي ومنها ما يمحي ومنها ما يكون

فصل - ومنها ما هو مخصوص بقيام القائم عليه السلام والرجعة فمن ذلك ما رواه الطوسي في غيبته عن عامر بن واثلة عن امير المؤمنين عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله عشر قبل الساعة لا بد منها ( خروج خ ) السفياني والدجال والدخان وخروج القائم عليه السلام وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم عليه السلام وخسف بالمشرق ( وخسف بالمغرب خ ) وخسف بجزيرة العرب ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس الى المحشر وروي فيه ايضا ( انه خ ) قال قال امير المؤمنين عليه السلام بين يدي القائم موت احمر وموت ابيض وجراد في حينه وجراد في غير حينه كالوان الدم فاما الموت الاحمر بالسيف واما الموت الابيض فالطاعون وفي الاكمال عن ابي عبد الله عليه السلام ( انه خ ) قال لا يكون هذا الامر حتى يذهب ثلثا الناس فقيل له فاذا ذهب ثلثا الناس فما يبقى قال عليه السلام اما ترضون ان تكونوا الثلث الباقي وعنه عن سليمان بن خالد قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول قدام القائم عليه السلام موت احمر وموت ابيض حتى يذهب من كل سبعة خمسة الموت الاحمر السيف والموت الابيض الطاعون وفي غيبة النعماني عن عباية بن ربعي قال دخلت على امير المؤمنين عليه السلام وانا خامس خمسة واصغر القوم سنا فسمعته يقول حدثني اخي رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال اني خاتم الف نبي وانك ( انت خ ) خاتم الف وصي وكلفت ما لم يكلفوا فقلت ما انصفك القوم فقال ليس حيث تذهب يا ابن اخي والله لاعلم الف كلمة لا يعلمها غيري وغير محمد صلى الله عليه وآله وانهم ليقرؤن منها اية في كتاب الله عز وجل وهي واذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا باياتنا لا يوقنون وما يتدبروها ( ما يتدبرونها خ ) حق تدبرها الا اخبركم باخر ملك بني فلان قلنا بلى يا امير المؤمنين قال قتل نفس حرام في يوم حرام في بلد حرام من قوم قريش والذي فلق الحبة وبرء النسمة ما لهم ملك بعده غير خمسة‌عشر ليلة قلنا هل قبل هذا شيء او بعده فقال صيحة في شهر رمضان تفزع اليقظان وتوقظ النائم وتخرج الفتاة من خدرها وفيه ايضا قال قال امير المؤمنين عليه السلام لا يقوم القائم عليه السلام حتى تفقأ عين الدنيا وتظهر الحمرة في السماء وتلك دموع حملة العرش على اهل الارض وحتى يظهر منهم قوم لا خلاق لهم يدعون لولدي وهم براء من ولدي تلك عصابة ردية لا خلاق لهم على الاشرار مسلطة وللجبابرة مفتنة للملوك مبيرة يظهر في سواد الكوفة يقدمهم رجل اسود اللون والقلب راث ( رث خ ) الدين لا خلاق له ( لهم خ ) مهجن زنيم عتل تداولتهم ايدي العواهر من الامهات من شر نسل لاسقاها الله المطر في سنة اظهار غيبة المغيب ( المتغيب خ ) من ولدي صاحب الراية الحمراء والعلم الاخضر اي يوم للمحبين بين الانبار وهيت ذلك ( يوم فيه خ ) صيلم الاكراد والشراد ( الشراة خ ) وخراب دار الفراعنة ومسكن الجبابرة ومأوى الولاة الظلمة ام البلايا واخت العار ( العاد خ ) تلك ورب عليّ يا عمر بن سعد بغداد الا لعنة الله على العصاة من بني امية وبني العباس الخونة الذين يقتلون الطيبين من ولدي ولا يراقبون فيهم ( فيه خ ) ذمتي ولا يخافون الله فيما يفعلون بحرمتي ان لبني العباس يوما كيوم الطيوح ولهم فيه صرخة كصرخة الحبلي الويل لشيعة ولد العباس من الحرب التي نتج ( تبيح خ ) ( سنح ظ ) بين نهاوند والدينور تلك حرب صعاليك شيعة على يقدمهم رجل من همدان اسمه على اسم النبي صلى الله عليه وآله منعوت موصوف باعتدال الخلق وحسن الخلق ونضارة اللون له في صوته ضحك وفي اشفاره وطف وفي عنقه سطح فرق الشعر مفلج الثنايا على فرسه كبدر تجلي عنه الغمام يصير بعصابة خير عصابة اوت وتقربت ( ودانت خ ) لله بدين تلك الابطال من العرب الذين يلحقون حرب الكريهة والدبرة يومئذ على الاعداء ان للعدو يوم ذاك الصيلم والاستيصال ه‍ اقول المهجن هو ابن الامة ومن ابوه خير من امه والزنيم الملحق بقوم ليس منهم والعتل بضم العين والتاء مشدد اللام الشديد الجافي الفظ الغليظ من الناس والانبار موضع بالعراق قديم وهيت بالكسر بلد بالعراق معروفة والصيلم الامر الشديد والداهية والسيف والوجبة والطيوح جمع طيحة الامور التي تفرقت بينهم واوقعتهم في مضيعة ونهاوند بلد من بلاد الجبل جنوبي همدان والدينور بكسر الدال بلد والصعاليك الفقراء والوطف محركة كثرة شعر الحاجبين والعينين والسطح الانبساط والتسوية والفرق الطريق في شعر الرأس ومفلج الثنايا متباعد الثنايا والكريهة الشدة والدبرة الهزيمة في القتال ونقيض الدولة ه‍ وهذا الحديث وان كان راويه عمر بن سعد لعنه الله الا انه صحيح بشهادة قرينة كونه على خلاف راويه لتضمنه التعريض به والانتقام منه ولما ورد عنهم عليهم السلام ان لنا اوعية نملأها علما لتنقلها الى شيعتنا ( خذوها خ ) وصفوها تجدوها نقية واياكم والاوعية فانها اوعية سوء فتنكبوها او كما قالوا عليهم السلام ولاشتماله على الاخبار بقتل الذرية الطيبة وعلى الاخبار بقيام القائم عليه السلام للانتقام من قاتليهم وعلى ثبوت الرجعة في الجملة وعلى تواطئ المخالف والمؤالف على ذلك وفي كفاية الاثر في النصوص على الائمة الاثني‌ عشر للشيخ السعيد عليّ بن محمد بن عليّ الخزار ( الخزاز خ ) القمي باسناده عن علقمة بن قيس قال خطبنا امير المؤمنين عليه السلام على منبر الكوفة خطبة اللؤلؤة قال فيما قال في اخرها الا واني ظاعن عن قريب ومنطلق الى المغيب فارتقبوا الفتنة الاموية والمملكة ( الملكة خ ) الكسروية واماتة ما احياه الله واحياء ما اماته الله واتخذوا صوامعكم بيوتكم وعضوا على مثل جمر الغضا واذكروا الله كثيرا فذكره اكبر لو كنتم تعلمون ثم قال وتبني مدينة يقال لها الزوراء بين دجلة ودجيل والفرات فلو رايتموها مشيدة بالجص والاجر مزخرفة بالذهب والفضة واللازورد والمرمر والرخام وابواب العاج والابنوس والخيم والقباب والستارات وقد عليت بالساج والعرعر والصنوبر والشب وشيدت بالقصور وتوالت عليها ملوك ( ملك من خ ) بني‌شيصبان اربعة وعشرون ملكا فيهم السفاح والمقلاص والجموح والخدوع والمظفر والمؤنث والنظار والكبش والمهتور والعشار والمصطلم والمستصعب والعلام والرهبان والخليع والسيار والمترف والكديد والاكتب والمترف والاكلب والوسم ( الوسيم خ ) والضلام والغيوق ( العينوق خ ) وتعمل القبة الغبراء ذات العلاة الحمراء وفي عقبها قائم الحق يسفر عن وجهه بين الاقاليم كالقمر المضيء بين الكواكب الدرية الا وان لخروجه علامات عشرة اولها طلوع الكوكب ذي‌الذنب ويقارب من الحاوي ويقع فيه هرج ومرج شعب وتلك علامات الخصب ومن العلامة الى العلامة عجيب فاذا انقضت العلامات العشرة اذ ذاك يظهر القمر الازهر وتمت كلمة الاخلاص لله على التوحيد اقول الشيصبان اسم الشيطان والزوراء مسكن الجبابرة ام البلايا واخت العار ( العاد خ ) وهي مأوى بني‌شيصبان من بني‌سابع فعمارتها من اشراط الاولى وخرابها من اثار الاولى واشراط الاخرى دمر الله عليهم وللكافرين امثالها وفي اكمال الدين عن الثمالي قال قلت لابي عبد الله عليه السلام ان ( انا سمعت خ ) ابا جعفر عليه السلام كان يقول ان خروج السفياني من الامر المحتوم قال لي نعم واختلاف ولد العباس من المحتوم وقتل النفس الزكية من المحتوم وخروج القائم عليه السلام من المحتوم فقلت فكيف يكون النداء قال ينادي مناد من السماء اول ( اوائل خ ) النهار الا ان الحق في عليّ وشيعته ثم ينادي ابليس لعنه الله في اخر النهار الا ان الحق في السفياني وشيعته فيرتاب عند ذلك المبطلون وفيه عن محمد بن مسلم قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول القائم منصور بالرعب مؤيد بالنصر تطوى له الارض وتظهر له الكنوز ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب ويظهر الله عز وجل به دينه ولو كره المشركون فلا يبقى في الارض خراب الا عمر وينزل روح الله عيسى بن مريم عليه السلام فيصلي خلفه فقلت له يا ابن رسول الله متى يخرج قائمكم قال اذا تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء وركب ذوات الفروج السروج وقبلت شهادة الزور وردت شهادات ( شهادة خ ) العدول واستخف الناس بالدماء وارتكاب الزنا واكل الربوا واتقى الاشرار مخافة السنتهم وخروج السفياني من الشام واليماني باليمن وخسف بالبيداء وقتل غلام من آل محمد صلى الله عليه وآله بين الركن والمقام اسمه محمد بن الحسن النفس الزكية وجاءت صيحة من السماء بان الحق فيه وفي شيعته فعند ذلك خروج قائمنا فاذا خرج اسند ظهره الى الكعبة واجتمع اليه ثلثمائة وثلاثة ‌عشر رجلا واول ما ينطق به هذه ( بهذه خ ) الاية بقية الله خير لكم ان كنتم مؤمنين ثم يقول انا بقية الله في ارضه فاذا اجتمع اليه عشرة الاف رجل خرج فلا يبقى في الارض معبود دون الله عز وجل من صنم وغيره الا وقعت فيه نار فاحترق ذلك بعد غيبة طويلة ليعلم الله من يطيعه بالغيب ويؤمن به اقول قد ذكرنا ان خروج الدجال من اصفهان وخروج السفياني من الوادي اليابس في يوم واحد وهو العاشر من جمادي الاولى في السنة التي يخرج فيها قائم آل محمد (ص) في العاشر من المحرم فيكون بين خروجهما وبين قيامه ثمانية اشهر لا تزيد يوما ولا تنقص يوما وفي يوم خروجهما يخرج اليماني الحسنى ويخرج الخراساني وليس في الرايات اهدي من راية اليماني وهي راية هدى لانه يدعو الى الحق والى طريق مستقيم والخسف بالبيداء خسف بعسكر السفياني لا ينجو منهم الا رجلان من جهينة فلذلك جاء القول وعند جهينة الخبر اليقين وذلك بعد ان ترد عساكره جيشين جيش الى بابل وجيش الى المدينة وينحدرون من بابل الى الكوفة وتكثر فيها سفك الدماء ويهدم حائط مسجد الكوفة ويقتل النفس الزكية بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين ويظهر في قرص الشمس في شهر رجب جسد بلا رأس وكف يطلع من السماء وهو من المحتوم وخروج السفياني من المحتوم وخسف عسكره بالبيداء من المحتوم والصوت من السماء من المحتوم ينادي جبرئيل عليه السلام اول فجر اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان بصوت يسمعه جميع الخلايق كل بلغته الا ان الحق مع عليّ وشيعته وينادي ابليس في الارض عند غروب شمس ذلك اليوم بصوت يسمعه جميع الخلايق كل بلغته الا ان الحق مع ( في خ ) السفياني وشيعته فعند ذلك يرتاب المبطلون ومدة ملكه تسعة اشهر بقدر حمل امرأة لا يزيد ولا ينقص فيكون ملكه بعد خروج القائم عليه السلام شهرا واحدا لانه يملك قبل خروجه بثمانية ( ثمانية خ ) اشهر وقتل النفس الزكية من المحتوم وهو ايضا من آل محمد صلى الله عليه وآله غير النفس الزكية الذي يقتل بظهر الكوفة و ( فان خ ) هذا يقتل بين الركن والمقام في الخامس والعشرين من ذي ‌الحجة الحرام وليس بين قتله وظهور القائم عليه السلام الا خمس ‌عشرة ليلة لانه عليه السلام يظهر في العاشر من المحرم يوم الجمعة وتنكسف الشمس ( في النصف خ ) من شهر رمضان تلك السنة وينخسف القمر في اخره وروى في الليلة الخامسة منه وعند ذلك يبطل حساب المنجمين ويكون من العشرين في جمادي الاولى الى اخر جمادي الثانية يتصل المطر المطرة خلف المطرة حتى تقع ( يقع خ ) اكثر بيوت اهل الدنيا وفي اول شهر رجب تنبت لحوم من يريد الله رجوعه من الاموات فيحيون وهو قول امير المؤمنين عليه السلام عجب واي عجب بين جمادي ورجب

فصل - في ذكر بعض احوال السفياني لعنه الله على ما نلتقطه من الروايات على جهة الاقتصار يقبل السفياني من بلاد الروم فينظر في عنقه صليب وهو صاحب القوم فيملك قدر حمل امرأة تسعة اشهر يخرج بالشام فتنقاد له اهل الشام الا طوائف من المقيمين على الحق يعصمهم الله من الخروج معه ويأتي المدينة بجيش جرار حتى اذا انتهى الى بيداء المدينة خسف الله به وذلك قول الله عز وجل ولو ترى اذ فزعوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب قال امير المؤمنين عليه السلام اذا اختلف رمحان بالشام لم تنجل الا عن اية من ايات الله قيل وما هي يا امير المؤمنين قال رجفة تكون بالشام يهلك فيها اكثر من مائة الف يجعله الله رحمة للمؤمنين وعذابا للكافرين فاذا كان كذلك فانظروا الى اصحاب البراذين الشهب المحذوفة والرايات الصفر تقبل من المغرب حتى تحل بالشام وذلك عند الجزع ( الجوع خ ) الاكبر والموت الاحمر فاذا كان ذلك فانظروا خسف قرية من قرى دمشق يقال لها حرشا فاذا كان ذلك خرج ابن اكلة الاكباد من الوادي حتى يستوي على منبر دمشق فاذا كان ذلك خرج المهدي عليه السلام اقول المراد بالمحذوفة مقطوعة الاذان والاذناب او قصرهما والمراد بالوادي الوادي اليابس حتى ينزل فيبعث جيشين جيش ( جيشا خ ) الى المشرق واخر الى المدينة حتى ينزلوا بارض بابل من المدينة الملعونة يعني بغداد فيقتلون اكثر من ثلاثة الاف ويفضحون اكثر من مائة امرأة ويقتلون ثلثمائة كبش من بني العباس ثم ينحدرون الى الكوفة فيخربون ما حولها ثم يخرجون متوجهين الى مكة حتى اذا كانوا بالبيداء بعث الله جبرئيل فيقول يا جبرئيل اذهب فابدهم فيضربها برجله ضربة يخسف الله بهم عندها ولا يفلت منهم الا رجلان من جهينة فلذلك جاء القول عند جهينة الخبر اليقين وفي تفسير العياشي يقال لهما وتر ووتيرة من مراد فلذلك قوله ولو ترى اذ فزعوا الى اخرها اورده التغلبي في تفسيره وروى اصحابنا مثله وفي غيبة النعماني قال الباقر عليه السلام ان لولد العباس والمرواني لوقعة بقرقيسا يشيب فيها الغلام الخرور ويرفع الله عنهم النصر ويوحي الى طير السماء وسباع الارض اشبعي من لحوم الجبارين ثم يخرج السفياني اقول الخرور بالخاء المعجمة الذي يخر في مشيه لضعفه وصغره وبالمهملة الحار المزاج لانه ابعد من الشيب وفيه عن ابي جعفر الباقر عليهما السلام قال السفياني احمر اشقر ازرق لم يعبد الله قط ولم ير مكة ولا المدينة قط يقول يا رب ثاري والنار يا رب ثاري والنار اقول في النسخة التي نقلت منها الحديث والثار بالثاء المثلثة وفيه تأكيد يعني يا رب بلغني اخذ ثاري يا رب بلغني اخذ ثاري وفيه بعد ويحتمل ( ان يكون خ ) بالنون والمعنى يا رب بلغني اخذ ثاري وان كان فيه النار لانه ( كان خ ) يؤمن بالبعث او جرى على لسانه على العادة او على فرض الوقوع يا رب بلغني اخذ ثاري وادخلني النار وهذا اقرب وفي الاكمال قال امير المؤمنين عليه السلام يخرج ابن اكلة الاكباد من الوادي اليابس وهو رجل ربعة وحش الوجه ضخم الهامة بوجهه اثر الجدري اذا رأيته حسبته اعور اسمه عثمان وابوه عنبسة وهو من ولد ابي ‌سفيان حتى يأتي ارض قرار ومعين فيستوي على منبرها وفي امالي الطوسي عن ابي عبد الله عليه السلام انا وال ابي سفيان اهل بيت ( بيتين خ ) تعادينا في الله قلنا صدق الله وقالوا كذب الله قاتل ابو سفيان رسول الله صلى الله عليه وآله وقاتل معوية عليّ بن ابي ‌طالب صلوات الله عليه وقاتل يزيد بن معوية الحسين بن عليّ عليهما السلام والسفياني يقاتل القائم عليه السلام وفي الاكمال عن ابي عبد الله عليه السلام ( انه قال خ ) ان امر السفياني من الامر المحتوم وخروجه في رجب اقول الظاهر ان المراد به بدء قتاله او قتاله لمن رجع من الاموات وفيه عن عمر بن يزيد ( انه خ ) قال قال لي ابو عبد الله الصادق عليه السلام انك لو رأيت السفياني رأيت اخبث الناس اشقر احمر ازرق يقول يا رب يا رب يا رب ثم للنار ولقد بلغ من خبثه انه يدفن ام ولد له وهي حية مخافة ان تدل عليه اقول قال في العوالم توضيح قوله ثم للنار اي ثم مع اقراره ظاهرا بالرب يفعل ما يستوجب للنار ( النار خ ) ويصير اليها والاظهر يا رب ثاري وثاري مكررا واقول قوله ثم للنار يؤيد التوجيه الثاني فيما تقدم وفيه عن عبد الله بن ابي ‌منصور قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن اسم السفياني فقال وما تصنع باسمه اذا ملك كور الشام الخمس دمشق وحمص وفلسطين والاردن وقنسرين فتوقعوا عند ذلك الفرج قلت يملك تسعة اشهر قال لا ولكن يملك ثمانية اشهر لا تزيد يوما اقول لعل الجمع بينه وبين ما تقدم من انه يملك تسعة اشهر ان الشهر المتقدم منها لم يكن له ملك فيه فان قلت يلزم ان تكون مدة ملكه سبعة قلت نعم ولكن الثامن بعد قيام الحجة عليه السلام قبل قتله وربما يمكن الاستدلال على هذا بما تقدم من انه يخرج في رجب وبقول الصادق عليه السلام ان السفياني يملك بعد ظهوره على ( عن خ ) الكور الخمس حمل امرأة ثم قال استغفر الله حمل حمل وهو من المحتوم الذي لا بد منه فقوله عليه السلام استغفر الله لعله استدرك ( استدراك خ ) مما حدد لانه بعد ثبوت ان بين خروجه وظهور القائم عليه السلام ثمانية اشهر وحمل المرأة يفهم منه تسعة اشهر لجواز اطلاق الملك على اول خروجه وعلى اول ظهوره فله اعتباران فعلى الاول ثمانية ( اشهر خ ) وعلى الثاني تسعة ومنه عن ابي عبد الله عليه السلام ( انه قال خ ) كأني بالسفياني او بصاحب السفياني قد طرح رحله في رجعتكم بالكوفة فنادي مناديه من جاء برأس رجل من شيعة على فله الف درهم فيثب الجار على جاره ويقول هذا منهم فيضرب عنقه ويأخذ الف درهم اما ان امارتكم يومئذ لا تكون الا لاولاد البغايا وكأني انظر الى صاحب البرقع قلت ومن صاحب البرقع فقال رجل منكم يقول بعضكم بقولكم يلبس البرقع فيحوشكم فيعرفكم ولا تعرفونه فيغمز بكم رجلا رجلا اما انه لا يكون الا ابن بغي ومن غيبة النعماني عن ابي عبد الله عليه السلام قال السفياني من المحتوم وخروجه من اول خروجه الى اخره خمسة‌عشر شهرا ستة اشهر يقاتل فيها فاذا ملك الكور ملك تسعة اشهر ولم يزد عليها يوما اقول ويمكن حمل هذا الحديث على ( ارادة خ ) ان اول خروجه من حين طلبت نفسه اخذ الثار قبل بعث العساكر الى الكوفة والمدينة وان الستة اشهر هي مدة تملكه الكور الخمس كما هو منطوق ( خبر خ ) غيبة الطوسي واما ما دل ليس بين خروجه وبين قيام القائم عليه السلام الا ثمانية اشهر فالمراد به اول خروجه بالبعوث والشهر التاسع ما بعد قيام القائم عليه السلام قبل ان يقتله الحجة عليه السلام وفي كتاب سرور اهل الايمان عن الحضرمي قال قلت لابي عبد الله عليه السلام كيف نصنع اذا خرج السفياني قال تغيب الرجال وجوهها منه وليس على العيال بأس فاذا ظهر على الاكوار الخمس يعني كور الشام فانفروا الى صاحبكم وفي امالي الطوسي عن هشام بن سالم قال قال ابو عبد الله عليه السلام وذكر السفياني فقال اما الرجال فتوارى وجوهها ( وجوههم خ ) عنه واما النساء فليس عليهن بأس وفي غيبة النعماني عن الحسين بن ابراهيم قال قلت للرضا عليه السلام اصلحك الله انهم يتحدثون ان السفياني يقوم وقد ذهب سلطان بني العباس فقال كذبوا انه يقوم وان سلطانهم لقائم وفيه عن داود بن ابي‌ القاسم قال كنا عند ابي جعفر محمد بن عليّ الرضا صلوات الله عليهما فجرى ذكر السفياني وما جاء في الرواية من ان امره من المحتوم فقلت لابي جعفر عليه السلام هل يبدو لله في المحتوم قال نعم قال له فيجاز ان يبدو لله في القائم عليه السلام قال القائم من الميعاد اقول قال في العوالم بيان وتحقيق قلت للمحتوم معان يمكن البداء في بعضها وقوله من الميعاد اشارة الى انه لا يمكن البداء فيه لقوله تعالى ان الله لا يخلف الميعاد والحاصل ان هذا شيء وعد الله رسوله واهل بيته ليصبرهم على المكاره التي وصلت اليهم من المخالفين والله لا يخلف وعده ثم انه يحتمل ان يكون المراد بالبداء في المحتوم البداء في خصوصياته لا في اصل وقوعه كخروج السفياني قبل ذهاب بني العباس ونحو ذلك انتهى ( اقول خ ) والظاهر ان مراده عليه السلام ان المحتوم ما لم يقع لم يكن مستحيلا فيمكن تغييره وقيام القائم عليه السلام كذلك ولكنه من اللطف والله سبحانه لا يمنع لطفه ( من خ ) عباده لا انه لا يمكن تغييره وكذلك خروج السفياني الا انه ليس في الظاهر لطفا فاجاز فيه ما يمكن في نفس الامر مع انه لا بد ان يكون لانه مستلزم اللطف وذلك كما قال ( الله خ ) تعالى يستعجلونك بالعذاب ولن‌يخلف الله وعده لان العذاب وان لم يكن في نفسه لطفا لكنه نصر لانبيائه على اعدائه ( اعدائهم خ ) وشفاء لصدورهم وكذلك خروج السفياني كما قال امير المؤمنين صلوات الله عليه رجفة تكون بالشام يهلك فيها اكثر من مائة الف يجعله الله رحمة للمؤمنين وعذابا للكافرين ( كما تقدم خ )

فصل - في ذكر بعض احوال الدجال روي في غيبة النعماني من الانجيل عن عبد الله بن سليمان وكان قاريا في الكتب قال قرأت في الانجيل وذكر اوصاف النبي صلى الله عليه وآله الى ان قال تعالى ( لعيسى خ ) ارفعك الى ثم اهبطك في اخر الزمان لترى من امة ذلك النبي صلى الله عليه وآله العجائب ولتعينهم على اللعين الدجال اهبطك في وقت الصلوة لتصلي معهم انهم امة مرحومة وفي الاكمال بسنده عن نافع عن ابن عمه قال ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى ذات يوم باصحابه الفجر ثم قام مع اصحابه حتى اتى باب دار المدينة ( بالمدينه ظ ) فطرق الباب فخرجت اليه امرأة فقالت ما تريد يا ابا القاسم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا ام عبد الله استأذني لي على عبد الله فقالت يا ابا القاسم وما تصنع بعبد الله فوالله انه لمجهود في عقله يحدث في اثوابه ( ثوبه خ ) وانه ليراودني على الامر العظيم فقال استأذني لي عليه فقالت على ( اعلى خ ) ذمتك قال نعم قالت فادخل ( فادخل فدخل خ ) فاذا هو في قطيفة له يهيم فيها فقالت امه اسكت واجلس هذا محمد قد اتاك فسكت وجلس فقال النبي صلى الله عليه وآله ما لها لعنها الله لو تركتني لاخبرتكم اهو هو ثم قال له النبي صلى الله عليه وآله ما ترى قال اري حقا وباطلا واري عرشا على الماء فقال اشهد الا اله الا الله واني رسول الله فقال بل تشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله فماجعلك الله بذلك احق مني فلما كان في اليوم الثاني صلى صلى الله عليه وآله باصحابه الفجر ثم نهض فنهضوا معه حتى طرق الباب فقالت امه ادخل فدخل فاذا هو في نخلة يغرد فيها فقالت امه اسكت وانزل هذا محمد قد اتاك فسكت فقال النبي صلى الله عليه وآله ما لها لعنها الله لو تركتني لاخبرتكم اهو هو فلما كان في اليوم الثالث صلى صلى الله عليه وآله باصحابه الفجر ثم نهض فنهضوا معه حتى اتى ذلك المكان فاذا هو في غنم له ينعق بها فقالت له امه اسكت واجلس هذا محمد قد اتاك فسكت وقد كانت نزلت في ذلك اليوم ايات من سورة الدخان فقرأها لهم النبي صلى الله عليه وآله في صلوة الغداة ثم قال ( له خ ) اشهد الا اله الا الله واني رسول الله فقال بل تشهد الا اله الا الله واني رسول الله وماجعلك الله بذلك احق مني فقال النبي صلى الله عليه وآله اني قد خبئت لك خبئا فقال الدخ الدخ فقال النبي صلى الله عليه وآله اخس فانك لن‌تعدو اجلك ولن‌تبلغ املك ولن ‌تنال الا ما قدر لك ثم قال لاصحابه ايها الناس مابعث الله نبيا الا وقد انذر قومه الدجال وان الله عز وجل قد اخره الى يومكم هذا فمهما تشابه عليكم من امره فان ربكم ليس باعور انه يخرج على حمار عرض ما بين عينيه ميل يخرج ومعه جنة ونار وجبل من خبز ونهر من ماء اكثر اتباعه اليهود والنساء والاعراب يدخل افاق الارض كلها الا مكة ولابتيها والمدينة ولابتيها ( وخ ) قال في العوالم توضيح قولها انه لمجهود في عقله اي اصاب عقله جهد البلاء فهو مخبط يقال جهد المرض فلانا هزله وكان مراودته اياها ( انما كانت خ ) لاظهار دعوى الالوهية والنبوة ولذلك ( كانت خ ) تأبي ان ( عن ان خ ) يراه النبي صلى الله عليه وآله والهيمة الصوت الخفي وفي اخبار العامة يهمهم قوله اهو هو اي اما تقولون بالوهية اله ام لا وروى الحسين بن مسعود الفراء في شرح السنة باسناده عن ابي‌سعيد الخدري ان في هذه القصة قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما ترى قال ارى عرشا على الماء فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ترى ابليس على البحر فقال ما ترى عرشا قال ارى صادقين وكاذبا او كاذبا وصادقين فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ليس عليه دعوة انتهى ويقال غرد الطائر كفرح وغرد تغريدا واغرد وتغرد رفع صوته وطرب به قوله قد خبئت لك خبئا اي اضمرت لك شيئا اخبرني به قال الجزري فيه انه قال لابن ‌صياد خبئت لك خبيئا قال هو الدخ الدخ بضم الدال وفتحها الدخان قال عند رواق البيت يغشى الدخان وفسر الحديث انه اراد بذلك يوم تأتي السماء بدخان مبين وقيل ان الدجال يقتله عيسى بجبل الدخان فيحتمل ان يكون اراد تعريضا بقتله لان ابن‌صياد كان يظن انه الدجال قوله اخسأ يقال خسأت الكلب اي طردته وابعدته قوله فانك لن‌تعدو اجلك قال في شرح السنة قال الخطائي يحتمل وجهين احدهما انه لا يبلغ قدره ان يطالع الغيب من قبل الوحي الذي يوحى به الى الانبياء ولا من قبل الالهام الذي يلقى في روح الاولياء وانما كان الذي جرى على لسانه شيئا القاه الشيطان حين سمع النبي صلى الله عليه وآله يراجع به اصحابه قبل دخول النخل والاخر انك لن‌تسبق قدر ( ما قدر خ ) الله فيك وفي امرك وقال ابو سليمان والذي عندي ان هذه القصة انما جرت ايام مهادنة رسول الله صلى الله عليه وآله اليهود وحلفائهم وكان ابن‌الصياد منهم او دخيلا في جملتهم وكان يبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله خبره وما يدعيه من الكهانة فامتحنه بذلك فلما كلمه علم انه مبطل وانه من جملة السحرة او الكهنة او ممن يأتيه ( وفي الحق خ ) او يتعاده ( يتعاهده خ ) شيطان فيلقى على لسانه بعض ما يتكلم به فلما سمع منه قوله الدخ زبره وقال اخسأ فلن‌تعدو قدرك يريد ان ذلك شيء القاه اليك الشيطان وليس ذلك من قبل الوحي وانما كانت له تارات يصيب في بعضها ويخطئ في بعضها وذلك معنى قوله باني ( يأتي خ ) صادق وكاذب فقال له عند ذلك خلط عليك وبالجملة من امره انه كان فتنة قد امتحن الله به عباده ليهلك من هلك عن بينة ويحيي من حي عن بينة وقد افتتن قوم موسى في زمانه بالعجل فافتتن به قوم فاهلكوا ونجى من هداه الله وعصمه انتهى كلامه اقول قد اختلف العامة في ابن ‌صياد هل هو الدجال او غيره فذهب جماعة الى انه غيره لما روي انه تاب عن ذلك ومات بالمدينة وكشفوا عن وجهه حتى رأوه الناس ميتا وروي عن ابي‌سعيد الخدري ايضا مما يدل على انه ليس بدجال وذهب جماعة الى انه هو الدجال ورووه عن ابن‌عمر و ( ابي‌عمرو خ ) جابر الانصاري اقول قال الصدوق بعد ايراد هذا الخبر ان اهل العناد والجحود يصدقون بمثل هذا الخبر ويروون في الدجال وغيبته وطول بقائه المدة الطويلة وبخروجه في اخر الزمان ولا يصدقون بامر القائم عليه السلام وانه يغيب مدة طويلة ثم يظهر فيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما بنص النبي صلى الله عليه وآله والائمة بعده صلوات الله عليهم وباسمه وغيبته ونسبه وباخبارهم بطول غيبته ارادة لاطفاء نور الله وابطال امر ولي الله ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره المشركون واكثر ما يحتجون به في دفعهم لامر الحجة عليه السلام انهم يقولون لم ترد هذه الاخبار التي تروونها في شانه ولا نعرفها وكذا يقول ( نقول خ ) من يجحد نبوة نبينا صلى الله عليه وآله من الملحدين والبراهمة واليهود والنصارى انه ماصح عندنا شيء مما تروونه ( تروون خ ) من معجزاته ودلائله ولانعرفها فنعتقد بطلان امره لهذه الحجة ومتى لزمنا ما يقولون لزمهم ما يقوله هذه الطوائف وهم اكثر عددا منهم ويقولون ايضا ليس في موجب عقولنا ان يعمر احد من ( اهل خ ) زماننا هذا عمرا يتجاوز عمر اهل الزمان فقد تجاوز عمر صاحبكم على زعمكم عمر اهل الزمان فنقول لهم أتصدقون على ان الدجال في الغيبة يجوز ان يعمر عمرا يتجاوز عمر اهل الزمان وكذلك ابليس ولا تصدقون مثل ( بمثل خ ) ذلك لقائم آل محمد عليهم السلام مع النصوص الواردة فيه في الغيبة وطول العمر والظهور بعد ذلك للقيام بامر الله عز وجل وما يروي في ذلك من الاخبار التي قد ذكرتها في هذا الكتاب ومع ما صح عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال كلما كان في الامم السالفة يكون في هذه الامة مثله حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة وقد كان فيمن ( فيما خ ) مضي من انبياء الله عز وجل وحججه معمرون اما نوح عليه السلام فانه عاش الفي سنة وخمسمائة سنة ونطق القرءان بانه لبث ( بعث خ ) في قومه الف سنة الا خمسين عاما وقد روي في الخبر الذي اسندته في هذا الكتاب ان في القائم عليه السلام سنة من نوح وهي طول العمر فكيف يدفع امره ولا يدفع ما يشبهه من الامور التي ليس شيء منها في موجب العقول بل لزم الاقرار بها لانها رويت عن النبي صلى الله عليه وآله وهكذا يلزم الاقرار بالقائم عليه السلام من طريق السمع وفي موجب اي عقل من العقول انه يجوز ان يلبث اصحاب الكهف ثلثمائة سنة وازدادوا ( سنين ويزدادوا خ ) تسعا وهل وقع التصديق بذلك الا من طريق السمع فلم لم يقع التصديق بامر القائم عليه السلام ايضا من طريق السمع وكيف يصدقون بما يرد في الاخبار عن وهب بن منية وعن كعب الاحبار ( الاخبار خ ) في المحالات التي لا يصح منها شيء في قول الرسول صلى الله عليه وآله ولا في موجب العقول ولا يصدقون بما يرد ( ورد خ ) عن النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام في القائم عليه السلام وغيبته وظهوره بعد شك اكثر الناس في امره وارتدادهم عن القول به كما تنطق الاثار الصحيحة عنهم عليهم السلام هل هذا الا مكابرة في دفع الحق وجحوده وكيف لا يقولون انه لما كان في الزمان غير محتمل للتعمير وجب ان تجري سنة الاولين بالتعمير في اشهر الاجناس تصديقا لقول صاحب الشريعة عليه السلام ولا جنس اشهر من جنس القائم عليه السلام لانه مذكور في الشرق والغرب على السنة المقرين به والسنة المنكرين له ومتى بطل وقوع الغيبة بالقائم الثاني ‌عشر من الائمة عليهم السلام مع الروايات الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله انه اخبر بوقوعها به انه عليه السلام بطلت نبوته لانه يكون قد اخبر بوقوع الغيبة بمن لم تقع به ومتى صح كذبه في شيء لم يكن نبيا وكيف يصدق في امر عمار فيما اخبر به انه تقتله الفئة الباغية وفي امير المؤمنين صلوات الله عليه انه تخضب لحيته من دم رأسه وفي الحسن بن عليّ (ع) انه مقتول بالسم وفي الحسين بن عليّ (ع) انه مقتول بالسيف ولا يصدق فيما اخبر به من امر القائم عليه السلام ووقوع الغيبة به والنص عليه باسمه ونسبه بل ( هل خ ) هو صلى الله عليه وآله صادق في جميع اقواله مصيب في جميع احواله ولا يصح ايمان عبد حتى لا يجد في نفسه حرجا مما قضي ويسلم في جميع الامور تسليما لا يخالطه شك ولا ارتياب وهذا هو الاسلام ( هو الاسلام والاسلام خ ) هو الاستسلام والانقياد ومن يبتغ غيره دينا فلن ‌يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين ومن اعجب العجب ان مخالفينا يروون ان عيسى بن مريم عليهما السلام مر بارض كربلا فرأى عدة من الظباء مجتمعة فاقبلت اليه وهي تبكي وانه جلس وجلس الحواريون فبكى وبكى الحواريون وهم لا يدرون لم جلس ولم بكى فقالوا يا روح الله وكلمته ما يبكيك قال اتعلمون اي ارض هذه قالوا لا قال هذه ارض يقتل فيها فرخ الرسول احمد وفرخ الخيرة الطاهرة البتول شبيهة امي ويلحد فيها هي اطيب من المسك لانها طينة فرخ المستشهد وهكذا تكون طينة الانبياء واولاد الانبياء وهذه الظباء تكلمني وتقول انها ترعى في هذه الارض شوقا الى تربة الفرخ المبارك وزعمت انها امنة في هذه الارض ثم ضرب بيده الى بعر تلك الظباء فشمها وقال اللهم ابقها ابدا حتى يشمها ابوه عزاء وسلوة وانها بقيت الى ايام امير المؤمنين عليه السلام حتى شمها وبكى وابكى واخبر بقصتها لما مر بكربلا فيصدقون بان بعر تلك الظباء بقي زيادة على خمسمائة سنة لم تغيرها الامطار والرياح ومرور الايام والليالي والسنين عليها ولا يصدقون بان القائم من آل محمد صلوات الله عليه وعليهم اجمعين يبقى حتى يخرج بالسيف فيبير اعداء الله ويظهر دين الله مع الاخبار المتواترة عن النبي صلى الله عليه وآله والائمة صلوات الله عليهم بالنص عليه باسمه ونسبه وغيبته المدة الطويلة وجري سنن الاولين فيه بالتعمير هل هذا الا عناد وجحود للحق انتهى كلام صاحب العوالم والصدوق واقول ما ذكره في تفسير الدخ هو المشهور بين المفسرين للحديث وقد يدل ما قبله من الكلام عليه وفي بعض النسخ الدح الدح بالمهملتين وعلى تقدير صحة هذه النسخة بالحاء المهملة يكون معنى الدح الدس والنكاح والدع في القفاء كما في القاموس ويصير المعنى على هذه النسخة انه لخبثه اراد تخجيل النبي صلى الله عليه وآله ليقطع حجته وعلى هذا يكون قول امه ليراودني على الامر العظيم انه يراودها ( راودها خ ) في نفسها ويؤيده قولها انه لمجهود في عقله يحدث في ثوبه ولو ارادت بقولها انه ليراودني على الامر العظيم انه يريد دعوى الالوهية والنبوة مع وصفها له بانه مجهود ( لمجهود خ ) في عقله لكانت منكرة عليه فلا يستحق من النبي صلى الله عليه وآله ان يلعنها ثلاثا ( فانه (ص) خ ) في كل مرة دخل عليه لعنها والله اعلم وفي مناقب ابن‌شهراشوب وبشارة المصطفى عنه صلى الله عليه وآله ( انه كان خ ) يقول من قاتلني في الاول ( الاولى خ ) وقتل ( قاتل خ ) اهل بيتي في الثانية حشره الله في الثالثة مع الدجال اقول الظاهر ان الاولى هي الجاهلية الاولى من المشركين كابي‌ سفيان وفي الثانية اي في الجاهلية الثانية يعني الردة بعد موته كمعوية قاتل عليّا ويزيد بن معوية قاتل الحسين عليه السلام حشره الله في الجاهلية الثالثة وهي خروج الدجال والله سبحانه اعلم وفي امالي الشيخ عن انس بن مالك ( انه خ ) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الدجال لا يدخل مكة والمدينة على كل شعب من شعابها ملك شاهر سيفه وفي الاكمال عن النزال بن سيرة قال خطبنا عليّ بن ابي طالب عليه السلام فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال سلوني ايها الناس من قبل ان تفقدوني ثلاثا فقام اليه صعصعة بن صوحان فقال يا امير المؤمنين متى يخرج الدجال فقال له عليه السلام اقعد قد سمع الله كلامك وعلم ما اردت والله ما المسئول باعلم من السائل ولكن لذلك علامات وهيئات يتبع بعضها بعضا كحذو النعل بالنعل فان شئت انبأتك بها قال نعم يا امير المؤمنين فقال عليه السلام احفظ فان علامة ذلك اذا امات الناس الصلوة واضاعوا الامانة واستحلوا الكذب واكلوا الربا واخذوا الرشا وشيدوا البنيان وباعوا الدين بالدنيا واستعملوا السفهاء وشاوروا النساء وقطعوا الارحام واتبعوا الاهواء واستخفوا بالدماء وكان الحلم ( الحكم خ ) ضعيفا والظلم فخرا وكانت الامراء فجرة والوزراء ظلمة والعرفاء خونة والقراء فسقة وظهرت شهادة الزور واستعلى الفجور وقول البهتان والاثم والطغيان وحليت المصاحف وزخرفت المساجد وطولت المنارات واكرم الاشرار وازدحمت الصفوف واختلفت القلوب ونقضت العهود واقترب الموعود وشارك النساء ازواجهن في التجارة حرصا على الدنيا وعلت اصوات الفساق واستمع منهم وكان زعيم القوم ارذلهم واتقى الفاجر مخافة شره وصدق الكاذب واؤتمن الخائن واتخذت القينات والمعازف ولعن اخر هذه الامة اولها وركب ذوات الفروج السروج وتشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء وشهد الشاهد من غير ان يستشهد وشهد الاخر ( من غير خ ) قضاء الذمام بغير حق عرفه وتفقه لغير الدين واثروا عمل الدنيا على عمل الاخرة ولبسوا جلود الضأن ( الشاة خ ) على قلوب الذئاب وقلوبهم انتن من الجيف وامر من الصبر فعند ذلك الوحا الوحا ثم العجل العجل خير المساكن يومئذ بيت المقدس ليأتين على الناس زمان يتمنى احدهم انه من سكانه فقام اليه الاصبغ بن نباتة فقال يا امير المؤمنين من الدجال فقال الا ان الدجال صائد بن الصيد فالشقي من صدقه والسعيد من كذبه يخرج من بلدة يقال لها اصبهان من قرية تعرف باليهودية عينه اليمنى ممسوحة والعين الاخرى في جبهته تضيء كانها كوكب الصبح فيها علقة كانها ممزوجة بالدم بين عينيه مكتوب كافر يقرؤه كل كاتب وامي يخوض البحار وتسير معه الشمس بين يديه جبل من دخان وخلفه جبل ابيض يرى الناس انه طعام يخرج حين يخرج في قحط شديد تحته حمار اقمر خطوة حماره ميل تطوى له الارض منهلا منهلا لا يمر بماء الا غار الى يوم القيمة ينادي باعلي صوته يسمع ما بين الخافقين من الجن والانس والشياطين يقول الى اوليائي انا الذي خلق فسوي وقدر فهدي انا ربكم الاعلي وكذب عدو الله انه اعور يطعم الطعام ويمشي في الاسواق وان ربكم عز وجل ليس باعور ولا يطعم ولا يمشي ولا يزول الا وان اكثر اتباعه يومئذ اولاد الزنا واصحاب الطيالسة الخضر يقتله الله عز وجل بالشام على عقبة تعرف بقبة ( بعقبة خ ) افيق لثلاث ساعات من يوم الجمعة على يدي من يصلي ( المسيح خ ) عيسى بن مريم خلفه الا ان بعد ذلك الطامة الكبرى قلنا وما ذلك يا امير المؤمنين قال خروج دابة الارض من عند الصفا معها خاتم سليمان وعصى موسى تضع الخاتم على وجه كل مؤمن فينطبع فيه هذا مؤمن حقا فيضعه ( ويضعه خ ) على وجه كل كافر فيكتب فيه هذا كافر حقا حتى ان المؤمن لينادي الويل لك يا كافر وان الكافر ينادي طوبى لك يا مؤمن ووددت اني اليوم مثلك فافوز فوزا عظيما ثم ترفع الدابة رأسها فيريها من بين الخافقين باذن الله عز وجل وذلك بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع التوبة فلا توبة تقبل ولا عمل يرفع ولا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا ثم قال عليه السلام لا تسئلوني عما تكون بعد هذا فانه عهد الى حبيبي عليه السلام الا اخبر به غير عترتي فقال النزال بن سيرة لصعصعة بن صوحان يا صعصعة ما عنى امير المؤمنين بهذا القول فقال صعصعة يا ابن سيرة ان الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه هو الثاني‌ عشر من العترة التاسع من ولد الحسين بن عليّ وهو الشمس الطالعة من مغربها يظهر عند الركن والمقام فيطهر الارض ويضع ميزان العدل فلا يظلم احد احدا فاخبر امير المؤمنين عليه السلام ان حبيبه رسول الله صلى الله عليه وآله عهد ( عهده خ ) اليه الا يخبر بما يكون بعد ذلك غير عترته الائمة صلوات الله عليهم اجمعين اقول العرفاء جمع عريف وهو القيم بامور القبيلة او الجماعة من الناس يلي امورهم يتعرف الامير عنه احوالهم وهو فعيل بمعنى فاعل والزعيم سيد القوم ورئيسهم والقينة الامة المغنية والمعازف الملاهي كالعود والطنبور والذمام بالكسر الحق والحرمة وحمار اقمر ( يميل خ ) لونه الى الخضرة او بياض فيه كدرة وفسر الطيالسة جمع طيلسان بانه شبه الاردية يوضع على الراس والكتفين والظهر وقال ابن الاثير في شرح مسند الشافعي الطيلسان ان يكون على الراس والاكتاف وفي القاموس الافيق قرية بين حوران والغور ومنه عقبة افيق انتهى وافيق كامير وفي رواية ابن ‌عباس عن النبي صلى الله عليه وآله ان الدجال يخرج بالمشرق من سجستان ويمكن الجمع بينهما انه يخرج من حبسه من اليهودية ويسير في الارض وقوة استيلائه من سجستان او ولادته فيها كما ذكرنا سابقا وفي الاختصاص قال ابو جعفر عليه السلام كان امير المؤمنين عليه السلام يقول من اراد ان يقاتل شيعة الدجال فليقاتل الباكي على دم عثمان والباكي على اهل النهروان ان من لقي الله مؤمنا بان عثمان قتل مظلوما لقي الله عز وجل ساخطا عليه ولا يموت حتى يدرك الدجال فقال يا امير المؤمنين فان مات قبل ذلك قال فيبعث من قبره حتى يؤمن به وان رغم انفه وفي بصائر الدرجات عن ابي جعفر عليه السلام قال دخل عليه رجل من اهل بلخ فقال له يا خراساني تعرف وادي كذا وكذا قال نعم قال له اتعرف صدعا في الوادي من صفته كذا وكذا قال نعم قال من ذلك يخرج الدجال قال ثم دخل عليه رجل من اهل اليمن فقال ( له خ ) يا يماني اتعرف شعب كذا وكذا ( كذا كذا خ ) قال نعم قال اتعرف شجرة في الشعب من صفتها كذا وكذا قال له نعم قال اتعرف صخرة تحت الشجرة قال له نعم قال فتلك الصخرة التي حفظت الواح موسى على محمد صلى الله عليه وآله وعليه السلام وفي محاسن البرقي عن ابي عبد الله عليه السلام ( انه خ ) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من ابغضنا اهل البيت بعثه الله يهوديا قيل يا رسول الله وان شهد الشهادتين قال نعم انما احتجب بهاتين الكلمتين عند سفك دمه او يؤدي الجزية وهو صاغر ثم قال من ابغضنا اهل البيت بعثه الله يهوديا قيل وكيف يا رسول الله قال ان ادرك الدجال امن به اقول قد روي الشيخ احمد بن فهد الحلي في كتاب المهذب وغيره عن المعلي بن خنيس عن ابي عبد الله عليه السلام قال يوم النوروز هو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا اهل البيت وولاة ( ولاه خ ) الامر ويظفره الله بالدجال فيصلبه على كناسة الكوفة

فصل - في ذكر شيء من احاديثهم في بعض ايات خروجه عليه السلام وعلاماته مضافا الى ما ذكر منها فمنها كسوف الشمس وخسوف القمر في ارشاد المفيد عن بدر بن افليل الازري ( الازدي خ ) قال قال ابو جعفر عليه السلام ايتان تكونان قبل القائم عليه السلام لم يكونا منذ هبط ادم عليه السلام الى الارض تنكسف الشمس في النصف من شهر رمضان والقمر في اخره فقال الرجل يا ابن رسول الله تنكسف الشمس في اخر الشهر والقمر في النصف فقال ابو جعفر عليه السلام اني لاعلم بما اقول ولكنها ايتان لم يكونا منذ هبط ادم عليه السلام وفي اكمال الدين ورد عن ابي جعفر عليه السلام قال ايتان بين يدي هذا الامر كسوف القمر لخمس وخسوف الشمس لخمس‌عشرة ولم يكن ذلك منذ هبط ادم عليه السلام الى الارض وعند ذلك يسقط حساب المنجمين وفيه عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال تنكسف الشمس لخمس مضين في شهر رمضان قبل قيام القائم عليه السلام اقول قيل يحتمل وقوعهما معا لان انخسافهما ليس بالحيلولة خاصة ليكون ممتنعا وانما انخسافهما بغمس جرمهما في بحر الظلمة وذلك كما يحصل في القمر بحيلولة الارض وفي الشمس بحيلولة القمر ( كذلك خ ) يحصل بغير ذلك اقول ووجه التعليل صحيح الا ان الظاهر ان في الحديث تغييرا من النساخ اما بان لفظ عشرة سقط من الناسخ او بان مضين مصحف عشرة حيث اشتبهت على الناسخ فتوهمها مضين وهي عشرة ويؤيد الاخير قوله في شهر رمضان ولم يقل من شهر رمضان وان كان يجوز في حروف الاضافة قيام بعضها مقام بعض لكن المتعارف المتداول في التخاطب ان يقال مضين من شهر رمضان ويقال لخمس‌عشرة في شهر رمضان ومن شهر رمضان وفي غيبة النعماني عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال علامة خروج المهدي عليه السلام كسوف الشمس في شهر رمضان ليلة ثلث‌ عشرة منه اقول في هذا الحديث ليلة ثلث‌عشرة والذي قبله ( قبلهما خ ) لخمس والذي قبلهما لخمس ‌عشرة فاما وجه الجمع بين الخمس والخمس‌عشرة فكما سمعت واما ( وجه خ ) الجمع بين هذا وبين الاخير انها تنكسف لثلاث‌ عشرة فاوجه ما يجمع بينهما بحمل الاختلاف على توهم الراوي او من باب القاء الخلاف ( الاختلاف خ ) بين الشيعة من قبيل انا الذي خالفت بينكم ويجول في خاطري انه لما كان جريان الاية قبل قيام الحجة عليه السلام على ما هو المعروف الذي ينطبق عليه قاعدة حساب المنجمين من امر الحيلولة المعروفة كان ذلك عادة مستمرة ووقوعهما دليلا على قيام القائم عليه السلام وعلامته ( علامة يعرف خ ) بها السنة التي يقوم فيها لا بد وان يكون ذلك معجزة من الله سبحانه ومن شان المعجزة كونها خارقة للعادة والخارق للشيء اذا جرى على الحكمة الطبيعية المشتملة على اكملية المعجزة ينبغي ان يكون بعكس العادة فعلى هذا الاولى كون كسوف الشمس في النصف من شهر رمضان وخسوف القمر من ( في خ ) اخره كما هو مذكور في خبر الارشاد المتقدم فاذا تقرر هذا في الجملة فاعلم ان خسوفهما العادي يكون في القمر في ثلاث ‌عشرة ( واربع ‌عشرة خ ) وخمس ‌عشرة وفي الشمس في ثمان وعشرين وتسعة وعشرين فعلى هذا لقائل ان يقول لعل الامام عليه السلام انما يريد مطلق التعاكس بين وقتي الخسوف والكسوف لا خصوص العدد فلذا ( مرة خ ) قال والقمر في اخره وقال والشمس في خمس‌عشرة ومرة قال في ثلاث ‌عشرة لان ذلك وقت خسوف القمر فيكون ( ما للقمر خ ) للشمس وما للشمس للقمر ويحتمل انه عليه السلام بعد ان بين ( تبين حكم خ ) التعاكس للمعجز اخبر مرة بخمس‌ عشرة ومرة بثلاث ‌عشرة مشيرا الى ان التعاكس كائن والتخصيص بخمس‌ عشرة او ثلاث‌ عشرة الى الله سبحانه لانه يمحو ( سبحانه لا يمحوا خ ) ما يشاء ويثبت واما توجيه حديث ورد في القمر في قوله كسوف القمر لخمس فلا يبعد ان يكون الراوي وهم في ذكر القمر مكان الشمس بقرينة بعض نسخ الحديث كما هنا في قوله كسوف القمر والغالب انما يقال خسوف القمر وكسوف الشمس وكون كسوفها لخمس قد سمعت توجيهه وذكر الشمس بعد ذكر القمر لا ينافي حمل ذكره القمر على التوهم لجواز ان يكون قد ذكر الشمس مرتين اما لان الامام عليه السلام ذكر الشمس والقمر في ذلك المجلس في وقتين وروي ما فهم منه على ما وهم فيه بصورة وقت واحد واما لانه عليه السلام ذكر الشمس بانها تنكسف في الخامس‌عشر ولم يسمع الراوي لفظ عشر ثم بعد آن اخر ذكر الشمس بانها تنكسف في الخامس ‌عشر فلما سمع ان الامام عليه السلام ذكر كسوف الشمس لخمسة‌ عشر وقبل لم يسمع منه الا لخمس توهم انها في القمر لئلا يتنافى عنده كلام الامام عليه السلام ويحتمل ان يكون عليه السلام اخبر بان القمر ينخسف بخمس مضين من شهر رمضان اما لتجويز ذلك في القدرة لانه تعالى يمحو ما يشاء ويثبت واما لان المقصود من المعجز صدوره على خلاف العادة ويتحقق ذلك بخسوف القمر لخمس ليال ويؤيد هذا مضافا الى ما اشرنا اليه من احتمال ارادة مطلق مخالفة العادة ما في بعض نسخ الحديث من لفظ خسوف القمر مكان كسوفه لانه غالبا هو المتعارف في التعبير على انا لو فرضنا ثبوت لفظ كسوف لا غير لم يكن فيه عظيم منافاة لانهما ( لانه خ ) قد يستعمل احدهما مكان الاخر ويحتمل انه من قبيل انا الذي خالفت بينكم ( لتسلموا الخ خ )

فصل - ومنها الصيحة والنداء من السماء والارض وقتل النفس الزكية في تفسير عليّ بن ابراهيم عن ابي جعفر عليه السلام في قوله ولو ترى اذ فزعوا فلا فوت قال من الصوت وذلك الصوت من السماء وقوله واخذوا من مكان قريب قال من تحت ارجلهم خسف بهم اقول هذه الصيحة صيحة جبرئيل عليه السلام بجيش السفياني في البيداء فتنخسف بهم كما يأتي ان شاء الله تعالى ويجوز ان يراد بالصيحة نداؤه اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان عند الفجر باسمه عليه السلام ونسبه فانهم اذا سمعوا ذلك فزعوا واضطربوا وهذه الصيحة سبب للخسف بهم او ان نداء ابليس في اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان اخر النهار هو اخذهم من مكان قريب لانه دعاهم الى ما هو قريب من نفوسهم فلذا يركنون ( فلا يركنون خ ) الى ندائه ويشكون في النداء الاول واحتمال ( وهذا احتمال اخر وهو احتمال ان خ ) ارادة هذا التأويل باطن والاول هو الظاهر من تأويل الاية وفي اكمال الدين عن ميمون البان قال كنت عند ابي جعفر عليه السلام في فسطاطه فرفع جانب الفسطاط فقال ان امرنا لو قد كان لكان ابين من هذه الشمس ثم قال ينادي مناد من السماء فلان بن فلان هو الامام باسمه وينادي ابليس من الارض كما نادى برسول الله صلى الله عليه وآله ليلة العقبة وفيه عن الثمالي قال قلت لابي عبد الله عليه السلام ان ابا جعفر عليه السلام كان يقول ان خروج السفياني من الامر المحتوم قال لي نعم واختلاف ولد العباس من المحتوم وقتل النفس الزكية من المحتوم وخروج القائم عليه السلام من المحتوم فقلت له فكيف يكون النداء قال ينادي مناد من السماء اول النهار الا ان الحق في عليّ وشيعته ثم ينادي ابليس لعنه الله في اخر النهار الا ان الحق في السفياني وشيعته فيرتاب عند ذلك المبطلون ( وفيه خ ) عن ابي عبد الله عليه السلام قال ينادي مناد باسم القائم عليه السلام ( قلت خ ) خاص او عام قال عام يسمع كل قوم بلسانهم قلت فمن يخالف القائم عليه السلام وقد نودي باسمه قال لا يدعهم ابليس حتى ينادي في اخر الليل فيشكك الناس اقول الظاهر انه في اخر النهار كما هو في سائر الاخبار ولا يبعد ان يكون سهوا من النساخ لان بعض نسخ اكمال الدين ليس فيها ذكر اخر الليل اصلا ( وخ ) لو كان نسخة لاثبتت ( لاثبت خ ) فلم يبق الا ان احدهما غلط فيحمل الغلط في اخر الليل لان اخر النهار هو الموافق للاخبار والاعتبار وفيه عن ابي عبد الله عليه السلام قال صوت جبرئيل من السماء وصوت ابليس من الارض فاتبعوا الصوت الاول واياكم والاخير ان تفتتنوا وفي تفسير العياشي عن عجلان ابي ‌صالح قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول لا تمضي الايام والليالي حتى ينادي مناد من السماء يا اهل الحق اعتزلوا يا اهل الباطل اعتزلوا فيعزل هؤلاء من هؤلاء ويعزل هؤلاء من هؤلاء قال قلت اصلحك الله يخالط هؤلاء وهؤلاء بعد ذلك النداء قال كلا انه يقول في الكتاب ما كان الله ليذر المؤمنين على ما انتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وفي غيبة النعماني عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال اذا رأيتم نارا من المشرق شبه الهروي العظيم تطلع ثلثة ايام او سبعة فتوقعوا فرج آل محمد صلوات الله عليه وآله ان شاء الله عز وجل ان الله عزيز حكيم ثم قال الصيحة لا تكون الا في شهر رمضان شهر الله وهي صيحة جبرئيل الى هذا الخلق ثم قال ينادي مناد من السماء باسم القائم فيسمع من في المشرق والمغرب لا يبقى راقد الا استيقظ ولا قائم الا قعد ولا قاعد الا قام على رجليه فزعا من ذلك الصوت فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فاجاب فان الصوت الاول هو صوت جبرئيل الروح الامين وقال عليه السلام الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلث وعشرين فلا تشكوا في ذلك واسمعوا واطيعوا وفي اخر النهار صوت ابليس اللعين ينادي الا ان فلانا قتل مظلوما يشكك الناس ويفتنهم فكم من شاك متحير ذلك اليوم قد هوى في النار واذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكوا انه صوت جبرئيل وعلامة ذلك انه ينادي باسم القائم عليه السلام واسم ابيه حتى تسمعه العذراء في خدرها فتحرض اباها واخاها على الخروج وقال عليه السلام لا بد من هذين الصوتين قبل خروج القائم عليه السلام صوت من السماء وهو صوت جبرئيل وصوت من الارض وهو صوت ابليس اللعين ينادي باسم فلان انه قتل مظلوما يريد الفتنة فاتبعوا ( واتبعوا خ ) الصوت الاول واياكم والاخير ان تفتتنوا به الى اخر ما مر في جوامع علامات خروجه اقول اراد بفلان المظلوم في الصوت الثاني عثمان وفيه عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال العام الذي فيه الصيحة قبله الاية في رجب قلت وما هي قال وجه يطلع في القبر ويدانيه اقول في الهامشة مكتوب القمر ( وخ ) لعله اظهر وهو بدل القبر والظاهر الذي ورد في الاخبار ان الاية تطلع في الشمس تطلع في شهر رجب بدن بلا رأس وفي رواية رأس بلا بدن وفي اخرى كف ولم يذكر في القمر شيء الا في نسخة هذا الحديث فلعله سهوا من الناسخ و ( او خ ) الراوي فقد روي في غيبة الطوسي في حديث طويل عن ابي‌الحسن الرضا عليه السلام منه انه قال لا بد من فتنة صماء صيلم يسقط فيها كل بطانة ووليجة وذلك عند فقدان الشيعة الثالث من ولدي يبكي عليه اهل السماء والارض وكم من مؤمن متأسف حيران حزين عند فقد الماء المعين كأني بهم استر ما يكونون ( يكون خ ) وقد نودوا نداء يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب يكون رحمة للمؤمنين وعذابا للكافرين قلت واي نداء هو قال ينادون في رجب ثلاثة اصوات صوتا منها الا لعنة الله على الظالمين والصوت الثاني ازفت الازفة يا معشر المؤمنين والصوت الثالث يرون بدنا بارزا نحو عين الشمس هذا امير المؤمنين قد كر في هلاك الظالمين وفي رواية الحميري والصوت بدن يرى في قرن الشمس يقول ان الله بعث فلانا فاسمعوا له واطيعوا وقالا جميعا فعند ذلك يأتي الناس الفرج وتود الناس لو كانوا احياء ويشفي الله صدور قوم مؤمنين اقول وبالجملة فلعل القبر تصحيف القمر كما ذكر في الهامشة ولعل القمر توهم او غلط عند ذكر الشمس والله اعلم وقوله ويدانيه لعل ذلك تصحيف يد اتية يعني ترى يد في عين الشمس فانه روي انه يطلع كف ويصير اتية صفة ليد يعني انها تأتي اي تظهر بعد البدن لان ظهورهما ( ظهورها خ ) من المحتوم ففيه عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال النداء من المحتوم والسفياني ( من المحتوم خ ) وقتل النفس الزكية من المحتوم وكف يطلع من السماء من المحتوم قال وفزعة في شهر رمضان توقظ النائم وتفزع اليقظان وتخرج الفتاة من خدرها اقول المراد بالكف الطالع من السماء كف على ظاهر يلمع وفيه عن زرارة قال قلت لابي عبد الله عليه السلام النداء حق قال اي والله حتى ( حق خ ) يسمعه كل قوم بلسانهم وقال ابو عبد الله عليه السلام لا يكون هذا الامر حتى يذهب تسعة اعشار الناس اقول يراد بهذا الذهاب معنيان احدهما ما يقع بالناس من الموت الاحمر اي السيف ومن الموت الابيض اي الطاعون وثانيهما ما يقع بهذا الخلق من التمحيص والاختبار حتى لا يبقى من العشرة سالم من الموت الاحمر او الابيض ثابت على دينه الحق الا واحد واليه الاشارة في قوله عليه السلام المتقدم اما ترضون ان تكونوا من الثلث الباقي فظهر مما ذكرنا ان الصيحة والنداء على انحاء مختلفة اما صيحة جبرئيل بجيش السفياني في البيداء فهي بعد قيام الحجة عليه السلام واما صيحته في شهر رمضان فهي النداء باسمه عليه السلام قبل قيامه بثلثة اشهر وسبعة ‌عشر يوما واما الصيحات الثلاث في شهر رجب فالظاهر انه ( ان الصيحة الاولى انها خ ) امير المؤمنين صلوات الله عليه وهي الا لعنة الله على الظالمين والثانية ازفت الازفة يا معشر المؤمنين والثالثة هذا امير المؤمنين قد كر في هلاك الظالمين كما تقدم ويحتمل ان المنادي ملك يأمره عليه السلام بقرينة قوله هذا امير المؤمنين الخ واما نداء المائدة فيحتمل انه جبرئيل عليه السلام لانه المنادي غالبا ويحتمل انه ميكائيل عليه السلام او ملك عنه بقرينة المائدة فانها ارزاق الوحوش والطير ( الطيور خ ) وهو موكل بالارزاق وذلك كما في غيبة النعماني عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال ان لله مائدة وفي رواية غير هذه مأدبة بقرقيسا يطلع مطلع من السماء فينادي يا طير السماء ويا سباع الارض هلموا الى الشبع من لحوم الجبارين اقول المأدبة بالهمزة وفتح الدال المهملة وضمها قبل الموحدة من تحت طعام يصنعه الرجل يدعو اليه الناس وهو بمعنى المائدة كما في هذه الرواية وقرقيسا بلد على الفرات سمي باسم بانيها قرقيسا بن طهمورث وهذه الدعوة يحتمل على الظاهر وقوعها قبل قيام القائم عليه السلام لان ذكرها في سياق الحوادث التي هي علامات وعليه يجوز ان تكون لخارجين ( من الخارجين خ ) قبله عليه السلام وهو المشار اليه بالموت الاحمر وان يكون من السفياني فانه يقتل سبعين كبشا من بني العباس المشار اليهم في هذه الرواية على الاحتمال بقوله من لحوم الجبارين وكذلك ما يقتل من غيرهم وما يقتل من عساكره ويشير اليه ما رواه جابر عن ابي جعفر عليه السلام انه قال يا جابر لا يظهر القائم عليه السلام حتى يشمل الشام فتنة يطلبون المخرج منها فلا يجدونه ويكون قتل بين الكوفة والحيرة قتلاهم على سواء وينادي مناد من السماء بقيام القائم عليه السلام يعني بعد ذلك القتل ومعه وبعده والمنادي كما مر في شهر رمضان فتكون المائدة على الظاهر اقول يريد ان قتلاهم على حد سواء القاتل والمقتول في النار من فتنة السفياني والدجال واشباههما ويحتمل وقوعهما بعد قيامه عليه السلام وكثرة ما يسفك من دماء البغاة وقتلة الائمة الهداة عليهم السلام والراضين بافعالهم حتى يلقي الله تعالى في قلبه عليه السلام الرحمة والله اعلم والحاصل ان الاحاديث في ذكر النداء والصيحة كثيرة جدا مما سمعت وما لم تسمع مما سنذكره وما لم نذكره وقد ذكرنا سابقا ان من العلامات المحتومة قتل النفس الزكية بين الركن والمقام وانه ليس بين قتله وقيام القائم عليه السلام الا خمسة ‌عشر ليلة ومما يدل على ذلك ما رواه في الاكمال عن صالح مولى بني العذراء قال سمعت ابا عبد الله الصادق عليه السلام يقول ليس بين قيام قائم آل محمد صلى الله عليه وآله وبين قتل النفس الزكية الا خمسة‌ عشر ليلة وفي غيبة الطوسي عن ثعلبة مثله وفيه عن سفيان بن ابراهيم الحريري انه سمع اباه يقول النفس الزكية غلام من آل محمد اسمه محمد بن الحسن يقتل بلا جرم ولا ذنب فاذا قتلوه لم يبق لهم في السماء عاذر ولا في الارض ناصر فعند ذلك يبعث الله قائم آل محمد في عصبة ( عقبة خ ) لهم ادق في اعين الناس من الكحل فاذا خرجوا بكى لهم الناس لا يرون الا انهم يختطفون يفتح الله لهم مشارق الارض ومغاربها الا وهم المؤمنون حقا الا ان خير الجهاد في اخر الزمان اقول وهذا هو الذي ارسله عليه السلام من المدينة الى اهل مكة فيذبحونه بين الركن والمقام

فصل - في بعض ما يدل على خروجه عليه السلام وهو مما تقدم في الاختصاص للمفيد بسنده عن حذيفة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول اذا كان عند خروج القائم عليه السلام ينادي مناد من السماء ايها الناس قطع عنكم مدة الجبارين وولي الامر خير امة محمد صلى الله عليه وآله فالحقوا بمكة فيخرج النجباء بمصر والابدال من الشام وعصائب العراق رهبان بالليل ليوث بالنهار كأن قلوبهم زبر الحديد فيبايعونه بين الركن والمقام قال عمران بن الحصين يا رسول الله صف لنا هذا الرجل قال قال هو رجل من ولد الحسين كأنه من رجال شنوة عليه عبايتان قطوانيتان اسمه اسمي فعند ذلك تفرخ الطيور في اوكارها والحيتان في بحارها وتمد الانهار وتفيض العيون وتنبت الارض ضعف اكلها ثم يسير مقدمته جبرئيل وساقته اسرافيل فيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما اقول النجباء جمع النجيب وهم صنف من الاولياء قال في الرسالة الصوفية المسماة بالحقيقة المحمدية النجباء وهم الاربعون وقيل السبعون القائمون باصلاح امور الناس وحمل اثقالهم المتصرفون في حقوق الخلق لا غيرهم اهل القلوب وتخلقوا باخلاق الله وتجلى لهم الغيب وانكشف لهم السر وظهر عندهم حقيقة الامر وتحققوا بالانوار الالهية وتقلبوا في الاطوار الربوبية انتهى وقيل انهم تحت الابدال فوق الصالحين لانهم يقولون انه لا بد للنظام في تمامه من قطب وهو محل نظر الله من العالم واربعة اركان واربعين بدلا وسبعين نجيبا وثلاث‌ مائة وستين صالحا فلو اختل هذا العدد من العالم بطل النظام ونقله منا الشيخ ابراهيم الكفعمي في حاشية كتابه الجنة اخذه عنهم ولم نجد لذلك في اخبارنا الا ما اشار اليه عليّ بن الحسين عليهما السلام في حديث الخيط الاصفر في قوله معرفة التوحيد اولا ومعرفة المعاني ثانيا ومعرفة الابواب ثالثا ومعرفة الامام رابعا ومعرفة الاركان خامسا ومعرفة النقباء سادسا ومعرفة النجباء سابعا ولم يذكر شيئا من عدد الاركان ولا النقباء ولا النجباء نعم روي في اخبارنا في ذكر حال الحجة عليه السلام في قوله عليه السلام نعم المنزل طيبة وما بثلاثين من وحشة ويمكن ارادة الابدال وانهم ثلاثون واما قول اهل التصوف ومن حذا حذوهم بان الابدال اربعون فلم نجده في اخبارنا وفي القاموس والابدال قوم بهم يقيم الله عز وجل الارض وهم سبعون اربعون بالشام وثلاثون بغيرها لا يموت احدهم الا قام مكانه اخر من سائر الناس وهذا التفصيل ايضا ما وقفت عليه من طرقنا وبالجملة معنى البدل ما ذكره في القاموس وفي غيبة النعماني عن عبد الله بن سنان قال كنت عند ابي عبد الله عليه السلام فسمعت رجلا من همدان يقول ان هؤلاء العامة يعيرونا ( يعيروننا خ ) ويقولون لنا انكم تزعمون ان مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الامر وكان متكئا فغضب وجلس ثم قال لا ترووه عني وارووه عن ابي ولا حرج عليكم في ذلك اشهد اني سمعت ابي عليه السلام يقول والله ان ذلك في كتاب الله عز وجل لبين حيث يقول ان نشأ ننزل عليهم من السماء اية فظلت اعناقهم لها خاضعين فلا يبقى في الارض يومئذ احد الا خضع وذلت رقبته لها فيؤمن اهل الارض اذا سمعوا الصوت من السماء الا ان الحق في عليّ بن ابي طالب عليه السلام وشيعته فاذا كان الغد صعد ابليس في الهواء حتى يتواري من اهل الارض ثم ينادي الا ان الحق في عثمان بن عفان وشيعته فانه قتل مظلوما فاطلبوا بدمه قال فيثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت على الحق وهو النداء الاول ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض والمرض والله عداوتنا فعند ذلك يتبرؤن منا ويتناولونا ( يتناولوننا خ ) فيقولون ان المنادي الاول سحر من سحر اهل هذا البيت ثم تلا ابو عبد الله عليه السلام قول الله عز وجل وان يروا اية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر وفي اكمال الدين عن المفضل بن عمر الجعفي عن ابي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول اياكم والثنوية ( التنويه خ ) اما والله ليغيبن امامكم سنين من دهركم وليمحصن ( التمحيص خ ) حتى يقال مات او هلك باي واد سلك ولتدمعن عليه عيون المؤمنين ولتكفأن كما تكفأ السفن في امواج البحر فلا ينجو الا من اخذ الله ميثاقه وكتب في قلبه الايمان وايده بروح منه ولترفعن ( لتعرفن خ ) مع رايته اثنتا عشرة راية متشابهة ( مشتبهة خ ) ولا يدري اي من اي قال فبكيت قال فما يبكيك فقلت فكيف لا ابكي وانت تقول ترفع مع رايته اثنتا عشرة راية متشابهة ( مشتبهة خ ) لا يدري اي من اي فكيف نصنع قال فنظر الى الشمس داخلة في الصفة فقال يا ابا عبد الله ترى هذه الشمس فقلت نعم قال والله لامرنا ابين من هذه الشمس وفي غيبة النعماني عن حماد بن عبدالكريم الجلاب قال ذكر القائم عليه السلام عند ابي عبد الله عليه السلام فقال اما انه لو قد قام لقال الناس اني يكون هذا وقد بليت عظامه هذا كذا وكذا وفيه عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال اما النداء الاول من السماء باسم القائم (ع) في كتاب الله لبين فقلت اين ( هو خ ) اصلحك الله فقال في طسم تلك ايات الكتاب المبين قوله ان نشأ ننزل عليهم من السماء اية فظلت اعناقهم لها خاضعين قال اذا سمعوا الصوت اصبحوا وكأنما على رؤسهم الطير اقول قال الجزري في صفة الصحابة كأنما على رؤسهم الطير وصفهم ( وخصهم خ ) بالسكون والوقار وانهم لم يكن فيهم طيش ولا خفة لان الطير لا تكاد تقع الا على شيء ساكن وفيه عن هشام بن سالم قال قلت لابي عبد الله عليه السلام ان الحريري اخا ( اخاه خ ) اسحق يقول انكم تقولون هما نداءان فايهما الصادق من الكاذب فقال ابو عبد الله عليه السلام قولوا له ان الذي اخبرنا بذلك وانت تنكر ان هذا يكون هو الصادق وفيه بهذا الاسناد قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول هما صيحتان صيحة في اول الليل وصيحة في اخر الليل الثانية قال فقلت كيف ذلك فقال واحدة من السماء وواحدة من ابليس فقلت كيف تعرف هذه من هذه فقال يعرفها من كان سمع ( يسمع خ ) بها قبل ان تكون اقول قوله عليه السلام ( صيحة خ ) في اول الليل وصيحة في اخر الليل يحتمل ان يراد باول الليل اول النهار واخر ( باخر خ ) الليل اخر النهار لان احدهما يطلق على الاخر كما قال تعالى في اية زكريا قال ايتك الا تكلم الناس ثلثة ايام الا رمزا وقال تعالى ايتك الا تكلم الناس ثلاث ليال سويا اما لان اليوم عبارة عن دورة الفلك اربع وعشرين ساعة فيسمي باعتبار الوجود نهارا ويوما وباعتبار الكثرة ليلا واما لان الليل اصل للنهار في رتبة الصعود كما قال تعالى واية لهم الليل نسلخ منه النهار فيسمي النهار ليلا والنهار اصل الليل في رتبة النزول كما قال تعالى ولا الليل سابق النهار فيسمي الليل نهارا ويحتمل ان يكون قوله عليه السلام الثانية يراد معنى ( المراد منه المعنى خ ) الاخرى يعني السابقة بمعنى ( يعني خ ) ان واحدة اول الليل وهي صيحة ابليس اخر نهار اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان والثانية اي الاولى اعني صيحة جبرئيل عليه السلام اول نهار اليوم الثالث والعشرين ( منه خ ) لانه عند الفجر والداعي لحمل هذا الليل على النهار ان الموجود في الاخبار المتكثرة ان الصيحتين في النهار ولان الفائدة اسماع الخلق ووقوعه من ( في خ ) النهار اقرب لحصول الغرض وقوله عليه السلام في الحديث الذي قبل هذا قولوا له ان الذي اخبرنا بذلك وانت تنكر ان هذا يكون هو الصادق فيه استخدام يعني هو الصادق وانت في انكارك انت الكاذب ويعني هو الصادق جعفر بن محمد الذي لا تقدر على رد قوله واتى عليه السلام بالجواب على الطف وجه وفيه ما يدل على ذلك وهو ما رواه بسنده عن عبدالرحمن بن مسلم قال قلت لابي عبد الله عليه السلام ان الناس يوبخونا ( يوبخوننا خ ) ويقولون من اين يعرف المحق من المبطل اذا كانتا فقال ما تردون عليهم قلت فما نرد عليهم شيئا قال فقال قولوا لهم يصدق بها اذا كانت من كان مؤمنا بها قبل ان تكون قال الله عز وجل افمن يهدي الى الحق احق ان يتبع امن لا يهدي الا ان يهدى فما لكم كيف تحكمون اقول يعني قولوا لهم انتم ماعلمتم بانه ستكون صيحتان واذا اخبر به مخبر فان لم يكن خبره موافقا للواقع بان لم تقع صيحتان فلا حاجة في استعلام شيء وان وقعتا فالذي اخبركم بوقوعهما قبل ان يقعا يجب اتباعه وتصديقه في تعيين صيحة الحق من صيحة الباطل لانه هداكم الى الحق فهو احق ان يتبع وفيه عن ابي عبد الله عليه السلام قال ( اذا كان خ ) ليلة الجمعة يهبط الرب تبارك وتعالى ملائكته الى سماء الدنيا فاذا طلع الفجر نصب لمحمد وعليّ والحسنين عليه وعليهم السلام منابر من نور عند البيت المعمور فيصعدون عليها ويجمع لهم الملائكة والنبيين والمؤمنين وتفتح ( لهم خ ) ابواب السماء فاذا زالت الشمس قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا رب ميعادك الذي وعدت في كتابك وهو هذه الاية وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم الاية ويقول الملائكة والنبيون مثل ذلك ثم يخر محمد وعليّ والحسن والحسين سجدا ثم يقولون يا رب اغضب فانه قد هتك حريمك وقتل اصفياؤك واذل عبادك الصالحون فيفعل الله ما يشاء وذلك وقت معلوم اقول الذي يرد على خاطري في معنى ( المعنى خ ) المراد بهذا الدعاء في هذا الحديث ان تلك الليلة ليلة الجمعة هي الليلة العاشرة من المحرم التي يخرج في صبيحتها الحجة عجل الله فرجه فيدخل المسجد الحرام وهو يسوق عنيزات معه حتى يدخل بها المسجد ونقل انه يدخل وخطيب القوم على المنبر فيقتله بعصى موسى ثم يغيب فاذا جاء عشية تلك الليلة ليلة الجمعة وهي ليلة السبت الحادية‌ عشرة من المحرم صعد سطح الكعبة نصف الليل ونادى انصاره الثلاث‌ مائة وثلاثة ‌عشر وكان اجتماعهم (ع) مع الملائكة والنبيين حين انسل سيف ذوالفقار من غمده وعلم الحجة وهم عليهم السلام بحصول الاذن في خروجه عليه السلام فاجتمعوا يسئلون ( فيسئلون خ ) الله سبحانه انجاز ميعاده وذلك حين دخوله عليه السلام المسجد يسوق العنيزات السبع او الثمان وهو حينئذ غير معروف الحال فقوله عليه السلام فيفعل الله ما يشاء اشارة الى استجابة دعوتهم وانجاز وعده لهم لانه لو لم يشأ ذلك لما اذن له في الظهور ويحتمل ( يجول خ ) في خاطري ما هو ارجح من الاول وهو انهم يعني محمدا وعليّا والحسن والحسين صلى الله عليه وعليهم لما نظروا الى الاصلاب ولم يروا في شيء من اصلاب الكفار احدا من المؤمنين بل وقع التنزيل ( التزيل خ ) الذي وعدهم الله عنده ( وعد الله لهم خ ) اجتمعوا لاستنجاز الوعد فلما اجابهم ( الله خ ) عز وجل وعرفوا الاجابة بما القى في قلوبهم من برد الاجابة وبخروج سيف ذوالفقار من غمده دخل المسجد الحرام وقتل خطيبهم وصعد ليلة السبت ظهر الكعبة على نحو ما يأتي ان شاء الله تعالى وفيه عن يعقوب السراج قال قلت لابي عبد الله عليه السلام متى فرج شيعتكم قال فقال اذ اختلف ولد العباس ووها سلطانهم وطمع فيهم وخلعت العرب اعنتها ورفع كل ذي صيصة صيصته ( كل شيء ذي صيصية صيصية خ ) وظهر الشامي السفياني واليماني واقبل وتحرك الحسنى وخرج صاحب هذا الامر من المدينة الى مكة بتراث رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت وما تراث رسول الله صلى الله عليه وآله قال سيف رسول الله صلى الله عليه وآله ودرعه وعمامته وبرده وقضيبه ورايته ولامة حربه وسرجه حتى ينزل مكة فيخرج السيف من غمده ويلبس الدرع وينشر الراية والبردة والعمامة ويتناول القضيب بيده ويستأذن الله في ظهوره فيطلع على ذلك بعض مواليه فيأتي الحسني فيخبره الخبر فيبتدر الحسني الى الخروج فيثب عليه اهل مكة ويقتلونه ويبعثون برأسه الى الشام فيظهر عند ذلك صاحب الامر فيبايعه الناس ويتبعونه ويبعث الشامي عند ذلك جيشا الى المدينة فيهلكهم الله عز وجل دونها ويهرب يومئذ من كان بالمدينة من ولد عليّ عليه السلام الى مكة فيلحقون بصاحب هذا الامر ويقبل صاحب الامر نحو العراق ويبعث جيشا الى المدينة فيأمن اهلها ويرجعون اليها اقول خلعت العرب اعنتها اي خرجت عن طاعتهم وطلب كل منهم الرياسة لنفسه وخروجهم عن سلطان العجم وتملكهم البلاد كما ذكره المفيد في الارشاد والصيصة ( الصيصية خ ) بكسر الصادين ثم الياء المثناة من تحت المفتوحة المخففة الحصن وما يمتنع به ورفعه علاه وقوله فيخرج السيف من غمده على ما يظهر لي ان خروج السيف بعد ان سألوا الله عز وجل انجاز الوعد وبعد قتل الخطيب لانه حين قتل الخطيب لم يلبس الدرع ولم ينشر الراية الخ والاستيذان في الظهور ملابس للبس لامة الحرب ويحتمل ان خروج السيف قبل السؤال وانه مع النظر ما ( نظرها خ ) في الاصلاب باعثان على السؤال او هو الباعث على النظر والنظر باعث على السؤال والله اعلم وفي الكافي عن عيض ( عيص خ ) بن القاسم قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول عليكم بتقوى الله وحده لا شريك له وانظروا لانفسكم فوالله ان الرجل ليكون له الغنم فيها الراعي فاذا وجد رجلا هو اعلم بغنمه من الذي هو فيها يخرجه ويجيء بذلك الذي هو اعلم بغنمه من الذي كان فيها والله لو كانت لاحدكم نفسان يقاتل بواحدة يجرب بها ثم كانت الاخرى باقية تعمل على ما قد استبان لها ولكن له نفس واحدة اذا ذهبت فقد والله ذهبت التوبة فانتم احق ان تختاروا لانفسكم ان اتيكم ات منا فانظروا على اي شيء تخرجون ولا تقولوا خرج زيد فان زيدا كان عالما وكان صدوقا ولم يدعكم الى نفسه انما دعاكم الى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله ولو ظهر لوفى بما دعاكم اليه انما خرج الى سلطان مجتمع لينقضه فالخارج منا اليوم الى اي شيء يدعوكم الى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله فنحن نشهدكم انا لسنا نرضى به وهو يعصينا اليوم وليس معه احد وهو اذا كانت الرايات والالوية اجدر الا يسمع منا الا من اجتمعت بنو فاطمة معه فوالله ما صاحبكم لله الا من اجتمعوا عليه اذا كان رجب فاقبلوا على اسم الله عز وجل وان احببتم ان تتأخروا الى شعبان فلا جبر وان احببتم ان تصوموا في اهاليكم فلعل ذلك ان يكون اقوى لكم وكفاكم بالسفياني علامة اقول لعل المراد بقوله اذا كان رجب فاقبلوا على اسم الله عز وجل بعد ان نهاكم عن الحركة والقيام وان كان مع احد منهم من اولاد فاطمة عليها السلام انه رجب الخامس فان الاربعة قد مضت كما دلت عليه رواية قرب الاسناد للشيخ الجليل الثقة ابي جعفر بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن الحسين بن جامع بن مالك الحميري القمي على قول ابن ‌ادريس او لوالده عبد الله بن جعفر كما صرح به النجاشي بسنده الى البزنطي قال سمعت الرضا عليه السلام يقول يزعم ابن ‌ابي ‌حمزة ان جعفر زعم ان ( اني خ ) ابي القائم وما علم جعفر بما يحدث من امر الله فوالله لقد قال الله تبارك وتعالى يحكي لرسوله صلى الله عليه وآله ما ادري ما يفعل بي ولا بكم ان اتبع الا ما يوحى الى وكان ابو جعفر عليه السلام يقول اربعة احداث تكون بمثل ( قبل خ ) قيام القائم عليه السلام تدل على خروجه منها احداث قد مضي فيها ثلاثة وبقي واحد قلنا جعلت فداك وما مضي منها قال رجب خلع فيه صاحب خراسان ورجب وثب فيه على ابن زبيدة ورجب يخرج فيه محمد بن ابراهيم بالكوفة قلنا له فالرجب الرابع متصل به قال هكذا قال ابو جعفر اقول هكذا يعني ذكر ابو جعفر الامر مجملا ولم ‌يبين اتصاله بها او انفصاله فالاول خلع صاحب خراسان الظاهر انه المأمون لانه وقع في رجب حين خلعه الامين عن الخلافة وامر بمحو اسمه عن الدراهم والخطب والثاني خلع الامين محمد بن زبيدة كان في رجب ايضا والثالث اشارة الى ظهور محمد بن ابراهيم بن اسمعيل بن ابراهيم بن الحسن المعروف بابن‌طباطبا بالكوفة لعشر خلون من جمادي الاخرة في نحو مأتين من الهجرة متصلا برجب ولا يبعد ان يكون المراد بقوله عليه السلام هكذا قال ابو جعفر عليه السلام تقرير السائل على قوله فالرجب الرابع متصل به فيكون الرابع دخوله اي الرضا عليه السلام خراسان ( بخراسان خ ) بعد خروج محمد بن ابراهيم بسنة تقريبا ويحتمل ان يكون دخوله خراسان في رجب على الظاهر فاذا كان رجب من السنة التي يخرج فيها القائم عليه السلام بعث الله من شاء الله تعالى ان يبعثه مع القائم عليه السلام لنصرته وفيه الثلاث الصيحات كما تقدم واستيلاء السفياني على الكور الخمس من الشام وبعثه عسكرا ( عسكر خ ) الى الكوفة وعسكرا ( عسكر خ ) الى المدينة فهذا رجب الخامس في كل واحد منها اية او ايات لظهور القائم عليه السلام في تلك السنة

فصل - في وقت خروجه عليه السلام اعلم ان خروج الحجة عليه السلام اول الاستدارة الثانية للفلك على الاستقامة فيجب ان يكون على الهيئة التي خلق عليها العالم ودار عليها الفلك على تمام استقامة النظام فيجب ان يكون يوم خروجه يوم النوروز لانه اليوم الذي خلق الله فيه العالم فعن المعلي بن خنيس عن ابي عبد الله عليه السلام قال يوم النوروز هو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا اهل البيت وولاة الامر يظفره الله تعالى بالدجال فيصلبه على كناسة الكوفة وما من يوم نوروز الا ونحن نتوقع فيه الفرج لانه من ايامنا حفظته الفرس و ( انتم خ ) ضيعتموه وفي الاكمال عن ابي ‌بصير قال قال ابو عبد الله عليه السلام يخرج القائم عليه السلام يوم السبت يوم عاشوراء اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام وفي غيبة الطوسي عن عليّ بن مهزيار قال قال ابو جعفر عليه السلام كاني بالقائم يوم عاشوراء يوم السبت قائما بين الركن والمقام بين يديه جبرئيل عليه السلام ينادي البيعة لله فيملأها عدلا كما ملئت ظلما وجورا وفي الخصال عن ابي عبد الله عليه السلام قال يخرج قائمنا اهل البيت يوم الجمعة وفي غيبة الطوسي عن ابي بصير قال قال ابو عبد الله عليه السلام ان القائم عليه السلام ينادي باسمه في ثلاث وعشرين ويقوم يوم عاشوراء يوم قتل فيه الحسين بن عليّ عليهما السلام وفي غيبة النعماني عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال يوم القائم يوم عاشوراء وفي ارشاد المفيد عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال لا يخرج القائم عليه السلام الا في وتر من السنين سنة احدي او ثلاث او خمس او سبع او تسع اقول قد دلت الاخبار ( الروايات خ ) عنهم عليهم السلام على انه يخرج في وتر من السنين كما اشعر به هذا الخبر ويكون في ( يوم خ ) عاشوراء اليوم العاشر من المحرم ويكون يوم الجمعة ويكون يوم النوروز بعد ان يغيب كما لبث ( بعث خ ) نوح في قومه اما الوتر من السنين فلأنه عدد مستأنف ينبغي ان يبتدأ فيه بالوتر وفي عاشوراء اليوم العاشر من المحرم لانه اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام وهو عليه السلام ولي دمه فيخرج في يوم قتله لطلب ثاره وفي يوم الجمعة الذي تجتمع فيه الخصوم وفي يوم النوروز لان خروجه عليه السلام ابتداء يوم جديد ودين ( بدين خ ) جديد ونشأة اخرى غير ( عين خ ) النشأة الدنيا وبعد ان يغيب غيبته كما لبث ( بعث خ ) نوح في قومه ليتزيل ( لينزل خ ) ما في اصلاب اعدائه من اوليائه للعلة التي صابر نوح عليه السلام ( في خ ) قومه لاجلها وللعلة التي اخرت دعوة موسى وهرون اربعين سنة بعد اجابتها وفي يوم السبت لاجل قطع دابر القوم الذين ظلموا فاذا توفرت الشروط ظهر بلا مهلة لان ظهوره لطف لا يجوز في الحكمة منعه الا لمانع لا يكون ذلك اللطف معه لطفا فاذا نظر في الاصلاب ودعا محمد واهل بيته انسل ذو الفقار من غمده واذا انسل ذو الفقار من غمده وجد الباعث في قلبه على الخروج وبالجملة يحصل له الباعث على الخروج بالاسباب او ان الباعث هو المتمم للاسباب والباعث شيء يقذفه الله في قلبه عليه السلام وفي غيبة الطوسي عن المفضل بن عمر قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن تفسير جابر قال عليه السلام لا تحدث به السفلة فيذيعونه اما تقرأ كتاب الله فاذا نقر في الناقور ان منا اماما مستترا ( مستورا خ ) فاذا اراد الله اظهار امره نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بامر الله اقول وهذه النكتة هي النقر والنقر هو النكت والناقور هو الصور وهو قلب الامام عليه السلام وراجع هنا ما مر

فصل - في بعض كيفية خروجه اعلم ان الاخبار في ذلك كثيرة جدا مشتملة على معان متعددة لا يكاد يجمعها خبر نعم اغلب تلك المعاني توجد في حديث المفضل بن عمر وسيأتي ان شاء الله تعالى ونحن نذكر شيئا من تلك المعاني تحصيلا لبعض الترتيب في هذا الفصل وتقدم من هذا حديث الاختصاص وفي غيبة الطوسي عن حذيفة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وذكر المهدي فقال انه يبايع بين الركن والمقام اسمه احمد وعبد الله والمهدي فهذه اسماء ثلثة اقول لما كان محمد صلى الله عليه وآله خاتم النبيين والحجة عليه السلام خاتم الوصيين اقتضت الحكمة ان يسمى باسمائه وكان صلى الله عليه وآله اسمه في الارض محمد وفي السماء احمد وهو عبد الله في اللقب وابوالقاسم في الكنية وكان خاتم الولاية سميا له فاسمه عجل الله فرجه محمد ويسمى باحمد وهو الاسم الذي يخفي كالاول يعني ان اسمه الذي يخفى عن العامة محمد خوفا عليه منهم واسمه الذي يخفى معناه عن كثير من شيعته احمد وانما يعرفونه بالاول وله اسم يظهر وهو المهدي وبه يعرف عند الخاصة والعامة لانه غير معين له فلا يخشى عليه من اظهار هذا الاسم لعدم التخصيص وفي الاكمال في وصف امير المؤمنين للقائم عليه السلام وله اسمان اسم يخفى واسم يعلن فاما الذي يخفى فاحمد واما الذي يعلن فمحمد الحديث والمراد ان اسمه محمد يعلن بعد الغيبة الكبرى واما ما قبلها فهو ايضا يخفى لما قلنا وهو في غيبته في السماء في قرية يقال لها كرعة في اليمن بواد يقال له شمروخ وشمريخ روي المفيد رحمه الله في الكفاية بسنده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج من اليمن من قرية يقال لها كرعة على رأسه عمامتي متدرع بدرعي متقلد بسيفي ذي‌الفقار ومناد ينادي هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه وفي مكاتبة الحجة عليه السلام للمفيد (ره) فنحن مقيمون بارض اليمن بواد يقال ( له خ ) شمروخ وشمريخ والسلام ه‍ وعن عبد الله بن عمر راوي حديث الكفاية السابق على هذه المكاتبة قال عليّ بن عيسى هذا حديث حسن رزقناه عاليا اخرجه ابو الشيخ الاصفهاني في عواليه اقول هذه القرية بطيبة كما اشير اليه في قوله عليه السلام في الكافي عن ابي عبد الله انه قال لا بد لصاحب هذا الامر من غيبة ولا بد له في غيبته من عزلة ونعم المنزل طيبة وما بثلاثين من وحشة يعني والله اعلم ان هذه القرية التي يقال لها كرعة في الوادي المذكور المسمى بشمروخ وشمريخ في اليمن وقد كان معه من الابدال والنقباء ثلاثون نقيبا وهذا كلام جرى على غير ظاهره فالمراد باليمن جهة العقل من الولاية والمراد بطيبة التي هي المدينة المشرفة طيبة التي ( هي خ ) في السماء الواقعة في الاقليم الثامن المسمى سفليه بجابلقا وجابرسا وعلويه بهورقليا ولهذا قلنا انها في السماء لانها ( لان خ ) اسفله في الرتبة فوق محدد الجهات لا في الجهة اذ لا جهة ولا شيء مخلوق خلف محدد الجهات بل ولا خلف له وانما الواقع ان الله سبحانه لم يخلق الا محدد الجهات وما في جوفه واما عالم الغيب و ( عالما الغيب خ ) الجبروت والملكوت وعالم البرزخ والمثال فهي في جوف محدد الجهات في غيبه وقولي فهو في السماء في غيبه ( فهو في غيبته غيبة في السماء خ ) اريد به سماء البرزخ لانه في هذا العالم الذي نحن فيه ويمشي في الارض ولكن لا يعرف ونزوله الى الارض كناية عن ظهوره للناس حتى يعرف فاذا قلنا ان اسمه في السماء احمد كما ان جده رسول الله صلى الله عليه وآله اسمه في السماء احمد نريد به الان هذا السماء الذي نشير اليه لانه ( انه خ ) صعد اليه وغاب فيه عن الناس وان كان يدعي ايضا في السماء المعروف باحمد كما يدعي رسول الله صلى الله عليه وآله فيه باحمد يعني انه معروف في السماء بانه احمد خاتم الولاية كما ان محمدا صلى الله عليه وآله يعرف في السماء بانه احمد خاتم النبوة قال وهو ايضا عبد الله على ما فسر به في حق النبي صلى الله عليه وآله كما قال ( في مصباح الشريعة عن خ ) الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا ان العبد عين وباء ودال فالعين علمه بالله والباء بونه عن الخلق ( عما سواه خ ) والدال دنوه من الخالق ( الله خ ) بغير اشارة ولا كيف او كما قال ويكني اباالقاسم ايضا على بعض معاني ما فسر به في كنية رسول الله صلى الله عليه وآله واما على البعض الاخر فلا يمكن الا بتأويل بعيد يطول بذكره البيان مع شدة صعوبته على الاذهان ويكنى بابي عبد الله ايضا كما يكنى به رسول الله صلى الله عليه وآله قال عليّ بن عيسى الاربلي رحمه الله في كشف الغمة ايضا من الاحاديث الاربعين التي وقعت له من طرق العامة جمعها الحافظ ابونعيم احمد بن عبد الله بسنده عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لو لم يبق من الدنيا الا يوم واحد لبعث الله رجلا اسمه اسمي وخلقه خلقي يكني ابا عبد الله قال هذا حديث حسن رزقناه عاليا بحمد الله ومعنى قوله صلى الله عليه وآله خلقه خلقي من احسن الكنايات عن انتقام المهدي من الكفار لدين الله تعالى كما كان النبي صلى الله عليه وآله وقد قال تعالى وانك لعلي خلق عظيم قال الفقير الى الله عليّ بن عيسى عفى الله عنه العجب قوله من احسن الكنايات الى اخر الكلام ومن اين تحجر على الخلق فجعله مقصورا على الانتقام فقط وهو عام في جميع اخلاق النبي صلى الله عليه وآله من كرمه وشرفه وعلمه وحلمه وشجاعته وغير ذلك من اخلاقه التي عددتها صدر هذا الكتاب واعجب من قوله ذكر الاية دليلا على ما قرره انتهى ( اقول خ ) كلام عليّ بن عيسى رحمه الله مع الحافظ ابي‌نعيم واقول لعل وجه استدلال الحافظ بهذه الاية ان القائم عليه السلام على خلق عظيم حتى انه خشن في ذات الله غير مداهن في دينه لا تأخذه في الله لومة لائم كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله لان الاية وقعت معقبة بقوله فستبصر ويبصرون بايكم المفتون يعني اذا مكنك الله منهم وانتقمت لله يتبين لهم ايكم المفتون والمجنون انت ام هم فيتجه الاستدلال فتدبر ولعل المراد من قوله صلى الله عليه وآله يكني ابا عبد الله انه شبيه لي في اسمي محمد واحمد وكنيتي بابي‌القاسم وفي خلقي بضم الخاء حتى انه ليسمي بكنيتي الغير المشتهرة فافهم فقوله صلى الله عليه وآله في حديث الغيبة اسمه احمد وعبد الله والمهدي يفهم منه انه سمي له في اكثر اسمائه والقابه وكناه الا ما يختص بالنبوة وفي الاكمال عن سيد العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام قال المفقودون عن فرشهم ثلثمائة وثلاثة‌ عشر رجلا عدة اصحاب بدر فيصبحون بمكة وهو قول الله عز وجل اينما تكونوا يأت بكم الله جميعا وهم اصحاب القائم عليه السلام اقول انهم كانوا ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان بعد ان فرغوا من تهجدهم ناموا فيصبح احدهم وتحت رأسه ورقة مكتوب فيها طاعة معروفة كما روي عنهم عليهم السلام في الاكمال عن عبد الله بن عجلان قال ذكرنا خروج القائم عليه السلام عند ابي عبد الله عليه السلام فقلت له كيف لنا بعلم ذلك فقال يصبح احدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب طاعة معروفة وروي انه يكون في راية المهدي عليه السلام البيعة لله فيستعدون للقائم ( للقائه خ ) عليه السلام فاذا كان ليلة السبت من المحرم عشية يوم الجمعة يوم عاشورا صعد على سطح الكعبة ( وينادي اصحابه الثلثمائة وثلثة ‌عشر رجلا فيجتمعون عنده في صبيحة تلك الليلة خ ) وفي حلية الابرار للسيد هاشم التوبلي عن ابي بصير قال قال ابو جعفر عليه السلام يخرج القائم عليه السلام يوم السبت يوم عاشوراء يوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام اقول قد تقدم ان خروجه عليه السلام يوم الجمعة العاشر من المحرم وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين عليه السلام ويوم السبت يخرج في ليلته ويصعد الكعبة ويدعو انصاره وتلك الليلة عشية الجمعة فقوله عليه السلام يوم السبت يوم عاشورا يراد منه انه يخرج عشية الجمعة يوم عاشوراء الذي قتل فيه الحسين عليه السلام مستخفيا غير معروف ويستعلن ظاهرا معروفا يوم السبت فيوم ( فاليوم خ ) الذي قتل فيه الحسين عليه السلام بدل من يوم ( عاشوراء خ ) ويوم السبت معمول يخرج يعني ظاهرا معروفا وفيه عن ابي عبد الله عليه السلام قال اذا اراد الله قيام القائم عليه السلام بعث جبرئيل في صورة طائر ابيض فيضع احدي رجليه على الكعبة والاخرى على بيت المقدس ثم ينادي باعلى صوته اتى امر الله فلا تستعجلوه قال فيحضر القائم عليه السلام فيصلي عند مقام ابراهيم عليه السلام ( ركعتين خ ) ثم ينصرف وحواليه انصاره وهم ثلثمائة وثلاثة ‌عشر رجلا ان فيهم لمن يسري من فراشه ليلا فيخرج ومعه الحجر فيلقيه فتعشب الارض وفي الانوار المضيئة عن ابي بصير عن ابي جعفر عليه السلام في حديث طويل الى ان قال يقول القائم عليه السلام لاصحابه يا قوم ان اهل مكة لا يريدونني ولكني مرسل اليهم لاحتج عليهم فماينبغي لمثلي الا ان يحتج عليهم فيدعو رجلا من اصحابه فيقول له اذهب الى اهل مكة فقل يا اهل مكة انا رسول فلان اليكم وهو يقول لكم انا اهل بيت الرحمة ومعدن الرسالة والخلافة ونحن ذرية محمد وسلالة النبيين وانا قد ظلمنا واضطهدنا وقهرنا وابتز منا حقنا منذ قبض نبينا الى يومنا هذا فنحن نستنصركم فانصرونا فاذا تكلم هذا الفتى بهذا الكلام اتوا اليه فذبحوه بين الركن والمقام وهي النفس الزكية فاذا بلغ ذلك الامام عليه السلام قال لاصحابه الا اخبرتكم ان اهل مكة لا يريدوننا فلا يدعونه حتى يخرج فيهبط من عقبة طوي في ثلثمائة وثلاثة ‌عشر رجلا عدة اهل بدر حتى يأتي المسجد الحرام فيصلي فيه عند مقام ابراهيم اربع ركعات ويسند ظهره الى الحجرالاسود ثم يحمد الله ويثني عليه ويذكر النبي صلى الله عليه وآله ويصلي عليه ويتكلم بكلام لم يتكلم به احد من الناس فيكون اول من يضرب على يده ويبايعه جبرئيل وميكائيل ويقوم معهما رسول الله وامير المؤمنين صلى الله عليهما والهما فيدفعان اليه كتابا جديدا هو على العرب شديد بخاتم رطب فيقولون له اعمل بما فيه ويبايعه الثلثمائة ( وثلاثة‌ عشر رجلا خ ) وقليل من اهل مكة حتى يكون في مثل الحلقة قلت وما الحلقة قال عشرة الاف رجل جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله ثم يهز الراية الجليلة وينشرها وهي راية رسول الله صلى الله عليه وآله السحاب ودرع رسول الله صلى الله عليه وآله السابغة ويتقلد بسيف رسول الله صلى الله عليه وآله ذي ‌الفقار وفي خبر اخر ما من بلدة الا ويخرج منهم طائفة الا البصرة فانه لا يخرج منها احد

فصل - ومما يتعلق ببعض احواله واحوال اصحابه وسيرته ومسيره من مكة عليه السلام روى العياشي في تفسيره عن عبد الاعلى الحلبي قال قال ابو جعفر عليه السلام تكون لصاحب هذا الامر غيبة في بعض الشعاب ثم اومي بيده الى ناحية ذي‌ طوى حتى اذا كان قبل خروجه بليلتين انتهى المولى الذي يكون بين يديه حتى يلقى بعض اصحابه فيقول كم انتم هيهنا فيقولون نحو من اربعين رجلا فيقول كيف انتم لو قد رأيتم صاحبكم فيقولون والله لو يأوي بنا الجبال لاويناها معه ثم يأتيهم من القابلة فيقول لهم اشيروا الى ذوي اسنانكم واخياركم عشرة فيشيرون اليه فينطلق بهم حتى يأتوا صاحبهم ويعدهم الى الليلة التي تليها ثم قال ابو جعفر عليه السلام والله لكأني انظر اليه وقد اسند ظهره الى الحجرالاسود ثم ينشد الله حقه ثم يقول ايها الناس من يحاجني في الله فانا اولى الناس بالله ( يا ايها الناس من يحاجني في نوح فانا اولى الناس بنوح خ ) يا ايها الناس من يحاجني في ابراهيم فانا اولى الناس بابرهيم يا ايها الناس من يحاجني في موسى فانا اولى الناس بموسى يا ايها الناس من يحاجني في عيسى فانا اولى الناس بعيسى يا ايها الناس من يحاجني في محمد فانا اولى الناس بمحمد صلى الله عليه وآله يا ايها الناس من يحاجني في كتاب الله فانا اولى الناس بكتاب الله ثم ينتهي الى المقام فيصلي عنده ركعتين ثم ينشد الله حقه ثم قال ابو جعفر عليه السلام هو والله المضطر في كتاب الله وهو قول الله تعالى امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الارض وجبرئيل على الميزاب في صورة طائر ابيض فيكون اول خلق الله يبايعه جبرئيل ويبايعه الثلاث ‌مائة والبضعة العشر رجلا قال قال ابو جعفر عليه السلام فمن ابتلي في المسير وافاه في تلك الساعة ومن لم يبتل بالمسير فقد عن فراشه ثم قال هو والله قول عليّ بن ابي طالب عليه السلام المفقودون عن فرشهم وهو قول الله فاستبقوا الخيرات اينما تكونوا يأت بكم الله جميعا اصحاب القائم عليه السلام الثلثمائة والبضعة عشر رجلا قال هم والله المعدودة التي قال يجمعون في ساعة واحدة قزعا كقزع الخريف فيصبح بمكة فيدعو الناس الى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله فيجيبه نفر يسير ويستعمل على مكة ثم يسير فيبلغه ان قد قتل عامله فيرجع اليهم فيقتل المقاتلة لا يزيد على ذلك شيئا يعني السبي ثم ينطلق يدعو الناس الى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله والولاية لعليّ بن ابي طالب والبراءة من عدوه ولا يسمي احدا حتى ينتهي الى البيداء فيخرج اليه جيش السفياني فيأمر الله الارض فتأخذهم من تحت اقدامهم وهو قول الله ولو ترى اذ فزعوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب وقالوا امنا به يعني بقائم آل محمد وقد كفروا به يعني بقائم آل محمد الى اخر السورة فلا يبقى منهم الا رجلان يقال لهما وتر ووتيرة من مراد ووجوههما في اقفيتهما يمشيان القهقري يخبران الناس بما فعل الله باصحابهما ثم يدخل المدينة فتغيب عنهم عند ذلك قريش وهو قول عليّ بن ابي طالب والله لودت قريش ان عندها موقفا واحدا جزر جزور بكل ما ملكت وكل ما طلعت عليه الشمس او غربت ثم يحدث حدثا فاذا هو فعل ذلك قالت قريش اخرجوا بنا الى هذه الطاغية فوالله ان لو كان محمديا مافعل ولو كان فاطميا مافعل فمنحه الله اكتافهم فيقتل المقاتلة ويسبي الذرية ثم ينطلق حتى ينزل الشقرة فيبلغه انهم قتلوا عامله فيرجع اليهم فيقتلهم ليس قتلة الحرة اليها ( عليها خ ) بشيء ثم ينطلق فيدعو الناس الى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله والولاية لعلي بن ابي طالب صلوات الله عليهما والهما والبراءة من عدوه حتى اذا بلغ الثعلبية قام اليه رجل من صلب ابيه وهو اشد الناس ببدنه واشجعهم بقلبه ما خلا صاحب هذا الامر فيقول يا هذا ما تصنع فوالله انك لتجفل الناس اجفال النعم ( الغنم خ ) افبعهد رسول الله صلى الله عليه وآله ام بماذا فيقول المولي الذي ولي البيعة والله لتسكتن ( لتسكنن خ ) او لاضربن الذي فيه عيناك فيقول القائم عليه السلام اسكت يا فلان والله ان معي عهدا من رسول الله صلى الله عليه وآله هات لي فلان العيبة والزنفلجة فيأتيه بها فيقرأه العهد من رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول جعلني الله فداك اعطني رأسك اقبله فيعطيه رأسه فيقبله بين عينيه ثم يقول جعلني الله فداك جدد لنا بيعة فيجدد لهم بيعته قال ابو جعفر عليه السلام لكأني انظر اليهم مصعدين من نجف الكوفة ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا كأن قلوبهم زبر الحديد جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره يسير الرعب امامه شهرا وخلفه شهرا امده الله بخمسة الاف من الملائكة مسومين حتى اذا صعد النجف قال لاصحابه تعبدوا ليلتكم هذه فيبيتون بين راكع وساجد يتضرعون الى الله حتى اذا اصبح قال خذوا بنا طريق النخيلة وعلى الكوفة خندق مخندق قلت مخندق قال اي والله حتى ينتهي الى مسجد ابراهيم عليه السلام بالنخيلة فيصلي فيه ركعتين فيخرج اليه من كان بالكوفة من مرجئها وغيرهم من جيش السفياني فيقول لاصحابه استطردوا لهم ثم يقول كروا عليهم قال ابو جعفر عليه السلام لا يجوز والله الخندق منهم مخبر ( مجيز خ ) ثم يدخل الكوفة فلا يبقى مؤمن الا كان فيها او حن اليها وهو قول امير المؤمنين عليه السلام ثم يقول لاصحابه سيروا الى هذه الطاغية فيدعوه ( فيدعو خ ) الى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله فيعطيه السفياني من البيعة سلما فيقول له كلب وهم اخواله ما هذا ما صنعت والله ما نبايعك على هذا ابدا فيقول ما اصنع فيقولون ( له خ ) استقبله ثم يقول له القائم عليه السلام خذ حذرك فاني اديت اليك وانا مقاتلك فيصبح فيقاتلهم فيمنحه الله اكتافهم ويأخذ السفياني اسيرا فينطلق به فيذبحه بيده ثم يرسل جريدة خيل الى الروم ليستحضروا ( ليحضروا خ ) بقية بني امية فاذا انتهوا الى الروم قالوا اخرجوا الينا اهل ملتنا عندكم فيأبون ويقولون والله لا نفعل فتقول الجريدة والله لو امرنا لقاتلناكم ثم يرجعون الى صاحبهم فيعرضون ذلك عليه فيقول انطلقوا فاخرجوا اليهم اصحابهم فان هؤلاء قد اتوا بسلطان عظيم وهو قول الله فلما احسوا بأسنا اذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا الى ما اترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون قال يعني الكنوز التي كنتم تكنزون قالوا يا ويلنا انا كنا ظالمين فما زالت تلك دعويهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين لا يبقى منهم مخبر ثم يرجع الى الكوفة فيبعث الثلاثمائة والبضعة عشر رجلا الى الافاق كلها فيمسح بين اكتافهم وعلى صدورهم فلا يتعايون في قضاء ولا يبقى ارض الا يؤدي ( نودي خ ) فيها الشهادة ( بشهادة خ ) الا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وهو قوله وله اسلم من في السموات والارض طوعا وكرها واليه ترجعون ولا يقبل صاحب هذا الامر الجزية كما قبلها رسول الله صلى الله عليه وآله وهو قول الله عز وجل وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله قال ابو جعفر عليه السلام يقاتلون والله حتى يوحد الله ولا يشرك به شيء وحتى تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب ولا ينهاها احد ويخرج الله من الارض بذرها وينزل من السماء قطرها ويخرج الناس خراجهم على رقابهم الى المهدي عليه السلام ويوسع الله على شيعتنا ولولا ما يدركهم من السعادة لبغوا فبينا صاحب هذا الامر قد حكم ببعض الاحكام وتكلم ببعض السنن اذ خرجت خارجة من المسجد يريدون الخروج عليه فيقول لاصحابه انطلقوا فيلحقونهم في التمارين فيأتون ( فيأتونه خ ) بهم اسرى فيأمر بهم فيذبحون وهي اخر خارجة تخرج على قائم آل محمد صلى الله عليه وآله اقول قوله عليه السلام غيبة في بعض الشعاب الظاهر ان هذا بعد خروجه من المدينة قبل دخوله المسجد الحرام بالعنيزات يوم الجمعة العاشر من المحرم قوله انتهى المولى الذي يكون بين يديه الى الان لم يظهر لي اسمه من الاخبار التي وقفت عليها والذي يجول في خاطري انه المسيح عليه السلام والله اعلم قوله نحو من اربعين رجلا هؤلاء من النقباء ( وخ ) من جملة الثلثمائة والثلاثة ‌عشر غير الثلثين الذين معه عليه السلام في طيبة قوله وجبرئيل على الميزاب يعني ميزاب الكعبة لان عمدة ندائه اسماع اهل الشام والمدينة ومن يليهم لشدة ( بشدة خ ) طغيانهم وبغيهم على الامام عليه السلام لانهم حين النداء كانت كور ( الشام خ ) الخمس في ملك السفياني وطاعته فكان على الميزاب مما يلي حجر اسمعيل عليه السلام ليسمعهم الدعوة ولعل وقوعه عند البيعة على الميزاب منه ( منبه خ ) لهم في مقابلته عند البيعة لقائم آل محمد صلى الله عليه وآله الذي دعاهم اليه وسماه لهم باسمه قوله فيكون اول خلق الله يبايعه جبرئيل عليه السلام يراد منه المبايعة التي هي الطاعة والامتثال والانقياد للخدمة لا مطلق المبايعة والا لشملت مبايعة الاذن فلا يكون جبرئيل عليه السلام اول خلق الله مبايعة للقائم عليه السلام بل اول من يبايعه محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ثم من بعده على صلوات الله عليه وهي مبايعة الاذن بالقيام فعن ابي‌حمزة الثمالي قال سمعت ابا جعفر محمد بن عليّ عليهما السلام يقول لو خرج قائم آل محمد عليهم السلام لنصره الله بالملائكة المسومين والمردفين والمنزلين والكروبيين يكون جبرئيل امامه وميكائيل عن يمينه واسرافيل عن يساره والرعب مسيرة شهر امامه وخلفه وعن يمينه وعن شماله والملائكة المقربون حذائه اول من يبايعه محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وعليّ عليه السلام الثاني ومعه سيف مخترط يفتح الله به الروم والصين والترك والديلم والسند والهند وكابل ‌شاه والخزر يا اباحمزة لا يقوم القائم عليه السلام الا على خوف شديد وزلزال وفتنة وبلاء يصيب الناس وطاعون قبل ذلك وسيف قاطع بين العرب واختلاف شديد من الناس وتشتت في ( ما في خ ) دينهم وتغير في حالهم حتى يتمنى الموت صباحا ومساء من عظم ما يرى من كلب الناس واكل بعضهم بعضا وخروجه اذا خرج عند الايات والقنوط فيا طوبى لمن ادركه وكان من انصاره والويل كل الويل لمن ناواه وخالف امره وكان من اعدائه ثم قال يقوم بامر جديد وكتاب جديد وسنة جديدة وقضاء جديد على العرب شديد ليس شأنه الا القتل لا يستنيب ( لا يستتيب خ ) احدا لا تأخذه في الله لومة لائم اقول ان اول من يبايعه محمد ( رسول الله خ ) صلى الله عليه وآله وعلى صلوات الله عليه الثاني مبايعة الرخصة له والاذن في الظهور وفي القيام بما يراد منه وهذه لا بد ان تكون سابقة واما مبايعة جبرئيل عليه السلام فمبايعة الطاعة وامتثال الامر فافهم وقوله عليه السلام فمن ابتلي في المسير الى اخره لان النقباء عرفوا قيامه بالعلامات الخاصة وهي الواقعة في سنة قيامه فمنهم من سار الى مكة وما يقرب منها استعدادا للقائه عليه السلام فاذا خرج عليه السلام وافاه عند اول خروجه عجل الله خروجه ( فرجه خ ) ومنهم من لم يسر وليس لعدم الاستعداد بل لعله للاستعداد او لايمانه بانه لا يتأخر اذا دعاه اما لان الارض تطوى له او لان السحاب تحمله وذلك على حسب ايمانهم وروى المفضل بن عمر قال قال ابو عبد الله عليه السلام اذا اوذي الامام عليه السلام دعا الله عز وجل باسمه العبراني فانتخب ( فانتجب خ ) اصحابه الثلثمائة والثلاثة‌ عشر قزع كقزع الخريف وهم اصحاب الالوية منهم من يفتقد من فراشه ليلا فيصبح بمكة ومنهم من يسير في السحاب نهارا يعرف باسمه واسم ابيه وحليته ونسبه قلت جعلت فداك ايهما اعظم ايمانا قال الذي يسير في السحاب نهارا وهم المفقودون وفيهم نزلت اينما تكونوا يأت بكم الله جميعا قوله عليه السلام والله المعدودة اي الفئة المعدودة كناية عن قلتها كما قال الله تعالى كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله وعن انتصارها على من عاداها والظاهر ان المراد بالمعدودة الامة التي قال الله تعالى ( فيها خ ) ولئن اخرنا عنهم العذاب الى امة معدودة فانها في اصحاب القائم (ع) او الى مدة قيام القائم عليه السلام ففي تفسير عليّ بن ابراهيم للمعنى الاول عن عليّ عليه السلام في قوله ( تعالى خ ) ولئن اخرنا عنهم العذاب الى امة معدودة ليقولن ما يحبسه قال الامة المعدودة اصحاب القائم عليه السلام الثلثمائة والبضعة عشر وللمعنى الثاني قال في الاية الشريفة ان متعناهم في هذه الدنيا الى خروج القائم عليه السلام فنردهم فنعذبهم ( ونعذبهم خ ) ليقولن ما يحبسه اي يقولون الا يقوم ( الا بيوم خ ) القائم عليه السلام ولا يخرج على حد ( احد خ‌ل ) الاستهزاء فقال الله الا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن وفي تفسير العياشي عن الحلبي قال قال ابو جعفر عليه السلام اصحاب القائم الثلثمائة والبضعة عشر رجلا هم والله الامة المعدودة التي قال الله في كتابه ولئن اخرنا عنهم العذاب الى امة معدودة قال يجمعون له في ساعة واحدة قزعا كقزع الخريف وقوله قزعا كقزع الخريف القزع جمع قزعة وهي القطعة من السحاب وخص الخريف لانه اول الشتاء والسحاب فيه ( يكون خ ) متفرقا غير متراكم ولا مطبق ثم يجتمع بعضه الى بعض بعد ذلك لانهم متفرقون منهم بالشام ومنهم بالمدينة ومنهم في غيرهما فيصبح يوم السبت وهم معه جميعا قوله فيقتل المقاتلة لا يزيد على ذلك شيئا يعني السبي لعله عليه السلام انما لم يسب العيال لعلمه بانهم غير راضين بفعل رجالهم او غير عالمين بنكثهم او يستميل ( ليستميل خ ) قلوب العرب ويرغبهم في قبول طريقته باظهار العفو والعدل قوله عليه السلام فلا يبقى منهم الا رجلان يقال لهما وتر ووتيرة من مراد وتقدم فيما روي انهما من جهينة قال فلذلك جاء القول وعند جهينة وظاهره انه مأخذ المثل وفي تفسير السهيلي ان اخر من يخرج من النار يوم القيمة رجل يقال له جهينة فاذا دخل الجنة اجتمع عليه اهل الجنة يسئلونه عن حال اهل النار ويقولون عند جهينة الخبر اليقين رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وظاهره ( فظاهره خ ) انه مستند المثل ويأتي بعض ذكره في حديث المفضل بن عمر ان شاء الله تعالى وقوله عليه السلام جزر جزور اي ان قريشا يودون ان يعطوا كل ما ملكوا وكل ما طلعت عليه الشمس او غربت لو كان لهم ويأخذوا موقفا يقفون فيه ويختفون به عنه عليه السلام بحيث لا يراهم قدر زمان ذبح جزور ويحتمل ان يراد به مكان ذبح جزور لانه اخس الامكنة لما فيه من دم الجزور وفرثها وقوله عليه السلام ثم يحدث حدثا الظاهر ان المراد من هذا الحديث ( الحدث خ ) نبش الاعرابيين وحرقهما فلذا سموه بالطاغية استعظاما لفعله حتى انه عليه السلام لما دعاهم الى البراءة منهما قالوا بل نبرء منك ونتولاهما وقوله عليه السلام فمنحه الله اكتافهم اي جعله مستوليا عليهم لان الاكتاف هي محل القوة فاذا ملكه الله اياها استولى عليهم كأنه راكب على اكتافهم او كناية عن نهاية الاقتدار عليهم كأنه يستخرج اكتافهم التي هي له وقوله عليه السلام حتى ينزل الشقرة هي بفتح الشين المعجمة وكسر القاف وفتح الراء وقيل بضم الشين وسكون القاف موضع معروف في طريق مكة من المواضع ( التي خ ) يخسف بها وقوله عليه السلام انك لتجفل الناس اجفال الغنم يعني تزعجهم بسرعة لعظيم ما اتاهم ( اتيتهم خ ) به وقوله عليه السلام هات لي فلان العيبة او الزنفلجة العيبة بفتح العين زنبيل من ادم والزنفلجة بكسر الزاء ظرف من الجلود المدبوغة يعلق على الكتف والاتيان باو يشعر بانهما معا عنده عليه السلام وفي كل واحد منهما نسخة العهد المطلوب وقوله عليه السلام مصعدين من نجف الكوفة اي ماضين منه وقوله عليه السلام صعد النجف اي اتاه وقوله عليه السلام على طريق النخيلة كجهينة موضع بالعراق مقتل عليّ عليه السلام وفيه مسجد ابراهيم عليه السلام وقوله عليه السلام مرجئها المرجئة قيل هم فرقة من فرق الاسلام يعتقدون انه لا يضر مع الايمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة وقيل سموا بذلك لاعتقادهم ان الله سبحانه ارجأ تعذيبهم على المعاصي اي اخره عنهم وقال قتيبة هم الذين يقولون الايمان قول بلا عمل سموا بذلك لانهم يقدمون القول ويؤخرون العمل وقيل هم الفرقة الجبرية الذين يقولون ( ان خ ) العبد لا فعل له اصلا وانما الفعل من الله سبحانه سموا بذلك لانهم يؤخرون امر الله ويرتكبون الكبائر وفي المغرب سموا بذلك لارجائهم حكم اهل الكبائر الى يوم القيمة وفي بعض الاحاديث المرجئ يقول من لم يصل ولم يصم ولم يغتسل من جنابة ( الجنابة خ ) وهدم الكعبة ونكح امه فهو على ايمان جبرئيل وميكائيل وروي في الحديث خطابا للشيعة انتم اشد تقليدا ام المرجئة قيل في هذا الحديث اراد ما عدا الشيعة سموا بذلك لزعمهم ان الله عز وجل اخر نصب الامام وجعله باختيارهم وفي الحديث القرءان يخاصم المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به وفسر المرجئ بالاشعري والقدري بالمعتزلي وفيه اقوال اخر وقوله عليه السلام فيعطيه السفياني البيعة سلما يعني به انه يبايعه مهادنة لا عن ايمان وانقياد فلم يقبل منه لعلمه بانه لم يكن صادقا لانه لعنه الله انما خرج يطلب ثاره بقتل الثالث من جميع الائمة عليهم السلام وشيعتهم ومن مال اليهم بقتلهم ومحو اثارهم فجميع من قتل انما قتله لاجل ايمانه ومن قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب ( الله ظ ) عليه ولعنه واعد له جهنم وساءت مصيرا فلا يوفق للتوبة النصوح بل على حد قوله تعالى بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون فلذا قال عليه السلام خذ حذرك فانني اديت اليك وانا مقاتلك وانما قبل منه المبايعة اولا لاقامة الحجة عليه فلما نكث لم يقبل منه وقوله عليه السلام ثم يرسل جريدة خيل الى الروم الجريدة من الخيل الجماعة لانها جردت عما سواها لا رجالة فيها وقوله عليه السلام ويخرج الناس على رقابهم الى المهدي عليه السلام المراد بالناس العامة اذا استولى عليهم يأتونه منقادين لطلب السلامة على دمائهم فمن تولي بالائمة عليهم السلام وتبرأ من اعدائهم صادقا فاخوانكم في الدين وهو من المؤمنين ومن لم يكن صادقا يكون ذا معيشة ضنك حتى انه يأكل العذرات لانه لا تحل ( لم يحل خ ) له الزكوة ولا يعطي منها ولا يعطيه التجارة ولا الزراعة ولا يعامله المؤمنون ولا ينازلونه بل يكون بحكم الكلاب السائبة التي لا اهل لها وقوله عليه السلام ويوسع الله على شيعتنا ولولا ما يدركهم من السعادة لبغوا اشار بقوله ولولا ما يدركهم من السعادة الى جواب اعتراض بقوله تعالى ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الارض الاية وبيانه انه ( ان الله خ ) قد اخبر بلزوم البغي للبسط فكيف يوسع على الشيعة في دولة الحق فاجاب عليه السلام ان في ذلك الزمان يشمل اللطف والتسديد والرضوان جميع الشيعة لعلة وجود صاحب الحق والعدل عليه السلام بين ظهرانيهم وجذبه اياهم في متابعته ومحوه اسباب البغي من اهل الارض من شيعته فلا يتفاوت الحال عند الشيعة في ذلك الزمان بين التوسعة والضيق لقوة عقولهم وكمال ايمانهم ببركة الامام عليه السلام

فصل - ومن ذلك ما في غيبة النعماني عن العوام بن الزبير ( الزبر خ ) قال قال ابو عبد الله عليه السلام يقبل القائم عليه السلام في خمسة واربعين رجلا من تسعة احياء من حي رجل ومن حي رجلان ومن حي ثلاثة ومن حي اربعة ومن حي خمسة ومن حي ستة ومن حي سبعة ومن حي ثمانية ومن حي تسعة ولا يزال كذلك حتى يجتمع له العدد اقول ظاهر هذا الحديث ان اجتماعهم من الاحياء والبلدان على نحو الكمال الشعوري فان اعتبرنا ذلك كانوا من خمسة وعشرين حيا ثلاث‌ مائة وخمسة وعشرين رجلا فيزيدون اثني ‌عشر رجلا فلا بد من حمل قوله ولا يزال كذلك على انهم يجتمعون من الاحياء وان لم يكن على ذلك النحو حتى يتم العدد او نقول هذا الترتيب انما ( يكون خ ) في الاربعين او اغلبي او في الثلثمائة لكن المذكور في خطبة البيان ينافي ذلك كله ويمكن الجمع بينهما في الخمسة والاربعين او يقال بان خطبة البيان غير معتبرة وما ذكره محمد باقر المجلسي (ره) كما نقل عنه من اشتهارها بين الخاصة والعامة على تقدير صحته فانما هو في اصل وقوعها منه عليه السلام فاما ( واما خ ) ما اشتملت ( عليه خ ) فمتغير مختلف حتى لا تكاد توجد ( تجد خ ) نسختين منها متفقتين فلا يصلح منها جمع ولا تفريق وفي غيبة الطوسي عن ابي بصير قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول كان امير المؤمنين عليه السلام يقول لا يزال الناس ينقصون حتى لا يقال الله فاذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه فبعث ( فيبعث خ ) الله قوما من اطرافها يجيئون قزعا كقزع الخريف والله اني لاعرفهم واعرف اسمائهم وقبائلهم واسم اميرهم وهم قوم يحملهم الله كيف يشاء من القبيلة الرجل والرجلان حتى بلغ تسعة فيتوافون من الافاق ثلث‌مائة وثلاثة‌ عشر رجلا عدة اهل بدر وهو قول الله اينما تكونوا يأت بكم الله جميعا ان الله على كل شيء قدير حتى ان الرجل ليحتبي فلا يحل حبوته حتى يبلغه الله ذلك اقول يشعر هذا الحديث بان الترتيب الشعوري انما هو في الخمسة والاربعين واما الباقي فعلي الانفاق ( الاتفاق خ ) وهذا يشعر بافضلية الخمسة والاربعين لاشتمال عددهم واجتماعهم على الكمال الشعوري قال الجزري اليعسوب السيد والرئيس والمقدم واصله فحل النحل ومنه حديث عليّ عليه السلام انه ذكر فتنة فقال اذا كان ذلك ضرب يعسوب الدين بذنبه اي فارق الفتنة وضرب في الارض ذاهبا في اهل دينه واتباعه الذين يتبعونه على رأيه وهم الاذناب وقال الزمخشري الضرب بالذنب هيهنا مثل الاقامة والثبات يعني انه يثبت هو ومن معه على الدين اقول ان فحل النحل اذا اراد اللبث في مكانه الصق بذنبه الارض كما اراد الزمخشري وعلى توجيه الجزري ان الفحل اذا اراد ان يلدغ ضرب بذنبه لان الشوكة فيه وشبه اتباع الحجة عليه السلام يعني انصاره بالذنب محركا لانه لاحق ( به خ ) وبه يلدغ كذلك الحجة عليه السلام يضرب انصاره ( بانصاره خ ) في الارض فيبعثهم شرقا وغربا حتى يفتح الله بهم ( لهم خ ) الحصون ويملأ بهم الارض قسطا وعدلا وفي الاكمال عن المفضل بن عمر قال قال الصادق عليه السلام كأني انظر الى القائم عليه السلام على منبر الكوفة وحوله اصحابه ثلثمائة وثلاثة‌ عشر ( رجلا خ ) عدة اصحاب بدر وهم اصحاب الالوية وهم حكام الله في ارضه على خلقه حتى يستخرج من قبانه كتابا مختوما بخاتم من ذهب عهد معهود من رسول الله صلى الله عليه وآله فيجفلون عنه اجفال الغنم فلا يبقى منهم الا الوزير واحد عشر نقيبا كما بقوا مع موسى بن عمران عليه السلام فيجولون الارض فلا يجدون عنه مذهبا فيرجعون اليه فو الله اني لاعرف الكلام الذي يقوله لهم فيكفرون به اقول انه (ع) يظهر لهم باطن ما اظهر ( اظهره خ ) جده امير المؤمنين عليه السلام لكميل حين قال ما الحقيقة يا امير المؤمنين فقال عليه السلام ما لك والحقيقة يا كميل قال اولست صاحب سرك قال بلى ولكن يرشح عليك ما يطفح مني الحديث فان ما عرض عليه السلام على اصحابه باطن ما رشح على كميل والذي يظهر لي ان عيسى بن مريم عليه السلام هو الوزير وان الاحدعشر نقيبا منهم سلمان الفارسي وكان قد اعلمه عليّ عليه السلام باطن ما اظهر لكميل من قول ابي جعفر عليه السلام قال يعني الفضيل بن يسار قال عليه السلام لي تروي ما يروي الناس ان عليّا عليه السلام قال في سلمان ادرك علم الاول وعلم الاخر قلت نعم قال فهل تدري ما عني قال قلت علم بني اسرائيل وعلم النبي صلى الله عليه وآله قال ليس هكذا يعني ولكن علم النبي صلى الله عليه وآله وعليّ عليه السلام وامر النبي وامر عليّ صلوات الله عليهما ولمثل هذا قال عليه السلام لو يعلم ابو ذر ما في قلب سلمان لكفره او لقتله وفي تفسير العياشي عن ابي عبد الله عليه السلام قال اذا قام قائم آل محمد (ص) استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلا خمسة وعشرين من قوم موسى الذين يهدون بالحق وبه يعدلون وسبعة من اصحاب الكهف ويوشع وصي موسى ومؤمن ال فرعون وسلمان الفارسي وابادجانة الانصاري ومالك الاشتر اقول والظاهر ان اصل الحديث سبعة وعشرين واما ما في الهامشة من كتابة ثلاثين وعليه رمز الظاهر فانه غلط وان نسخة الحديث في الكتب الصحيحة خمسة‌عشر من قوم موسى الخ ووجه الغلط ان بعض النساخ لما وجد ان الذين من قوم موسى خمسة وعشرين كتب على سبعة وعشرين ان الظاهر سبعة وثلاثين فغلط الاول الذي في الهامشة نشأ من الغلط ( غلط خ ) الثاني لان الهادين من قوم موسى خمسة ‌عشر فافهم وقوله عليه السلام استخرج من ظهر الكعبة لعل المراد ( منه خ ) ان هؤلاء السبعة والعشرين حين بعثوا عند اول شهر رجب من قبورهم ساروا الى الكعبة المشرفة انتظارا لخروجه لانه انما يخرج بعد بعثهم بستة اشهر وعشرة ايام فاخفاهم الله في ظهر الكعبة فلما خرج عجل الله فرجه استخرجهم وفي غيبة الطوسي عن ابي عبد الله عليه السلام عن ابيه صلوات الله عليه في حديث اللوح م ح م د يخرج في اخر الزمان على رأسه غمامة ( عمامة خ ) بيضاء تظله من الشمس تنادي بلسان فصيح يسمعه ( يسمع خ ) الثقلين والخافقين هو المهدي من آل محمد يملأ الارض عدلا كما ملئت جورا

فصل - في سيرته عليه السلام ومن بعض سيرته صلوات الله عليه ما رواه السيد عليّ بن عبد الحميد في كتاب الغيبة عن الباقر عليه السلام قال اذا قام القائم عليه السلام ودخل الكوفة لم يبق مؤمن الا وهو بها وعنه عليه السلام قال اذا بلغ السفياني ان القائم عليه السلام توجه اليه من ناحية الكوفة فيتجرد بخيله حتى يلقي القائم عليه السلام فيخرج فيقول اخرجوا الى ابن عمي فيخرج اليه السفياني فيكلمه القائم عليه السلام فيجيء السفياني فيبايعه ثم ينصرف الى اصحابه فيقولون له ما صنعت فيقول اسلمت وبايعت فيقولون قبح الله رأيك بين ما انت خليفة متبوع فصرت تابعا فيستقبله ( فيستقيله خ ) فيقاتله يمسون ( ثم يمشون خ ) تلك الليلة ثم يصبحون للقائم عليه السلام بالحرب فيقتتلون ( فيقتلون خ ) يومهم ذلك ثم ان الله تعالى يمنح القائم عليه السلام واصحابه اكتافهم فيقتلونهم حتى يفنوهم حتى ان الرجل يختفي في الشجرة والحجرة فتقول الشجرة والحجرة يا مؤمن هذا رجل كافر فاقتله فيقتله قال فتشبع السباع من لحومهم فيقيم بها القائم عليه السلام ما شاء الله قال ثم يعقد بها القائم ثلث رايات لواء الى القسطنطنية يفتح الله له ولواء الى الصين ولواء الى جبال الديلم فتفتح له وباسناده رفعه الى ابي بصير عن ابي جعفر عليه السلام في خبر طويل الى ان قال وينهزم قوم كثير من بني امية حتى يلحقوا بارض الروم فيطلبوا الى ملكها ان يدخلوا اليه فيقول لهم الملك لا ندخلكم حتى تدخلوا في ديننا وتنكحونا وننكحكم وتأكلون ( تأكلوا خ ) لحم الخنازير وتشربوا الخمر وتعلقوا الصلبان في اعناقكم والزنانير في اوساطكم فيقبلون ( ذلك خ ) فيدخلونهم فيبعث اليهم القائم عليه السلام ان اخرجوا هؤلاء الذين ادخلتموهم فيقولون قوم رغبوا في ديننا وزهدوا في دينكم فيقول عليه السلام انكم ان لم تخرجوهم وضعنا السيف فيكم فيقولون له هذا كتاب الله بيننا وبينكم فيقول قد رضيت به فيخرجون اليه فيقرأ عليهم واذا في شرطه الذي شرط عليهم ان يدفعوا اليه من دخل اليهم مرتدا عن الاسلام ولا يرد اليهم ( من خرج خ ) من عندهم راغبا الى الاسلام فاذا قرأ عليهم الكتاب ورأوا هذا الشرط لازما لهم اخرجوهم اليه فيقتل الرجال ويبقر بطون الحبالى ويرفع الصلبان في الرماح قال والله لكأني انظر اليه والى اصحابه يقتسمون الدنانير على الحجبة ثم تسلم الروم على يده فيبني فيهم مسجدا ويستخلف عليهم رجلا من اصحابه ثم ينصرف وباسناده عن ابي بصير عن ابي جعفر عليه السلام قال يقضي القائم عليه السلام بقضايا ينكرها بعض اصحابه ممن قد ضرب قدامه بالسيف وهو قضاء ادم عليه السلام فيقدمهم فيضرب اعناقهم ثم يقضي الثانية فينكرها قوم اخرون ممن قد ضرب قدامه بالسيف وهو قضاء داود عليه السلام فيقدمهم فيضرب اعناقهم ثم يقضي الثالثة فينكرها قوم اخرون ممن قد ضرب قدامه بالسيف وهو قضاء ابراهيم عليه السلام فيقدمهم ويضرب اعناقهم ثم يقضي الرابعة وهو قضاء محمد صلى الله عليه وآله فلا ينكرها احد عليه وفي الاكمال بسنده عن ابان بن تغلب قال قال ابو عبد الله عليه السلام دمان في الاسلام حلال من الله عز وجل لا يقضي فيهما احد بحكم الله حتى يبعث الله عز وجل القائم من اهل البيت فيحكم فيهما بحكم الله لا يريد على ذلك بينة الزاني المحصن يرجمه ومانع الزكوة يضرب عنقه ( رقبته خ ) وباسناده رفعه الى ابي ‌الجارود قال قلت لابي جعفر عليه السلام قال جعلت فداك اخبرني عن صاحب هذا الامر ليله ونهاره قال يمسى من اخوف الناس ويصبح من امن الناس يوحي اليه هذا الامر ليله ونهاره قال قلت يوحي الله اليه يا ابا جعفر قال يا ابا الجارود انه ليس وحي نبوة ولكنه يوحي اليه كوحيه الى مريم بنت عمران وام موسى والى النمل يا ابا الجارود ان قائم آل محمد لاكرم عند الله من مريم بنت عمران وام موسى والنمل اقول قوله يمسى من اخوف الناس يوم الجمعة وقد قتل الخطيب بمكة ويصبح يوم السبت ومعه انصاره الثلاثمائة والثلاثة‌ عشر والملائكة فاما انصاره فقال ابو عبد الله عليه السلام ما كان قول لوط لقومه لو ان لي بكم قوة او اوي الى ركن شديد الا تمنيا لقوة ( الا عند قوة خ ) القائم عليه السلام ولا ركن الا شدة اصحابه وان الرجل منهم ليعطى قوة اربعين رجلا وان قلبه لاشد من زبر الحديد ولو مروا بالجبال الحديد لقلعوها لا يكفون سيوفهم حتى يرضى الله عز وجل واما الملائكة فكما رواه في الاكمال عن ابان بن تغلب قال قال ابو عبد الله عليه السلام كأني انظر الى القائم عليه السلام على ظهر النجف فاذا استوى على ظهر النجف ركب فرسا ادهم ابلق بين عينيه شمراخ ثم ينتقض به فرسه فلا يبقى اهل بلدة الا وهم يظنون انه معهم في بلادهم فاذا نشر راية رسول الله صلى الله عليه وآله انحط عليه ثلاثة‌ عشر الف ( الاف خ ) ملك كلهم ينتظر القائم عليه السلام وهم الذين كانوا مع نوح في السفينة والذين كانوا مع ابراهيم حيث القى في النار وكانوا مع عيسى حين رفع واربعة الاف مسومين ومردفين وثلثمائة وثلاثة‌عشر ملكا يوم بدر واربعة الاف الذين هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن عليّ عليهما السلام فلم يؤذن لهم فصعدوا في الاستيمار وهبطوا وقد قتل الحسين عليه السلام فهم شعث غبر يبكون عند قبر الحسين بن عليّ عليهما السلام الى يوم القيمة وما بين قبره الى السماء مختلف الملائكة وباسناد السيد المذكور رفعه الى جابر عن ابي جعفر عليه السلام قال اول ما يبدأ القائم عليه السلام بانطاكية فيستخرج منه ( منها خ ) التورية من غار فيه عصى موسى وخاتم سليمان قال واسعد الناس به اهل الكوفة وقال انما سمي المهدي لانه يهدي الى امر خفي حتى انه يبعث الى رجل لا يعلم الناس له ذنب فيقتله حتى ان احدهم يتكلم في بيته فيخاف ان يشهد عليه الجدار

فصل - في سيرته عليه السلام ومن سيرته ما يعمل من الحدود بابي ‌بكر وعمر وعايشة روي في حلية الابرار السيد هاشم التوبلي بسنده الى عبدالعظيم الحسنى قال قلت لمحمد بن عليّ بن موسى عليه السلام اني لارجو ان تكون القائم عليه السلام من اهل بيت محمد الذي يملأ الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما فقال عليه السلام يا ابا القاسم ما منا الا قائم بامر الله عز وجل وهاد الى دين الله ولكن القائم عليه السلام الذي يطهر الله عز وجل به الارض من اهل الكفر والجحود ويملأها عدلا وقسطا هو الذي تخفى على الناس ولادته ويغيب عنهم شخصه ويحرم عليهم تسميته وهو سمي رسول الله صلى الله عليه وآله وكنيه صلى الله عليه وآله وهو الذي تطوى له الارض ويذل له كل صعب وتجتمع اليه اصحابه عدة اصحاب بدر ثلثمائة وثلاثة ‌عشر رجلا من اقاصي الارض وذلك قول الله عز وجل اينما تكونوا يأت بكم الله جميعا ان الله على كل شيء قدير فاذا اجتمعت له هذه العدة من اهل الاخلاص اظهر الله امره فاذا اكمل له العقد وهو عشرة الاف رجل خرج باذن الله عز وجل فلا يزال يقتل اعداء الله حتى يرضي الله عز وجل قال عبد العظيم فقلت يا سيدي فكيف يعلم ان الله عز وجل قد رضي قال يلقي في قلبه الرحمة فاذا اتى المدينة اخرج اللات والعزى فاحرقهما اقول يحمل المنع من تسميته عليه السلام وقت ولادته وفي زمان غيبته الصغرى ( على تسميته خ ) بالاسم الخاص لورود التسمية به عنهم عليهم السلام وفيه عن محمد بن جرير الطبري في مسند فاطمة عليها السلام بسنده الى ابي‌ الجارود عن ابي جعفر عليه السلام قال سألته متى يقوم قائمكم قال يا ابا الجارود لا تدركون قلت اهل زمانه فقال وتدرك اهل زمانه يقوم قائمنا بالحق بعد اياس من الشيعة يدعو الناس ثلاثا فلا يجيبه احد فاذا كان يوم الرابع تعلق باستار الكعبة فقال يا رب انصرني ودعوته لا تسقط فيقول الله تبارك وتعالى للملائكة الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر ولم يحطوا سروجهم ولم يضعوا اسلحتهم فيبايعون ( فبايعونه خ ) ثم يبايعه من الناس ثلثمائة وثلاثة ‌عشر رجلا يصير الى المدينة فيسر ( فسر خ فيسير خ ) الناس حتى يرضي الله فيقتل الفا وخمسمائة قريبا ليس فيهم الا فوح الزبيبية ثم يدخل المسجد الحائط حتى يضعه الى الارض ثم يخرج الازرق وزريق غضين طريين فيجيبانه فيرتاب عند ذلك المبطلون فيقول تكلم بربي فيقتل منهم خمسمائة مرتاب في جوف المسجد ثم يحرقهما بالحطب الذي جمعاه ليحرقا به عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وذا الحطب عندنا نتوارثه ويهدم قطر المدينة ويسير الى الكوفة فيخرج ( منها خ ) ستة‌ عشر الفا من البرية شاكين في السلاح قراء القرءان فقهاء في الدين قد قرعوا جباههم وشمروا ثيابهم وعمهم النفاق وكلهم يقول يا ابن فاطمة ارجع لا حاجة لنا فيك فيضع فيهم السيف على ظهر النجف عشية الاثنين من العصر الى العشاء فيقتلهم اسرع من جزر جزور فلا يفوت منهم ( فيهم خ ) رجل ولا يصاب من اصحابه احد دماؤهم قربان الى الله ثم يدخل الكوفة فيقتل مقاتليها حتى يرضي الله عز وجل قال فلم اعقل المعنى فمكث طويلا ثم قلت وما يدريه جعلت فداك متى يرضي الله عز وجل قال يا ابا الجارود ان الله اوحي الى ام موسى وهو خير من ام موسى واوحى الى النحل وهو خير من النحل فعقلت المذهب فقال أعقلت المذهب قلت نعم قال ان القائم عليه السلام ليملك ثلثمائة وتسع سنين كما لبث اصحاب الكهف في كهفهم يملأ الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا ويفتح الله عليه ( له خ ) شرق ( مشرق خ ) الارض ومغربها يقتل الناس حتى لا يرى دين الا دين محمد صلى الله عليه وآله يسير بسيرة سليمان بن داود يدعو الشمس والقمر فيجيبانه وتطوى له الارض ويوحي الله اليه فيعمل بامر الله قوله عليه السلام ليس فيهم الا فوح الزبيبية الفوح الرائحة والزبيبية شجر طيب الرائحة وهو اشارة الى تنعمهم في الدنيا وفيه بسنده عن ابي‌الطفيل عامر بن وائلة ( واثلة خ ) قال رأيت امير المؤمنين عليه السلام وهو في بعض ازقة المدينة يمشي وحده فسلمت عليه فاتبعته حتى انتهى الى دار الثاني فجلس فحين استقرت به الارض قال له من علمك الجهالة يا مغرور اما والله لو ركبت العقر ولبست الفقر لكان خيرا لك من المجلس الذي جلست ومن علوك المنابر اما والله لو قبلت قول رسول الله صلى الله عليه واله واطعت ما امرك به لماسميت امير المؤمنين وكأني بك وقد طلبت الاقالة كما طلبها صاحبك ولا اقلته قال صاحبي طلب منك الاقالة قال والله انك ( لانك خ ) لتعلم ان صاحبك طلب مني الاقالة ولم اقله وكذلك تطلبها انت والله لكأني بك وبصاحبك وقد اخرجتما طريين حتى تصلبا بالبيداء فقال له الثاني ما هذا التكهن فانكم يا معشر بني‌عبد المطلب لم تزل قريش تعرفكم بالكذب اما والله لاذقت حلاوتها وانا اطاع قال انك تعلم اني لست بكاهن قال له من يعمل بنا ما قلت قال فتي من ولدي من عصابة قد اخذ الله ميثاقها فقال له يا ابا الحسن اني لاعلم انك ماتقول الا حقا فاسئلك بالله ان رسول الله صلى الله عليه وآله سماني وسمي صاحبي فقال له والله ان رسول الله صلى الله عليه وآله سماك وسمى صاحبك قال والله لو علمت انك تريد هذا ما اذنت لك في الدخول ثم قام فخرج فقال ابو الطفيل يا ابا الفضل اسكت فوالله ماعلم احد مما دار بينهما حتى قتل الثاني وقتل امير المؤمنين عليه السلام وفيه بسنده عن هرون بن سعيد قال سمعت امير المؤمنين عليه السلام يقول لعمر من علمك الجهالة يا مغرور اما والله لو كنت بصيرا وكنت بما امرك به رسول الله صلى الله عليه وآله في دينك تاجرا نحريرا لركبت العقر وافترشت الغصب ( القصب خ ) ولما احببت ان تتمثل لك الرجال قياما ولماظلمت عترة النبي صلى الله عليه وآله بقبيح الفعل غير اني اراك في الدنيا قتيلا من عبد ام معمر تحكم عليه جورا فيقتلك توفيقا يدخل به والله الجنان على الرغم منك ووالله لو كنت من رسول الله صلى الله عليه وآله سامعا ومطيعا لماوضعت سيفك على عاتقك ولماخطبت على المنبر ولكأني بك وقد دعيت فاجبت ونودي باسمك فاحجمت وان لك لهتك ستر وصلب ولصاحبك الذي اختارك وقمت مقامه من بعده فقال له عمر يا ابا الحسن اما تستحي لنفسك من هذا التكهن فقال له امير المؤمنين عليه السلام ماقلت الا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله وما نطقت الا بما علمت قال فمتى هذا يا امير المؤمنين قال اذا اخرجت جيفاتكما عن رسول الله صلى الله عليه وآله من قبريكما اللذين لم تدفنا فيهما نهارا لئلا يشك احد فيكما اذا نبشتما ولو دفنتما بين المسلمين لشك شاك وارتاب مرتاب وصلبتما على اغصان دوحات شجرة يابسة فتورق تلك الدوحات بكما وتفرع وتخضر فتكون فتنة لمن احبكما ورضي بفعالكما ليميز الله الخبيث من الطيب ولكأني انظر اليكما والناس يسئلون ربهم العافية مما قد بليتما به قال فمن يفعل ذلك يا ابا الحسن قال عصابة قد فرقت بين السيوف واغمادها وارتضاهم الله لنصرة دينه فماتأخذهم في الله لومة لائم ولكأني انظر اليكما وقد اخرجتما من قبريكما غضين طريين حتى تصلبا على الدوحات فيكون ذلك فتنة لمن احبكما ثم يؤتي بالنار التي اضرمت لابراهيم عليه السلام ويجيء بجرجيس ودانيال وكل نبي وصديق ومؤمن ثم يؤمر بالنار وهي النار التي اضرمتموها على باب داري لتحرقوني وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وابني الحسن والحسين وابنتي زينب وام‌كلثوم حتى تحرقوا بها ويرسل عليكما ريحا صرا ( صرة خ ) فتنسفكم في اليم نسفا ويأخذ السيف من كان منكما ويصير مصيركما جميعا الى النار وتخرجان الى البيداء الى موضع الخسف الذي قال الله عز وجل ولو ترى اذ فزعوا فلا فوت واخذوا من مكان قريب يعني من تحت اقدامكم قال يا ابا الحسن يفرق بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وآله قال نعم قال يا ابا الحسن انك سمعت هذا وانه حق قال فحلف امير المؤمنين عليه السلام انه سمعه من النبي صلى الله عليه وآله فبكي عمر وقال اعوذ بالله مما تقول فهل لذلك علامة قال نعم قتل فظيع وموت سريع وطاعون شنيع ولا يبقى من الناس في ذلك الوقت الا ثلثهم وينادي مناد من السماء باسم رجل من ولدي وتكثر الايات حتى يتمنى الاحياء الموت مما يرون من الاهوال فمن هلك استراح ومن كان له عند الله خير نجا ثم يظهر رجل من ولدي يملأ الارض عدلا كما ملئت جورا وظلما يأتيه الله ببقايا قوم موسى ويحيى له اصحاب الكهف ويؤيده الله بالملائكة والجن وشيعتنا المخلصين وينزل من السماء قطرها وتخرج الارض نباتها فقال له عمر اني اعلم انك لا تحلف الا على حق فوالله لا تذوق انت ولا احد من ولدك حلاوة الخلافة فقال له امير المؤمنين عليه السلام ثم انكم لا تزدادون لي ولولدي الا عداوة قال فلما حضرت عمر الوفاة ارسل الى امير المؤمنين عليه السلام فقال له يا ابا الحسن اعلم ان اصحابي ( هؤلاء خ ) قد حللوني مما وليت من امرهم فان رأيت ان تحلني فقال ( له خ ) امير المؤمنين عليه السلام ارايتك ان احللتك انا فهل لك ( في خ ) تحليل من قد مضى رسول الله صلى الله عليه وآله وابنته ثم ولي وهو يقول واسروا الندامة لما رأوا العذاب ه‍ اقول وسيأتي تفصيل ما يفعل الحجة عليه السلام بهما في حديث المفضل بن عمر وفيه ما رواه عن ابي جعفر محمد بن جرير الطبري في مسند فاطمة عليها السلام بسنده الى عبدالرحمن القصير قال قال لي ابو جعفر عليه السلام اما لو قام القائم لقد ردت اليه الحميراء حتى يجلدها الحد وينتقم لامه فاطمة عليها السلام منها قلت جعلت فداك ولم يحدها الحد قال لقذفها على ام ابراهيم فقلت فكيف اخره الله عز وجل للقائم عليه السلام فقال لان الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وآله رحمة ويبعث الله القائم عليه السلام نقمة اقول قد ورد عنهم (ع) ان حديثهم صعب مستصعب ثقيل مقنع اجرد ذكوان لا يحتمله ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان قيل فمن يحتمله قال نحن وفي رواية من شئنا او مدينة حصينة قيل فما المدينة الحصينة قال القلب المجتمع واعلم ان هذا الحديث من ذلك الصعب المستصعب لانه صلى الله عليه وآله قد اقام حدودا كثيرة ولم يعطل شيئا من حدود الله مع انه بعث رحمة فعلى هذا يمكن حمل قوله عليه السلام بعث رحمة على انه صلى الله عليه وآله يسلك طريق الرأفة بالامة في كل حال حتى في اقامة الحدود ولذا لا يقيم الحد على الحامل حتى تضع وحتى ترضع طفلها فيما يلحق الطفل منه الضرر وحتى انه ليدفع الحدود بالشبهات ويحكم بالظاهر ولا يعامل الامة بما يعلم فلما قذفت مارية وقالت ان ابراهيم ليس من محمد وانما هو من مأثور القبطي بن بركة مولاة زيد وابو جريح وهو خصي اما وقصته مع عليّ عليه السلام مشهورة لم يحسن اقامة الحد عليها وهي تحته لانه ينافي مقام النبوة ولكن هذه المنافاة لا تسقط الحد وان اوجب تأخيره كما يوجبه الحمل ولان المنافقين قد تكلموا فيها كعبد الله بن ابي ‌سلوك حيث اتهمها بصفوان بن المعطل لانه كان صلى الله عليه وآله قد صحبها في غزوة بني المصطلق وكانت قد خرجت لقضاء حاجة فضاع عقدها فرجعت طالبة له وحمل هودجها ظنا منهم انها فيه فلما عادت الى الموضع وجدتهم قد رحلوا وكان صفوان من وراء الجيش فلما وصل الى ذلك الموضع وعرفها اناخ بعيره حتى ركبت وهو يسوقه حتى وصل الجيش وقد نزلوا في قائم الظهيرة قال المنافقون فيها ما قالوا حتى نزلت فيهم ايات سورة النور ولو اقام عليها الحد لتقرر عند المنافقين ما قذفوها به فكان هذا مما اوجب تأخير الحد فلما طلقها عليّ عليه السلام في حرب الناكثين يوم البصرة وزالت اسباب التأخير بعثها الله تعالى مع طالب الثار عجل الله فرجه ليقتص منها بما فعلته وانما لم يذكر الجواد عليه السلام هذه العلل لعدم احتمال الراوي لذلك والله اعلم بحقيقة الامور

فصل - في ذكر بعض ما عنده من مواريث الانبياء وابائهم في حلية الابرار من الاكمال بسنده عن محمد بن الفيض عن ابي جعفر عليه السلام قال كانت عصى موسى لادم عليهما السلام فصارت الى شعيب ثم صارت الى موسى بن عمران وانها لعندنا وان عهدي بها انفا وهي خضراء كهيئتها حين انتزعت من شجرتها وانها لتنطق اذا استنطقت اعدت لقائمنا عليه السلام يصنع بها ما كان يصنع بها موسى عليه السلام وانها لتروغ وتلقف ما يأفكون وتصنع ما تؤمر به انها حيث اقبلت تلقف ما يأفكون يفتح لها شعبتان احداهما في الارض والاخرى في السقف وبينهما اربعون ذراعا تلقف ما يأفكون بلسانها ه‍ اقول قوله عليه السلام اعدت يراد منه انها لما فيها من المنافع والمئارب العظيمة كانت معدة له عليه السلام مع جملة مواريث الانبياء واياتهم واثارهم فان جميعها عنده عليه السلام اكمل منها عند غيره من الانبياء عليهم السلام لانهم انما يستمدون من نوره عليه السلام وتلك الايات والمعاجز انما صلحت لما هي له به صلوات الله عليه فهي عنده اكمل منها عندهم واعم منافع واجل مارب وفيه عن ابي عبد الله عليه السلام ( قال قال ابو جعفر عليه السلام خ ) ان القائم عليه السلام اذا قام بمكة واراد ان يتوجه الى الكوفة نادى مناديه الا لا يحمل احد منكم طعاما ولا شرابا ويحمل حجر موسى بن عمران وهو وقر بعير فلا ينزل منزلا الا انبعت عين منه فمن كان جائعا شبع ومن كان ظمانا روي فهو زادهم حتى ينزل النجف من ظهر الكوفة وفيه بسنده الى ابي الجارود زياد بن المنذر قال قال ( لي خ ) ابو جعفر محمد بن عليّ الباقر عليه السلام اذا ظهر القائم عليه السلام ظهر براية رسول الله صلى الله عليه وآله وخاتم سليمان وحجر ابراهيم وعصى موسى ثم يأمر مناديه فينادي الا لا يحملن رجل منكم طعاما ولا شرابا ولا علفا فيقول اصحابه انه يريد ان يقتلنا ويقتل دوابنا من الجوع والعطش فيسير ويسيرون معه فاول منزل ينزله يضرب الحجر فينبع منه طعام وشراب وعلف فيأكلون ويشربون هم ودوابهم حتى ينزلوا النجف بظهر الكوفة اقول قوله عليه السلام فيقول اصحابه المراد بالقائلين بعض من اصحابه الذين صحبوه من غير اصحاب الالوية الثلثمائة والثلاثة ‌عشر فانهم لا يرتابون منه ولا من قوله وانما اطلق البعض على لفظ الكل كما اطلق البعض على ( من خ ) الملائكة الذين اعترضوا حين قال الله تعالى اني جاعل في الارض خليفة قالوا اتجعل فيها من يفسد فيها الاية فقد روي ان الذين قالوا ملكان لا غير ورضي بقولهما بعض الملائكة وفيه بسنده عن المفضل بن عمر عن ابي عبد الله الصادق عليه السلام قال سمعته يقول أتدري ما كان قميص يوسف عليه السلام قلت لا قال ان ابراهيم عليه السلام لما اوقدت له النار نزل اليه جبرئيل عليه السلام بالقميص والبسه اياه فلم يضر معه حر ولا برد فلما حضرته الوفاة جعله في تميمة وعلقه على اسحق وعلقه اسحق على يعقوب عليه السلام فلما ولد له يوسف عليه السلام علقه عليه وكان في عضده حتى كان من امره ما كان فلما اخرجه يوسف عليه السلام بمصر من التميمة وجد يعقوب عليه السلام ريحه وهو قوله عز وجل حكاية عنه اني لاجد ريح يوسف لولا ان تفندون فهو ذلك القميص الذي انزل من الجنة قلت جعلت فداك فالي من صار هذا القميص قال الى اهله وهو مع قائمنا اذا خرج ثم قال كل نبي ورث علما او غيره فقد انتهى الى محمد صلى الله عليه وآله ه‍ قوله عليه السلام البسه اياه فلم يضر معه حر ولا برد لانه كان من جنة الخلد جنة الاخرة وهي ليس في شيء منها حر ولا برد كما قال تعالى لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا فاذا لبسه لم تضره النار بحرارتها ولم يلحقه برد بعدم حرارتها بالنسبة اليه كما هو مقتضى الجنة وما فيها ويجوز ان يكون قوله تعالى قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم ان هذا الامر منه عز وجل هو الباس ابراهيم القميص الذي يقتضي البرد والسلام بحقيقة ما خلق عليه فيكون القول للنار والوحي اليها هو انزال القميص ويحتمل ان يكون لازم ذلك القول وجود ذلك القميص او الباسه اياه وفيه بسنده عن عبد الله بن سنان قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول كانت عصى موسى (ع) قضيب اس من غرس الجنة اتاه بها جبرئيل عليه السلام لما توجه تلقاء مدين وهي تابوت ادم (ع) في بحيرة طبرية ولن‌ يبليا ولن‌ يتغيرا حتى يخرجهما القائم عليه السلام اذا قام

فصل - في ذكر بعض صفاته ( صفته خ ) عجل الله فرجه وفي اسمه عليه السلام في غيبة النعماني بسنده عن ابي وابل قال نظر امير المؤمنين عليّ عليه السلام الى الحسين عليه السلام فقال ابني هذا سيد كما سماه رسول الله صلى الله عليه وآله سيدا وسيخرج الله من صلبه رجلا باسم نبيكم يشبهه في الخلق والخلق يخرج على حين غفلة من الناس واماتة للحق واظهار للجور والله لو لم يخرج لضربت عنقه يفرح ( يخرج خ ) بخروجه اهل السموات وسكانها وهو رجل اجلى الجبين اقنى الانف ضخم البطن اذيل الفخذين لفخذه اليمنى شامة افلج الثنايا يملأ الارض عدلا كما ملئت ظلما وجورا انتهى اقول قوله يشبهه في الخلق بفتح الخاء المعجمة وهو الصورة والخلق بضم الخاء المعجمة الطبع وهو كيفية نفسانية تصدر عنها الافعال بسهولة وهو الدين والسجية واجلى الجبين واضحة واجلى الجبهة الخفيف الشعر ما بين النزعتين من الصدغين والذي انحسر عن جبهته الشعر وقوله اقنى الانف احدب الانف اي ارتفاع وسطه وقيل طوله ودقة ارنبته مع حدب في وسطه ومنه الخبر كان ( النبي خ ) صلى الله عليه وآله اقنى العرنين وقوله اذيل الفخذين كناية عن كونها عريضين كما في خبر اخر يأتي وفي بعض النسخ بالباء الموحدة من الذبول وهو ينافي ما يأتي ظاهرا وفي بعض النسخ اربل بالراء المهملة والباء الموحدة من قولهم ربل كثير اللحم وهذا اظهر وقوله افلج الثنايا انفراجها وعدم التصاقها وفي الاكمال عن ابي الجارود عن ابي جعفر عن ابيه عن جده عليهم السلام قال قال امير المؤمنين عليه السلام على المنبر يخرج رجل من ولدي في اخر الزمان ابيض مشرب حمرة مبدح البطن عريض الفخذين عظيم مشاش المنكبين بظهره شامتان شامة على لون جلده وشامة على شبه شامة النبي صلى الله عليه وآله له اسمان اسم يخفي واسم يعلن فاما الذي يخفى فاحمد واما الذي يعلن فمحمد فاذا هز رايته اضاء ما ( لما خ ) بين المشرق والمغرب ووضع يده على رؤس العباد فلا يبقى مؤمن الا صار قلبه اشد من زبر الحديد واعطاه الله قوة اربعين رجلا ولا يبقى ميت الا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره وهم يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم عليه السلام اقول قوله مبدح البطن اي واسعه وعريضه قال في القاموس البداح كسحاب المتسع من الارض او اللينة ( الانية خ ) الواسعة والبدح بالكسر الفضاء الواسع وامرءة بادن والابدح الرجل الطويل والعريض الجبين من الدواب وقوله عظيم مشاش المنكبين وفيه قال المشاشة بالضم رأس العظم الممكن المضغ والجمع مشاش وقوله شامتان الشامة علامة تخالف البدن الذي هي فيه قيل هي هنا اما بان تكون ارفع من ساير الاجزاء او اخفض وان لم تخالف ( لم تخالفه خ ) في اللون واقول اما الثانية التي على شبه شامة النبي صلى الله عليه وآله فلا بد ان تكون مخالفة لللون لان شامة النبي صلى الله عليه وآله ( كانت خ ) كذلك فانها ( كانت خ ) سوداء فيها شعر غليظ واما الاولى فلا بد ان تتميز من الجسد واما خصوص انها ارفع او اخفض فلم اقف عليه الى الان ولعل القائل اخذ ذلك من قوله عليه السلام شامة على لون جلده يعني انها اذا كانت على لون جلده لا تتميز بكونها شامة الا بالارتفاع او الانخفاض والذي يظهر لي بان ( ان خ ) هاتين الشامتين شامة من النبوة وشامة من الولاية اما الشامة التي من الولاية بمعنى انها علامة انه خاتم الولاية فلا بد ان تكون على لون جلده اشارة الى انه ولي وخاتم الولاية على صبغة الولي واما الشامة التي على شبه شامة النبي صلى الله عليه وآله فهي من النبوة بمعنى انها علامة انه خاتم خلافة النبي صلى الله عليه وآله فلا خليفة بعده لمحمد صلى الله عليه وآله فلا بد ان تكون مخالفة للون جلده لانه ليس بنبي وانما تكون مشابهة لشامة النبي صلى الله عليه وآله ( وشامة النبي صلى الله عليه وآله خ ) التي هي خاتم النبوة اسود مرتفع وفيه شعر غليظ فان قلت اذا عللت الشامة الاولى في كونها ( بكونها خ ) بلون الجلد لانه ( بانه خ ) ولي و ( بانها خ ) هي علامة ختم الولاية فيلزم ان تكون شامة النبي صلى الله عليه وآله بلون جلده لانه نبي وهي علامة ختم النبوة قلت فرق بين الحالين ولا فرق بين المحلين وذلك لان النبي صلى الله عليه وآله ولي و ( واذ خ ) هو سيد الاولياء وانما نال الاولياء ولايتهم بواسطته لانه سبحانه نصبه من جميع الخلق اجمعين وبعد كونه وليا بثمانين الف سنة كان نبيا فظهر فيه خاتم النبوة وعلامة ختمها على غير لون جلده ولو لم يكن وليا لما ظهرت الشامة على خلاف جلده لكنه ولي ونبي بلى ( بل ظ ) نبي وولي ( لان كل نبي ولي خ ) ولا تجوز النبوة بغير ولاية ولان شامته صلى الله عليه وآله للنبوة وهو وان كان في الحقيقة نبيا لكنه في الحقيقة وقبل تحقق النبوة ولي فكان تلك الشامة علامة للصفة العارضة والعارض على غير لون الذاتي فافهم وقوله له اسمان اسم يخفي واسم يعلن ( قد خ ) تقدم الكلام فيه وقوله وهم يتزاورون في قبورهم يراد منه ان ارواحهم الملابسة للاجسام اللطيفة في قوالبها المثالية يزور بعضهم بعضا في مواضع حفرهم لان هؤلاء في الغالب ليسوا من الذين لهم برزخ لانهم ليسوا ممن محض الايمان محضا والا لكروا معه الا ان يكونوا من اهل زمان من قبله من الائمة عليهم السلام فانهم قد لا يكرون معه لكنهم يتزاورون في قبورهم ويفرحون بخروجه ويكر كل واحد منهم مع كرة امام زمانه كما يحشر يوم القيمة معه وفي غيبة الطوسي عن جابر الجعفي قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول سئل عمر بن الخطاب امير المؤمنين صلوات الله عليه فقال اخبرني عن المهدي ما اسمه قال لا فان حبيبي عهد الى الا احدث باسمه حتى يبعثه قال فاخبرني عن صفته قال هو شاب مربوع حسن الوجه حسن الشعر يسيل شعره على منكبيه ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه بابي ابن خيرة الاماء وفي ارشاد المفيد عن عبد الرحيم القصير قال قلت لابي جعفر عليه السلام قال امير المؤمنين (ع) بابي ابن خيرة الاماء اهي فاطمة قال فاطمة عليها السلام قال المبدح بطنه والمشرب حمرة رحم الله فلانا وفي غيبة النعماني بسنده عن حمران قال قلت لابي جعفر عليه السلام جعلت فداك اني قد دخلت المدينة وفي حقوى هميان فيه الف دينار وقد اعطيت الله عهدا انني انقصها ببابك دينارا دينارا او ( وخ ) تجيبني فيما اسئلك عنه فقال يا حمران سل تجب ولا تنقص دنانيرك فقلت سألت ( سألتك خ ) بقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله انت صاحب الامر والقائم به قال لا قلت فمن هو بابي انت وامي فقال ذلك المشرب حمرة الغائر العينين المشرف الحاجبين عريض ما بين المنكبين برأسه حزاز وبوجهه اثر رحم الله موسى اقول الغائر العينين الذي ليس حدقتا عينيه بارزتين زائدا على اكثر الناس او كاكثر الناس بل هما الى الدخول تحت الحاجبين اكثر وهذا في الغالب من الناس صفة صاحب الدهي وقوله المشرف الحاجبين اي في وسطهما ارتفاع وهو علة غور العين كما تقدم وقوله حزاز قال في العوالم الحزاز ما يكون في الشعر مثل النخالة وقوله عليه السلام رحم الله موسى يحتمل انه لما ذكر له حمران واقسم عليه هل هو القائم ام لا بين اني لست بذلك ولقد قوم ( توهم خ ) قوم يعني بهم الواقفية ان موسى عليه السلام هو القائم عليه السلام فاشار الى ذكر ذلك بالرحم ( بالترحم خ ) عليه او ترحم عليه ردا على الواقفية حيث ذهبوا الى انه القائم عليه السلام وانه حي لم يمت حتى يملأ الارض قسطا وعدلا او انه قال رحم الله فلانا كما يأتي في الحديث الاتي فقال الواقفية عني موسى والترحم عليه الدعاء بتعجيل الفرج وفيه عن حمران بن اعين قال سألت ابا جعفر عليه السلام فقلت انت القائم قال قد ولدني رسول الله صلى الله عليه وآله واني للطالب ( لطالب خ ) بالدم يفعل الله ما يشاء ثم اعدت عليه فقال قد عرفت حيث تذهب صاحبك المدبح ( المدمج خ ) البطن ثم الحزاز برأسه ابن الاوراع رحم الله فلانا اقول قوله المدبج ( المدمج خ ) البطن المستوي بطنه بصدره وقوله الحزاز برأسه كما تقدم ويأتي والمراد بها والله اعلم القوبي لانه علامة له في رأسه كما يأتي وقوله ابن الاوراع بالواو ثم الراء المهملة ( ثم الالف خ ) واخره عين جمع ورع اي انه ابن الورعين الزاهدين او ان الورع بمعنى الجبان والضعيف يعني ان صاحبك الشجاع والقوي وهو ابن الجبناء والضعفاء كناية عن خوفهم عليهم السلام واستيلاء اعدائهم عليهم وصاحبك ليس كابائه وفي بعض النسخ الارواع بتقديم الراء على الواو جمع اروع اي الذي يعجبك بحسنه ومنظره او بشجاعته او انه جمع روع بمعنى الخوف كالمعني الاول وفيه بسنده عن محمد بن عصام عن وهب بن حفص عن ابي بصير قال قال ابو جعفر عليه السلام او ابو عبد الله عليه السلام الشك من ابن‌عصام يا ابا محمد بالقائم ( للقائم خ ) علامتان شامة في رأسه وهو داء الحزاز برأسه وشامة بين كتفيه من الجانب الايسر تحت كتفيه ورقة مثل ورقة الاس ابن ستة وابن خير الاماء اقول لعل الشامة التي بين كتفيه من الجانب الايسر هي التي على شبه شامة رسول الله صلى الله عليه وآله وانما قال من الجانب الايسر لان علامة استخلاف النبوة تحت علامة استخلاف الولاية لان استخلاف النبوة وكالة واستخلاف الولاية ولاية وقوله مثل ورقة الاس يشار به الى ان علامة استخلاص النبوة ناظرة الى الجهة العلياء اي جهة علامة استخلاف الولاية لانها في الرأس واما كونها على هذه الهيئة لان الجهة السفلى اغلظ والجهة العليا الطف فاذا جذبتها العليا او هي طلبت العليا امتدت على هذه الهيئة وقد برهنا على وجه هذا في بعض رسائلنا وقوله ابن ستة يحتمل ان يراد منه ستة اعوام لان اباه عليه السلام مات وهو داخل في السادسة على رواية او ان السادسة تمت على اخرى او يراد به انه ابن سادات اسماؤهم ستة وهي محمد وعليّ والحسين وجعفر وموسى والحسن فيدخل في اسم محمد (ص) الباقر والجواد وفي اسم عليّ عليه السلام السجاد والرضا والهادي ولم يحصل هذا في غيره من الائمة عليهم السلام ويحتمل ان يكون قوله ابن ستة بمعنى ابن سيدة الاماء لانه قد يستعمل ستة بمعنى سيدة اما انه لغة في معنى سيدة او تخفيف كما خففوا اي شيء فقالوا ايش او انه لفظ مولد واستعملوه فيها اما الاستعمال فلا اشكال فيه وانما الاشكال في انه لغة او مخفف سيدة او مولد وفي القاموس وستي للمرأة اي يا ست جهاني او لحن والصواب سيدتي وربما يدل على هذا ما في غيبة النعماني بسنده عن زيد بن حازم قال خرجت من الكوفة فلما قدمت المدينة دخلت على ابي عبد الله عليه السلام فسلمت عليه فسألني هل صاحبك احد فقلت نعم فقال اكنتم تتكلمون قلت نعم صحبني رجل من المعتزلة قال فما كان يقول قلت كان يزعم ان محمد بن عبد الله بن الحسن يرجي هو القائم عليه السلام والدليل على ذلك اسمه اسم النبي صلى الله عليه وآله واسم ابيه اسم ( اسم اب خ ) النبي صلى الله عليه وآله فقلت له في الجواب ان كنت تأخذ في الاسماء فهو ذا في ولد الحسين عليه السلام محمد بن عبد الله بن عليّ فقال لي ان هذا ابن امة يعني محمد بن عبد الله بن عليّ وهذا ابن مهيرة يعني محمد بن عبد الله بن الحسن فقال لي ابو عبد الله عليه السلام فما رددت عليه قلت ما كان عندي شيء ارد عليه فقال لو تعلمون انه ابن ستة يعني القائم عليه السلام اقول فقوله ( قوله خ ) عليه السلام لو تعلمون انه ابن ستة جواب لو محذوف اي لو رددتم ( لرددتم خ ) عليه يعني بان قلتم ان القائم عليه السلام ابن امة كما قال ( قاله خ ) امير المؤمنين عليه السلام في قوله بابي ابن خيرة الاماء فدل على ان المراد بستة ستة الاماء اي سيدتهن لان جوابه عليه السلام في مقام ذكر الحرة والامة ويحتمل ان المراد انه ابن ستة من الائمة عليهم السلام باعتبار الاسماء كما مر ومحمد بن عبد الله لم يكن كذلك الا ان الاول قريب للقرينة وعليه فيحمل الواو في الحديث على التفسير فلا يحمل على اقتضاء المغايرة والله سبحانه وهم عليهم السلام اعلم وفي بصائر الدرجات بسنده عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال قلت جعلت فداك اني سمعت اباك وهو يقول ان القائم عليه السلام واسع القدر مترسل المنكبين عريض ما بينهما فقال يا ابا محمد ان ابي لبس درع رسول الله صلى الله عليه وآله وكانت تسحب على الارض واني لبستها فكانت وكانت وانها تكون في ( من خ ) القائم عليه السلام كما كانت من رسول ( لرسول خ ) الله صلى الله عليه وآله مشمرة كأنه يرفع نطاقها بحلقتين وليس صاحب هذا الامر من جاز الاربعين قوله مترسل المنكبين اي منبسطهما وقوله فكانت وكانت قال في العوالم اي كانت قريبة من الاستواء والتقدير كانت مستوية وكانت زائدة اقول والظاهر ان المراد فكانت تسحب ايضا وكانت زائدة وكانت واسعة وامثال ذلك من عدم الاعتدال والموافقة لان موافقتها لمن لبسها منهم صلى الله عليهم علامة القيام بامر الله ( تعالى خ ) حتى يرضي يعني انها كما كانت على ابي من عدم الاستواء وزيادة وتكرير كانت لتعديد جهات المخالفة وقوله ( وانها خ ) تكون من القائم عليه السلام كما كانت من رسول الله صلى الله عليه وآله يعني انها على القائم عليه السلام اذا لبسها مثل ما هي على رسول الله صلى الله عليه وآله من الاستواء والموافقة وقوله مشمرة اي مرتفعة اذيالها عن الارض والمراد بنطاقها ما يرسل قدامها والمعنى انها ( بانها خ ) كانت قصيرة عليه بحسبه ( بحسبه بحيث خ ) يظن الناظر انه رفع بنطاقها ( نطاقها خ ) وشدها على وسطها بحلقتين وفي بعض النسخ وكانت ولعل المعنى انه عليه السلام يعني القائم عليه السلام يشدها لسهولة الحركات لا لطولها ويحتمل ان يكون المراد بالنطاق المنطقة التي تشد فوق الدرع وقوله من جاز الاربعين قال في العوالم اي في صورة صاحب هذا الامر يرى دائما في سن الاربعين ولا يؤثر فيه الشيب ولا يغيره اقول يعني انه في سن الاربعين لا تتوهم فيه نفوس الجهال عدم العلم والحلم والعقل ويحتمل ان يكون المراد ان من تجاوز سن الاربعين يكون شيخا لا يقوم باعباء الامر وانما صاحب هذا الامر من يظهر شابا قويا في بدنه على معالجة الامور الشديدة

فصل - في ذكر قوته وقوة اصحابه وفي معنى اولى القوة وفي علة غيبته عليه السلام في حلية الابرار بسنده عن الريان بن الصلت قال قلت للرضا عليه السلام انت صاحب هذا الامر فقال انا صاحب هذا الامر ولكني لست بالذي املأها عدلا كما ملئت جورا وكيف اكون ذلك على ما ترى من ضعف بدني وان القائم هو الذي اذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشباب ( الشاب خ ) قوي في بدنه حتى لو مد يده الى اعظم شجرة على وجه الارض لقلعها ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها يكون معه عصى موسى عليه السلام وخاتم سليمان عليه السلام ذلك الرابع من ولدي يغيبه الله في سره ما شاء ثم يظهره فيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما وفيه عن ابي بصير قال سأل رجل من اهل الكوفة ابا عبد الله عليه السلام كم يخرج مع القائم عليه السلام فانهم يقولون انه يخرج مثل عدة اهل ( اصحاب خ ) بدر ثلثمائة وثلاثة ‌عشر رجلا قال ما يخرج الا في اولي قوة وما يكون اولوا القوة اقل من عشرة الاف وفي نسخة اخرى وما يكون اولوا القوة الا عشرة الاف وفيه عن ابي بصير قال قال ابو عبد الله عليه السلام ما كان قول لوط عليه السلام لقومه لو ان لي بكم قوة او اوي الى ركن شديد الا تمنيا لقوة القائم عليه السلام ولا ذكر ركن الا شدة اصحابه فان الرجل منهم يعطي قوة اربعين رجلا وان قلبه لاشد من زبر الحديد ولو مروا بجبال الحديد لقطعوها لا يكفون سيوفهم حتى يرضي الله عز وجل وفيه عن ابان بن تغلب الكلبي قال قال ابو عبد الله عليه السلام في حديث يذكر فيه القائم عليه السلام اذا خرج قال عليه السلام ووضع الله يده على رؤس العباد فلا يبقى مؤمن الا صار قلبه اشد من زبر الحديد واعطي قوة اربعين رجلا وفيه عن ابن‌ ابي ‌عمير عمن ذكره عن ابي عبد الله عليه السلام قال قلت له ما بال امير المؤمنين عليه السلام لم يقاتل فلانا وفلانا وفلانا قال لايات في كتاب الله عز وجل لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا اليما قال قلت وما يعني بتزايلهم قال ودايع مؤمنين في اصلاب قوم كافرين وكذلك القائم عليه السلام لن ‌يظهر ابدا حتى تخرج ( يخرج خ ) ودائع الله عز وجل فاذا خرجت ظهر في اعداء الله فقتلهم وفيه عن ابراهيم الكرخي قال قلت لابي عبد الله عليه السلام او قال له رجل اصلحك الله الم يكن عليّ عليه السلام قويا في دين الله عز وجل قال بلى قلت كيف ظهر عليه القوم ولم يمنعهم وكيف لم يدفعهم وما منعه من ذلك قال اية في كتاب الله عز وجل منعته ( قال وخ ) قلت واي اية قال قوله لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا اليما اذ ( ان خ ) كان لله عز وجل ودائع مؤمنون في اصلاب قوم كافرين ومنافقين فلم يكن عليّ عليه السلام ليقتل الاباء حتى تخرج الودائع فلما خرج الودائع ظهر على من ظهر وكذلك قائمنا اهل البيت لن‌يظهر ابدا حتى تظهر ودائع الله عز وجل فاذا ظهرت يظهر على من ظهر فقتله اقول قوله عليه السلام في الحديثين ودائع مؤمنين ( مؤمنون خ ) يريد ( به خ ) انه اذا خرج على الاعداء الذين يحاربونه فان قتلهم فقد قتل من في اصلابهم من المؤمنين الذين لم يخرجوا عليه وان لم يقتل من في صلبه الوديعة المؤمنة قتلوه كما كان يوم كربلاء والاشارة الى ذلك ان الله سبحانه خلق شجرة في الجنة اسمها المزن يقع منها قطرات على البقول والثمار وساير النباتات فما اكل من تلك البقول او ( وخ ) الثمار مما فيه قطرة مؤمن او كافر الا اخرج الله من صلبه مؤمنا وبالعكس شجرة الزقوم في سجين نابتة في طينة خبال على العكس فلما كان اعداؤه من المنافقين والمشركين والكافرين في اصلابهم نطف مؤمنة طاهرة لم يخرج لانه ان ( خرج وخ ) قتلهم قتل شيعته وان لم يقتلهم قتلوه فهو دائما ينظر بنور الله والتوسم في اصلاب الخلايق فاذا تزيلوا كما كان من ( في خ ) قوم نوح وموسى وغيرهما ( خرج خ ) فقتل من قاتله ولم تصبه هو ولا انصاره معرة وهذا هو المراد من خوفه عليه السلام من القتل الذي عناه ابو عبد الله عليه السلام في قوله لا بد للغلام من غيبة قال السائل ولم قال يخاف واومي بيده الى بطنه يعني القتل الحديث وعن زرارة عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان للقائم عليه السلام غيبة قبل قيامه قلت ولم قال يخاف على نفسه الذبح وفيه عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال سمعت الصادق جعفر بن محمد عليه السلام يقول ان لصاحب هذا الامر غيبة لا بد منها يرتاب فيها كل مبطل قلت له ولم جعلت فداك قال لامر لم يؤذن لنا في كشفه لكم قلت فما وجه الحكمة في غيبته قال وجه الحكمة في غيبته الحكمة في غيبات من تقدمه من حجج الله تعالى ذكره ووجه الحكمة في ذلك لا ينكشف الا بعد ظهوره كما لا ينكشف وجه الحكمة فيما اتاه الخضر عليه السلام من خرق السفينة وقتل الغلام واقامة الجدار لموسى عليه السلام الا وقت افتراقهما يا ابن‌الفضل ان هذا الامر من امر الله عز وجل وسر من سر الله وغيب من غيب الله ومتى علمنا انه عز وجل حكيم صدقنا بان افعاله كلها حكمة وان كان وجهها غير منكشف لنا اقول قوله عليه السلام لامر لم يؤذن لنا في كشفه لكم يريد منه والله سبحانه وتعالى ورسوله وحججه عليه وعليهم السلام اعلم لم يؤذن في كشفه لمثلك من الضعفاء من شيعتنا ممن لا يحتملونه لانه صعب مستصعب ولاعدائنا لئلا يزدادوا بكشفه لهم عتوا ونفورا وعماية وجهلا والا فانهم قد كشفوه في احاديثهم لشيعتهم الذين يحتملونه وذلك الامر هو مركب من اسباب منها ما سمعت في بيان لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا اليما وهذا اعظمها واقواها ركنا ومنها جري الاشياء في جعل التقدير على الاقتضاءات الطبيعية فلا بد للاشياء اذا جرت على ما تقتضيه ان يجري اللاحق على طريق جري السابق كما قال تعالى ولن‌تجد لسنة الله تبديلا وقال ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سبق وان يعودوا فقد مضت سنة الاولين ومنها الاختبار والابتلاء اللذين بهما يميز الله الخبيث من الطيب كما قال الله ام حسبتم ان تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولمايأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء الم احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون وقول امير المؤمنين صلوات الله عليه لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة ولتساطن سوط القدر حتى يعود اعلاكم اسفلكم واسفلكم اعلاكم الحديث ومنها اعطاء الله عز وجل عباده المؤمنين جزيل منحه ومواهبه على ما سبب لهم من الايمان بالغيب والتصديق له ولكتبه ورسله واوليائه ومنها سر القدر في الاختبار والابتلاء الذي لا ينبغي كشفه او لا يدرك تبيينه الا اجمالا او بتطويل طويل وفيه عن زرارة قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام ان للقائم عليه السلام غيبة قبل ان يقوم فقلت ولم قال يخاف واومي بيده الى بطنه ثم قال يا زرارة وهو المنتظر وهو الذي يشك في ولادته فمنهم من يقول مات ابوه فلا خلف ومنهم من يقول ولد قبل وفاة ابيه بسنتين وهو المنتظر ان الله يحب ان يمتحن قلوب الشيعة فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة قلت له جعلت فداك ان ادركت ذلك الزمان اي شيء اعمل فقال يا زرارة من ادرك ذلك الزمان فليدع بهذا الدعاء اللهم عرفني نفسك فانك ان لم تعرفني نفسك لم اعرف نبيك اللهم عرفني رسولك فانك ان لم تعرفني رسولك لم اعرف حجتك اللهم عرفني حجتك فانك ان لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني ثم قال يا زرارة لا بد من قتل غلام بالمدينة قلت جعلت فداك أوليس الذي يقتله جيش السفياني فقال لا ولكن يقتله جيش بني ‌سفيان يخرج حتى يدخل المدينة فلا يدري الناس في اي شيء جاء فيأخذ الغلام فيقتله فاذا قتله بغيا وعدوانا لم يمهلهم الله فعند ذلك فتوقعوا الفرج اقول هذا الغلام هو النفس الزكية ولم يمهلهم الله الا خمس‌عشرة ليلة

فصل - في انه عليه السلام يحضر الموسم فيقبل حجهم اذا حضر ولا يحضرهم ابليس في حلية الابرار عن عبيد بن زرارة قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول يفقد الناس امامهم فيشهد الموسم فيراهم ولا يرونه وفيه عن عبيد بن زرارة قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول يفقد الناس امامهم فيشهد الموسم فيراهم ولا يرونه وفيه عن عبيد بن زرارة عن ابي عبد الله عليه السلام قال للقائم غيبتان يشهد في احديهما الموسم يرى الناس ولا يرونه اقول يحتمل ان يراد بالغيبة التي يشهد فيها الموسم الغيبة الصغرى وهذا في الظاهر ظاهر الا ان فيه اشكالا وهو انه عليه السلام لم يحتجب في الغيبة الصغرى عن كل احد بل كثيرا ما يراه بعض شيعته الا ان يحمل على ان العامة لا يرونه او على ان هذا جار على الاغلب وايضا يفهم منه ان في الثانية لا يشهد الموسم او يشهد ولكنهم يرونه ( لا يرونه خ ) او يرونه ولا يشهد كما هو مقتضى الحصر العقلي وكل هذه لا تصح والظاهر ان المفهوم المراد هو انه عليه السلام في الغيبة الكبرى فيما بعد منها عن الصغرى لا يراه احد كما يأتي عنهم عليهم السلام من انه لا تراه عين حتى تراه كل عين وما نقل من انه رئي في الغيبة الكبرى كما نقله كثير فعلي تقدير صحته يحمل على ما كان قريبا من الغيبة الصغرى واما انه لا يحضر الموسم فلا بل يحضر في كل سنة او في اغلب السنين كما قد يفهم من بعض الاخبار بدلالة مفهومه والذي يخطر بقلبي مما استفدته من اثارهم عليهم السلام انه يحضر الموسم وانه اذا حضر لم يحضر ابليس واذا حضر قبل حج اهل الموسم ولكن ذلك ليس على اطلاق لفظه بل في بعض مواضع عرفة دون بعض وما لم يحضر فيه يحضره ابليس لانه عليه السلام لا يحضر الا مع اوليائه حين طاعتهم وذكرهم وحينئذ لا يحضر ابليس لانه لو حضر احرقه نور ولي الله صلوات الله عليه وعلى ابائه الكرام ولا يحضر مع اعدائه ولا مع من وافقهم من المحبين فيحضر ابليس فيصيبهم بما يقدر عليه من كل ما يخدش به حجهم والله سبحانه اعلم ويحتمل ان يكون المراد ( انه خ ) يحضر الموسم عند اوليائه ولا يحضر عند اعدائه فيكون المعنى في قوله انه عليه السلام يرى الناس فيعرفهم ويرونه ولا يعرفونه ان الناس هم اعداؤه او اعم من اعدائه واوليائه وان ضمير يرونه ولا يعرفونه يرجع الى اوليائه كما تشير اليه بعض اثارهم واما قبول الحج وعدمه وحضور ابليس وعدمه فمبنى على اقباله وادباره عليه السلام لا على حضور ( حضوره خ ) الموسم من اصله وعدمه لانه لا يترك الحج ابدا ويدل على حضوره كل سنة ما رواه ابن‌ بابويه بسنده عن عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن عثمان العمري قال سمعته يقول وان صاحب هذا الامر يحضر الموسم كل سنة فيرى الناس فيعرفهم ويرونه ولا يعرفونه وعنه قال سألت محمد بن العثمان العمري فقلت له رأيت صاحب هذا الامر فقال نعم واخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول اللهم انجز لي ما وعدتني وعنه قال سمعت محمد بن عثمان العمري رضي الله عنه يقول رأيته عليه السلام متعلقا باستار الكعبة في المستجار وهو يقول اللهم انتقم لي من اعدائي وفيه عن ابي عبد الله عليه السلام قال العام الذي لا يشهد صاحب هذا الامر الموسم لا يقبل من الناس حجهم اقول يظهر من هذا انه عليه السلام قد لا يحضر في بعض السنين الموسم والجمع بينه وبين ما تقدم من انه يحضر الموسم كل سنة اما على مثل ما ذكرنا من التوجيه من انه البتة يحضر عند اوليائه ولا يحضر عند اعدائه فلا يقبل حجهم او انه يقبل على اوليائه فيقبل حجهم ولا يقبل على اعدائه فيحضر ابليس فلا يقبل حجهم او يحمل قوله في الحديث الاول كل سنة على الاغلب والله اعلم

فصل - في نزول عيسى بن مريم عليه السلام ويصلي خلف المهدي عليه السلام في حلية الابرار بسنده الى شهر بن حوشب قال لي الحجاج يا حوشب اية في كتاب الله قد اعيتني فقلت ايها الامير اية اية هي فقال قوله وان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته والله اني لامر باليهودي والنصراني فتضرب عنقه ثم ارمقه فما اراه يحرك شفتيه حتى يخمد فقلت اصلح الله الامير ليس على ما اولت فقال كيف هو قال ان عيسى ينزل به قبل يوم القيمة الى الدنيا فلا يبقى اهل ملة يهودي ولا غيره الا امن به قبل موته ويصلي خلف المهدي قال ويحك اني لك هذا ومن اين جئت به فقلت حدثني به محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن ابي طالب عليه السلام فقال جئت بها والله من عين صافية وفيه عن عليّ بن رياب عن ابي عبد الله عليه السلام في حديث طويل قال فيه فظهر عيسى عليه السلام في ولادته معلنا لدلائله مظهرا لشخصه شاهرا لبراهينه عن مخفي لنفسه لان زمانه كان زمان امكان ظهور كذلك ثم كان له من بعده اوصياء حججا مستعلنين ومستخفين الى وقت ظهور نبينا صلى الله عليه وآله فقال الله عز وجل له في الكتاب مايقال لك الا ما قد قيل للرسل من قبلك ثم قال عز وجل سنة من قد ارسلنا من قبلك من رسلنا فكان مما قيل له ولزم من سنة ( سنته خ ) على ايجاب سنن تقدمه من الرسل اقامة الاوصياء له كاقامة من تقدمه لاوصيائهم فاقام رسول الله صلى الله عليه وآله اوصياءه كذلك واخبر بكون المهدي عليه السلام خاتم الائمة عليهم السلام وانه يملأ الارض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا فنقلت الامة باجمعها عنه عليه السلام وان عيسى عليه السلام ينزل في وقت ظهوره ويصلي خلفه وفيه عن الفاضل عمر بن ابراهيم الاوسي في كتابه عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ينزل عيسى بن مريم عليه السلام عند انفجار الصبح ما بين مهرودين وهما ثوبان اصفران من الزعفران ابيض الجسم اصهب الراس افرق الشعر كأن رأسه يقطر دهنا بيده حربة يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويهلك الدجال ويقبض اموال القائم عليه السلام ويمشي خلفه اهل الكهف وهو وزير الا يمن للقائم عليه السلام وحاجبه ونائبه ويبسط في المغرب والمشرق الامن من كرامة الحجة بن الحسن صلوات الله عليه حتى يرتع الاسد مع الغنم والنمر مع البقر والذئب والغنم وتلعب الصبيان بالحيات ويتزوج عيسى بامرأة من غسان حتى يسود وجه من كان يقول ليس من البشر ويروه كيف يأكل ويشرب وينكح ويؤمر في سبعين الفا منهم اصحاب الكهف وتجمع له الكتب من انطاكية حتى يحكم بين اهل المشرق والمغرب ويحكم بين اهل التورية في توراتهم واهل الانجيل في انجيلهم واهل الزبور في زبورهم واهل الفرقان بفرقانهم فيكشف الله له عن ارم ذات العماد والقصر الذي بناه سليمان بن داود عليهما السلام قرب موته فيأخذ ما بهم من الاموال ويقسمها على المسلمين ويخرج الله التابوت الذي امر به ارميا ان يرميه في بحيرة طبريا فيه بقية مما ( ما خ ) ترك ال موسى وال هرون ورضاضة اللوح وعصى موسى وقبا هرون وعشرة اصواع من المن وشرايح السلوي التي ادخروها بنواسرائيل لمن بعدهم فيستفتح بالتابوت المدن كما استفتح به من كان قبله وينشر الاسلام في المشرق والمغرب والجنوب والقبلة وذلك الوقت سنته كالشهر وشهره كالجمعة وجمعته كاليوم ويومه كالساعة والساعة لا بقاء لها ثم تقبل ريح باردة صفراء الين من الحرير مثل المسك فيقبض الله بها روح عيسى بن مريم عليه السلام اقول قوله ما بين مهرودين الخ اي انه لابس لهما فان اللابس للثياب يكون ما بينها لانها محيطة به والمهرودان ثوبان مصبوغان واصله المصبوغ بالهرد وهو الكركم او عروقا يصبغ بها وهنا مهرودان اي مصبوغان وهما مصبوغان بالزعفران وقوله وزير الايمن للقائم عليه السلام لعل الوزير الايسر النبي الياس عليه السلام وقوله حتى يسود وجه من كان يقول ليس من البشر يعني انه اذا رءاه قد تزوج بامرأة من غسان ونكح علم بانه ليس بابن الله ولا انه اله تولد من اله كما تزعم النصاري القائلون بثبوت الثالث القديم تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا وغسان طائفة ( معروفة خ ) تسمي باسم ابيها غسان بن سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر وهو هود عليه السلام ابن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح عليه السلام وقوله وشرائح السلوي الشرايح جمع شريحة وهي القطعة من اللحم او القديد من لحم الظبا او غيره والمراد ان بني اسرائيل لما كانوا في التيه نزل عليهم المن والسلوى وكانت لهم من المناقب العظيمة فلما ذهبوا الى ارض بيت المقدس ( الارض المقدسة خ ) بقي عندهم شيء من المن قدر عشرة اصوع وشيء من لحوم السلوى والسلوى الطير السمائي وادخروا تلك الاصوع والشرائح من جملة اثار الانبياء ولا زالت الانبياء والاوصياء يتوارثونها ( يتوارثونهما خ ) مع ما ذكر من تركات الانبياء الى ان وصلت الى نبينا محمد صلى الله عليه وآله وهي عند الائمة عليهم السلام ( الى ان وصلت خ ) وانتهت المواريث كلها الى صاحب الامر عجل الله فرجه وتلك عنده في السفط او العيبة او الزنفلجة او غيرها ومنها عنده في اماكنها اي وقت ارادها فهي حاضرة عنده قوله التابوت الذي امر به ارميا الخ هذا هو التابوت المذكور في القرءان وفيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك ال موسى وال هرون تحمله الملائكة ورماه النبي ارميا عليه السلام في بحيرة طبرية وهي قصبة بالاردن والاردن بتشديد الدال كورة بالشام ليدخر للقائم عليه السلام عجل الله فرجه وهذا الحديث من طرق العامة ولهذا نسب هذه الافاعيل التي يفعلها الحجة عليه السلام الى عيسى بن مريم عليه السلام وقوله وذلك الوقت سنته كالشهر الخ كناية عن حسنه واعتداله وريعه ورفاهيته وظهور غاية العدل فيه حتى ان السنة عند الشخص كالشهر الخ لانه لا يحب تقضيها لانها مثال الجنة بل هي من الجنتين المدهامتين كما يأتي ان شاء الله تعالى وليس المراد انها قصيرة كما قد يتوهم من قوله و ( ان خ ) الساعة لا بقاء لها بل السنة بقدر عشرة سنين من هذه السنين التي نحن فيها لان الله سبحانه يأمر الفلك باللبوث حتى تكون السنة بعشر سنين ويأتي ان شاء الله تعالى وقوله عليه السلام تقبل ريح باردة صفراء الخ هذه الريح من الجنة مأمورة ازكى من المسك والعنبر واليها الاشارة بتأويل قوله تعالى فروح وريحان وجنة نعيم اما كونها ريحا فلمناسبتها للروح لتجذبها عند الموت بجهة المناسبة واما كونها باردة فاشارة الى انها من الجنة واما كونها صفراء فاشارة الى البقاء لان هذا موت بقاء اذ هو مقدمة لبقاء الابد لا انه موت فناء لان الصفرة معلولة على الحرارة والرطوبة اللتين هما علة الكون

فصل - في ذكر بعض سيرته تتمة لما مر ويأتي في حلية الابرار من غيبة النعماني محمد بن ابراهيم بسنده الى عبد الله بن عطاء المكي عن شيخ من الفقهاء يعني ابا عبد الله عليه السلام قال سألته عن سيرة المهدي عليه السلام كيف سيرته فقال يصنع كما يصنع رسول الله صلى الله عليه وآله يهدم ما كان قبله كما هدم رسول الله صلى الله عليه وآله من الجاهلية ويستأنف الاسلام جديدا قوله ويستأنف الاسلام جديدا كناية عن ازالة ما احدثه المبدعون في الاسلام وفيه عن زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال قلت له صالح من الصالحين سمه لي اريد القائم عليه السلام قال اسمه اسمي قلت يسير بسيرة محمد صلى الله عليه وآله فقال هيهات هيهات يا زرارة ما يسير بسيرته قلت ولم جعلني الله فداك فقال ان رسول الله صلى الله عليه وآله سار في امته بالمن يتألف الناس والقائم عليه السلام يسير بالقتل ولا يستتيب احدا ويل لمن ناواه اقول قوله هيهات هيهات الخ يراد منه انه يسير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله ولكن انما عاملهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالمن ليتألفهم لئلا يرتدوا عن الاسلام وليرغب الكفار والمشركون في الاسلام ويقررهم على الاسلام بالتدريج فانه امرهم بالصلوة ركعتين ثم زاد فيها ولم يفرض عليهم الولاية ثم فرضها مع ان الاسلام فرع عليها وغير ذلك ولما عرف عليه السلام من زرارة ان اعتقاده ان ما فعله ( فعل خ ) رسول الله صلى الله عليه وآله هو حقيقة الدين بين عليه السلام له ان الدين الذي اتى به رسول الله صلى الله عليه وآله انما يكمل اذا قام القائم عليه السلام عجل الله فرجه من قوله عز وجل ليظهره على الدين كله وذلك عند قيام القائم عليه السلام لان رسول الله صلى الله عليه وآله ترك اشياء كثيرة من دينه لاجل موانع واسباب من نفوس المكلفين والقائم عليه السلام يقول بحقيقة ذلك الدين الا انه لما كان في زمان دولة الحق بحيث لا يكون للباطل دولة ابدا نفي تلك الموانع التي كانت معلولة ومحي تلك الاسباب الا ما اقتضته ذات التكليف فلم يسير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله بالتألف ( بالتأليف خ ) والمن والاستجلاب والتدريج وانما يسير بسيرته بنفس شريعته وحقيقة حلاله وحرامه وفيه عن ابي‌ خديجة عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال ( ان عليا عليه السلام قال خ ) قد كان لي ان اقتل المولى واجيز على الجريح ولكني تركت ذاك للعاقبة من اصحابي ان اخرجوا لم يقتلوا والقائم له ان يقتل المولي ويجيز على الجريح اقول قوله اجيز على الجريح اي اجهز عليه ومعنى الحديث كما ذكرنا وفيه بسنده عن الحسن بن هارون بياع الانماط قال كنت عند ابي عبد الله عليه السلام جالسا فسأله المعلي بن خنيس أيسير ( أيسبي خ ) القائم عليه السلام اذا قام بخلاف سيرة عليّ عليه السلام فقال نعم وذلك ان عليا سار بالمن والكف لانه علم ان شيعته سيظهر عليهم من بعده وان القائم عليه السلام اذا قام سار فيهم بالبسط والسبي وذلك انه يعلم ان شيعته لن‌يظهر عليهم من بعده وفيه عن محمد بن مسلم قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول لو يعلم الناس ما يصنع القائم عليه السلام اذا خرج لاحب اكثرهم الا يروه مما يقتل من الناس اما انه لا يبدء الا بقريش فلا يأخذ منها الا السيف ولا يقطعها الا السيف حتى يقول كثير من الناس ما هذا من آل محمد صلى الله عليه وآله ولو كان من آل محمد لرحم اقول ولهذا ورد ان اكثر ما يرد عليه المتفقهون لانه يحكم بالحق الذي اراه الله اياه عن علم لا بشهادة شهود حتى ورد انه عجل الله فرجه ليكون الرجل قاعدا في بيته لا يعلم احد من الناس ان له ذنبا فيرسل اليه ويقتله فويل لمن ناواه ورد عليه في الدنيا والاخرة وطوبى لمن سلم له ورد اليه في كل شيء في الدنيا والاخرة اللهم اعنا على طاعته وارزقنا رأفته ورحمته ورضاه انك على كل شيء قدير وفيه بسنده عن ابي بصير قال قال ابو جعفر عليه السلام يقوم القائم بامر جديد وكتاب جديد على العرب شديد ليس شأنه الا السيف لا يستتيب احدا ولا تأخذه في الله لومة لائم وفيه بسنده عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال ما تستعجلون ( يستعجلون خ ) بخروج القائم عليه السلام فوالله ما لباسه الا الغليظ ولا طعامه الا الجشب وما هو الا السيف والموت تحت ظل السيف وفيه بسنده عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال اذا خرج القائم عليه السلام لم يكن بينه وبين العرب وقريش الا السيف ما يأخذ منها الا السيف ولا يعطيها الا السيف وما يستعجلون بخروج القائم عليه السلام والله ما لباسه الا الغليظ ولا طعامه الا الشعير الجشب وما هو الا السيف والموت تحت ظل السيف وفي الكافي بسنده عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان القائم اذا قام رد البيت الحرام الى اساسه ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله الى اساسه ومسجد الكوفة الى اساسه وقال ابو بصير الى موضع التمارين من المسجد

فصل - في ان ما يلقاه القائم عليه السلام اشد مما لقيه ( يلقاه خ ) رسول الله صلى الله عليه وآله من جهال قومه في غيبة النعماني محمد بن ابراهيم بسنده عن الفضيل بن يسار قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول ان قائمنا استقبل من جهال الناس اشد مما استقبله رسول الله صلى الله عليه وآله من جهال الجاهلية قلت وكيف ذاك قال ان رسول الله صلى الله عليه وآله اتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان والخشب المنحوتة وان قائمنا اذا قام اتى الناس وكلهم يتأول كتاب الله ويحتج عليه به ثم قال اما والله ليدخلن عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحر والقر وفيه عن ابي‌ حمزة الثمالي قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول ان صاحب هذا الامر ( يقول خ ) لو قد ظهر لقي من الناس مثل ما لقي رسول الله صلى الله عليه وآله واكثر وفيه عن محمد بن ابي ‌حمزة عن ابي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول ان القائم عليه السلام يلقى في حربه ما لم يلق رسول الله صلى الله عليه وآله ان رسول الله صلى الله عليه وآله اتاهم وهم يعبدون حجارة منقورة وخشبا منجورة وان القائم عليه السلام يخرجون عليه فيتأولون عليه كتاب الله فيقاتلونه عليه وفيه عن ابان بن تغلب قال سمعت ابا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام يقول اذا ظهرت راية الحق لعنها اهل الشرق واهل الغرب اتدري لم ذاك قلت لا قال للذي يلقى الناس من اهل بيته قبل خروجه وفيه عن يعقوب السراج قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول ثلاث‌ عشرة مدينة وطائفة يحارب القائم عليه السلام اهلها ويحاربونه اهل مكة واهل المدينة واهل الشام وبنوامية واهل البصرة واهل دست‌ميسان والاكراد والاعراب وضبة وغني وباهلة وازد البصرة واهل الري اقول قوله واهل دست‌ميسان دست قرية وميسان كورة بين البصرة وواسط وضبة قبيلة من قريش ابوهم ضبة بن ادغم بن مر بن اد بن طابخة بن الياس بن مضر وغني حي من غطفان وغطفان حي من قيس وباهلة قبيلة

فصل - في ذكر اعلام الاحياء والاموات بقيامه وفي ذكر منزله ومسجده وموضع منبره ويراه المؤمن من بعيد في زمانه وما يعطاه في زمانه وفي ذكر نشره راية رسول الله صلى الله عليه وآله اذا قام في الاكمال عن عبد الله بن عجلان قال ذكرنا خروج القائم عليه السلام عند ابي عبد الله عليه السلام فقلت له كيف نعلم ذلك فقال يصبح احدكم وتحت رأسه صحيفة مكتوب طاعة معروفة وروي انه يكون في راية المهدي الرفعة لله عز وجل وفي نسخة اخرى البيعة لله عز وجل وفيه عن سيف بن عميرة قال قال ابو جعفر عليه السلام المؤمن يتخير في قبره فاذا قام القائم عليه السلام فيقال له قد قام صاحبك فان احببت ان تلحق به فالحق وان احببت ان تقيم في كرامة الله فاقم وفي الكافي عن ابي‌ الربيع الشامي قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول ان قائمنا اذا قام مد الله عز وجل لشيعتنا في اسماعهم وابصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم عليه السلام بريد يكلمهم ويسمعون وينظرون اليه وهو في مكانه وفي الاكمال عن ابان بن تغلب قال قال ابو عبد الله عليه السلام كأني انظر الى القائم عليه السلام على ظهر النجف فاذا استوى على ظهر النجف ركب فرسا ادهم ابلق ما بين عينيه شمراخ ثم ينتفض به فرسه فلا يبقى احد في بلدة ( بلده خ ) الا وهم يظنون انه معهم في بلادهم وفي غيبة النعماني عن حمران بن اعين عن ابي جعفر عليه السلام انه قال كأني بدينكم هذا لا يزال موليا يحصص بذنبه لا يرده عليكم ( اليكم خ ) الا رجل منا اهل البيت يعطيكم الله في السنة عطائين ويرزقكم في الشهر رزقين وتؤتون الحكمة في زمانه حتى ان المرأة لتقضى في بيتها بكتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وفي التهذيب للشيخ بسنده عن صالح بن ابي‌الاسود قال قال ابو عبد الله عليه السلام وذكر مسجد السهلة فقال اما انه منزل صاحبنا اذا قام باهله وفي كامل الزيارة عن ابي ‌بكر الحضرمي عن ابي عبد الله (ع) وابي جعفر عليه السلام قال قلت له اي بقاع الارض افضل بعد حرم الله عز وجل وبعد حرم رسول الله ( رسوله خ ) صلى الله عليه وآله فقال الكوفة يا ابا بكر هي الزكية الطاهرة فيها قبور النبيين والمرسلين ( وغير المرسلين خ ) والاوصياء والصادقين وفيها مسجد سهيل الذي لم يبعث الله نبيا الا وقد صلي فيه ومنها يظهر عدل الله وفيها يكون قائمه والقوام من بعده وهي منازل النبيين والاوصياء والصالحين وفي التهذيب عن ابي ‌بكر الحضرمي عن ابي جعفر الباقر عليه السلام مثله وفيه عن حبة العربي ( العرني خ ) قال خرج امير المؤمنين عليه السلام الى الحيرة فقال لتصلن هذه بهذه واومى بيده الى الحيرة حتى يباع الذراع فيما بينهما بدينارين وليبنين بالحيرة مسجد له خمسمائة باب يصلي فيه خليفة القائم عليه السلام لان مسجد الكوفة ليضيق عنهم وليصلين فيه اثني عشر اماما عدلا قلت يا امير المؤمنين ويسع مسجد الكوفة هذا الذي تصف الناس يومئذ قال يبني لهم اربع مساجد مسجد الكوفة اصغرها هذا ومسجدان طرفي الكوفة من هذا الجانب واومى بيده نحو نهر البصريين والعربيين وفي الكافي عن ابان بن تغلب قال كنت مع ابي عبد الله عليه السلام فمر بظهر الكوفة فنزل فصلى ركعتين ثم تقدم قليلا فصلى ركعتين ثم سار قليلا فنزل فصلى ركعتين ثم قال هذا قبر امير المؤمنين عليه السلام قلت جعلت فداك والموضعين اللذين صليت فيهما قال هذا موضع رأس الحسين عليه السلام وموضع منزل القائم عليه السلام وفي كامل الزيارة وموضع منبر القائم عليه السلام ومثل هذه رواية ابن طاووس عن محمد بن جرير الطبري في مسند فاطمة عليها السلام بسنده عن فرات بن احنف قال كنت مع ابي عبد الله عليه السلام ونحن نريد زيارة امير المؤمنين عليه السلام فلما صرنا الى الثوية نزل فصلى ركعتين ( ركعتيه خ ) فقلت يا سيدي ما هذه الصلوة قال هذا موضع منبر القائم عليه السلام احببت ان اشكر الله في هذا الموضع ثم مضى ومضيت معه حتى انتهى الى القائم الذي على الطريق فنزل فصلى ( وصلى خ ) ركعتين فقلت ما هذه الصلوة قال هيهنا نزل القوم الذين كان معهم رأس الحسين عليه السلام في صندوق فبعث الله عز وجل طيرا فاحتمل الصندوق بما فيه فمر بهم جمال فاخذوا رأسه وجعلوه في الصندوق فحملوه ونزلت وصليت هنا شكرا لله ثم مضى ومضيت معه حتى انتهى الى موضع فنزل وصلى ركعتين وقال هيهنا قبر امير المؤمنين عليه السلام اما انه لا تذهب الايام حتى يبعث الله رجلا ممتحنا في نفسه في القتل يبني عليه حصنا فيه سبعون طاقا قال حبيب بن الحسين سمعت هذا الحديث قبل ان يبني على الموضع شيء ثم ان محمد بن زيد وجه فبني عليه فلم تمض الا ايام حتى امتحن محمد في نفسه بالقتل وفي غيبة النعماني عن ابي بصير قال قال ابو عبد الله عليه السلام لا يخرج القائم (ع) من مكة حتى يكون مثل الحلقة قلت وكم الحلقة قال عشرة الاف جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ثم يهز الراية المغلبة ويسير بها فلا يبقى احد في المشرق ولا في المغرب الا لحقها ( لعنها خ ) وهي راية رسول الله صلى الله عليه وآله نزل بها جبرئيل عليه السلام يوم بدر ثم قال يا ابا محمد ما هي والله لا قطن ولا كتان ولا قز ولا حرير قلت فمن اي شيء هي قال من ورق الجنة نشرها رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر ثم لفها ودفعها الى عليّ عليه السلام حتى اذا كان يوم البصرة فنشرها امير المؤمنين عليه السلام ففتح الله عليه ثم لفها فهي عندنا لا ينشرها احد حتى يقوم القائم عليه السلام فاذا هو قام نشرها لم يبق بين المشرق والمغرب احد الا لحقها ( لعنها خ ) ويسير الرعب قدامها شهر وخلفها شهر وعن يمينها شهر وعن يسارها شهر ثم قال يا ابا محمد انه يخرج من ثور غضبان اسفا لغضب الله على هذا الخلق عليه قميص رسول الله صلى الله عليه وآله الذي كان عليه يوم بدر وعمامته السحاب ودرع رسول الله صلى الله عليه وآله السابغة وسيف رسول الله صلى الله عليه وآله ذوالفقار يجرد السيف على عاتقه ثمانية اشهر هرجا فيبدأ ببني ‌شيبة فيقطع ايديهم ويعلقها في الكعبة وينادي مناديه هؤلاء سراق الله ثم يتناول المفقودون من فرشهم وهو قول الله عز وجل فاستبقوا الخيرات اينما تكونوا يأت بكم الله جميعا قال الخيرات الولاية

فصل - في مدة ملكه عليه السلام على ما ورد عنهم عليهم السلام عن ابي ‌سعيد الخدري قال خشينا ان يكون بعد نبينا صلى الله عليه وآله حدث فسألنا نبي الله صلى الله عليه وآله فقال ان في امتي المهدي يخرج يعيش خمسا او سبعا او تسعا زيد الشاك قلنا وما ذاك قال سنين قال فيجيء اليه الرجل فيقول يا مهدي اعطني قال فيحثى له في ثوبه ما استطاع ان يحمله وعنه ان النبي صلى الله عليه وآله قال يكون في امتي المهدي ان قصر فسبع والا فتسع تنعم فيه امتي نعمة لم ينعموا مثلها قط تؤتي الارض اكلها ولم تدخر منهم شيئا والمال يومئذ كدوس يقوم الرجل فيقول يا مهدي اعطني فيقول خذ وعن ام‌ سلمة زوج النبي صلى الله عليه وآله قال يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من اهل المدينة هاربا الى مكة فيأتيه ناس من اهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ويبعث اليه بعث فتخسف ( الشام فتنخسف خ ) بهم البيداء بين مكة والمدينة فاذا رأى الناس ذلك اتاه ابدال الشام وعصائب اهل العراق فيبايعونه ثم ينشا رجل من قريش اخواله كلب فيبعث اليهم بعثا فيظهرون عليهم وذلك بعث كلب والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب فيقسم المال ويعمل في الناس بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله ويلقي الاسلام بجرانه الى الارض فيلبث سبع سنين ثم يتوفي ويصلي عليه المسلمون اقول قوله عليه السلام يعيش خمسا او سبعا او تسعا اعلم ان الروايات في قدر ذلك مختلفة والاختلاف منهم عليهم السلام اما للابهام او لتجويز البداء فيما لم يقع او يحمل الاختلاف على احوال استقرار الملك او خروجه (ع) ( عليهم خ ) او من جلوسه في مكانه وبعث جنوده وروايات السبعين والتسعين محتمل ( تحمل خ ) على ان السنة من سنيه عليه السلام بعشر سنين لان الله تعالى يامر الفلك باللبوث وروايات السبع اكثر وروايات التسع ميل العامة اليها اكثر قال ابو داود عن بعضهم عن هشام تسع سنين وقال هذا سياق الحفاظ كالترمذي وابن‌ ماجد ( ابن‌ماجه خ ) القزويني وغيرهما فيظهر من الترجيح رجحان السبع بقدر السبعين كما هو الراجح في نفسي من الاثار وان الخمس والتسع ‌عشرة والثلثمائة وثلثة عشر وغيرها فلها محامل يأتي ذكر بعضها وقوله فيخرج رجل من المدينة هاربا لعل المراد به الحجة عليه السلام على ما ذكرنا سابقا ويأتي وقوله ويبعث اليه بعث الشام هو عسكر السفياني كما مضى ويأتي وقوله فاذا رأى الناس ذلك وهو خسف البيداء بعسكر السفياني خرج اليه الابدال الاربعون او الثلاثون وسائر انصاره وقوله ثم ينشأ رجل من قريش اخواله كلب هذا هو السفياني عثمان بن عنبسة من ذرية عتبة بن ابي سفيان وامه لعنهم الله من كلب وهم الذين حرضوه على نكث بيعته للحجة ( بيعة الحجة خ ) عليه السلام بعد ان بايع مسالمة ( سالمة خ ) وراودوه على الخروج عليه حتى خرج واخذه اسيرا وذبحه بيده وقوله والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب لانه عليه السلام اذا قتل السفياني لعنه الله وقتل جميع اخواله كلب حتى لم يبق ( لا يبقى خ ) منهم مخبر فعند ذلك يغتنمون اموالهم ويقسمونها ( يقتسموها خ ) فقال عليه السلام والخيبة لمن لم يشهد غنمية اموالهم وفي ارشاد المفيد بسنده عن ابي بصير عن ابي جعفر عليه السلام في حديث طويل انه قال اذا قام القائم سار الى الكوفة فيهدم بها اربعة مساجد ولم يبق مسجد على وجه الارض له شرف الا هدمها وجعلها هباء ( حباء خ جماء خ‌ل ) ووسع الطريق الاعظم وكسر كل جناح خارج في الطريق وابطل الكنف والميازيب الى الطرقات فلا يترك بدعة الا ازالها ولا سنة الا اقامها ويفتح الصين وقسطنطنية وجبال الديلم فيمكث على ذلك سبع سنين مقدار كل سنة عشر سنين من سنيكم هذه ثم يفعل الله ما يشاء قال قلت له جعلت فداك فكيف تطول السنون قال يامر الله الفلك باللبوث وقلة الحركة فتطول الايام كذلك السنون قال قلت لهم انهم يقولون لي ( لو خ ) ان الفلك ان تغير فسد قال ذلك قول الزنادقة فاما المسلمون فلا سبيل لهم الى ذلك وقد شق الله القمر لنبيه صلى الله عليه وآله ورد الشمس من قبله ليوشع بن نون واخبر بطول يوم القيمة وانه كالف سنة مما تعدون اقول روي انه عليه السلام يوسع الطريق الاعظم بان يجعله ستين ذراعا وقوله كيف تطول السنون اجاب عليه السلام بما لا يمكنه الانكار له من جهة الالزام واما الجواب الذوقي فيطول ذكره ولكن له دليل من ادلة الحكمة نشير اليه على جهة الاجمال فنقول قد ثبت ان الانسان هو العالم الصغير وهو انموذج العالم الكبير فكل ما في الكبير يوجد في الصغير وما لا يوجد في الصغير لا يوجد في الكبير قال ( على خ ) عليه السلام :

اتحسب انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر

وحركة الفلك في السرعة والبطؤ مثل حركة النبض في الانسان فانها في الانسان تختلف عند عروض الصفراء بالسرعة وعند عروض البلغم بالبطؤ وحركة النبض وسائر حركة ( حركات خ ) الانسان تختلف عند الرضا وعند الغضب كذلك حركة الفلك تسرع عند ظلم العباد لظهور اثر الغضب وتبطئ عند العدل والقسط لظهور اثر الرضا عليهم وليست السرعة والبطؤ في العالمين موجبة لفساد المتحرك الا اذا اقتضت هدم البنية وفي الاحتجاج عن الحسن بن عليّ بن ابي طالب عليهما السلام عن ابيه صلوات الله عليهما قال يبعث الله رجلا في اخر الزمان وكلب من الدهر وجهل من الناس يؤيده الله بملائكته ويعصم انصاره وينصره باياته ويظهره على الارض حتى يدينوا طوعا و ( او خ ) كرها يملأ الارض قسطا وعدلا ونورا وبرهانا يدين له عرض البلاد وطولها لا يبقى كافر الا امن ولا طالح الا صلح وتصطلح في ملكه السباع وتخرج الارض نبتها وتنزل السماء بركتها وتظهر له الكنوز يملك ما بين الخافقين اربعين عاما فطوبى لمن ادرك ايامه وسمع كلامه اقول لعل الاربعين بعد تسع‌ عشرة سنة من خروجه وقبله خروج الحسين عليه السلام لانه في مدة التسع ‌عشرة مشارك في الملك من الخارجين عليه حتى يطهر الارض منهم في ضمن تسع ‌عشرة سنة وبعد الاربعين والتسع‌ عشرة يخرج الحسين عليه السلام وان كان الحسين عليه السلام صامتا في اخر ملك القائم عليه السلام في احدى‌ عشرة سنة الا ان الحسين عليه السلام معه حجة فيكون محض الاختصاص اربعين عاما او من خروج الحسين عليه السلام الى خروج امير المؤمنين عليه السلام وهي تسع‌ عشرة سنة لانها من مدة ملك القائم عليه السلام في الجملة لان الحسين عليه السلام انما قرر ملكه خروج ابيه والله اعلم وفي تفسير عليّ بن ابراهيم عن يحيى بن ميسرة الخثعمي عن ابي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول عسق عدد ( عداد خ ) سني القائم عليه السلام وقاف جبل محيط بالدنيا من زمرد اخضر فخضرة السماء من ذلك الجبل وعلم عليّ (ع) كله في عسق اقول لعل المراد به ان العين سبعون وهي مدة ملكه المطلق والسين ستون هي مدة ملكه وحده تقريبا ثم يخرج الحسين عليه السلام لانه يخرج على ما في بعض الروايات بعد مضى تسع وخمسين سنة من خروج الحجة عليه السلام ويبقى معه احد عشر سنة ثم يأتي الحجة عليه السلام الموت فيكون ملكه كله سبعين عدد العين وقبيل خروج الحسين (ع) تقريبا ستين عدد السين والقاف لما لم يكن مرتبطا بعدد المدة فسره بمعنى اخر واما قوله عليه السلام وعلم عليّ (ع) كله في عسق فالظاهر ان المراد منه ان العين اشارة الى عقله عليه السلام والسين اشارة الى نفسه عليه السلام والقاف اشارة الى جسده عليه السلام فالمعاني في العقل والصور في النفس والحواس في الحس ( الجسد خ ) وهي مجموع علم الشخص لانها مجموع مدارك علومه وفي غيبة الطوسي عن ابي‌ الجارود قال قال ابو جعفر عليه السلام ان القائم عليه السلام يملك ثلثمائة وتسع سنين كما لبث اهل الكهف في كهفهم يملأ الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ويفتح الله له شرق الارض وغربها ويقتل الناس حتى لا يبقى الا دين محمد (ص) يسير بسيرة سليمان بن داود عليه السلام تمام الخبر وفي غيبة النعماني عن جابر بن يزيد الجعفي قال سمعت ابا جعفر محمد ابن عليّ عليه السلام يقول والله ليمكنن رجلا منا اهل البيت ثلثمائة سنة يزداد تسعا قال فقلت له متى يكون ذلك قال بعد موت القائم عليه السلام قلت له وكم يقوم القائم عليه السلام في عالمه حتى يموت قال تسع ‌عشرة سنة من يوم قيامه الى يوم موته اقول قوله ان القائم عليه السلام يملك ثلثمائة وتسعين في الاول وقوله ليمكنن رجلا منا اهل البيت ثلثمائة سنة تزداد تسعا في الثاني لعل المراد من هذه المدة هو مدة بقاء مدة امير المؤمنين عليه السلام وقت خروجه الاول لنصرة ابنه الحسين عليه السلام وبقائه معه حتى يقتل فانه يخرج بعد موت القائم عليه السلام بثمان سنين فبين خروجه وخروج ابنه الحسين تسع ‌عشرة على ما في بعض الروايات ويمكن حمل الرواية الثلاثمائة والتسع سنين على مدة خروجه في نصرة ابنه حتى يقتل ولا اعلم كيفية قتله ولا من يقتله ولكن سمعت من بعض الناس العارفين انه يضرب على مفرق رأسه في موضع ضربة ابن‌ ملجم لعنه الله تعالى ويمكن الاستدلال على هذا بما روي عن عليّ عليه السلام انه سأله ابن‌ الكوا ما ذو القرنين ( انه خ ) ملك ام نبي فقال عليه السلام ليس بملك ولا نبي ولكن كان عبدا صالحا ضرب على قرنه في طاعة الله فمات ثم بعثه الله فضرب على قرنه الايسر فمات فبعثه الله وسمي ذا القرنين وفيكم مثله فقوله عليه السلام وفيكم مثله يعني نفسه الشريفة عليه السلام ليشعر انه في قتلته الثانية يضرب على قرنه ثم انه عليه السلام يكر بعد ان يقتل مع ابنه الحسين عليهما السلام مرة ثانية كما يأتي يكر مع جميع شيعته ممن محض الايمان محضا والحسين عليه السلام باق والى ذلك الاشارة بقوله صلوات الله عليه انا الذي اقتل مرتين واحيي مرتين ولي الكرة بعد الكرة والرجعة بعد الرجعة كما روي عن ابي عبد الله عليه السلام ان لعلي في الارض كرة مع الحسين عليه السلام الى ان قال ثم كرة مع رسول الله صلى الله عليه وآله ويأتي تمامه ان شاء الله تعالى وفي ارشاد المفيد روي عبد الكريم الخثعمي قال قلت لابي عبد الله عليه السلام كم يملك القائم عليه السلام فقال سبع سنين تطول الايام والليالي حتى تكون السنة من سنيه مقدار عشر سنين من سنيكم فيكون سبعين سنة من سنيكم هذه تمام الخبر اقول قد قدمنا ان رواية السبع كل سنة بقدر عشر من سنيكم هو الاكثر في الروايات وينبغي الحمل عليها على نحو ما اشرنا اليه وفي ارشاد المفيد روي ان مدة دولة القائم عليه السلام تسعة عشر سنة يطول ايامها وشهورها على ما قدمناه وهذا امر مغيب عنا وانما القى الينا منه ما يفعله الله تعالى بشرط ما يعلمه من المصالح المعلومة جل اسمه فلسنا نقطع على احد الامرين وان كانت الرواية بذكر سبع سنين اظهر واكثر اقول ومن اجل شهرتها وكثرتها رجحناها وقال في العوالم في هذا الموضع خاتمة فيها تحقيق اعلم ان الاخبار المختلفة الواردة في ايام ملكه عليه السلام محمول على جميع مدة ملكه عليه السلام ( بعضها محمول على جميع مدة ملكه وبعضها على زمان استقرار دولته خ ) وبعضها على حساب ما عندنا من السنين والشهور وبعضها على سنيه وشهوره الطويلة والله يعلم بحقايق الامور

فصل - في ذكر حديث المفضل بن عمر وانما اذكره مع طوله وذكر كثير من معناه فيما ذكرت من الروايات لانه مشتمل على شيء من علامات القائم عليه السلام وسيرته وصفته ومدة ملكه فهو في الغالب مجمل اكثر الروايات ومفصلها فلكثرة فوائده ذكرته في كتاب الحسين بن حمدان الحصيني ( الحضيني خ ) وكتابه مذكور في كتب الرجال ويشهد لصحته ( بصحته خ ) وجود معانيه واكثر الفاظه في الاحاديث المعتبرة بسنده عن المفضل بن عمر قال سألت سيدي جعفر بن محمد الصادق عليه السلام هل للمأمول المنتظر المهدي عليه السلام من وقت موقت يعلمه الناس فقال حاش لله ان يوقت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا قلت يا سيدي ولم ذاك قال لانه هو الساعة التي قال الله تعالى ويسئلونك عن الساعة ايان مرسيها قل انما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها الا هو ثقلت في السموات والارض الاية وهو الساعة التي قال الله تعالى ويسئلونك عن الساعة ايان مرسيها وقال عنده علم الساعة ولم يقل انها عند احد وقال ( تعالى خ ) هل ينظرون الا الساعة ان تأتيهم بغتة فقد جاء اشراطها الاية وقال اقتربت الساعة وانشق القمر وقال وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين امنوا مشفقون منها ويعلمون انها الحق الا ان ( الاية اي خ ) الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد قلت فما معنى يمارون قال يقولون متى ولد ومن رأى واين ( اني خ ) يكون ومتى يظهر وكل ذلك استعجالا ( استعجال خ ) لامر الله وشكا ( شك خ ) في قضائه ودخولا ( دخول خ ) في قدرته اولئك الذين خسروا الدنيا وان للكافرين لشر ماب قلت أفلا يوقت له وقت فقال يا مفضل ما وقت له وقت ان من وقت لمهدينا وقتا فقد شارك الله تعالى في علمه وادعي انه ظهر على سره وما لله من سر الا وقد وقع الى هذا الخلق المتعوس ( المنكوس خ ) الضال عن الله الراغب عن اولياء الله وما لله من خزانة هي اخص لسره عندهم ( من خير الا وهم اخص به لسره وهو عندهم هي اخص لسره عندهم خ ) اكثر من جهلهم به وانما القي اليهم لتكون الحجة عليهم قال المفضل يا مولاي فكيف في ظهوره عليه السلام قال يظهر من سنة الستين امره ويعلو ( يعلون خ ) ذكره وينادي باسمه وكنيته ونسبه ويكثر ( ذلك خ ) في افواه المحقين والمبطلين والموافقين لتلزمهم الحجة بمعرفتهم به على انا قصصنا ذلك ودللنا عليه ونسبناه وسميناه وكنيناه وقلنا سمي جده رسول الله صلى الله عليه وآله وكنيه لئلا يقول الناس ماعرفناه اسما ولا كنية ولا نسبا فوالله ليحقن الافصاح به وباسمه وكنيته على السنتهم حتى ليسمينه ( ليسميه خ ) بعضهم لبعض كل ذلك للزوم الحجة لهم ويظهره الله كما وعده جده رسول الله صلى الله عليه وآله في قول الله عز وجل هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله قال هو قوله عز وجل وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فوالله يا مفضل ليفقدن الملل والاديان والاراء والاختلاف ويكون الدين كله لله كما قال الله تعالى ان الدين عند الله الاسلام ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن ‌يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين قال المفضل فقلت يا سيدي فالدين الذي اتى به ادم ونوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد وآله صلى الله عليه وعليهم السلام هو الاسلام قال نعم يا مفضل هو الاسلام لا غير قلت فتجده في كتاب الله تعالى قال نعم من اوله الى اخره وهذه الاية منه ان الدين عند الله الاسلام وقوله جل ثناؤه ملة ابيكم ابراهيم هو سميكم المسلمين وقوله في قصة ابراهيم واسمعيل واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك وقوله في قصة فرعون حتى اذا ادركه الغرق قال امنت انه لا اله الا الذي امنت به بنواسرائيل وانا من المسلمين وقوله في قصة سليمان وبلقيس حيث يقول ايكم يأتيني بعرشها قبل ان يأتوني مسلمين وقول بلقيس واسلمت مع سليمان لله رب العالمين وقوله في قصة عيسى واذ قال عيسى للحواريين من انصاري الى الله قال الحواريون نحن انصار الله امنا بالله واشهد بانا مسلمون وقوله وله اسلم من في السموات والارض طوعا وكرها واليه ترجعون وقوله في قصة لوط فماوجدنا فيها غير بيت من المسلمين ولوط قبل ابراهيم وقوله قولوا امنا بالله وما انزل الينا الى قوله لا نفرق بين احد منهم ونحن له مسلمون قال المفضل يا سيدي كم الملل قال هي اربعة وهي الشرايع قال المفضل يا سيدي المجوس لم سموا المجوس قال لانهم تمجسوا في السريانية وادعوا على ادم بن شيث بن ادم وهو هبة الله انه اطلق لهم نكاح الامهات والاخوات والبنات والخالات والعمات والمحرمات من النساء وانه امرهم يصلون للشمس حيث وقفت في السماء ولم يجعل لصلوتهم وقتا وانما هو افتراء على الله الكذب وعلى ادم وشيث قال المفضل يا سيدي فلم سمي قوم موسى اليهود قال يقول ( بقول خ ) الله عنهم قال انا هدنا اليك قال والنصارى قال لقول عيسى يا بني اسرائيل من انصاري الى الله قال الحواريون نحن انصار الله فسموا النصارى لنصرة دين الله قال يا سيدي فلم سمي ( سموا خ ) الصابئون الصابئين قال لانهم صبوا الى تعطيل الانبياء والرسل والملل والشرايع وقالوا كلما جاء به هؤلاء فهو باطل فجحدوا توحيد الله ونبوة الانبياء ورسالة الرسل ووصية الاوصياء وانهم لا شريعة لهم ولا كتاب ولا رسول وهم معطلة العالم قال المفضل سبحان الله ما اجل هذا من علم قال نعم يا مفضل فالقه الى شيعتنا لئلا يشكوا في الدين قال المفضل يا سيدي ففي اي بقعة يظهر المهدي قال الصادق عليه السلام لا تراه عين في وقت ظهوره حتى تراه كل عين فمن قال لكم غير هذا فكذبوه قال المفضل يا سيدي ولا يرى وقت ولادته قال بلى والله انه يرى من ساعة ولادته الى ساعة وفاة ابيه سنتين وسبعة اشهر اولها وقت الفجر من ليلة الجمعة لثمان ليال خلون من شعبان في ( من خ ) سنة سبع وخمسين وماتين الى يوم الجمعة لثمان ليال خلون من شهر ربيع الاول من سنة ستين وماتين وهو يوم وفاة ابيه من شهره من سنته ( سنة خ ) يرى بالمدينة التي تبنى بشاطئ دجلة يبنيها ( بنيها خ ) المتكبر الجبار المسمى بابي جعفر الضال الملقب بالمتوكل وهو المتأكل لعنه الله وهي مدينة تدعى بسر من رأى وهي ساء من يرى فيراه المؤمن المحق ولا يراه المشكك والمنكر المرتاب وينفذ فيها امره ونهيه ويغيب عنها ويظهر في القصر بصارتا بجانب المدينة بحرم جده رسول الله صلى الله عليه وآله يلقاه بالقصر من يسعده الله بالنظر اليه ثم يغيب في الحرم في اخر يوم من سنة ست وستين ( او ظ ) من سنة سبعين وماتين ( من سنة سبعين ومائتين خ ) ولا تراه عين واحدة حتى تراه كل عين قال المفضل قلت يا سيدي فمن يخاطبه ولمن يخاطب قال تخاطبه الملائكة والمؤمنون من الجن ويخرج امره ونهيه الى ثقاته ووكلائه ويقعد على بابه محمد بن النصير ( النضير خ ) النميري في يوم غيبته ( غيبة خ ) بصارتا ثم يظهر بمكة والله يا مفضل لكأني انظر اليه وقد دخل مكة وعليه بردة رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى رأسه عمامة صفراء وفي رجليه نعلا رسول الله صلى الله عليه وآله المخصوفة وفي يده هراوته يسوق بين يديه اعنزا عجافا حتى يقبل بها نحو البيت وليس من احد يعرفه ويظهر وهو شاب قال المفضل يعود شابا او يظهر في شيبته قال سبحان الله يا مفضل وهل يعزب عليه ان يظهر كيف شاء اذا جاء الامر من الله باسمه قال المفضل يا سيدي فمن اين ظهوره وكيف ظهوره قال يا مفضل يظهر وحده ويأتي البيت وحده ويلج الكعبة وحده ويجن عليه الليل وحده فاذا نامت العيون نزل جبرئيل وميكائيل والملائكة صفوفا فيقول له جبرئيل مر يدك على وجهك فان قولك مقبول وامرك جائز فيمسح يده على وجهه ويقول الحمد لله الذي صدقنا وعده واورثنا الارض نتبوء من الجنة حيث نشاء فنعم اجر العاملين فيقف بين الركن والمقام فيصرخ صرخة فيقول معاشر نقبائي واهل خاصتي الذين ذخرهم الله لظهوري ( لنصرتي خ ) على من جميع الارض ائتوني طائعين فترد صيحته عليهم جميعهم وهم في محاريبهم وفي فرشهم في شرق الارض وغربها يسمعونها كصيحة واحدة في اذن رجل واحد يجيبون جميعهم فلا يصير الا كلمح البصر حتى يكونوا بين يديه بين الركن والمقام فيأمر الله عز وجل النور فيكون عمودا من الارض الى السماء فيستضيء به كل مؤمن على الارض ويدخل عليه نوره في كل افق فتفرح نفوس المؤمنين بذلك النور وهم يعلمون بظهور قائمنا عليه السلام فيصبح بين يديه ثلثمائة وثلاثة ‌عشر رجلا بعدة اصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بدر قال المفضل قلت يا سيدي والاثنان والسبعون رجلا اصحاب ابي عبد الله الحسين عليه السلام يظهرون معهم قال يظهر منهم ابو عبد الله الحسين بن عليّ عليهما السلام في اثني‌ عشر الف صديق من شيعته وعليه عمامة سوداء قال المفضل قلت يا سيدي فنفر القائم عليه السلام يبايعون له قبل قيامه قال يا مفضل كل بيعة قبل ظهور القائم عليه السلام فبيعة ( فبيعته خ ) كفر ونفاق وخديعة لعن الله المبايع والمبايع له يا مفضل يسند ظهره الى البيت الحرام ويمد يده المباركة فترى بيضاء من غير سوء فيقول هذه يد الله ويمين الله ثم يتلو هذه الاية ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث على نفسه ومن اوفي بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجرا عظيما فيكون اول من يقبل يده جبرئيل عليه السلام ثم يبايعه فتبايعه الملائكة ونجباء الجن ثم النقباء ويصبح الناس بمكة فيقولون من هذا الرجل الذي بجانب الكعبة وما هذا ( وما هذا وما هذا خ ) الخلق الذي معه وما هذه الاية التي اريناها معه في هذه الليلة ولم نر مثلها فيقول بعضهم لبعض هذا الرجل هو صاحب العنيزات ثم يقول بعضهم لبعض انظروا هل تعرفون احدا ممن معه فيقولون لانعرف احدا منهم الا اربعة من اهل المدينة وهم فلان وفلان ويعدونهم باسمائهم ويكون هذا اول طلوع الشمس في ذلك اليوم فاذا طلعت الشمس واضاءت صاح صائح بالخلائق من عين الشمس بلسان عربي مبين يسمع من في السموات والارضين يا معشر الخلائق هذا مهدي من ( مهدي خ ) آل محمد ويسميه باسم جده رسول الله صلى الله عليه وآله ويكنيه وينسبه الى ابيه الحسن الحادي‌عشر الى الحسين بن عليّ صلوات الله عليهم اجمعين بايعوه تهتدوا ولا تتخلفوا عنه فتضلوا فاول من يلبي نداءه الملائكة ثم الجن ثم النقباء فيقولون سمعنا واطعنا ولا يبقى ذو اذن من الخلائق الا سمع ذلك النداء وتقبل الخلائق من البدو والحضر والبر والبحر يحدث بعضهم بعضا ( ويستفهم بعضهم بعضا خ ) ما سمعوا باذانهم فاذا دنت الشمس للغروب صرخ صارخ من مغربها يا معشر الخلائق قد ظهر ربكم بوادي اليابس من ارض فلسطين وهو عثمان بن عنبسة الاموي من ولد يزيد بن معوية لعنهم الله فبايعوه تهتدوا ولا تخالفوا عليه فتضلوا فترد عليه الملائكة والجن والنقباء قوله ويكذبونه ويقولون له سمعنا وعصينا ولا يبقى ذو شك ولا مرتاب ولا منافق ولا كافر الا ضل بالنداء الاخير وسيدنا القائم عليه السلام مسند ظهره الى الكعبة ويقول يا معشر الخلائق الا ومن اراد ان ينظر الى ادم وشيث فها انا ذا ادم وشيث الا ومن اراد ان ينظر الى نوح والى ولده سام فها انا ذا نوح وسام الا ومن اراد ان ينظر الى ابراهيم واسمعيل فها انا ذا ابراهيم واسمعيل الا ومن اراد ان ينظر الى موسى ويوشع فها انا ذا موسى ويوشع الا ومن اراد ان ينظر الى عيسى وشمعون فها انا ذا عيسى وشمعون الا ومن اراد ان ينظر الى محمد و ( على خ ) امير المؤمنين فها انا ذا محمد وامير المؤمنين صلى الله عليهما وآلهما الا ومن اراد ان ينظر الى الحسن والحسين عليهما السلام فها انا ذا الحسن والحسين عليهما السلام الا ومن اراد ان ينظر الى الائمة من ولد الحسين عليه السلام فها انا ذا ويعد ( يعده خ يعدهم خ‌ل ) واحدا بعد واحد الى الحسين عليه السلام فها انا ذا هم فلينظروا الى ( واجيبوا الى مسألتي فاني انبئكم بما نبئتم به وبما تنبأوا به خ ) وليسألني واني انبؤا بما نبأوا به وبما لم ينبئوا به ( فلينظر الى وليسئلني واني انبؤ بما نبأوا به وبما لم ينبؤا به اجيبوا الى مسئلتي فاني انبئكم بما نبئتم به وبما لم تنبأوا به خ ) الا ومن كان يقرء الكتب والصحف فليسمع مني ثم يبتدئ بالصحف التي انزلها الله على ادم وشيث عليهما السلام فتقول امة ادم وشيث هبة‌الله هذه والله الصحف حقا ولقد ارانا ما لم نكن نعلمه فيها وما كان خفي علينا وما كان اسقط منها وبدل وحرف ثم يقرء صحف نوح وابراهيم عليهما السلام والتورية والانجيل والزبور ( فيقول اهل التورية خ ) هذه والله صحف نوح وصحف ابراهيم عليهما السلام وما اسقط منها وبدل وحرف منها هذه والله التورية الجامعة والزبور التام والانجيل الكامل وانها اضعاف ما قرأنا منها ثم يتلو القرءان فيقول المسلمون هذا والله القرءان حقا الذي انزله الله على محمد صلى الله عليه وآله وما اسقط منه وحرف وبدل ثم تظهر الدابة بين الركن والمقام فتكتب في وجه المؤمن مؤمن وفي وجه الكافر كافر ثم يقبل على القائم عليه السلام رجل وجهه الى قفاه وقفاه الى صدره ويقف بين يديه ويقول يا سيدي انا بشير امرني ملك من الملائكة ان الحق بك وابشرك بهلاك جيش السفياني بالبيداء فيقول له القائم عليه السلام بين قصتك وقصة اخيك فيقول الرجل كنت واخي في جيش السفياني وخربنا الدنيا من دمشق الى الزوراء وتركناها جماء وخربنا الكوفة وخربنا المدينة وكسرنا المنبر وراثت بغالنا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وخرجنا منها وعددنا زها ثلثمائة الف رجل نريد اخراب ( خراب خ ) البيت وقتل اهله فلما صرنا في البيداء عرسنا بها فصاح بنا صائح يا بيداء ابيدي القوم الظالمين فانفجرت الارض وابتلعت كل الجيش فوالله ما بقي عللا وجه الارض عقال ناقة فما سواه غيري وغير اخي فاذا نحن بملك قد ضرب وجوهنا فصارت الى ورائنا كما ترى فقال لاخي ويلك يا نذير امض الى الملعون السفياني بدمشق فانذره بظهور المهدي من آل محمد عليه وعليهم السلام وعرفه ان الله قد اهلك جيشه بالبيداء وقال لي يا بشير الحق بالمهدي بمكة وبشره بهلاك الظالمين وتب على يديه فانه يقبل توبتك فيمر القائم عليه السلام يده على وجهه فيرده سويا كما كان ويبايعه ويكون معه قال المفضل وتظهر الملائكة والجن للناس قال اي والله يا مفضل ويخاطبهم كما يكون الرجل مع حاشيته واهله قلت يا سيدي ويسيرون معه قال اي والله يا مفضل ولينزلن ارض الهجرة ما بين الكوفة والنجف وعدد اصحابه عليه السلام حينئذ ستة واربعون الفا من الملائكة وستة الاف من الجن وفي رواية اخرى ومثلها من الجن بهم ينصره الله ويفتح على يديه قال المفضل فما يصنع باهل مكة قال يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة فيطيعونه ويستخلف فيهم رجلا من اهل بيته ويخرج يريد المدينة قال المفضل يا سيدي فما يصنع بالبيت قال ينقضه فلا يدع منه الا القواعد التي هي اول بيت وضع للناس ببكة في عهد ادم عليه السلام والذي رفعه ابراهيم واسمعيل عليهما السلام منها وان الذي بني بعدها لم يبنه نبي ولا وصي ثم يبنيه كما يشاء الله وليعفين اثار الظالمين بمكة والمدينة والعراق وساير الاقاليم وليهدمن مسجد الكوفة وليبنينه على بنائه الاول وليهدمن القصر العتيق ملعون ملعون من بناه قال المفضل يا سيدي يقيم بمكة قال يا مفضل بل يستخلف فيها رجلا من اهله فاذا سار منها وثبوا عليه فيقتلونه فيرجع اليهم فيأتونه مهطعين مقنعي رؤسهم يبكون ويتضرعون ويقولون يا مهدي آل محمد التوبة التوبة فيعظهم وينذرهم ويحذرهم ويستخلف عليهم خليفة ويسير فيثبون عليه ويقتلونه فيرجع اليهم فيخرجون اليه مجززي النواصي يصيحون ويبكون ويقولون يا مهدي آل محمد غلبت ( علينا خ ) شقوتنا فاقبل توبتنا وارحم جيران بيت ربك فيعظهم وينذرهم ويحذرهم ويستخلف عليهم منهم خليفة فيسير ( ويسير خ ) فيثبون عليه بعده فيقتلونه فيرد اليهم انصاره من الجن والنقباء ويقولون لهم ارجعوا فلا تبقوا ( فلا يبقوا خ ) منهم بشرا الا من امن فلولا ان رحمة ربك وسعت كل شيء وانا تلك الرحمة لرجعت اليهم معكم فقد قطع الاعذار بينهم وبين الله وبيني وبينهم فيرجعون اليهم فوالله لا يسلم من المائة منهم واحد ( لا خ ) والله ولا من الالف واحد قال المفضل يا سيدي فاين تكون دار المهدي ومجتمع المؤمنين قال دار ملكه الكوفة ومجلس حكمه جامعها وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة وموضع خلواته الذكوات البيض من الغريين قال المفضل يا مولاي كل المؤمنين يكونون بالكوفة قال اي والله لا يبقى مؤمن الا كان بها او حواليها وليبلغن مربط الفرس منها الفي درهم اي والله وليودن اكثر الناس انه اشتري شبرا من ارض السبيع بشبر من ذهب والسبيع خطة من خطط همدان وليصيرن الكوفة اربعة وخمسين ميلا وليجاوزن قصورها كربلاء وليصيرن الله كربلاء معقلا ومقاما تختلف فيه الملائكة والمؤمنون وليكونن لها شان من الشان وليكونن بها من البركات ما لو وقف مؤمن ودعا ربه بدعوة لاعطاه بدعوته الواحدة مثل ملك الدنيا الف مرة ثم تنفس ابو عبد الله عليه السلام وقال يا مفضل ان بقاع الارض تفاخرت ففخرت كعبة البيت الحرام على بقعة كربلاء فاوحى الله اليها ان اسكتي كعبة البيت الحرام ولا تفتخري على كربلاء فانها البقعة المباركة التي نودي موسى منها من الشجرة وانها الربوة التي اوت اليها مريم والمسيح عليهما السلام والدالية التي غسل فيها رأس الحسين عليه السلام وفيها غسلت مريم عيسى عليهما السلام واغتسلت من ولادتها وانها خير بقعة عرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله خ ( كذا عيسى (ع) منها وقت غيبته وليكونن لشيعتنا فيها خيرة الى ظهور قائمنا عليه السلام قال المفضل يا سيدي ثم يسير المهدي الى اين قال عليه السلام الى مدينة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله فاذا وردها كان له فيها مقام عجيب يظهر فيه سرور المؤمنين وخزي الكافرين قال المفضل يا سيدي ما هو ذاك قال يرد الى قبر جده صلى الله عليه وآله فيقول يا معشر الخلائق هذا قبر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله فيقولون نعم يا مهدي آل محمد فيقول ومن معه في القبر فيقولون صاحباه وضجيعاه ابوبكر وعمر فيقول وهو اعلم بهما والخلائق كلهم جميعا يسمعون من ابوبكر وعمر وكيف دفنا من بين الخلق مع جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وعسى المدفون غيرهما فيقول الناس يا مهدي آل محمد ما هيهنا غيرهما انهما دفنا معه لانهما خليفتا رسول الله صلى الله عليه وآله وابوا زوجتيه فيقول للخلق بعد ثلاث اخرجوهما من قبريهما فيخرجان غضين طريين لم يتغير خلقهما ولم يشحب لونهما فيقول هل فيكم من يعرفهما فيقولون نعرفهما بالصفة وليس ضجيعا جدك غيرهما فيقول هل فيكم احد يقول غير هذا او يشك فيهما فيقولون لا فيؤخر اخراجهما ثلثة ايام ثم ينتشر الخبر في الناس فيفتتن من والاهما بذلك الحديث ويجتمع الناس ويحضر المهدي ويكشف الجدران عن القبرين ويقول للنقباء ابحثوا عنهما وانبشوهما فيبحثون بايديهم حتى يصلوا اليهما فيخرجان غضين طريين كصورتهما فيكشف عنهما اكفانهما ويأمر برفعهما على دوحة يابسة نخرة فيصلبهما عليها فتحيى الشجرة وتورق وتونع ويطول فرعها فيقول المرتابون من اهل ولايتهما هذا والله الشرف حقا ولقد فزنا بمحبتهما وولايتهما ويحشر من اخفي نفسه ممن في نفسه مقياس حبة من محبتهما وولايتهما فيحضرونهما ويرونهما ويفتتنون بهما وينادي منادي المهدي عليه السلام كل من احب صاحبي رسول الله صلى الله عليه وآله وضجيعيه فليفرد جانبا فيتجزء ( فيجزء خ ) الخلق جزئين احدهما موال لهما والاخر متبرئ منهما فيعرض المهدي عليه السلام على اوليائهما البرائة منهما فيقولون يا مهدي ال رسول الله صلى الله عليه وآله نحن لم نبرأ منهما ولسنا نعلم ان لهما عند الله وعندك هذه المنزلة وهذا الذي بدا لنا من فضلهما انتبرأ منهما وقد رأينا منهما ما رأينا في هذا الوقت من نضارتهما وغضاضتهما وحيوة الشجرة منهما ( بهما خ ) والله نبرأ منك وممن امن بك وممن لا يؤمن بهما وممن صلبهما واخرجهما وفعل بهما ما فعل فيأمر المهدي عليه السلام ريحا سوداء فتهب عليهم فتجعلهم كاعجاز نخل خاوية ثم يأمر بانزالهما فينزلان اليه فيحييهما باذن الله تعالى ويأمر الخلائق بالاجتماع ثم يقص عليهم ( يقتص عنهم خ ) قصص افعالهما في كل كور ودور حتى يقص ( يقتص خ ) عليهم قتل هابيل ابن ادم وجمع النار لابراهيم عليه السلام وطرح يوسف في الجب وحبس يونس عليه السلام في الحوت وقتل يحيى وصلب عيسى وعذاب جرجيس ودانيال عليهما السلام وضرب سلمان الفارسي واشعال ( اشتعال خ ) النار على باب امير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام لاحراقهم بها وضرب يد الصديقة الكبرى فاطمة بالسوط ورفس بطنها واسقاطها محسنا وسم الحسن وقتل الحسين عليهم السلام وذبح اطفاله وبني عمه وانصاره وسبى ذراري رسول الله صلى الله عليه وآله واراقة دماء آل محمد صلى الله عليه وآله وعليهم وكل دم سفك وكل فرج نكح حراما وكل ربي وخبث وفاحشة واثم وظلم وجور وغشم منذ عهد ادم عليه السلام الى وقت قيام قائمنا عليه السلام كل ذلك يعدده عليهما ويلزمهما اياه فيعترفان به ثم يأمر بهما فيقتص منهما في ذلك الوقت مظالم من حضر ثم يصلبهما على الشجرة ثم يأمر نارا تخرج من الارض فتحرقهما والشجرة ثم يأمر ريحا فتنسفهما في اليم نسفا قال المفضل يا سيدي وذلك اخر عذابهما قال يا مفضل هيهات ليردن وليحضرن السيد الاكبر محمد رسول الله صلى الله عليه وآله والصديق الاكبر امير المؤمنين عليه السلام وفاطمة ( الزهراء خ ) والحسن والحسين والائمة امام بعد امام عليهم السلام وكل من محض الايمان ( محضا خ ) وليقتص ( ليقتصن خ ) منهما لجميعهم حتى انهما ليقتلان في كل يوم وليلة الف قتلة ويردان الى ما شاء ربهما ثم يسير المهدي عليه السلام الى الكوفة وينزل ما بين الكوفة والنجف وعنده اصحابه ( في ذلك اليوم خ ) ستة واربعون الفا من الملائكة ومثلها الاف من الجن والنقباء ثلثمائة وثلاثة‌عشر نفسا ( نقيبا خ ) قال المفضل يا سيدي كيف تكون ( الزوراء خ زوراء خ ) دار الفاسقين في ذلك اليوم ( الوقت خ ) قال في لعنة الله وسخطه تخربها الفتن وتتركها جماء فالويل لها ولمن بها كل الويل من الرايات الصفر ( وخ ) رايات المغرب ومن كلب الجزيرة ومن الرايات التي تسير اليها من كل قريب او بعيد والله لينزلن بها من صنوف العذاب ما ينزل بسائر الامم المتمردة من اول الدهر الى اخره ولينزلن بها من العذاب ما لا عين رأت ولا اذن سمعت بمثله ولا يكون طوفان اهلها الا بالسيف فالويل لمن اتخذها مسكنا يبقى بشقائه والخارج منها برحمة الله والله يا مفضل ليصيرن اهلها حتى يقال انها هي الدنيا وان دورها وقصورها هي الجنة وان بناتها حور ( الحور خ ) العين وان ولدانها هم الولدان وليظنن الناس ان الله لم يقسم رزق العباد الا بها وليظهرن فيها من الافتراء على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله والحكم بغير كتابه ومن شهادة الزور وشرب الخمور والفجور واكل السحت وسفك الدماء ما لا يكون في الدنيا كلها الا دونه ثم ليخربها الله بتلك الفتن وتلك الرايات حتى ليمر عليها المار فيقول هيهنا كانت الزوراء ثم يخرج الحسنى الفتى الصبيح الذي نحو الديلم يصيح بصوت له فصيح ( فيصيح خ‌ل ) يا ال احمد اجيبوا الملهوف والمنادي من حول الضريح فتجيبه كنوز الله بالطالقان كنوز واي كنوز ليست من فضة ولا ذهب بل هي رجال كزبر الحديد على البراذين الشهب بايديهم الحراب ولم يزل يقتل الظلمة حتى يرد الكوفة وقد صفي اكثر الارض فيجعلها له معقلا فيتصل به وباصحابه خبر المهدي عليه السلام ويقولون يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله من هذا الذي نزل بساحتنا فيقول اخرجوا بنا اليه حتى ننظر ما هو وما يريد وهو والله يعلم انه المهدي عليه السلام وانه ليعرفه ولم يرد بذلك الامر الا ليعرف اصحابه من هو فيخرج الحسنى في امر عظيم بين يديه اربعون الف رجل في اعناقهم المصاحف حتى نزل بالقرب من المهدي عليه السلام ثم يقول لاصحابه انا نحن اهل بيت على هدي ثم يخرج من معسكره ويخرج المهدي ويقفان بين العسكرين فيقول ان كنت مهدي آل محمد فاين هراوة جدك رسول الله صلى الله عليه وآله وخاتمه وبردته ودرعه الفاضل وعمامته السحاب وفرسه اليربوع وناقته الغضباء وبغلته الدلدل وحماره اليعفور ونجيبه البراق ومصحف امير المؤمنين عليه السلام فيخرج له ذلك ثم يخرج الهراوة فيغرزها في الحجر الصلد فتورق ولم يرد بذلك الا ان يرى اصحابه فضل المهدي عليه السلام حتى يبايعوه فيقول الحسنى الله اكبر مد يدك حتى نبايعك فيمد يده فيبايعه ويبايعه سائر العسكر التي مع الحسنى الا اربعين الفا اصحاب المصاحف المعروفون بالزيدية فانهم يقولون ما هذا الا سحر عظيم فيختلط العسكران ويقبل المهدي عليه السلام على الطائفة المنحرفة فيعظهم ويدعوهم ثلثة ايام فلا يزدادون الا طغيانا وكفرا فيأمر بقتلهم فيقتلون جميعا ثم يقول لاصحابه لا تأخذوا المصاحف ودعوها تكون عليهم حسرة كما بدلوها وغيروها وحرفوها ولم يعملوا بما فيها قال المفضل يا مولاي ثم ماذا يصنع المهدي عليه السلام ثم يثور سرايا على السفياني الى دمشق فيأخذونه ويذبحونه على الصخرة ثم يظهر الحسين عليه السلام في اثني ‌عشر الف صديق واثنين وسبعين رجلا اصحابه يوم كربلاء فيا لك عندها من كرة زهراء بيضاء ثم يظهر الصديق الاكبر امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليه السلام وينصب له القبة بالنجف ويقام اركانها ركن بالنجف وركن بهجر وركن بصنعاء وركن بارض طيبة لكأني انظر الى مصابيحها تشرق في السماء والارض كاضوء من الشمس والقمر فعندها تبلي السرائر وتذهل كل مرضعة عما ارضعت الى اخر الاية ثم يخرج السيد الاكبر محمد رسول الله صلى الله عليه وآله في انصاره والمهاجرين ومن امن به وصدقه واستشهد معه ويحضر مكذبوه والشاكون فيه والرادون عليه والقائلون فيه انه ساحر وكاهن ومجنون وناطق عن الهوى ومن حاربه وقاتله حتى يقتص منهم بالحق ويجازون بافعالهم منذ وقت ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله الى ظهور المهدي مع امام ووقت وقت ويحق تأويل هذه الاية ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما ما كانوا يحذرون قال المفضل يا سيدي ومن فرعون وهامان قال ابوبكر وعمر قال المفضل يا سيدي ورسول الله وامير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما يكونان معه فقال ولا بد ان يطأ الارض اي والله حتى ما وراء الحاف اي والله ( وخ ) ما في الظلما ت وما في قعر البحار حتى لا يبقى موضع قدم الا وطئاه واقاما فيه الدين الواجب لله تعالى ثم لكأني انظر يا مفضل الينا معاشر الائمة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله نشكو اليه ما نزل بنا من الامة بعده وما نالنا من التكذيب والرد علينا وسبنا ولعننا وتخويفنا بالقتل وقصد طواغيتهم الولاة لامورهم من دون الائمة ( الامة خ ) بترحلنا عن حرمه الى دار ملكهم وقتلهم ايانا بالسم والحبس فيبكي رسول الله صلى الله عليه وآله ويقول يا بني ما نزل بكم الا ما نزل بجدكم قبلكم ثم تبتدي فاطمة عليها السلام وتشكو ما نالها من ابي ‌بكر وعمر واخذ فدك منها اليه ونشره لها على رؤس الاشهاد من قريش والمهاجرين والانصار وخطابها له في امر فدك وما رد عليها من قوله ان الانبياء لا تورث واحتجاجها بقول زكرياء ويحيى عليهما السلام وقول عمر هاتي صحيفتك التي ذكرت ان اباك كتبها لك واخراجها الصحيفة واخذه اياها منها ونشره لها على رؤس الاشهاد من قريش والمهاجرين والانصار وسائر العرب وتفله فيها وتمزيقه اياها وبكاها ورجوعها الى قبر ابيها رسول الله صلى الله عليه وآله باكية حزينة تمشي على الرمضاء قد اقلتها ( اقلقتها خ ) واستغاثتها بالله وبابيها رسول الله صلى الله عليه وآله وتمثلها بقول رقية بنت صفي شعرا :

قد كان بعدك انباء وهنبثة لو كنت شاهدها لم ‌تكثر الخطب
انا فقدناك فقد الارض وابلها واختل قومك فاشهدهم فقد لعبوا
ابدت رجال لنا فحوى صدورهم لما نأيت وحالت دونك الحجب
وكل قوم لهم قربى ومنزلة عند الاله على الادنين يقترب
قد كان جبريل بالايات يونسنا فغاب عنا فكل الخير محتجب
تهضمتنا رجال واستخف بنا لما مضيت وحالت دونك الكثب
يا سيدي يا رسول الله لو نظرت عيناك ما فعلت في آلك الصحب
يا ليت قبلك كان الموت حل بنا اما اناس ففازوا بالذي طلبوا

وتقص عليه قصة ابي ‌بكر وانفاذ خالد بن الوليد وقنفذ وعمر بن الخطاب وجمع الناس لاخراج امير المؤمنين عليه السلام من بيته الى البيعة في سقيفة بني‌ساعدة واشتغال امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه بنساء رسول الله صلى الله عليه وآله وجمع القرءان وقضاء دينه وانجاز عداته وهي ثمانون الف درهم باع فيها تليده وطارفه وقضاها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وقول عمر اخرج يا عليّ الى ما اجمع ( عليه خ ) المسلمون والا قتلناك وقول فضة جارية فاطمة عليها السلام ان امير المؤمنين عليه السلام مشغول والحق له ان انصفتم من انفسكم وانصفتموه وجمعهم الحطب الجزل على الباب لاحراق بيت امير المؤمنين عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين وزينب وام‌كلثوم وفضة واضرامهم النار على البيت ( الباب خ ) وخروج فاطمة عليها السلام اليهم وخطابها لهم من وراء الباب وقولها ويحك يا عمر ما هذه الجرأة على الله وعلى رسوله تريد ان تقطع نسله من الدنيا وتفنيه وتطفي نور الله والله متم نوره وانتهاره ( نور الله بافواههم وانتهاره خ ) لها وقوله كفى يا فاطمة فليس محمد حاضرا ولا الملائكة آتية بالامر والنهي والزجر من عند الله وما عليّ الا كاحد من المسلمين فاختاري ان شئت خروجه لبيعة ابي ‌بكر او احراقكم جميعا فقالت وهي باكية اللهم اليك نشكو فقد نبيك ورسولك وصفيك وارتداد امته علينا ومنعهم ايانا حقنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيك المرسل فقال عمر دعي عنك يا فاطمة حمقات النساء فلم يكن الله ليجمع لكم النبوة والخلافة واخذت النار في خشب الباب وادخال قنفذ يده لعنه الله يروم فتح الباب وضرب عمر لها بالسوط على عضدها حتى صار كالدملج الاسود وركل الباب برجله حتى اصاب بطنها وهي حاملة بالمحسن لستة اشهر واسقاطها اياه وهجوم عمر وقنفذ وخالد بن الوليد ( لعنهم الله خ ) وصفقه خدها حتى بدا قرطاها تحت خمارها وهي تجهر بالبكاء وتقول وا ابتاه وا رسول الله صلى الله عليه وآله ابنتك فاطمة تكذب وتضرب ويقتل جنين في بطنها وخروج امير المؤمنين عليه السلام من داخل الدار محمر العين حاسرا حتى القى ملائمه ( ملاعمه خ ) عليها وضمها الى صدره وقوله لها يا بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قد علمت ان اباك بعثه الله رحمة للعالمين فالله الله ان تكشفي خمارك وترفعي ناصيتك فو الله يا فاطمة لئن فعلت ذلك لا ابقي الله على الارض من يشهد ان محمدا رسول الله ولا موسى ولا عيسى ولا ابراهيم ولا نوح ولا ادم ولا دابة تمشي على الارض ولا طائر في السماء الا اهلكه الله ثم قال يا ابن‌الخطاب لك الويل من يومك هذا وما بعده وما يليه اخرج قبل ان اشهر سيفي فافني غابر الامة فخرج عمر وخالد وقنفذ وعبد الرحمن بن ابي‌بكر ( لعنهم الله خ ) فصاروا من خارج الدار وصاح امير المؤمنين عليه السلام بفضة وقال يا فضة مولاتك فاقبلي منها ما تقبله النساء فقد جاءها المخاض من الرفسة وردة الباب فاسقطت محسنا عليه السلام فقال امير المؤمنين عليه السلام فانه لاحق بجده رسول الله صلى الله عليه وآله فيشكو اليه وحمل امير المؤمنين عليه السلام لها في سواد الليل والحسن والحسين وزينب وام‌ كلثوم الى دور المهاجرين والانصار يذكرهم الله ورسوله وعهده الذي بايعوا الله ورسوله وبايعوه عليه في اربعة مواطن في حيوة رسول الله صلى الله عليه وآله وتسليمهم عليه بامرة المؤمنين في جميعها فكل يعده بالنصر في يومه المقبل فاذا اصبح قعد جميعهم عنه ثم يشكو اليه امير المؤمنين عليه السلام المحن العظيمة التي امتحن بها بعده وقوله لقد كانت قصتي مثل قصة هرون مع بني اسرائيل وقولي كقوله لموسى يا ابن ام ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الاعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين فصبرت محتسبا وسلمت راضيا وكانت الحجة عليهم في خلافي ونقضهم عهدي الذي عاهدتهم عليه يا رسول الله واحتملت يا رسول الله ما لم يحتمل وصي نبي من ساير الاوصياء من ساير الامم حتى قتلوني بضربة عبدالرحمن بن ملجم لعنه الله وكان الله الرقيب عليهم في نقضهم بيعتي وخروج طلحة والزبير بعايشة الى مكة يظهران الحج والعمرة وسيرهم بها الى البصرة وخروجي ( اليهم خ ) وتذكيري لهم الله واياك وما جئت به يا رسول الله فلم يرجعا حتى نصرني الله عليهما حتى اهرقت دماء عشرين الفا من المسلمين وقطعت سبعون كفا على زمام الجمل فمالقيت في غزواتك يا رسول الله وبعدك اصعب منه يوما ابدا لقد كان من اصعب الحروب التي لقيتها واهولها واعظمها فصبرت كما ادبني الله بما ادبك به يا رسول الله في قوله عز وجل فاصبر كما صبر اولوا العزم من الرسل وقوله واصبر وما صبرك الا بالله وحق والله يا رسول الله تأويل هذه الاية التي انزلها الله في الامة من بعدك في قوله وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن‌ يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين ويقوم الحسن الى جده صلى الله عليه وآله فيقول يا جداه كنت مع امير المؤمنين عليه السلام في دار هجرته بالكوفة حتى استشهد بضربة عبدالرحمن بن ملجم لعنه الله ووصاني ( فوصاني خ ) بما وصيته يا جداه وبلغ اللعين معاوية قتل ابي فانفذ اللعين الدعي بن زياد الى الكوفة في مائة الف وخمسين الف مقاتل فامر بالقبض عليّ وعلى اخي الحسين وسائر اخواني واهل بيتي وشيعتنا وموالينا وان يأخذ علينا البيعة لمعوية لعنه الله فمن يأبى منا ضرب عنقه وسير الى معوية رأسه فلما علمت ذلك من فعل معوية خرجت من داري فدخلت مسجد الكوفة للصلوة ورقيت المنبر واجتمع الناس فحمدت الله واثنيت عليه وقلت معاشر الناس عفت الديار ومحيت الاثار وقل الاصطبار فلا قرار على همزات الشياطين وحكم الخائنين الساعة والله صحت البراهين وتفصلت الايات وبانت المشكلات ولقد كنا نتوقع تمام هذه الاية بتأويلها قال الله تعالى وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن‌ يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين فلقد مات والله جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وقتل ابي عليه السلام وصاح الوسواس الخناس في قلوب الناس ونعق ناعق الفتنة وخالفتم السنة فيا لها من فتنة صماء عمياء لا تسمع لداعيها ولا يجاب مناديها ولا يخالف واليها ظهرت كلمة النفاق وسيرت رايات اهل الشقاق وتكالبت جيوش اهل المراق من الشام والعراق هلموا رحمكم الله الى الافتتاح والنور الوضاح والعلم الجحجاح والنور الذي لا يطفأ والحق الذي لا يخفى ايها الناس تيقظوا من رقدة الغفلة ومن تكاثيف الظلمة فو الذي فلق الحبة وبرء النسمة وتردى بالعظمة لئن قام الى منكم عصبة بقلوب صافية ونيات مخلصة لا يكون فيها شوب نفاق ولا نية افتراق لاجاهدن بالسيف قدما قدما ولاصبغن من السيوف جوانبها ومن الرماح اطرافها ومن الخيل سنابكها فتكلموا رحمكم الله فكأنما الجموا بلجام الصمت عن اجابة الدعوة الا عشرين رجلا فانهم قاموا الى وقالوا يا ابن رسول الله ما نملك الا انفسنا وسيوفنا فها نحن بين يديك لامرك طائعون وعن رأيك صادرون فمرنا بما شئت فنظرت يمنة ويسرة فلم ار احدا غيرهم فقلت لي اسوة بجدي رسول الله صلى الله عليه وآله حين عبد الله سرا وهو يومئذ في تسعة وثلاثين رجلا فلما اكمل الله له الاربعين صار في عدة واظهر امر الله فلو كان معي عدتهم جاهدت في الله حق جهاده ثم رفعت رأسي نحو السماء فقلت اللهم اني قد دعوت وانذرت وامرت ونهيت وكانوا عن اجابة الداعي غافلين وعن نصرته قاعدين وعن طاعته مقصرين ولاعدائه ناصرين اللهم فانزل عليهم رجزك وبأسك وعذابك الذي لا يرد عن القوم الظالمين ونزلت ثم خرجت من الكوفة راجلا ( راحلا ظ ) الى المدينة فجاؤني يقولون ان معوية اسري سراياه الى الانبار والكوفة وشن غاراته على المسلمين وقتل من لم يقاتله وقتل النساء والاطفال فاعلمتهم انهم ( انه خ ) لا وفاء لهم فانفذت لهم ( معهم خ ) رجالا وجيوشا وعرفتهم انهم يستجيبون لمعوية وينقضون عهدي وبيعتي فلم يكن الا ما قلت لهم واخبرتهم ثم يقوم الحسين عليه السلام مخضبا بدمه هو وجميع من قتل معه فاذا رآه رسول الله صلى الله عليه وآله بكى وبكى اهل السموات والارض من بكائه وتصرخ فاطمة عليها السلام فتزلزل الارض ومن عليها ويقف امير المؤمنين عليه السلام والحسن عن يمينه وفاطمة عليها السلام عن شماله ويقبل الحسين عليه السلام فيضمه رسول الله صلى الله عليه وآله ويقول يا حسين فديتك قرت عيناك وعيناي فيك وعن يمين الحسين عليه السلام حمزة اسد الله في ارضه وعن شماله جعفر بن ابي طالب الطيار ويأتي محسن تحمله خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت اسد ام امير المؤمنين وهن صارخات وامه فاطمة تقول هذا يومكم الذي كنتم توعدون اليوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو ان بينها وبينه امدا بعيدا قال فبكى الصادق عليه السلام حتى اخضلت لحيته بالدموع ثم قال لا قرت عين لا تبكي عند هذا الذكر قال وبكى المفضل بكاء طويلا ثم قال يا مولاي ما في الدموع يا مولاي فقال ما لا يحصى اذا كان من محق ثم قال المفضل يا مولاي ما تقول في قوله تعالى واذا الموؤدة سئلت باي ذنب قتلت قال يا مفضل الموؤدة والله محسن لانه منا لا غير فمن قال غير هذا فكذبوه قال المفضل يا مولاي ثم ماذا قال الصادق عليه السلام تقوم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله صلوات الله عليها فتقول اللهم انجز وعدك وموعدك لي فيمن ظلمني وغصبني وضربني وجرعني ثكل اولادي فتبكيها ملائكة السموات السبع وحملة العرش وسكان الهوى ومن في الدنيا ومن تحت اطباق الثرى صائحين صارخين الى الله تعالى فلا يبقى احد ممن قاتلنا وظلمنا ورضي بما جرى علينا الا قتل في ذلك اليوم الف قتلة دون من قتل في سبيل الله فانه لا يذوق الموت وهو كما قال عز وجل ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما اتيهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الا خوف عليهم ولا هم يحزنون قال المفضل يا مولاي فان من شيعتكم من لا يصدق برجعتكم فقال عليه السلام أما سمعوا قول جدنا رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن سائر الائمة نقول ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر قال الصادق عليه السلام العذاب الادنى عذاب الرجعة والعذاب الاكبر عذاب يوم القيمة الذي فيه تبدل الارض غير الارض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار قال المفضل يا مولاي فامانتكم بالله عند شيعتكم ونحن نعلم انكم اختيار الله في قوله نرفع درجات من نشاء وقوله الله اعلم حيث يجعل رسالته وقوله ان الله اصطفي ادم ونوحا وال ابراهيم وال عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم قال الصادق عليه السلام يا مفضل فاين نحن عن هذه الاية قال المفضل قول الله ان اولى الناس بابرهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين امنوا والله ولي المؤمنين وقوله ملة ابيكم ابراهيم هو سميكم المسلمين وقوله عن ابراهيم واجنبني وبني ان نعبد الاصنام وقد علمنا ان رسول الله صلى الله عليه واله وامير المؤمنين عليه السلام ماعبدا صنما ولا وثنا ولا اشركا بالله طرفة عين وقوله واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلما ت فاتمهن قال اني جاعلك للناس اماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين والعهد عهد الامامة لا يناله ظالم قال يا مفضل وما علمك بان الظالم لا ينال بعهد الامامة قال المفضل يا مولاي لا تمتحني بما لا طاقة لي به ولا تختبرني ولا تبتليني فمن علمكم علمت ومن فضل الله عليكم اخذت قال الصادق عليه السلام صدقت يا مفضل ولولا اعترافك بنعمة الله عليك لما كنت هكذا فاين يا مفضل الايات من القرءان في ان الكافر ظالم قال نعم يا مولاي قوله تعالى والكافرون هم الظالمون والكافرون هم الفاسقون ومن كفر وفسق وظلم لم يجعله الله للناس اماما قال الصادق عليه السلام احسنت يا مفضل فمن اين قلت برجعتنا ومقصرة شيعتنا تقول معنى الرجعة ان الله يرد الينا ملك الدنيا وان يجعله للمهدي عليه السلام ويحهم متى سلبنا الملك حتى يرد علينا قال المفضل لا والله ما سلبتموه ولا تسلبونه لانه ملك النبوة والرسالة والوصية والامامة قال الصادق عليه السلام لو تدبر القرءان شيعتنا لماشكوا في فضلنا اماسمعوا قوله عز وجل ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الارض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون والله يا مفضل ان تنزيل هذه الاية في بني اسرائيل وتأويلها فينا وان فرعون وهامان تيم وعدي قال المفضل يا مولاي فالمتعة ( حلال خ ) قال حلال طلق والشاهد بها قول الله عز وجل ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء او اكننتم في انفسكم علم الله انكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا الا ان تقولوا قولا معروفا اي مشهودا والقول المعروف هو المشتهر بالولي والشهود وانما احتيج الى الولي والشهود في النكاح ليثبت النسل ويصح النسب ويستحق الميراث وقوله واتوا النساء صدقاتهن نحلة فان طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا وجعل الطلاق في النساء المزوجات غير جائز الا بشاهدين ذوا عدل من المسلمين وقال في سائر الشهادات على الدماء والفروج والاموال والاملاك واستشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء وبين الطلاق عز ذكره فقال يا ايها النبي اذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن واحصوا العدة واتقوا الله ربكم الى قوله تلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك امرا فاذا بلغن اجلهن فامسكوهن بمعروف او فارقوهن بمعروف واشهدوا ذوي عدل منكم واقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الاخر وقوله لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك امرا هو نكرة يقع بين الزوج وزوجته فيطلق التطليقة الاولى بشهادة ذوي عدل وحد وقت التطليق هو اخر القرء والقرء هو الحيض والطلاق يجب عند اخر نقطة بيضاء تنزل بعد الصفرة والحمرة والى التطليقة الثالثة ما يحدث الله بينهما عطفا او زوال ما كرهاه وهو قوله والمطلقات يتربصن بانفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن ان يكتمن ما خلق الله في ارحامهن ان كن يؤمن بالله واليوم الاخر وبعولتهن احق بردهن في ذلك ان ارادا اصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم هذا بقوله في ان للبعولة مراجعة النساء من تطليقة الى تطليقة ان ارادوا اصلاحا وللنساء مراجعة الرجال في مثل ذلك ثم بين تبارك وتعالى فقال الطلاق مرتان فامساك بمعروف او تسريح باحسان وفي الثالثة فان طلق الثالثة وبانت فهو قوله فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ثم يكون كسائر الخطاب لها والمتعة التي احلها الله في كتابه واطلقها الرسول عن الله لسائر المسلمين فهو قوله عز وجل والمحصنات من النساء الا ما ملكت ايمانكم كتاب الله عليكم واحل لكم ما وراء ذلكم ان تبتغوا باموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فاتوهن اجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة ان الله كان عليما حكيما والفرق بين المزوجة ( الزوجة خ ) والمتعة ان للزوجة صداقا وللمتعة اجرة فتمتع سائر المسلمين في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله في الحج وغيره في ايام ابي‌بكر واربع سنين في ايام عمر حتى دخل على اخته عفراء فوجد في حجرها طفلا يرضع من ثديها فنظر الى درة اللبن في فم الطفل فاغتضب وارعد وازبد واخذ الطفل على ( عن خ ) يده وخرج حتى اتى المسجد ورقي المنبر قال نادى في الناس ان الصلوة جامعة وكان غير وقت صلوة فعلم الناس انه لامر يريده عمر قال فحضروا فقال معاشر الناس من المهاجرين والانصار واولاد قحطان من منكم من يحب ان المحرمات عليه من النساء ولها مثل هذا الطفل قد خرج من احشائها وهو يرضع على ثديها وهي غير متبعلة فقال بعض القوم ما نحب هذا فقال الستم تعلمون ان اختي عفراء بنت خيثمة ( حنتمة خ ) امي ابي الخطاب غير متبعلة قالوا بلى قال فاني دخلت عليها في هذه الساعة فوجدت هذا الطفل في حجرها فناشدتها اني لك هذا فقالت تمتعت فاعلموا سائر الناس ان هذه المتعة كانت حلالا للمسلمين في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله قد رأيت تحريمها فمن ابى ضرب جنباه مائة سوط فلم يكن في القوم منكر قوله ولا راد عليه ولا قائل لا يأتي رسول بعد رسول الله صلى الله عليه وآله او ( وخ ) كتاب بعد كتاب الله لانقبل خلافك على الله وعلى رسوله وكتابه بل سلموا ورضوا قال المفضل يا مولاي فما شرائط المتعة قال يا مفضل لها سبعون شرطا من خالف منها شرطا واحدا ظلم نفسه قال قلت يا سيدي قد امرتمونا الانتمتع ببغية ولا مشهورة بفساد ولا مجنونة وان ندعو المتعة الى الفاحشة فان اجابت فقد حرم الاستمتاع بها وان نسئل أفارغة ام مشغولة ببعل او حمل او بعدة فان شغلت واحدة من الثلاث فلا تحل وان خلت فتقول لها متعيني نفسك على كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وآله نكاحا غير سفاح اجلا معلوما باجرة معلومة وهي ساعة او يوم او يومان او شهر او سنة او ما دون ذلك او اكثر والاجرة ما تراضيا عليه من حلقة خاتم او شسع نعل او شق تمرة الى فوق ذلك من الدراهم والدنانير او عرض ترضى به فان وهبت له حل كالصداق الموهوب من النساء ( كالنساء خ ) المزوجات الذين قال الله تعالى فيهن فان طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ثم تقول لها على الا ترثيني ولا ارثك وعلى ان الماء لي اضعه منك حيث اشاء وعليك الاستبراء خمسة واربعين يوما او محيضا واحدا فاذا قالت نعم اعدت القول ثانية وعقدت النكاح فان احببت واحبت هي الاستزادة في الاجل زدتما وفيه ما رويناه فان كانت تفعل فعليها ما ( من خ ) تولت من الاخبار عن نفسها ولا جناح عليك وقول امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه لعن الله ابن ‌الخطاب فلولاه ما زنى الا شقي او شقية لانه كان يكون للمسلمين غناء في المتعة عن الزني ثم تلا عليه السلام ومن الناس من يعجبك قوله في الحيوة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد الخصام واذا تولي سعي في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ثم قال ان من عزل بنطفته عن زوجته فدية النطفة عشرة دنانير كفارة وان من شرط المتعة ان ماء الرجل يضعه حيث شاء من المتمتع بها فاذا وضعه في الرحم وخلق منه ولد كان لاحقا بابيه ثم يقوم جدي عليّ بن الحسين عليهما السلام وابي الباقر عليه السلام فيشكوان الى جدهما رسول الله صلى الله عليه وآله ما فعل بهما ثم اقوم انا فاشكو الى جدي رسول الله صلى الله عليه وآله ما فعل المنصور بي ثم يقوم ابني موسى فيشكو الى جده رسول الله صلى الله عليه وآله ما فعل به الرشيد ثم يقوم عليّ بن موسى فيشكو الى جده رسول الله صلى الله عليه وآله ما فعل به المأمون ثم يقوم محمد بن عليّ فيشكو الى جده رسول الله صلى الله عليه وآله ما فعل به المأمون ثم يقوم عليّ بن محمد فيشكو الى جده رسول الله صلى الله عليه وآله ما فعل به المتوكل ثم يقوم الحسن بن عليّ فيشكو الى جده رسول الله صلى الله عليه وآله ما فعل به المعتز ثم يقوم المهدي سمي جده رسول الله صلى الله عليه وآله وعليه قميص رسول الله صلى الله عليه وآله مضرجا بدم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم شج جبينه وكسرت رباعيته والملائكة تحفه حتى يقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول يا جداه وصفتني ودللت عليّ ونسبتني وسميتني وكنيتني وجحدتني الامة وتمردت وقالت ماولد ولاكان واين هو ومتى كان واني يكون وقد مات ولم يعقب ولو كان صحيحا ما اخره الله تعالى الى هذا الوقت المعلوم فصبرت محتسبا وقد اذن الله تعالى ( فيها خ ) باذنه يا جداه فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله الحمد لله الذي صدقنا وعده واورثنا الارض نتبوء منها حيث نشاء فنعم اجر العاملين ويقول جاء نصر الله والفتح وحق قول الله سبحانه وتعالى هو الذي ارسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ويقرء انا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا فقال المفضل يا مولاي اي ذنب كان لرسول الله صلى الله عليه وآله فقال الصادق عليه السلام يا مفضل رسول الله صلى الله عليه وآله قال ( اللهم خ ) حملني ذنوب شيعة اخي واولاده الاوصياء ما تقدم منها وما تأخر الى يوم القيمة ولا تفضحني بين النبيين والمرسلين في شيعتنا فحمله الله اياها وغفر جميعها قال المفضل فبكيت بكاء طويلا وقلت يا سيدي هذا بفضل الله علينا فيكم قال الصادق عليه السلام يا مفضل ما هو الا انت وامثالك بلى يا مفضل لا تحدث بهذا الحديث اصحاب الرخص من شيعتنا فيتكلون على هذا التفضل ( الفضل خ ) ويتركون العمل فلا نغنى ( فلا يغنى خ ) عنهم من الله شيئا لانا كما قال الله تعالى فينا لا يشفعون الا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون قال المفضل يا مولاي فقوله ليظهره على الدين كله ما كان رسول الله عليه صلوات الله ظهر على الدين كله قال يا مفضل لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله ظهر علي الدين كله ما كانت مجوسية ولا يهودية ولا صابئية ( ولا نصرانية خ ) ولا فرقة ولا خلاف ولا شك ولا شرك ولا عبدة اصنام ولا اوثان ولا اللات والعزى ولا عبدة الشمس والقمر ولا النجوم ولا النار ولا الحجارة وانما قوله ليظهره على الدين كله في هذا اليوم وهذا المهدي وهذه الرجعة وهي قوله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله قال المفضل انكم من علم الله علمتم وبسلطانه وقدرته قدرتم وبحكمه ( بحكمته خ ) نطقتم وبامره تعملون ثم قال الصادق عليه السلام ثم يعود المهدي الى الكوفة وتمطر السماء بها جرادا من ذهب كما امطره في بني اسرائيل على ايوب ويقسم على اصحابه كنوز الارض من تبرها ولجينها وجوهرها قال المفضل يا مولاي من مات من شيعتكم وعليه دين لاخوانه ولاضدادكم كيف يكون قال الصادق عليه السلام اول ما يبتدئ المهدي عليه السلام ان ينادي في جميع العالم الا من له عند احد من شيعتنا دين فليذكره حتى يرد الشومة والخردلة فضلا عن القناطر المقنطرة من الذهب والفضة والاملاك فيوفيه اياه قال المفضل يا مولاي ثم ماذا يكون قال يأتي القائم عليه السلام بعد ان يطأ شرق الارض وغربها الكوفة ومسجدها فيهدم المسجد الذي بناه يزيد بن معوية لعنه الله لما قتل الحسين بن عليّ عليهما السلام مسجدا ليس لله ملعون ملعون من بناه قال المفضل يا مولاي كم تكون مدة ملكه عليه السلام فقال قال الله عز وجل فمنهم شقي وسعيد فاما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السموات والارض الا ما شاء ربك ان ربك فعال لما يريد واما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والارض الا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ والمجذوذ المقطوع اي عطاء غير مقطوع عنهم بل هو دائم ابدا وملك لا ينفد وحكم لا ينقطع وامر لا يبطل الا باختيار الله ومشيته وارادته التي لا يعلمها الا هو ثم ( يوم خ ) القيمة وما وصفه ( وضعه خ ) الله عز وجل في كتابه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيرا وفي كتاب العوالم اقول روي الشيخ حسن بن سليمان في كتاب مختصر البصائر هذا الخبر هكذا حدثني الاخ الصالح الرشيد محمد بن ابراهيم بن مجلس محسن الميارابادي ( الميطارابادي خ ) انه وجد بخط ابيه الرجل الصالح ابراهيم بن محسن هذا الحديث الاتي ذكره واراني خطه وكتبته منه وصورته الحسين بن حمدان وساق الحديث كما مر الى قوله لكأني انظر اليهم على البراذين الشهب بايديهم الحرب يتعاوون شوقا الى الحرب كما يتعاوي الذئب ( الذئاب خ ) اميرهم رجل من تميم يقال له شعيب بن صالح فيقبل الحسنى فيهم وجهه كدائرة القمر يروع الناس جمالا فيبقي على اثر الظلمة فيأخذ سيفه الصغير والكبير والوضيع والعظيم ثم يسير بتلك الرايات كلها حتى يرد الكوفة وقد جمع بها اكثر اهل الارض ويجعلها له معقلا ثم يتصل به وباصحابه خبر المهدي عليه السلام فيقولون له يا ابن رسول الله ومن هذا الذي نزل بساحتنا فيقول الحسني اخرجوا بنا اليه حتى ننظر من هو وما يريد وهو يعلم والله انه المهدي عليه السلام وانه ليعرفه وانه لم يرد بذلك الامر الا الله فيخرج الحسني وبين يديه اربعة الاف رجل في اعناقهم المصاحف وعليهم المسوح مقلدين بسيوفهم فيقبل الحسني حتى ينزل بقرب المهدي عليه السلام فيقول سائلوا ( اسألوا خ ) عن هذا الرجل من هو وماذا يريد فيخرج بعض اصحاب الحسني الى عسكر المهدي عليه السلام فيقول ايها العسكر الجائل من انتم حياكم ومن صاحبكم هذا وماذا يريد فيقول اصحاب المهدي عليه السلام هذا مهدي آل محمد عليه وعليهم السلام ونحن انصاره من الجن والانس والملائكة ثم يقول الحسنى خلوا بيني وبين هذا فيخرج اليه المهدي عليه السلام فيقفان بين العسكرين فيقول الحسني ان كنت مهدي آل محمد صلى الله عليه وآله فاين هراوة جدك رسول الله صلى الله عليه وآله وخاتمه وبردته ودرعه الفاضل وعمامته السحاب وفرسه وناقته الغضباء وبغلته دلدل وحماره يعفور ونجيبه البراق وتاجه والمصحف الذي جمعه امير المؤمنين عليه السلام بغير تغيير ولا تبديل فيحضر له السفط الذي فيه ما طلبه وقال ابو عبد الله عليه السلام انه كان كله في السفط وتركات النبيين حتى عصي ادم ونوح عليهما السلام وتركة هود وصالح عليهما السلام ومجموع ابراهيم وصاع يوسف ومكيال شعيب وميزانه وعصى موسى وتابوته الذي بقية مما ( ما خ ) ترك ال موسى وال هرون تحمله الملائكة ودرع داود عليه السلام وخاتمه وخاتم سليمان وتاجه ورحل عيسى وميراث النبيين والمرسلين في ذلك السفط وعند ذلك يقول الحسني يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله اسألك تغرز هراوة رسول الله صلى الله عليه وآله في هذا الحجر الصلد وتسأل الله ان ينبتها فيه ولا يرد بذلك الا ان يرى اصحابه فضل المهدي عليه السلام ثم يطيعوه ويبايعوه ويأخذ المهدي عليه السلام الهراوة فيغرزها ( فيغرز بها خ ) فتنبت فتعلو وتفرع وتورق حتى تظل عسكر الحسنى فيقول الحسني الله اكبر يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله مد يدك حتى ابايعك فيبايعه الحسنى وسائر عسكره الا اربعة الاف من اصحاب المصاحف والمسوح الشعر المعروفون بالزيدية فانهم يقولون ما هذا الا سحر عظيم اقول ثم ساق الحديث الى قوله ان انصفتم من انفسكم وانصفتموه نحوا مما مر ولم يذكر بعده شيئا اقول وجدت هذه الرواية في اصل كتاب الهداية للحسين بن حمدان انتهى اقول قوله حاش لله ان يوقت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا ربما يفهم منه انهم عليهم السلام يعلمونه وانه خاص بهم وقول امير المؤمنين عليه السلام لما سئل والله ما المسئول باعلم من السائل كما تقدم يحمل على العلم الذي لا يجري فيه البداء ويدل على هذا قول الصادق عليه السلام لا تراه عين حتى تراه كل عين وقوله كذب الموقتون وقول بعض علماء التفسير كما روي ان ما ذكره الله بالماضي مثل وما ادراك فقد اخبره به وما ذكره الله بالمضارع مثل وما يدريك فانه لم يخبر به وقد ذكر الله في وقت قيامه عليه السلام وما يدريك فاذا لم يعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله فغيره بالطريق الاولى بعدم العلم وقول الصادق عليه السلام بعد ذلك يا مفضل ماوقت له ان من وقت لمهدينا وقتا فقد شارك الله تعالى في علمه وادعى انه ظهر على سره الحديث وقوله عليه السلام تدعي بسر من رأى وهو ساء من رأي المشهور ان سر من راى بناء المعتصم ولعل المتوكل اتم بناءها وتعميرها فلذا ينسب اليه وقال الفيروزابادي سر من رأى بضم السين والراء اي سرورا وبفتحها ( بفتحهما خ ) وفتح الاول وضم الثاني وسامرا ومده البحتري في الشعر اي كلاهما لحن وساء من رأي بلد لما شرع في بنائه المعتصم ثقل ذلك على عسكره فلما انتقل بهم اليها سر كل منهم برؤيتها فلزمها هذا الاسم انتهى اقول ولعل قوله عليه السلام وهي والله ساء من رأى فيه نوع استخدام وقوله يأتي البيت وحده ويلج الكعبة وحده ويجن عليه الليل وحده يأتي البيت وحده يوم الجمعة ويدخل المسجد يسوق العنيزات ويلج الكعبة وبعد ان قتل خطيبهم على المنبر دخل الكعبة مستترا عنهم ولم يعلم به احد ويجن عليه الليل ليلة السبت وحده فاذا كان نصف الليل صعد على سطح الكعبة ونادى اصحابه فما اتم نداءه حتى اجتمعوا عنده على ما تقدم وقوله ويقف بين الركن والمقام فيصرخ صرخة يحتمل انه في الارض عند المعجن ( المعجز خ ) ويحتمل انه فوق السطح مما يلي جهة المقام محاذيا للحجرالاسود لما روي انه ينادي على سطح الكعبة والله اعلم وقوله ويغير سنة القائم عليه السلام لعل المعنى ( المعاني خ ) ان الحسين عليه السلام كيف يظهر قبل قيام القائم اذ لو ظهر لغير سنته فاجاب عليه السلام بان ظهوره بعد القائم عليه السلام اذ كل بيعة قبله ضلال وتقدم الاشارة الى البعدية ويأتي ان شاء الله تعالى وقوله ويلزمهما اياه ويعترفان به قيل العلة والسبب في الزامهما ما تأخر عنهما من الاثام ظاهر لانهما منعا امير المؤمنين صلوات الله عليه عن حقه ودفعاه عن مقامه فصارا سببين لاختفاء سائر الائمة ومغلوبيتهم وتسلط ائمة الجور وغلبتهم الى زمان القائم عليه السلام وصار ذلك سببا لكفر من كفر وضلال من ضل وفسق من فسق لان الامام مع اقتداره واستيلائه وبسط يده يمنع من جميع ذلك وعدم تمكن امير المؤمنين عليه السلام من بعض تلك الامور في ايام خلافته انما كان لما اسساه من الظلم والجور واما ما تقدم عليهما فلأنهما كانا راضيين بفعل من فعل مثل فعلهما من دفع خلفاء الحق عن مقامهم وما يترتب على ذلك من الفساد ولو كانا منكرين كذلك ( لذلك خ ) لم يفعلا مثل فعلهم وكل من رضي بفعل فهو كمن اتاه كما دلت عليه الايات الكثيرة حيث نسب الله فعال اباء اليهود اليهم وذمهم عليها لرضاهم بها وغير ذلك واستفاضت به اخبار الخاصة والعامة ( ايضا خ ) على انه لا يبعد ان يكون لارواحهم الخبيثة مدخلا في صدور تلك الامور عن الاشقياء كما ان ارواح الطيبين ( الارواح الطيبة خ ) من اهل بيت الرسالة كانت مؤيدة للانبياء والرسل عليهم السلام معينة لهم في الخيرات شفيعة لهم في رفع الكربات كما مر في كتاب الامامة ومع صرف النظر عن ( ظاهر خ ) جميع ذلك يمكن ان يأول بان المراد الزام مثل فعال هؤلاء الاشقياء عليهما انهما في الشقاوة مثل جميعهم لصدور مثل افعال الجميع عنهما انتهى كلام صاحب العوالم واظنه نقله عن صاحب البحار واقول ان معنى المراد من ذلك له وجه ظاهر ووجه باطن فالظاهر ما ذكره اولا والاخبار به متواترة معنى لان الرضا عمل قلبي ويلزمه الجزاء وهذا ظاهر واما الباطن فهو ما اشار اليه ثانيا في العلاوة الا ان العبارة عنه باللفظ الذي ذكره لا تدل على حقيقة الحال لانه انما جرى على قلبه مجملا والعبارة التي تدل عليه حقيقة ( عىي حقيقته خ ) على جهة الاشارة في الاجمال انهما في عالم الذر في تكليف الارواح حين قال لهما الست بربكم ومحمد نبيكم وعليّ وليكم وامامكم والخطاب لهما بالتثنية بعد العموم بالخصوص فقالا عند ما قال ( لهما خ ) الست بربكما بلى اعترافا بخصوص الصنع وانكارا لما سواه من احوال الربوبية وعند ما قال لهما محمد نبيكما بلى طمعا في الولاية وعند ما قال لهما وعليّ وليكما وامامكما نعم جحودا واستكبارا وهما اول من فتح باب الانكار والجحود والاستكبار ودعيا الى ذلك كل من سواهما في عالم الاظلة الى انكار الولاية التي هي جميع ما يريد الله من عباده من التكاليف الاعتقادية والعملية والقولية فاجابهما كل عاص لله عز وجل بما دعياه اليه من كل ما حرم الله سبحانه وتعالى ونها عنه فكل عاص لله تابع لهما بمعصيته مجيب لدعوتهما بجرمه وجريرته وجعلناهم ائمة يدعون الى النار ويوم القيمة لا ينصرون فهما يدعوان الى النار فاجابهما العاصون بمعاصيهم من اعتقاداتهم الفاسدة واعمالهم الخبيثة واقوالهم المنكرة فهما اماما هذا الخلق المتعوس ( المنكوس خ ) منذ جري التكليف الى فناء العالم فعليهما وزرهما ووزر كل عاص لله سبحانه وليحملن اثقالهم واثقالا مع اثقالهم وليسئلن يوم القيمة عما كانوا يفترون فلما احضرهما الحجة عليه السلام وذكرهما ذلك اعترفا به وعرفهما استحقاقهما العقوبة على ذلك فعرفاه واما الوجه الثالث فليس ببيان لسبب الالزام فهو مستغني عنه الا انه لا بأس به لانه بيان لمقدار ما يحملانه فهو كما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله في عليّ عليه السلام في بيان مقدار عمله يوم الخندق ان ضربة عليّ لعمرو بن ود تعدل اعمال الثقلين فافهم وقوله اجيبوا المنادي من حول الضريح القائل هو الحسني يدعو الى اجابة المنادي من حول ضريح النبي صلى الله عليه وآله وهو القائم عليه السلام لانه بعد انتقاله من القصر بصاريا الى ضريح جده صلى الله عليه وآله خرج بالثلاثين الذين معه كان يأنس بهم من النقباء ونادى الباقي وهو الخمسة‌ عشر تمام الخمسة والاربعين من تسعة احياء كما تقدم وهو الملهوف وهو المضطر الذي قال الله سبحانه امن يجيب المضطر اذا دعاه وقوله والحاف اي الجبل المطيف بالدنيا يعني المحيط بها والحاف اسم فاعل من حف ويحتمل ان يكون تصحيف القاف وقوله ثم يظهر الحسين عليه السلام وهو اول من ينفض التراب عن رأسه من الائمة عليهم السلام وروي انه يظهر بعد ان يمضي من ملك القائم عليه السلام تسع وخمسون سنة كما مر فيكون مع القائم قبل ان يقتل احدي‌عشرة سنة فاذا قتل عليه السلام جهزه الحسين عليه السلام وقام بالامر وقوله ثم يخرج الصديق الاكبر امير المؤمنين عليّ بن ابي طالب عليهما السلام الظاهر ان هذا الخروج هو خروجه الثاني لانه عليه السلام يخرج بعد قيام ابنه الحسين عليه السلام بالامر بثمان سنين لنصرة ابنه فبين موت القائم عليه السلام وبين خروجه عليه السلام تسع ‌عشرة سنة كما مر ثم يقتل صلوات الله عليه ثم يمكث ما شاء الله والذي فهمت من بعض الاخبار ان بين قتلته هذه وبين خروجه الثاني المشار اليه اربعة الاف سنة او ستة الاف او عشرة الاف على اختلاف الروايات وهذا على تقدير كونه مرادا تقريبي فقوله هنا ثم يخرج الصديق الاكبر هو الخروج الثاني الذي يوافي قيام رسول الله صلى الله عليه وآله هذا والحسين عليه السلام حي الى اخر الرجعات الى ان يرفع الله محمدا واهل بيته صلى الله عليه وآله وليس بين رفعهم ونفخ اسرافيل في الصور نفخه الصعق الا اربعين يوما وقوله ثم يخرج السيد الاكبر محمد رسول الله صلى الله عليه وآله فيوافي خروج امير المؤمنين عليه السلام بجميع اهل بيته وجميع شيعته في الخروج الثاني وهنا يكون تأويل قوله تعالى هل ينظرون الا ان يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الامر فالغمام امير المؤمنين عليه السلام يظهر نصر الله لدينه وللمؤمنين وقهره لاعداء الدين وهلاك ابليس اللعين وجنوده واتباعه اجمعين بعليّ امير المؤمنين عليه السلام وقضي الامر رسول الله صلى الله عليه وآله ينزل من السحاب في يده حربة من نار فيقتل به ابليس ويأتي تمام هذا ان شاء الله تعالى وقوله وركل الباب برجله الركل الضرب بالرجل والرفس كذلك وقوله ( وخ ) يأتي محسن تحمله خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت اسد ام امير المؤمنين عليه السلام وهن صارخات روى ابن ‌قولويه في كامل الزيارة عن حماد بن عثمان عن ابي عبد الله عليه السلام قال لما اسري بالنبي صلى الله عليه وآله والحديث طويل الى ان قال واول من يحكم فيه محسن بن عليّ ( بن ابيطالب خ ) عليه السلام في قاتله ثم في قنفذ فيؤنبان هو وصاحبه فيضربان بسياط من نار لو وقع سوط منها على البحار لغلت ( لغليت خ ) من مشرقها الى مغربها ولو وضعت على جبال الدنيا لذابت حتى تصير رمادا الحديث وقوله فمنهم شقي وسعيد قيل لعله عليه السلام فسر قوله تعالى الا ما شاء ربك بزمان الرجعة بان يكون المراد بالجنة والنار في الاية ما يكون منهما في عالم البرزخ قال عليّ بن ابراهيم في تفسير هذه الاية يوم يأتي والتي بعدها هذا في دار الدنيا قبل يوم القيمة قال واما قوله واما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها يعني في جنان الدنيا التي تنتقل اليها ارواح المؤمنين ما دامت السموات والارض الا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ يعني غير مقطوع من نعيم الاخرة في الجنة يكون متصلا به وفيه وجوه اخر في الاية ( في معنى الدوام وخ ) في معنى الاستثناء ومعنى الاستشهاد من قوله عليه السلام بالاية ان ملك القائم عليه السلام لا انقطاع له لانه ملك الله سبحانه ولانه ولايتهم وهي الجنة والجنة لا انقطاع ( لها خ ) ولا نفاد وانما الاستثناء جار على احد الوجوه المذكورة في الاية عند المفسرين كذلك ملكه عليه السلام فانه اذا قتل لعن الله قاتله قام الحسين عليه السلام ويقوم الائمة ورسول الله صلى الله عليه وآله وعليهم والملك متصل الى ان يرفعهم الله تعالى اليه وينفخ اسرافيل في الصور والملك متصل ويموت كل ذي روح وتبطل كل حركة والملك متصل لان الله عز وجل لم يكن خلوا ( لم يخلو خ ) من ملكه في رتبة الملك ابدا وكل شيء فهو ملكهم لانهم عليهم السلام ملك الله عز وجل وتبقى السموات والارض بين النفختين عاطلات من جميع الحركات والملك باق لله وما كان لله فقد جعله ملكا لهم والملك ولاية الله وهي ولايتهم وقد حققنا هذا المعنى في مواضع من شرحنا على الزيارة الجامعة من طلبه وجده وانما قال عليه السلام بدوام ملكه مع انه انما بقي بعد خروجه سبعين سنة ثم قتل لانه لا بد ان يرجع بعد ذلك لانه لا بد لكل مؤمن من ميتة وقتلة من مات لا بد ان يرجع حتى يقتل ومن قتل لا بد ان يرجع حتى يموت والحجة عليه السلام لا بد ان يرجع حتى يموت فيرجع هو ورسول الله صلى الله عليه وآله والائمة وفاطمة عليهم السلام في اخر الرجعات كما قال الحسين عليه السلام لاصحابه يوم كربلاء لن‌تشذ عن رسول الله صلى الله عليه وآله لحمته هي مجموعة له في حظيرة القدس تقر بهم عينه

فصل - في ذكر بعض ما ورد من ان القائم عليه السلام اذا قام استغنى العباد بضوئه عن ضوء الشمس والقمر وفي ذكر بعض ما يكون اذا قام روى محمد بن جرير الطبري في كتاب مسند فاطمة عليها السلام بسنده عن المفضل بن عمر قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول ان قائمنا اذا قام اشرقت الارض بنور ربها واستغنى العباد عن ضوء الشمس والقمر وصار الليل والنهار واحدا وذهبت الظلمة وعاش الرجل في زمانه الف سنة يولد له في كل سنة غلام لا يولد له جارية يكسوه الثوب فيطول عليه كلما طال ويكون عليه اي ( كل خ ) لون شاء وفيه بسنده عن المفضل بن عمر عن ابي عبد الله عليه السلام قال اذا قام القائم استنزل المؤمن الطير من الهواء فيذبحه ويشويه ويأكل لحمه ولا يأكل ( لا يكسر خ ) عظمه ثم يقول له احي باذن الله تعالى فيحيى ويطير وكذلك الظباء من الصحاري ويكون ضوء البلاء ونورها ولا يحتاجون الى شمس و ( لا خ ) قمر ولا يكون على وجه الارض مؤذي ولا شر ولا سم ولا فساد اصلا لان الدعوة سماوية ليست بارضية ولا يكون للشيطان فيها وسوسة ولا عمل ولا حسد ولا شيء من الفساد ولا تشوك الارض ولا الشجر وتبقى الزروع قائمة كلما اخذ منها شيء نبت من وقته وعاد كحاله ( الى حاله خ ) وان الرجل ليكسو ابنه الثوب فيطول معه كلما طال ويتلون عليه اي لون احب وشاء ولو ان الرجل الكافر دخل جحر ضب او تواري خلف مدرة او حجرة او شجرة لانطق الله ذلك الشيء الذي يتوارى فيه حتى يقول يا مؤمن خلفي كافر فخذه فيؤخذ ويقتل ولا يكون لابليس هيكل يسكن فيه والهيكل البدن ويصافح المؤمنون الملائكة ويوحى اليهم ويحبون ويجتمعون الموتى باذن الله تعالى قالوا يأتي على الناس زمان لا يكون المؤمن الا بالكوفة او بالحيرة ( بحيرة خ ) وفي تفسير عليّ بن ابراهيم بسنده عن المفضل بن عمر انه سمع ابا عبد الله عليه السلام يقول في قوله واشرقت الارض بنور ربها قال رب الارض يعني امام الارض قلت فاذا خرج يكون ماذا قال اذا يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ويجتزون بنور الامام اقول مفاد هذه الاحاديث هي وما اشبهها انما يتحقق اذا خلص الحق وزهق الباطل عن جميع المكلفين وتخلقوا باخلاق الروحانيين وكملت عقولهم واحلامهم وايمانهم وهذا لا يتم لهم على كمال ما ينبغي ( حتى يحصل لهم ما يشتهون خ ) الا بالتدريج واول شروعهم في الصلوح والاصلاح لانفسهم عند قيام الحجة عليه السلام ولا يكملون على النحو الذي يحصل لهم ما يشتهون وتنقاد لهم الاشياء الا بعد قتل ابليس وجنوده ودواعي الشهوات ولا يكون ذلك الا في اخر الرجعات كما يأتي لان القائم عليه السلام يقتل وابليس اللعين موجود وانما قال عليه السلام في الاخبار المتقدمة اذا قام القائم عليه السلام الخ لان المراد بقيامه رجوعه الى الدنيا لا خروجه الاول فانه بعد قتله عليه السلام يرجع مع ابائه الكرام عليه وعليهم السلام الا اني لم ‌اقف على ترتيب خروجهم ولكن الظاهر من الاخبار بل النص ان اول ما يظهر القائم عليه السلام ثم يرجع الحسين عليه السلام وهو اول من يكر من الائمة صلوات الله عليهم ثم يكر عليّ عليه السلام الكرة الاولى ثم يقتل صلوات الله عليه ثم يكر الائمة الاحد عشر والحسين عليه السلام حي ولا اعلم ترتيب كراتهم ثم يكر امير المؤمنين عليه السلام الكرة الثانية وهي الكرة الزهراء الكبرى ثم ينزل السيد الاكبر رسول الله صلى الله عليه وآله فاذا قتل ابليس وجنوده استقر الحق مقره كما يحبه الله ويكون رسول الله صلى الله عليه وآله هو الحاكم والائمة الاثني عشر عليهم السلام وزراؤه في اقطار الارض ومنهم القائم عليه السلام وعليهم كل واحد من الائمة الاثني عشر صلوات الله عليهم حاكم في قطر من اقطار الارض من قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وفي هذا الوقت يكون ما ذكر في هذه الاحاديث المذكورة في هذا الفصل من استغناء العباد عن ضوء الشمس والقمر وكون الليل والنهار واحدا ومن ذهاب الظلمة من العالم كله لارتفاع الظلم وذهابه منه والله اعلم وسيأتي ذكر بعض الاخبار الدالة بالتصريح وبالاشارة على ما اشرنا اليه

فصل - في بعض ما ورد من ان القائم عليه السلام يقتل قتلة الحسين عليه السلام وذراريهم لرضاهم بفعل ابائهم وانه ولي دم الحسين عليه السلام والمطالب به في حلية الابرار بسنده عن ثابت بن دينار قال سألت ابا جعفر عليه السلام قلت يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله لم سمي عليّ عليه السلام امير المؤمنين وهو اسم ما سمي به احد قبله ولا يجري في احد ( من خ ) بعده فقال لانه ميرة العلم يمتار منه ولا يمتار من احد غيره ( قلت خ ) فلم سمي ذو الفقار فقال عليه السلام لانه ما ضرب به احد من خلق الله الا افقره من هذه الدنيا من اهله وولده وافقره في الاخرة من الجنة قال فقلت يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله كلكم قائمون بالحق قال بلى قلت فلم سمي القائم قائما قال لما قتل جدي الحسين (ص) ضجت الملائكة الى الله عز وجل بالبكاء والنحيب وقالوا الهنا وسيدنا انتقم ممن قتل صفوتك وابن صفوتك وخيرتك من خلقك فاوحى الله عز وجل اليهم قروا ملائكتي فوعزتي وجلالي لانتقمن منهم ولو بعد حين ثم كشف الله عز وجل عن الائمة من ولد الحسين عليه وعليهم السلام للملائكة فسرت الملائكة بذلك فاذا احدهم قائم يصلي فقال الله عز وجل بذلك انتقم منهم وفيه بسنده عن محمد بن سنان عن رجل قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا قال ذلك قائم آل محمد عليه وعليهم السلام يخرج فيقتل بدم الحسين عليه السلام فلو قتل اهل الارض لم يكن مسرفا وقوله فلا يسرف في القتل اي لم يكن ليصنع شيئا فيكون مسرفا ثم قال ابو عبد الله عليه السلام يقتل والله ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال ابائها وفيه بسنده عن عبدالسلام بن صالح قال قلت لابي‌الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام ما تقول في حديث روي عن الصادق عليه السلام انه قال اذا قام القائم عليه السلام قتل ذراري قتلة الحسين عليه السلام بفعال ابائها فقال عليه السلام هو كذلك قلت فقول الله عز وجل ولا تزر وازرة وزر اخرى ما معناه فقال صدق الله في جميع اقواله لكن ذراري قتلة الحسين عليه السلام يرضون بفعال ابائهم ويفتخرون بها ومن رضي شيئا كمن اتاه ولو ان رجلا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي عند الله عز وجل شريك القاتل وانما يقتلهم بالقائم عليه السلام اذا خرج لرضاهم بفعل ابائهم قال فقلت له باي شيء يبدأ القائم عليه السلام فيكم قال يبدأ ببني‌شيبة ويقطع ايديهم لانهم سراق بيت الله الحرام وفيه من تفسير العياشي بسنده عن سلام بن مستنير عن ابي جعفر عليه السلام في قوله ( تعالى خ ) ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا قال هو الحسين بن عليّ قتل مظلوما ونحن اولياؤه والقائم منا اذا قام طلب بثار الحسين عليه السلام فيقتل حتى يقال قد اسرف في القتل وقال المثنى المقتول الحسين عليه السلام ووليه القائم عليه السلام والاسراف في القتل ان يقتل غير قاتله انه كان منصورا فانه لا يذهب من الدنيا حتى ينتصر رجل من ال الرسول صلى الله عليه وآله يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما وفيه باسناده عن حمران عن ابي جعفر عليه السلام قال قلت له يا ابن رسول الله صلى الله عليه وآله زعم ولد الحسن ان القائم منهم وانهم اصحاب الامر ويزعم ولد ابن الحنفية مثل ذلك فقال رحم الله عمي الحسن لقد غمد اربعين الف سيف حين اصيب امير المؤمنين واسلمها الى معوية ومحمد بن عليّ سبعين الف سيف قاتله لو خطر عليهم خطرا ما خرجوا منها حتى يموتوا جميعا وخرج الحسين عليه السلام فعرض نفسه على الله في سبعين رجلا من احق بدمه منا نحن والله اصحاب الامر وفينا القائم ومنا السفاح والمنصور وقد قال الله ( تعالى خ ) ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا نحن اولياء الحسين بن عليّ عليهما السلام وعلى دينه اقول قوله ومنا السفاح والمنصور المراد بالسفاح امير المؤمنين صلوات الله عليه وذلك في كرته الاولى يطلب بدم ابنه الحسين عليه السلام وبالمنصور الحسين عليه السلام اذا رجع الى الدنيا في اخر دولة القائم عليه السلام يطلب بدمه ودم اصحابه يوم كربلا ومما يدل على هذا ما رواه المفيد في الاختصاص ( بسنده خ ) عن جابر قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول والله ليملكن رجل منا اهل البيت بعد موته ثلثمائة سنة ويزداد تسعا قال فقلت متى يكون ذلك فقال بعد موت القائم عليه السلام قال قلت له وكم يقوم القائم في عالمه حتى يموت قال تسعة عشر سنة من يوم قيامه الى يوم موته قال قلت له فيكون بعد موته الهرج قال نعم خمسين سنة ثم يخرج المنتصر المنصور الى الدنيا فيطلب بدمه ودماء اصحابه فيقتل ويسبى حتى يقال لو كان هذا من ذرية الانبياء ما قتل الناس كل هذا القتل فيجتمع عليه الناس ابيضهم واسودهم فيكثرون عليه حتى يلجئوه الى حرم الله فاذا اشتد عليه البلاء وقتل المنتصر خرج السفاح الى الدنيا غضبا فيقتل كل عدو لنا وهل تدري من المنتصر والسفاح يا جابر المنتصر الحسين بن عليّ والسفاح عليّ بن ابي طالب عليهما السلام اقول قد ذكر عليه السلام ان المراد بالمنصور والسفاح الحسين وعليّ بن ابي طالب عليهما السلام كما ذكرنا قبل فان قوله ومنا المنصور ومنا السفاح بعد قوله وفينا القائم ان المراد بالمنصور الحسين وبالسفاح امير المؤمنين عليهما السلام الا ان في حديث الاختصاص الذي اوردناه شاهدا اشكالين احدهما انه ذكر المنتصر وانه يخرج يطلب بدمه ودماء اصحابه وهو الحسين عليه السلام ونحن اتينا به شاهدا على المنصور وان كان فيه نسخة بالمنصور الا ان نسخة الاصل المنتصر وهو المتكرر في هذا الحديث وانما فسرناه بالمنصور كما في بعض نسخ الحديث للقرينة ولكن المستفاد من الاخبار ان المنتصر قد يطلقونه على القائم عليه السلام كما في حديث غيبة النعماني عن جابر عن ابي جعفر عليه السلام قال بلفظ حديث الاختصاص الى قوله تسعة عشر سنة وقال في حديث الغيبة ثم يخرج المنتصر فيطلب بدم الحسين عليه السلام ودماء اصحابه فيقتل ويسبى حتى يخرج السفاح فالمراد بالمنتصر والله العالم هو القائم عليه السلام بقرينة قوله فيطلب بدم الحسين عليه السلام ودماء اصحابه وقد يطلقونه ويريدون به الحسين عليه السلام كما في حديث الاختصاص بقرينة قوله ثم يخرج المنتصر الى الدنيا فيطلب بدمه ودماء اصحابه وكذلك المنصور قد يطلق ويراد به القائم عليه السلام كما في قوله تعالى فلا يسرف في القتل انه كان منصورا وورد عنهم عليهم السلام ان من اسماء الحجة عليه السلام منصورا وقد يطلق ويراد به الحسين عليه السلام كما ذكره ( ذكر خ ) في الحديث السابق في قوله وفينا القائم ومنا السفاح والمنصور فانه لما ذكر القائم تعين ان المراد بالمنصور هو الحسين عليه السلام فظهر ان المنتصر في حديث الاختصاص هو الحسين عليه السلام وما في حديث العياشي الاتي من قوله مات المنتصر يراد بالمنتصر هنا والله العالم هو القائم عليه السلام وخرج السفاح هو امير المؤمنين عليه السلام كما في هذا الحديث وقتل المنتصر خرج السفاح ويأتي ( وخ ) في حديث الاختصاص الثاني مثل ما في غيبة النعماني وزاد في اخره تفسير السفاح قال وهو امير المؤمنين عليه السلام وقد يطلق السفاح على الحسين عليه السلام كما روي ان اول من ينفض التراب عن رأسه هو السفاح وهو الحسين عليه السلام وفي تأويل الايات الباهرة باسناده عن بعض اصحابنا عن ابي عبد الله عليه السلام قال سألته عن قوله الله عز وجل ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا قال نزلت في الحسين عليه السلام لو قتل وليه اهل الارض ما كان مسرفا ووليه القائم عليه السلام

فصل - في ذكر بعض ما ورد في رجعة الحسين عليه السلام في الخرائج والجرائح للشيخ الامام قطب ‌الدين سعيد بن هبة‌ الله الراوندي بسنده عن جابر عن ابي جعفر عليه السلام قال قال الحسين عليه السلام لاصحابه قبل ان يقتل ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال ( لي خ ) يا بني انك ستساق الى العراق وهي قد التقى بها النبيون واوصياء النبيين وهي ارض تدعى عمورا وانك تستشهد بها ويستشهد معك جماعة من اصحابك لا يجدون الم مس الحديد وتلا ( قلنا خ ) يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم يكون الحر بردا وسلاما عليك وعليهم فابشروا فوالله لئن قتلونا فانا نرد على نبينا قال ثم امكث ما شاء الله ثم اكون اول من تنشق الارض عنه فاخرج خرجة يوافق ذلك خرجة امير المؤمنين وقيام قائمنا وحيوة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم لينزلن على وفد من السماء من عند الله ولم ينزلوا الى الارض قط ولينزلن جبرئيل وميكائيل واسرافيل وجنود من الملائكة ولينزلن محمد وعليّ وانا واخي وجميع من من الله عليه في حمولات من حمولات الرب خيل بلق من نور لم يركبها مخلوق ثم ليهزن محمد لواءه وليدفعنه الى قائمنا مع سيفه ثم انا نمكث من بعد ذلك ما شاء الله ثم ان الله يخرج من مسجد الكوفة عينا من دهن وعينا من ماء وعينا من لبن ثم ( ثم ان خ ) امير المؤمنين عليه السلام يدفع الى سيف رسول الله صلى الله عليه وآله ويبعثني ( يبعثن خ ) الى المشرق والمغرب فلا اتى عليّ عدو لله الا اهرقت دمه ولا ادع صنما الا احرقته حتى اقع الى الهند فافتحها وان دانيال ويوشع يخرجان الى امير المؤمنين عليه السلام يقولان صدق الله ورسوله ويبعث الله معهما الى البصرة سبعين رجلا فيقتلون مقاتليهم ويبعث مبعثا الى الروم فيفتح الله لهم ثم لاقتلن كل دابة حرم الله لحمها حتى لا يكون على وجه الارض الا الطيب واعرض على اليهود والنصاري وسائر الملل ولاخيرنهم بين الاسلام والسيف فمن اسلم مننت عليه ومن كره الاسلام اهرق لله ( الله خ ) دمه ولا يبقى رجل من شيعتنا الا انزل الله اليه ملكا يمسح عن وجهه التراب ويعرفه ازواجه ومنزلته في الجنة ولا يبقى على وجه الارض اعمى ولا مقعد ولا مبتلى الا كشف الله بلاءه بنا اهل البيت ولتنزلن البركة من السماء الى الارض حتى ان الشجرة لتقصف ( لتقصب خ ) بما يزيد الله فيها من الثمرة ولتؤكلن ثمرة الشتاء في الصيف وثمرة الصيف في الشتاء وذلك قوله تعالى ولو ان اهل الكتاب امنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض ولكن كذبوا فاخذناهم بما كانوا يكسبون ثم ان الله ليهب شيعتنا ( ليوجب لشيعتنا خ ) كرامة لا يخفى عليهم شيء في الارض وما كان فيها حتى ان الرجل منهم يريد ان يعلم علم اهل بيته فيخبرهم بعلم ما يعملون اقول قوله عليه السلام فانا نرد على نبينا صلى الله عليه وآله يعني بذلك اذا قتلوا ورد جسده الشريف على رسول الله صلى الله عليه وآله ووردت روحه الطاهرة وارواح المستشهدين معه عليه السلام ثم يعود جسده الى موضع قبره وما ورد من ان اجسادهم لا تبقى في الارض الا ثلثة ايام او اكثر الى اربعين يوما ثم ترفع الى السماء ومن ان الحسين عليه السلام لو نبش في ايامه لوجد في قبره واما الان فلا يوجد لانه رفع الى السماء ومن انه معلق بالعرش وانه دائما ينظر الى موضع قبره وزواره ويستغفر لهم ويسأل اباه ان يستغفر لهم وانه يسئل الله وينتظر متى يؤمر بحمل العرش ومن انه انما تزار مواضع ( موضع خ ) حفرهم فقد كتبنا بيان ذلك في بعض اجوبتنا مبينا مشروحا من اراده طلبه من ( في خ ) اجوبة مسائل الملا مهدي ومختصر الجواب اجمالا ان اجساد المعصومين تبقى بشريتها ملازمة لها ثلاثة ايام الى اربعين يوما على اختلاف مراتب المعصومين في اللطافة وشدة النورية فالقوي تبقى ثلاثة ايام والضعيف تبقى اربعين يوما وما بينهما بالنسبة فما دامت البشرية موجودة في الاجساد ( فالاجساد خ ) موجودة في الارض ولو نبشت رئيت واذا فارقت صورة ( الصورة خ ) البشرية التي هي الكثافة لم تر الاجساد ولو نبشت لم توجد وان كانت في محالها للطافتها فلا تراها الا عين ( ابصار خ ) المعصومين ويعبر عن هذه الغيبوبة التي حصلت من خلعها الكثافة بالرفع الى السماء وبالنزول الى الارض بلبسها كثافة ( يلبسها الكثافة خ ) البشرية فافهم ( وافهم خ ) هذه القاعدة واعرف منها كلما ورد من هذا النحو واما ابصار المعصومين عليهم السلام فيرونها فلو نبشها المعصوم وجدها في كل وقت الى يوم القيمة ولهذا نبش نوح عليه السلام ادم عليه السلام من مكة او من سرنديب وحمله الى النجف الاشرف فان قلت انما حمل عظامه قلت ان الروايات الواردة في رفعها الى السماء مصرحة برفع اللحوم والعظام وغيرهما وايضا المراد بالعظام جميع الجسد والعرب يعبرون عن الجسد بالعظام قال الشاعر يرثي طلحة الطلحات وهو طلحة بن عبد الله ( عبيدالله خ ) بن خلف قال :

رحم الله اعظما دفنوها بسجستان طلحة الطلحات

سمي بذلك لان امه صفية بنت الحارث بن طلحة بن ابي طلحة بن عبد مناف فقال الشاعر رحم الله اعظما ويريد به الجسد وايضا لو كانت ترفع او تبلى لم يجدها نوح عليه السلام وكان بين موت ادم عليه السلام وحمل نوح عليه السلام لجسده على ما رواه المسعودي في مروج الذهب الف سنة وخمسمائة سنة واربعة‌ عشرة سنة وكذلك موسى عليه السلام حمل يوسف عليه السلام من النيل الى بيت المقدس وبينهما تقريبا اربعمائة سنة واما ان الحسين عليه السلام معلق بالعرش فلأنه يراد به جسمه الذي هو الروح الشريفة او مع الجسد بعد خلع البشرية فانه في رتبة العرش حينئذ ومعنى انه ينتظر متى ( حتى خ ) يؤمر بحمل العرش انه ينتظر متى ( حتى خ ) يكر فيطلب بدمه ودماء اصحابه لان المراد به العرش هنا اي في مقام حمل العرش الدين فاذا كر اقام الدين الذي من جملته الطلب بدمائهم وقوله عليه السلام ثم امكث ما شاء الله اشارة الى مدة ما بين قتله وكرته عليه السلام وقوله فاكون اول من تنشق عنه الارض بعد ان يظهر القائم عليه السلام ( لان خ ) القائم عليه السلام حي لم يمت فاذا ظهر ومضى ملكه تسع وخمسون سنة تقريبا كما مرت الاشارة اليه خرج الحسين عليه السلام وقوله عليه السلام فاخرج خرجة توافق ذلك خرجة امير المؤمنين وقيام قائمنا وحيوة رسول الله صلى الله عليه وآله يراد منه والله سبحانه وهم عليهم السلام اعلم ان كرة الحسين عليه السلام بعد ظهور القائم عليه السلام بتسع وخمسين سنة كما مر ويطول عمره وملكه على ما يظهر لي من احاديثهم عليهم السلام خمسين الف سنة حتى تسقط حاجباه على عينيه من الكبر ويربطهما بعصابة حتى يتمكن من النظر وليس بين رفعه مع ابائه وابنائه الطاهرين وبين نفخة اسرافيل عليه السلام نفخة الصعق الا اربعين يوما يكون فيها هرج ومرج كما ذكرناه مكررا فيكون خروجه هذا موافقا لظهور القائم عليه السلام لانه يدرك من مدة ملكه احدى ‌عشرة سنة وموافقا لخروج امير المؤمنين عليه السلام الاول لانه بعد موت القائم عليه السلام بثمان سنين ولخروج امير المؤمنين عليه السلام الثاني لانه عليه السلام يخرج الخروج الاول لنصرة ابنه الحسين عليه السلام ويعيش معه على ما يظهر لي ثلثمائة سنة وتسع سنين بل هو صريح رواية العياشي في تفسيره عن جابر قال سمعت ابا جعفر عليه السلام يقول والله ليملكن رجل منا اهل البيت الارض بعد موته ثلثمائة ويزداد تسعا قال قلت فمتى ذلك قال بعد موت القائم عليه السلام قال قلت وكم يقوم القائم عليه السلام في عالمه حتى يموت قال تسع ‌عشرة سنة من يوم قيامه الى يوم موته قال قلت فيكون بعد موته هرج قال نعم خمسين سنة قال ثم يخرج المنصور الى الدنيا فيطلب دمه ودم اصحابه فيقتل ويسبي حتى يقال لو كان هذا من ذرية الانبياء ماقتل الناس كل هذا القتل فيجتمع الناس عليه ابيضهم واسودهم فيكثرون عليه حتى يلجئوه الى حرم الله فاذا اشتد البلاء عليه مات المنتصر وخرج السفاح غضبا للمنتصر فيقتل كل عدو لنا ويملك الارض كلها ويصلح الله له امره ويعيش ثلثمائة سنة ويزداد تسعا ثم قال ابو جعفر عليه السلام يا جابر هل تدري من المنتصر والسفاح يا جابر المنتصر الحسين عليه السلام والسفاح امير المؤمنين صلوات الله عليه وعليهم اجمعين اقول مضي مثل هذا المعنى ويأتي وقد صرح عليه السلام بان امير المؤمنين عليه السلام يعيش في كرته الاولى ثلثمائة سنة وتسع سنين كما وجهنا فالمنصور في اول الحديث هو الحسين عليه السلام وقوله مات المنتصر هنا هو القائم عليه السلام وكذا في حديث الاختصاص وقتل ( قيل خ ) المنتصر هو القائم عليه السلام ولو اريد بالمنتصر في قوله مات المنتصر هو الحسين عليه السلام لقيل فاذا اشتد البلاء عليه مات لانه هو المذكور بقوله ثم يخرج المنصور فيطلب دمه فلما اراد بالمنتصر القائم عليه السلام هنا قال فاذا اشتد البلاء عليه اي على الحسين عليه السلام مات المنتصر اي القائم عليه السلام وفي قوله وخرج السفاح غضبا للمنتصر اي للحسين عليه السلام لان المنتصر يستعمل في القائم عليه السلام كما في حديث غيبة الطوسي في قوله ثم يخرج المنتصر فيطلب بدم الحسين عليه السلام ويستعمل في الحسين عليه السلام كما في حديث الاختصاص في قوله ثم يخرج المنتصر الى الدنيا فيطلب بدمه ودماء اصحابه ولهذا قال عليه السلام هنا يا جابر هل تدري من المنتصر والسفاح الخ وانما قلنا بان المراد بالمنتصر الذي يقتل ويموت قبل خروج السفاح اعني امير المؤمنين عليه السلام هو القائم عليه السلام لا الحسين عليه السلام لما دلت عليه احاديثهم بان القائم عليه السلام يقتل وبعبارة اخرى يموت قبل كرة امير المؤمنين عليه السلام بتسع‌عشرة سنة والحسين عليه السلام يبقى بعده ثم يقتل لعن الله قاتله ويبقى الحسين عليه السلام بعد ابيه ثم يخرج الخروج الثاني مع جميع شيعته على ما سيأتي ان شاء الله تعالى وبين الخروجين اي بين موته اذا قتل وبين خروجه ثانيا على ما فهمت من رواياتهم عليهم السلام اربعة الاف سنة على رواية او ستة الاف سنة على رواية اخرى او عشرة الاف سنة على رواية اخرى وذلك لانه ورد ان ( مدة خ ) ملك الحسين عليه السلام خمسون الف سنة ومدة ملك عليّ عليه السلام ستة واربعون الف سنة على رواية وعلى اخرى اربعة واربعون الف سنة وعلى اخرى اربعون الف سنة والظاهر من هذه المدة مدة الخروج الثاني واما الخروج الاول الذي حملنا عليه روايات الثلثمائة سنة وتسع سنين فيحتمل انه غير هذه المدة الاخيرة على الظاهر لانه عليه السلام انما خرج في الاولى لنصرة ابنه الحسين عليهما السلام فلا تحسب من ملكه ويحتمل كونها من الاخيرة والله اعلم ومدة خروجه الاخير تقرب من مدة حيوة رسول الله صلى الله عليه وآله لانه ينزل من السماء بعد خروج امير المؤمنين عليه السلام هذا والحسين عليه السلام موجود في الدنيا لانه قتل يوم كربلا لعن الله قاتله وبقيت له ميتة وهي مع ميتة ابائه وابنائه الطاهرين صلى الله عليهم اجمعين وكذلك القائم عليه السلام بعد قتله في اوائل خروج الحسين عليه السلام ويكر ويموت مع موتهم عليهم السلام وموتهم الثاني هو رفعهم الى السماء رفعا حقيقيا ( حقيقة خ ) ليس كما قلنا في رفع اجسادهم بعد الموت بثلاثة ايام وليس لاحد من الخلق قتلتان وخروجان وموتة غير امير المؤمنين صلوات الله عليه ولذا قال عليه السلام انا الذي اقتل مرتين واحيي مرتين ولي الكرة بعد الكرة والرجعة بعد الرجعة واما ما دل على خروجهم كلهم عليهم السلام عند قيام القائم عليه السلام قبل ظهوره لسائر الناس فالذي فهمت من احاديثهم صلى الله عليهم ان ذلك خروج الاذن للقائم عليه السلام في الظهور والمبايعة له على ذلك مبايعة الاذن والرخصة والرضاء من الله عز وجل ثم منهم وليس من ملكهم بذاتهم وان كان من ملكهم بالقائم عليه السلام كما يشعر ( به خ ) قوله عليه السلام بعد هذا الكلام على احد وجهيه ولينزلن محمد وعليّ وانا واخي وجميع من من الله عليه في حمولات من حمولات الرب خيل بلق من نور لم يركبها مخلوق ثم ليهزن محمد لواءه وليدفعنه الى قائمنا مع سيفه ثم انا نمكث من بعد ذلك ما شاء الله والوجه الاخر يأتي وقوله عليه السلام ثم لينزلن مع على وفد من السماء من عند الله لم ينزلوا الى الارض قط ولينزلن الى جبرئيل وميكائيل واسرافيل وجنود من الملائكة ثم ليهزن محمد الخ يحتمل ان يكون نزول هذا الوفد وهذه الملائكة في ظهور القائم عليه السلام وقبل قتله او عند ظهوره ويحتمل ان يكون ذلك في رجعة القائم عليه السلام فان محمدا صلى الله عليه وآله يبعث كل واحد منهم عليهم السلام في بعث للجهاد في اقطار الارض او يكون الباعث عليّ عليه السلام عن امر محمد صلى الله عليه وآله وهذا الاحتمال الثاني هو الوجه الثاني في قولي على احد وجهيه وقوله ثم انا نمكث من بعد ذلك ما شاء الله الظاهر لي من هذا الكلام على ما فهمته من معاني احاديثهم ان هذا المكث هو منذ قام بالامر بعد قتل الحجة عليه السلام الى خروج امير المؤمنين عليه السلام الخروج الثاني او الى خروج امير المؤمنين عليه السلام الاول او منذ قتل امير المؤمنين عليه السلام بعد الخروج الاول الى الكرة الثانية اي الخروج الثاني والاول اظهر عندي والله اعلم وقوله عليه السلام ثم ان الله يخرج من مسجد الكوفة عينا من دهن الخ الظاهر انه في كرة امير المؤمنين عليه السلام الثانية وقوله عليه السلام ثم ان امير المؤمنين عليه السلام يدفع الى سيف رسول الله صلى الله عليه وآله الظاهر انه في الكرة الثانية لامير المؤمنين عليه السلام وباقي الحديث متعلق بالكرة الثانية التي يجتمع فيها محمد واهل بيته اجمعون صلى الله عليهم وفي منتخب البصائر للحسن بن سليمان الحلي بسنده عن حمران عن ابي جعفر عليه السلام قال ان اول من يرجع لجاركم الحسين عليه السلام فيملك حتى تقع حاجباه على عينيه من الكبر وفيه عن محمد بن مسلم قال سمعت حمران بن اعين وابا الخطاب يحدثان جميعا قبل ان يحدث ابوالخطاب ما احدث انهما سمعا ابا عبد الله عليه السلام يقول اول من تنشق الارض عنه ويرجع الى الدنيا الحسين بن عليّ عليهما السلام وان الرجعة ليست بعامة وهي خاصة لا يرجع الا من محض الايمان محضا او محض الشرك محضا اقول قوله عليه السلام اول من تنشق عنه الارض الخ اي من الائمة عليهم السلام والا فان كثيرا ممن يرجع مع القائم عليه السلام يخرجون من قبورهم بين جمادي ورجب من السنة التي يخرج فيها عليه السلام كما صرحت به الروايات وقوله وهي خاصة لا يرجع الا من محض الخ وقوله لا يرجع الا من محض الايمان محضا ومحض الشرك محضا هذا هو الموجود في الاخبار المتكثرة المتواترة معنى انه لا يرجع الا من محض الايمان ومحض الشرك وفي بعضها الكفر وفي بعضها النفاق محضا ولا اشكال فيه نعم ورد ان اناسا ممن لم يمحض الايمان محضا ولا الشرك محضا وليسوا من اهل الرجعة ولا ممن يسئلون في قبورهم يرجعون وذلك لان بعضهم له قصاص والبعض الاخر عليه القصاص فيرجع القاتلون والمقتولون حتى يستوفوا قصاصهم من قاتليهم ويعيشون بعد اخذ ثارهم ثلثين شهرا ثم يموتون في ليلة واحدة وهو ما رواه في منتخب البصائر عن ابي ‌ابرهيم موسى بن جعفر عليهما السلام قال لترجعن نفوس ذهبت وليقتص يوم يقوم ومن عذب يقتص بعذابه ومن اغيظ بغيظه ومن قتل اقتص بقتله وترد لهم اعدائهم معهم حتى يأخذوا بثارهم ثم يعمرون بعدهم ثلاثين شهرا ثم يموتون في ليلة واحدة قد ادركوا ثارهم وشفوا انفسهم ويصير عدوهم الى اشد النار عذابا ثم يوقفون بين يدي الجبار عز وجل فيؤخذ لهم بحقوقهم وفي منتخب البصائر عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان الذي يلي حساب الناس قبل يوم القيمة الحسين بن عليّ عليهما السلام فاما يوم القيمة فانما هو بعث الى الجنة وبعث الى النار اقول اعلم ان ايام المجازاة على الاعمال ثلثة الدنيا والبرزخ والاخرة فاما الاعمال التي لا ايمان معها عن تعمد او لا اخلاص فجزاؤها في الدنيا بدفع بعض البلايا وادرار الرزق وكثرة الاموال والارزاق واما الاعمال التي لا ايمان معها عن جهل وما اشبه ذلك من خطاء و ( او خ ) غفلة فجزاؤها في البرزخ بدفع عذاب القبر او فتح باب من الجنة الى القبر فيدخل عليه الروح واما الاعمال التي وقعت عن ايمان ومعرفة فجزاؤها في الاخرة وتسمى الاعمال وتوصف بمحالها وتنسب الى اوقات المجازاة عليها فالاعمال ( فاما الاعمال خ ) البرزخية التي يكون المجازاة عليها في البرزخ اذا كان من اهل الرجعة وقعت المجازاة عليها في الرجعة لان الرجعة من نوع البرزخ الا ترى ان المؤمن اذا مات التحقت روحه بجنة الدنيا وان كان كافرا او مشركا او منافقا التحقت روحه بنار الدنيا وجنة الدنيا هي الجنتان المدهامتان وهي تخرج في الرجعة كما يأتي عند مسجد الكوفة فاذا كان على المكلف او له شيء من المجازاة البرزخية كان المحاسب عليها هو الحسين عليه السلام واما ما لا يتعلق بتلك الاعمال البرزخية من الاعمال الاخروية اذا كان حوسب المكلف على الاعمال البرزخية وجوزي عليها في البرزخ وحضر يوم القيمة يحاسب عن الاعمال الاخروية فاذا استحق دخول الجنة او النار بالاعمال الاخروية بعد المحاسبة عليها بعث به الى الجنة ( به الجنة خ ) او النار ولم يتوقف دخول ما يستحقه على شيء من الاعمال البرزخية لانه قد حاسبه الحسين عليه السلام عليها وليس معنى الحديث والله ( سبحانه هو خ ) العالم ان جميع حساب الخلائق يقع في الرجعة بل المعنى ان الحساب على الاعمال البرزخية يقع في الرجعة ولا يعاد الحساب عليها يوم القيمة فافهم وفيه عن معلي بن خنيس وزيد الشحام عن ابي عبد الله عليه السلام قالا سمعناه يقول ان اول من يكر في الرجعة الحسين بن عليّ عليه السلام ويمكث في الارض اربعين الف سنة حتى تسقط حاجباه على عينيه اقول لعل المراد بملكه ( بمكثه خ ) اربعين الف سنة حال استقرار ملكه لانه قبل خروج ابيه امير المؤمنين عليه السلام في الكرة الثانية لم يستقر ملكه بل هو في اشد المجاهدة لاعداء الله وعلى هذا فاستقرار ملكه يقرب من ذلك وفي تفسير العياشي عن رفاعة بن موسى قال قال ابو عبد الله عليه السلام ان اول من يكر الى الدنيا الحسين بن عليّ عليهما السلام واصحابه ويزيد بن معوية واصحابه فيقتلهم حذو القذة بالقذة ثم قال ابو عبد الله عليه السلام ثم رددنا لكم الكرة عليهم وامددناكم باموال وبنين وجعلناكم اكثر نفيرا وفي الاختصاص عن ابي عبد الله عليه السلام سئل عن الرجعة أحق هي قال نعم فقيل له من اول من يخرج قال الحسين عليه السلام يخرج على اثر القائم عليه السلام فقلت معه الناس كلهم قال لا بل كما ذكره الله تعالى في كتابه يوم ينفخ في الصور فتأتون افواجا قوم بعد قوم وعنه عليه السلام ويقبل الحسين عليه السلام في اصحابه الذين قتلوا معه ومعه سبعين ( سبعون خ ) نبيا كما بعثوا عليّ ( مع خ ) موسى بن عمران عليه السلام فيدفع اليه القائم عليه السلام الخاتم فيكون الحسين عليه السلام هو الذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ويواريه في حفرته وفي كامل الزيارة بسنده عن بريد العجلي قال ( قال قلت خ ) لابي عبد الله عليه السلام يا ابن رسول الله اخبرني عن اسمعيل الذي ذكره الله في كتابه حيث يقول واذكر في الكتاب اسمعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا اكان اسمعيل بن ابراهيم عليهما السلام فان الناس يزعمون انه اسمعيل بن ابراهيم فقال ان اسمعيل مات قبل ابراهيم وان ابراهيم كان حجة لله ( الله خ ) فانما هو صاحب شريعة فالي من ارسل اسمعيل اذا قلت فمن كان جعلت فداك قال ذلك اسمعيل بن حزقيل النبي عليه السلام بعثه الله الى قومه فكذبوه وقتلوه وسلخوا فروة وجهه فغضب الله له عليهم فوجه اليهم سطاطائيل ملك العذاب فقال له يا اسمعيل انا سطاطائيل ملك العذاب وجهني رب العزة اليك لاعذب قومك بانواع العذاب ان شئت فقال له اسمعيل لا حاجة لي في ذلك يا سطاطائيل فاوحي الله اليه فما حاجتك يا اسمعيل فقال يا رب انك اخذت الميثاق لنفسك بالربوبية ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة ولاوصيائه بالولاية واخبرت خلقك بما تفعل امته بالحسين بن عليّ عليهما السلام من بعد نبيها وانك وعدت الحسين ان تكره الى الدنيا حتى ينتقم بنفسه ممن فعل ذلك به فحاجتي اليك يا رب ان تكرني الى الدنيا حتى انتقم ممن فعل ذلك بي ما فعل كما تكر الحسين بن عليّ فوعد الله اسمعيل بن حزقيل ذلك فهو يكر مع الحسين بن عليّ عليهما السلام وفي كنز الفوائد لابي ‌الفتح محمد بن عليّ الكراجكي الذي قرأ على المرتضى ( الموثقين خ ) والشيخ بسنده عن سليمان بن خالد قال قال ابو عبد الله عليه السلام في قوله تعالى يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قال الراجفة الحسين بن عليّ عليهما السلام والرادفة عليّ بن ابي طالب عليه السلام واول من ينفض التراب عن رأسه الحسين بن عليّ عليهما السلام في خمسة وسبعين الفا وهو قوله تعالى انا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحيوة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار وفي كامل الزيارة لابن ( قال ابن خ ) قولويه عن ابي عبد الله عليه السلام قال كأني بسرير من نور قد وضع وقد ضربت عليه قبة من ياقوتة حمراء مكللة بالجوهر وكأني بالحسين عليه السلام جالسا على ذلك السرير وحوله تسعون الف قبة خضراء وكأني بالمؤمنين يزورونه ويسلمون عليه فيقول الله عز وجل لهم اوليائي سلوني فطال ما اوذيتم وذللتم واضطهدتم فهذا يوم لا تسئلوني حاجة من حوائج الدنيا والاخرة الا قضيتها لكم فيكون اكلهم وشربهم من الجنة فهذه والله الكرامة اقول قوله من حوائج الدنيا والاخرة صريح في ان ذلك في الرجعة لان الاخرة لا يسئل فيها حوائج الدنيا وهذا الحديث يؤيد ما ذكرنا قبل من ان الجنتين المدهامتين تظهران في الرجعة لقوله فيكون اكلهم وشربهم من الجنة وامثال هذه الاحاديث كثيرة

فصل - ومما جاء في رجعة امير المؤمنين صلوات الله عليه وانه دابة الارض في منتخب البصائر بسنده عن الاصبغ بن نباتة قال قال لي معوية يا معشر الشيعة تزعمون ان عليا دابة الارض فقلت نحن نقول اليهود تقوله فارسل الى رأس‌الجالوت فقال ويحك تجدون دابة الارض عندكم فقال نعم فقال ما هي فقال رجل فقال أتدري ما اسمه قال نعم اسمه اليا قال فالتفت اليّ فقال ويحك يا اصبغ ما اقرب اليا من عليّ عليا وفي كنز الكراجكي بسنده عن ابي ‌الجارود عمن سمع عليا صلوات الله عليه يقول العجب كل العجب بين جمادي ورجب فقام رجل فقال يا امير المؤمنين ما هذا العجب الذي لا تزال تعجب منه فقال ثكلتك امك واي عجب اعجب من اموات يضربون كل عدو لله ورسوله ( لرسوله خ ) ولاهل بيته وذلك تأويل هذه الاية يا ايها الذين امنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الاخرة كما يئس الكفار من اصحاب القبور فاذا اشتد القتل قلتم مات او هلك او اي واد سلك وذلك تأويل هذه الاية ثم رددنا لكم الكرة عليهم وامددناكم باموال وبنين وجعلناكم اكثر نفيرا اقول قوله واي عجب اعجب من اموات الخ يشير الى العجب الذي يكون بين جمادي ورجب وذلك لانه اذا كانت السنة التي يخرج فيها القائم عليه السلام امطر الناس ( السماء خ ) جمادي الاخر وعشرة ايام من رجب مطرا لم ير الخلائق مثله وروي اربعين مطرة وروي اربعين يوما اخرها بين جمادي ورجب حتى انه لتقع اكثر بيوت اهل الدنيا فتنبت به لحوم المؤمنين وابدانهم في قبورهم قال الصادق عليه السلام وكأني انظر اليهم مقبلين من قبل جهينة ينفضون شعورهم من التراب وقوله عليه السلام وذلك تأويل هذه الاية يا ايها الذين امنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم الاية يراد منه ان اولئك المنكرون ( المنكرين خ ) للرجعة انما يتمسكون في شبهتهم بانكار البعث قبل يوم القيمة فاخبر عليه السلام بان الاموات ممن محض الايمان محضا ومحض الكفر محضا يبعثون في الرجعة والدليل عليه ان الله اخبر بان الذين غضب الله عليهم من اعداء آل محمد صلى الله عليه وآله ينكرون البعث في الرجعة كما ينكر الكفار البعث يوم القيمة لان المنكرين للرجعة ولبعث الاموات فيها لا ينكرون البعث يوم القيمة وسمي عليه السلام الرجعة بالاخرة لانها بعد الدنيا فهي الاخرة الصغرى ثم انه عز وجل اكد وقوع البعث وحيوة الاموات في الرجعة بان نهي المؤمنين عن ان يتولوا منكري البعث في الرجعة بل ( امرهم ان خ ) يتبرءوا منهم وما ذكرنا هو التأويل المشار اليه وقوله عليه السلام فاذا اشتد القتل يعني به القتل الذي قبل قيام القائم عليه السلام فانه حينئذ يشك كثير ممن يقول به الا من ثبته الله بالقول الثابت ويقولون مات القائم عليه السلام او هلك او اي واد سلك فاذا بلغ بهم الامر الى هذه الحال اتى الله بالفرج فاذن الله لوليه بالظهور عجل الله فرجه وهو تأويل قوله تعالى ثم رددنا لكم الكرة عليهم الاية وهو احد وجوه التأويل فيها وعلى بعضها يراد به ( بها خ ) كرة الحسين عليه السلام وعلى بعضها يراد به بنوامية ( بها كرة بني امية خ ) وظهور يزيد بن معوية لعنهما الله ( وغيرهم خ ) على الحسين عليه السلام وامدادهم بالاموال والبنين والجنود ليختبرهم حتى قتلوه عليه السلام في كربلاء وفي رجال الكشي بسنده عن جعفر بن فضيل قال قلت لمحمد بن فرات لقيت انت الاصبغ قال نعم لقيته مع ابي فرأيته شيخا ابيض الراس وقال له ابي حدثنا بحديث سمعته من امير المؤمنين عليه السلام قال سمعته يقول ( وهو خ ) على المنبر انا سيد الشيب وفي سنة من ايوب ليجمعن الله لي شملي كما جمعه لايوب قال فسمعت هذا الحديث انا وابي من الاصبغ بن نباتة قال فما مضى بعد ذلك الا قليلا حتى توفي رحمة الله عليه وفي منتخب البصائر من كتاب الغارات لابراهيم بن محمد الثقفي روي حديثا عن امير المؤمنين عليه السلام منه قيل له فما ذوالقرنين قال رجل بعثه الله الى قومه فكذبوه وضربوه على قرنه فمات ثم احياه الله ثم بعثه الله الى قومه فكذبوه وضربوه على قرنه الاخر فمات ثم احياه الله فهو ذوالقرنين لانه ضربت قرناه وفي حديث اخر وفيكم مثله يريد نفسه اقول مضمون هذا الحديث موجود في احاديث كثيرة وهو يدل على ان امير المؤمنين عليه السلام يقتل مرتين ويحيي مرتين كما صرح به عليه السلام في كثير من احاديثه وخطبه وحديث النبي ( الحديث النبوي خ ) صلى الله عليه وآله الموجود المقبول عند الفريقين بان كل ما كان في الامم الماضية يكون في هذه الامة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه شاهد بان امير المؤمنين عليه السلام يقتل مرتين ويحيى مرتين لانه لم يدع لاحد غيره ولم يدعه سواه للاتفاق على ان ذاالقرنين ضرب على قرنه ( في طاعة الله خ ) فمات واحياه الله وضرب على قرنه فمات فاحياه الله فلما قال عليه السلام وفيكم مثله وقال عليه السلام انا ذو قرنيها وقال عليه السلام انا الذي اقتل مرتين واحيى مرتين ولي الكرة بعد الكرة والرجعة بعد الرجعة مع انه معصوم مطهر من الكذب ( والخطأ والسهو والغفلة والنسيان خ ) لم يبق لمؤمن توقف ولا لمعاند حجة بعد اعترافه بالملزومات وقوله عليه السلام وفي سنة من ايوب ليجمعن الله لي كما جمعه لايوب ( لي شملي خ ) صريح في رجوع الائمة كلهم عليهم السلام بصريح الحديث المتفق عليه فان في الامم الماضية كان مثل ذلك كما في ايوب فان الله سبحانه قال واتيناه اهله ومثلهم معهم فلا بد ان يكون في هذه الامة من يرجع اليه اهله ومثلهم معهم في الدنيا بعد الموت كما في ايوب وفيه عن عباية قال سمعت عليّا يقول انا سيد الشيب وفي سنة من ايوب لان ايوب ابتلى ثم عافاه الله من بلواه واتاه اهله ومثلهم معهم كما حكى الله سبحانه وقوله عليه السلام والله ليجمعن الله لي اهلي كما جمع ليعقوب وذلك ان يعقوب فرق بينه وبين اهله برهة من الزمان ثم جمعوا له وفي بصائر الدرجات بسنده عن سلمان الفارسي عن امير المؤمنين عليه السلام قال انا صاحب الميسم وانا الفاروق الاكبر وانا صاحب الكرات ودولة الدول الخبر اقول قوله عليه السلام انا صاحب الميسم يعني انا دابة الارض التي تسم المؤمن بعصى موسى او ( وخ ) خاتم سليمان عليه السلام فيبيض وجهه وتسم الكافر بعصى موسى عليه السلام او ( وخ ) خاتم سليمان عليه السلام فيسود وجهه والترديد على اختلاف الروايتين وعن جابر عن ابي عبد الله الجدلي قال دخلت على عليّ بن ابي ‌طالب عليه السلام يوما فقال انا دابة الارض وقد روي عنه عليه السلام انه قال بعد ذكر قتل الدجال الا ان بعد ذلك الطامة الكبرى قلنا وما ذاك يا امير المؤمنين قال خروج دابة الارض عند الصفا معها خاتم سليمان وعصى موسى يضع الخاتم على وجه كل مؤمن فينطبع فيه هذا مؤمن حقا ويضعه على وجه كل كافر فيكتب ( فينطبع خ ) فيه هذا كافر حقا الحديث وانما قلنا على اختلاف الروايتين لان ( لانه خ ) في بعضها يضع خاتم سليمان على وجه المؤمن ويسم الكافر او يحطم انف الكافر بعصى سليمان وفي بعضها يسم المؤمن بعصى موسى ويسم الكافر بخاتم سليمان ولكل في الاعتبار معنى وفي منتخب البصائر من كتاب الواحدة بسنده عن عاصم بن حميد عن ابي جعفر ( الباقر خ ) عليه السلام قال قال امير المؤمنين صلوات الله عليه ان الله تبارك ( وتعالى خ ) احد واحد تفرد في وحدانيته ثم تكلم بكلمة فصارت نورا ثم خلقت من ذلك النور محمدا صلى الله عليه وآله وخلقني وذريتي ثم تكلم بكلمة فصارت روحا فاسكنه الله في ذلك النور واسكنه في ابداننا فنحن روح الله وكلما ته فبنا احتج على خلقه فمازلنا في ظلة خضراء حيث لا شمس ولا قمر ولا ليل ولا نهار ولا عين تطرف نعبده ونقدسه ونسبحه وذلك قبل ان يخلق الخلق واخذ ميثاق الانبياء بالايمان والنصرة لنا وذلك قوله عز وجل واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه يعني لتؤمنن بمحمد صلى الله عليه وآله ولتنصرن وصيه وينصرونه جميعا وان الله اخذ ميثاقي مع ميثاق محمد صلى الله عليه وآله بالنصرة بعضا لبعض فقد نصرت محمدا صلى الله عليه وآله وجاهدت بين يديه وقتلت عدوه ووفيت لله بما اخذ عليّ من العهد والميثاق والنصرة لمحمد صلى الله عليه وآله ولم ينصرني احد من انبياء الله ورسله وذلك لما قبضهم الله اليه وسوف ينصرونني ويكون لي ما بين مشرقها الى مغربها وليبعثهم الله احياء من لدن ادم الى محمد صلى الله عليه وآله كل نبي مرسل يضربون بين يدي بالسيف هام الاموات والاحياء والثقلين جميعا فيا عجبا وكيف لا اعجب من اموات يبعثهم الله احياء يلبون زمرة زمرة بالتلبية لبيك لبيك يا داعي الله قد تخللوا سكك الكوفة قد شهروا سيوفهم على عواتقهم ليضربوا بها هام الكفرة وجبابرتهم واتباعهم من جبابرة الاولين والاخرين حتى ينجز الله ما وعدهم في قوله عز وجل وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا اي يعبدونني امنين لا يخافون احدا في ( من خ ) عبادي ليس عندهم تقية وان لي الكرة بعد الكرة والرجعة بعد الرجعة وانا صاحب الرجعات والكرات وصاحب الصولات والنقمات ( النعمات خ ) والدولات العجيبات وانا قرن من حديد وانا عبد الله واخو رسول الله صلى الله عليه وآله وانا امين الله وخازنه وعيبة سره وحجابه ووجهه وصراطه وميزانه وانا الحاشر الى الله وانا كلمة الله التي يجمع بها المتفرق ويفرق بها المجتمع وانا اسماء الله الحسنى وامثاله العليا واياته الكبرى وانا صاحب الجنة والنار اسكن اهل الجنة الجنة واسكن اهل النار النار والى تزويج اهل الجنة والى عذاب اهل النار والى اياب الخلق جميعا وانا الاياب ( الباب خ ) الذي يؤب اليه كل شيء بعد القضاء والى حساب الخلق جميعا وانا صاحب الهنات وانا المؤذن على الاعراف وانا امير المؤمنين ويعسوب المتقين واية السابقين ولسان الناطقين وخاتم الوصيين ووارث النبيين وخليفة رب العالمين وصراط ربي المستقيم وقسطاسه والحجة على اهل السموات والارضين ( وما فيهما خ ) وما بينهما وانا الذي احتج الله به عليكم في ابتداء خلقكم وانا الشاهد يوم الدين وانا الذي علمت علم المنايا والبلايا والقضايا وفصل الخطاب والانساب واستحفظت ايات النبيين المستحقين المستحفظين وانا صاحب العصى والميسم وانا الذي سخرت لي السحاب والرعد والبرق والظلم والانوار والرياح والجبال والبحار والنجوم ( والشمس خ ) والقمر وانا قرن الحديد ( القرن الجديد خ ) وانا فاروق الامة وانا الهادي وانا الذي احصيت كل شيء عددا بعلم الذي اودعنيه ( بالعلم الذي اودعه خ ) وبسره الذي اسره الى محمد صلى الله عليه وآله واسره النبي صلى الله عليه وآله الى وانا الذي انحلني ربي اسمه وكلمته وحكمته وعلمه وفهمه يا معشر الناس اسئلوني قبل ان تفقدوني اللهم اني اشهدك واستعديك عليهم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين متبعين امره اقول لا يمكنني بيان ما اعرف من هذا الخبر الشريف لان بيانه على ما اعرف يكون منه ربما اكثر مما كتبت في هاتين المسئلتين العصمة والرجعة كله وما لا اعرف اكثر مما اعرف بكثير غير متناه واما ظاهر الفاظه فلا اشكال فيها والقرن بفتح القاف الحصن والله اعلم وفي تفسير العياشي عن صالح بن ميثم قال سألت ابا جعفر عليه السلام عن قول الله وله اسلم من في السموات والارض طوعا وكرها قال حين يقول عليّ عليه السلام انا اولى الناس بهذه الاية واقسموا بالله جهد ايمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن اكثر الناس لا يعلمون الى قوله كاذبين اقول قوله عليه السلام في الجواب حين يقول الى اخر يريد عليه السلام ان تأويل هذه الاية وهي قوله وله اسلم من في السموات والارض الخ يحق في حين تحقق قوله تعالى واقسموا بالله جهد ايمانهم وذلك كما تقدم ان تأويل قوله واقسموا بالله الخ ان منكري الرجعة وبعث الاموات اقسموا بالله جهد ايمانهم لا يبعث الله من يموت في الرجعة وانما يبعث من يموت في القيمة لانهم ( بل انهم خ ) من المسلمين الذين لا ينكرون البعث يوم القيمة والدليل على انهم من المسلمين قوله تعالى واقسموا بالله جهد ايمانهم فان الكافرين والمشركين لا يقسمون بالله جهد ايمانهم وانما يقسمون باللات والعزى فرد الله على منكري البعث في الرجعة فقال بلى وعدا عليه حقا الاية فاذا كانت الرجعة وكان البعث كما وعد الله حق تأويل قوله وله اسلم الاية وانا اولى ( الناس خ ) بها انه ينقاد لي من في السموات والارض طوعا وكرها والى يرجعون في كل شيء وفي منتخب البصائر قال جابر قال ابو جعفر عليه السلام قال امير المؤمنين عليه السلام في قوله عز وجل ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين قال هو انا اذا خرجت انا وشيعتي وخرج عثمان بن عفان وشيعته ونقتل ( يقتل خ ) بني امية فعندها يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين وفي مناقب ابن شهراشوب عن الباقر عليه السلام في شرح قول امير المؤمنين عليه السلام على يدي تقوم الساعة قال يعني الرجعة قبل القيمة بنصر الله لي وبذريتي المؤمنين وفي تفسير عليّ بن ابراهيم قتل الانسان ما اكفره قال هو امير المؤمنين عليه السلام قال ما اكفره اي ماذا فعل واذنب حتى قتلوه ثم قال من اي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره قال يسر له طريق الخير ثم اماته فاقبره ثم اذا شاء انشره قال في الرجعة كلا لما يقض ما امره اي لم يقض امير المؤمنين عليه السلام ما قد امره وسيرجع حتى يقضي ما امره وعنه عن ابي ‌سلمة عن ابي جعفر عليه السلام قال سألته عن قول الله ( عز وجل خ ) قتل الانسان ما اكفره يعني بقتلكم اياه ثم نسب امير المؤمنين عليه السلام فنسب ( فينسب خ ) خلقه وما اكرمه الله به فقال من اي شيء خلقه يقول من طينة الانبياء فقدره للخير ثم السبيل يسره يعني سبيل الهدى ثم اماته ميتة الانبياء ثم اذا شاء انشره قال يمكث بعد قتله في الرجعة فيقضي ما امره اقول قوله عليه السلام في الرجعة متعلق بيمكث وقوله بعد قتله يحتمل بعد قتله في هذه الدنيا حين قتله ابن ‌ملجم لعنه الله فيكون المراد بمكثه في الرجعة حين يكر الكرة الاولى لنصرة ابنه الحسين عليه السلام وذلك بعد موت القائم عليه السلام بثمان سنين ويكون مكثه في هذه الكرة على ما وجهته من بعض الروايات ثلثمائة سنة وتسع سنين بل هو صريح رواية العياشي عن جابر كما تقدم فراجع ثم يقتل مرة ثانية لعن الله قاتله اولا واخرا ويمكث في موته اربعة الاف سنة او ستة الاف سنة او عشرة الاف سنة ثم يكر الكرات ( الكرة الثانية خ ) ويمكث في الدنيا الى قريب نفخة الصور نفخة الصعق ويحتمل بعد قتله في الرجعة في الكرة الاولى وهي كرة ( كرته خ ) الثانية وقد اشرنا الى هذا كله سابقا وفي منتخب البصائر من كتاب تأويل ما نزل من القرءان في النبي صلى الله عليه وآله بسنده عن ابي بصير عن ابي جعفر عليه السلام قال سألته عن قول الله عز وجل ان نشأ ننزل عليهم من السماء اية فظلت اعناقهم لها خاضعين قال فخضع ( تخضع خ ) لها رقاب بني امية قال ذلك بارز عند زوال الشمس قال وذلك عليّ بن ابي طالب صلوات الله عليه يبرز عند زوال الشمس على رؤس الناس ساعة حتى يبرز وجهه يعرف ( ليعرف خ ) الناس حسبه ونسبه ثم قال اما ان بني امية ليجيئن ( فيجيئن خ ) الرجل منهم الى جنب شجرة فتقول هذا رجل من بني امية فاقتلوه اقول قوله عليه السلام ذلك بارز ( عند زوال خ ) الشمس الى قوله يبرز عند زوال الشمس يحتمل ان المراد منه انه عليه السلام هو الذي يبرز في قرص الشمس في شهر رجب قبل ظهور القائم عليه السلام بخمسة اشهر او ستة اشهر لانه علامة ظهوره عليه السلام ويحتمل ان المراد منه انه عليه السلام يكر في الكرة الاولى او الثانية او فيهما عند الزوال ( زوال الشمس خ ) ويمكث ساعة بارزا للناس الى ان يعرف بحسبه ونسبه ولعل الاول اولى وفيه بسنده عن عبد الله بن سنان قال قال ابو عبد الله عليه السلام قال ( قال خ ) رسول الله صلى الله عليه وآله لقد اسرى بي عز وجل فاوحى الي من وراء حجاب ما اوحى وكلمني بما كلم به وكان مما كلمني به ان قال يا محمد اني انا الله لا اله الا انا عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم اني انا الله لا اله الا انا الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون اني انا الله لا اله الا انا الخالق البارئ المصور لي الاسماء الحسنى يسبح لي ما في السموات والارض وانا العزيز الحكيم يا محمد اني انا الله لا اله الا انا ( فانا خ ) الاول فلا شيء قبلي وانا الاخر فلا شيء بعدي وانا الظاهر فلا شيء فوقي وانا الباطن فلا شيء دوني وانا الله لا اله الا انا ( وانا خ ) بكل شيء عليم يا محمد عليّ اول من اخذ ميثاقه من الائمة يا محمد عليّ اخر من اقبض روحه من الائمة وهو الدابة الذي تكلمهم ( التي كلمهم خ ) يا محمد عليّ اظهره على جميع ما اوحيه اليك ليس لك ان تكتم منه شيئا يا محمد عليّ ابطنه الذي اسررته اليك فليس ما بيني وبينك سر دونه يا محمد عليّ على ما خلفت من حلال او حرام عليّ عليم به اقول قوله عليّ على ما خلفت الخ مبتدأ وقوله على ما خلفت جار ومجرور متعلق بالخبر الذي هو عليّ الثاني اي عليّ عالي على ما خلفت اي عليّ عالي الشأن وقوله عليم به خبر بعد خبر وقوله يا محمد عليّ اول من اخذ ميثاقه من الائمة عليهم السلام ظاهر فانه بعد النبي صلى الله عليه وآله فقال الله تعالى للخلق اجمعين كل في محل تقديره الست بربكم ومحمد نبيكم وعليّ وليكم وامامكم والائمة من ولده ائمتكم فقالوا بلى وقوله واخر من اقبض روحه من الائمة عليهم السلام فيه اشارة الى ( ان خ ) اخر من يقبض الجبار عز وجل روحه محمد صلى الله عليه وآله وقبله عليّ عليه السلام لان محمدا صلى الله عليه وآله قبل الخلق حيوة فيكون اخر الخلق قبضا ثم بعده على اول الائمة كونا واخرهم قبضا وقد تقدمت الاشارة الى ان ما بين ان يرفعهم الله تعالى من العالم وبين نفخ الصور نفخة الصعق اربعين ( اربعون خ ) يوما يكون فيها الهرج والمرج وهذا ان شاء الله تعالى لا اشكال فيه وانهم عليهم السلام يرفعون في وقت واحد نوعي اما ترتيب رفعهم وكم بين الاول والثاني فلم ‌اقف على ما يدل على ذلك نعم الذي استفدته من اقتباسات انوارهم من اخبارهم في تلويحات اسرارهم ان اول من يرفع منهم عليهم السلام فاطمة عليها السلام ثم الائمة الثمانية عليّ بن الحسين والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري صلوات الله عليهم اجمعين ثم الحسين ثم الحسن عليهما السلام ثم عليّ عليه السلام ثم رسول الله صلى الله عليه وآله ومما يلوح الى هذا ما اشار به في محمد وعلى صلى الله عليهما وآلهما فقال تعالى على اول من اخذ ميثاقه من الائمة عليهم السلام فدل على ان اخذ ميثاق رسول الله صلى الله عليه وآله قبل عليّ عليه السلام وقال تعالى على اخر من اقبض روحه من الائمة عليهم السلام فدل على ان قبض روح رسول الله صلى الله عليه وآله بعد قبض روح عليّ عليه السلام وان قبض روحيهما بعد قبض ارواح الائمة عليهم السلام كما ان ايجادهما قبل ايجادهم واخذ ميثاقهما قبل اخذ ميثاقهم صلى الله عليهم اجمعين وفيه بسنده عن ابان بن تغلب عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله عن بطنين من قريش كلام تكلموا به فقالوا يرى محمد صلى الله عليه وآله ان لو قد مضى ان هذا الامر يعود في اهل بيته من بعده فاعلم رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك فباح في مجمع من قريش بما كان يكتمه فقال كيف انتم معاشر قريش وقد كفرتم بعدي ثم رايتموني في كتيبة من اصحابي اضرب وجوهكم ورقابكم بالسيف قال فنزل جبرئيل عليه السلام فقال يا محمد قل ان شاء الله او يكون ذلك عليّ بن ابي‌ طالب عليه السلام ان شاء الله تعالى فقال جبرئيل عليه السلام واحدة لك واثنتان لعليّ بن ابي‌ طالب عليهما السلام وموعدكم السلام قال ابان جعلت فداك واين ( فاين خ ) السلام فقال عليه السلام يا ابان السلام من ظهر الكوفة اقول قوله عن بطنين من قريش الظاهر انهما تيم وعدي قوله فباح اي اظهر ما كتمه والكتيبة العسكر قوله فقال جبرئيل عليه السلام قل ان شاء الله انما امره عن الله بذلك لان الاشياء متوقفة الوقوع على مشية الله وقوله واحدة لك واثنتان لعليّ بن ابي طالب عليه السلام يراد منه انه صلى الله عليه وآله له كرة واحدة لانه اخر من يكر في اخر الكرات في اليوم المعلوم وهو الذي يقتل ( فيه خ ) ابليس واما عليّ عليه السلام فله كرتان الاولى مع الحسين ابنه عليهما السلام والاخرى ( هي خ ) التي يجتمع ( فيها خ ) هو وجنوده وابليس ( وجنوده خ ) في يوم الوقت المعلوم عند الروحاء ويقتل رسول الله صلى الله عليه وآله ابليس لعنه الله وهو في منتخب البصائر بسنده عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي قال قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول ان ابليس قال انظرني الى يوم يبعثون فابى الله ذلك عليه فقال انك من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم فاذا كان يوم الوقت المعلوم ظهر ابليس لعنه الله في جميع اشياعه منذ خلق الله ادم الى يوم الوقت المعلوم وهي اخر كرة يكرها امير المؤمنين عليه السلام فقلت وانها لكرات قال نعم انها لكرات وكرات ما من امام في قرن الا ويكر معه البر والفاجر في دهره حتى يديل الله المؤمن من الكافر فاذا كان يوم الوقت المعلوم كر امير المؤمنين عليه السلام في اصحابه وجاء ابليس في اصحابه ويكون ميقاتهم ( ميثاقهم خ ) في ارض من اراضي الفرات يقال لها الروحاء قريب من كوفتكم فيقتتلون قتالا لم يقتل مثله منذ خلق الله عز وجل العالمين فكأني انظر الى اصحاب عليّ امير المؤمنين قد رجعوا الى خلفهم القهقري مائة قدم وكأني انظر اليهم وقد وقعت بعض ارجلهم في الفرات فعند ذلك يهبط الجبار عز وجل في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الامر رسول الله صلى الله عليه وآله امامه بيده حربة من نور فاذا نظر ابليس رجع القهقري ناكصا على عقبيه فيقولون له اصحابه اين تريد وقد ظفرت فيقول لهم اني ارى ما لا ترون اني اخاف الله رب العالمين فيلحقه النبي صلى الله عليه وآله فيطعنه طعنة بين كتفيه فيكون هلاكه وهلاك جميع اشياعه فعند ذلك يعبد الله عز وجل ولا يشرك به شيئا ويملك امير المؤمنين عليه السلام اربعا واربعين الف سنة حتى يلد الرجل من شيعة عليّ صلوات الله عليه الف ولد من صلبه في كل سنة ذكر وعند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة وما حوله بما شاء الله اقول قيل هبوط الجبار تعالى كناية عن نزول ايات عذابه اقول ( قد خ ) ورد عنهم عليهم السلام كما في تفسير عليّ بن ابراهيم ان الغمام في هذه الاية هو امير المؤمنين عليه السلام فالمراد باتيان الله ظهور قهره وسطوته واقتداره ( به خ ) عليه السلام لانه محل ذلك كما انه محل رحمته فهو رحمة الله وعفوه وفضله وهو عذاب الله وعدله وقوله عليه السلام وعند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان الخ لان الجنتين المدهامتين من جنان الدنيا وهي مأوى ارواح المؤمنين ولهذا قال تعالى بعد ان ذكر جنان الخلد في الاخرة فقال ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي الاء ربكما تكذبان ذواتا افنان قال ومن دونهما جنتان فبأي الاء ربكما تكذبان مدهامتان فقوله ومن دونهما اي ومن دون الجنتين الاولتين والمراد بالدون القرب او الضعف اي ولمن خاف مقام ربه جنتان في الاخرة وصفهما كما ذكر تعالى وله من دونهما اقرب منهما واقل منهما في الشرف فالدون يفيد القرب اي من قبلهما جنتان في البرزخ والقلة اي اقل من جنتي الخلد ونظيره ما في الحديث القدسي قال تعالى يا داود لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا بالدنيا اولئك قطاع طريق عبادي المريدين الى ان ادنى ما انا صانع بهم ان انزع حلاوة مناجاتي من قلوبهم فادنى يفيد المعنيين اي اقل ما انا صانع بهم او اول ما انا صانع بهم واقرب فان قلت ان المفسرين نصوا على ان الجنتين المدهامتين لاصحاب اليمين يوم القيمة وان الجنتين ذواتي افنان للمقربين قلت كلامهم على الحرف الظاهر ونحن انما قلنا بذلك لما ثبت من الدليل النقلي والعقلي اما النقلي فالكتاب والسنة فاما الكتاب فقوله تعالى في وصف الجنة جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب انه كان وعده مأتيا لا يسمعون فيها لغوا الا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا وهذه جنة الدنيا لقوله بكرة وعشيا فان الاخرة لا يكون فيها بكرة ولا عشي ثم قال تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا فابان سبحانه ان الجنة التي فيها البكرة والعشي وهي جنة الدنيا هي بعينها ( الجنة خ ) التي لا بكرة فيها ولا عشي وقوله في وصف النار وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة فابان سبحانه بان النار التي يعرضون عليها غدوا وعشيا يعني في الدنيا هي التي يعرضون عليها يوم تقوم الساعة وهذا ظاهر كما ان جسدك الموجود في هذه الدنيا هو بعينه جسد الاخرة وجسد البرزخ وهذا من دليل الحكمة على جهة الاختصار فافهم راشدا ( واما السنة فكثيرة قد مضي بعضها خ ) وفي تفسير العياشي عن ابي عبد الله عليه السلام قال لقد تسموا باسم ماسمي الله به احدا الا عليّ بن ابي طالب عليه السلام وما جاء تأويله قلت جعلت فداك متى يجيء تأويله قال اذا جاء جمع الله امامه النبيين والمؤمنين حتى ينصروه وهو قول الله واذ اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب وحكمة الى قوله وانا معكم من الشاهدين فيومئذ يدفع رسول الله صلى الله عليه وآله اللواء الى عليّ بن ابي طالب فيكون امير الخلائق كلهم اجمعين يكون الخلائق كلهم تحت لوائه ويكون هو اميرهم فهذا تأويله وفي منتخب البصائر عن جابر بن يزيد عن ابي عبد الله عليه السلام قال ان لعليّ عليه السلام في الارض كرة مع الحسين ابنه عليهما السلام يقبل برايته حتى ينتقم له من بني امية ومعوية وال معوية ومن شهد حربه لعنهم الله ثم يبعثهم ( يبعث خ ) الله اليهم بانصاره يومئذ من اهل الكوفة ثلثين الفا ومن سائر الناس سبعين الفا فيلقاهم بصفين مثل المرة الاولى حتى يقتلهم ولا يبقى منهم مخبرا ثم يبعثهم ( يبعث خ ) الله عز وجل فيدخلهم اشد عذابه مع فرعون وال فرعون ثم كرة اخرى مع رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يكون خليفة في الارض وتكون الائمة عليهم السلام عماله وحتى يبعثه الله علانية فتكون عبادته علانية في الارض كما عبد الله سرا في الارض ثم اي والله واضعاف ذلك ثم عقد بيده اضعافا يعطي الله نبيه صلى الله عليه وآله ملك جميع الدنيا منذ خلق الله الدنيا الى يوم يفنيها حتى ينجز له موعوده في كتابه كما قال ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون وفي منتخب البصائر بسنده عن خالد بن يحيى قال قلت لابي عبد الله سمى رسول الله صلى الله عليه وآله ابا بكر صديقا فقال نعم انه حيث كان معه ابو بكر في الغار قال رسول الله صلى الله عليه وآله اني لأرى سفينة بني عبد المطلب في البحر ضالة فقال له ابو بكر وانك لتريها قال نعم فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله تقدر ان ترينيها فقال ادن مني فدنا منه فمسح يده على عينه ( عينيه خ ) ثم قال له انظر فنظر ابو بكر فرأى السفينة تضطرب في البحر ثم نظر الى قصور اهل المدينة فقال في نفسه الان صدقت انك ساحر فقال رسول الله صلى الله عليه وآله صديق انت فقلت لم سمى عمر الفاروق قال نعم الا ترى انه فرق بين الحق والباطل واخذ الناس بالباطل قلت فلم سمى سالما الامين قال نعم قلت فقال اتقوا دعوة سعد قال نعم قلت وكيف ذلك قال ان سعدا يكر فيقاتل عليا عليه السلام وفي كنز الكراجكي عن ابي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل افمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه قال الموعود عليّ بن ابي طالب وعده الله ان ينتقم له من اعدائه في الدنيا ووعده الجنة له ولاوليائه في الاخرة وفي الاختصاص عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال حين سئل عن اليوم الذي ذكره ( ذكر خ ) الله مقداره في القرءان في يوم كان مقداره خمسين الف سنة وهي كرة رسول الله صلى الله عليه وآله فيكون ملكه في كرته خمسين الف سنة ويملك امير المؤمنين في كرته اربعة واربعين الف سنة

اقول قوله وهي كرة رسول الله صلى الله عليه وآله يحتمل على الظاهر ان اولهما ( اولها خ ) قيام الحسين بن عليّ عليهما السلام ( في اخر ظهور الحجة عليه السلام خ ) لان الحسين عليه السلام يملك كما مر خمسين الف سنة وكرة الحسين عليه السلام كرة رسول الله صلى الله عليه وآله ومحسوبة منها لانا قد ذكرنا سابقا مما ورد عنهم صلى الله عليهم على ما ظهر لي من كلامهم ان عليا يكر بعد الكرة الحسين بتسع ‌عشرة سنة ويكون مع ابنه الحسين عليهما السلام ناصرا له على اعدائه ثلثمائة سنة وتسع سنين كما لبث اصحاب الكهف على ما ظهر لي من الجمع والتوجيه ثم يقتل امير المؤمنين عليه السلام ويجهزه الحسين عليه السلام ويمكث اربعة الاف سنة او ستة الاف سنة او عشرة الاف سنة ثم يكر الكرة الثانية الموافقة لكرة رسول الله صلى الله عليه وآله هذا والحسين عليه السلام حي في الدنيا وجميع ملكه خمسون الف سنة ويكر عليّ عليه السلام في الكرة الثانية قبل كرة رسول الله صلى الله عليه وآله فكيف تكون كرته وملكه خمسين الف سنة الا اذا عدت كرة الحسين عليه السلام من ملكه صلى الله عليه وآله لان المفروض كما هو ظاهر رواياتهم ان الله سبحانه يرفعهم الى السماء جميعا اذا اراد هلاك جميع الخلق ورفع الحسين عليه السلام مع رفع جده رسول الله صلى الله عليه وآله ( بل خ ) يحتمل ان اول ملكه صلى الله عليه وآله الذي مدته خمسون الف سنة قيام القائم عليه السلام لان قيامه عليه السلام اول ظهور تأويل قوله تعالى هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ويحتمل ان يكون اول ملكه صلى الله عليه وآله الذي مدته خمسون الف سنة هو نزوله من السماء حين يقتل ابليس ويكون باقيا بعد رفع اهل بيته كما يشير اليه بعض اخبارهم تلويحا والله اعلم فعلى هذا الاحتمال يبقى بعدهم اربعة الاف سنة او ستة الاف سنة او عشرة الاف سنة والاحتمال الاول اولى وان تأخر صلى الله عليه وآله في الرفع عنهم عليهم السلام الا ان الذي يجول في خاطري انه لا يبلغ هذا المقدار وان كان صلى الله عليه وآله متأخرا في الرفع عنهم وقد يشير الى هذا التأخر ( التأخير خ ) ما رواه في كنز الفوايد محمد بن عليّ بن عثمان الكراجكي باسناده عن الفضل بن شاذان يرفعه الى بريدة الاسلمي قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعليّ صلوات الله عليه يا عليّ ان الله اشهدك معي ( في خ ) سبعة مواطن وساق الحديث الى ان قال والموطن السابع انا نبقى حين ( حتى خ ) لا يبقى احد وهلاك الاحزاب بايدينا

اقول وظاهر قوله انا نبقى انه مختص بهما صلى الله عليهما وآلهما دون الائمة عليهم السلام وليس المراد بقوله انا نبقى يعني به نفسه واهل بيته كلهم لانه يلزم منه ( فيه خ ) انهم يبقون بعد فناء الخلق والروايات عنهم عليهم السلام دلت على ان الله سبحانه اذا رفعهم بقي الناس بعد ذلك اربعين يوما في هرج ومرج ثم ينفخ اسرافيل عليه السلام نفخة الصعق وورد ان الساعة انما تقوم على شرار خلق الله فالظاهر ان ذلك البقاء مختص بهما دون سائر الائمة صلوات الله عليهم وقد تقدم في رواية عبد الله بن سنان من منتخب البصائر وفيه قال الله تعالى يا محمد على اخر من اقبض روحه من الائمة عليهم السلام وقبل هذا بلا فصل يا محمد عليّ اول من اخذ ميثاقه من الائمة عليهم السلام فعلى هذا اذا لاحظنا الكون باللحاظ الطبيعي عرف من يفهمه ان التأخر بقدر التقدم وعلى هذا ما يكون التأخر يبلغ ذلك ( هذا خ ) المقدار وزيادة فقد ذكر الشيخ عبد الله بن نورالله البحراني في المجلد الثالث من الامامة من كتاب عوالم العلوم ما رواه عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله اول ما خلق الله نوري ابتدعه من نوره واشتقه من جلال عظمته فاقبل يطوف بالقدرة حتى وصل الى جلال العظمة في ثمانين الف سنة ثم سجد لله تعظيما ففتق منه نور عليّ فكان نوري محيطا ( بالعظمة ونور عليّ محيطا خ ) بالقدرة الحديث ويظهر من هذا ( الحديث خ ) ان نور محمد صلى الله عليه وآله خلق قبل نور عليّ عليه السلام بثمانين الف سنة فعلى هذا وملاحظة التكوين بالامر الطبيعي يكون مقدار ما يتأخر رسول الله صلى الله عليه وآله عن عليّ عليه السلام في الرفع الذي هو موتهم عليهم السلام يبلغ ذلك المقدار فيكون ملكه منذ نزل من السماء خمسين الف سنة ويشكل بما روي من ان عمر الدنيا كله مائة الف سنة لآل محمد صلى الله عليه وآله ثمانون الف سنة ولغيرهم عشرون الف سنة ويمكن الجواب بتخصيص ذلك بحال اشتراكهم في الملك وما زاد عليه بحال الاختصاص والله اعلم واعلم ان الاخبار الواردة في ان امير المؤمنين عليه السلام هو دابة الارض كما قال عز وجل واذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم ان الناس كانوا باياتنا لا يوقنون كثيرة منها ما سمعت اولا وفي بعضها انه اذا اخرج الله سبحانه دابة الارض وسمت المؤمن والكافر ثم يغلق باب التوبة فلا ينفع نفس ايمانها لم تكن امنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا وقد ثبت ان دابة الارض هو امير المؤمنين عليه السلام وان له كرتين توافق الاولى ( منهما خ ) خروج الحسين عليه السلام والثانية ( منهما خ ) خروج رسول الله صلى الله عليه وآله ففي اي الكرتين يكون هو دابة الارض التي ترتفع عند خروجها التوبة كل محتمل فقول الله تعالى وعد الله الذين امنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فاولئك هم الخاسرون فعلى ما ورد من خصوص ارادة القائم عليه السلام بهذه الاية يكون المراد برفع التوبة في كرته الاولى وهو حينئذ دابة الارض لانه على ارادة القائم بالاية يكون قوله فمن كفر بعد ذلك اي بعد قيام القائم وهو يشعر بالمدعي وعلى ارادة العموم من الاية يكون المراد برفع التوبة في كرته الثانية وهو المستفاد من اشارات الاخبار ويلوح اليه قوله تعالى حكاية عن قول الذين كفروا ربنا امتنا اثنتين واحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل الى خروج من سبيل

فصل - في ( ذكر خ ) بعض ما ورد في رجعة النبي صلى الله عليه وآله في ( ففي خ ) تفسير عليّ بن ابراهيم بسنده عن عليّ بن الحسين عليه السلام في قوله تعالى ان الذي فرض عليك القرءان لرادك الى معاد قال يرجع اليكم نبيكم صلى الله عليه وآله وفي منتخب البصائر باسناده عن ابي جعفر عليه السلام ان امير المؤمنين عليه السلام كان يقول ان المدثر هو كائن ( كامن خ ) من عند الرجعة فقال له رجل يا امير المؤمنين أحيوة قبل القيمة ثم موت قال فقال له عند ذلك نعم والله لكفرة من الكفر بعد الرجعة اشد من كفرات قبلها وفيه باسناده عن بكير بن اعين قال قال لي من لا اشك فيه يعني ابا جعفر عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله وعليا (ع) يرجعون وفيه عن جابر بن يزيد عن ابي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل يا ايها المدثر قم فانذر يعني بذلك محمدا صلى الله عليه وآله وقيامه في الرجعة ينذر فيها وفي قوله انها لاحدى الكبر نذيرا يعني محمدا صلى الله عليه وآله نذيرا للبشر في الرجعة وفي قوله انا ارسلناك كافة للناس في الرجعة وفيه باسناده عن ابي جعفر عليه السلام قال ليس من مؤمن الا وله قتلة وموتة وساق الكلام الى قوله وقوله يا ايها المدثر قم فانذر يعني بذلك محمدا صلى الله عليه وآله قيامه في الرجعة ينذر فيها وقوله انها لاحدى الكبر نذيرا للبشر يعني محمدا صلى الله عليه وآله نذيرا للبشر في الرجعة وقوله هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون قال يظهره الله عز وجل وفي تفسير عليّ بن ابراهيم باسناده عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى وللاخرة خير لك من الاولى قال يعني ( ان خ ) الكرة هي الاخرة للنبي صلى الله عليه وآله قلت قوله ولسوف يعطيك ربك فترضى قال يعطيك من الجنة فترضي وفيه عن مروان قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل ان الذي فرض عليك القرءان لرادك الى معاد قال فقال لي لا والله لا تنقضي الدنيا ولا تذهب حتى يجتمع رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى بالثوية فيلتقيان ويبنيان بالثوية مسجدا له اثنا عشر الف باب يعني به موضعا بالكوفة وفيه عن محمد بن سليمان الديلمي عن ابيه قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل وجعلكم انبياء وجعلكم ملوكا فقال الانبياء رسول الله صلى الله عليه وآله وابراهيم واسمعيل وذريته والملوك الائمة عليهم السلام قال فقلت واي ملك اعطيتم قال ملك الجنة وملك الكرة وفيه وان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيمة يكون عليهم شهيدا فانه روى ان رسول الله صلى الله عليه وآله اذا رجع امن به الناس كلهم وروى ما يدل على ذلك منه ما تقدم فيما ذكرنا في رجعة الحسين وامير المؤمنين وقيام القائم عليهم السلام ومنه ما لم نذكره اختصارا خصوصا وعموما ومن العموم ما دل على ان كل مؤمن فله قتلة وموتة وعلى رجوع من محض الايمان محضا وبكل معنى فهو ( هو خ ) صلى الله عليه وآله اولى بالرجوع من جميع الخلق في جميع ما يراد من الكرة ولها

خاتمة - تشتمل على احاديث مشتملة على تأويل بعض الايات فيمن يخرج ويكر من الائمة صلى الله عليهم وفي بعض سيرتهم وما يكون في وقتهم روى شرف ‌الدين النجفي في تأويل الايات الباهرة بسنده عن جابر بن يزيد عن ابي عبد الله عليه السلام في قوله عز وجل والليل اذا يغشي قال دولة ابليس لعنه الله الى يوم القيمة وهو يوم قيام القائم عليه السلام والنهار اذا تجلى وهو القائم عليه السلام اذا قام وقوله فاما من اعطى واتقى اعطى نفسه الحق واتقى الباطل فسنيسره لليسرى اي الجنة واما من بخل واستغنى يعني ( استغنى خ ) بنفسه عن الحق واستغنى بالباطل عن الحق وكذب بالحسنى بولاية عليّ بن ابي طالب والائمة صلوات الله عليهم من بعده فسنيسره للعسرى يعني النار واما قوله ان علينا للهدى يعني عليّا (ع) هو الهدى وان لنا للاخرة والاولى فانذرتكم نارا تلظى قال القائم عليه السلام اذا قام بالغضب مع جنوده واتباعه وكر امير المؤمنين عليه السلام يقتل من كل الف تسع‌ مائة وتسعة وتسعين لا يصليها الا الاشقى هو عدو آل محمد عليهم السلام وسيجنبها الا تقي قال ذاك امير المؤمنين وشيعته اقول قوله الى يوم القيمة وهو يوم قيام القائم عليه السلام قد دل الدليل النقلي المعتضد بالعقلي ان الذي يقتل ابليس هو رسول الله صلى الله عليه وآله وما ورد بان الذي يقتله هو القائم عليه السلام او غيره فمحمول على ان كلا منهم قائم ويسمى بذلك وليس احد منهم رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يسمى به فاذا ورد يقتله القائم عليه السلام تناول كلا منهم واذا قيل يقتله رسول الله صلى الله عليه وآله لم يتناول غيره وعلى هذا فيحمل قوله الى يوم القيمة وهو يوم قيام القائم عليه السلام على ان اول انكشاف ظلمة دولة ابليس لعنه الله قيام القائم عليه السلام لقوة الحق وضعف الباطل يوما فيوما وتمامه اذا قتله رسول الله صلى الله عليه وآله او على ان المراد بالقائم رسول الله صلى الله عليه وآله لانه سيد القائمين بالحق واحق بهذا الاسم من كل احد من الخلق وعلى هذا لا تكون ظلمة ( ظلمة دولة خ ) ابليس منكشفة بالكلية حتى يقتل كما اشار الى تمام انكشاف ( كشف خ ) ظلمته فيما رواه محمد بن جرير الطبري في مسند فاطمة عليها السلام في رواية المفضل بن عمر الى ان قال ولا يكون لابليس هيكل يسكن فيه والهيكل البدن الحديث وقد تقدم والمراد انه اذا قتل كل من للشيطان فيه نصيب لم يجد من يغويه فاذا قام ( مع جميع جنوده واتباعه وكر امير المؤمنين (ع) خ ) كان مع جميع شيعته ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله وقتل ابليس وقتل جميع جنوده واتباعه ارتفعت ظلمته بالكلية وفيه عن جابر عن ابي جعفر عليه السلام ( في خ ) قوله عز وجل ذرني ومن خلقت وحيدا يعني بهذه الاية ابليس اللعين خلقه وحيدا من غير اب و ( ولا خ ) ام وقوله وجعلت له مالا ممدودا يعني هذه ( بهذه خ ) الدولة الى يوم الوقت المعلوم يوم يقوم القائم عليه السلام وبنين شهودا ومهدت له تمهيدا ثم يطمع ان ازيد كلا انه كان لاياتنا عنيدا يقول معاند الائمة ( معاندا للائمة خ ) يدعو الى غير سبيلها ويصد الناس عنها وهي ايات الله وقوله سارهقه صعودا قال ابو عبد الله عليه السلام صعود جبل في النار من نحاس يعمل جبز حبتر ليصعده كارها فاذا ضرب بيده ( بيديه خ ) على الجبل ذابتا حتى تلحق بالركبتين فاذا رفعهما عادتا فلا يزال هكذا ما شاء الله تعالى قوله تعالى انه فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم ادبر واستكبر في نفسه وادعاؤه الحق لنفسه دون اهله ثم قال الله تعالى ساصليه سقر وما ادريك ما سقر لا تبقى ولا تذر لواحة للبشر قال يراه اهل المشرق كما يراه اهل المغرب انه اذا كان في سقر يراه اهل الشرق والغرب ويتبين حاله والمعنى في هذه الايات جميعها حبتر قال قوله تعالى عليها تسعة عشر اي تسعة عشر رجلا فيكونون من الناس كلهم في الشرق والغرب قوله تعالى وماجعلنا اصحاب النار الا ملائكة قال فالنار هو القائم الذي عليه السلام انار ضوءه وخروجه لاهل الشرق والغرب والملائكة هم الذين يملكون علم آل محمد صلوات الله عليهم اجمعين وقوله تعالى وماجعلنا عدتهم الا فتنة للذين كفروا قال يعني المرجئة وقوله ليستيقن الذين اوتوا الكتاب قال هم الشيعة وهم اهل الكتاب وهم الذين اوتوا الكتاب والحكم والنبوة وقوله تعالى ويزداد الذين امنوا ايمانا ولا يرتاب الذين اوتوا الكتاب اي لا يشك الشيعة وضعفاؤها وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا اراد الله بهذا مثلا فقال الله عز وجل لهم كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء فالمؤمن يسلم والكافر يشك وقوله ومايعلم جنود ربك الا هو فجنود ربك هم الشيعة وهم شهداء الله في الارض وقوله وما هي الا ذكري للبشر لمن شاء منكم ان يتقدم او يتأخر عنه وقوله كل نفس بما كسبت رهينة الا اصحاب اليمين هم اطفال المؤمنين قال الله تبارك وتعالى الحقنا بهم ذرياتهم قال انهم بالميثاق وقوله وكنا نكذب بيوم الدين قال ( يعني خ ) بيوم الدين خروج القائم عليه السلام وقوله فما لهم عن التذكرة معرضين قال يعني بالتذكرة ولاية امير المؤمنين عليه السلام وقوله كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة قال كأنهم حمر وحش فرت من الاسد حين رأته وكذلك المرجئة اذا سمعت بفضل ( فضل خ ) آل محمد نفرت عن الحق ثم قال تعالى بل يريد كل امرئ منهم ان يؤتي صحفا منشرة قال يريد كل رجل من المخالفين ان ينزل عليه كتاب من السماء ثم قال الله تعالى كلا بل لا يخافون الاخرة قال هي دولة القائم عليه السلام ثم قال بعد ان عرفهم التذكرة هي الولاية كلا انه تذكرة فمن شاء ذكره وما يذكرون الا ان يشاء الله هو اهل التقوى واهل المغفرة قال فالتقوى في هذا الموضع هو النبي صلى الله عليه وآله والمغفرة امير المؤمنين عليه السلام وفي مسند فاطمة عليها السلام روي محمد بن جرير الطبري بسنده عن وهب بن جميع مولي اسحق بن عمار قال سألت ابا عبد الله عليه السلام عن ابليس قوله رب فانظرني الى يوم يبعثون قال فانك من المنظرين الى يوم الوقت المعلوم اي يوم هو قال وهب أتحسب انه يوم يبعث الله تعالى الناس ولكن الله عز وجل انظره الى يوم يبعث الله قائمنا فيأخذ بناصيته ويضرب عنقه فذلك الى يوم الوقت المعلوم اقول قوله انظره الى يوم يبعث الله قائمنا يراد منه والله اعلم حين يخرج امير المؤمنين عليه السلام في كرته الثانية فالمراد بالقائم هنا رسول الله صلى الله عليه وآله جمعا بين الروايات لانه صلى الله عليه وآله قائم بالحق بل لا قائم بالحق غيره الا بتبعيته له وان اريد بالقائم عليه السلام هو محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام هنا فالمراد بذلك بعثه بعد ان يقتل لانه عليه السلام كما تقدم اذا خرج واستقر ملكه خرج الحسين عليه السلام فيقتل ويقوم بالامر الحسين عليه السلام ثم يرجع الحجة عليه السلام لان كل مؤمن لا بد له من موتة وقتلة من قتل مات ومن مات قتل فهو عليه السلام يقتل ثم يبعثه الله عز وجل حتى يموت اي يرفع مع ابائه عليهم السلام ( الى السماء خ ) فذكر ابو عبد الله عليه السلام ان الوقت المعلوم الذي يقتل فيه ابليس يوم يبعث الله عز وجل القائم عليه السلام بعد الموت وهو يوم كرته ولذا قال عليه السلام يوم يبعث الله قائمنا ولم يقل يوم يخرج قائمنا لان الخروج والظهور يكون عن الغيبة والبعث يكون عن الموت فافهم

تتمة - قد تقدم بعض ما يدل على سيرتهم وتنعم الناس في دولتهم عليهم السلام وظهور الجنتين المدهامتين المذكورتين في القرءان فانهما من جنان الدنيا التي تأوى اليها ارواح المؤمنين وفي تفسير عليّ بن ابراهيم عن الصادق عليه السلام وقد سئل عن قوله تعالى ومن دونهما جنتان قال خضراوان في الدنيا يأكل المؤمن منهما حتى يفرغ من الحساب فقوله في الدنيا يشعر بكونهما من جنان الدنيا ولهذا تظهران في اخر الرجعات عند مسجد الكوفة وما حوله بما شاء الله تعالى كما تقدم وقوله يأكل المؤمن منهما حتى يفرغ من الحساب يشعر بكونهما من جنان الاخرة والاشعاران صحيحان كما ان جسد المؤمن في الدنيا هو من اجساد الدنيا وهو بعينه في البرزخ من اجساد البرزخ وهو بعينه في الاخرة من اجساد الاخرة لم يتغير ولم يختلف بتغيير ولا بتبديل ولا زيادة ولا نقصان الا بالتصفية ( بالتنقية خ ) خاصة بان يصفي عما ليس منه وقد تقدمت الاشارة الى ذلك وقد دلت الاحاديث وقد مضى بعضها ان الرجل من المؤمنين لا يموت حتى يرى الف ولد ذكر من صلبه لا يولد له جارية وانه يكسو ولده الثوب فيطول عليه كلما طال ويكون عليه باي لون شاء يتبدل لونه بتبدل مشيته ويستغني الناس عن ضوء الشمس والقمر وصار الليل والنهار واحدا وتذهب الظلمة من العالم ولا يكون في الارض مؤذ ولا مفسد ولا ذو سم ولا شوك في شيء من الشجر وتبقى الثمار والفواكه والزرع ( الزروع خ ) قائمة دائما كلما اخذ منها شيء نبت مثله مكانه في الحال بحيث لا يفقده المؤمن ويصافح المؤمنون الملائكة ويجتمعون معهم ويوحي اليهم وحي الهام حتى لا يجهل احد منهم بشيء يريده وغير ذلك مما تشتهي الانفس وتلذ الاعين ولا يزال المؤمنون مع نبيهم واهل بيته اجمعين صلى الله عليه وعليهم كذلك حتى ينتهي ما اراد الله عز وجل من وقت بقائهم في الدنيا فاذا اراد الله سبحانه نقل محمد واهل بيته صلى الله عليه وآله ونقل شيعتهم الى جزيل ثوابه ونعيم جنته ورضوانه ونقل اعدائهم الى عظيم عقابه ودائم سخطه وعذابه رفع محمدا واهل بيته اليه مكرمين ولعل العود كالبدء فمن سبق كونه في البدء تأخر في العود ( فمن سبق في البدء كونه تأخر في العود رفعه خ ) فاذا رفعهم من الارض بقي الناس في هرج ومرج اربعين يوما ثم ينفخ اسرافيل في الصور روى محمد بن جرير الطبري بسنده عن عبد الله بن سليمان العامري عن ابي عبد الله عليه السلام قال ما زالت الارض الا ولله حجة يعرف الحلال والحرام ويدعو الناس الى سبيل الله ولا تنقطع من الارض الا اربعين يوما قبل ( يوم خ ) القيمة فاذا رفعت الحجة اغلق باب التوبة ولم ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل ان ترفع الحجة واولئك من شرار خلق الله وهم الذين تقوم فيهم القيمة اقول وفي معناه اخبار اخر مثل ما في كشف الغمة للاربلي وغيره ولكن هذا الحديث وامثاله من الاحاديث الصعبة المستصعبة وليس لامثالنا سباحة في مثله وانما نتكلم ( فيه خ ) على بعض ما يظهر لنا منه بما نعرف من غيره من الاخبار وذلك لما دلت الروايات عليه من ان الحجة قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق وقد دل هذا وامثاله على وجود خلق لا حجة فيهم وعلى هذا فلو ( لو خ ) فرضنا خلوهم من الحجة فلم يكونون شرار خلق الله ولم تقم عليهم الحجة بوجود حجة من الله وايضا فتقتضى ( فمقتضى خ ) الحكمة في النظام الحق ان ما كان وجوده اولا كان فناؤه اخرا وايضا كيف يكونون شرار خلق الله ولم يكن معهم ( لهم خ ) من يزين لهم سوء اعمالهم لان ابليس قد قتل هو وجميع جنوده من الجن والانس قبل ذلك فارتفع جميع سلطانه وظلمته ولهذا استغني الناس عن ضوء الشمس والقمر وصار الليل والنهار واحدا وذلك لكمال ( اكمال خ ) الايمان وشدة الهداية ويمكن التلويح الى الجواب بان نقول انما وقع الهدى والنور وكمال الايمان في قلوب العباد باقبال النور من الحجج عليهم السلام عليهم كاستنارة الجدار عند مقابلة الشمس فكما ان الشمس عند المغيب يرتفع نورها الى جهة العلو عند انحطاطها فتحصل الظلمة في الجدار بمقتضى طبيعته وكثافته كذلك الحجج عليهم السلام اذا قرب رحيلهم الى العالم العلوي حصل لهم ميل وتوجه وانصراف الى جهة مقصدهم بمقتضى اجابة دعوة الله سبحانه وذلك الميل تخلية من الله تعالى لمن تخلف موته عن رفعهم الى السماء وعن ميلهم الى الرفع وذلك الميل حصل لهم على نحو ما حصل ليوسف عليه السلام حين تذكر نعيم الاخرة حتى زهد في ملك الدنيا ونعيمها فقال رب قد اتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الاحاديث فاطر السموات والارض انت وليي في الدنيا والاخرة توفني مسلما والحقني بالصالحين فهذا مما كان في الامم الماضية ويكون نظيره في هذه الامة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة فلما تذكر يوسف عليه السلام نعيم الاخرة وطلبها حصل منه اعراض عن الملك قبل ان يفارق الدنيا فيكون مثله في ( من خ ) الحجج عليهم السلام ويحصل لمن بقي ما سمعت من الهرج والمرج لاسوداد قلوبهم من مفارقة النور وحرمان الخير مع ظلمة انياتهم وتخلف الحجة عنهم كتخلفه عمن انذره ولم يقبل منه فاعتزله ليقع به العذاب واما ما يتوهم من مخالفة النظام حينئذ للحكمة فليس بمخالف لان انصرافهم عليهم السلام عنهم انصراف بالاثار الشرعية التكليفية والهداية الاختبارية وليس ذلك مستلزما للانصراف بالاثار الوجودية وانما كانت مدة تحلل التركيب والفناء اربعين يوما لان مدة التركيب في التكوين اربعون يوما وهي التي يسمونها مراتب الوجود وقد اشرنا في كثير من رسائلنا الى ذلك بان الانسان مركب من عشر قبضات تسعة من الافلاك التسعة والعاشرة من العناصر الاربعة وفي كل قبضة من العشر اربعة دورات دورة عناصرها ودورة معادنها ودورة نباتها ودورة حيوانها وذلك في كل شيء بحسبه فهذه اربعون هي مراتب الوجود بعدد ميقات موسى عليه السلام فاذا رفع الله حججه محمدا واهل بيته صلوات الله عليهم اجمعين نفخ اسرافيل عليه السلام في الصور نفخة الصعق قال الله عز وجل ونفخ في الصور فصعق من في السموات والارض الا من شاء الله روى الطبرسي في مجمع البيان اي المستثنين جبرئيل وميكائيل واسرافيل وملك الموت وروي عن النبي صلى الله عليه وآله انه سئل جبرئيل عن هذه الاية من ‌ذا الذي لم يشأ الله ان يصعقهم فقال هم الشهداء متقلدون اسيافهم حول العرش اقول روي ظاهرا ان المستثنين هؤلاء الاربعة من نفخة الصعق بمعنى انهم لا يموتون بالنفخة ثم يأمر الله ملك الموت فيقبض روح ميكائيل واسرافيل وفي جبرئيل روايتان في ( ففي خ ) رواية يامر الله ملك الموت فيضم جبرئيل ويقبض روحه وفي اخرى يقبض الله عز وجل روح جبرئيل بغير واسطة ملك الموت ويأتي كيفية موتهم بغير هذا في رواية زين‌ العابدين عليه السلام ثم يامر الجبار عز وجل ملك الموت فيموت ويمكث العالم معطلا ( متعطلا خ ) ما بين النفختين اربعمائة سنة في رواياتنا وروى الجمهور اربعين سنة وروي في الباطن ان الوجه الباقي في قوله تعالى كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام هم محمد واهل بيته الطاهرون صلى الله عليهم اجمعين وهم المستثنون وفي خطبة امير المؤمنين عليه السلام ان ميتنا اذا مات لم يمت وان مقتولنا اذا قتل لم يقتل والمراد انهم عليهم السلام وان كان يجري عليهم الموت والقتل على الحقيقة كما يجري على غيرهم ظاهرا الا انهم لما تخلقوا باخلاق الله على كمال ما يمكن انخلعت حقائقهم على نواسيتهم فاذا مات احدهم او قتل لم تتغير حقيقته عما هي عليه من الادراك والشعور والتصرف فيما شاؤا بل يحصل ذلك في نواسيتهم ايضا فان النبي صلى الله عليه وآله لما مات واخذ عليّ عليه السلام في تغسيله كان يتقلب لعليّ ولا يحتاج الى تقليب غيره وعليّ عليه السلام لما قتل اوصي الى ابنه الحسن عليه السلام ان غسلني وكفني وضعني على سريري فاذا رأيتم مقدم السرير قد رفع فاحمل انت واخوك الحسين عليه السلام مؤخره فلما كان نصف الليل جاء رجل في صورة اعرابي وحمل مقدم السرير وحملا مؤخره وكان الحامل لمقدم السرير روحه الشريفة ورأس الحسين عليه السلام لعن الله قاتله ( كان خ ) على رأس السنان وهو يقرأ القرءان وهذا شيء ظاهر فهم احياء في حالة ( حال خ ) موتهم يتصرفون في كل ما جعلهم الله اولياء ( جعلهم الاولياء خ ) عليه في حال حيوتهم فهم في الدنيا وفي البرزخ وبين النفختين على حال واحد ومعلوم ان محمدا وعليا وسائر الائمة عليه وعليهم السلام يحضرون الاموات عند الموت وعند سؤال القبر

يا حار همدان من يمت يرني من مؤمن او منافق قبلا
يعرفني طرفه واعرفه بعينه واسمه وما عملا

وقال الله تعالى وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون حتى انه روى ما معناه عنهم عليهم السلام انه اذا افنى الله جميع الخلق قال الله تعالى يا ارض اين ساكنوك اين الجبارون اين المتكبرون اين من اكل رزقي وعبد غيري لمن الملك اليوم فلا يجيبه احد فيرد على نفسه فيقول لله الواحد القهار وروي عنهم عليهم السلام نحن المجيبون وروي عنهم عليهم السلام ايضا نحن السائلون ونحن المجيبون واما ( اما ما خ ) في الحديث الثاني من قول جبرئيل عليه السلام هم الشهداء متقلدون اسيافهم حول العرش فالظاهر ان المراد بهم محمد واهل بيته صلوات الله عليهم خاصة وهم الشهداء هنا لا غير لادلة لا يسع ذكرها هنا وفي تفسير عليّ بن ابراهيم عن السجاد عليه السلام انه سئل عن النفختين كم بينهما فقال ما شاء الله قيل فاخبرني يا ابن رسول الله (ص) كيف ينفخ فيه فقال اما النفخة الاولى فان الله عز وجل يأمر اسرافيل فيهبط الى الدنيا ومعه الصور وللصور رأس واحد وطرفان وبين رأس كل طرفين منهما الى الاخر مثل ما بين السماء فاذا رأت الملائكة اسرافيل قد هبط الى الدنيا ومعه الصور قالوا قد اذن الله ( اسرافيل خ ) في موت اهل الارض والسماء قال فيهبط اسرافيل بحظيرة بيت المقدس وهو مستقبل الكعبة فاذا رأوه اهل الارض قالوا قد اذن الله عز وجل ( اسرافيل خ ) في موت اهل الارض فينفخ فيه نفخة فيخرج الصوت من الطرف الذي يلي الارض فلا يبقى ذو روح الا صعق ومات الا اسرافيل فيقول الله لاسرافيل يا اسرافيل مت فيموت فيمكثون في ذلك ما شاء الله ثم يأمر السموات فتمور ويأمر الجبال فتسير وهو قوله تعالى يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا يعني تبسط وتبدل الارض غير الارض يعني بارض لم تكتسب عليها الذنوب بارزة ليس عليها جبال ولا نبات كما دحاها اول مرة ويعيد عرشه على الماء كما كان اول مرة مستقلا بعظمته وقدرته قال فعند ذلك ينادي الجبار تبارك وتعالى بصوت من قبله جهوري يسمع اقطار السموات والارضين لمن الملك اليوم فلا يجيبه مجيب فعند ذلك يقول الجبار عز وجل مجيبا لنفسه لله الواحد القهار وانا قهرت الخلائق كلهم وامتهم بمشيتي وانا احييهم بقدرتي قال فينفخ الجبار نفخة اخرى في الصور فيخرج الصوت من احد الطرفين الذي يلي السموات فلا يبقى في السموات احد الا حيى وقام كما كان وتعود حملة العرش ويحضر الجنة والنار ويحشر الخلائق للحساب قال الراوي فرايت عليّ بن الحسين عليه السلام يبكي عند ذلك بكاء شديدا وفي غيره قيل ( له خ ) فما سبب بكائك يا ابن رسول الله (ص) قال لشدة ذلك اليوم لان الخلائق يخرجون من قبورهم فجأة عرايا جردا حفاة مردا فيقفون عند قبورهم ثلثمائة سنة من الدهشة وعن الصادق عليه السلام اذا اراد الله ان يبعث الخلق امطر السماء على الارض اربعين صباحا فاجتمعت الاوصال ونبتت اللحوم وقال عليه السلام اتى جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله فاخذه ( فاخذ خ ) بيده فاخرجه الى البقيع فانتهى به الى قبر فصوت بصاحبه فقال قم باذن الله فخرج منه رجل ابيض الرأس واللحية يمسح التراب عن رأسه وهو يقول الحمد لله والله اكبر فقال ( له خ ) جبرئيل عد ( الى ما كنت فيه خ ) باذن الله ثم انتهى به الى قبر اخر فقال قم باذن الله فخرج رجلا مسود الوجه وهو يقول يا حسرتاه يا ثبوراه ثم قال له جبرئيل عد الى ما كنت فيه باذن الله عز وجل فقال يا محمد هكذا يحشرون يوم القيمة فالمؤمنون يقولون هذا القول وهؤلاء يقولون ما ترى اقول المراد بالمطر الذي يقع على الارض فتحيى به الموتى هو ماء ينزله الله عز وجل من بحر تحت العرش احلى من العسل وابرد من الثلج واطيب من المسك يقال له صاد وهو الذي قاله جبرئيل لمحمد صلى الله عليه وآله ليلة المعراج لما اراد ان يتوضأ ليصلي بالملائكة قال ادن من صاد فدنى فتوضأ ( وتوضأ خ ) ورائحة ذلك الماء كرائحة المني وهو الذي خمرت منه طينة الخلق في بدئهم ويخمرها منه في عودهم ذلك تقدير العزيز العليم جعل الله سبحانه عاقبتنا واياكم ( عاقبتكم خ ) الى رحمته ومغفرته ورضوانه انه على كل شيء قدير ( وهو لعباده خ ) غفور رحيم ولا حول ولا قوة الا بالله العليّ العظيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين حمدا كثيرا

وكتب مؤلفه العبد المسكين احمد بن زين الدين بن ابراهيم بن صقر بن ابراهيم داغر الاحسائي في الحادي والعشرين من شهر ربيع المولود سنة احدى وثلاثين بعد الما تين والالف من الهجرة النبوية على مهاجرها الف صلوة وسلام وتحية حامدا مصليا مستغفرا

المصادر
المحتوى