خطبة عيد الاضحى

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - خطبة عيد الاضحى

خطبة عيد الاضحى

من مصنّفات

الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد التاسع
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي فتق السمك ومد السلك ونظم الاكوان في فوراة (نوار خ ل) متعاظم الامكان ودور الفلك وزين الحبك وشق المكان في تيار متلاطم الزمان وفتق الاجواء ومد الاضواء بنور النفس وخلق منه الشمس وجعلها سراجا منيرا في الاعيان وقيضها اية في النهار ليبتغوا من فضله وهو الكريم المنان وخلق من ضيائه القمر اية في الليل ومحا ايته ليسكنوا فيه من حركات التعب والامتهان وخلق منها النجوم وجعلها زينة ورجوما لمن استرق السمع من كل شيطان وحمل حركات دوائر الافلاك على كواهل الاملاك لتقدير ما يكون وتسيير ما كان وجعل ثقل البحار والارضين والقرار على تخوم قطب سكون المكان واودع رقائق اطوار الاعيان وابرز غرايب العجايب بترتيب مراتب الاتقان وتعرف لكل شيء بلا عيان فسبحان من هو كل يوم هو في شأن واشهد انه الله الذي ظهر وجوده بموجودية الموجودات وبرز علمه بمعلومية المعلومات وعرفت صفاته بحدوث صفات المحدثات فمنه بدء كل شيء وبه قوام كل شيء وله ملك كل شيء واليه مرد كل شيء فبيده ملكوت كل شيء واليه ترجعون واشهد أن محمدا صلى الله عليه وآله عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون فحمل اثقال الرسالة وشيد قواعد الدلالة وعادى في طاعة ربه الاقربين ووالى الابعدين وجاهد في سبيل الله المدبرين وبالغ في الاداء وحض (خص خ ل) على الرضا وعبد الله مخلصا حتى اتاه اليقين فصلى الله عليه وآله الكيبين ومحبيهم الآنجبين الى يوم الدين عباد اله أوصيكم ونفسي العاصية بتقوى الله فيما يعلمه منكم واتباع اوامره فيما دعاكم اليه (فيه خ ل) واجتناب نواهيه فيما حذركم عنه واغتنموا فرصة المهلة وانتبهوا من سنة الغفلة فإن العمر قصير والامر خطير والدنيا دار الغرور تعتف بالبلايا والشرور قال امير المؤمنين عليه السلم الدنيا كله جهل الا مواضع العلم والعلم كله حجة الا ما عمل به والعمل كله رياء الا ما كان مخلصا والاخلاص على خطر حتى ينظر العبد بما يختم له عباد الله ان الدنيا دار قد رضي الله لاهلها الفناء وقدر عليهم بها الجلاء فكل ما فيها ناقد (نافذ خ ل  نافد ظ) وكل من يسكنها بائد وهي مع ذلك حلوة خضرة رائقة نضرة قد زينت للطالب ولاطت بقلب الراغب يطيبها الطامع ويحتويها الوجل الخائف دار بالفناء محفوفة وبالغدر معروفة لا تدوم احوالها ولا يسلم نزالها احوال مختلفة وتارات متصرفة العيش فيها مذموم والامان معدوم وانما اعلها فيها اغراض ترميهم بسهامها وتفنيهم بحمامها فبينما المرء في غفلته اذ عرضت له اسباب رحلته فيصبح بعد صحته وهو سقيم فيهجم عليه الموت وهو مليم فيقبض روحه بين صديقه والحميم فينقل من دار افنى (افق خ ل) عمره في عمارتها الى دار قد خربها دار الوحشة والغربة والوحدة بين الاحجار والتراب تنتهسه (تنهسه خ ل) الديدان والدواب فلو كشفتم التراب عنه في مدة قليلة لرأيتم منه حالة مهولة عينه سائلة على خديه وكفه مخلعة من يديه وعنقه منخلعة واوصله متقطعة وفراشه بعد التنعم الاحجار وهي مع التراب دثار وهذا البيت المظلم اول منزل له من منازل الاخرة فان كان سعيدا (سعيد خ ل) فروح له عند خروج روحه وريحان له في قبره وجنة نعيم معدة له وان كان شقيا فنزل في قبره من حميم يسقى منه اتدرون ما الحميم هو ما (ماء خ ل) يجتمع من صديد جلود اهل النار وفروج الزنا (الزناة خ ل) قال صلى الله عليه وآله لو اهريقت دلو واحدة في الدنيا لمات اهل الدنيا من نتنها وتصلية حميم في الاخرة ان هذا لهو حق اليقين وقد قال في كتابه قل هو نبأ عظيم انتم عنه معرضون فرحم الله من استعد لفقره يوم التلاق فان المضمار اليوم وغد السباق وان (فان خ ل) السبقة الجنة والغاية النار افلا تائب من خطيئته قبل هجوم منيته او لا عامل لنفسه قبل يوم فقره وبؤسه جعلنا الله واياكم ممن يخافه ويرجو ثوابه الا وان هذا اليوم يوم عظيم البركة رفيع المكانة عند الله يُستجيب فيه الدعاء ويغفر فيه الذنوب ويضاعف فيه الاعمال ويبلغ فيه الامال فاذكروا الله يذكركم وكبروه وسبحوه ومجدوه وادعوه يستجيب لكم وتوبوا اليه يقبلكم وادوا فرايضه وامروا بالمعروف وانهوا عن المنكر وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان عصمنا الله واياكم بالتقوى وجعل الاخرة خيرا لنا ولكم من هذه الدنيا ان ابلغ الموعظة وخير الكلام كلام الله العظيم اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فاثرن به نفعا فوسطن به جمعا ان الانسان لربه لكنود ز انه على ذلك لشهيد وانه لحب الخير لشديد افلا يعلم اذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور ان ربهم يومئذ لخبير واستغفر الله لي ولكم انه هو الغفور الرحيم والحمد لله رب العالمين   
المصادر
المحتوى