الرسالة الخطابية (قول المصلّي: إيّاك نعبد وإيّاك نستعين، كيف يقصد المُخَاطِب)

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - الرسالة الخطابية (قول المصلّي: إيّاك نعبد وإيّاك نستعين، كيف يقصد المُخَاطِب)

الرسالة الرشتية

في جواب الملا عليّ بن الميرزا خان الجيلاني الرشتي

من مصنّفات

الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد الثامن
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين‌الدين الاحسائي ان المحترم الاكرم العلي الملا عليّ بن الميرزا خان الجيلاني قد ارسل اليّ بمسائل عظيمة وانا وان لم اكن اهلا لذلك مع ما انا الان عليه من تفرق القلب في جهات لا اجدها تنتهي ولقد قلت قصيدة في مرثية سيد الشهداء عليه السلم ذكرت في غزلها هذه الحال فقلت مشببا فيهم عليهم السلم :

ان الاحبة ايقظوني فانتبهت بعزم جاذب
فرأيت اوطاري باطواري واحوالي قوالب
أو ما ترى يتجاذبوني نحوهم من كل جانب
أو ما تراني كل حالاتي مع الراحات دائب

ولكن لا بد من الاتيان بما يحصل في البال حال الكتابة اذ لا يسقط الميسور بالمعسور والى الله ترجع الامور

قال ايده الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم - الحمد لله رب العالمين والصلوة على اصفيائه وامنائه محمد واله والمكملين من اصحابه واحبائه وعجل الله تعالى فرجهم وسهل مخرجهم وبعد فهذه هي المعروضة من المسائل المشكلة او المستشكلة على اذهان امثال السائل من القاصرين او ( وخ ) المقصود منها سماع الجواب من ذلك المرجع لاولي الالباب تحصيلا لمزيد الاطمينان وتقوية لاثار اليقين
اقول في هذا الحرف الاخير وهو قوله سلمه الله او ( وخ ) المقصود منها الخ شيء والاشارة اليه من وجهين :

الاول ان يقال لا ينبغي لمن عرف شيئا ان يسأل عنه وطلب الاطمينان انما يكون لمن لم يطمئن قلبه وذلك لا يجتمع مع المعرفة وقول ابرهيم عليه السلم ليطمئن قلبي لم يرد على ما علم بل اراد ليحصل لي العلم بما اظنه من الخلة التي اوحى سبحانه اليه من جهتها ان لي خليلا لو سألني احياء الموتى لاجبته فظن انه ذلك ولم يحصل له القطع الذي هو العلم فسأله احياء الموتى ليطمئن قلبه على انه خليل الله كما روي او انه اراد الاطمينان المستند الى الرؤية البصرية فيكون المعنى بلى ولكن ليطابق علمي بذلك حسي

الثاني ان الذي ينبغي ان يسأل الانسان عن الحق في المسئلة ولا يلزم من علمه بالكلام علمه بالحق فيها ( فيه خ ) كما يأتي بعض الاشارات الى هذه ان شاء الله تعالى

قال سلمه الله تعالى : ذكرت بعنوان سؤال سؤال وان كان مرجع بعض الى بعض في المأل او له مدخلية فيه في الاكمال:

1 - سؤال : المسموع من مشايخ الطريقة المعروفة بالمتصوفة او العرفاء على الحقيقة وليس لنا كلام على ابانة حالهم او تصويب مقالهم او تحريف عقايدهم او تحقيق مقاصدهم
اقول اما نحن قلنا كلام في ذلك وهو من الواجبات العينية تنبيها للغافلين وارشادا للمسترشدين فان المتصوفة ممن نزل فيهم تأويل قوله سبحانه ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون وبيان الاشارة الى ذلك التأويل انهم ارادوا مقابلة ائمة الهدى عليهم السلم لان علمائهم صرحوا بأن هذه الطريقة شرطها ان تكون على مذهب السنة والجماعة فارادوا خلاف الحق بمقابلته بما يشابهه من الباطل لان الباطل مشابه للحق في الصورة الظاهرة وفي بادي الرأي وقد اشار سبحانه الى ذلك في كتابه العزيز في مواضع كثيرة منها قوله تعالى ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء فشبه الحق بالشجرة بل هو شجرة الخلد والحق وقال ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض ما لها من قرار فشبه الباطل بالشجرة بل هو شجرة الزقوم شجرة تنبت في اصل الجحيم طلعها كأنه رؤس الشياطين بل هو رؤس الشياطين فلعن الله طلعها وهي الشجرة الملعونة في القران وقال تعالى فسالت اودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية او متاع زبد مثله فجعل الحق زبدا ثابتا ماكثا في الارض وجعل الباطل زبدا رابيا مجتثا ولهذا قال تعالى كذلك يضرب الله الحق والباطل وقال تعالى والذين كفروا اعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء فشبه الحق بالماء للظمآن والباطل بالسراب للظمآن وامثال ذلك فلما طلبوا مخالفة الحق ومقابلته بمثله تقدم سبحانه اليهم فسبقهم فامرهم بالحق وبين ادلته وحججه باكمل بيان في انفسهم وفي الافاق وسبقهم فنهاهم عن الباطل وابان لهم السبيل فاختاروا ارتكاب مناهيه لشؤن انفسهم ابتغاء الفتنة فوهب لهم القوة على معصيته بقبولهم لها لسبق علمه فيهم ومنعهم اطاقة القبول منه وهو معنى قوله تعالى ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة يعني في الذر الاول والذر الثاني وقال تعالى فيهم ولو اننا نزلنا اليهم الملئكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا الا ان يشاء الله ان يجبرهم بأن يمنعهم القوة على معصيتهم فانه قادر على ذلك ولكن لو فعل ذلك بهم ما تحققت منهم الطاعة لان شرط تحقق الطاعة التمكن من تركها وفعل ضدها حتى يكون مطيعا بأن يفعل الطاعة باختياره وهو قادر على خلافها واذا لم يتمكن من المعصية لم تحصل منه الطاعة واذا كان كذلك لم يحسن تكليفه واذا كان كذلك لم يحسن ايجاده ثم انه ابان الحكمة في ذلك في حقهم فقال تعالى وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس يعني مثل مميت الدين ابن عربي والجن يعني مثل قرينه من الشياطين كما في قوله تعالى ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وقال يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه وذلك انه مكنهم من المعاصي بأن خلق لهم الالات الظاهرة والباطنة للطاعة وجعلها صالحة لاستعمال المعصية لتتحقق لهم الطاعة كما قلنا فاذا مالوا الى المعصية فان شاء ان يحول بينهم وبين ذلك فعل كما يفعل باهل اللطخ من المؤمنين والا مد لهم بمعونة المعصية وهي الخذلان وتركهم في ضلالتهم كما قال ونذرهم في طغيانهم يعمهون واعلم انه سبحانه يمد اهل الطاعة بالفعل المتعدي فيقول امدكم بانعام وبنين وهو يدل على الامداد الوجودي لمكان الفعل المتعدي واهل المعصية بالفعل اللازم كما قال تعالى قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا فاتى باللازم اشعارا بأن مددهم تخليتهم وتركهم وهو مدد عدمي فافهم ثم قال تعالى فذرهم وما يفترون ثم بين سر الحكمة الذي به يجري النظام على الحق القراح فقال ولتصغى اليه افئدة الذين لا يؤمنون بالاخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون واعلم ان بيان ما ورد فيهم من الايات والروايات وما اشتملت عليه من الاسرار لا يسع الوقت حصره وذلك لانهم لما انقطعوا في رياضاتهم كشف لهم عما اودعت ضمايرهم وهذا واجب في الحكمة وقد قال تعالى في الحديث القدسي حديث الاسرار ما معناه من اخلص لله العبودية اربعين صباحا تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه فان كان مؤمنا كان نورا له وان كان كافرا كان حجة عليه فلما راضوا انفسهم ظهرت ينابيع حكمة الجعل الالهي من قلوبهم على السنتهم فنطقوا بما قبلوا واجابوا في عالم الذر من احكام الانكار بعد التعريف فيأتون بالباطل مزخرفا مموها مؤيدا بالادلة الباطلة المزخرفة فيأتي كثير من العلماء الذين ما شربوا من حوض امير المؤمنين عليه السلم وقلوبهم ناشفة عطاشي فيرون هذا السراب يلوح كأنه ماء فلجأوا اليه وان لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا واتبعوا ما تتلوا الشياطين كالغزالي وتلميذه محمد بن عليّ الطائي المعروف عندنا بمميت ‌الدين ابن عربي لعنهما الله على ملك سليمان وهو في التأويل رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله الطاهرين حتى احدثا المناكر العظيمة مثل قول ابن ‌عربي انا الله بلا انا وفي فصوصه انشد :

فلولاه ولولانا لما كان الذي كانا
فانا اعبد حقا وانا الله مولانا
وانا عينه فاعلم اذا ما قيل انسانا
فلا تحجب بانسان فقد اعطاك برهانا
فكن حقا وكن خلقا تكن بالله رحمانا
وغذ خلقه منه تكن روحا وريحانا
فاعطيناه ما يبدو به فينا واعطانا
فصار الامر مقسوما باياه وايانا
واحياه الذي يدري به فينا واحيانا ( بقلبي حين احيانا خ )
وكنا فيه اكوانا واعيانا وازمانا
وليس بدائم فينا ولكن كان احيانا

فتأمل في كلامه لعنه الله حيث جعل كلما كان فهو منا ومنه لا بمعنى ما نقوله من ان الله فاعل الايجاد والعبد قابل للايجاد حين الايجاد كالكسر والانكسار والعبد مركب من الفعل والانفعال اي من الوجود المحدث المخترع لا من شيء ومن القابلية اي الماهية ولم يوجد احدهما قبل الاخر بل وجدا معا كالكسر والانكسار بل يريد ان الانسان وجوده عين الحق سبحانه ومشخصاته امور وهمية وفيما انتخبه ابو حيان الطبيب الشيرازي من الفتوحات المكية في اول الباب المأتين واحد وثمانين قال في معرفة منزل الصنم ( الضم خ ) واقامة الواحد مقام الجماعة من الحضرة المحمدية :

صلوة العصر ليس لها نظير لنظم الشمل فيها بالحبيب
هي الوسطى لامر فيه دور يحصله على امر عجيب

فسماها العصر لانه ضم الشيء الى شيء ( الشيء خ ) لاستخراج مطلوب فضمت ذات عبد مطلق في عبودية لا تشوبها ربوبية بوجه من الوجوه الى ذات حق مطلق في ربوبية لا تشوبها عبودية بوجه من اسم الهي لطلب الكون فلما تقابلت الذاتان بمثل هذه المعاني كان المعتصر عين الكمال للحق والعبد كان المطلوب له وجه العصر الخ وهو صريح فيما ذكرنا عنه ولهذا قال في شعره المتقدم فكن حقا وكن خلقا تكن بالله رحمانا ولهذا يمثلون بالبحر وهو الواجب والامواج وهي الخلايق فهي عبارة عنه وبالحروف من النفس وبالنقوش من المداد وقد قال شاعرهم :

وما الناس في التمثال الا كثلجة وانت لها الماء الذي هو نابع
ولكن بذوب الثلج يرفع حكمه ويوضع حكم الماء والامر واقع

وقال هو في شعره المتقدم : وانا عينه فاعلم وامثال ذلك ومع هذا قبله منه اكثر من يطلب المعرفة اذا لم يقتصر على هداية اهل البيت عليهم السلم مثل الملا صدرا ومثل الملا محسن حتى انه قال في الكلمات المكنونة انه سبحانه ما اوجد الا ذاته وغيرهما ممن لبس عليهم دينهم مميت الدين ابن عربي بتمويهاته بحيث لا يقدرون على رد كلامه بل قبلوه وزعموا ان هذا مراد اهل البيت عليهم السلم وزعم مميت ‌الدين ابن عربي لعنه الله ان علم الله سبحانه تابع لنا ومستفاد منا لانا معلوماته والعلم نسبة تابعة للمعلوم وذكر ذلك الملا محسن في الوافي في باب السعادة والشقاوة من كتاب العقل وبني المعرفة عليه ثم انه اوله بما يظهر منه انه غير راض به وبعد كم من سطر قال به حيث يقول في المشية وهي نسبة تابعة للعلم والعلم نسبة تابعة للمعلوم والمعلوم انت واحوالك انتهى وهو من قول ابن عربي في الشعر المتقدم فاعطيناه ما يبدو به فينا واعطانا ومن بدعه انه قال ان اهل النار يؤل امرهم الى النعيم والتلذذ بالعذاب وتبعه على ذلك الملا صدرا وغيره وتبعه الملا محسن وقرر ذلك في اخر كتابه النوادر لانه الف كتابا جعله الخامس عشر للوافي وجمع نوادر الاخبار وذكر هذا في اخره كما ذكر ابن عربي ومما ذكروا انه ليس لله ان شاء فعل وان شاء ترك لان الذي علمه لا بد ان يكونه فمشيته تابعة للعلم فهي احدية التعلق وذكر الملا محسن هذا في الموضع المذكور من باب السعادة والشقاوة من الوافي حيث قال فان قلت فما فايدة قوله تعالى فلو شاء لهديكم اجمعين قلنا لو حرف امتناع لامتناع فماشاء الا ما هو الامر عليه ولكن عين الممكن قابل للشيء وضده في حكم دليل العقل واي الحكمين المعقولين وقع فهو الذي عليه الممكن في حال ثبوته في العلم فمشيته احدية التعلق وهي نسبة تابعة للعلم والعلم نسبة تابعة للمعلوم والمعلوم انت واحوالك فعدم المشية معلل بعدم اعطاء اعيانهم هداية الجميع لتفاوت استعداداتهم وعدم قبول بعضهم للهداية وذلك لان الاختيار في حق الحق يعارضه وحدانية المشية فنسبته الى الحق من حيث ما هو الممكن عليه لا من حيث ما هو الحق عليه قال تعالى ولكن حق القول مني وقال أفمن حقت عليه كلمة العذاب وقال ما يبدل القول لدي فهذا هو الذي يليق بجناب الحق والذي يرجع الى الكون ولو شئنا لاتينا كل نفس هداها فما ( مما خ ) شاء فان الممكن قابل للهداية والضلال من حيث ما هو قابل فهو موضع الانقسام وفي نفس الامر ليس للحق فيه الا امر واحد انتهى كلامه فتدبر في هذا الكلام الذي قد اعكر فيه الظلام وما ظهر وبطن فيه من المفاسد العظام فتعالى الله عما يقولون علوا كبيرا فانه صريح في ان الله سبحانه ليس له اختيار وانما ينسب اليه الاختيار بملاحظة حال الممكن في نفسه انه قابل لامر ولضده وليس لله الا احد الوجهين وهو صريح ايضا ان العلم مستفاد من المعلوم وفي ان حقيقة زيد صورة علم الله وليست بمجعولة وان ليس لله في الخلايق كلها الا افاضة الوجود عليهم يعني اظهار تلك الحقايق لا احداثها واختراعها لا من شيء بل هي ازلية وان قوله تعالى ولو شئنا لاتينا كل نفس هديها يراد منه بالنظر الى حال الممكن في نفسه لا ان القدرة تتعلق بذلك ولهذا كثيرا ما يقولون ليس في الامكان ابدع مما كان ونسمع من اشخاص ممن يتبعون اهل هذا المذهب يقولون لا يصح ان يخلق الله شيئا الا ما خلقه وما يخلقه فلا يصح ان يخلق زيدا حيوانا فقلت له انه سبحانه قادر على ان يخلق ( من يقول بهذا خ ) هذا جمادا وقد فعل وانا اعنيه فينكرون قدرة الله على هداية الجميع ولم يفهموا قول الله سبحانه ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين وهذه شهادة من الله على من لم يعتقد ذلك انه من الجاهلين وانت اذا تأملت هذا الكلام ظهر لك منه ان الله سبحانه موجب لا مختار وانه انما يمكن تعلق قدرته ببعض الممكنات دون بعض وبيانه ان هذا الشيء في نفسه يمكن ان يكون متحركا وان يكون ساكنا الا ان الله سبحانه يخلقه كما علمه مثلا علمه ساكنا فيخلقه ساكنا ولا يمكن ان يخلقه متحركا وان كان قبل ان يخلقه ساكنا يمكن ان يخلقه متحركا مع انهم يقرون بأن الطرفين ممكنان ولا تتعلق قدرته بهما وان كان على التعاقب لا من حيث ان الجسم لا يكون متحركا ساكنا في حال واحد بل من حيث انه علم احدهما فلا يمكن ايجاد الاخر وان كان في حال اخر فيكون عندهم انه قادر على بعض الممكنات دون بعض وان علمه تابع للمعلوم الذي هو انت واحوالك وانك انت الذي تعطيه علمه بك وان الحقايق ليست مجعولة بل هي قديمة وانه سبحانه ليس له ان شاء فعل وان شاء ترك لان مشيته احدية التعلق وامثال ذلك مما هو خلاف الحق وليس من مذهب اهل الحق ولا ائمتهم عليهم السلم في شيء ومع هذا فمن يقول به من هذه الفرقة يزعم انه مذهب اهل البيت عليهم السلم فيردف الباطل بالكذب واعتقاد حقيته وامثال ذلك من الاعتقادات الفاسدة والدعاوي الباطلة مما اسسه لهم مميت الدين ابن عربي واتخذوه لهم اماما من دون الامام الحق عليه السلم وهم لا يعلمون وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا وقد وقفوا على معتقداته وعباراته مما معناها ان السامري جرى في معصيته بصنعه العجل ودعوى انه الههم واله موسى على محبة الله سبحانه لانه سبحانه يحب ان يعبد في كل صورة وحكمه على ان فرعون لعنهما الله مؤمن لانه تاب لقوله تعالى قال امنت انه لا اله الا الذي امنت به بنو اسرائيل وانا من المسلمين حتى نقل عن بعض من يقتدي به من الشيعة من العلماء المحققين انه قال ما معناه ان هذا الكلام يعني كلام ابن عربي في حكمه بايمان فرعون يشم منه رايحة التحقيق او كما قال فتأمل رحمك الله في هذا الكلام الباطل الذي يوجب الكفر لرده لمحكم كتاب الله فانه سبحانه يقول وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر احدهم الموت قال اني تبت الان ولا الذين يموتون وهم كفار فسوى بينهما ومميت الدين فرق بينهما وقال تعالى فلما رأوا بأسنا قالوا امنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا ومميت الدين قال ينفعهم ايمانهم وان رأوا بأس الله وقال سبحانه في فرعون قال فاوقد لي يا هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعليّ اطلع الى اله موسى واني لاظنه من الكاذبين واستكبر هو وجنوده في الارض بغير الحق وظنوا انهم الينا لا يرجعون فاخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين وجعلناهم ائمة يدعون الى النار ويوم القيمة لا ينصرون واتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيمة هم من المقبوحين فبالله عليك هل تجد احتمالا لمن انزل الله فيه مثل هذه الايات للايمان بوجه ما وكذلك قوله تعالى وما امر فرعون برشيد يقدم قومه يوم القيمة فاوردهم النار وبئس الورد المورود واتبعوا في هذه لعنة ويوم القيمة بئس الرفد المرفود فاحتمل بعض القائلين بذلك ان فرعون يورد قومه النار ويرجع عنهم ويدخل الجنة وهذا الكلام رد لقوله تعالى انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم وفرعون قد عبد من دون الله راضيا بذلك طالبا له قد وتد من انكر الالهية ( الهيته خ ) بالاوتاد فان قيل انما قال الله وما تعبدون ولم يقل ومن تعبدون ليخرج عيسى عليه السلم والملئكة قلنا ان ما كما تستعمل في غير العقلاء تستعمل في العقلاء مثل قوله فانكحوا ما طاب لكم من النساء وانما خرج عيسى عليه السلم والملائكة بقوله تعالى ان الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون فهل سبقت لفرعون من الله الحسنى واما ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله لما اعترضه عبد الله بن الزبعري بذلك الكلام انه قال له ما اجهلك بلسان قومك ان الله تعالى قال وما تعبدون ولم يقل ومن تعبدون الحديث فمراده صلى الله عليه وآله قطع حجة ابن‌ الزبعري لا حصر الحكم في غير العقلاء لاجماع المسلمين على ان من ادعى الربوبية وطلب ان يعبد من دون الله انه في النار من جميع الخلق كما قال سبحانه ومن يقل منهم اني اله من دونه فذلك نجزيه جهنم الاية وبالجملة ان الصوفية قد ورد في ذمهم اخبار كثيرة : منها ما رواه الاردبيلي رحمه الله في حديقة‌ الشيعة بسنده عن محمد بن الحسين بن ابي ‌الخطاب قال كنت مع الهادي عليّ بن محمد عليه السلم في مسجد النبي صلى الله عليه وآله فاتاه جماعة من اصحابه منهم ابو هاشم الجعفري وكان رجلا بليغا وكانت له منزلة عنده ثم دخل المسجد جماعة من الصوفية وجلسوا في ناحية مستديرا واخذوا بالتهليل فقال عليه السلم لا تلتفتوا الى هؤلاء الخداعين فانهم حلفاء ( خلفاء خ ) الشياطين ومخربوا قواعد الدين يتنزهون لا راحة الاجسام ويتهجدون لتصييد الانام يتجوعون عمرا حتى يذبحوا للاكاف حمرا لا يهللون الا لغرور الناس ولا يقللون الغذاء الا لملأ الغساس واختلاس قلوب الدنفاس باحلائهم في الحب ويطرحون بادلائهم في الجب اورادهم الرقص والتصدية واذكارهم الترنم والتغنية فلا يتبعهم الا السفهاء ولا يعتقدهم الا الحمقاء فمن ذهب الى زيارة احدهم فكأن ( فكأنما خ ) اعان يزيد ومعاوية واباسفيان فقال له رجل من اصحابه وان كان معترفا بحقوقكم قال فنظر اليه شبه المغضب وقال دع ذا عنك من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا اما تدري ان اخس الطوايف الصوفية والصوفية كلهم مخالفونا فطريقتهم مخالفة لطريقتنا وان هم الا نصارى او مجوس هذه الامة اولئك الذين يجهدون في اطفاء نور الله بافواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون انتهى بيان بعض الفاظ هذا الحديث : الاكاف ككتاب وغراب الحمار والغساس كغراب داء في الابل والدنفاس بكسر الدال والدنفس بكسرها الحمقاء والاحمق الدني والاحلاء من الحلى او من الحلاوة والادلاء جمع دلاء جمع دلو ومن الكتاب المذكور باسناده عن الرضا عليه السلم قال لا يقول احد بالتصوف الا لخدعة او ضلالة او حماقة واما من سمي نفسه صوفيا للتقية فلا اثم عليه ورواه المفيد في كتاب الرد على اصحاب الحلاج وفي اخره ومن سمى نفسه صوفيا للتقية فلا اثم عليه وعلامته بأن يكتفي بالتسمية ولا يقول بشيء من عقايدهم الباطلة ه‍ ومن الكتاب المذكور بسند صحيح عن الرضا عليه السلم من ذكر عنده الصوفية ولم ينكر عليهم بلسانه او بقلبه فليس منا ومن انكرهم فكأنما جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وبسنده قال قال رجل للصادق عليه السلم قد خرج في هذا الزمان قوم يقال لهم الصوفية فما تقول فيهم فقال انهم اعداؤنا فمن مال اليهم فهو منهم ويحشر معهم وسيكون اقوام يدعون حبنا ويميلون اليهم ويشبهون بهم ويلقبون انفسهم بلقبهم ويأولون اقوالهم الا فمن مال اليهم فليس منا وانا منه برءاء ومن انكرهم ورد عليهم كان كمن جاهد الكفار مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انتهى وروى شيخنا البهائي في كشكوله قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يقوم الساعة على امتي حتى يخرج قوم من امتي اسمهم صوفية ليسوا مني وانهم يهود امتي يحلقون للذكر رؤسهم ويرفعون اصواتهم للذكر يظنون انهم على طريق الابرار بل هم اضل من الكفار وهم اهل النار لهم شهقة كشهقة الحمار وقولهم قول الابرار وعملهم عمل الفجار وهم منازعون للعلماء ليس لهم ايمان وهم معجبون باعمالهم ليس لهم من عملهم الا التعب انتهى وقال الشيخ الحر محمد بن الحسن في جواب بعض المسائل ان الاحاديث الواردة في ذم الصوفية عموما وخصوصا وفي لعنهم وتكفيرهم وبطلان كل ما اختصوا به متواترة تقرب من الف حديث وليس لها معارض انتهى فان قلت ان هذه الاخبار يراد منها العامة واما علماؤنا فلا قلت ان من اشرت اليهم مالوا اليهم وقالوا بما اختصوا به مما هو مخالف لمذهب الحق ظاهرا وباطنا كما مر وانت تأمل في هذه الاحاديث وانظر كيف حال من مال اليهم واول كلامهم او اعتقد معتقدهم يظهر لك الجواب هذا وقد ذكرنا لك سابقا ان التصوف اصله مبني على مذهب العامة ملحوظا فيه مضادة ائمة الهدى عليهم السلم واما العرفاء فاعلم ان الفرق بين العارف والصوفي يعرف بالعلم والعمل اما العلم فان رأيت الرجل العارف المدرك للحقايق يكون جميع معتقداته ومعارفه لا تخالف شيئا مما عليه الائمة عليهم السلم ولا شيئا مما عليه ظاهر العوام الا ان العارف يقول بقول كقول العوام ويعرف المراد والعوام قد يخفى عليهم المراد فاذا كان كذلك فهو العارف وان خالف ظاهر الملة فهو جاهل او معاند وليس في شيء من المعرفة لان الشارع عليه السلم ما ترك شيئا الا وابانه لسائر الناس وما لم يبنه لم يجز لاحد بيانه وانما كان هذا هو الفرق والعلامة لان الباطن لا يخالف الظاهر فان خالفه دل على بطلان الباطن لان الظاهر حق وهو الذي بني عليه الاسلام والايمان وهو المحسوس والمتواتر فلا يحتمل الخطاء واما غيره فيحتمل الخطاء والصواب ودليل الصواب مطابقته للظاهر المقطوع به فكما ان روح الانسان التي هي الباطن لو وضعت في بدن حيوان لما طابقت معه وبالعكس كذلك المعتقدات الظاهرة والباطنة فافهم الاشارة واما العمل فظاهر لان العارف يعمل بما وضع له الشارع عليه السلم كما امر لانه عليه السلم قدر التكاليف بهيئات تطابق هيئات الموجود المكلف بل الوجود التكليفي الشرعي اصل للشرع الوجودي والشرع الوجودي فرعه وظاهره فالعارف ان كان عارفا عرف ان المراد من باطن المكلف العبادة الباطنة التي هي المعارف والمعتقدات الحقة وان المراد من ظاهر المكلف المعرفة الظاهرة التي هي العبادة والاعمال كما قرر الشارع عليه السلم لان التكليف كما توجه الى القلب والروح والنفس والفؤاد كذلك توجه الى الجسد من رأسه وعينيه واذنيه ويديه ورجليه وسائر جسده فاذا رأيت العارف مقصرا في العبادة الظاهرة فهو جاهل لا عارف ومن الناس من يعجبك قوله في الحيوة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه لانه ترك العبادة طلبا لراحة بدنه فان قيل ان الاعتبار بعبادة الباطن قلنا تريد ان باطنك يؤمن وظاهرك يكفر فاي شيء منك غير مكلف وان من شيء الا يسبح بحمده وبالجملة الاستقصاء في امثال هذه يطول بها الكلام والعاقل تكفيه الاشارة ولو كان قلبي مجتمعا لاذنت للقلم يجري في هذا الميدان حتى يقطع الزمان ويسير في الدهر حتى يفنى العمر ويسير في السرمد الى ان ينقطع المد ويفنى الحد وهذا من بعض ما قلنا ان لنا كلاما في ذلك

قال سلمه الله تعالى : ان المريد لقطع الطريق بمقتضى الرفيق ثم الطريق لا بد له من رفيق للايصال ومراد للاكمال ولا يتيسر الوصول من دونه غالبا اهو شيء تفوهوا به وتقولوا على الله رب العالمين واسسوا من الاساس في مقابل المعصومين عليهم صلوات المصلين من وجوب اطاعة المريدين او له اصل في الحقيقة وان اختلط في الاخرين الغث بالسمين
اقول المريد بقطع الطريق يأتي البيوت من ابوابها والابواب هم اهل العصمة عليهم السلم واقرب الطرق الى الله سبحانه ما اسسه الشارع عليه السلم من الاعتقادات والصلوات المفروضة والمندوبة واسباغ الطهارات وما ذكر فيها من الادعية والاداب وحسن العمل وتلاوة القران والتفكر في ملكوت السموات والارض وما خلق الله من شيء وذكر الموت والاستعداد للرحيل من هذه الدار وامثال ذلك مما ذكره الائمة عليهم السلم لاصحابهم وهو ما عندكم من كتب الشريعة والطريقة والحقيقة هذا اصح الطرق واقربها الى الله واعدلها ولقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس العلم بكثرة التعلم وانما هو نور يقذفه الله في قلب من يحب فينشرح فيشاهد الغيب وينفسح فيحتمل البلاء قيل وهل لذلك من علامة قال صلى الله عليه وآله التجافي عن دار الغرور والانابة الى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزوله فبين صلى الله عليه وآله ان العلم نور يقذفه الله في قلب من يحب وفي رواية من يشاء وبين الله سبحانه في الحديث القدسي حال من يحب فقال مازال العبد يتقرب اليّ بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها ان دعاني اجبته وان سألني اعطيته وان سكت ابتدأته وروي عن عليّ عليه السلم انه قال ليس العلم في السماء فينزل اليكم ولا في الارض فيصعد اليكم ولكن العلم مجبول في قلوبكم تأدبوا باداب الروحانيين يظهر لكم والحاصل ان العلم قد عرض على الخلق في عالم الذر فلا يقبل احد شيئا من العلوم الا ما قبله هناك واما المعلمون في الدنيا فانهم في الحقيقة منبهون للمتعلم على ما غفل عنه ومذكرون له ما نسيه الا ترى انك اذا اخبرك معلمك بمسائل لا تقبل منها الا ما ادركته وادراكك الان فرع على ادراكك في عالم الذر وهو معنى قول جعفر بن محمد عليهما السلم ثبتت المعرفة ونسوا الموقف وفي رواية وسيذكرونه يوما ما ولولا ذلك لم يدر احد من خالقه ولا رازقه فقال عليه السلم وسيذكرونه يوما ما ولم يقل وسيتعلمون فافهم وايضا فانهم عليهم السلم قالوا نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون يعني من اخذ عنا وسلك الطريق الذي فتحنا للسالك علمناه ما اراد من العلوم على حسب قابليته ففي الحقيقة ظاهرا وباطنا هم المرشدون الى كل خير من اقتدى بهم وهم الذائدون عن ورود الحق من لم يقبل واتخذ دونهم الولائج لانهم هم ابواب الله فلا ينزل من الله سبحانه خير من وجود ونور وخلق ورزق وحيوة وممات الى احد من ساير المخلوقات الا بواسطتهم ولا يصعد عمل ولا دعاء ولا شيء من المخلوقات الى الله الا بواسطتهم وقد قرروا الحق واوضحوا السبل وبينوا انه لا يصاب الحق بغيرهم وانما بهم يعرف الله قال امير المؤمنين عليه السلم نحن الاعراف الذين لا يعرف الله الا بسبيل معرفتنا وكلامه عليه السلم هذا له ثلاثة معان عند آل الله احدها ان قوله لا يعرف الله الا بطريق ما نعرفه او نعرفه بتشديد الراء بمعنى ما نصفه به من الصفات التي تليق بعز جلاله لشيعتنا ولمن يقبل منا اذ كل ما لم‌نصفه به فهو باطل لا يجوز اطلاقه عليه وثانيها ان من عرف الله ولم يعرفنا لم يعرف الله وانما عرف غير الله لانا اركان توحيده وهياكل معرفته وصفات تعرفه وتعريفه والشيء لا يعرف الا بصفات تعرفه او تعريفه فكانت تلك الصفات مثل معرفته وهيكل ظهوره بتعرفه وتعريفه وثالثها مما امر اهل العصمة عليهم السلم بكتمانه ونهوا عن اظهاره بل هم الذين يعلمونه من شاؤا بامر الله الخاص فالطريق طريقهم والسير اليهم فهم عليهم السلم الادلاء وهم المطلوبون وقد اشار الله سبحانه الى ذلك بقوله وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي واياما امنين فعلى رواية انهم قرى الظاهرة وقد امر الله جميع خلقه ان يسيروا فيها لانهم الادلاء الى القرى التي بارك فيها وهي علاماته ومقاماته التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفه بها من عرفه واما على الرواية الاخرى فالقرى الظاهرة العلماء من الشيعة امر الله الرعية ان يسيروا فيها الى الائمة عليهم السلم وهم القرى التي باركنا فيها وعلى كل حال فهم الادلاء على الله تعالى لا غيرهم الا بسبيل هديهم فاذا تقرر ما اشرنا اليه فاعلم انهم عليهم السلم قد اذنوا لاتباعهم في جميع ما اسسوه من جميع الاعمال فاذا عمل الشخص بما امروا به عليهم السلم فهو يسير بدلالتهم فلا حاجة لاحد الى مرشد غيرهم والمرشد الى طريقتهم كما اسسوا ليس واسطة وانما هو منبه ومذكر كما ذكرنا سابقا وعلى ما ذكرتم من مقتضى الرفيق ثم الطريق لا يدل على اتخاذ المرشد كما زعموا لان الرفيق هو المصاحب في السير لا الحامل والمرشد عندهم هو السفينة النجاة وهو الحامل وهو الذي يسيرهم في البر والبحر ومما ندبهم اليه الشيطان انه قال لهم يجب استحضار صورة المرشد عند نية العبادة والا لم تقبل واعلم ان المعبود سبحانه ليس في مكان ولا يخلو منه مكان ولا جهة في الغيب والشهادة وصورة المرشد محدودة مميزة في خيال المريد في اسفل الدهر من عالم الملكوت او في اوسطه على احد الاعتبارين فاذا كان الباب الموصل الى رب الارباب مميزا محدودا اوصل المريد الى مميز محدود باشارة ملكوتية والمعبود جل وعلا لا يشار اليه باشارة حسية ولا ملكوتية ولا جبروتية وانما يطلب بكشف سبحات الجلال من غير اشارة فاذا محى الموهوم صحى المعلوم والعابد على ما علموه ائمة الهدى عليهم السلم يتوجه الى الله لا الى جهة ولا باشارة فيظهر له الوجه ذو الجلال والاكرام فاينما تولوا فثم وجه الله ان الله واسع عليم فلا يجوز عندهم ان يستحضر العابد عند نيته صورة ابدا لا فرق بين صورة محمد وعليّ والهما صلى الله عليهم اجمعين وبين صورة غيرهم لان الصورة محدودة والمحدود لا يوصل الى غير محدود وانما يوصل الى مثله قال عليه السلم انما تحد الادوات انفسها وتشير الالات الى نظايرها فالمراد لا يوصل الى الاكمال ولا الى كمال وانما يوصل الى النقص والاضلال والضلال وما ذكروه فانما هو شيء تفوهوا به وتقولوه ورووا في اسناده الى الائمة عليهم السلم روايات عامية مكذوبة يضلون بها الطالبين وقد تقدم فيما ذكرنا ان اصل هذا المذهب عامي ومبني على مذهب العامة والداعي لتأسيسه مقابلة ائمة الهدى عليهم السلم لينصبوا لهم حجة من انفسهم يعدلون به الحجة الذي نصبه الله لعباده وهو تأويل قوله تعالى تالله ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويكم برب العالمين وكما قال تعالى وهم بربهم يعدلون فلما ارادوا ذلك خذلهم الله سبحانه ولتصغى اليه افئدة الذين لا يؤمنون بالاخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون وهذا المذهب ليس له اصل في العلم ولا في العمل وانما هو من تلك الشياطين المتلونين المموهين الذين مزجوا اليقين بالتخمين والغث بالسمين فهو طعام من غسلين وضريع لا يسمن ولا يغني من جوع فاياك ان تميل اليهم ظاهرا او باطنا او تصحح شيئا من اقوالهم وان كان حقا يجب العمل به فخذه عن اهله المحقين فلو اخذت من المبطلين انه منهم كان باطلا فافهم وفقك الله تعالى لما يحب ويرضى

قال ايده الله تعالى : وعلى الاول فمن المراد من الشيخ المقتدي أهو من كان عاليا على السالك في الجملة للزوم المناسبة بين المهتدي والمهتدى به ولان العالي الكامل لا نظر له الى السافل او هو من كان قاطعا لعقبات الطريق ومنتهيا لا مقيما هناك بل راجعا ثانيا لايصال القوافل فردا فردا بلا واسطة لجامعيته واحاطته ومناسبته للكل وتمكنه من النزول في مرتبة السافل كما هو حال النبي صلى الله عليه وآله البالغ الى الاعالي المبعوث على الادنى او بواسطة لامتناع الطفرة في الفيض كالمكان والزمان
اقول لا نقول بقولهم ولا نريد مرادهم ولكن لما كان لكل مسئلة جواب والجواب قد يتوقف على بيان السؤال قلنا المفروض من الشيخ المكمل على ما يدعيه اولئك ليس مجرد من كان اعلى من المريد في الجملة لان مثل ذلك هو ساير والساير انما يسير بين طلول ممحلة وعقبات كؤد وامواج هائلة في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب فيه ظلمات ورعد وبرق يكاد سنا برقه يذهب بالابصار ولقد اشار عبد الله بن القاسم السهروردي في قصيدته في وصف هذا الطريق والسايرين من فحول الرجال والواصلين فيه قال :

حملوا حملة الفحول ولا يسرع يوم اللقاء الا الفحول
بدلوا انفسا سخت حين شحت بوصال واستصغر المبذول
ثم غابوا من بعد ما اقتحموها بين امواجها وجائت سيول
قذفتهم الى الرسوم فكل دمعه في طلولها مطلول
نارنا هذه تضيء لمن يسري بليل لكنها لا تنيل
منتهى الحظ ما تزود منه اللحظ والمدركون ذاك قليل

فالطريق التي هذه حالها لا يهدى فيها الا واحد الوقت الواصل الذي كانت نفسه كاملة بعد ان كانت مطمئنة راضية مرضية لان من ليس كاملا في نفسه لا يكمل وان كان قد يحصل من غيره تكميل لشخص انقص بما عنده من الزيادة عليه الا انه قد يحصل منه نقص يصل الى ذلك الشخص التابع لما فيه من النقص فلا بد ان يكون المتبوع كاملا ليكمل بفاضل كماله نقص غيره وبيان حال ذي الفضل ان الاشياء على ثلثة اقسام قسم تزيد لطيفته من ربه على حقيقته كالنور فان استضائته تزيد على حقيقته فهو بما يخص حقيقته ظاهر في نفسه وبفاضله مظهر لغيره والثاني لطيفته بقدر حقيقته كالجمرة فانها بها ظاهرة في نفسها وليس فيها فاضل يظهر به غيرها والثالث كالاشياء الغاسقة كالحجر فان لطيفته تنقص عن حقيقته فلهذا لا يكون بنفسه ظاهرا وانما يظهر لغيره ولا يظهر غيره لانه يعجز عن اظهار نفسه فالمطلوب من الشيخ من كان من القسم الاول ليكمل بفاضل كماله الناقصين ولا يلزم منه عدم المناسبة ولا الطفرة في الوجود ولا ان العالي لا نظر له الى السافل لان الموصوف بما ذكرنا له مع من يريد تكميله احد حالين الاول له ان ينزل في مظاهره الى ان يقرب من السافل كما كان تفعله الائمة عليهم السلم في بعض الاحوال اذا ارادوا ان يخاطبوا بعض الحيوانات يهمهم كما يفعل ذلك الحيوان المخاطب بحيث يفهم الحيوان خطابه عليه السلم كما في رواية محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلم في خطاب الورشان مع انثاه ومراتب نزوله عليه السلم من رتبته الى رتبة الطيور هي مظاهر له فلا طفرة في الفيض ولا عدم مناسبته بل الوجود على هذا متصل متناسب الثاني ان يرفع الناقص بفاضله فيكمله اما حال الخطاب خاصة ثم يسلب منه ذلك الفاضل كما ينطق الجماد والحيوانات بالكلام الفصيح وكما امر الرضا عليه السلم صورتي السبع اللتين في مسند المأمون فقاما سبعين فاكلا خادم المأمون وامرهما فرجعا صورتين وكذلك الهادي عليه السلم حين امر الصورة فقامت سبعا فابتلع الهندي ثم امره فرجع صورة فبفاضل لطيفته كمل الصورة حتى كانت سبعا ثم سلب عنه ما اعطاه ولو شاء ابقاه على حالته وبيان حقيقة هذا يحتاج الى تطويل ولا يقدر على النزول في المظاهر حتى يصل الى السافل او يكمل السافل حتى يقرب من العالي الا الكامل المتصرف ومن كان هذا حاله فله نظر الى السافل لان هذا الموصوف علة للناقص والمعلول الذي مادته وصورته من العلة او بالعلة يكون قايما بعلته قيام صدور او قيام تحقق وهذه الحال لا يكون من المرشد وعلامة مثل ذلك انه اذا مات مات المعلول كالضياء فانه لا وجود له بدون المنير والى هذا المعنى اشار امير المؤمنين عليه السلم بقوله وخلق الانسان ذا نفس ناطقة ان زكيها بالعلم والعمل فقد شابهت اوائل جواهر عللها فاذا اعتدل مزاجها فارقت الاضداد فقد شارك بها السبع الشداد ه‍ فاذا تقرر هذا تبين لمن عرفه ان العالي ان كان له نظر الى السافل جاز ان يقال انه يكمله ولا يستغني عنه والا فلا وان علمه شيئا فهو مذكر ومنبه كما ذكرنا سابقا ثم ان العالي المشار اليه لا بد ان يكون قبل السافل وبعده والا فلا يكون مكملا بل هو رفيق ومشارك ومذكر ومنبه واما كيفية تكميله لكل فرد فلأنه باب المدد والقابلية شرط في حصول المدد واليه الاشارة بقوله تعالى بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون

قال سلمه الله تعالى : وعلى الثاني فالاستهلاك الذي يلتزمونه ويعبرون عنه بالفناء في الشيخ لا بأس به كثيرا الا ما يتراءى من كون الشيخ حجابا يلزم قطعه ايضا ان لم يمنعه الاستهلاك فيه وعلى الاخير وربما كان مآله الى الاول يلزم شهود المطلوب تحت الف حجاب مثلا اذا كان الوسايط بهذا العدد وحصل الاستهلاك والفناء بين المريد والمراد وان كان الاخير ممتازا عن الاول اذا كان نظر السالك في الاخير الى المراد الحقيقي بواسطة او بوسايط فهو في الجملة شهود الوحدة في الكثرة فلا يلزم فيه ما يتوهم وروده في الاول من عبادة العجل والوجود المقيد حيث كان المنظور هو المراد لا غير
اقول اشرنا الى ان الذي يوافق مرادهم هو الثاني لانهم يدعونه في كل مرشد وان كان جاهلا لان اصل هذا المذهب وضع لمقابلة اهل العصمة عليهم السلم ولقد وقفت لهم على دعاوي عظيمة من بعضها ان شخصا منهم كتب في كتاب صنفه انه لو شئت لاظهرت من القران الف الف علم كل ادلتها من القران ولكن يمنعني اني لو اظهرت شيئا من تلك الادلة لما قبلتها عقول الناس لجهلهم باسرارها وقال شخص لو شئت لاوقرت سبعين بغلا من تفسير الف الحمد لله وكل هذا في مقابلة ما ذكره امير المؤمنين عليه السلم في باء بسم الله وارادوا بتلك الادلة وتلك العلوم اشياء يحرمها الشارع عليه السلم وينهي عنها وليقولون انما نهى ذلك العوام حتى ان منهم من جوز النكاح المردان بالعقد والصداق واستدل عليه ان التزويج حقيقة شرعية في العقد والصداق وذلك مما قال في محكم كتابه او يزوجهم ذكرانا واناثا فلو قلت له ليس هذا مراد الله لقال لك اني قد قلت لك ان هذه الاشياء من العلوم وادلتها لا تفهمها العوام وتنكرها وانما هي للخواص وكل هذه الضلالات والتكلفات التي ابتدعوها لاجل معارضة ائمة الهدى عليهم السلم ويدعون كل فضايل الائمة عليهم السلم فالمرشد عندهم بهذه الحال وان كان جاهلا وذلك ما قال الله سبحانه ان الذين يلحدون في اسمائه الاية واما الاستهلاك والفناء الذي ذكروه في الشيخ حتى ان شاعرهم يقول في حق المريد بالنسبة الى الشيخ :

اعدم وجودك لا تشهد له اثرا ودعه يهدمه طورا ويبنيه

ففيه بأس كثير وضلال كبير وذلك لان هذا الشيخ اذا كان المريد يعلم انه ليس بمعصوم بل يجوز عليه الخطاء فالواجب في الحكمة ان يقبل المريد كلما لا يخالف الضرورة من الدين والمذهب اذا عرف من شيخه دليله ويرد كلما خالف الضرورة من الدين والمذهب هذا في الاصول واما في الفروع اذا كان الشيخ من اهل الاستنباط واهل الاستفتاح بشروطها جاز ان يأخذ عنه الحكم الذي لا يخالف اجماع اهل المذهب من غير دليل واما اذا كان للمريد ميل الى شيخه فلا يجوز له الاعتماد على مجرد الميل ثم انا نقول اما المعصوم عليه السلم فلا اشكال في اصابته الحق في كل اقواله واعماله وافعاله واحواله وذلك معلوم واما غيره فانما اشترطنا في جواز الاخذ عنه في المعتقدات الدليل الذي يكفي المريد والا يكون مخالفا لظاهر الملة الحنفية من الاسلام والايمان لان الشخص في عالم الذر خاطبه الله بايجاده في اجابته بمعنى ان الايجاد مادة والاجابة صورة والحقيقة في بطن الصورة التي هي الام لا في صلب المادة الذي هو الاب ولهذا قال عليه السلم السعيد من سعد في بطن امه والشقي من شقي في بطن امه فالسعادة والشقاوة في الصورة لا في المادة اما ترى الى السرير والصنم فان مادتهما واحدة وهو الخشب وطيب السرير في صورته ومن صورته وخبث الصنم في صورته ومن صورته وكذلك المداد فانه صالح لان تكتب به الاسم الشريف والاسم الوضيع وانما يتحققان في الصورة ونظير ذلك ما قال الشاعر:

أرى الاحسان عند الحر دينا وعند النذل منقصة وذما
كقطر الماء في الاصداف درو في بطن الافاعي صار سما

فلما خاطب الله الشخص بايجاده بقوله الست بربكم كانت اجابته للسؤال صورة حقيقته وماهيته من السعادة والشقاوة فان اجاب بالطاعة والانقياد كانت السعادة وان اجاب بالانكار والجحود كانت الشقاوة مع ان المادة التي هي الايجاد واحدة وهي الست بربكم واجاب بالانكار والجحود خلق الله طينته من ذلك وهو من صورة الحيوانات والشياطين وهي طينته خبال من سجين كلا ان كتاب الفجار لفي سجين واعلم ان الشخص عبارة عن هذه المادة وهذه الصورة وليس شيء منهما قبل الاخر لا في الوجود ولا في الظهور وانما هما متلازمان في الوجود كالكسر والانكسار وجميع الخلق اجابوا بقولهم بلى وهي صورة الاجابة فمن قالها بلسانه وقلبه خلق انسانا ظاهرا في صورته وباطنا في حقيقته ومن اجاب بلسانه وانكر بقلبه خلق انسانا ظاهرا في صورته وحيوانا او شيطانا في حقيقته فلما رجعهم الى الطين وخلقهم في هذه النشأة على ما هم عليه في عالم الاظلة والذر فاذا كبر الرجل وطلب العلوم واستعمل الرياضة كشف له عن حقيقة اجابته في عالم الذر فالكشف الذي يدعونه اهل التصوف انما يكشف للشخص عن حقيقة اجابته لا عن حقيقة الامر الواقع ولهذا ذكر مميت الدين ابن عربي في فتوحاته المكية في ذكر الاولياء ان منهم من له الخلافة الظاهرة والباطنة مثل ابي‌ بكر وعليّ عليه السلم ومعوية لعنه الله ويزيد بن معاوية وعمر بن عبد العزيز لعنهما الله والمتوكل لعنه الله من بني ‌العباس فتأمل في هذا الكشف الذي ظهر على هذه المرءاة السوء فان خلافة يزيد بن معاوية لعنه الله الباطنة لعل المراد منها شرب الخمور ونكاح المحارم وقتل الحسين عليه السلم واما مثل خلافة المتوكل لعنه الله الباطنة فلعل المراد انه اذا اراد الزنا واللواط في النهار ما يفعل ذلك في الاسواق وانما يفعله في البيوت مستخفيا عن عامة اهل البلد لا عن البعض وهذه خلافة يصدق عليها انها باطنة لعن الله ابن عربي بعدد ما في علم الله فالكشف الذي يكشف عن هذه الحقايق وامثالها مما ذكر بعضه سابقا كيف يجوز العاقل المتقي ان يركن اليه ويقبله وكيف لا يكون فيه بأس كثير ما لم يكن القدوة معصوما واما على ما يتراءي من كونه حجابا يلزم قطعه فنقول ان كان حجابا عليا امتنع قطعه بل لا يمكن الوصول الى حقيقته لان المعلول لا يصل الى رتبة العلة ابدا لان هنا سرا خفيا اشير لك الى بيانه فاقول اعلم ان العلة في الحقيقة اظهار الفاعل مفعوله بمادة فيضه وهو وجود ذلك المفعول من اختراع فعل فاعله وبمهيته واكوانه الستة المقومات لمهيته وهي الوقت والمكان والجهة والمرتبة والكم والكيف وما يتبع ذلك كله وذلك الاظهار هو علة ذلك المفعول والمفعول قايم به قيام صدور وهذا الاظهار هو صفة الفاعل سواء كان نفس الاظهار او محله المعبر عنه والمشار اليه في احاديثهم عليهم السلم بقولهم نحن محال مشية الله تعالى والذات اذا توجهت اليها غيبت الصفة وان كنت لا تصل الا الى الصفة او لا تدرك الا الصفة مثاله اذا خاطبتك وقلت لك يا قاعد فانا لا اعني القعود ولااخاطب الا الذات الظاهرة لي بالقعود ولكني لا اصل اليك الا بالصفة فانا لم اتجاوز الصفة ولم اخرقها ولكن الذات ظهرت لي بالصفة ظهورا غيبت الصفة فلو اشترطنا في معرفة الذات تجاوز الحجاب لكان لا يعرف احد ربه حتى يكون اعلى رتبة من محمد وآله صلى الله عليه وآله لان من خرق الحجاب فقد تجاوزه وكان اعلى رتبة منه وان كان حجابا غير العلة على نحو ما اشرنا يجب هتكه والا لم يعرف ربه كما قال امير المؤمنين عليه السلم لكميل بن زياد هتك الستر وغلبة السر فان استهلك في مثل هذا الحجاب ولم يتجاوزه هلك واما لزوم شهود المطلوب تحت الف حجاب فكل هذه خرافات لان المطلوب لا يشهد الا بمحو كل حجاب حتى حجاب المحبة وحجاب الاشارة والكيف ظاهرا وباطنا غيبا وشهادة كما قال عليه السلم لكميل كشف سبحات الجلال من غير اشارة وقول الصادق عليه السلم في تفسير عبدنا في قوله تعالى وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا الاية قال العين علمه بالله والباء بونه من الخلق والدال دنوه من الخالق بلا اشارة ولا كيف واما الفناء بين المريد والمراد فان اريد من المراد الذات البحت فدون ذلك خرط القتاد وان اريد به ظهور لك فهو حق ولكنه ظهوره لك بك ففناؤك فيك كما اشار عليّ عليه السلم بقوله لا تحيط به الاوهام بل تجلى لها بها وبها امتنع منها لان اعلى مظاهره لك هو نفسك من فعله لانه سبحانه تعرف لك بوصفه لك الذي هو ذاتك قال عليه السلم من عرف نفسه فقد عرف ربه واما قولكم وان كان الاخير الى قولكم فهو في الجملة شهود الوحدة في الكثرة فان اريد بالوحدة المشهود في الكثرة الوحدة الواجبة الذاتية فهو قول الكفر اين التراب ورب الارباب قال عليّ عليه السلم انتهى المخلوق الى مثله والجأه الطلب الى شكله الطريق مسدود والطلب مردود وان اريد بالوحدة وحدة اول الوجود المقيد المعبر عنه بالماء الاول وهو المخترع بفعل الله لا من شيء وهو الذي قام به كل شيء وهو المساق الى البلد الميت والارض الجرز فكان اول ثابت فيها العقل الاول الذي هو اول غصن من شجرة الخلد في جنان الصاقورة الذائق من حدايقهم الباكورة فان اريد به مطلق الوجود المقيد من ظاهر ومظاهر واعراض وجواهر مما ملأ العمق الاكبر فلا بعد في ادراك العارف لهذه الوحدة وهذا احد معاني وجه الله في قوله تعالى فاينما تولوا فثم وجه الله ولا شك ان هذه الوحدة تفني الكثرات وان اريد به الماء الاول نفسه او الثاني نفسه او الثالث نفسه بدون مظاهره فهو باطل للاتفاق على ان كل شيء لا يدرك ما قبل مبدئه فمن يدعي انه وصل الى مقام الماء الاول الذي هو مس النار المذكورة في سورة النور او الى مقام الزيت الذي هو ارض الجرز الاولى او الى المصباح الذي هو العقل الاول غير محمد واهل بيته وهم اربعة عشر المعصومين عليهم السلم فقد افترى وقال زورا واتى غرورا ان نوحا وابرهيم وموسى وعيسى وهم اولوا العزم من الرسل عليهم السلم ما ادعوا ذلك بل قال عيسى عليه السلم سبحانك ما يكون لي ان اقول ما ليس لي بحق ان كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا اعلم ما في نفسك انك انت علام الغيوب واما قولكم فلا يلزم فيه ما يتوهم وروده في الاول من عبادة العجل اه فاعلم انه يلزم ذلك لما ذكرنا سابقا ان الشيخ المذكور عند السالك في خياله محدود مميز ولا يشهد في المحدود الا المحدود والمراد ليس بمحدود وكيف لا يكون كالعجل وهو يتصور صورته في نيته لصلوته اما ان هذا السالك اصم فلو فتح مسامع قلبه لسمع هذا المرشد كما يقولونه يخور كخوار العجل وان اردت البيان فانظر بقلبك الى النبي صلى الله عليه وآله كما رواه الفريقان يجمع بين الروايتين انه كل ما كان في بني اسرائيل او في الامم الماضية يكون في هذه الامة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة فاذا صدقت لهذا الحديث المتفق عليه المؤيد بقول الله سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن ‌تجد لسنة الله تبديلا واتقوا الذي خلقكم والجبلة الاولين فانا اسألك اين العجل في هذه الامة واين الذين عبدوه واين السامري الذي صنع العجل فاذا عرفت ان في هذه الامة سامريا وقد نصب عجلا يعبد من دون الله تبين لك ان العجل رجل اتخذوه اماما من دون الامام الحق عليه السلم فكيف لا يلزم فيه ما يلزم في عبادة العجل وهو عجل هذه الامة الذي عبد من دون الله تأمل تأويل قوله تعالى حكاية عنهم واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار فموسى هو محمد صلى الله عليه وآله واتخذ قومه من بعده عجلا جسدا اي من بعد ذهابه الى ربه كناية عن موته صلى الله عليه وآله واما الحلي في هذه الامة فهو من الحلاوة اي الملايمة بين العجل وعابديه وهو من تفسير ظاهر الظاهر فافهم

قال سلمه الله : ان قلت نظره اليه كنظر طالب العرفان الى ملاحظة ما في الانفس من الايات كنظره الى اي موجود من الموجودات تحصيلا للايات الافاقية وهذا المعنى وان كان لا اختصاص له بالشيخ لكن هو لكمالات نفسه وتحلية مرءاة نفسه المنعكسة اليها لمحاذاتها شطر الحق الامور الغيبية حقيق بملاحظة ايات الله فيه سيما وقد انفلق حبة وجوده وتمت سنابله الى اي موجود وان كان في حيز عدم التفصيل والكون في الاجمال والتداني في الادبار وعدم الاقبال فهو اذا ككوة الشمس لانعكاس الاشعة وتميز الحق من الباطل بملاحظة النور بخلاف من بعد في الرتق وعدم الفتق وهذا معنى الحب في الله وموالاة اوليائه ولان المرء مع من احب ومحشور معه حتى اذا احب الحجر حشر معه كما في الخبر فمحبة الكامل وفرط محبته يوجب الكون في درجته فمن فاز وتشرف بمحبة الكامل حق عليه بمجرد ذلك اطلاق اسم الواصل
اقول اذا كان نظر المريد الى شيخه المصطلح عليه عندهم كالنظر الى الافاق والانفس لتحصيل الايات لم يكن ذلك الشيخ له مرشدا على زعمهم ولا دليلا ولا مستدلا للمريد بل المريد هو المستدل فكما ان العارف بالايات ينظر في الجماد مثلا ويشهد الاية ويسمع نطقها كذلك المريد ينظر الى شيخه كما ينظر الى الجماد وانها اذا عرف الايات فهو الواصل فلا حاجة الى هذا الشيخ وان كان كاملا ثم ان هذا الشيخ انما تحصل له كمالات النفس وتحلية مرءاتها باستعمال الاداب الشرعية والتخلق باخلاق الروحانيين من الزهد وتخفيف اثقال التبعات والتخلي من الاشغال حتى تكون مدينة حصينة وتنصرف روحه عن المحل الادنى وتتعلق بالمحل الاعلى لمداومته على التقرب بالنوافل حتى احبه الله كما قال تعالى وكان عند ربه مرضيا فاذا كان كذلك كان هو اية الله لا انه حقيق ان يلاحظ الايات فيه واما اذا انفلقت حبة وجوده بالمحافظة على مودة سيدة النساء فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وظهرت سنابله السبع سنبلة العقل وسنبلة العلم وسنبلة الوهم وسنبلة الوجود الثاني وسنبلة الخيال وسنبلة الفكر وسنبلة الحيوة وكانت في كل سنبلة مائة حبة من مودة سيدة النساء صلى الله عليها وعلى ابيها وبعلها وبنيها فقد شابه جواهر اوائل علله وهو من الايات التي ترى في الافاق وفي الانفس لا ان الايات ترى فيه واما شيخهم المدعي فقد تخلق باخلاق الشياطين ولهذا تريهم يقارفون السيئات والمعاصي الموبقات ومثل هذا تنفلق حبة وجوده بماء الاجاج وتظهر سنابله السبع في النفوس السبع التي هي نفوس الارضين السبع ارض النفوس وارض العادات وارض الطبع وارض الشهوة وارض الطغيان وارض الالحاد وارض الشقاوة فلا تغتر بمثل هذا وان ظهر لك انه عالم لانه كما قال الشاعر :

لو ان في العلم من غير التقى شرفا لكان اشرف كل الناس ابليسا

فاذا وجد مثل هذا فهو شيء من ساير الاشياء وكل شيء وان كان في حيز عدم التفصيل والكون والاجمال اه فهو يصلح للنظر فيه ولحصول الدليل منه لكن للعارف لا للمريد الذي يحتاج الى المنبه والمذكر واما قولكم فهو ككوة الشمس اه انما يكون كالكوة اذا كان بابا للوجود فهو حينئذ يكون بابا للمريد منه بدء واليه يعود واما هؤلاء الذين يدعون فيهم فهم الذين ضرب مثلهم في القران في قوله تعالى واذا رأيتهم تعجبك اجسامهم وان يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة صدق الله ورسوله واما لزوم الحب في الله الخ فاقول كيف يكون حبهم حبا في الله وهم يحادون الله ورسوله في اعتقاداتهم واعمالهم واقوالهم تعالى ربي عما يقولون علوا كبيرا لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله الاية وادلة ما اشرنا اليه في الايات والروايات وادلة العقل كثيرة جدا ولكن لضيق وقتي اسلك سبيل الاختصار اعتمادا على معرفتكم وتكفيكم الاشارة

قال سلمه الله تعالى : قلت ما قلته وجيه لكنه اختيار للشق الاخير والكلام بعد في سهولة معرفته او صعوبته لقصور السافل عن ادراك كمال الكامل ولا بأس بالادراك في الجملة للموصل
اقول اما اختيار الشق الاخير على فرض المماشاة معهم فلا ريب فيه واما معرفته فانت تنظر الى قوله عليه السلم اعرفوا الله بالله والرسول بالرسالة واولي الامر بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر فانت تستدل عليه بظاهر اعماله وتقلبات لسانه في اقواله وتعرف من تجب اتباعه بحيث لا يجوز لك ان تشهد لك عنده وجودا بملازمة الحق في جميع الاحوال قال الله تعالى لا ينال عهدي الظالمين واما ان السافل لا يدرك كمال اه فاعلم انه اذا حصل له كمال ادراك كمال الكامل كان محيطا به وكان اعلا منه فلا يكون سافلا بل يكون عاليا واما ما يكفي في المعرفة فهو ان تراه لا يخرج عن الحق ابدا

قال سلمه الله : ثم على اعتبار كمال الكامل في لزوم الاقتداء وطي البيداء فهل يكفيه قطع المنازل وطي عقبات الطريق والاحاطة والجامعية لتكميل الناقصين وان لم يروه ولم يرهم بل وان لم يسمعوا به لان الشمس بشروقها المحيط تزيل الظلمات وتجلي المبهمات ولان دعوة لسان الاستعداد مستجابة امن يجيب المضطر اذا دعاه او لا بد من الصحبة الظاهرة والحضور ليحصل التقابل بين مرءاة القابل والعكوسات المفاضة من الكامل او بتوسط ممن لا يحبه بالرد السائل
اقول لا يكفي الاول الا اذا علم المريد مقاصده واعماله واقواله واحواله ولو بواسطة العدل او واسطة عدول فاذا عملت بهديه واقتديت برأيه كان له تأثير عظيم اذا كان المريد طالبا لرضى الله تعالى وحده ويكون متفهما بحقيقة فهمه على ما ينبغي ومعنى ذلك ان الطالبين علي اربعة اقسام : الاول يريد الاستطالة والتشخص فهو مستنكف عن عبادة الله في نفسه وان كان يظهر انه يتعلم فهو لا يريد في نفسه التعلم وعلامته انه يعارض المحق لئلا يقال انه لا يعلم وهذا لا يكاد يوفق للخير ابدا الثاني ليس هذا حاله ولكن نفسه انست بعلوم واعتقادات فيصعب عليها مفارقتها حتى انه لو رأى الحق عند غيره لم تقدر نفسه على مفارقة ما انست به لا من جهة التكبر والاستنكاف بل من جهة الاعتياد وهذا كثيرا ما يفوته الصواب والفوايد العجيبة وقل ان ينتفع بالتعليم الثالث ليس كهذا ولا كذلك ولكنه يرجع في تفهمه الى اصول وقواعد عنده فلا يقبل الا ما وافق ما عنده من الاصول ولعل الخطاء في تلك الاصول كما هو اكثر احوال اكثر العلماء وهذا غلطه كثير الرابع ليس كهؤلاء ولكنه بممارسته للعلوم حصل له فهم وقوة ادراك لانه لا يكون فهمه كفهم العامي البتة فاذا عرض له الحكم والمسئلة من الكتاب والسنة ومن المعقول ومن ايات الله ومن كلام العلماء تفهمه بمحض فهمه وتدبره بقوة ادراكه ولم يلتفت الى نفسه وتعززها ولا الى عادتها ولا الى قاعدته فاذا فهم مراده بمحض فهمه مريدا لرضى الله كان الله معه لانه احسن التفهم وجاهد في الله تعالى لله ومثل هذا لا يكاد يخطي وهو قوله تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين فاذا سلك مع الشيخ الغائب عنه بهذا المسلك بالشروط التي ذكرناها سابقا وهي ان تأخذ عنه ما لا يخالف الضرورة من المذهب اذا عرفت دليله في الاصول واما في الفروع فاذا كان الشيخ من اهل الاستيضاح والاستنباط ولم يخالف قوله الضرورة من المذهب جاز الاخذ عنه وان لم يعرف الدليل فاذا فعلت ذلك استنرت بنوره وفزت بهدايته وهذا حال من اخذ عن ائمة الهدى عليهم السلم وعن علماء شيعتهم واما اذا اتفقت الصحبة الظاهرة فان ذلك اولي واقرب مسافة الى الله تعالى وذلك لان بعض العلماء قال ان سكان الارض الثالثة ارض الطبع شياطين همهم ادخال الشكوك والاحتمالات والشبهات على بني ادم وهم اضر الشياطين عليهم قالوا فاذا كان في البلد عالم من اهل التحقيق قوي في قلبه ونفسه وكان مطاع الامر في ذلك البلد لا يدخلها احد من تلك الشياطين لانهم لو دخلوها احترقوا بنوره وذلك لان البعيد وان كان مقتديا الا انه لا يحصل من ذلك الشيخ ما يحتاج اليه وحاجته تتجدد كل حين واذا صحبه كان به مستغنيا واما ذكر العكوس المفاضة اه فهذا شيء قالوه وليس بمنقح لان العلم قد انبسط على جميع الخلق بانبساط الوجود وانما يظهر باصلاح القابلية فالعالم معين للاصلاح لا انه مفيض للانوار ومثال ذلك ان الشمس اذا اشرقت على الارض وعلى المرءاة كان انعكاس النور عن المرءاة اعظم من انعكاسه عن الجدار وليس ذلك لان الشمس اشرقت على المرءاة اكثر مما اشرقت على الجدار بل الاشراق واحد ولكن المرءاة قبلت اكثر من الجدار فلو صقلت الجدار حتى كان صقيلا كالمرءاة انعكس عنه النور كما انعكس عن المرءاة بلا تفاوت ولم تكن الشمس زادت في الاشراق عليه حين صقالته فالنور المقبول من الفيض لم يحتجب عن احد ولم يحجب وانما اختلفت الاشياء باختلاف قابلياتها وهذا معنى ما اشرنا اليه سابقا في قول عليّ عليه السلم ولكن العلم مجبول في قلوبكم تخلقوا باخلاق الروحانيين يظهر لكم واما الاقتباس من نور الشيخ والاستضائة منه انما يراد به في الحقيقة التنبيه والتذكير المعبر عنه بالاصلاح للقابلية والا فلا يمكن ان يصل شيء من النور الى شخص لم يقبله في الذر نعم قد يكون الشيخ شرطا في قبول شيء من ذلك على نحو ما قلنا لان الشيخ قد يكون من متممات المشخصات للقابلية الا ان يكون علة كما نعتقده في المعصوم فلا شك ان جميع ما يصل الى شيعته من فاضل شعاعه ولهذا سموا شيعة لاشتقاقهم من الشعاع او من المشايعة اي المتابعة والمال واحد

قال سلمه الله تعالى : ثم اختلاف كشوف السالكين والمكاشفين ووقوع معتقد في مرءاة اعتقاد مريد ووقوع خلافه في مرءاة معتقد الاخر كمشاهدة بعض شيوخ المتصوفة العامية خليفتهم الاول والثاني ذا رتبة على خلاف كشف اهل الحق هل لملاحظتهم بمجرد عقايدهم في معارجهم على سموات نفوسهم بها فيلزم طالب الحق قبل المجاهدة التعرية اولا عن كل اعتقاد لا يتيقنه او لوقوع معتقدات في مرءاة قلب المريد فيحسبها صحيحة لانتقاش مرءاة قلبه بها اما من حيث المقابلة بعد التصفية والتجلية او من جهة تصرف المراد له او عليه اذ هو كالميت بين يديه على ما اعتبروا من لزوم كون المريد على ذلك الحال لديه فربما يفاض عليه منه الكفر والانكار فيزل عن المحجة وربما يحصل به الايمان والاقرار ومزيد الحجة ولذا قيل بالفارسية :

اي بسا ابليس آدم‌ رو كه هستپس بهر دستي نبايد داد دست

اقول لهذه المسئلة جوابان ظاهري وباطني اما الاول فلان الاختلاف انما نشأ من ملاحظة عقايدهم في معارجهم لانه ابدا يلاحظ طريقه الذي كان يعتقد حتى انه لو انكشف له خلافه تكلف صرف المخالف وصاحب هذه الطريقة تنفتح له وجوه الاحتمالات بحيث لا تضيق عليه طريق صرف المخالف الى وجه يوافق وعلة ذلك انقطاعه كما تقدم في حديث الاسرار من اخلص لله العبودية اربعين صباحا تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه فان كان مؤمنا كان نورا له وبيانه ان المؤمن قد وفق للحق وانما جهل سر حقيقة طريقه قبل الانقطاع فاذا انقطع ظهر له سر ذلك الحق ثم قال ما معناه وان كان كافرا كان حجة عليه ومعناه انه قد سلك طريق الباطل قبل الانقطاع فاذا انقطع سلك ما يطابق طريقه فيظهر له سر ذلك الباطل فهذا سر الاختلاف لا لوقوع معتقدات في قلب المريد فيحسبها صحيحة لان هذه المعتقدات وان كانت انما حصلت له بعد التصفية والتخلية فانه يجب ان تكون مطابقة للحق من كل احد لان الله سبحانه فطر الناس على فطرة الحق وانما وقع التغير من تغيير تلك الفطرة واذا خلقه الله على هيئة الحق المسماة بهيكل التوحيد باطنا وبفطرة الاسلام ظاهرا اقتضت من شانها الحق لكنه غير تلك الفطرة كما اشار سبحانه الى ذلك بقوله فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله والنفي بمعنى النهي اي لا تبدلوا خلق الله وقال تعالى حكاية عن ابليس لعنه الله وليغيرن خلق الله فان سلك بها بعد التغيير سلكت به مقتضاها من القول بالنصب او الغلو او بالدهر او بالشرك او الجحود وغير ذلك على حسب التغيير في الخلق وان صفاها وجليها كما ذكرتم فظاهره ازالة التغيير فهذا لا شك في اصابته الحق وان اريد خلاف الظاهر بأن صفاها وجلاها على ما هي عليه من التغيير فذلك ما قلنا انه يلاحظ مذهبه في عروجه فتشتد عليه الظلمة لانه كان منكرا للحق عن جهل والان منكر للحق عن علم فلا يكون سبب الخطاء مقابلته بمرءاة نفسه بعد التصفية والتخلية ولا من جهة تصرف المراد لانه لا تصرف له الا في القابلية كما قلنا فاذا كان تغيير خلق المريد من المراد احدث الله سبحانه في قلبه مقتضى ذلك التغيير من باب حكم الوضع كما يذكره اهل الاصول وهذا التغيير لا يكون قسريا من المرشد وان كان بسببه بل هو اختياري من المريد فانه يأمره بامور تخالف الحق ان كان المريد قبل ذلك محقا فرضي المريد منه بما يخالف حقه وان كان المريد مبطلا لم يكن مغيرا وانما هو منبه له على سر معتقده الباطل فلا يكون التغيير من جهة تصرف المراد بأن افاض عليه الكفر والانكار او الايمان والاقرار لانه حينئذ نبه غافلا لم يتغير فطرة الله فيه وليس ذلك المراد المدعي علة في ايجاد المريد ليقلب حقيقته ان شاء الى ما يشاء فافهم الاشارة واما الجواب الباطني فلأن الاختلاف كان في الخلق الاول في التكليف الاول في المعاني والرقائق حين شاء اكوانهم واراد اعيانهم وفي الخلق الثاني في الصور صور السعادة والشقاوة حين قدر هندستهم وذلك حين سألهم بما سألوه ان يسألهم به فقال لهم الست بربكم ومحمد نبيكم وعلى امامكم ووليكم فقالوا بلى فمنهم من قال بلى بقلبه ولسانه معتقدا ومنهم من قال بلى بلسانه وقلبه منكر ومنهم قال بلى بلسانه وقلبه واقف لم يقر ولم يجحد فخلقهم على صورة اجابتهم من الاقرار والانكار او الوقف وبلغت حجته وتمت كلمته وما ربك بظلام للعبيد فاختلفوا ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك ولذلك خلقهم اي على ما هم عليه من الاقرار والانكار بالاختيار ولهذا جرى الايجاد بصورة السؤال ولو جبرهم لقال انا ربكم ومحمد نبيكم وعلى امامكم على سبيل الحتم والحكم ولكنه خيرهم فاختاروا ما في سابق علمه بهم فكانت هداية المهتدين وضلالة الضالين باختيارهم وقد ذكرت في خطبة لي انشأتها في عيد الاضحى كلاما يناسب ايراده هنا وهو : بل خلق الخلق على مستقرهم اذ خلقهم بدعوة سرهم فاعطاه ما سألوه من حكمهم وفطرهم اذ شان المختار اختيار شان امرهم ولو كان موجبا لجرى فعله بقسرهم فتعالى في ذاته وعزة افعاله وصفاته عن خيرهم وشرهم بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون فاذا عرفت هذا ظهر لك ان كل شيء من المخلوقات انما يعمل ويعتقد بما هو عليه مما اختاره في الذر الاول والذر الثاني وهذا معنى قولنا ان الشيخ ليس له دخل في الهداية والضلالة وانما يكون له دخل في القابلية وفي الحديث النبوي في رواية جابر انه جاء سراقة بن مالك فقال يا رسول الله بين لنا ديننا كأننا خلقنا الان ففيم العمل اليوم فيما جفت به الاقلام وجرت به المقادير ام فيما يستقبل قال صلى الله عليه وآله بل فيما جفت به الاقلام وجرت به المقادير قال فبم العمل قال صلى الله عليه وآله اعملوا فكل ميسر لما خلق له وكل عامل بعمله ( بعلمه خ‌ل ) ه‍ ثم اعلم ان ما خلق له هو ما اجاب به باختياره كما مر فاذا خفى عليك فانظر في هذه الدنيا الى من اطاع ومن عصى فانه مطيع او يعصي باختياره بعد البيان وما كان في الذر الاول والثاني هو عين ما ترى هنا بلا تغيير ولا مغايرة فالذي يحصل لاصحاب الكشف انما يكشف لهم ما في حقايقهم وعلى كل تقدير فلا يلزم طالب الحق التعرية قبل المجاهدة عن كل اعتقاد لا يتيقنه لان هذا للزوم يعتبر في تحصيل اعتقاده اولا لا لاجل السلوك بل لاجل فهم الحق ابتداء كما ذكرنا في المراد من قوله تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا لان التعرية عن المعاندة وعما اعتادته النفس وعن الاعتماد على القواعد والاصول في فهم الحق هو ان يتعرى عن الاحوال الثلاثة وينظر بفهمه وذكائه خاصة وقد تقدم

قال سلمه الله تعالى : وعلى هذا لا يجوز التعلق بذيل شيخ من الشيوخ لقصور السافل عن ادراك الكمال او الضلال او الاضلال سيما وقد اعتبروا من شرايط المراد كونه مكملا بعلاوة الكمال اذ ليس كل كامل مستأهلا للايصال بل لا يمكن التشبث بذيل شيخ من شيوخ المتصوفة من ارباب الخرق المعروفة لعدم استنادهم الى حجة الوقت بل لاعتقاد بعض كملهم كعلاءالدولة ارتحاله عليه السلم من هذه الدار نعوذ بالله من اعتقاد يوجب الخسارة والبوار او لقصور المجاهدة وعدم الاعتصام بعروة المتابعة الحقة النبوية والولاية الاثني ‌عشرية لعبور السالك في معارجه مأوي شياطين الاهواء المستولة ونظر العقل والشهود بعد غير عادلة ولا مبدلة فاذا لا اعتداد بالكشف الا للنبي المجتنب قطعا عن الجزاف والتخمين والوصي السالك على قدمه القاطع بالقطع للطريق والمكحل بصيرته بنور اليقين
اقول لا اشكال في عدم جواز التعلق بذيل شيخ من الشيوخ المعروفة الا المتقين الذين سلكوا في تلك المعارج بظاهر طريق اهل العصمة عليهم السلم لا بباطن طريقهم من دون ظاهره بل كلما يظهر لك من باطنه انه مخالف لظاهره فان الباطن عندك المخالف للظاهر باطل مضمحل لا يجوز التعويل عليه كما قال الصادق عليه السلم ان قوما امنوا بالظاهر وكفروا بالباطن فلم يك ينفعهم ايمانهم ذلك شيئا ولا ايمان ظاهر الا بباطن ولا باطن الا بظاهر ه‍ فاذا رأيت الشيخ لا يخالف في جميع تحقيقاته واسراره ظاهر الشرع فاعلم ان ذلك ممن يجوز التمسك بذيله لان التمسك به عين التمسك بائمته عليهم السلم ولا تقول ان كل واحد يدعي ذلك لان القول كله كذب الا ما صدقه الفعل والعمل كما قال الشاعر :

وكل يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا
اذا انبجست دموع في خدود تبين من بكا ممن تباكا

واما مشايخ الصوفية اصحاب الخرق الذين يدعون صحتها برواياتهم الباطلة عن سلمان عن عليّ عليه السلم عن النبي صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عليه السلم وعن الله تعالى فكلهم هم ودعويهم فعلوا زخرف القول غرورا فذرهم وما يفترون واما دعوى بعضهم عدم وجود الحجة عجل الله فرجه وسهل مخرجه فهذا مذهب العامة لكن ابن‌ حجر ذكر في الصواعق المحرقة له ان فيه ثلثة اقوال فقيل هو محمد بن حسن العسكري عليهما السلم وقيل هو عيسى بن مريم عليهما السلم وقيل هو مهدي العباسي ورجح هذا القول وعلى كل تقدير فقد انزل في المنكرين لقيامه عليه السلم وحشر بعض الناس معه ممن محض الايمان محضا ومحض الكفر محضا قرانا وورد في تفسيره بهذا المعنى النص عن اهل العصمة عليهم السلم وهو قوله تعالى واقسموا بالله جهد ايمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن اكثر الناس لا يعلمون ليبين لهم الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا انهم كانوا كاذبين انما قولنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون والوعد الحق في الباطن هو القائم عليه السلم والذي يختلفون فيه هو القائم فهؤلاء المنكرون له عليه السلم قد سماهم الله كافرين لانهم كفروا بوجود حجة الله عليه السلم ولا شك ان هؤلاء وامثالهم هم شياطين الانس وهم طلع شجرة الزقوم وهم رءوس الشياطين وان من مال اليهم وقال بقولهم انه يحشر معهم في اسفل درك من الجحيم بل في الفلق التي هي اخر درك من جهنم التي هي اسفل النيران نعوذ بالله من الضلالة والردى واما انه لا اعتداد بالكشف الا للنبي واهل بيته عليهم السلم فنقول من كان يكاشف عن النبي واهل بيته بمعنى لا يقول الا بقولهم ولا ينكشف له الا بكشفهم فمثل هذا يعتد بكشفهم لان كشفه انما هو بما اصلوه في اثارهم وعلامته انه لا يجاهد بمجاهدة اعدائهم من الرياضات والاذكار المخترعة بل بمجاهدة ائمته عليهم السلم من الصلوة والطهارة والتقوى وكثرة ذكر الموت وقرائة القران بالتدبر ومداومة السواك المعنوي وهو التوبة والانابة والوضوء وهو الطهارة الحقيقية من الصدق مع الله بحسب جهده وكثرة النظر في العالم الملكوت من السموات والارض كما قال سبحانه اولم ينظروا في ملكوت السموات والارض وما خلق الله من شيء وان عسى ان يكون قد اقترب اجلهم وقال صلى الله عليه وآله في تفسير قوله تعالى والذاكرين الله كثيرا والذاكرات ما معناه ليس هو سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وان كان ذكرا ولكن ان تذكر الله عند الطاعة فتفعلها وعند المعصية فتتركها فهذه وامثالها مجاهدة اهل الحق لا اذكار الصوفية من الشهقة والرقص والتصدية والغناء والاذكار الموضوعة والتفكه بالمردان والغيبة في الالحان الموسيقية بدعوى ان النفس خلقت من حركات الافلاك وهذه الالحان وضعها فيثاغورس على حركات الافلاك فاذا سمعتها النفس تذكرت عالمها وغابت عن هذا العالم وادركت المعارف الالهية لاتصالها بمبدئها ولم يسمعوا قول الله ومن الناس من يشري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله والحاصل لا اعتداد بكشف احد من الناس الا من كشف عن بعض اسرارهم عليهم السلم بهدايتهم واتباعهم كما اشرنا اليه واما النبي واهل بيته صلى الله عليهم اجمعين فاولئك ينظرون بالله والكلام هنا يضيق به المجال وفي الحديث ان الله اعطى وليه عمودا من نور يرى فيه اعمال الخلايق كما يرى احدكم الشخص في المرءاة ه‍ ويكفيك قول الله تعالى وكل شيء احصيناه في امام مبين لعن الله السالف والتالف والملحدين في اسماء الله

قال ايده الله تعالى : ثم هل يكفي شوق السالك الى الوصول لان العمدة على جذبات العنايات بعد استعداد الفيض والقبول فعلى الله بمقتضى الرحمة العامة والعنايات التامة تتميم الامر وتهيئة ما عليه من الشرايط وان كان شيخا مرضيا او جذبا معنويا او لا بد من الشيخ المصفي مرءاة قلبه القريب منه ليرى فيها وجهه او الوجه المطلوب على الحقيقة ولا يتيسر في مبادي الحال الا بواسطة الحجب الرقيقة ثم يطوي كلما قوي بصر البصيرة على تفاوت مراتب الطي والوصول الى الحضرة او الحظيرة وهذا ما جرى به القلم في اسرع اوان بغير كلام مرتبط لغرائب الالفاظ وشوارد المعاني ومقاصد الخطاب لاستعجال الحال للكتاب وارجو من شيم الكريم العفو والاغماض عن الهفوات في السؤال وفعل القول وقاطع الكلام لسهولة الايصال
اقول انتهى كلامه في هذه المسئلة ادام الله اكرامه اعلم ان شوق السالك قسمان شوق بشهوة نفسه وهذا لا يفيد شيئا ولا يترتب عليه تتميم امر بل ظواهر بعض الايات والروايات تدل على ان صاحب ذلك مذموم وهو كثير مثل قوله تعالى ليس بامانيكم ولا اماني اهل الكتاب من يعمل سوء يجز به وكقوله تعالى قل ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم وشوق بحقيقته وهو ما كان عن ميل فؤاده المعبر عنه بنور الله في قوله عليه السلم اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله وهو وجوده الذي خلق منه وهو كونه المذكور به اول مرة وليس له ذكر قبل ذلك لا في علم ولا وجود وعن ميل مهيته مع مشخصاتها الستة بميل وجوده فانه اذا اقتضى حالا بكله وجب في الحكمة ان يفاض عليه ما اقتضاه ومقتضي الرحمة العامة اعطاء ما اقتضاه من اثار الفضل او العدل على نحو ما سبق ففي هذا الصنع سعد من سعد بفضل الله وشقي من شقي بعدل الله ومعنى قولنا انه يميل بكله انه يعمل بجوارحه ولسانه وخياله وقلبه وفؤاده على نحو ما اشرنا اليه سابقا واما حصول بعض الجذبات لبعض مع عدم العمل ظاهرا كما قد يدعي فالله سبحانه قادر ولكن اجري عادته ان يفعل الاشياء باسبابها لان فعله واحد فلو فعل بمقتضي فعله لا غير لم يوجد الا شخص واحد ولا تحصل كثرة ولا اختلاف لان الكثرة والاختلاف انما يكون ذلك بسبب اختلاف المشخصات الستة وتوابعها ولوازمها وهو سبحانه سبب من لا سبب له وسبب كل ذي سبب ومسبب الاسباب من غير سبب ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين ولكنه سبحانه احسن كل شيء خلقه فاحب بأن يميز الخبيث من الطيب ولا يكون ذلك الا بأن يكلفهم على الاختيار في الشرع الايجادي فخلقهم كذلك وان يوجدهم على الاختيار في الايجاد الشرعي فكلفهم كذلك فاذا سأل العبد ربه بلسان حاله الصادق وهو سؤاله بالسنة جميع اوطاره في جميع اطواره وبالسنة جميع افعاله واعماله في جميع ادواره واكواره وجبت له الاجابة في الحكمة على طبق ما سبق وهو قوله صلى الله عليه وآله في حديث جابر المتقدم اعملوا فكل ميسر لما خلق له وكل عامل بعمله واذا اردت ان تعرف كيف ذلك فانظر في هذا العالم تجد المرزوق يرزق بطلبه ولا كل من طلب وجد ويحرم من لم يطلب ولا كل من لم يطلب يحرم هذا في الدنيا واحوالها واما في احوال الاخرة فانه البتة ينال اجر سعيه عند الله لا على ما يريد قال تعالى من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصليها مذموما مدحورا ومن اراد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا فقال في مريد الدنيا عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد لا كل ما يشاء ولا لكل من اراد وقال في مريد الاخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فشرط في تحصيله السعي والايمان ولكن ليس على ما يحب بشهوة نفسه بل على ما بذل من الثمن من سره وعلانيته فاعتبر احوال الدنيا واهلها يظهر لك احوال الاخرة واهلها قال تعالى انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللاخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا واعتبر احوال هذا العالم عالم الشهادة يظهر لك احوال عالم الغيب قال جعفر بن محمد عليهما السلم العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية وما خفي في الربوبية اصيب في العبودية قال تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق او لم يكف بربك انه على كل شيء شهيد يعني موجود في غيبتك وفي حضرتك ه‍ فكما امر بالسعي في الشهادة لتحصيل الرزق كذلك امر بالسعي في الغيب لتحصيل ذلك الرزق ثم اعلم ان السبب والشرط هو العمل بجميع ما امر الله به وهو المذكور في هذه الشريعة الغراء كما امر الله به من الاخلاص والتزام حدوده تعالى واما الشيخ المرضى والجذب المعنوي فالمقصود الحق ان الشيخ المرضي معين لاصلاح القابلية كما مر بتذكيره وتنبيهه ودعائه وعمله وتسديده وكل هذه وامثالها من متممات القابلية واما جذب العناية فهو مقبول فاذا لم يحصل له قابل لا يتحقق بغير متعلق وفي الحديث عن عليّ بن الحسين عليهما السلم ان القدر والعمل كالروح والجسد فكما ان الجسد لا حراك له بدون الروح والروح لا تحس بدون الجسد كذلك القدر والعمل فلو لم يكن القدر بموافقة العمل لم يعرف الخالق من المخلوق وكان القدر شيئا لا يحس ولو لم يكن العمل بموافقة القدر لم يتم ولم يمض ولله العون فيه لعباده الصالحين ه‍ نقلته بالمعنى على اختلاف في بعض الالفاظ واما ان الشيخ المصفي مرءاة قلبه فانه المريد فيه وجهه فهذا قد يكون في بعض الشيوخ من هو صحيح المذهب صحيح العمل صادق اللسان صادق السر ولكن كما قلت لك انه اذا لم يكن العلة والواسطة في الشرع الوجودي والوجود الشرعي كالامام عليه السلم لم يكن مفيضا وانما هو مكمل للقابلية كما ذكرنا مرارا واما الامام عليه السلم فكونه مفيضا لكونه باب الله الى جميع الخلق فلا يصل شيء من الله الى احد من خلقه الا من فاضل احسانهم وهذا معنى ما في دعاء رجب للحجة عليه السلم في قوله اعضاد واشهاد ومناة واذواد وحفظة ورواد واما قولكم او الوجه المطلوب اه فاعلم ان الوجه المطلوب ظاهر في كل شيء بل هو اظهر من كل شيء كما قال سيد الشهداء عليه السلم في مناجاة يوم عرفة قال ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الاثار هي التي توصل اليك فلا يختص بذلك الشيخ لانه لا يسع مظهر الذات بتمامه الا محمد وآله صلى الله عليهم اجمعين قال تعالى ما وسعني ارضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن نعم لا يكون شيء اقرب الى المريد ولا اوسع من نفسه بالنسبة اليه فانه اذا القى عنها جميع النسب وجردها عن كل شيء سواها حتى ما تقومت به فانها يكون ذلك الوجه له خاصة قال عليه السلم من عرف نفسه فقد عرف ربه واما الوصول الى حضرة الجلال والجمال او الى حظيرة القدس فطريقه الاقرب التجافي عن دار الغرور والترقي الى عالم النور ولقد كررت العبارات للذكرى فان الذكرى تنفع المؤمنين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين وكتب احمد بن زين‌ الدين حامدا مستغفرا

قال سلمه الله : ثم ارجو من جنابكم الكشف الصريح لا الايماء والتلويح عن بعض ما اورده مما استصعب على ذهني بل على الاذهان ولا معول الا على ذلك الجناب واعجوبة الزمان
اقول اعلم ان الاشياء جرت في جعل الله سبحانه على اكمل الوجوه ومن ذلك انه لا يظهر الله تعالى شيئا من كتم الامكان الى الوجود في الاكوان والاعيان الا وهو يدل على شيء ويدل عليه شيء ومبتلى ومبتلى به وعلة لشيء ومعلول لشيء وعلم بشيء ومعلوم لشيء وعرض لشيء وجوهر لشيء ومتمم بشيء وكتاب لشيء ومكتوب في شيء ومنسوب اليه شيء ومنسوب الى شيء ومتولد من شيء ومتولد منه شيء ومفتقر الى شيء ومفتقر اليه شيء والحاصل ان كل شيء انما يظهر مشروحا مبين العلل فما ظهر في ذاته ظهر بيانه وما خفي في ذاته بطن برهانه فما بطن برهانه لا يزيده البيان الا غموضا ولا يسهل ادراكه الا بالاشارة والتلويح بل قد يوجد ما لا يدرك بالاشارة كالمثل الاعلى لكل شيء فانه بالنسبة اليه ليس كمثله شيء فاذا وجدت شيئا استصعب على ذهنك فليس سبب ذلك خمود ذهنك بل لاسباب منها قد يكون العبارة عنه غير مأنوسة عندك ومنها قد يكون ما سمعت به ناقص العبارة عما يراد من المعنى ومنها ما استعمل التلويح فيما حقه التصريح وبالعكس ومنها ما لا يدركه العقل وانما يدرك بالفؤاد ومنها ما يكون من دليل الحكمة وانت تريده من دليل الموعظة الحسنة او دليل المجادلة بالتي هي احسن ومنها ما هو قبل ذكرك الاول وكل احد لا يدرك ما وراء مبدئه ومنها ما لا كيف له وتطلبه بالكيف ومنها ما لا صورة له وتطلبه بالصورة ومنها ما يتوقف بيانه على مقدمات كثيرة وامثال ذلك فالتصريح لا اتمكن منه في كل مسئلة اذ في بعض المسايل ما نهي عن بيانه او لمثل الاسباب المتقدمة او خوف التطويل او دقة المأخذ او عسره ولقد سأل الاشعث امير المؤمنين عليه السلم فقال له كم في رأسي من شعرة فقال عليه السلم لولا ان برهانه يعسر لاجبتك اه وسئل امير المؤمنين عليه السلم عن مسئلة فاجاب وسئل عن اخرى فاجاب وسئل عن اخرى فقال عليه السلم ليس كل العلم يقدر العالم ان يفسره لان من العلم ما يحتمل ومنه ما لا يحتمل ومن الناس من يحتمل ومن الناس من لا يحتمل وقال الصادق عليه السلم ما كل ما يعلم يقال ولا كل ما يقال حان وقته ولا كل ما حان وقته حضر اهله

2 - قال سلمه الله : سؤال - ما معنى ما ذكره ابو العباس البوني في شمس المعارف في تقريب مسافة السلوك وسرعة الوصول الى المقصود وتجريد النفس دفعة واحدة بلا كلفة ومشقة قال : ولهم في ذلك مأخذ قريبة ونزعات عجيبة منها علم اسرار الحروف والاستعانة بها على تجريد نفوسهم وبينهم تفاوت وتفاضل في حقيقة السلوك في النحو الذي يستعمله كل واحد منهم والذي اومى الكلام والاشارة اليها رمزوا ذلك واخفوه
اقول اعلم ان اول ما خلق الله الابداع وهو خلق ساكن لا يدرك بالسكون والمراد بالابداع هو المشية والارادة وهو محدث خلقه الله بنفسه وكونه ساكنا اي انه ذات بالنسبة الى جميع المخلوقات قايم بنفسه يعني هو بالنسبة الى من دونه ذات وهم اثاره واعراضه وليس المراد منه المعنى المصدري لان فعل الله تعالى ذات تذوتت به الذوات وكلها اعراضه واثاره وان كان قايما بالله قيام صدور اقامه الله بنفسه لا في شيء غيره وكونه لا يدرك بالسكون لان السكون انما حدث من مفعوله فهو مخلوق به والمراد بهذا السكون ضد الحركة فهو ادم الاول والامكان الراجح والكاف المستديرة على نفسها ثم خلق الحروف وجعلها فعلا منه يقول للشيء كن فيكون والالف اللينة صورة لا حركة فيها وهي ادم الثاني وطولها الف الف قامة والحروف الثمانية والعشرون بل الاثنان والثلثون اولاده اولهم الالف المتحركة وهي حركة لا صورة لها وانما صورتها صورة الالف اللينة البستها اياها وهي حركة الالف اللينة وطول الالف المتحركة الف الف ذراع والمدة صوت لا صورة لها ولا حركة وهذه الحروف هي الابداع الثاني فهو ( فهي خ ) ظاهر الابداع الاول فليس في العالم باسره شيء الا وهو موجود فيها ففيها الفعل والانفعال والحركة والسكون والتناكح والتناسل والتواخي والتباغض والتعارف والتناكر والتساوي والاختلاف والبسيط والمركب والمحدود والمهمل والناري والهوائي والمائي والترابي والنوراني والظلماني والعقلي والروحي والنفسي والطبيعي والمادي والصوري والحاصل ان الحروف عالم برأسه وكون مستقل بنفسه والحروف قايمة بالالف اللينة ولها على سايرها القيومية واهل الجفر يقولون الاختراع اختراعان والابداع ابداعان فالاختراع الاول هو فعله تعالى والابداع الاول هو وجود الموجودات والاختراع الثاني من الاختراع الاول الالف المتحركة او اعم عندهم لان بعضهم لايفرق وممن لا يفرق من اللغويين الجوهري حيث جعل الالف قسمين لينة ومتحركة وثاني مخترع من الاختراع الثاني الباء وهي تضعيف عدد الالف لان الالف له من العدد الواحد وهو اس العدد واصله فبوجوده وجدت الاعداد وبعدمه عدمت فالباء الثاني الالف اذ لا يتفرد الالف بل لا بد له من نظير ومن كل شيء خلقنا زوجين فالالف للنار والباء للهواء وهما العنصران الخفيفان واشار تعالى بالاثنين الى مرتبة الثانية وهي الباء مع ضم الالف ثم الجيم اول ابداع من الابداع الاول الا انه ابدع منهما اي من الالف والباء في الصورة والعدد واما الصورة فمن اجتماع الحرفين بأن مال الالف على الباء فان الالف قايمة هكذا ا والباء ( منبسطة خ‌ل ) مبسوطة هكذا ب فخرج من ميل الالف على الباء الجيم هكذا ج‍ لانه لما مال على الباء حدثت الزاوية الحادة وهي الجيم واما العدد فمن الواحد والاثنين صارت الثلثة ولها عنصر الماء ثم الدال وهي ثاني ابداع من الابداع الاول بأن انضم الالف الى الجيم وقيل من الاختراع الثاني وهو الباء من ضرب اثنين في نفسه فصار له من العدد اربعة وهي عنصر التراب واشير بالاربعة في النورانية الى مرتبة الدال وهي المادة ثم الهاء وهي خامس حروف الابجد ولها من العدد خمسة وليس ثم رتبة خامسة فرجعوا بها تحت الالف ولم توضع تحت الباء والجيم والدال لان اخر المراتب الابداع الثاني وعدده اربعة والهاء خمسة فاخذت الاربعة من الدال واستمدت بالواحد لتكمل فوضعت تحته لاستمدادها التمام منه دون غيره فكانت في الحرارة تحته فهي اجل الاشكال المستديرة وهي الحركة الدورية واتم الدواير ومن خواصها في العدد انها تحفظ نفسها في الرقوم التسعة وكذلك الواو وضعت تحت الباء لاستمدادها في تمامها منها فهي في الطبيعة الهوائية تحتها وكذلك الزاء تحت الجيم لما ذكرنا والحاء تحت الدال كذلك وافعل في باقي الحروف لاجل هذه المناسبة الاستمدادية واما اذا وقعت في مراتب الاعداد الاحاد والعشرات والمآت والالوف ناسبت ترتيب البروج ولما كان اليبس ضدا للقوة اختص بالاول وهو الالف ما كان حارا وبالباء ما كان باردا فالاول كالحمل والثاني كالثور ولما كانت الثالثة جامعا وترا كان احق بما استمد به الاول فكان حارا رطبا كالجوزا وكان الرابع مستحقا لما استمد به ما كان اصلا كما مر فكان باردا رطبا كالسرطان وباقي الحروف كما مر ذلك الترتيب بهذه الطبايع ثم اعلم ان الحروف كما قالوا على اربعة اقسام فكرية ولفظية ورقمية وعددية فالفكرية والعددية خافيان فيهما بمنزلة الروح فالفكرية بمنزلة الذات والعددية بمنزلة القوى واللفظية والرقمية كالجسد فاللفظية بمنزلة النفس النباتية والمادة والرقمية بمنزلة الصورة وهذا مما تنتفع به في مطلبك واما عندنا فالمستفاد من كلام ائمتنا عليهم السلم ان الاختراع والابداع معناهما واحد وفي الحديث عن الرضا عليه السلم المشية والارادة والابداع معناها واحد واسماؤها ثلثة وهذا فيما اخبر به عمران الصابي وفي رواية يونس بن عبد الرحمن عن الرضا عليه السلم افتعلم ما المشية قال لا قال هي الذكر الاول قال اتعلم ما الارادة قال لا قال هي العزيمة على ما يشاء الحديث ففرق هنا بينهما لان احدهما يطلق على الاخر فاذا اجتمعا افترقا واذا افترقا اجتمعا وفي بعض الروايات ان الاختراع لا من شيء والابداع لا لشيء ثم اعلم ان الحروف لها في الاطلاق في كل مقام معنى يعرف بسياق الكلام فالحروف العاليات الصور العلمية والاركان الاربعة التي بني عليها الاسلام سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر والاربعة التي قام بها الوجود التوحيد والنبوة والامامة والشيعة والاربعة التي دار عليها الوجود الخلق والرزق والحيوة والممات والحروف الكونية الحقية الثمانية والعشرون الحرف العقل والنفس والطبيعة والمادة والمثال وجسم الكل والعرش والكرسي وفلك البروج وفلك المنازل وفلك زحل وفلك المشتري وفلك المريخ وفلك الشمس وفلك الزهرة وفلك عطارد وفلك القمر وكرة النار وكرة الهواء وكرة الماء وكرة التراب والمعدن والنبات والحيوان والملك والجن والانس وقطب العالم وهو المعصوم عليه السلم واربابها الثمانية والعشرون الاسم البديع الباعث الباطن الاخر الظاهر الحكيم المحيط الشكور غني الدهر المقتدر الرب العليم القاهر النور المعبود المحصي المبين القابض الحي المحيي المميت العزيز الرازق المذل القوي اللطيف الجامع رفيع الدرجات كل حرف من هذه الارباب مرب لحرف من تلك الحروف الكونية وهي على الترتيب المذكور فالبديع مرب للعقل الاول والباعث مرب للنفس الكلية وهكذا واما الحروف الكونية الغير الحقة واربابها فلا حاجة لذكرها هنا وانما ذكرت هذا الكلام وان لم يكن مسئولا عنه للحاجة اليه مما يأتي

قال سلمه الله نقلا عن البوني : وها انا اصف لك على وجه الاشارة والتلويح دون الايضاح والتصريح وذلك ان السالك يعتمد على قوى عزه وقوى محبته ايهما شاء مالت اليه نفسه وذلك ان النفس الانساني عندهم قوتين قوة قهر وعز وقوة محبة وشوق واصل هاتين القوتين هو ان الجواهر العلية المفارقة عن المواد التي هي مباد للموجودات واصل المكونات يعني الدراري السبع مع افلاكها لكل منها حالتان حالة بالنسبة الى ما فوقه وحالة بالنسبة الى ما تحته فاما التي بالنسبة الى ما فوقه هو الشوق والمحبة والعشق لاجل ما يشرق على السافل من العالي ولكون العالي اصلا للسافل ومبدء له فهو ابدا مقابل له مقبل به عليه مشتاق اليه مستكمل به واصل اليه به واما بالنسبة الى ما تحته فهو القهر والغلبة والاستيلاء لان ما تحته محتاج اليه مستمد منه فصار لاجل ذلك معاني هاتين الحالتين في جميع الموجودات علوها وسفلها وانتظم العالم كله عن قوتين مزدوجتين فلا يوجد شيء من الاشياء الا وله مقابل يقابله كالخير والشر والحق والباطل والنور والظلمة والذكر والانثى والليل والنهار وجميع الاشياء اذا اعتبرتها وجدتها مزدوجة كلها وجزؤها معقولها ومحسوسها وان خفي عليك بالنظر جزء وما في الاشياء الموجودة في العالم فانما ذلك لقصورك وهو معنى قوله تعالى ومن كل شيء خلقنا زوجين اثنين
اقول ان ما ذكروه من سرعة الوصول والانتقال من عالم الشهادة الى عالم الغيب وطي فلك المنازل في اسرع وقت بانواع من الاعمال والرياضات مما اشتمل عليه علم السيميا بتسخير الملائكة الثلثة شمعون وزيتون وسيمون واعوانهم في اظهار الصور والخيالات والامثال المنزلة من السماء الثانية مما اودع في سر فلك عطارد من القوة الفكرية ومما اشتمل عليه علم الليمياء من العجايب المودعة في خواص العقاقير من الرفع والوضع والضر والنفع والجذب والدفع والصور والخيالات وايهام الكرامات من الدخول في النار وعدم التأثير بها وغير ذلك ومما اشتمل عليه علم الريمياء من عجايب المعالجات وسرعة الحركات واظهار ما يشابه المعجزات مما اودع في بنية الانسان من احوال الامكان ومما اشتمل عليه الهيمياء كما اشار اليه البوني في كلامه المذكور من اسرار الحروف في حقايقها الفكرية وقواها العددية وصفاتها اللفظية واشكالها الرقمية لا شك في ان لها تأثيرات عجيبة فيما يراد منها لكنها لا توصل في الغالب الى شيء من محبة الله ولهذا كان السحر محرما بل هو مقرون بالشرك واعظم من الكفر كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله ووجه السؤال عنها انما هو لتحصيل ما يرضي الله من المعارف والعلوم وقد ذكرنا سابقا بأن الكشف بغير طاعة الله انما يكشف عن حقيقة ما انطوى عليه من الاجابة في الذر واعمالهم التي يطلبون بها مطالبهم محرمة شرعا كالاعمال بالعلوم الاربعة المكتومة التي هي علوم السيمياء والليمياء والريمياء والهيمياء والرياضات والهيئات المحرمة كجلسات الجوكية وهي عندهم اربعة وثمانون جلسة لاربعة وثمانين رجلا لجميع ما يريدون من الاخبارات بالمغيبات والاطلاع على ما في الضماير وما يستقبل من الحوادث قالوا والعمدة فيها التي لا بد منها خمس جلسات بعد ان يجوع نفسه جوعا مفرطا فيشتغل حينئذ في مواضع الخلوات بحيث لا يراه احد ففي بدء الامر بالمجاهدة تنهد القوة ويضعف البدن قالوا فلا تبالي من ذلك بشيء لان اول زمان المجاهدة كالصيف والشتاء وفي اخرها كالخريف والربيع وتجعل لذلك اوقاتا مفروضة على نفسك في كل يوم وليلة الجلسة الاولى لتقوية الكليتين وتنقية الظاهر والباطن وهضم الطعام وجذب البرودة الساكنة في الاعصاب والمفاصل وهي لمن يجلس مربعا ثم يطوي رجله اليمنى مع الساق على فخذه الايسر ورجله اليسرى على فخذه الايمن ويجتهد بالرفق والمداومة حتى يقدر على ذلك ويصير عادة له من غير كلفة وهي المشكلة في البداية واذا قدر على ذلك قدر على الجميع بالقدر والتدريج ثم يقوم ظهره ويضع يديه منتصبا عضده متكأ على ركبتيه وينظر الى السرة دائما ولايتحرك ولا يلتفت حتى يظن كأنه شجرة نابتة على الارض ويذكر ويقول هذه الكلمة دايما بالقلب لا باللسان الك ومعناها الله عز وجل وهي مذكورة في كل جلسة فاذا وصل الى هذا المقام يحصل له ثلث خصال قلة الطعام وقلة الكلام وقلة النوم الجلسة الثانية ان يجلس كما ذكرنا اولا ويجعل يده اليمنى على قفاه الى الكتف الايسر وكذلك اليسرى على الايمن ويقوم ظهره ويدير رأسه في الجهات الاربع من غير ان يتحول وجهه ذاكرا بقلبه الكلمة المتقدمة فاذا اراد ان يسكن وضع يديه على ركبتيه ويقوم عضديه متكأ عليهما ولايغفل عن ذكر القلب ابدا عسى ان يحصل الله له غيبه فان كان ذاكرا حاضرا شاهد من عالم الغيب اشياء تفرحه وتشوقه الى زيادة العمل فان وصل الى هذا المقام حصل له اشياء انقطع عرق الجذام والبرص والناسور والباسور والدق فهذه العلل التي لا دواء لها عند الحكماء والاطباء فبان عوارض الاسقام اولا ان تنقطع عنه فمن عمل هذا العمل من به شيء من هذه العلل ويدوم بذلك تزول عنه وهو مشهور مجرب الجلسة الثالثة وهو ان يجلس كما ذكرنا في الاول ويدخل يديه بين الساق والفخذ الى المرفق ثم يطلع بدنه بقوة اليدين حتى يبقى معلقا ولا ينسى الذكر الذي تقدم فاذا حصل له هذا المقام قلت عنه مادة الماء والتراب وكثرت فيه مادة النار والهواء وهذا المقام المتوسط بين الملك والانسان الجلسة الرابعة وهي ان يجلس كما ذكرنا في الثالثة ويضع يديه على قفاه شابكا لاصابعه ولا يترك الذكر المتقدم فاذا حصل له هذا المقام زال عنه الخوف والجزع من الجن والانس حتى لو انطبقت السموات على الارض لم يخف وهذه مرتبة عظيمة الجلسة الخامسة وهي ان يجلس على رجليه ويضع يديه اولا في الارض منصوبتين ويضع المفصل الذي بين ابهام الرجل واصابع رجله اليمنى على المرفق اليمنى ورجله اليسرى كذلك على مرفقه اليسرى فيبقى معلقا على قوة اليدين ولا يترك الذكر المتقدم ذكره خاصة في هذه الحالة فاذا حصل له هذا المقام رسخ فيه وبالغ بحيث لايبات الليل في هذه الحالة يحصل له الطيران ويصير من جملة الارواح فانظر بعقلك الى هذه الاعمال هل تجد فيها شيئا يوافق الشرع بوجه ما وهل يوصل الى خير وهذا من الريميا وهو من علوم السحر المحرم الذي هو مقرون بالشرك وقد روى الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي في مكارم‌ الاخلاق عن الصادق عليه السلم قال ان رسول الله صلى الله عليه وآله سأله امرأة ان لي زوج وبه غلظة واني صنعت شيئا لاعطفه على فقال صلى الله عليه واله اف لك كدرت البحار وكدرت العين ولعنتك الملائكة الاخيار وملائكة السماء والارض فصامت نهارها وقامت ليلها وحلقت رأسها ولبست المسوح فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله فقال ان ذلك لا يقبل منها فقيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله لم لا يقبل منها ويقبل من الكفار فقال لان الشرك اعظم من الكفر والسحر والشرك مقرونان فاذا ثبت ان المدعي ان هذه الامور توصل الى المراتب العلية فهو باطل لان تلك المراتب لا تنال الا من عند الله سبحانه وما عند الله سبحانه لا ينال بمعصية ولا شك في ان هذه الامور التي تدعونها تلك الجماعة من هذه الامور كباير موبقة هذا هو الاشارة الى جهة الانتفاع بها وما تؤدي اليه استعمالها واما الاشارة الى بيان ما ذكره البوني من كلامه فاعلم انهم ذكروا هاتين القوتين على اصولهم وهي لا تنطبق على اصولنا في كل ما ذكروا وانا اشير الى شيء من ذلك لان ذكر ذلك على جهة الاستقصاء يوجب التطويل الممل وليس لي وقت ولا قلب مجتمع فاقول ان كل شيء فله جهتان جهة من فاعله وهو وجوده وجهة بابه من ربه وهي جهة فقره الى فاعله وجهة استغناءه به وجهة من نفسه وهي مهيته من وجوده وهي جهة استغنائه بوجوده وهي جهة فقره وعدميته فمن جهة وجوده من ربه تحدث عنه جميع الخيرات من المعتقدات الحقة والاعمال الصالحة والاقوال الصادقة ومن جهة ماهيته من وجوده تحدث عنه جميع الشرور من المعتقدات الباطلة والاعمال السيئة والاقوال الكاذبة اما المعتقدات في الطرفين القارة فذاتية لكل من الجهتين على تفصيل واما الاعمال والاقوال فمن ميلهما ومقتضاهما ثم ان الانسان عبارة عن هذا النور والظلمة اي الوجود والمهية ولكنهما حادثان والحادث الموجود كما هو محتاج في اصل كونه عند صدوره الى المدد كذلك هو محتاج في بقائه الى المدد وذلك المدد لا يكون الا من نوع المستمد فمدد الوجود من النور كالمعتقدات الحقة والاعمال الصالحة والاقوال الصادقة ومدد المهية من الظلمة كالمعتقدات الباطلة والاعمال السيئة والاقوال الكاذبة وكلا المددين جار على الشرع الوجودي والوجود الشرعي فمن زكي نفسه بالعلم والعمل كان متمكنا من دفع ما كره ومن جذب ما احب بما يظهر عليه من افعال جواهر علله عند قطع النظر الى شيء منه حتى يكون فعل الله محدثا لتلك المطالب بظهور مثاله في ذلك العبد ويأتي تتمة الكلام واما ما ذكروه من ان القوة قهرية من جهة فاعلية الانسان ودورانه على نفسه لتظهر عليه اثار القهر على ما يأتي فليس بصحيح وان كان ما ذكروه في الجذب يمكن تصحيحه ثم نرجع الى بيان كلام البوني فقوله ان للانسان قوتين صحيح وقوله واصل هاتين القوتين هو ان الجواهر العلية المفارقة عن المواد الى قوله مستمد منه فيريد بالجواهر الكواكب السبعة السيارة وهي اسباب للمواليد الثلثة الا ان المفيض من هذه السبعة فلك الشمس يفيض على زحل من نفس العقل وعلى القمر من صفته ويفيض على المشتري من نفس النفس الكلية وعلى عطارد من صفتها ويفيض على المريخ من نفس الطبيعة الكلية وعلى الزهرة من صفتها وبالجملة فالشمس صاحب الوجود الثاني الجسدي بافاضة الاشعة والقوي منها ومن الكواكب الستة على القابليات من العالم السفلي فتكون من ذلك المواليد الثلثة المعادن والنباتات والحيوانات هذا عندهم واما عندنا فالملائكة المدبرات امرا تحرك الافلاك وكواكبها بامر الله كما امرها فالملائكة المسخرة موكلون بالفلك الاعلى الذي فيه التسخير والملائكة المقدرة موكلون بالافلاك السبعة فبالاعلى التسخير وبالسبعة التقدير فالله يفعل الاشياء بالاسباب من الملائكة والكواكب ومقتضياتها واقوات الارض وكون تلك الكواكب وافلاكها عللا انما هو لكونها مظاهر افعال الله سبحانه وقوله المفارقة للمواد المراد بالمواد العنصرية لا مطلق المواد فان لها مادة وصورة من هيولي الكل وشكل الكل وقوله للجواهر العلية حالتان فمعلوم ان كلا منهما مشتاق الى مدد العالين من اركان العرش وهي النور الابيض والاصفر والاخضر والاحمر محتاج الى ذلك مما ليس له قوام الا به وما تحتها من العالم السفلي محتاج الى هذه الجواهر كذلك تلك الجواهر مستولية على هذه المفعولات السفلية لانها مظاهر افعاله تعالى قد القي الله سبحانه في بواطن هذه الجواهر وظواهرها وافعالها ونهايات اشعتها امثلة افعاله فالله يفعل بها ما يشاء ولا اشكال في هاتين القوتين انما الاشكال في القوة القهرية للفاعل فانه لا يفعل بها مع دورانه على نفسه وانما يفعل بها حال غيبته عن نفسه وفنائه في سببه ليظهر فيه اثر سببه فالحادث لا يفعل بنفسه شيئا ويأتي الكلام وقوله فصار لاجل ذلك اه ليس على اطلاقه بل نقول لما كان كل محدث فله جهتان جهة من ربه وجهة من نفسه فالجهتان متضادتان وجب ان لا يكون شيء بسيط ووجب ان يكون له ند وضد فالانداد تعددت من تعدد الاحوال الستة التي هي المشخصات والاضداد من اختلاف الجهتين فحصول الجهتين ليس مما قالوا انه ناظر الى علته وناظر اليه معلوله بل الجهتان اللتان هما منشأ للضدين جهة ربه وجهة نفسه ومن جهة ربه كل ما كان ثابتا من ذاته وصفاته وافعاله ومن جهة نفسه كل ما كان مجتثا من ذاته وصفاته وافعاله ولاجل ذلك قال العلماء كل ممكن فهو زوج تركيبي اي لا يكون شيء بسيطا مطلقا من الخلق وقال الرضا عليه السلم ان الله لم يخلق شيئا فردا قايما بذاته دون غيره للذي اراد من الدلالة عليه وقال تعالى ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ومعنى ذلك ان كل شيء مخلوق فذاته مركبة لا انه له حالة من جهة مفعوليته وحالة من جهة فاعليته واين هذا من ذاك فعلى ما ذكر ينبغي ان يكون كل شيء له حالتان حالة من جهة قابليته وحالة من فاعليته لا ان كل شيء له ضد فافهم

قال سلمه الله تعالى نقلا عن البوني : فنفس الانسان لها من القوى المزدوجة الغضب والشهوة وهما بحقيقتهما في الباطن القهر والمحبة وقد تسمي الصوفية احدي تلك الحالتين سر الجمال والثانية سر الكمال
اقول قد تقدم ان الحالتين المذكورتين لم يكونا منشأ للافعال المختلفة لان الغضب يكون لله من الوجود وللنفس من المهية وكذلك الشهوة واما على ما قرر ان الغضب والقهر من جهة فاعلية الانسان والشهوة من جهة قابليته فانظر ماذا ترى وقوله تسمي الصوفية فيه ان المعروف منهم ان القهر سر الجلال والشهوة سر الجمال واختلفوا فهل المراد بالجلال جلال الجمال ام جلال العظمة وهل المراد بالجمال جمال الجلال ام جمال العظمة ولسنا بصدد هذا

قال : فاذا قصد العارف تحريك احدي هاتين القوتين التي لنفسه اشعر لنفسه المعنى المناسب لتلك القوة من قبض او بسط واخذ في تلاوة الاذكار التي تليق بذلك المعنى وتقويته فاجري جميع هيئته على حسب مشاكلته لذلك السر فيستعمل عند تلاوته للذكر التعريف لاحد المعنيين والتجريد للمعنى الثاني ولايزال كذلك حتى يتمكن ذلك المعنى في نفسه وتظهر اشارته وتغلب قوته عليه وذلك هو الحال المشار اليه عند العارفين وحقيقتهما قوة عظيمة يجدها الشخص في نفسه عند ذلك بحسب المعنى المستشعر
اقول تحريك احد القوتين بالتوجه بكله الى جهة متشابهها فيتوجه بباطنه الى مبدئها وتقوية فيض مبدئها بتلاوة الذكر المخصوص ليكون معينا ومقويا للفيض بمعناه والقابلية نفسه بباطن صفته وظاهر لفظه وذلك لما بين لفظه وبين جسد العارف من المناسبة ولما بين صفته وقابلية نفسه كذلك وبين معناه وبين الفيض كذلك ومن تمام توجهه بكله ان يتعرى عن المعنى لاخر بناء على انهما ضدان يحضر عند الاخر او مخالفان قد يحضر فاذا تعري عن المعنى الغير المراد خلص توجهه الى وجه واحد لانهما لما كانا ضدين او مختلفين وجب اختلاف جهتهما فلو لم يتعر عن المراد لتفرق قصده الى جهتين مختلفتين اما دفعة فتنمحي صورتها معا من خياله واما على سبيل التنقل فيقطع المدد والمراد بتمكن المعنى المراد في نفسه حصر المدد من المبدء فيه وقوته حتى تكون نفسه بمدد تقوية المعنى المراد من المبدء كالحديدة المحماة من النار فانها لغلبة ظهور اثر النار عليها تفعل كفعل النار قوله وحقيقتهما اه يريد ان كل قوة استعملها على نحو ما ذكر يظهر اثرها في نفسه حتى انه يجد في نفسه انه يفعل ذلك المقصود وان ذلك المقصود صار في قبضته وملكوته بيده ويأولون ما في الحديث القدسي من قوله تعالى كنت سمعه الذي يسمع به اه على هذا المعنى اقول وهذا ما اشرت لك سابقا من عدم صحة هذا العمل شرعا وان حصل منه الاثر وهو بفعل الله لكن مثل قوله تعالى فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من احد الا باذن الله فقولي وهو بفعل الله مثل قوله تعالى الا باذن الله فافهم فانهم قد اتوا البيوت من ظهورها فلهذا قلنا ان هذا من الفجور لا من البر

قال مما نقله : قال فان كان للقهر وجد في نفسه قوة على مضادة جميع الكاينات قهرها بحيث لو عرض له في تلك الحال الاسود والجيوش العظيمة لاقدم عليها ولم يجد عنها وان كان تلك المحبة والشوق وجد من نفسه قدرة عظيمة على الجذب والاتصال بالاشياء النازحة عنه ويتمكن بهاتين القوتين ومواظبتهما على تحريك ايهما شاؤا حتى تصير ملكة لهم يتوصلون الى التصرف بها في عالم الكون الى ما يشاؤن فاذا تمكنت هذه الحالة في نفس العارف فان كانت للقهر سلطها على مدافعته للقوى الجسمانية واستعان على ذلك بالدوران على مركز نفسه والنفس في خلال ذلك مطلعة على عالمها متأملة لما يرد عليها من تلقائه فيتجرد عند ذلك النفس بعض التجرد وتنسلخ عنه انسلاخا ما ويحدث لها استغراق يسري في الامر المتوجه اليه فيرد عليها من الانوار العالية وارد يشبه البرق لديه جدا يلمع وينطوي بقدر تمكن تلك من النفس وان كان تلك الحالة للمحبة صرف شوقه وقوة جذبه الى العالم الاصلي اي العلوي وقل التفاته الى ما ورائه من القوى الجسمانية وعالمها وانحسرت عنه وصعد هو بذاته لتجردها وانسلاخها عن الجسم وورد عليه وارد النوري بلذة عظيمة تناسب حاله
اقول قوله فان كان للقهر وجد في نفسه اه يريد به ما يظهر عليها من النور والامر ليس كما توهم بل الظاهر على نفسه مقتضي ما تلونت به نفسه من تلك الرياضات والاذكار التي سلك بها غير ما امر الله تعالى فافاض مقتضاها عليها على ما يكره ومثاله ان الزاني فعل خلاف ما امر الله تعالى به والقى نطفة في رحم لم يؤمر بالقائه فيه بل نهى عنه وقد كان خلق الرحم يقتضي الحمل بالنطفة وخلق النطفة تقتضي الحمل في الرحم فوجب في الحكمة ان يفعل بهما ما لا يحب والا لكان مانعا لعطيته لانه اعطى الرحم والنطفة ذلك المقتضى وان كان انما اعطاهما لما يحب لكن جعل العطية صالحة لما يحب ولما يكره ليصح الثواب والعقاب بالاختيار ويرتفع عن جميع المكلفين الاضطرار فخلق بذلك المقتضى ولد الزنا الذي لا يحبه وهو كابن الحلال الذي يحبه ولا فرق بينهما الا الامر والنهي كذلك ما نحن بصدده فما يجد هذا في نفسه من القوة من هذا القبيل وان كان هذا الفعل من النور وفعل النور لكنه اذا حل بقابلية ظلمته كان مظلما والى ذلك الاشارة بقوله تعالى وليزيدن كثيرا منهم ما انزل اليك من ربك طغيانا وكفرا وقال تعالى وننزل من القران ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين الا خسارا ومثل قول الشاعر :

ارى الاحسان عند الحر دينا وعند النذل منقصة وذما
كقطر الماء في الاصداف درو في بطن الافاعي صار سما

فكان ما نزل من القران رحمة للمؤمنين بعينه كان خسارا على الظالمين وقطر المطر ان وقع في الصدف كان لؤلؤا وان وقع في فم الحية كان سما قوله وان كان تلك القوة للمحبة اه فيه ان المحبة كما تقدم جهة قابليته ( قابلية خ‌ل ) فكيف تكون جهة فاعليته ولان تلك الجهة ان كانت قويت فيه لزم ان يكون هو ينجذب بسرعة لما يحب لا انه يجذب لكن لما كان يقدر على الجذب لما قلنا من ظهور اثر علته عليه كظهور اثر النار على الحديدة كما مر سابقا وتمكنه من التصرف فيما يشاء بهذه القوة اذا حصلت لا يدل على حلها وجوازها فقد نقل لنا عن كثير من العيانين انهم يتصرفون فيما يشاؤن فيهزم العساكر ويقلع الشجر العظام ومما نقل ان رجلا في سفينة في البحر فاتوهم قوم قطاع طريق في مركب عظيم ليس لهم قدرة على مقابلتهم فايسوا من النجاة فقال ذلك الرجل لا تخافوا فقالوا وكيف لانخاف فقال انا اغرقهم فلما قربوا من سفينتهم شبه مركبهم بالفحل المغتلم فانقلب المركب وغرق من فيه ومر شخص بشجرة عظيمة فتعلق به غصن من اغصانها فقال لم يكن عندي شيء اعطيتك فانقلعت الشجرة في الحال وقصص العيانين كثيرة وليس ذلك لنور اتصل بنفوسهم ولكن نفوسهم عودوها على الانبعاث عند اول نظر فتصيب فظهرت على نفوسهم قوة القهر من تعود نفوسهم الانبعاث الى المرئي بعين الحسد والرصد والغبطة فكانت لهم ملكة يتصرفون بها فيما شاؤا ولقد اشتهرت قصص من افاعيلهم حتى قتلوا الحيوانات والادميين بالتقصد والعمد وبغير ذلك وليس هذا من النور ولا من التأييدات الالهية وانما هي من الشياطين وما ذكروه هنا من هذا القبيل فذرهم وما يفترون ويدل على ذلك قوله واستعان على ذلك بالدوران على مركز نفسه فقد ورد في تفسير قوله تعالى فمنهم ظالم لنفسه عن الصادق عليه السلم انه يحوم حول نفسه ولو كان محقا لكان يحوم حول ربه واما قوله والنفس في خلال ذلك متطلعة على عالمها اه ففيه ان النفس ان اريد بها الصورة المجردة عن المادة العنصرية والمدة الزمانية فعالمها وسط الملكوت والدهر وذلك ليس منشأ للفيض لانه هو الارض والارض يرد عليها المدد من السماء الذي هو العقل والاخبار والايات تشير الى ان النفس وما فيها من الصور العلمية هي الارض قال تعالى افلا يرون انا نأتي الارض ننقصها من اطرافها قال عليه السلم يعني بموت العلماء فاطراف الارض نهاياتها وهي الصور العلمية وان اريد بالنفس المراد منها الذات المشار اليها بقوله عليه السلم من عرف نفسه فقد عرف ربه فتلك منشأ للفيض ولكن لا عالم لها وانما هي الوصف للوصف واما قوله فيرد عليها وارد يشبه البرق فهذا حق لكنه يرد على النفس الناطقة التي هي الوصف للوصف فالوارد من الوصف واريد بها الصورة المذكورة فالوارد عليها من الوجود بواسطة العقل لانه بابه وذلك الذي يشبه البرق يلمع على النفس فينطوي لانه كان في صفحة من الخزائن التي اشار سبحانه بقوله وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم فاذا جاء اجل لمعانه على تلك النفس امر الله الملك الموكل بتلك الخزانة وفتح منها بقدر ما اقتضاه استعداد تلك النفس في مدة مقدرة وبعدها يطويه الملك فان قرعت تلك النفس باب الخزانة فتح الملك فان كان ذلك الشخص متعاهدا لذلك الفيض من بابه انس به الملك فكلما قرع فتح ولا يزال كذلك حتى يعطيه الملك مفتاح ذلك فلا يمنع عنه كلما اراد وهو المراد من قولهم يكون مستفادا او بالفعل على القولين

قال : ولا يزال يستدعي تلك الحالة التي سلكها حتى يصير ملكة له بحيث لا يحتاج الى استدعائها ويستغرق فكره في ذلك الوارد ويصير مستقرا معه ويعدم التفاته الى عالم الحس ويصير في هذا المقام عقله المستفاد عقلا فعالا ويرى ذاته كأنه كلية بالنسبة الى ما تحتها
اقول اذا نال ذلك بما قلنا من التخلق باخلاق الروحانيين وعمل بشريعة خاتم النبيين واتبع طريقة سيد الوصيين صلى الله عليهم اجمعين في جميع اقواله وافعاله واحواله بما استطاع لا يرده عن شيء منها الا القصور لا التقصير فذلك الذي اشار اليه امير المؤمنين عليه السلم بقوله خلق الانسان ذا نفس ناطقة ان زكيها بالعلم والعمل فقد شابهت اوايل جواهر عللها ومثل هذا لا شك ان له تصرفات كثيرة في العالم لا في كل شيء الا اذا كان كلمة تامة كما اشار الى ذلك عليّ عليه السلم بقوله فاذا اعتدل مزاجها وفارقت الاضداد فقد شارك بها السبع الشداد وهذا المقام لم يصل اليه خمسة عشر شخصا ولايصل ابدا وانما وصل اليه اربعة عشر شخصا صلى الله عليهم اجمعين فاذا اراد بكون عقله عقلا فعالا ان له تصرفات بقرينة قوله ويرى كان ذاته كلية فالموصوف كما قلنا يمكن في حقه لا مثل اولئك المتلونين فان مددهم من اخوانهم الشياطين واولئك يلقون السمع واكثرهم الكاذبون فلاحظ ولا تغفل

قال : واعلم يا اخي هذا الفصل وتأمله بعقلك وذهنك لانه اصل هذا الكتاب وامه فالحروف قاعدة التصريف في عالم الكون ولها في تجريد النفس اثار عظيمة لا يقوم فيها مقامه غيرها والعارف باسرارها اذا توجه بكل حرف منها في الشيء الذي يناسبه حتى ينمحي عن فكره شكل الحرف وصورته الجسمانية وتبدو له صورته الروحانية فحينئذ تظهر له خاصية ذلك الحرف فاذا رددها المردد بقلبه ولسانه المرات الكثيرة احدثت في النفس قوة عز وقهر وبسط وجذب والله تعالى المستعان انتهى كلامه ومواضع الاشكال على امثالنا غير خاف على امثالكم
اقول اما تصرف الحروف في عالم الكون بمقتضى طبايعها وقواها فمما لا ريب فيه الا ان من التصاريف امورا محرمة شرعا لا يجوز استعمالها كالمشروطة بالرياضات المحرمة والاعمال المستلزم للكفر مثل ما وقفت عليه في عمل من اعمالهم انه يأخذ عذرة الانسان ويعصر مائها ويكتب اية مخصوصة من كتاب الله تعالى بذلك الماء لهلاك من يريد هلاكه فانظر ماذا ترى وكذلك ما كان متوقفا على استنزال الملئكة واستحضار الارواح ولو على لسان طفل لم يبلغ او امرءة حامل يصورها في شيء صقيل وتعطيف المرءة لزوجها وامثال ذلك مما منع الشرع منه ومن التصاريف اشياء مباحة اذا استعملت في مباح كتأليف الحروف الطبيعي واستعمال الحار منها للتبريد وبالعكس وذكرها بعدد قواها ورفع يابسها الى مثله من باردها وباردها الى رطبها ورطبها الى حارها واستخراج حروف القوى والاساس وحروف الحاصل والمستحصل واستنطاقها بعد الضرب او الجمع واخذ النظاير وامثال ذلك واما مثل ما ذكره البوني في شمس‌المعارف وهذا الكتاب لم يكن عندي ولا رأيته وانما سمعت بوضعه وانه موضوع على الاشكال من المثلث والمربع وغيرها فان كان فعل ذلك مجرد التأليف الطبيعي ليمتزج اسم المطلوب منه واسم الطالب بناء على ان الاسم من المسمى بمنزلة الجسد من الروح كما اشار اليه امير المؤمنين عليه السلم بقوله الروح في الجسد كالمعنى في اللفظ وعلى ان تمام بنية الجسد يستلزم في الحكمة ان يهب الكريم سبحانه روحا تسكن تلك البنية لانها اذا تمت كما ينبغي فقد سألت عنه سبحانه بلسان حالها الصادق وامتثالا لامره ان يحييها وهو يحييها بكرمه قل يحييها الذي انشأها اول مرة وهو بكل خلق عليم فاذا امتزجت الاسماء الثلثة اتصلت المسميات فحصل المطلوب فان كان ذلك لا يتوقف على بعض الشروط المحرمة مما اشرنا الى بعضها فلا ضرر فيه والا فلا واما ظاهر كلامه من قوله لانه اصل هذا الكتاب يشعر بانه المشروط بالرياضات وتسخير الملئكة وغير ذلك فهو محرم واما ما يستخرج من الحروف من اسماء الملئكة فعندي فيه توقف من جهة ان هذه الملائكة المشار اليها يراد منها القوى خاصة لان الملائكة عندهم ليسوا نفوسا مشعرة حساسة مدركة مفارقة فعالة بالاختيار وانما هي قوى الاشياء فان كانت كذلك فلا محذور في استخراج قوي الشيء لانه كاستخراج المعدن من التراب وليس تسخيرا للارواح واما عندنا فالملك حيوان حساس مختار مفارق لما وكل به في ذاته وان كان في فعله مقارنا له وان كانت المستخرجة من الحروف هي المراد عندنا وانها لما كانت الحروف وجودا تاما على اكمل نظام وكل ذرة من ذرات الوجود موكل بها ملك تجانس اجنحته جهات تلك الذرة فاي تركيب من تراكيب الحروف من بسيط ومركب وجد فهو اسم لملك كما هو شأن مشتقات المسميات الوجودية فانت تدعوه باسمه المسخر للقيام بوظيفته فهذا لا يجور واما ما ذكرته في اجوبة مسائل الشيخ عبدعلي التوبلي البحراني تغمده الله برحمته فانما قلته نقلا تتميما لجوابه على سبيل التمثيل ولم اقصد فيه ما قصدوا لوجوه ثلثة الاول اني غير عالم بذلك الثاني اني لم استقص شروطه ووظايفه كما عندهم ولم اعلم بكلها الثالث توقفي من جهة مشروعيته لاستلزامه استنزال الملئكة والارواح وانا متوقف هل المقصود منها القوى كما نعرف من القوى فيجوز ام الملائكة الارواح النورية المعروفة عند اهل الشرع فلا يجوز واما قوله تبدو له صورته الروحانية فيريد بها الصورة الفكرية او هي مع العددية لانهما بمنزلة الروح بمعنى ان الفكرية كالصورة النفسية والعددية كالمثالية والصورتان السفليتان كالجسد بمعنى ان اللفظية كالجسم والرقمية كالجسد وهو يشير الى معنى وهو انك اذا اردت عملا كتبت ذلك الاسم على نحو ما ذكروا وذكرته بعدد قواه وفكرك منغمس في صورته الفكرية حتى تغلب على سماعك لفظه وعلى نظرك رقمه او تحمله او تشربه وغير ذلك فاذا تمحض وجدانك في الصورة الفكرية ظهر لك سر ذلك الحرف فيما طلبت وهذا معروف الا ان فيه الجايز وفيه الممنوع والحمد لله رب العالمين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله الطاهرين الطيبين المعصومين واجعلنا معهم وبهم ولهم ولا تفرق بيننا وبينهم طرفة عين في الدنيا والاخرة برحمتك يا ارحم الراحمين

3 - قال ايده الله تعالى : سؤال - قال الشيخ محي‌ الدين في بعض رسائله في علم الحروف في خلال كلام له وله اي ولشيث عليه السلم سفر جليل الشأن في علم الحروف وعنه اخذت هذا المثلث العظيم الشأن الذي لا يعلم قدره الا من خصه الله تعالى بالاطلاع على اسرار الحروف ورأيته بمكة وحل لي ما اودعه في سره في ٦٢٦ وهذا المثلث
اقول اعلم ان المثلث اول الاشكال واعظمها وهو شكل ابينا ادم عليه السلم لان ادم عليه السلم ابو البشر واولها وهذا ابو الاشكال واولها ولان السطح اقل ما يتركب من ثلث نقط وانما قيل انه شكل ادم عليه السلم لان بسايطه خمسة واربعون وهذا مثاله ثلثة اضلاع كل ضلع خمسة عشر ومجموعها خمسة واربعون وهو مجموع ادم عليه السلم وينسب الى شِيث عليه السلم لانه ابن ادم وحوا واسم حوا خمسة عشر وذلك ضلع واحد من المثلث الذي مجموعه ادم عليه السلم فحوا من ضلع ادم الا ان حوا من ضلع من المثلث المائي لان طبع الذكر حار يابس وطبع الانثى بارد رطب والمثلث له اربع صور ناري كما ذكرنا وهوائي هكذا ومائي هكذا وترابي هكذا فحوا من الشكل المائي من الضلع الايسر الذي في وسطه الواحد وقوله في ٦٢٦ الظاهر منها السنة التي ادعى انه اجتمع فيها بشيث عليه السلم وعلمه المثلث وهذا الشكل المرسول ليس بصحيح اذا وضع فيه اسم شيث على القاعدة كان فيه كسر فيزاد في رابعه فاذا نزل فيه زاد احد وتراه على كل حال ولا يمكن على ما ذكره بعضهم ان يصح الا بتضعيفه وادعى ان تصحيحه بذلك وانه اقوى فعلا كما ان المركب الفلسفي كلما كرر عليه التكليس والحل زادت قوته وزاد فعله وانا لما لم يكن لي اطلاع على هذا العلم ولم يكن عندي من كتبه ولا شافهت اهله ولم اكن بصدده لم اقدر على التصرف في مكتوماته واسراره ولو كان الشكل المنقول صحيح الوضع ربما يمكن استخراجه واما جوازه من جهة الشرع فقد تقدم الكلام فيه وفي امثاله

قال : قد ذكر اثارا بديعة واسرارا رفيعة الى ان قال : ثم الامام عليّ عليه السلم ورث علم الحروف من سيدنا محمد صلى الله عليه وآله واليه الاشارة بقوله انا مدينة العلم وعليّ بابها ومن اراد العلم فعليه بالباب وهو كرم الله وجهه اخر الخلفاء كما كان النبي صلى الله عليه وآله اخر الانبياء عليهم السلم وقد ورث علم الاولين والاخرين وما رأيت في من اجتمعت به اعلم منه ثم قال بعد الاطراء في مدحه عليه السلم ومدح الصادق عليهما السلم بالعلم ومدح مولانا القايم عجل الله فرجه عليه وعلى ابائه صلوات المصلين بقوله : ان الجفر يظهر في اخر الزمان مع الامام محمد المهدي عليه السلم ولا يعرفه على الحقيقة الا هو وموضع الاشكال المسئول عنه حله اظهار ما تضمنه المثلث والابانة في الجملة عن كون اجتماعه مع الكرام في عالم المثال عند العروج او عند الرجوع عن المقام وكيف اشرقت عليه انوار علومه عليه السلم وتبين له اوليته عليه السلم حتى جعله اخر الخلفاء وان له معنى اخر
اقول اما الاثار البديعة فهي ما يتصرفون فيها من اعمالهم من كتابة مزدوجاته للمحبة والتأليف ومفرداته للتفريق ولازالة الحمى مع ما يناسبه من الاسماء والايات ولبكاء الاطفال كذلك ولهلاك الاعداء وهزم الجيوش وزجر الطيور واظهار الكنوز وابطال الارصاد وحل المربوط وللربط ولترويج كساد التجارة وامثال ذلك مما يعسر احصاؤه من الاعمال الا ان لها شروطا عندهم مقويات للحروف منها اشياء مناسبات واشياء مقومات والكل معلوم عند اهله وقوله ان عليّا عليه السلم ورث علم الحروف عن محمد صلى الله عليه وآله لا شك في ذلك يعرفه المخالف والمؤالف وهو الجفر المعروف وذلك ان محمدا وعليّا عليهما السلم كانا على جبل فاران فاتى جبرئيل عليه السلم الى النبي صلى الله عليه وآله بجفرة وهي بقرة وحش انثى بكر بالغ فذبحها عليّ عليه السلم وسلخها فاذا جلدها مدبوغ فكتب فيه عليّ عليه السلم باملاء رسول الله صلى الله عليه وآله عن جبرئيل عليه السلم علم الجفر اي العلم المكتوب في جلد الجفر والاربعة عشر المعصوم عليهم السلم في ذلك العلم على السواء فمن جهله بهم عليهم السلم خص علم الجفر بعليّ عليه السلم وجعفر الصادق وبالقائم عليهما السلم لانه ينسب الى عليّ وجعفر اخذه عن جده عليّ والقائم عليه السلم هو وارثهم وهذا ما تدل عليه روايات العامة وقوله وهو كرم الله وجهه يريد به ما كانوا يستعملونه عندهم من ان الصحابة عبدت الاصنام فيقال لكل واحد منهم رضى الله عنه وعلى لم يسجد لصنم فيقال له كرم الله وجهه عن عبادة الاصنام وقوله اخر الخلفاء يشعر بأن ساير الائمة ليسوا كذلك حتى القائم وان كان يقر بانه خاتم الولاية وهذه طريقتهم الباطلة وقوله ولا يعرفه على الحقيقة الا هو يشعر بأن غير الصادق وجده عليّ عليهما السلم لا يعلمه على الحقيقة الا القائم وهو بناء على ما يعرفه من الحاده واستنكافه وقوله سلمه الله وموضع الاشكال اه فجوابه اما ما تضمنه المثلث فقد قلت قبل هذا اني لا اعرف هذا بخصوصه على ما ينبغي والصورة المنقولة في السؤال ليست صحيحة لانه لم يجر على النظم الطبيعي الذي هو شرط في صحة تأثيره في جميع الاعمال وليس عندي شيء من كتب القوم لاراجع الا ان الاعمال المطلوبة منه لتحصيل المطالب العظيمة منها الممنوع منها ومنها الجايز كما للتفريق بين المرء وزوجه ولحل المربوط وابطال السحر واما دعوى اجتماعه بشيث وعليّ عليهما السلم وغيرهما من الانبياء والصديقين فعنده ان ذلك على الحقيقة بناء على مذهبهم مذهب اهل التصويف من ان الخيال اصل وجود العالم كله كليه وجزئيه حتى وجود الواجب وهو باطل في حق الجزئي بل كلما هو في خياله فهو صورة منتزعة من الاصل الخارجي فما في خياله الا كما في المرءاة من المقابل وقد حققنا في كثير من اجوبتنا فيما كتبناه خصوصا في الفوايد وفي مباحثاتنا ثم ان ما في المرءاة ليس يجب ان يكون على هيئة المقابل وانما يكون على هيئة المرءاة فان كانت شيشتها سوداء كانت صورة المقابل على هيئة المقابل سوداء وان كان ابيض كانت ابيض وان كانت معوجة كانت الصورة معوجة وان كان معتدلا كانت معتدلا فلا تحكي المرءاة الا على هيئتها وان كان خفي الباطن فانظر في الظاهر فان الكفار والمنافقين لا يرون الامام عليه السلم كما تراه انت وهذا ظاهر وهذا الرجل رأس الكفار والمنافقين ولاينبئك مثل خبير فهو يتصور في خياله عليّ بن ابي طالب عليه السلم وما وقف عليه من حكمه وعلومه عليه السلم مما بهر عقله فيصفه بما يعرف من علومه ويؤخره عن الثلثة بما ظهر له من تقدمهم عليه وذلك لانه يتصور انهم افضل منه وان لم يعلم منهم شيئا من العلوم فهم عنده اولى بالخلافة هذا الذي يتصور في خياله ويتصور فيه انه ماوجد اعلم منه من جهة ما سمع من حكمه وعلومه عليه السلم ولو انه ادركه او عرفه لكان اعلى منه ولماصح قول النبي صلى الله عليه وآله يا عليّ لا يعرفك الا الله وانا ولا يعرفني الا الله وانت ولا يعرف الله الا انا وانت ولكنه انما وصفه بما يعرف واما انه اجتمع معه فهيهات اين الثريا واين الثرى وانما يسمى تصور الشيء اجتماعا معه وملاقاة له بناء على ذلك المذهب وان انتقال خياله من احوال مأكله ومشربه الى شيء من المسائل او تعرفه لشيء يسميه عروجا الى العالم العلوي فليت شعري ما هذا العروج الذي اختصوا به دون غيرهم اليس اذا تخيلت مميت الدين بن عربي ولعنته اني عرجت الى العالم العلوي فان كان هكذا فلم يخلق احد من المكلفين الا وهو يعرج ويجتمع بالانبياء عليهم السلم ولكن ليس هذا بعروج غير ما يعرف ولكن مدعيه اعرج وليس على الاعرج حرج ولقد اخبرني رجل من بعض التلامذة وهو الان موجود قال قال شخص معروف من اهل التصوف انا اليوم عرجت الى العرش فقال له ذلك التلميذ انا كذلك عرجت الى العرش ومارايتك قال انت في جانب من العرش وانا في جانب فانظر بعقلك الى هذا التلاعب بدينهم وكل هذا لما ادعي سيد المرسلين صلى الله عليه وآله انه عرج الى السماء بجسمه الشريف وعرج بروحه ثلثمائة ‌الف وستين‌الف مرة وعرفوا ان النفوس والارواح ليست من عالم الاجسام وانما هي من عالم الغيب والملكوت وهي الان في مراكزها وانما تعلقت بالاجسام تعلق التدبير فاذا ارادت تناول شيء من الاجسام تنزلت الى رتبة التي تتناوله وهي على ما هي عليه في رتبتها قالوا لرجوعها في التفاتها الى مركزها انه عروج الى السماء والى العرش ولقي الانبياء عليهم السلم وكل ذلك حديث خرافة فلا يقال عروج ولا رجوع لانه يوهم ان ذلك مختص بالانبياء والاولياء كابن‌ عربي والغزالي وعبد الكريم الجيلاني وعبد القاهر وابن عطاء الله وابرهيم بن ادهم وغيرهم من المتلونين الذين قالوا نحن اولياء الله واحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل انتم بشر ممن خلق على انك لم تسمع من احد من الانبياء عليهم السلم انه عرج الا نبينا صلى الله عليه وآله مع انهم لا تزال ارواحهم معلقة بالمحل الاعلى فاذا كان لم يقل به احد منهم وان كان تعرج روحه كل حين فلا يجوز لغيرهم ذلك وقولكم وكيف اشرقت عليه انوار علومه عليه السلم انه لم يشرق عليه شيء من علومه لا قليل ولا كثير لان العلم نور يقذفه الله في قلب من يحب وهذا ممن يبغضهم الله ولكن اعطاه قدر ما تقوم به الحجة عليه وهو جاهل كيف يكون عالما يفضل السها في النور على الشمس ومع هذا كله فعندهم ان الاول والثاني اعلم من رسول الله صلى الله عليه وآله وافضل على ما سمعته انا من بعض علمائهم في بلدنا مشافهة قال لي يوما الله ولي الذين امنوا يخرجهم من الظلمات الى النور قال هم الاول والثاني يتولاهم الله بنفسه بما لم يطلع عليه احدا من خلقه من اسرار الربوبية والمعارف الالهية قلت ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله هو الواسطة بينهما وبين الله قال ان ذلك لا يعلمه رسول الله قلت قوله صلى الله عليه وآله انا مدينة العلم وعلى بابها يدل ان جميع العلم انما تؤخذ عنه قال ذلك علم الشريعة واما الاسرار الالهية فلا فلم اتق منه فقلت من شذ عن رسول الله صلى الله عليه وآله شذ الى النار ومثل ذلك ما رواه بعضهم في حديث الغار قالوا ان الغار فيه ثقوب ورسول الله صلى الله عليه وآله قد نام على ركبتي ابي ‌بكر لانه تعب وابو بكر خاف على رسول الله صلى الله عليه وآله ان تخرج حية من تلك الثقوب فتلدغ رسول الله صلى الله عليه وآله ولم يكن عليه الا ثوب واحد فمزقه وسد تلك الثقوب وبقي ثقب لم تبق له من الثوب خرقة يسده بها فوضع ابهام رجله فيه فخرجت افعى من ذلك الثقب فلدغته فدمعت عيناه فوقع الدمع على خد رسول الله صلى الله عليه وآله فانتبه فقال ما يبكيك يا ابا بكر فاخبره بالقصة فقال ابشر فانك عند الله ارفع مني بثلث درجات هذا معنى ما سمعته مشافهة قاتلهم الله اني يؤفكون وحديث النبوة فانها نزل بها جبرئيل عليه السلم في صورة اترجة على ابي ‌بكر فلم يره فرأى محمدا صلى الله عليه وآله فاخذها منه على سبيل الامانة فلما صعد جبرئيل عليه السلم سأله الله هل اديت قال يا رب اعطيتها محمدا على سبيل الامانة لاني لم ار ابا بكر فعاتبه الله على ذلك فقال ان اردت نزلت واخذتها من محمد صلى الله عليه وآله قال لا دعها وامثال ذلك فاذا كان هذا وامثال ذلك معتقداتهم كيف يرى ان عليا مقدم على احدهم وهذا دليل على ان نور علم عليّ عليه السلم لم يشرق على احد من هؤلاء وانما يشرق على اوليائه

قال : ثم الحقايق في عالم المثال او فوقه تظهر غالبا او احيانا على صورتها المعنوية كاللبن والماء المؤولين بالعلم مثلا في المنامات او غيرها وهل المسموعات من الكشف المثالي مثلا مسموعات على وجه الحقايق على ما نتعارفه في عالم الظاهر من حمل الالفاظ على الحقايق لان الالفاظ والنقوش هي المترقية من عالم الظاهر فينبغي ان يكون المسموع هناك على هيئته هنا او على وجه التأويل وعلى الاخير يختل اوضاع العلم الا ان ينضم اليها قرائن
اقول ان عالم المثال لا يظهر الا قايما بالاجسام كالتربيع الذي تراه في الكتاب اذا جردت عنه المادة هو المثال وكالصورة في المرءاة فهو لا يتقوم الا في المادة وهذا الذي تشير اليه ليس هو المثال وانما هو الصور العلمية وتلك في الملكوت في عالم الدهر قبل الزمان والمثال مثلها وكيفية حصولها في المنامات انها في المنام تقابل مرءاة خيالك فتنتقش فيها صورة المقابل والاصح المروي عن اهل العصمة عليهم السلم ان المنتقش في المرايا الظاهرة والباطنة اشباح الحقايق فالذي في خيالك صورة ظلية لا ذات حقيقية وقد اشرنا سابقا ان المنتقش في المرءاة انما ينتقش على هيئة المرءاة الا ترى انك اذا نظرت وجهك في السيف الصقيل رأيته طويلا ان نظرت اليه بالطول وعريضا ان نظرت اليه بالعرض والنائم قد يكون مشتغلا بامر مهم عنده فيراه لملازمته لخياله في اليقظة وقد تحصل له رطوبة او يبوسة فتغير الرؤيا ولهذا روى الرؤيا اخر الليل اصح من الرؤيا اوله لكثرة رطوبات الطعام في اوله واشتغال النفس بتدبير الغذاء وكذلك لو كان مريضا وعلى تقدير الاعتدال قد تحصل قرانات الكواكب تكون مانعة لمقتض او دافعة لمانع او محركة للمرءاة فتحدث في الخيال اوضاع لم تكن في الخيال ولا في المرئي اما ترى لو كان رجل قريبا من حوض ماء والماء ساكن رأيت صورته كما هو الا انها منكوسة بحكم المقابل فلو حركت الماء والرجل لم يتحرك حدثت في صورته المنكوسة هيئات غريبة متشعبة على حسب حركة الماء لم تكن في هيئة الرجل ولا في الماء بدون التحريك كذلك الاوضاع السماوية لها تحريك للخيالات ومع هذا فلو عبرته للرائي على خلاف ظاهر منامه استقرت الرؤيا على ما عبرتها لانك لما عبرتها على صورة تخيلها الرائي وتخيل ان هذه صورة ما رأى في منامه وان كان قد رأى بخلافها حتى حصل له صورة ما رأى بصورة ما عبرت فتستمد هذه الصورة المعبرة الوجود من ظهور المرئي في المنام على هيئة قابلية خيال المعبرة فتقع كما قلت في تعبيرك فظهر ان حقيقة الرؤيا هي ظهور المرئي بصورة قابلية الرائي وخيال الرائي لذلك الظهور فقد يرى انه يشرب لبنا وهو علم وقد يرى انه يشرب لبنا وهو لبن فيشربه في يقظته وقد يرى انه يشرب لبنا وهو ليس بشيء لاحد الاسباب والموانع والمحركات والمشابهات كما ذكرنا ذلك اشارة والكشف المثالي والملكوتي والدهري اذا خالف الحسي والشرعي فهو غلط وقد اشرنا سابقا الى ذلك فلاحظه ومثل ذلك ما انكشف لابن ‌سينا في الشفا حيث قرر ان الخليفة الحافظ لشريعة النبي صلى الله عليه وآله اما ان يكون بنصب من الله تعالى او من ذلك النبي صلى الله عليه وآله او من الناس وكذلك قال مميت الدين حيث جعل يزيد الذي قال :

لعبت هاشم في الملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل

وهذا مما نقله المخالف والمؤالف وكذلك المتوكل الذي ليس في خلفاء بني ‌عباس مثله في الظلم والفساد والزنا واللواط وشرب الخمور واستعمال الملاهي وجميع المناهي التي نهى الله عنها من اهل الخلافة الظاهرة والباطنة وان كل من تغلب وتسلط حتى استولى وان كان ذلك ظلما انه خليفة حقا وانه حجة الله وتجب طاعته لانه من اولي الامر الذين قال الله تعالى فيهم اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم وهذا مما قطع به من جهة الكشف فكشف الله سره فالمسموعات المذكورة قد تكون باطلة وقد تكون حقا لانها صور الحقايق فاذا انتقشت كما هي في ذواتها كانت حقا وان تغيرت المرءاة حكت باطلا وليست الالفاظ والنقوش تترقى لانها زمانية ولا تترقى عنه فتكون دهرية لان كل شيء فله رتبة من وجوده لا يتجاوزها ابدا وانما الحس المشترك يحكي صور الالفاظ والنقوش وهي صور مشتركة بين الظاهر والخيال وينتقش صورة ما فيه من الصور في الخيال كما قلنا وكل صورة فمن نوع ما هي منتقشة فيه فلا يلزم ان يكون المسموع هناك على هيئته هنا وليست كلها على وجه التأويل بل منها الصورة المخالفة والصورة الموافقة والموافقة هي العلم ولا يلتزم من هذا اختلال اوضاع العلم لان العلم هو الجازم الثابت المطابق للواقع فلو كان كل من تخيل شيئا كان ثابتا مطابقا للواقع لم يختلف اثنان لان الواقع واحد مع انك لا تكاد تجد اثنين متفقين واما انضمام القرائن فقد قال الله سبحانه فلينظر الانسان الى طعامه اي الى علمه من اين يأخذه وفي رواية محمد بن الزبرقان الدامغاني عن الكاظم عليه السلم على ما رواه المفيد في الاختصاص والصفار في البصائر قال عليه السلم فيما كتب لهرون الرشيد امور الاديان امران امر لا اختلاف فيه وهو اجماع الامة على الضرورة التي يضطرون اليها والاخبار المجمع عليها وهي الغاية المعروض عليها كل شبهة المستنبط منها كل حادثة وامر يحتمل الشك والانكار فسبيله استيضاح اهل الحجة عليه فما ثبت لمنتحليه من كتاب مجمع على تأويله او سنة عن النبي صلى الله عليه وآله لا اختلاف فيها او قياس تعرف العقول عدله ضاق على من استوضح تلك الحجة ردها ووجب عليه قبولها والاقرار والديانة بها الحديث فطالب العلم يطلب الحق لا غير وعلى الله قصد السبيل وما ترى ممن ضل فانه لا يطلب الحق بل يطلب الحق المطابق لشهوته ولا شك ان ذلك ليس بحق اما ترى قول الصوفية ان علمنا شرطه ان يكون على مذهب السنة والجماعة وليس هذا قول من يطلب الحق وانما يطلب ما يوافق محبته ولو اتبع الحق اهوائهم لفسدت السموات والارض ومن فيهن الاية

قال ايده الله تعالى : ثم ان المرئي المخبر المعلم من الكرام الذي حكى عنهم هل هي شئونات النفس او حقايق المخبرين ولا اعتداد بالاول وظهور الحقايق يتوقف على عبور السالك على مراتبهم وهو غير ميسر لمثله الا ان يكون مشاهدا لهم في بعض العوالم القريبة من الرائي كالمثال لاشتماله على اشباحهم النورانية والمثال
اقول اعلم ان ما رءاه الرائي في اليقظة بخياله وما يراه النائم كله في رتبة واحدة وهي في اسفل الملكوت من الاظلة وهو صور المخبر في مرءاة خيال الرائي وتلك الصورة هي ظهور المخبر للرائي في خياله وظهوره فيه انما على حسب قابلية تلك المرءاة للانطباع وقد تقدم ذكر ذلك ولهذا اختلفت مقامات الرائين وخيالاتهم بل الرائي الواحدة في انين في رؤيا واحدة لاجل ما اشرنا اليه من تلك الاسباب للمقتضيات والموانع من حالاته ومن اوضاع الكواكب لا حقايق المخبرين ولهذا ترى زيدا في المنام وتسأله وهو يجيبك وهو لا يعلم لان الذي سألته هو صورته المنتزعة هذا اذا كان من ساير الناس ولو كان المرئي من اهل العصمة عليهم السلم كان المدرك منه والمرئي كذلك الا انه يعلم ما قلت له وما قال لك كما روي ان شخصا رأى النبي صلى الله عليه وآله في المنام وبين يديه طبق فيه رطب فناول ذلك الرجل رطبة فاكلها ثم ثانية وثالثة الى سبع ثم سأله فلم يعطه زيادة فلما اصبح الرجل مضى الى الصادق عليه السلم ليقص عليه رؤياه فلما دخل عليه وجد بين يديه طبقا فيه رطب مثل الطبق الذي رأى بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله قال فناوله الصادق عليه السلم رطبة ثم ثانية الى سبع فقال الرجل زدني يا ابن رسول الله فقال لو زادك جدي لزدتك ه‍ والسر في كون الامام عليه السلم يعلم بمن يراه مع انه انما يرى صورته كغيره ان جميع صور الخلايق لهم عليهم السلم يلبسون منها ما شاؤا ويخلعون ما شاؤا ولما كانوا عليهم السلم علة جميع الموجودات كانت تلك الصور التي هي من ساير الموجودات قائمة بهم فهي معلقة باشعة وجودهم ولوجودهم قيومية عليها فلا يحدث انطباع ولا صورة الا عنهم عليهم السلم ولا غير ذلك وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم وهم تلك الخزائن والتنزيل منهم وبهم واليهم ولهم هذا الجواب واما بيان العبارة فلو كان ظهور الحقايق يتوقف على عبور السالك على مراتبهم لزم ذلك في معرفة الله تعالى لان الظهور ليس هو الحقايق لان الظهور فعل الذات والوقوف على الفعل لا يستلزم الوقوف على الذات واما احتمال ان يكون مشاهدا لهم في بعض العوالم القريبة فهذا هو الحق لكن ليس هذا الظاهر بل ان مظاهرهم لجميع المخلوقات في كل مرتبة من مراتب الوجود لا يختص لهم واحد دون اخر وذلك بصفاتهم لكل بحسبه وحقيقتهم لا يدركها احد من الخلق غيرهم واما ان المثال مشتمل على اشباحهم فليس بصحيح لان اشباحهم فوق اشباح ما في المثال بمراتب لا تكاد تحصى وانما اشباحهم في عالم منفرد ليس فيه الا اربعة عشر شبحا وهم هياكل التوحيد التي اشار اليها امير المؤمنين عليه السلم لكميل في قوله نور اشرق من صبح الازل فيلوح على هياكل التوحيد اثاره

4 - قال سلمه الله تعالى : سؤال - قال في تلك الرسالة ومن اراد التصريف بما ذكرناه في هذا الكتاب المكنون والسر المخزون فلا يطالع حتى يتوضا ويصلي ركعتين ويقرء في الركعة الاولى فاتحة الكتاب واية النور التي اولها الله نور السموات والارض الى قوله عليم ثلث مرات واية الزمر التي اولها واشرقت الارض بنور ربها الى قوله وهم لا يظلمون واية في ق التي اولها لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد ثلث مرات فاذا فرغ من الصلوة صلى على النبي صلى الله عليه وآله تسعة وعشرين مرة ثم يقرء بسم الله الرحمن الرحيم تسعة وعشرين مرة ايضا ثم سورة الم‌ نشرح ثلث مرات ثم يقول اللهم يا من بيده مفاتيح اسرار الغيوب ومصابيح انوار القلوب اسئلك ان تكشف لي عن كل اسم مكتوم وسر مختوم يا من وسع علمه الظاهر كل معلوم واحاطت خبرته بباطن كل مختوم مفهوم يا حي يا قيوم اسألك ان تصلي على محمد وآل محمد شمس معارف اسمائك ومظهر لطايف اسرارك وعلى آله الاتقياء واصحابه الاصفياء وان تشهد لي غيب كل شيء يا من بيده ملكوت كل شيء ولا تشك ولا تردد واخلص في عملك يظهر لك سر علم الله الى ان قال ولقد ارشدتك الى طريق الكشف من سر الحروف فاشكر الله الى هنا كلامه فهل العمل الذي انبأه من الصلوة اذا صليت على وجه شرعي والدعاء مما لا يخطئ قاريه الاجابة والاصابة عاجلا سريعا لادراك كل مطلب كما تضمنه الدعاء او خاص او غير مفيد الا على معتقده او لمعتقده وعلى الثاني فهل شيء يسهل الوصول ظاهرا يقوم مقامه في تحصيل العلم بكل مشكل فان كان فافدنا تصريحا او تلويحا
اقول فيما كتبتم ليس فيه ذكر الركعة الثانية وعلى كل حال فليست هذه الصلوة مأثورة عندنا وظني انها ليست مأثورة عند العامة وانما هي من مخترعات الصوفية وذكر هذه الايات المخصوصة المناسبة لمطلوبه يدل على انها من مخترعاتهم لانهم يذكرون امثال تلك المناسبات في رياضاتهم وكذلك الدعاء الذي بعدها والاذكار فمثلها عند فقهاء الشيعة صلوة محرمة لانها مبتدعة فلا تحصل الاجابة بها لان الله لا يتقبل الا من المتقين والعامل بالمعصية ليس بمتقى وانما تحصل لهم الاجابة ببعض مطالبهم من قوله تعالى يا معشر الجن قد استكثرتم من الانس وذلك من ابتلاء الله وفتنته نعم قد يفيد من هو على معتقده اذا عمل بالرياضة فان الاعمال التي تؤثر في تحصيل المطالب اما الاعمال الصالحة واما الاعمال الطالحة فاما الثانية فهي ما يعملونه اهل السحر واهل التصوف فينالون بها بعض مطالبهم فهي ومطالبهم كلها محرمة توصل الى عذاب النار وبئس المصير واما ما يحصل به مطالب المحبوبة عند الله من العلم النافع والعمل الصالح وخير الدنيا والاخرة فهي طريق اهل العصمة عليهم السلم وهي انك لا تأكل حتى تجوع فاذا جعت فكل ولا تتملأ ولا تشرب حتى تعطش فاذا عطشت فاشرب ولا ترو وتحسن طهارتك الواردة شرعا وتقرء ما ورد فيها من الادعية وتعمل بادابها وتصلي صلوة محافظ عليها صلوة مودع وابذل جهدك في التوجه والاخلاص فاذا صليت ولم تتمكن من التوجه فلا تهتم من ذلك فان الشيطان يشغل المؤمن عن التوجه في صلوته بتذكيره اشغاله واحضارها عنده حال الصلوة فاذا فرغ ادخل عليه الهم فيما قصر ليشغله عن الاستعداد للصلوة المستقبلة وليحزنه على ما يتلافي انما النجوى من الشيطان ليحزن الذين امنوا واستعد للنوافل من الصلوة والصيام والصدقات والادعية والسواك وادامة الطهارة ظاهرا وباطنا من مداومة التوبة وتعاهد القلب وقرائة القران بالتدبر وذكر الله كثيرا وفي تفسير قوله تعالى والذاكرين الله كثيرا والذاكرات عن النبي صلى الله عليه وآله ما معناه ليس هو سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر وان كان ذكرا ولكن ان تذكر الله عند الطاعة فتفعلها وعند المعصية فتتركها وتفعل مع الناس كما تحب ان يفعلوا معك ولا تعتمد على اعمالك ولا ينقص رجاءك في الله اذا عصيت واسع فيما يرضي الله عنك جهدك واجعل لك وقتا من ليلك ونهارك تنظر فيه في العالم وتتدبر فان الله تعالى يقول اولم ينظروا في ملكوت السموات والارض وما خلق الله من شيء وان عسى ان يكون قد اقترب اجلهم فباي حديث بعده يؤمنون ويكثر من ذكر الموت وليستعد له وليكثر من الزاد الى هذا السفر الطويل واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والاصال ولا تكن من الغافلين وبالجملة تنبه عن غفلتك عما يراد منك وامثال ذلك فانك اذا واظبت على الاعمال الصالحة قذف الله سبحانه العلم في قلبك قذفا قال تعالى ولما بلغ اشده واستوى اتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين وقال تعالى واتقوا الله ويعلمكم الله وكما تقدم من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله ليس العلم بكثرة التعلم وانما العلم نور يقذفه الله في قلب من يحب وفي رواية من يشأ فينشرح فيشاهد الغيب وينفسح فيحتمل البلاء قيل وهل لذلك من علامة يا رسول الله قال التجافي عن دار الغرور والانابة الى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزوله ه‍ وقول عليّ عليه السلم ليس العلم في السماء فينزل اليكم ولا في الارض فيصعد اليكم ولكن العلم مجبول في قلوبكم تخلقوا باخلاق الروحانيين يظهر لكم والعلم الذي يقذفه الله في قلب من يحب نور والذي يحبه هو من يتقرب الى الله بالنوافل كما وصفنا لكم وفي الحديث القدسي ما زال العبد يتقرب اليّ بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها ان دعاني اجبته وان سألني اعطيته وان سكت ابتدأته فمن تقرب الى الله بالنوافل احبه ومن احبه قذف في قلبه العلم ولا طريق الى الله اصح ولا اقرب ولا احب من هذا الطريق لان هذا الطريق دل الدليل القطعي العقلي والنقلي من الكتاب والسنة على صحته وعدم خطائه وعلى نجح المطلوب به فتمسك به راشدا موفقا

قال سلمه الله : ما عدد قوى علام الغيوب وما معنى قوى الكلمة وقد ذكر في تلك الرسالة عن مرتاض في الخلوة انه خرج لي اسم غير معلوم فهتفت به فخرج شخص قبيح المنظر مهول فقال ما حاجتك فقلت من دعاك فقال انت تهتف باسمي وقد اتيتك من جبل سرانديب فثبت جاشي فقلت قالوا انت تعلم علم الحجر وقد دعوتك لذلك فقال اني لا اجيده ولكن اتل اسم علام الغيوب عدد قواه يخرج لك منه اسم الخادم الذي حروفه ر ج ح ا ل فهو ادرى مني فتلوت الاسم الذي هو علام الغيوب عشرة ‌الاف وتسعمأة والف مفردة على هذا الحكم فظهر لي في اليوم الثالث فلما كسرت حروف الحجر هذا الاسم الذي هو رجحال فافادني علم الحجر فوجدته عارفا انتهى ما اوردته من العبارة على وجه وجدته في الرسالة
اقول يذكر انه في رياضته في خلوته خطر على قلبه اسم وذلك لان المرتاض يجمع قلبه على ذكره حتى انه لشدة غيبته ترد على خاطره وعلى حسه المشترك صور وهيئات وامثال وتماثيل على هيئات جميع ما في العالم مما رءاه الناس ومما لم يروه وان تلك الصور سيالة في التغير والتبدل تغيرا سيالا فتحدث في الصورة الواحدة هيئات لا تتناهى وجميع الالوان التي في هذا العالم ترد على حسه المشترك وربما اذا تكاثفت وتعاظمت الصور والالوان والهيئات من الجمادات والمعادن والنباتات والحيوانات حدث شكل غريب هيئته على ما ترى هكذا فتحرك حركة اضطراب يمينا وشمالا فانمحت جميع تلك الاشياء ثم بعد ذلك تعود تلك الاشياء ويخرج هذا الشكل فيمحوها وربما لا يخرج حتى يدعي بالاقبال عليه ولقد كنت من حال الطفولية الى الان يعرض في خيالي كلما خلوت بنفسي في مكان مظلم ان هذا الشكل الماحي لتلك الاوضاع كلما حصل لي ان اسمه الخامسة اباجاد ولم ادرك المناسبة ولم اتطلع عليها لاني لست بصدد امثال هذه الامور ما لم يقم لي الدليل على خصوص المسئلة واما هذا المشار اليه وامثاله فيعتنون بذلك ولما حصلت له صورة اسم وكان مطلوبه الحجر تفطن في نفسه ان هذا العارض لا يناسب مطلوبي فلم يدل عليه وهو معنى انه قبيح المنظر مهول فلما استفاد منه هذا قال انه اخبرني ان العالم به ما كان مناسبا له ثم نظر بفكره فقال اوضاع اسماء الملئكة ما كان مختوما بال او ايل او اييل واذا اردت ما يدل عليه ينبغي ان اطلب ما يوافق مادة اسمه مادة اسم المطلوب فرأى مقلوب الحجر رجحلا فقال المناسب للملك الاضافة الى احد الملحقات والموجود ال فقال رجحال وهذا باب معتبر عندهم وعندنا لا يعتبر الا بالدليل الخاص ومن تلك الاشياء قد ترد صور السماء صور فكرية وخيالية وغير ذلك فلما عرض له في رياضته ولذلك قال اسم غير معلوم لانه لم يسمع به قبل تلك الحال ولم يمر على فكره فدعا به فخرج له مسماه وهو هذا الشخص القبيح المنظر وقوله من جبل سرانديب فيه اشارة الى انه من اهل العلم والفهم لان ذلك ينسب الى الجهة العقلية وطبيعته البرد واليبس وقوله ولكن اتل اسم علام الغيوب عدد قواه يريد عدد زبر الاسم وله طرق متعددة والمراد به هنا ان علام عدده مأة واحد واربعون والغيوب الف وتسعة واربعون وعدد الجميع الف ومائة وتسعون وحروف علام الغيوب عشرة احرف فاذا ضربت العدد المعلوم الذي هو الف ومائة وتسعون في عشرة كان الحاصل احد عشر الفا وتسعمائة فهذه قواه المقصود هنا وهو قوله فتلوت هذا الاسم الذي هو علام الغيوب عشرة‌ الاف وتسعمائة والف مفردة واراد بالف مفردة انك اذا ضربت الالف في العشرة حصل عشرة‌ الاف واذا ضربت المائة في العشرة حصل الف مفردة يعني زايدة على العشرة فاذا ضربت التسعين في العشرة حصل تسعمائة وهذا ظاهر ويأتي تمام هذه القاعدة ان شاء الله وقوله يخرج لك اسم الخادم الذي حروفه ر ج ح ا ل فافاد في علم الحجر لان الخادمين للاشياء مناسبون لما هم يخدمونه اما من جهة لفظ اسمه كله او بعضه كما روي ان الملك الموكل بالجبال اسمه جاجائيل فكان اسمه اوله جيم كالجبال فيكون اوله اول الجبال لان العلويين على الاستقامة والتوالي غالبا والسفليون على خلاف الاستقامة وخلاف التوالي كما هو هنا فان الخادم الموكل بالحجر على خلاف نظمه فالخادم اسمه رجحال وهو عكس الحجر الا ان الف الحجر اول فقياسه ان يكون اخيرا فيقال خادمه رجحلا لكن على ما يأتي ان قياس الموكلين من العلويين ان يكون مختوما باييل او بايل او بال وهذا ختم بال فتقدم الالف على اللام تشبيها باسم العلوي او انه علوي كما يزعمه الزعيم والمعلوم انه سفلي وافادته في علم الحجر بيان الكيفية المكتومة

5 - قال : سؤال - وجدت في الكتب المؤالفة في علم الحروف في املاك الحروف ان الملك الموكل بالالف اسرافيل وبالباء جبرائيل وبالجيم كلكائيل وبالدال دردائيل هكذا الى اخر الحروف ما الضابط في ادراك الاملاك الموكل بالحروف على الوجه المذكور
اقول اعلم ان ملائكة الحروف بنائها على ترتيب الحروف من جهة طبايعها وطبايعها من جهة ترتيبها فمذهب الهنود والمشارقة واليونانيين والفلكيين ومن تابعهم في الحروف المفردة مثل حروف ا ب ج د والمزدوجة مثل حروف اب ت ث على الطريقة المعلومة على ترتيب العناصر هكذا وبعض الهنود والمشارقة رتبوا المفردة والمزدوجة هكذا بطريق الخافية الشمسية من تغيير بعض الحروف وتبديل مزاجها :
مذهب اليونانيين والفلكيين والهنود والمشارقة مذهب بعض الهنود والمشارقة وبعض المغاربة واتباعهم في المفردة ترتيبهم في المزدوجة بقية المغاربة في المفردة في المزدوجة مذهب اهل الطبيعة مذهب ابن‌ عربي مذهب البوني مذهب الحرلي وابن‌ سبعين جدول امير المؤمنين جدول ادريس كالهنود فهذه الترتيبات التي وقفت عليها لاهل هذا الشان غير ما ذكروا في الدواير والنظاير وما ذكره غيرهم كاهل المخارج والحاصل ان ملئكة الحروف وضعوها على ترتيب الحروف من جهة طبايعها في مواضعها وما ينضم اليها من البروج والمنازل والسيارة والجهات وطبايعها والعناصر والعلوية منها والسفلية والمعادن والايام والاسبوع والليالي والادخنة والاعراب وجمعوا ذلك تسهيلا للطالبين فالبروج النارية الحمل والاسد والقوس فلطبيعة النار اسرافيل وحرف الالف للشرطين ولو ما للبطين وحرفه الهاء وشراحيل للحمل وحروفه ا ه‍ ط بمعنى ان ثلث الطاء له ولما كان الحرف لا ينقسم وجب تكريره بينه وبين البرج المشارك له فيه وعقيائيل للمريخ وسمسمائيل ليوم الثلثا وليلة السبت والاحمر السفلي ومعدنه الحديد وبخوره الصندل الاحمر وجهته الشرق له ولمشاركيه واعراب الحروف السبعة وما تكرر منها في البروج النارية الثلاثة الرفع وروزيائل للجهة وحرفه الطاء وهو مكرر لان ثلث الملك والمنزلة والحرف للحمل وثلثا الجميع للاسد واسماعيل للزبرة وحرفه الميم وبتكفيل للصرفة وحرفه الفاء وشرطيل للاسد وحروفه ط م ف والطاء والفاء متكرران للاشتراك كما قلنا وكلميائيل للشمس وروقيائيل ليوم الاحد وليلة الخميس والسفلي مذهب ومعدنه الذهب وبخوره عنبر خام والاعراب الرفع والجهة الشرف وسرحماكيل للنعائم وحرفه الشين وهمزاكيل للبلدة وحرفه الذال وشرنطيائيل للقوس وحروفه ف ش ذ فالفاء متكرر كذلك وانجذاذ المشتري وصرفيائيل ليوم الخميس وليلة الاثنين والسفلي شمهروش ومعدنه القلعي وبخوره العود والاعراب الرفع والجهة الشرق فهذه البروج النارية وملئكتها ومنازلها وحروفها وايامها وبخوراتها ومعادنها وكواكبها الثاني البروج الهوائية الجوزا والميزان والدلو فقطرائل للهقعة وحرفه الباء وشراكيطائيل للهقعة وحرفه الواو واسرائيل للجوزا وحروف ب وي والياء متكرر واسكي لعطارد وميكائيل ليوم الاربعاء وليلة الاحد والسفلي برقان والمعدن الزيبق والبخور ميعة ولبان واعراب الحروف النصب وهجمليائل للزراع وحرفه الياء ولوخا للغفر وحرفه النون ولوذا للزبانا وحرفه الصاد وهمزيائيل للميزان وحروفه ي ن ص والياء والصاد متكرران واسمون للزهرة وعنسائل ليوم الجمعة وليلة الثلثا والسفلى ذويعة والمعدن نحاس والبخور قسط وجاوي والاعراب النصب وخذوذ للاكليل وحرفه التاء وعطاطيل للاخبية وحرفه الضاد ومحماكيل للدلو وحروفه ص ت ض والصاد متكرر وارقيائل لزحل وكسفيائل ليوم السبت وليلة الاربعاء والسفلي ميمون والمعدن الاسرب والبخور ميعة يابسة والاعراب النصب والجهة للثلثة الغرب فهذه البروج الهوائية ملائكتها ومنازلها وحروفها وايامها ومعادنها وبخوراتها وكواكبها الثالث البروج المائية السرطان والعقرب والحوت فهمزاكيل للنثرة وحرفه الجيم وطاطائيل للطرفة وحرفه الزاي ونهقيائل للسرطان وحروفه ج ز ك والكاف مكرر وتعويل للقمر وجبرئيل ليوم الاثنين وليلة الجمعة والسفلي مرة والمعدن فضة والبخور صندل ابيض والاعراب الجر واهواكيل للقلب وحرفه الكاف وميكائيل للشولة وحرفه السين وجولالا لفرغ المقدم وحرفه القاف وصرصيائيل للعقرب وحروفه ك س ق والكاف والقاف متكرران وعقبائل للمريخ وسمسيائل ليوم الثلثا وليلة السبت والسفلي الاحمر والمعدن الحديد والبخور صندل احمر والاعراب الجر ورقميائل لفرغ المؤخر وحرفه الثاء ودردائل للرشا وحرفه الظاء وفقيائل للحوت وحروفه ق ث ظ والقاف مكرر وانجذاذ للمشتري وصرفيائل ليوم الخميس وليلة الاثنين والسفلي شهمروش والمعدن قلعي والبخور عود والاعراب الجر فهذه البروج المائية وملائكتها ومنازلها وحروفها وايامها وكواكبها ومعادنها وبخوراتها والرابع البروج الترابية فكللكائل للثريا وحرفه الدال وروبيائل للدبران وحرفه الحاء وعزرائيل للثور وحروفه د ح ل واللام مكرر واسمون للزهرة وغسيائيل ليوم الجمعة وليلة الثلثا والسفلي ذويعة والمعدن نحاس والبخور جاوي وقسط والاعراب الجزم وصرفيائيل للعوا وحرفه اللام وجبرئيل للسماك وحرفه العين وصعميائيل للذابح وحرفه الراء وسهكيل للسنبلة وحروفه ل ع ر واللام والراء مكرران واسكا لعطارد وميكائيل ليوم الاربعاء وليلة الاحد والسفلي برقان والمعدن زيبق والبخور ميعة ولبان والاعراب الجزم وعزرائيل لبلع وحرفه الخاء واهراطيس لسعد السعود وحرفه الغين وسهكائيل للجدي وحروفه ر خ غ وارقيائل لزحل وكسفيائل ليوم السبت وليلة الاربعاء والسفلي ميمون والمعدن الاسرب والبخور ميعة والاذن والاعراب الجزم فهذه البروج الترابية وملائكتها ومنازلها وكواكبها وحروفها وايامها ومعادنها وبخوراتها فهذه المذكور هو خلاصة عملهم بحيث لا يحتاج العامل في ذلك الى استخراج لان المدار على البروج والمنازل والايام والبخورات وغير ذلك مما هو مذكور وكل ذلك قد ذكروا اسماء ملئكتهم وخدامهم فلا حاجة بعد ذلك الى شيء نعم لا بأس بذكر بعض قواعدهم في استخراج روحانية الحروف لذلك وجوه : الاول من بسطه الحرفي مثل الف فبسطه الحرفي ا ل ف فتنظمه وتلحق به الملحق هكذا الفائيل والثاني من عدد تلك المذكورة فالالف واحد واللام ثلثون والفاء ثمانون الجميع ١١١ واستنطقها تكون ق ي ا ولهم في نظمه طريقان فمنهم من يقدم الالوف على المآت والمآت على العشرات والعشرات على الاحاد فيقول في هذا المثال قيائيل ومنهم من يعكس فيقول فيه ايقائيل والثالث ان تأخذ عدد حروف العدد وتضربه في نفسه وتفعل كما مر مثاله الالف واحد واللام ثلثون والفاء ثمانون فاحد ثلثة وثلثون خمسة وثمانون ستة الجميع اربعة ‌عشر حرفا فاذا ضربتها في نفسها يكون الحاصل ستة وتسعين ومأة واستنطقها ق ص و وتلحقه بالملحق فتقول قصوائل ووصقائل على الاصطلاحين والرابع ان تضرب عدد مركبه في نفسه مثل الف ثلثة في ثلثة تسعة تستنطق ط وتجعل الاصل تاجا له فتقول اطائيل ( اطائل خ‌ل ) والخامس ان تضرب الثلثة في الثلثة وتجعل كل ثلثة في مرتبة من مراتب الاعداد ٣٣٣ فتستنطقها في مراتبها فتكون ش ل ج فتقول شلجائل والسادس ان تضرب العدد اي الثلثة في نفسها تكون تسعة والتسعة في المراتب المنزلة اعني شلج وخارج الضرب ٢٩٩٧ واستنطقها تكون غ غ ظ ص ز تقول غغظصزائيل والسابع ان تضرب عدد الصورة الرابعة يعني ا ط في الخامسة يعني شلج يكون ٦٦٦ لانه ضرب ٣٣٣ في ٢ وينطق خ س وتقول خسوائيل والثامن ان تضرب عدد شلج في عدد ٦٦٦ يكون ٣٦٦٣ وينطق غغغخسجائيل وهكذا والحاصل كل ملك دخل في اسمه غيره فهو الحاكم عليه ثم اعلم ان الملحق العلوي فيه عندهم خلاف فمنهم من جعله احدا وخمسين فيقول اييل بيائين ومنهم من قال احد واربعون فيقول ايل ومنهم من قال احد وثلثون فيقول ال ومنهم من قال يال وهو احد واربعون والملحق السفلي طش او طاش او طيش ومنهم من جعله وش والظاهر ان المراد بالملحق العلوي اسم الله لان ايل واخواتها بمعنى الله واما طش واخواتها فيحتمل ان يكون بمعنى عبد لان السفلي خادم العلوي او انها بمعنى الله ولا سيما مثل وش فانها ستة وستون وعدد الله كذلك وبعضهم جعله هوش ويكون من الاسماء السوءي ومعنى ذلك عبد القمر لانه عدد ثلثمائة وعشر باسقاط الاس وهذا على الترتيب المشهور والحاصل ان من الحق في العلوي اييل الاحد والخمسون فلا يلحقه حتى يسقط عدد الملحق ثم يلحق ففي مثل شلج المتقدم يسقط منه احدا وخمسين يبقى اثنان وثمانون ومائتان ٢٨٢ رفباييل بيايين بغير مد لعدم الهمزة بعد الالف ان امكن الاسقاط منه وان ساواه فالملحق هو الاسم ثم ان كان اسم ملك حرفا جعل الحرف تاجا له وكان كالاول وان نقص العدد عن اسقاط الملحق تعين اخذ الصور الباقية وهي ال او يال او ايل وكذلك حكم الملحق بالسفلي في طيش فانه لا بد من الاسقاط وان كان الملحق ال او يال او ايل في العلوي او طش او طاش في السفلي فلا اسقاط واما استخراج السفلي فالقاعدة انهم يجعلونه بعكس العلوي في الجملة كما قالوا في عكس كلمات فاتحة الكتاب انها تكون اسماء شياطين الا انها مبنية على استخراج اسماء الملئكة وذلك مبني على وضع زمام الامر المطلوب وهو على اقسام فمنه البسط العددي وهو اخذ زبر الحرف وعدد بيناته ومنه البسط الطبيعي وهو اخذ حرف مكان حرف بطبيعته ومنه البسط الغريزي وهو اخذ حرف مكان حرف بطبيعته ورتبته ومنه البسط الترفعي العددي كاخذ الميم للدال والحرفي كاخذ الهاء للدال والطبيعي كاخذ الجيم للدال ومنه بسط التجامع بأن تجمع حرفا من اسم الطالب مع حرف من اسم المطلوب في العدد وتستنطقهما ومنه بسط التضارب بأن تضرب عدد حرف من الطالب في عدد حرف من المطلوب وتستنطق حاصل الضرب ومنه بسط التواخي في المزدوجة خاصة كاخذ التاء للباء والخاء للحاء ومنه بسط التضارب كتضعيف الحرف واخذ ضعفه كاخذ الحاء للدال ومنه بسط التكسير باعتبار كسور كل حرف فتأخذ حروف كسوره مكانه كالحاء تأخذ مكانها الدال والباء للالف ومنه بسط التمازج وهو صغير ووسط وكبير فالصغير مثاله هكذا ومثال الاوسط هكذا واما الكبير فيكون من الاسم الرباعي اربعة وعشرون اسما ومن الخماسي مائة وعشرون اسما ومن السداسي سبعمائة وعشرون وهكذا ويكون من الثنائي صورتان ومن الثلاثي ست صور ومثاله في الرباعي هكذا وامثال ذلك فاذا جعلت مطلوبك زماما واخذت احد ما ذكر من البسطات فاحذف المتكرر من المأخوذ وهو اسماء الملئكة وله طرق منهم من يجعل كل اربعة يلحقها بايل وهو اسم فان بقي خمسة احرف جعلت ملكا واتبعت بالملحق كالتسعة والثلثة ‌عشر والسبعة‌ عشر ومنهم من يجعل كل سطر من البسط ملكا وان كان كثيرا كما لو بسط في سباعي وثماني ومنهم من يأخذ ملئكة الحروف ثم اذا اخذ الملك اخذت حروف اسمه بدون الملحق وكسرت بصدر المؤخر الذي هو الصغير مرة واحدة وهو السفلي بعد ان تلحقه بطيش او طش او طاش او هوش او وش على ما تقدم ولذلك اوضاع كثيرة جدا وما ذكرتم من ان الموكل بالالف اسرافيل اه ليس كذلك بل اسرافيل ملك المنزلة الشرطين وحرف الشرطين الالف وجبرئيل للسماك وحرف السماك الباء وكلكائيل للثريا وحرف الثريا الجيم ودودائيل للرشا وحرف الرشا الدال وهكذا فهذه الحروف للمنازل لان الملئكة المذكورة للحروف المذكورة وهذا المذكور ليس بمتفق عليه وانما هذا جار على طريقة ابن‌ سبعين من اهل هذا الفن وشيخه الحرلي واما ما ذكرته لكم فهو الذي عليه مشهورهم من ان اسرافيل للشرطين وحرف الشرطين الالف وقطرائيل للهقعة وحرف الهقعة الباء وهمزاكيل للنثرة وحرف النثرة الجيم وكلكائيل للثريا وحرف الثريا الدال وهكذا كما رسمته لكم مرتبا على ترتيب المنازل

6 - قال : سؤال - وقريب منه في الاشكال من حيث عدم ظهور الضابط في درك املاك اسماء الله تعالى ما اوردتم الى بعض اجوبتكم الشريفة ان الملك الموكل باسم الله اسرافيل وباسم الرحمن امواكيل وباسم الرحيم رويائيل والسفلي الى ترتيب قيديوش ايليوش صحيوش وما اوردتم من استخراج العلوي والسفلي في المثلث من ضرب المغلاق في الغاية وهكذا ليس ضابطا لما استشكل عليّ
اقول قد تقدم فيما سبق اني لست من اهل هذا الشأن وليس لي تصرف كلي في هذا الفن وان الشيخ عبد الله البحراني التوبلي سأل في مسائله الاشارة الى ذلك فاجبته ببعض ما ذكره اهل الفن واما انا فليس لي ميل الى ذلك فافرغ قلبي له لان الحاصل منه والتصرف فيه لا يوافق الشرع وما لا يوافق الشرع لا في استعماله ولا فيما يترتب عليه لا يجوز صرف الوقت فيه ولو تسهل معرفة العلم به خاصة لما كان به بأس وما نقلته فقد ذكره بعضهم الا اني كتبت فيما سبق ان الطرق في استخراج ذلك كثيرة وقد اشرت الى بعضها والى بعض ترتيب الحروف في طبايعها على مذاقهم في اختياراتهم فراجع

قال : كما لم يتبين لي ما اوردتم في جواب السؤال عن اوراد الملئكة مثلا اخرجتم ملئكة الوهاب ديائيل وهو الملك الاول ثم الثاني وصقائل ثم الثالث دمذغغائل والخليفة على الثلاثة دمضغغائل ثم الرئيس الحاكم على الكل الذي لم يصرح هرمس به ولم تذكروا اوراد الملئكة واوردتم ان هنا وردا خاصا وهو ذكر اسم الوهاب بعدد الملك الاول اربعة عشرة مرة ثم مائة وستة وتسعين وهكذا الى الاخر وتذكر عند كل عدد من مرتبة اسمه واسم صاحب تلك الرتبة ملاحظا معنى البديع والرحمن والباعث والباطن غايبا فانيا بحاجتك في ظهور الذات الحق بهذه الاركان الاربعة في كل شيء فيتحقق الاثر عند تمام تلك الجمعية بلا مهلة هذه الفاظكم الشريفة وما فهمنا المقصود منها ان الوهاب كيف يقرء بتلك الاعداد وكيف يذكر اسم الرتبة ولم يقرء وكيف يتيسر ملاحظة المعاني الاربعة مع الحاجة والقضاء فيها تمنون علينا بمثال واف
اقول وجه ما ذكرنا في استخراج ملائكة الوهاب هو ان وهاب عدده اربعة عشر فاذا استنطق كان دي فاذا الحقنا به الملحق كان ديائيل وهو الملك الاول والملك الثاني ان تضرب الاربعة عشر في نفسها يحصل مائة وستة وتسعون ١٩٦ واستنطاقها وصقائل والملك الثالث ان تضرب الاربعة عشر في ١٩٦ والحاصل ٢٧٤٤ واستنطاقها دمذغغائل والخليفة على الثلثة ان تجمع المراتب الثلثة وهي اعداد الملئكة الثلثة من دون الملحق يحصل اربعة وخمسون وتسعمائة والفان واستنطاقها دنظغغائل والذي كتبتم في السؤال دهضغغائل وهو غلط واما الرئيس الحاكم على الكل الذي لم يصرح به هرمس النبي ادريس عليه السلم هو ان تضرب عدد الخليفة في نفسه وتضرب عدده ايضا في الحاصل والحاصل من التكعيب اربعة ومائتان وسبعة ‌الاف وثلثون وسبع‌مائة ‌الف وسبعون‌ مائة ‌الف وسبعة ‌الاف‌ الف وخمسون ‌الف‌ الف ومأتا الف‌ الف فاذا اردت استنطاقه فاجعل السبعة الالاف زغ لان الزاي سبعة والغين الف وللثلثين الالف لغ وهكذا ومثاله درزغلغن قغعقغز غغنغغن غغائل ( درزغلغن غغنغغر غغنغغن غغائل خ‌ل ) فهذا الملك الرئيس والسلطان الاعظم الذي تدور عليه سلطنة الاجابة وان هذا لا يكتبونه ولكن لا يسعني الا اجابة جنابك واما ما ذكرناه من معنى الذكر الخاص بالاسم الوهاب بأن تذكره بعدد اسماء الملئكة المذكورة وتذكر عند كل عدد اسمه اخ بأن تذكر يا وهاب يا وهاب اربعة عشر وتذكر ديائل مرة واحدة وتذكر يا وهاب ١٩٦ مرة وتذكر وصقائل مرة واحدة وهكذا واما قولنا ملاحظا معنى البديع فالمراد به فتح قفل باب الاسم الاعظم اذ لا مفتاح له الا ما ذكرناه والمراد من معنى البديع الى اخره الاشارة الى قوله تعالى وفي السماء رزقكم وما توعدون والمراد بهذه السماء هو الخزائن التي قال تعالى وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم وانا الان ان شاء الله اكشف لك الاستار عن الاسرار والله سبحانه ولي التوفيق اعلم ان المراد بالخزائن المعبر عنها بالسماء هو العرش وهو له اركان اربعة الركن الايمن الاعلى من نور ابيض والاسم المربي له البديع والركن الايمن الاسفل من نور اصفر والاسم المربي له الرحمن والركن الايسر الاعلى من نور اخضر والاسم المربي له الباعث والركن الايسر الاسفل من نور احمر والاسم المربي له هو الباطن وجميع الوجود من الغيب والشهادة يدور على هذه الاربعة وهو قوله تعالى وفي السماء رزقكم وما توعدون وقوله تعالى وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم فاذا ذكرت الاسم المطلوب لحاجتك ملاحظا معنى البديع الرحمن الباعث الباطن في كل شيء وانت وحاجتك غائب فان في ظهور الذات الحق لك بك حصل المطلوب عند دعائك بلا مهلة وانا ابين لك علم ذلك وانت تسأل ان ربك يوفقك لعمله وتلك اني اذا خاطبتك بصفة من صفاتك كالقعود فقلت يا قاعد فانا حال الخطاب جميع حواسي ومشاعري متوجه اليك لا الى القعود اذ لا حاجة لي عند القعود وانما هو طريقي الى دعائك فاتلفظ بالقعود من غير توجه اليه بل ولا التفات لي الى نفسي حال خطابك وانت انت وانا انا وحاجتي حاجتي وكل واحد مباين للاخر مغاير له في الذات وفي المكان والجهة وساير المميزات والمسئول الحق جل وعلا ليس بمبائن لشيء من خلقه ولا مقارن ولا مزايل ولا مساو ولا مغاير ولا مشاكل وانت وحاجتك وغيره كما ليس شيء من ذلك بشيء الا به سبحانه فاذا توجهت اليه في دعائك وانت مشعر بنفسك او بحاجتك فانك لم تتوجه اليه وانما وجهك لمن اشعرت به الا ترى انك اذا توجهت الى خطاب شخص لم يكن لك اشعار بغيره وانت مغاير مباين مستقل فكيف تشعر بشيء عند توجهك الى من لا شيء بشيء الا به فتفهم فان صحة العمل تتوقف على صحة العلم والاجابة تتوقف على المعرفة وقد قيل للصادق عليه السلم ما لنا ندعو فلا يستجاب لنا قال لانكم تدعون من لا تعرفونه فاذا دعوت متوجها بكلك الى من تدعوه بلا كيف ولا اشارة ولا في جهة حسية ولا عقلية ولا تشخص لنظر قلبك بل تتوجه بكلك توجها يشغلك عن نفسك وعن حاجتك بحيث لا ترى سواه وانت تريه وقع المطلوب على الاثر وقد جربته مرارا الا انه موقت عنده ليس كلما طلب حصل هكذا حالي مثلي ( حال مثل خ‌ل ) من قعدت به الغفلة عن حظه بعد فتح الباب واقامة الدليل

قال : وكذا لم تبينوا في الاملاك المستخرجة بضرب المغلاق وما تأخر عنه المشار اليه انفا ولم تذكر كيفية الزجر بالسابقين على الستة العلوية والسفلية بل رمزت على وفق متمني السائل قائلا بعد ذكر الضابط والزجر السابع فافهم الرمز وكن به ضنينا فانه من الاسرار الغامضة واعلم انها الكبريت الاحمر لسرعة تأثيرها وظاهر كلامكم الشريف سرعة الاجابة بالقرائة مرة واحدة مثلا ويظهر من بعض الكتب المؤلفة في علم الحروف مزيد اداب لم يظهر كونها من الشرايط ام لا قال صاحب الكتاب بعد كلام في وضع الشكل فاذا فرغ من وضعه وصح الغاية يستخرج منه اسماء خدامه الستة اللايقة بالمطلوب ثم السابع وهو المقسم عليها يأخذ بالعزم فيما يشار به اليها وينجم الشكل بها وبالبخور سبع ليال في كل ليلة بالستة الاول منها عليه وتعاد بقدر حروفها وتحث بالاسم السابع لانه المحيط بها والحاكم المحكم عليها وامرها اليه وهي المتصرفة ما بين ايديه انتهى كلامه المرموز في الجملة ويستوضح بايضاحكم
اقول قد ذكرنا ذلك في اجوبة الشيخ عبد عليّ التوبلي حيث مثلنا بالمثلث ببسايطه للاختصار ونشير هنا الى بعض البيان فصورة المثلث فالمفتاح منه هو الواحد والمغلاق هو التسعة والعدل مجموعهما وهو العشرة والوفق عدد ضلعه خمسة عشر والمساحة خمسة واربعون وهو مجموع الكل والضابط وهو مجموع الضلع والمساحة وهو ستون والغاية وهو ضعف الضلع والمساحة وهو مائة وعشرون والاصل وهو حاصل غايته في مغلاقه وهو الف وثمانون فاذا اردت استخراج الملك الاول حملت المفتاح على الاصل وعملت به ما تقدم في الملحق وللثاني تحمل المغلاق عليه وللثالث تحمل العدل عليه وللرابع تحمل الوفق عليه وللخامس تحمل المساحة عليه وللسادس تحمل الضابط عليه وللسابع تحمل الغاية عليه والعمل كما تقدم واما كيفية الزجر فتأخذ حروف مدعاك وتجعله زماما كما مر في استخراج الملئكة والاعوان بعد حذف المكرر وكسرها بالتكسير الصغير او الوسيط او الكبير ثم ركب منها اربعة اربعة ان كانت زوجا او خمسة خمسة ان كانت فردا يعني تنظر ما ينقسم على الاربعة سواء كان كل حاصل المكسر فهو الزوج او بعض الحاصل والباقي يقسم على الخمسة كذلك فهذه هي الاسماء المقسم بها على الملئكة ليسخروا الاعوان بقضاء المطلوب واما ما ذكرتم من ان ظواهر قولنا حصول المطلوب بالمرة الواحدة فمرادنا به فيما نعمله من شروط الدعاء لا هذا العمل لانا لانعمل هذا ان شاء الله واما العمل فشروطه عند اهله كما ذكروه وكما نقلته عن صاحب الكتاب وبيانه يظهر مما ذكرنا فلاحظ

قال ايده الله تعالى : وكذا لم يتبين لي ما ذكرتم في المربعات مثلا اوردتم في المعنى ان مربعه يوضع في شرف زحل او في شرف الشمس ومن حمله وذكر الاسم بعدد حروفه ثم قرء سورة والضحى وقال عقيب ذلك اللهم يسر على في اليسر الذي يسرته على كثير من عبادك وواظب على ذلك اربعين يوما ارسل الله اليه من يعلمه الحكمة انتهى عبارتكم الشريفة وانتهى بانتهائها المطلب فهل ما ذكرته فيه واف او انه يحتاج الى استخراج اسماء الستة والسابع المزجور به عليهم وهل مع ذلك يحتاج الى رسم اسماء تلك الاملاك كلا او بعضا او غيرهم حول المربع كما بسطت القول في زيادة التمثيل الموعود به في صورة العمل بالحروف للطالب والمطلوب في اخر الرسالة المتضمنة لاسماء الله حتى استخرجتم اسم الملك زنرغغغغغغغغغغائل واطلتم الكلام حتى قلتم ان المركب كلما ازداد نعومة وتكليسا وتكريرا ازداد جودة وفعلا وهذا العمل كذلك كلما ازداد تكسيرا وتكعيبا بحيث تكثر الاعوان والقوي ازداد سرعة للفعل وظهورا للاثر ام لا ثم ان كل ما ذكرتم في زيادة التمثيل الموعود به المذكور حتى طالع الطالب فمن اللوازم او في الجملة وان لم يكن ذا اثر كامل
اقول ما ذكر في المربعات له حالتان حالة هي المعروفة من اشتراط الزجر للملائكة والاعوان والابخرة وغير ذلك وهذا ظاهر والحالة الثانية ان استعمال المربع في الوقت المخصوص وذكر اسمه الموافق لحاجته بالعدد المخصوص يحصل به المطلوب اذا واظب على ذلك ولكن لا بد من الشرط المذكور سابقا من كمال التوجه حال الذكر والفناء بذاته وحاجته في ظهور الحق له به في دعائه بل تكون هذه الحالة انجح واصح من كل عمل الا انه صعب المسلك نعم لو لم يحصل هذا الشرط ولا ما ذكروه من الشروط كان حصول المطلوب غير لازم الوقوع فقد توافق الاوضاع الفلكية فيحصل وقد تخالف فلا يحصل لان في هذه الحالة لم يحصل للاوضاع المخالفة مقتض اقوى منها بخلاف ما ذكروا فانه يسخر الملئكة وهي المغيرة للاوضاع المخالفة ولهذا منع الشارع عليه السلم منها وبخلاف ما ذكرنا من التوجه الماحي للذاكر والداعي لمطلوبه بظهور الذات الواجب باقباله على عبده حين استجاب له تعالى فانها باقبال الله تعالى عليه تكون قابلة للمدد النوري الذي يكون به كل منحوس مسعودا وكل مقبوض مبسوطا وكل مقطوع موصولا ولهذا جعله الشارع افضل الاعمال واصلح الاحوال واما ما ذكرنا من قرائة سورة والضحي والدعاء الخ فمما ذكروه لا مما نعمل به واما ما ذكرنا في اخر الرسالة الخ فهو طريق عند اهله قطعي الصحة بشروطه من العزيمة باسمائه وبخوره وغير ذلك ووزن الحروف المستحصلة بالموازين المذكورة في الرسالة المشار اليها واستعماله فيما يوافق طبيعة الحروف الغالبة فيها فان كان الغالب فيها النارية كتبت على شيء تغلب عليه الحرارة واليبوسة وطرحت في النار وان كان الغالب الهوائية فعلقها في الهواء وان كان الغالب المائية تطرح في الماء وان كان الغالب الترابية دفنت في التراب واما معنى كلما ازداد تكسيرا الخ فلأن الاسم اذا كررت قواه وتكثرت ملائكته واعوانهم وكثرت اسمائه كان اقوى فعلا لانه في حكم التكرير والترديد للعمل وهذا عند اهله مما لا اشكال فيه

قال سلمه الله : ثم لم تبينوا في التمثيل المذكور ان طالب العلم الذي يريد تحصيل العلم بعمله هذا ما يفعل بالمكتوب هل يشرب ماءه الممحو ويعمل به عملا اخر وعلى الحقيقة هذا التمثيل يحتاج في الشرح منكم الى تطويل اذ ليس ذا نفع قليل فلو بسطتموه بتمثال لذهبتم بالداء العضال ولاعنتم الطالب المتحير الى الايصال
اقول يفعل بالمكتوب ما يغلب على طبيعة حروفه بعد وزنها بالموازين المذكورة في الرسالة والعمل كما تقدم قبل هذا الكلام باسطر فلاحظ واما اعانة الطالب المتحير فبيان الاعانة بالحق لمن له عقل اسألك هذا الطالب محتاج يطلب حاجته من غني مطلق غير محتاج او من فقير مثله محتاج فان كان الاول كان مطلوبه منحصرا في سبيل الله واذا كان المطلوب من الله لا من غيره فلا يطلب ما عنده الا برضاه وقد دللنا الطالب على الطريق الاقرب الصحيح الذي يحصل له منه كل ما طلب من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والاخرة وان كان يطلب من غير الله فالقوم دلوا عليه فان طرقهم كلها ليست من الله ولا الى الله فان قلت انهم انما نقلوه عن الانبياء فان فيثاغورس قرء على سليمان عليه السلم وعلى سقراط وسقراط عن مشايخه عن النبي ادريس عليه السلم المسمى بهرمس وباخنوخ وذلك مأثور عن النبي شيث عليه السلم فالحكمة ترجع في استنادها الى الله قلت ما ذكرت فاكثره حق ولكن ليس كل الحكمة لانهم نقلوا الحكمة عن الانبياء وفرعوا عليها مسائل ووقع الغلط في التفريع وثانيا كانت كتبهم باللغة اليونانية والسريانية فلما عربت وقع الغلط في التعريب فان في المعربين من يعرب الكلام كل كلمة بانفرادها بكلمة من اللغة المنقول اليها فيقع الاختلاف بخلاف ما لو نقل اللفظ بالمعنى المنقول اليه لا كل كلمة بانفرادها لكثرة الغلط فانك لو عربت « قسم بخور » بمعنى الكلام كان المعرب احلف ولو عربت كل لفظة بمعناها لكان المعنى « كل قسما » لان المعنى يختلف في التركيب والانفراد ومع هذا فالانبياء يعلمون الناس العلم وحقايق الاشياء وينهونهم عن الاشياء الممنوع منها على حد قوله تعالى وما يعلمان من احد حتى يقولا انما نحن فتنة فلا تكفر فلاحظ

قال سلمه الله : مما لم يتبين لي فيما اوردتم في كيفية تبييض المولود الفلسفي بعد تقطيره وتصفية المقطر ورد ثلثة امثال الثفل من الماء عليه وهكذا الى ان ينحل نصف اليبوسة ثم حل نصف اليبوسة الباقية ورمي ما لم ينحل وعقد الماء المنحل اخيرا وعقده حتى يكون كالعسل بما هي الفاظكم الشريفة
اقول هذا كلام لا اشكال فيه ولا رمز بل على ظاهره وهو اول الكيفية المكتومة التي تواصوا على كتمانها بأن تأخذ من المادة ماء كثيرا ثم تأخذ منه مثل الثفل ثلث مرات وتطبخه وتقطره حتى ينحل نصف اليبوسة ثم يعزل الماء القاطر ثم يؤخذ منه مثل الباقي من الثفل ويطبخ ويجر بالفتيلة حتى ينحل نصف ثفله ثم يرمي ما بقي من الثفل ويعقد هذا الماء الثاني حتى يكون كالعسل ثم يبيض بالماء الاول بأن يوضع عليه ويطبخ به ويقطر بالقرع فاذا ابيض فقد تم ربع العمل

قال ثم خذ من الماء وزنه اربع مرات وضع عليه اول مرة مثله بعد تبييضها بارسال الماء واستنباطه وموضع السؤال ان الماء المرسل المستنبط هل هو المثل او الجميع
اقول المراد انك تأخذ مثل العسل اربع مرات او خمس مرات على الخلاف والاشهر الاول والكل يصح من الماء الذي ادخرته بعد ان بيضت به العسل ولا تقدير في المرسل المستنبط اذ لا فائدة فيه الا مجرد التبييض

قال ثم قولكم بعد التعفين في الاربعين وسقى نصف الثلثة الامثال الباقية من الماء ثلث مرات مع التعفين في العشرين كل مرة
اقول تأخذ واحدا من الاربعة الامثال من الماء فتضعه على العسل وتسحقه على الصلاية ثم تضعه في حمام مارية في الالة العمياء اربعين يوما على نار مثل شمس الشتاء فاذا انحل وانعقد وخرج مسودا كالقار فانه اول اللقاح وعلامة النجاح ثم تأخذ نصف الباقي من الماء فتسقيه به ثلث مرات كالاول في كل مرة في مدة عشرين يوما وهو قول جابر تزوجه ثلثا بعد هذا من البيض الكريمات الخدود ففي اول مرة منها يخرج ازرق الشديدة الزرقة وفي الثانية يخرج بزرقة سماوية وفي الثالثة يخرج اشهب منحلا كالرب فاذا وصلت الى هنا تم لك نصف العمل وحصل لك الحجر الكريم وامنت من الاخطار

قال ثم سقى النصف الاخر ست مرات بما هو لفظكم فيظهر النوشاذر في القرع اما هنا او في الاول فضعه مع الثفل
اقول المراد انك تأخذ الباقي من الماء وهذا في عمل النبات بعد تمام المعدن فتقسم الماء على ستة اقسام فاذا قطرت الحجر اولا فاردد على الثفل الماء القاطر وسدسا من الماء الباقي واطبخ السفل بالجميع وقطره واردد القاطر مع سدس وهكذا وهو المراد من قول جابر وتقسم فضلة الروح العتيد على ست تمام وافيات فذلك بغية الشهم المريد فيظهر النوشاذر هنا ان لم يخرج اولا في تحصيل المادة قبل ان يحصل العسل فيصعد الى قبة القرع فيوضع مع شيء من ثفله ومائه لئلا يهرب فاذا اردت تثبيته فضعه في الالة العمياء واوقد تحته بنار كشمس الشتاء يوما وليلة حتى يجف ثم زد في ناره سدسا في اليوم الثاني وكذا في الثالث الى سبعة ايام فتكون النار في اليوم السابع كنار السبك قال ذوالنون المصري ان النيران لها رتب سبع تهتاج وتلتهب

قال الى ان قلتم بعد تقطير المياه الثلثة ثم اعقد الثفل واطبخه بالماء الاول واخرج الصبغ منه ثم طهر الباقي بالماء الثاني الابيض حتى يطهر ويكون كسحالة الفضة وفي كل مرة تضع في المركب من النوشاذر الذي عندك وهو الخميرة وموضع السؤال ان ما ذكرتم في الاول فضعه مع الثفل هل الثفل فيه هو الثفل الاول او المراد من الثفل المذكور اولا هو الثاني
اقول المراد بالثفل هنا بعد ان سقيته اولا بالست الجويريات المتقدم ذكرها ثم نخله بالمناخل الاكسيرية سبع مرات ليتخلص من جميع الاثفال فاذا اردت تفصيله فقطره بنار كنار جناح الطاير عند حضانة للبيض فيقطر ماء كماء الشراب رقيق الا انه احمر في طبعه لا في لونه ونسميه ذا الوجهين لانه ابيض في منظره احمر في مخبره وهذا لا مدخل له في عمل البياض وانما فائدته في عمل الحمرة ثم يزاد في النار بقدر السدس فيقطر ماء ابيض غليظ كثير اللمعان اذا وضع في الشيشة يخيل انها انشقت لشدة توقده ويسمى هذا الزيبق الغربي وبهذا يظهر الجسد الجديد المسمى بعد التطهير بالارض المقدسة والمشبه بسحالة الفضة ثم يزاد في النار بقدر السدس فيقطر ماء اصفر كالزعفران ثم ماء احمر كالياقوت وهذا الزيبق الشرقي الذي يشبه البرق فيبقى الثفل اسود لزجا كالدهن فيعقد ويوضع عليه الماء الاول وهو ذو الوجهين ويظهر فيه الصبغ ويكرر عليه الطبخ حتى يخرج جميع الصبغ ويبقى الثفل اسود مظلما ويطبخ بالماء الابيض المسمى بالزيبق الغربي حتى يبيض الثفل وهو الجسد الجديد والارض المقدسة فالثفل الذي هو يؤخذ منه النوشاذر ثفل الجويريات في مرتبة النبات المسمى بابار نحاس تام والثفل الذي اذا بيض كان الارض المقدسة هو ما بعد التفصيل اذا خرجت عنه المياه المذكورة واما النوشاذر الذي يوضع في المياه عند تشبيبها والذي يوضع في كل عمل فهو واحد لا يختلف الا انهم قالوا له موضعان يخرج في احدهما اما ان يخرج في اول العمل عند تفصيل المادة وان لم يخرج هناك خرج في عمل الجويريات كما في جوابه

قال وقولكم من النوشاذر الذي عندك هل النوشاذر فيه هو النوشاذر المذكور اولا او غيره والاول لا احتياج فيه الى الوضع ثانيا لتروحه وصفائه وايضا ان وضع واختلط النوشاذر الذي كان ارضا فكيف يؤخذ بعد الاختلاط جزء من الارض المقدسة وجزء من القاضي ثم هل الارض الجديد المذكورة في عباراتهم هي الارض المقدسة كما صرحتم فيه في اجوبتكم او غيرها
اقول قولكم في النوشاذر ان وضع واختلط اه جوابه ان النوشاذر اذا وضع في الماء لتشبيب او في المياه مع الارض المقدسة فانه لا يبقى في المركب وانما يؤلف بين متعادياتها ويصلح بين متنافياتها ويخرج منه ويصعد في قبة الاناء فهو ينعزل بنفسه ويؤخذ ويصعد ثانية كالاول ويعمل به ثانيا وهكذا فهو لا يخالط غيره والارض الجديدة المذكورة هو الارض المقدسة

قال : هل اكثار الماء من حجر فحجر للاحتياج الى الكثير منه يوجب طرح اكثر ما بقي من الثفل وان الثفل بجميعه يدخل في العمل وربما كان الاخير هو الظاهر من كلام الجلدكي كما هو مصرح برد ما قطر اولا على ما يقطر ثانيا وهكذا واطلق في اكسير البياض السقي من الماء الابيض وفي الحمرة من الماء الالهي حيث قال في التقريب ان القائلين بكون الملح مقصودا اصليا اقتصروا على تدبير طريق واحد في تدبير الملح حذوا به حذو التدبير للحجر الحق في التعفين والتفصيل والتطهير والتصعيد والتكليس والحل والتركيب والحل والعقد والتبييض والتخمير ولعمري ان في تدبيره بهذا الوجه لبرهانا واضحا وعلما متقنا فتفطنه
اقول الاكثار من الماء للاحتياج اليه في اصلاح ما يحترق عليهم من المياه لا يوجب اخذ جميع الثفل كما لا يجب اخذ جميع الماء وانما يأخذون منها ما يحتاجون اليه الا ما اخذوا منه اول مرة لانه لا يحترق بخلاف الماء فانهم يحتاجون الى ما اخذوا منه اول مرة والى غيره لانه قد ينشف الاول وقد يصفر فيحتاج الى ماء جديد يصلحه واما كلام الجلدكي فلا يدل على اخذ جميع ثفل ما اخذ مائه لانه انما يؤخذ في الاول بقدر ثلث الماء وفي الثاني بقدر مثل الماء وفي الثالث بقدر ربع الماء وهكذا فكل شيء زاد على عدله تركت الزيادة والدليل على هذا قوله حذوا به حذو التدبير للحجر الحق في التعفين اه وهو ما سمعت مما اشرنا اليه

قال نقلا عنه وذلك انهم يأخذون الملح الحقيقي القطع التي تشبه البواريق من الانعقاد والصلاية ويسحقونه ناعما جدا ثم يودعونه في قراع الفخار المطينة المتقنة ويقطرون ما عسى ان يقطروا ويكررون الماء على اراض من ملح جديد اثني ‌عشر مرة ثم يأخذون تلك الاراضي كلها فيودعونها للتكليس بالنار الشديدة في اتون الجير وما يجري مجراه سبعة ايام فهي عندهم الارض البيضاء النقية الذكر الحار اليابس ثم يأخذون هذه الارض بثلثة امثاله من الماء المقطر المسمى عندهم بالانثى الزيبق والروح البارد الرطب بالاضافة للذكر ويعفنونه الى ان ينحل كله وبعضهم لم يدخل الثلثة من الماء الا في مرار عديدة الجزء الاول في المرة الواحدة والثاني في ثلث مرات والثالث في ست مرات ليستكمل العشرة ويقطرونه في الخامسة من عدد العشرة واختلفوا في المدد التي هي مقدرة التعفين وبين كل تقطيرة والثانية والحق انه متى تم الانحلال يبتدي فيه بالتقطير وفي نهاية كل تقطير يزاد قسم من الماء الاول على الماء المقطر فاذا تمت ادوار التقطير تصير الارضية متهبية سمرا مائلة الى السواد فيصعد بالنار القوية سبعة ايام الى ان يخرج لطيفها ويبقى كثيفها فلطيفها هو النوشاذر واكليل الغلبة عندهم واختلفوا في هذا الكثيف فبعضهم قال بانه يرمى فلا حاجة اليه وبعضهم رأوا تبييضه بالماء الذي هو الروح وبعضهم قال بل يكلس بالنار ثانيا مدة سبعة ايام
اقول اعلم ان الحق ان الحجر يتكون من كل شيء وليس الحجر شيئا منها وانما هو معمول من كل شيء الا ان بعض الاشياء اسرع من بعض في تكون الحجر منه كما ان اصل الانسان حقيقة هو النطفة ولا يتكون من غيرها ولكن النطفة تتكون من كل شيء يؤكل من جميع انواع المطاعم بل تتكون حتى من الحشيش والنطفة هي بمنزلة الحجر الا ان بعض الاطعمة اقرب من بعض في الاستحالة وسرعة الهضم واقرب المطاعم بالاتفاق اللحم والحليب واختلفوا ايهما اقرب والحق ان الحليب اقرب ولهذا جعله الله غذاء للطفل لضعف هاضمته كذلك اقربها واصحها وانجحها الشعر اذا اخذ في فصلي الربيع ربيع السنة وربيع الانسان اما ربيع السنة فظاهر واوسطه نيسان وهو اعدله واقواه فاذا اخذت الشعر النابت في فصل الربيع كان اقوى واما ربيع الانسان فاذا بلغ الذكر من بني ادم خمسة عشرة سنة الى ثلثين سنة واحسنه ابن العشرين الى اثنين وعشرين والجلدكي مثل بالملح وهو صحيح ولكنه لا يختاره بدليل قوله فيما بعد ولعمري ان هذا هو التدبير الحق لو كان الملح هو الحجر الحق وانما قال ذلك لدفع توهم من يتوهم ان الحجر هو الملح او الشعر او البيض او المرار او البول او العذرة او الدم او المخ او الزيبق او الكبريت او روح التوتيا او الاسرب او الذهب او غير ذلك من المعادن لان الحجر معمول من الكل وفيه اشارة الى ان الملح ليس بقريب لعدم اعتدال الطبائع فيه وكذلك البيض وان اعتدلت فيه الطبايع في الجملة لكنه ليس اعتدالا انسانيا ومع هذا ففيه صعوبة تبييض ارضه وهو شرط في الصحة بل قال بعضهم ان تبييضها متعذر وان كثيرا من الحكماء عجزوا عن ذلك وان كان استخراج الاركان في البيض اسهل من غيره واما الشعر فهو اصلح شيء لتكون الحجر منه فافهم وقوله يأخذون تلك الاراضي كلها يريد بذلك انهم يأخذونها ليحصل منها ما يكفيهم مما تكلس لا الكل وقوله ثم يأخذون هذه الارض بثلثة امثاله يعني به في التكليس الاول من القسم الاول من تفصيل المادة ويحتمل بعيدا انه اراد به في القسم الثاني من الثاني في التزويج ولم يذكر الاول منه وهو السقي بمثله وقوله وبعضهم لم يدخل الثلثة من الماء يريد به الثلثة الاحوال لا الاقسام الحال الاولى سقي العسل بمثله في اول التزويج والحال الثانية سقيه ثلث مرات بنصف مثله هي تمام نمو الحجر الكريم والحالة الثالثة تقسيم الواحدة والنصف على ست تساقي كل مرة بربع المثل وذلك في عمل النبات والجويريات ويجوز ان يريد بالثلثة من الماء ان الماء يؤخذ منه اربعة امثاله ويسقي بمثله في اربعين يوما وبعد ذلك تقسم الثلثة فيسقى بنصف مثله في ثلث مرات والنصف الاخر يسقي بربع مثله في ستة مرات كما مر وقوله واختلفوا في المدد الخ حق وما حققه حق لان المدة انما ضربوها للمعنى لا لظاهر العمل لان نفس المدة لا حاجة اليها وانما الحاجة في الانحلال فلو حصل في يوم وليلة كما فعله بعضهم بل في اقل كفي ومع هذا فهو في اربعين ليلة مدة ميقات موسى عليه السلم لانها بعدد مراتب الوجود قوله فلطيفها هو النوشاذر يريد به ما صعد في القبة واما الكثيف فقال بعضهم بانه يرمي يعني به اخذ لطيفه مرة ثانية او معناه انه يصفي لتذهب عنه الكثافة المعبر عنه بالرمي وكلاهما مراد وواقع وقوله وبعضهم رأوا تبييضه بالماء اه يريد به ان المطلوب زوال الكثافة والسواد ولهم طريقان هنا فمنهم من طهره بالروح الغربية ومنهم من يكلسه حتى يبيض

قال نقلا عنه ومن هذا التركيب الثاني عندهم فمنهم من رأى ان الارض من الارضين احدهما الارض المكلسة البيضاء الاولة والثانية من النوشاذر ومنهم من قال بالارض المبيضة او المكلسة من الثفل وانهم يدخلون على هاتين من الماء بقدر ثلثة امثال المجموع ويحلونه في التعفين ويعقدونه وهو اكسير البياض واختلفوا في نسبة اوزان النوشاذر فمنهم من قال مثل نصف الارض ومنهم من قال قدر الثلث ومنهم من قال قدر الربع ومنهم من قال قدر السدس وكذلك الى العشر وزعموا انه يسود السواد الثاني من غير مسود ثم يزرق ثم يبيض فهو اكسير البياض عندهم ثم يسقى بالماء الالهي بزعمهم ست مرات بستة امثاله وفي كل مرة له حل وعقد وهو يتلون في كل مرة الى ان يستقر في المرة السادسة احمر اللون شفاف قوي الحمرة ذائب جار فهو اكسير الحمرة عندهم الى ان قال ولعمري ان هذا هو التدبير الحق لو كان الملح هو الحجر الحق انتهى والتكليس للارض كلها الذي ذكره اوله بالنار القوية هل المراد منه عند التطبيق بين عملي الملح والحجر كما اشار اليه من وحدة العمل او التكليس بالماء المقطر او لا كما هو مراد القوم من التكليس او ان التكليس الذي اعتبره في كليهما التكليس بالنار العنصرية ثم ما اعتبره من رد المقطر على ما يقطر وكفاية السقى بالمائين في الاكسيرين وعدم اعتبار الاوزان فيما عدا النوشاذر هل هو صحيح لان الاعتبار بحصول علامة البياض والحمرة لا غير كما صرحوا به ايضا وايضا كلما زيد في السقى كان اقوى كما قالوا فلا وزن في الماء ام هو من تدهيشاتهم
اقول ما ذكره من اختلافهم في قدر النوشاذر صحيح ولكن لم يذكر كلما قالوا الا انهم جربوا كل هذه المقادير وكلها صحت وان اختلف المركب في الصفا لانه كلما اعتدل المزاج كان احسن وكثرة النوشاذر في هذه التقديرات احسن لان الارض تقدر به على تحمل المياه والنوشاذر يقوي هاضمتها فهو بمنزلة الكتيرا في الادوية اذا ادخل معها قوي فعلها ودفع ضررها والف بين مبايناتها وقوله يدخلون على هاتين من الماء بقدر ثلثة امثال المجموع المراد بالماء الغربي الابيض والشرقي الاصفر والاحمر وقوله ثلثة امثال المجموع اي كل مرة مثله والمراد بالمثل هنا قدر الجسد الجديد ثلث مرات ولهم فيه طريقان منهم من يسقيه بثلث ويحله ويعقده ويسقيه بثلث اخر ويحله ويعقده ويسقيه بالثلث الاخر ويحله ويعقده وقد تم وبعضهم يدخل الماء كله عليه دفعة واحدة ويحله ويعقده ويحله ويعقده ويحله ويعقده وقد تم واما تكليس الارض فمنهم من يكلسها كتكليس النوشاذر بالتصعيد بالنار على ما تقدم من تدريجها بالنار الضعيفة ثم القوية شيئا فشيئا ومنهم من يبيضها بالماء الغربي وهو الاولى والاسلم لئلا تتحجر واما الاوزان في غير النوشاذر فمنهم من يكتفي باوزان تفصيل المادة وعمل المعدن لانه في ذلك الوضع لا بد من المشار اليه سابقا فاذا تم الحجر على ما ينبغي دبروه على ما هو عليه من غير الوزن الصنجي وقالوا ان الطبايع الان معتدلة فيه فلا يحتاج الى الاوزان ثانيا لان الطبيعة لا تغلط بل تجري طبيعة المعتدل على الاعتدال ومن اعتبر الوزن ثانيا قال ان الوزن انما هو لتعديل الاركان وتعديل الاركان متوقف على مقدار المياه بما فيها من القوى الطبيعية ولعلها لم تكمل في المعدن والنبات على ما ينبغي ولا سيّما اذا كان العمل في مادة في اصلها وفي حال عبيطتها لم تكن الطبايع معتدلة فيه كما في غير الشعر والبيض او تكون معتدلة اعتدالا حيوانيا لا انسانيا كالبيض واذا وزنت بعد بلوغ الزيابق والكباريت وتمام نزجها حصل منه الاعتدال الانساني وهذا هو الاولى والاحسن ولو لم تأخذها بالوزن وكان اصل المادة من الشعر فلا يبعد حصول الكمال بدون الوزن اخيرا اذا كان المدبر حكيما ماهرا نعم لو لم يزن وان لم يكن اصله الشعر صح العمل اذا صح التدبير الا انه انقص صفاء وفعلا بالنسبة الى الموزون ليصح هنا تأويل قوله تعالى وانبتنا فيها من كل شيء موزون واما انه كلما زيد في السقي كان اقوى فهذا انما تكون القوة والفعل زايدين اذا كانت الزيادة بتكرير العمل واما ان كلما كثر الماء فهو اقوى مط فلا مط بل لو وضع على الارض اكثر مما تحتمله دفعة افسدها واذابها ألا ترى ان الماء اذا شرب منه الانسان اكثر مما يحتمله اضر به وفي الحديث ما معناه ان جبرئيل (ع) قال لرسول الله صلى الله عليه وآله لا تكثر من شرب الماء فان ابن ادم خلق من الطين فاذا كثر عليه الماء ذاب وهذا المركب انسان يجري له ما يجري للانسان واما قولكم او هو من تدهيشاتهم فهو الحق لان ذكرهم الوزن وترك ذكر الوزن كل ذلك من تضليلهم وانما ميزانهم الحق الميزان الطبيعي فهم يدورون معه حيث ما دار في الكثرة والقلة

7 - قال : سؤال - انهم قالوا ان مادة الاكسير عادتها مخالطة الاجنبي عن الفعل فاذا زالت المخالفة فهو فعال بنفسه من غير ملاحظة الاوزان واذا فهل يكون بعد التقطير والرد وهكذا الى ان يبقى ما لا ينحل ويرمى ويصير الباقي من الارض والماء اذا طبخ احدهما بالاخر كان فعالا ام لا وبالغا في الفعل ام لا
اقول نعم ان الاجنبي من بعض العوائق فاذا زالت المخالفة بقي فيه عدم الاعتدال في طبايعه فان كان معتدلا كما في الشعر كان العائق له في الفعل احواله التي لا يفعل الا بها من التلزز والنضج والصبغ والصبر على النار والبقاء والثبات والتتميم والتكميل والحفظ والغوص والذوبان وقبل ان تحصل له هذه الاحوال والقوي لا يكون فعالا وانما قالوا ذلك لوجهين احدهما انه اذا زال الغريب فهو فعال بعد التدبير يعني من غير ادخال شيء غريب عليه وثانيهما ان المراد بالاجنبي ليس خصوص الاعراض الغريبة ظاهرا بل الاعراض الغريبة المانعة من البلوغ كالطفولية المانعة للصبي من التمييز والتكليف وهو في الحقيقة عدم النضج في المولود الفلسفي وفي المولود الانساني وهذا في الحقيقة بالنسبة الى المولود غريب لان الاصل نضجه كما اشار سبحانه بقوله شهدنا ان تقولوا يوم القيمة انا كنا عن هذا غافلين او تقولوا انما اشرك اباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم الى ان الطفولية مسبوقة بالتمييز الذي هو مناط التكليف ونظيره ما تقرر من ان ما بالقوة سابق في الزمان على ما بالفعل وما بالفعل سابق في الدهر على ما بالقوة

قال واذا تقرر كون المقطر بالرطوبة او اليبوسة من النيران المهولة الشديدة المسرعة في التقطير كسريعات احمر اللون فهل هو الماء الالهي الحامل للنفس المعتبر في الحمرة ام لا لانهم صرحوا بأن التقطير اولا يلزم ان يكون بنار كجناح الطير لئلا يصفر المقطر لطول مدة التفصيل وزمان يحصل الماء الالهي والدهن وعلى الاخير فما معنى كلام جابر من صحة تتميم الاكسير في ثلث ساعات تقريبا وكيف طريق تحصيله حيث قال في رسالته نجاة الخلد ما لفظه ان فيه القريب الاقرب يتم لك طبخه في قدر طبخ الطعام وفيه البعيد الابعد لا يتم الا في اشهر واعوام وقال في تقريب الطريق الاقرب تأخذ الحجر الكريم العبيط كما خرج من معدنه فاحش منه كوز فقاع وارمسه فانه ينزل منه ماء ودهن راكد ثم بعد انقطاع القطر اكسر الكوز تجد الارض ثفلة سوداء مصاحبة بحجر الشبح وهذه الطريقة تتم في ثلث ساعات فاذا اردت ذلك خذ من الارض السوداء ثمانية اجزاء ومن الدهنة الحمراء جزء ومن الماء الابيض ثلثة اجزاء واجعلها في قدح التشميع ودعها على نار كحرارة الشمس حتى تجف جسدا سودا او نقرة كبدية احمر الباطن الق منه قيراطا على ستين قمرا يقيمه شمسا جيدا وان شمعتها بالدهن المذكور مرارا يقيم واحده مائة‌ الف من القمر فاعلم يا اخي قدر ما وصل اليك ولقد اوقفني سيدي عليه السلم على هذا الشبح وهذه الطريقة لم تذكر في كتاب قط وانما شافهوا به لمن شاؤا مشافهة وهي التي اشرت انها تتم في ثلث ساعات ولم اذكر كيفيتها الا في هذا الكتاب الى اخر ما قال بينوا الامر اوضح مما ذكر كما ان رعاية الايضاح فالايضاح امر مستقر ( استقر خ‌ل ) واستمر فيمن تأخر
اقول المقطر بالرطوبة واليبوسة اه هو الماء الالهي الحامل للنفس الرطبة وتتبعه النفس اليابسة المسماة بعد تكليسها بالنوشاذر الجبسي وليس هذا الماء معتبرا في الحمرة دون البياض بل يعتبر في البياض ايضا وهذا الماء بعد تمام عمل النبات وليس المراد به ما يحصل في تفصيل المادة لان ذلك بعيد عن هذا المقام فقوله وعلى الاخير لا يترتب عليه امر وقول جابر بتتميم الاكسير في ثلث ساعات يراد منه بعد تمام قطع ثلثة ارباع الطريق ويبقى منه الربع فان بعض الحكماء نقل عنه عمله في نصف ساعة وهو اقل ما سمعنا والدليل على انه مراده من كلامه بعد فراغه من تفصيل المادة المكتوم ومن التزويج ومن الجويريات قوله تأخذ الحجر الكريم العبيط فان الحجر عندهم لا يريدون منه الا ما بعد تمام التزويج وقوله كما خرج من معدنه يريد به بعد ادخال الزوجات الثلث وقوله فاحش منه كوز فقاع يريد منه القرع الذي يفصل فيه الاركان وقوله فانه ينزل منه ماء ودهن يريد به عند التقطير ينزل منه الماء الغربي والدهن الراكد هو الماء الاصفر وقوله راكد هو كما ذكره على عليه السلم كما رواه ابن ‌شهراشوب في المناقب انه لما سئل عن علم الكيميا وهو يخطب قال هي اخت النبوة وعصمة المروة ان الناس يتكلمون فيها بالظاهر واني والله لاعلم ظاهرها وباطنها ما هي الا ماء جامد وهواء راكد ونار حائلة وارض سائلة واراد عليه السلم بالماء الجامد الروح الغربية وبالهواء الراكد الماء الاصفر وبالنار الحائلة هي الصبغ وبالارض السائلة هي الجسد الجديد فقول جابر دهن راكد هو الهواء الراكد فانه دهن اصفر وهو الذكر الشرقي وهو الهواء وقوله تجد الارض ثفلة سوداء هذا بعد اخراج المياه تبقى الارض سوداء هامدة وقوله وهذه الطريقة تتم في ثلث ساعات يريد بعد جميع الاركان وقوله فاذا اردت ذلك اه يريد به انك تجمع هذه الاركان وتجففها بنار لينة بالتدريج في القوة شيئا فشيئا حتى يتم جفافه ويكون جسدا اسود مائلا الى الحمرة كلون الكبد وسواده حمرة متكاثفة وقوله وان شمعتها بالدهن مرارا كل مرة كالاول في التركيب فانه في كل مرة يتضاعف عمل المثقال منه فاول مرة مثقاله بالف وثاني مرة بالفين وهكذا فلو كرر التشميع عليه مائة مرة كان مثقاله على مائة‌الف مثقال من الفضة يقيمه شمسا خالصا اعلا من المعدني بحيث يقبل الزيادة بمعنى انك لو مزجت هذا الذهب بالفضة احالها الى جوهره ولم يظهر فيه من التغيير ما يظهر في المعدني لو مزج بالفضة وقوله ولقد اوقفني سيدي عليه السلم يريد به جعفر بن محمد الصادق عليه السلم لانه هو الذي علم جابرا لكن الخبيث ائتم به في علم الصناعة وائتم بغيره في دينه بئس للظالمين بدلا فقوله في ثلث ساعات يريد به هذا التشميع الاخير لانه في الطريق الابعد مائة وعشرون يوما بل مائة وثمانون يوما

8 - قال : سؤال - قولكم ان القيت احدهما على الزيبق كان اكسيرا هل يفرق في الزيبق بين زيبق العامة والخاصة او زيبق الخاصة اقرب لكون جزئه فيحيله اليه ويعقده كالانفحة
اقول المراد بهذا الزيبق زيبق العامة لان زيبق الخاصة هو الماء الابيض ولا مدخل له هنا فافهم

قال : ثم كيف يطرح على زيبق العامة وهم استصعبوا ذلك لنفوره بل كيف يطرح الاكسير بلا حجاب وهو يحترق للطافته بالنسبة الى الجسد الملقى عليه بالملاقاة والمصرح في كلام بعضهم ان المعتبر في الوقاية لعدم الاحتراق الزجاج المحلول وانه رأس كما ان البورق المعتبر ايضا قطعا ذنب فلا محيص بناء على تصريح بعضهم عن الرأس والذنب المكتومين في الطرح فما هذا الرأس والذنب هل هما معتبران ام لا وكيف يحل الزجاج على اعتباره وما هذا البورق
اقول كيفية الالقاء على الزيبق مما كتموه وبيانه ان الاكمل في الالقاء ان يصعد اولا لينقى من اوساخه لئلا تخل بالاكسير ويوضع في الة صابرة على النار ثم ينفخ عليه حتى يصل الى حد ذوبان الاجساد وعلامته ان تسمع له نشيشا ولو خشيت من طيرانه فضع عليه ما يمنع طيرانه كالزجاج والبورق وان وضعت الاكسير على جسد والقيته على الزيبق اذا خفت على الاكسير من الاحتراق ويوضع عليه قبل نشيشه الزجاج المحلول والبورق ليحجبه من الطيران فاذا القيت الاكسير وذاب فحركه حتى يمازج واصبر عليه قليلا فاذا نش الاكسير فخفف النفخ فانه ينعقد اكسيرا للحمرة ان كان الملقى عليه الاحمر وللبياض ان كان الملقى عليه الابيض ولا يكون مع ذلك مفتتا كالاكسير بل ينعقد لينا منطرقا ولا سيّما ان القيت عليه من الماء المدخر عندك قبل القاء الاكسير ومع كونه لينا كالفضة يفعل فعل الاكسير فواحده على الف ومعنى ان الزجاج محلول انه يحل بالمياه الحادة كالماء المسمى بالماء مرمياسوس وكالماء المسمى بالمعشر ومعنى انه الرأس انه غطاء الزيبق والبورق فراشه وهو الذنب واما انهما معتبران فالاكسير منه سهل الذوبان ومنه المتوسط ومنه البطيء فان كان الاكسير سريع الذوبان فلا تجب الوقاية للزيبق لانه بالنار التي يحصل بها اقل نشيشه يذوب الاكسير ويمازجه فان كان بطيء الذوبان فلا بد منهما وان كان متوسطا فعلى ما يعرف الحكيم من الحال التي تحصل بها الممازجة والاصل في ذلك الاكسير قد يكون قد كمل نضجه وتم وقته وقد يكون حصل قبل تمام وقته فهو فطير (خ‌ل) وقد يكون الغالب عليه الروح فيسرع ذوبانه وقد يكون الغالب عليه الجسد فيبطى وقد يكون الغالب عليه النفس فتكاثف صبغه فلا بد ان تستخبر امر اكسيرك بأن تحمي صحيفة من الفضة الاحمر ومن النحاس الابيض وتلقي عليها شيئا من الاكسير وتعرف حاله من سرعة الذوب وبطوئه واستقامته وصبغه وتعرف مقتضى الحكمة فلو رأيته سريع الذوبان اما لعدم كمال نضجه او لكثرة روحه وخشيت عليه من الاحتراق اذا كان الجسد الملقى عليه بطيء الذوبان كالاحمر اذا اردت القائه على الفضة فالقه على شيء من الاسرب والق ذلك عليه وكالابيض اذا اردت القائه على النحاسين فالقه على شيء من الاسرب او القلعي والحاصل انك تعرف مقتضي الحكمة من صلاح نظام التدبير فافهم واما البورق فهو بورق الحكماء

9 - قال : سؤال - هل الاسرب كما قالوا كالزيبق في صيرورة المطروح عليه اكسيرا ام لا
اقول الذي يكون اكسيرا الذهب المعدني والذهب الصناعي والفضة المعدنية والصناعية والزيبق فالذهبان والزيبق تكون اذا طرح عليها الاحمر اكسيرا للحمرة والفضتان والزيبق اذا طرح عليها اكسير البياض تكون اكسيرا للبياض واما الاسرب فلا يكون كذلك لكنه يقبل الحمرة فيكون ذهبا بدون جعله فضة والقلعي والنحاسان لا تكون ذهبا حتى تكون فضة

قال : هل الزيبق المطروح عليه الاكسير الصائر اكسيرا وهكذا ثالثا ورابعا كاكسير الاصل في القوة كما هو الحال في الانسان المتولد من الانسان ولان المرض بالمداوي زال فلا فرق بين الاصحاء وهو معنى قولهم المثقال منه يملأ الخافقين اي اكسيرا لا ذهبا ولا فضة مثلا وعلى هذا لا احتياج الى تحمل متاعب الحل والعقد دائما لمزيد القوة ولا الى تحصيل الباب الاعظم الذي واحده على الف الف حتى قال جابر في طريق طرحه اراحة للصعوبة الواحد يطرح على الف من الجسد والواحد من هذا الالف يطرح على الالف من الجسد الاخر لان هذا المعنى يتحقق بالطرح في الباب الاصغر اذا كان المطروح عليه في كل مرتبة زيبقا مثلا او شمسا او لا بل ينقص كل لاحق عن السابق في القوة لان الفعال في الحقيقة هو الاصل وتنقص قوته في النزول كما هو الحال في كل قوي اذا تنزل حتى شروق الشمس
اقول ان الزيبق والذهب والفضة اذا القي عليها الاكسير تكون اكسيرا لا انها تحمل الاكسير الاول الى الجسد الثاني فهو يفعل فيه فتكون قوته اضعف في الرتبة الثانية بل هذا اكسير جديد فلو طرح مثقال على الف وواحد من هذا الالف على الف اخر وهكذا بلا نهاية لم تختلف قوته والعلة فيه ما قلنا لك انه بالمثقال يتكون اكسيرا لانه جسد ميت والاكسير حي محيي فاذا نفخ فيه من روحه كان مثله وفي التأويل في الحديث القدسي انا حي لا اموت اطعني اجعلك مثلي حيا لا تموت وفيه انا اقول للشيء كن فيكون اطعني اجعلك مثلي تقول للشيء كن فيكون وليس الاول هو الفعال بل الفعال هو الثاني لان الثاني كان من الفعال لكنه ميت فلما حيي كان فعالا واما شروق الشمس فانها تحدث شعاعا لا شمسا ولو احدثت شمسا لساوتها وكذلك يحدث شعاعا له فهو شعاع شعاع الشمس فلا يساويه ولو احدث الشعاع شعاعا مثله لساواه ابدا وما ذكره جابر لا اشكال فيه واما تكررهم في الحل والعقد ومواظبتهم عليهما فليس للحاجة وانما يريدون بذلك التردد والاطلاع على اسرار الصناعة فان جميع الحكماء ما احاطوا بجميع اسرارها الا الانبياء عليهم السلم بنسبة حال كل منهم والى هذا المعنى اشار امير المؤمنين عليه السلم بقوله المتقدم هي اخت النبوة وعصمة المروة ان الناس يعلمون ظاهرها واني والله لاعلم ظاهرها وباطنها ه‍

10 - قال : سؤال - هل فرق بين الزيبق والشمس الملقى عليهما الدواء في القوة لان الاعتبار بزوال المرض وعلى هذا فلا فرق بينهما وبين الزنجفر الصائر بالطرح اكسيرا اذ الاصل في الكل واحد او الاول اقوى لكونه زوجا وكذا الكلام في الاخير لكونه مركبا من الروح والنفس
اقول ان الاصل في جميع المعادن واحد وهو الزيبق والكبريت وانما تفاوتت المعادن بتفاوت الاصلين في الصفاء والكدورة واعتدال الوزن وعدمه واعتدال الطبخ وعدمه فكلما كان اكمل في ذلك كان احسن واصفي والاكسير روح للجسد فاذا القيت الروح على الجسد وكانت الروح من نوع واحد اختلفت الاجساد في افعالها على حسب صفاء اجسادها وعدمه لان التفاوت بين الاشياء اما من جهة تفاوت الارواح او القابليات او الاجسام وهنا الارواح واحدة فكان التفاوت بين ذلك في الاجساد والقابليات اما القابليات فمن جهة الانفعال هنا واحدة وذلك من الفاعل واما من جهة القابل فمختلفة كما ان الاشعة من الشمس واحدة وتقع على الارض والمرءاة من جهة الانفعال وهو قبول النور من الفاعل فهو واحد لان الاشراق واحد واما من جهة القابل التي هي الاستنارة بالنور فمختلف لان استنارة المرءاة اشد ضوء من استنارة الارض فلا ريب في صفاء الذهب واعتداله ونضجه الى حد لم يبلغ غيره فيكون اقوى البتة بمعنى ان ما يلقى عليه اكسير الذهب من المعادن يحتمل اضافة اكثر مما يلقى عليه اكسير الزيبق منها والتعليل للتساوي يكون الزيبق روحا فيكون اقوى ليس بشيء لان تسميته روحا انما هو لكونه باردا رطبا بالنسبة الى الكبريت لا انه يحيي بل المحقق عندهم كما ذكروه ان تركيب الاكسير من صبغ ومنصبغ ان الزيبق بمنزلة الماء وان الكبريت بمنزلة الصبغ وان الارض بمنزلة الثوب ولا شك ان الاصل في حيوة الاجساد انما هو الصبغ واما الماء فهو حافظ وقوله تعالى وجعلنا من الماء كل شيء حي وقوله صلى الله عليه وآله الماء سيد الشراب وطعمه طعم الحيوة فالمراد انه من اجزاء ما به الحيوة وهو الحفظ والتبريد ولهذا قالوا ان علة الكون الحرارة والرطوبة اي النار والهواء وعلة الفساد البرودة واليبوسة اي الماء والتراب وتدبر في فصول الاربعة فان كان فصل الشتاء هو روح العالم فالماء كذلك لانه بطبعه واما الزنجفر فانه بعد تدبيره وثباته اذا كان معدنا ممازجا للاجساد ربما يزيد فعله على الزيبق ولكنه لا يساوي الذهب وان كان يمازج الذهب كالمدموس في الحنظل مائة مرة كما قالوا وكونه مركبا من الروح والنفس لا يستلزم الزيادة بل ولا المساواة لان غيره كذلك

قال ماء الحجر على ما ذكروا هو المكلس لارضه فهل يتكلس به برادة الذهب مرة او ازيد ثم يشمعه ويبلغه الكمال حذو ما ذكره الجلدكي في التقريب في بيان كلام ذي‌ النون ان ماء الريش اذا طفى فيه الحديد بعد الحمي لينه مثل الخيزران فهو كلام صحيح في الظاهر وفي الباطن اما في الباطن فلم يقصد بماء الريش الا ماء الحجر او الماء الخريف الذي هو الماء الاول المسمى بالخل فانه يلين الحديد بالحمي والطفي فيه كالخيزران بل صرح به في البرهان وانما يكون تكليسه اي الشمس الذي لا مضرة فيه بالدهن الذي لا يحترق في المرتبة الاولى من مراتب العشرة فيلطخ ( فليلطخ خ‌ل ) منه صفائحه الرقاق ويدس الى ان قال فشمعه بالدهن الذي لا يحترق في بعض مراتبه انتهى وما ادري ما عنى بمراتبه العشرة تزيلون عنا الابهام ان شاء الله بالبيان عن المرام ومما يدل على ان الماء الاول فيه دهانة وتأثيرها ذكره الجلدكي في نهاية الطلب في شرح المكتسب بعد ذكر ابيات الاندلسي في الاستشهاد على ان المراد من الخمير هو النوشاذر الجبسي ما لفظه وفي هذه الابيات دليل على الماء الاول والحل ( الخل خ‌ل ) الروحاني من وجه ودليل على الالهي التام من وجه لان فعل كل واحد منهما يشابه الاخر ولولا الماء الاول لما امكن الوصول بالتفصيل ولا الحصول على الماء الالهي والفرق بين هذين المائين ان الماء الاول اقل دهانة من الماء الالهي واقوى حدة فان المقصود منه الغسل والتلطيف وهدم الصخور واما الماء الالهي فانه حامل للنفس غير فارغ مثل الاول وله دهانة قوية الى ان حكى عن الاستاد ايضا ان لو لم يصل الطالب الا الى الخل لكان فيه ما يسد الجوع ولانهم قالوا حجرنا ذهب زائد الصبغ وذهب العامة اذا زاد صبغه بماء الحجر اي بمائه الاول تم امره لانه وان كان ابيض باردا في الظاهر فهو احمر حار في الباطن ولان الماء يصير بالطبخ هواء والهواء اذا زاد حره يصير نارا فالابيض يؤل امره الى الاحمر والاصفر البالغ الى مرتبة الكمال غير منفك عن الاكمال اولا بل المبلغ الى مرتبة الاكسيرية هو الاكسير التام لا اجزاء الحجر وان كان لها مدخل في التمام
اقول اما كون ماء الحجر هو المكلس لارضه على الحقيقة فلا شك فيه وقد اشار ابن ارفع ‌رأس الشذوري الى ذلك بقوله:

اول هذا العلم تكليس الحجر بحر نار حرها حر السقر

وهو معنى قولهم ان ماءه ناره ولما كان التكليس لا يكون الا بالماء وهذا الماء من الابتداء الى مقام العسل هو الذكر والارض هي الانثى وكان في فعله فعل النار سمي نارا وذكرا هذا في الكيفية المكتومة فاذا فرغ منها واخذ في التزويج كان الاعلى اسفل والاسفل اعلا فانعكست به التسمية فاذا الذكر انثي والانثى ذكر واما ان الذهب العامي يتكلس به ويتشمع به ويبلغ الكمال فهو صحيح اذا عفن به البرادة وقطر عنها وعفن بها وهكذا حتى يكلسها وتكون متهبية ليس لها جزء ثم تشمع به والمراد من تسمية ذلك الماء ماء الريش انه الماء الذي يغسل به ريش الغراب وهو السواد عن الجسد الجديد او عن المركب حتى يبلغه الشفافية او عن العسل للتزويج او لانه المستنبط من الشعر وبالجملة هو الملين للحديد او هو الملين للاجساد والمكلس لها او هو الحلال لها والمشمع لها حتى تذوب وتجري وقوله في المرتبة الاولى من مراتبه العشرة هذه المراتب لها ثلثة محال احدها في التقطير والتكليس وتبييض العسل والتزويج والنبات والمناخل والتفصيل والتشبيب وتبييض الارض وزرع الغصون في الارض النقية واول هذه العشرة يكون محترقا فلا يريده وثانيها تزويجه بالزوجة المماثلة ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الستة في الجويريات واول هذه العشرة ايضا يحترق وثالثها بعد التفصيل والتشبيب وثلاثة في زرع الغصن الابيض وستة في زرع الغصن الاحمر واول هذه العشرة هو الخالد والدهن الذي لا يحترق وقوله فيلطخ ( فليلطخ خ‌ل ) منه صفائحه الى اخره يريد ان الذهب يرقق غاية ما يمكن ثم يقرض اصغر ما يمكن ثم يحل فيه وان بردته جاز وقوله وفي هذه الابيات دليل اه يريد به انك ان اردت الفعل والتكليس فهما كذلك فيكون المراد بهذا الماء هو الاول مع ملاحظة التكليس لانه الاول من المراتب العشرة على الوجه الاول او الثاني والدليل على الماء الالهي الذي هو اول المراتب العشرة على الوجه الثالث انه الذي لا يحترق ولو قلنا انه يكون من الماء الالهي ويكون منهما معا بأن يكون التكليس بالاول والتشميع بالثاني لم يكن به بأس بخلاف العكس او بالاول خاصة لعدم ثباته وما حكاه عن جابر من انه لو لم يصل الطالب الا الى الخل لكان فيه ما يسد الجوع لانه اذا كلس به الذهب العامة صبغ الفضة صبغا ثابتا وان كان ضعيفا او انه لا يلززها كما لو شمع بالماء الالهي ولو عمل الذهب العامي بالماء الاول لم يكن فيه صبغ زايد يعتد به وان كلسه وقوى صبغه في الجملة واما ان هذا الماء بارد فلا بل حار حاد ولهذا قال الشذوري فيه بحر نار حرها حر السقر واما انه احمر في الباطن فنعم ولكن لا اثر لحمرته في الاجساد وان ظهرت فيه نفس الحمرة لاحتراق فانه لا يصبغ الا شيئا لا يعتد به وانما المبلغ للاجساد الى غاياتها هو الاكسير التام نعم هذا الذهب العامي اذا كلس وشمع بالماء الالهي بلغها الى غاياتها لانه اكسير تام بحسبه وليس كلما له مدخل في التمام مع غيره او في حال يحصل منه التمام المطلوب

11 - قال : سؤال - ان المذكور في اجوبتكم الشريفة على ما بالبال ان مولانا الحجة عليه السلم في هورقليا وان ظهوره ورجعته في عالم المثال ما دريت ما معنى كونه في هورقليا أهو كما استفيد من بعض الروايات ان مولانا ابا الحسن الثاني أرى صالح بن سعيد بعد ان نزل في خان الصعاليك واغتم صالح بانزاله في ذلك المكان روضات انيقات وانهارا جاريات وجنات فيها خيرات عطرات وولدان كأنهم اللؤلؤ المكنون حتى حار بصر صالح فقال عليه السلم حيث كنا فهذا لنا يا ابن ‌سعيد فهذا لا اختصاص ببعضهم او بزمان دون زمان او على وجه اخر فبينوا لنا لانه موضع توهم سقوط التصرف من الهيكل العنصري والتصرف في القالب المثالي فحسب وكذا ينافي كون الرجعة في عالم المثال توليد الشيعة وتولد الالف من واحد منهم مثلا
اقول هورقليا في الاقليم الثامن ومعنى لفظه ملك اخر وله مدينتان مدينة في المغرب جابرسا وفي المشرق جابلقا عليهما سور من حديد وعلى كل واحد منهما الف ‌الف مصراع ويتكلمون بسبعين ‌الف‌ الف لغة كل اهل لغة بخلاف لغة الاخرى وهم في بلاد منسك وتأويل ونارس من كل مدينة كل يوم يخرج سبعون ‌الفا لا يعودون الى يوم القيمة ويدخلها سبعون ‌الفا لا يخرجون الى يوم القيمة وان الخارجين والداخلين ليتلاقون بين السماء والارض ومن يخرجون من جابلقا يغربون ومن يخرجون من جابرسا يشرقون وان من قام في وقت كمثل نصف الليل لا يسمع فيه حسيسا يسمع لهم دويا كدوي النحل والحجة عليه السلم في غيبته تحت هورقليا في تلك الدنيا في قرية يقال لها كرعة في وادي شمروخ وروي انه في طيبة وان معه ثلثين بدلا وكل هذه القرى من تلك الدنيا وهو عليه السلم ظاهر لاهلها واما اذا اراد ان يدخل في هذه الاقاليم السبعة لبس صورة من صور اهل هذه الاقاليم ولا يعرفه احد ولا تراه عين رؤية معرفة حتى تراه كل عين واما امر ظهوره عجل الله فرجه وبيان زمانه ومكانه فاعلم ان الدنيا هذه قد خاف فيها من الاعداء فلما فر من هذه المسماة بالدنيا انتقل الى الاولى والخلق يسيرون اليها لكنه عليه السلم سريع السير فقطع المسافة في لحظة والناس يسيرون الى الاولى يسير بهم التقدير سير السفينة براكبها في هذا النهر الراكد الذي هو الزمان وكان طرفا الزمان اوله واخره لطيفين للطافة الاجسام الواقفة فيهما ولطافة تلك الامكنة ووسط الزمان كثيف ككثافة اجسامه وامكنته فاذا وصلوا اليه قام بالامر وظهر الدين كله فالايام ثلثة قال تعالى وذكرهم بايام الله فاليوم الاول هو الدنيا واليوم الثاني هو الاولى وهو يوم قيامه ورجعته مع ابائه عليهم السلم وشيعتهم واليوم الثالث يوم القيمة الكبرى وفي الزيارة الجامعة وحجج الله على اهل الدنيا والاخرة والاولى فذلك الزمان الطف واهله الطف وامكنتهم الطف حتى انه في اخره يكون لطافة زمانه بقدر لطافة هذا الزمان سبعين مرة وهذا معنى ما اردنا من انه في هورقليا وانه في الاقليم الثامن واما قولكم في عالم المثال فاعلم ان عالم المثال صور الاشياء والصورة التي في المرءاة من عالم المثال وهذه الصور التي تراها في الاجسام اذا نزعتها من الاجسام من عالم المثال والامام عليه السلم لا يرجع صورة بل يرجع هو وكل من يرجع معه ومع ابائه في اجسامهم هذه التي ظهرت في الدنيا الا ان في اجسامهم تطهيرا من فاضل اجسام الائمة لشدة انصراف نفوسهم من غير المحل الاعلى فكان الرجل يخبر اهله بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم وتنطوي له الارض اذا مشى وذلك كما اري الهادي عليه السلم صالح بن سعيد فانه لم يره تصويرا ولا تخيلا وانما اراه حقيقة ومعناه في الظاهر انه كشف له عن بصره فرأى تلك الجنة بنفسها لا صورتها واما معناه في الحقيقة فهو انه عليه السلم سار بصالح الى الجنة وادخله فيها حقيقة ثم اخرجه منها فاذا انتهت الدنيا كان اخر دقيقة منها اول دقيقة من الاولى والى ذلك اشار على عليه السلم في خطبته بقوله انا الواقف بين الطتنجين وهما خليجان وفي الاسم المبارك المروي عنهم وهو هذا الواو المنكس هو القائم عليه السلم فكونه منكسا اشارة الى رجوعه وكونه واوا اشارة الى ان صورتها هكذا واو فالواو الاولى اشارة الى الستة الايام التي خلقت فيها الدنيا والواو الثانية اشارة الى الايام التي تخلقت فيها الاولى والالف بينهما اشارة الى انه القائم بين الدنيا والاولى اللتين هما الطتنجان والطتنج هو النهر فالقائم عليه السلم يرجع في الاولى لا في المثال واما تصرفه فهو بهيكله في العنصرية وبمثاله في المثالية وبجسده في الاجساد وبجسمه في الاجسام وبنفسه في النفوس وبروحه في الارواح وتولد الشيعة ونكاحهم وحياتهم في الاجسام المتحققة والنفوس المطلقة التي تحققها واطلاقها بالنسبة الى تحقق هذه الاجسام كنسبة الاجسام الى الاعراض والذوات الى الاعراض فما تحقق هذه الدنيا عند الاولى الا كتحقق الظل عند الشاخص والله يهدي الى سواء السبيل

12 - قال : سؤال - ما وجه ما ورد في بعض الاخبار وما معناه ان الخضر عليه السلم يجيء ويسلم علينا ونحن لا نراه مع انهم عليهم السلم متمكنون من شهود الارواح في الاجسام البرزخية الاخروية كما ورد في الرواية عن مولانا امير المؤمنين عليه السلم ان هي الا صحبة مؤمن فكيف بمن كان بعد في الدنيا ثم ما معنى طي الارض في الظاهر في زمان يسير بالاجسام العنصرية بل في عالم المثال ايضا لان القاطع للطريق والمقطوع فيه في الظاهر والباطن متناسبان والطفرة هناك كالطفرة هنا
اقول اعلم ان للائمة عليهم السلم ثلثة احوال الاول حال المعاني وفي تلك الحالة قال الصادق عليه السلم لنا مع الله حالات نحن فيها هو وهو نحن وهو هو ونحن نحن وايضا الى هذا المعنى اشارة الحجة عليه السلم في دعاء رجب بقوله ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك فتقها ورتقها بيدك بدؤها منك وعودها اليك اعضاد واشهاد ومناة واذواد وحفظة ورواد وفي هذه الحالة مقامهم اعظم مما اشرتم اليه والثاني حال الابواب وفي تلك الحال هم باب الوجود وعلة كل موجود فهم في هذه الحالة لا يصل من فعل الله شيء الى شيء من خلق الله الا بواسطتهم ولا يصعد عمل ولا دعاء الى الله الا بواسطتهم والثالث حال الامام وهو انه امام مفترض الطاعة حجة الله على العباد مشارك لساير الخلق في جميع احوالهم قال تعالى وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين ثم صدقناهم الوعد وهذا في حق الانبياء وهو جار لائمة الهدى عليهم السلم وفي هذه الحال لا يعلمون اذا اتاهم الخضر حتى يخبر بنفسه او انهم يلتفتون الى احدى الحالتين السابقتين واما معنى انه يجيء ويسلم عليهم وهم لا يرونه بمعنى انه يهتف بهم فالمراد انه يأتي في غير هذه الدنيا ويهتف بهم بحيث تظهر صورته في هذه الدنيا وذلك لفائدة فيسمعونه ولا يرونه لانهم مشاركون في هذه الحال لغيرهم واذا التفتوا رأوا وهو معنى قولهم الحق عليهم السلم اذا شئنا ان نعلم علمنا وقولهم ان الله يعطي وليه عمودا من نور يرى فيه اعمال الخلائق كما يرى احدكم الشخص في المرءاة وقوله تعالى وكل شيء احصيناه في امام مبين وقوله تعالى ومن عنده علم الكتاب والكتاب هو القران وقد قال تعالى فيه ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء واما قول عليّ عليه السلم لحبة العرني في حق الارواح ان هي الا محادثة مؤمن او موانسة كذا في الحديث لا صحبته فليس بعجيب من احوالهم فان الامر اعظم واعظم واعظم واما معنى طي الارض فهي تطوى للامام عليه السلم حتى يبلغ المشرق والمغرب في طرفة عين فله فيه احوال فمرة ان الارض اذا وضع رجله في المشرق التقى المغرب به لاجل المعجز بحيث يقرب منه بقدر خطوة وينضغط ما بينهما من الاجزاء كانضغاط الحبال والعصى التي القتها السحرة في عصى موسى حين تلقفتها فاذا وضع رجله في المغرب لان بينهما الآن ( لان خ‌ل ) خطوة امتدت الارض ورجعت على ما كانت في اقل من طرفة عين وذلك بالنسبة اليه خاصة والى من يريد له ذلك دون سائر الخلق والله على كل شيء قدير ومرة ينتقل به الجزء الذي هو عليه من المشرق الى المغرب له ولمن اراد في طرفة عين كذلك ومرة بجسمه الشريف يقطع المسافة البعيدة اقل من طرفة عين لان جسمه الشريف الطف من عقول المؤمنين كما روي عنهم ان الله خلق اجسامهم من عليين وخلق قلوب شيعتهم من فاضل طينتهم والمراد بالفاضل هو الشعاع يعني ان اجسامهم نسبتها الى قلوب شيعتهم كنسبة المنير من النور وهو واحد من سبعين فاذا كان ذلك كذلك وانت بقلبك تحيط بالمشرق والمغرب والدنيا والاخرة في اقل من طرفة عين وقلبك من شعاع اجسامهم فما ظنك باجسامهم فان قلت ان لهم اجساما عنصرية وصورا بشرية يشاركون غيرهم فيها فكيف لا تعوقهم قلنا ان شاؤا عاقتهم وهو ايضا معجز وان شاؤا عملوا بمقتضى حقائق ذواتهم لان بشريتهم وعنصريتهم مع انها الطف من بشرية غيرهم وعنصريته بمراتب كثيرة اذا نسبتها الى نوريتهم وتجرد نفوسهم كنسبة الذرة الى السموات والارض اعظم من ذلك ولا شك ان ما هو بمنزلة الذرة لا يعوق ما هو اعظم من السموات والارض ولهذا اذا وقف النبي صلى الله عليه وآله في الشمس لا يبين له ظل مع بشريته وثيابه ولقد صعد ليلة المعراج ببشريته وثيابه حتى تجاوز السموات السبع والحجب ولم يلزم منه الخرق ولا التيام وان قلنا بعدم جوازها في الافلاك لما قلنا وقد بينا وجه ذلك في اجوبة المسائل القطيفية والوجه في امثال هذه المعاني ان الجسم والنفس والعقل كلها وجود واحد لكنه فيه لطيف وكثيف وكثافة الكثيف من جموده وتنزله مثل كثافة الثلج بالنسبة الى الماء فانه لجموده وتنزله فاذا خلص الجسم من كثافات الذنوب كان بحكم النفس فلو شاء ولج في سم الخياط وقولكم لان القاطع والمقطوع فيه متناسبان صحيح ولا يحصل طفرة كما تقدم فان لطيف الجسم يلطف الجسم الكثيف بفاضل لطافته اما ترى ان الحجر الغاسق يستنير بفاضل نور الشمس والسراج فاين الطفرة فافهم

13 - قال : سؤال - ما معنى الحاق الاولاد بالاباء في الجنة والاولاد ما اكتسبوا بعد ولم يخرجوا من الاجمال الى التفصيل وتنمية البذر والبلوغ الى رتبة الشجرية مثلا وموضع التنمية والتعفين في ارض القابليات ومهاوي النزول العنصرية في هذه الدار لا الدار الاخرة الباقية القريبة ولا البعيدة وان لم‌نضائق في القول بالترقي في الجملة كما هو الحال في طي البرازخ ويظهر من قوله تعالى ولدينا مزيد اذ هو حصاد زرع زرع في هذه الدار لا مطلقا فهم ينبغي ان يكونوا كالاكمه او كالخفافيش التي لا تطيق ضوء الشمس نعم لا بأس في اصل الالحاق في الجملة لا مطلقا الا مع القول بحصول التكميل بمقتضى الاستعداد لئلا يلزم التعطيل
اقول قال الله تعالى والذين امنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذريتهم وما التناهم من عملهم من شيء اخبر سبحانه ان المؤمنين اذا اتبعتهم ذريتهم في الايمان الحقوا بهم كرامة للاباء وتفضلا للابناء سواء كانت الذرية في هذه الدنيا بلغوا التكليف ونقصوا عن رتبة ابائهم الا انهم مؤمنون لاجابتهم في عالم الذر الذي هو بالفعل ام لم يبلغوا التكليف في هذه الدنيا ان كان اجابوا في الذر الثاني الذي هو بالقوة فانهم قد اكتسبوا خيرا حين اجابوا في الاول بالفعل وفي الثاني بالقوة لان الله سبحانه حين حكم في سابق علمه ومحتوم حكمه لا يقوم له احد من خلقه بحقه تفضل على من اطاعه في شيء اذا كان مؤمنا بما يحبه وتشتهيه نفسه قال تعالى فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه قال من الصالحات اي بعضها فلما كانت الذرية مؤمنة الحقهم بابائهم لاجابتهم ولمحبة ابائهم وشفاعتهم فيهم فكانت اعمالهم التي اكتسبوها ودخلوا بها الجنة اجابتهم في الذر وانتسابهم الى ابائهم وشفاعتهم فيهم واما انهم لم يخرجوا من الاجمال الى التفصيل فهذا يجري في الذرية الذين لم يبلغوا حد التكليف في هذه الدار وليس كل الذرية الملحقة بابائهم لم يخرجوا من الاجمال الى التفصيل كما قلنا واما تنمية البذر والبلوغ اه فاعلم ان ما في هذه الدار من ظاهر التكليف تقرير وتفريع على ما سبق في الذر ومن اعتذر في هذه الدنيا بجهل وقد وصل اليه علم في الذر لا يعذر ومن لم يصل اليه في الذر علم تفصيلي ولا اجمالي لا يلزم عليه ولا يعاتب الا بعد ان يعلم يوم القيمة والله سبحانه اخبر عن طوائف من هذه الذرية انهم علموا في الذر وان لم يظهر منهم علم في الدنيا بقوله تعالى الست بربكم قالوا بلى فقال للملائكة اشهدوا على اقرارهم فقالت الملائكة شهدنا ان تقولوا اي كراهة ان تقولوا انا كنا عن هذا غافلين او تقولوا انما اشرك اباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم يعني ولم ‌نعلم بما كان من ابائنا وهو ظاهر في ان من الذرية الذين ماوصل اليهم البيان في الدنيا من علم قبل الدنيا في الذر ولهذا اشهد على اقرارهم ملائكته والتعفين في ارض القابليات له مراتب كثيرة منها قبل خلق عقل الكل ومنها فيه ومنها في الروح الكلية في النفس الكلية وفي الطبيعة وفي الهباء وفي الافلاك وفي السحاب والارض والنبات والمعدن والاصلاب مع الارحام وفي هذه المراتب كلها قد حصل التعفين في ارض القابليات ومهاوي النزول ولكل رتبة عناصر بنسبتها الى ان وصل الكون الى هذه الدار ثم تكرر الولادات من الخروج الى الدنيا ومنها الى القبور وهكذا الى المحشر وهكذا وبالجملة فلهم اكتساب طبيعي من جهة القابلية ومن جهة التكليف الوجودي ومنهم من له ثواب التكليف الشرعي الا انه لم يصل الى رتبة ابيه في الجنة فيلحقه الله بابيه في درجته كرامة لابيه وفي الحقيقة انه يناله ثواب حسنات من فاضل حسنات ابيه فيثاب عليها فينال بذلك وبالفضل درجات ابيه وقولكم لا الدار الاخرة اه مبني على ظاهر الامر واما الامر الواقعي فهو ان التكليف كله جرى في القدر في عالم الاظلة وتقريره وتأكيده تكليف الدنيا لمن محض الايمان محضا ومحض الكفر محضا وغيرهم يرجي تكليفهم الى يوم القيمة وهم المذكورون في الاخبار مثل رواية زرارة عن ابي ‌جعفر عليهما السلم قال كان يوم القيمة احتج الله على سبعة على الطفل الذي مات بين النبيين والشيخ الكبير الذي ادرك النبي وهو لا يعقل والابله والمجنون الذي لا يعقل والاصم والابكم فكل واحد يحتج على الله عز وجل قال فيبعث الله تبارك وتعالى اليهم رسولا فيؤجج لهم نارا ويقول ان ربكم يأمركم ان تثبوا فيها ومن وثب فيها نجا وكانت عليه بردا وسلاما ومن عصى سيق الى النار ه‍ وهذا التكليف الذي هو العرض على الفلق هو بعينه قبل هذا العالم في الذر كان معنى الست بربكم قالوا بلى هو العرض على الفلق فكان الزرع والتنمية في الذر الاول والذر الثاني وفي هذه الدنيا وفي الاخرة ولكل مرتبة اهل والحاصل كل من لم يمحض الايمان والكفر محضا فمن زرعهم وتنميتهم ما يأتي يوم القيمة وهذا لا اشكال فيه ولا توقف عندي فيه واختلف العلماء في اطفال المشركين والكفار نقل محمدتقي المجلسي (ره) في شرحه على الفقيه قال فيه مذاهب كثيرة فذهب بعضهم الى انهم من خدم اهل الجنة لقوله تعالى فطرة الله التي فطر الناس عليها وقال رسول الله صلى الله عليه وآله كل مولود يولد على الفطرة ولم يقع منهم ما يوجب العقاب ويريد صاحب هذا القول انهم على فطرة الاسلام في الباطن واما الحكم بالحاقهم بابائهم في الكفر فهو حكم شرعي في الدنيا قال (ره) وذهب بعضهم الى انهم اصحاب الاعراف وفي الاخبار ما يدل عليه اقول وهذا القول مجمل وبيانه ما قلنا من تجديد التكليف بالعرض على نار التكليف يوم القيمة قال (ره) وذهب جماعة الى انهم تابعون لابائهم في دخول النار ولا يلحقهم ضرر النار ولا غيرها اقول وهذا القول ليس بشيء اذ لا دليل عليه بل الدليل على خلافه وقوله ولا يلحقهم ضرر النار ولا غيرها لا يدفع عنه الاعتراض عليه قال (ره) وجماعة الى انه يحتج عليهم بتكليف في القيمة فان اطاعوا ادخلوا الجنة والا ادخلوا النار اقول هذا حق ثم اختلفوا يعني اهل هذا القول في انه هل يطيع منهم احد ام لا اقول من جوز اطاعة بعضهم فقد اصاب قال (ره) وذهب جماعة الى التوقف وهو الاسلم لولا الاخبار اقول لا معنى للتوقف قال (ره) وجماعة الى انه لو علم الله انهم لو بقوا وكلفوا اطاعوا ادخلوا الجنة والا ادخلوا النار وحجتهم اخبار لا تدل على مطلوبهم اقول ما ذكرنا قام الدليل عليه عقلا ونقلا واما اطفال المؤمنين فقالوا انهم ملحقون بابائهم ولا تكليف عليهم ولعل هذا هو المعروف عند اكثر العلماء لما دلت عليه اطلاقات بعض الروايات مثل حديث تناكحوا تناسلوا فاني مباه بكم الامم الماضية والقرون السابقة يوم القيمة ولو بالسقط وانه ليقف محبنطئا على باب الجنة الخ وفي توحيد الصدوق عن طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهم السلم قال ان اولاد المسلمين هم موسومون عند الله عز وجل شافع ومشفع فاذا بلغوا اثني‌عشرة سنة كتبت لهم الحسنات فاذا بلغوا الحلم كتبت عليهم السيئات ه‍ وفيه باسناده عن الحلبي عن ابي‌عبد الله عليه السلم قال ان الله تبارك وتعالى كفل ابرهيم وسارة اطفال المؤمنين يغذونهم من شجر في الجنة لها اخلاف كاخلاف البقر في قصور من در فاذا كان يوم القيمة البسوا وطيبوا واهدوا الى ابائهم فهم مع ابائهم ملوك في الجنة ه‍ وفي رواية ابي‌بصير ما يقرب من هذا المعنى والذي انا عليه من الاعتقاد انهم ايضا مسئولون لمفهوم قوله تعالى واتبعتهم ذريتهم بايمان ولما رواه زرارة رأيت ابا جعفر عليه السلم صلى على ابن الجعفر عليه السلم صغيرا الى ان قال فقلت له سئل عنهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال نعم سئل عنهم فقال صلى الله عليه وآله ان الله تبارك وتعالى اعلم بما كانوا عاملين ثم قال يا زرارة اتدري ما قول الله اعلم بما كانوا عاملين قال فقلت لا والله فقال لله عز وجل فيهم المشية انه اذا كان يوم القيمة احتج تبارك وتعالى على سبعة على الطفل وساق الحديث بمعنى الحديث السابق في السبعة المحتج عليهم ولما تدل عليه احاديث النطف التي تقع على البقول والثمار فما اكلها مؤمن او كافر الا وخرج من صلبه مؤمن ه‍ واحاديث الذر فمن ثم يلد المؤمن الكافر والكافر المؤمن وما ورد في تفسير قوله تعالى يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي وامثال ذلك والادلة العقلية ايضا وما ورد مما يوهم ان المؤمن يلحق به ابنه وان اطفال المؤمنين مع ابائهم مما تقدم وغيره فالمراد منها ما كان من اهل الاجابة في الذر والى هذا اشار صلى الله عليه وآله بقوله الله اعلم بما كانوا عاملين ولما ورد ان المؤمن اذا زنى لا يولد له مع ان من المعلوم خلاف ذلك فيكون المعنى لا يولد له من الزنا مؤمن طاهر وانما يولد له ولد زنا وليس بولد له شرعا فلا يولد له فاذا ورد اولاد المؤمنين فيعني الاولاد المؤمنين لا كل ما تولد منهم ولهذا رد كلام نبيه نوح عليه السلم حيث قال ان ابني من اهلي قال يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح واما ملاحظة الترقي في السير فهو من الولادة لا من التولد الذي هو مترتب على البذر والزرع لان الولادة لها حكم غير حكم الزرع من ان المولود قد يتبدل عن طبيعة ابويه بالتعلم والمصاحبة والمخالطة والاغذية والاهوية والاوضاع الفلكية وامثال ذلك واضدادها ولا ريب انها اعمال واكتسابات فيشقى بها السعيد ويسعد بها الشقي ويقصر بها السابق ويسبق بها المقصر ويجري هذا في الصغار كما يجري في الكبار بل في الجمادات كما يجري في الحيوانات والى هذا المعنى اشار امير المؤمنين عليه السلم بقوله لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة ولتساطن سوط القدر حتى يعود اعلاكم اسفلكم واسفلكم اعلاكم وليسبقن سباقون كانوا قصروا وليقصرن سباقون كانوا سبقوا ه‍ واما تأويل قوله تعالى ولدينا مزيد فهو مما اشرنا اليه من ان المزيد ليس ظاهرا من الاعمال والاكتساب فلا يدخل في الزرع لانه قال ولدينا مزيد وما عنده ليس في الظاهر من العمل والمزيد ظاهرا في الفضل لا في العمل واما في الباطن فهو من العمل الوجودي لا التشريعي والاباء واطفالهم بل والجمادات فيه سواء لا يختلفون الا من جهة صفاء القابلية فلا يكونون كالاكمه ولا الخفافيش لان ما نقص من صفاء قابلياتهم ومن اعمالهم الوجودية يكمله فاضل حسنات ابائهم وما نقص من تكميل ذلك الفاضل بفضل الله تعالى يكمله والله ذو الفضل العظيم واما مقتضى الاستعداد الذي عبرنا عنه بالقابلية والاعمال الوجودية فهو بعض اسباب التكميل كما ذكرنا فراجع ولا تعطيل في الوجود بجميع مراتبه لانه سبحانه خالق كل شيء وهو سبحانه على صراط مستقيم الذي احسن كل شيء خلقه

14 - قال : سؤال - قال الشيخ محمد القمري في السر الرباني الذي كتبه في علم الميزان حاكيا عن الجلدكي في نهاية الطلب فان اقتدر مقتدر على استخراج الماء الحلال بحيث اذا القي فيه شيء من النفوس والارواح والاجساد والبرادات ينحل ويتغرق فانه يصل بذلك ان كان عالما باستخراج الجزء الصالح منها وزوال العرض الفاسد في اسرع الاوقات واقربها وظاهره انه لو القي فيه مادة اكسير القوم لبلغ الى حد التفصيل وتمييز المياه الثلثة عن الارض وامتياز المياه الثلثة بعضها عن بعض فهل هو كذلك ايها النحرير اذ يقال لي ان لا ينبئك مثل خبير ولا تكتفون ببلى ونعم بل تبسطون ببسط الكيفية موائد النعم والعجب انهم قالوا لا يبلغ في العالم شيء رتبته مادة علمنا ولا يكتفون بالمياه الحاصلة منها ويطلبون الحلالة الحاصلة من غيرها كالمعشر
اقول يريد به ما مثل به الجلدكي للجواني بالبراني لان الجلدكي في كتابه هذا شارح للمكتسب وهو موضوع للجواني ولكن لما كان البراني بل جميع ما في العالم لا يكون فيه شيء من ذات او صفة الا وهو في الجواني فيمثل له في اجزائه واركانه وطرقه بما يشابهها من البراني وما كان في البراني من النفوس كالكباريت والزاجات ومن الارواح كالزيابق ومن الاجساد كالمعادن ومن الارضين كالبرادات اذا طهرت من الغرايب التي فيها حتى يستخلص منه الاجزاء الصالحة وحلت في المياه الحلالة كالمعشر ومرمياسوس وتعقد وتحل حتى تثبت وتكون مصابرة للنار ثم تجمع بنار السبك بعد تعديل موازينها وطبايعها على طبق ما يراد من شمس او قمر فان حارها اذا التقي بباردها سخنه الحار بنسبة قواه وبرده البارد بنسبة قواه وكذلك الرطب مع اليابس فتعدل اعتدال المراد فيتولد منها مزاجه فيكون على الحقيقة كاملة لان اصل جميع المعادن منطرقها وغيره مركب من زيبق وكبريت واختلفت المعادن بحسب كميتهما وكيفيتهما وصفائهما ونضجهما وعدمه فاذا عدل الكم والكيف في الطبيعة بالوزن الحق كالقطب المراد والصفاء وعدمه بازالة الغرائب والنضج وعدمه بطبايع بعضها مع بعض بتمازج بعضها ببعض بالسبك وصل المدبر لذلك بالتدبير الحق في اسرع الاوقات واقربها وهو يشير الى نظائر تلك الاشياء من الكم والكيف والتصفية والنضج المقصود من العمل الجواني فان فيه الزيبق والكبريت والجسد والماء الحلال الذي شبب بنوشاذره في اخر مرتبة النبات وهو الذي عناه الشذوري في قافية الهاء بقوله :

وهذا هو المدفون بين رموزنا وهذا هو المدفون فيما خبيناه
وهذا هو السم الذعاف فعش به هنيئا فقد نال المني من تمناه
على انه لو سقى النيل دانقا هدافا بماء فاتر منه هراه

وقال ايضا في قافية الميم يصف الماء وحل الجسد به فيه قال :

وصيرهما باليبس صخرا فانما عقدت بها منه لعاب الاراقم
وقد نلت سما يفسخ الجسم مسه بلمس بنان او بشم الخياشم

وقد يطلق الحلال على الماء الاول لانه هو الذي يحرقون به الارض ويهدمون به الصخر الا ان المراد به في كلامه هذا حيث مثل بالماء الحلال في الجواني كمثل مرمياسوس والمعشر انما هو هذا الماء الالهي بعد تشبيبه بالنوشاذر فانه يحل جسد ارضهم ويقيد ارواحها ويقطع شعلة كباريتها بدليل قوله في اسرع الاوقات واما ان ظاهره انه لو القي فيه مادة الاكسير الخ فهذا لا يبعد من الصحة اذا دبر على ما بينوه ولكنه من الاعمال البرانية وطرقها كثيرة مذكورة في الكتب الخذخذية وفيها اعمال صحيحة باصباغ لونية ثابتة لا كونية نعم اذا سلك بها تدبير الجواني كونت باذن الله تعالى واكثرها لا يصح واما ما كان من العمل بتعديل الموازين على ما ذكروه فهو صحيح كوني لا تكويني بمعنى انه يكون ذهبا او فضة صحيحة في الواقع ولكن لا يكون منها الاكاسير المكونة وان حصلت منها الصابفة ( الصابغة خ‌ل ) الثابتة المكونة ( الملونة خ‌ل ) الا بالتدبير الانساني بأن تأخذ المادة وان كانت مختلفة برانية فتجعلها كيلوسا ثم كيموسا ثم نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم تكسوها لحما ثم تنفخ فيها الروح الفرفيرية فهناك تقوم مولودك وهو كريم بالكرم المعروف وبالاجساد الناقصة الضعيفة بر عطوف شجاع يهزم الصفوف ولا يكترث بالالوف واما ما يتعجب منه انهم قالوا لا يبلغ في العالم شيء اه فقد اشرنا الى ذلك فيما تقدم من ان مادة حجرهم تحصل من كل شيء في العالم لانه لا يوجد شيء في الارض من الربع المسكون من جماد ونبات وحيوان الا وهو مركب من الطبايع الاربع الا انه قد تكون في شيء معتدلة وفي اخر متفاوتة والحكيم يأخذ مادة الحجر من شيء تكون الطبايع فيه معتدلة اعتدالا انسانيا ولهذا كان الاكثر اخذوه من الشعر لانه شقيق الانسان فتكون الطبايع فيه معتدلة كالانسان وبيانه ان الانسان اذا اكل طعاما طبخته معدته فاخذت الصفو منه ويسمي كيلوسا وقذفت الطبيعة ثفله بولا وغائطا ثم تطبخ الكيلوس كيموسا فمنه يتكون الغذاء ومنه النطفة التي هي مادة الحجر الذي يكون منه الانسان الادمي وتقذف الطبيعة ثفل الكيموس الى اقطار البدن فيتكون منه الشعر فصفوه ينبت في الرأس ومنه النطفة التي هي مادة الحجر الذي يكون منه الانسان الفلسفي فهو شقيق الانسان واخوه الاصغر لامه فاعتدال الطبائع تقارب اعتدالها في الانسان حتى ان من يعمل منه عمله لا يحتاج الى جميع الاوزان ويقول ان الطبايع فيه معتدلة ولا يتخلف شيء منها عن مقتضاه لان الطبيعة لا تغلط وان اخذ الحكيم المادة من الاشياء المختلفة احتاج الى الوزن والتعديل بالحق وهو تأويل قوله تعالى وزنوا بالقسطاس المستقيم اي الطبيعي ولا تبخسوا الناس اشيائهم يعني الاركان الاربعة ولا تعثوا في الارض مفسدين كالتسعة الرهط الذين يفسدون في الارض وهي التساقي الثلث والست فان بكل واحدة يخرج من الارض مفسد حتى تكون مقدسة مباركا فيها للعالمين وباقي السؤال اشرنا اليه في كلامنا هذا

قال : سؤال - ومن المشكلات المهمة الاستبانة اللازمة الابانة والاعانة على الطالب للعلم بها من قديم الزمان المتشبث بذيل الاستعانة ممن يعتقد انه مؤيد من عند الله سبحانه ما ذكره بعض افاضل علم الحروف في الاستنطاق وتحصيل الجواب من اي سؤال اريد على الاطلاق وها انا اذكره من الضابط وان طال رجاء لازالة الاشكال من جنابكم المفضال اذ انتم ممن تشد اليهم الرحال والسفر انش من بقية خير آل عليهم صلوات الملك المتعال وارجو منكم الشرح الوافي والبسط التام الكافي وايضاح ما لعله يستشكل وابراز ما لم يبرزه او سول وهو في تحصيل جواب المعول او من جملة المتممات العمل بايراد مثال معمول وتطبيق القانون عليه وحل جميع ما استشكل من المسؤل وارجو ان يكون كساير اجوبتكم الشريفة المستوفية للكلام على المقاصد والمهام بحيث لم يؤت بما يدانيه فضلا عما يساويه من سبق من العلماء المشاهير الاعلام مرءاة لمشاهدة كمالاتكم ولسان صدق موجبا لرفع درجاتكم بالثناء المتوافر والمدح المتكاثر ممن يشاهده وينتفع به من الاكابر قال ذلك الفاضل : واعلم انك اذا اردت استخراج سر من الاسرار الظاهرة والباطنة فخذ لها طالع السائل وطالع المسئلة وانطق بحروف اوتاده الاربعة واستنطق الاعداد مع حروفها واستفتح الجواب فانك تجد السؤال بلفظه او بمعناه
اقول اما هذا الفن فلم استعمله ولم يكن عندي من مصنفاته شيء وليس لي به انس الا ما افهم من العبارة فان كانت صحيحة تامة قلت بما اعرف فيها والا فالخطاء بيننا مقسوم وهذا هو الميسور ولا يسقط بالمعسور فقوله خذ طالع السائل هو ان تسأل عن اسمه واسم امه وتحسبهما بالجمل الكبير وتسقط اثني‌عشر اثني‌عشر فما بقي من العدد مما لم يتجاوز الاثني ‌عشر فتعد بقدره من البروج الاثني عشر مبتدئا بالحمل فما انتهى اليه العدد فهو طالع السائل واما طالع المسئلة فانظر حين اتاك السائل اي برج هو طالع الدنيا فهو برج المسئلة واوتاده في الحالين رابعه وسابعه وعاشره واستنطاق اعداد حروفها على هذه القاعدة هي كسور كل حرف من الكسور التسعة وهي النصف والثلث والربع والخمس والسدس والسبع والثمن والتسع والعشر وهي التسعة الكسور على كل قاعدة كافية في الاستنطاق وقد يحتاج الى انصاف ما يزيد على الخمس من السدس الى العشر كنصف السدس ونصف السبع ونصف الثمن ونصف التسع ونصف العشر تقوية لقوي الحرف اذ كانت ضعيفة وليس بمطرد فالاقتصار على الكسور التسعة مطرد لخصوص لفظ اسم الكسر وتعينه فينسب الى ابيه المتولد منه بخلاف النصف فانه لم يتولد من خصوص الكسر بعينه بل هو اسم كلي يظهر فيما ينسب اليه وانما جاز للاحتياج اليه ويكون حينئذ ابنا لما نسب اليه بالنسبة لا بغيرها لانه بتلك الاضافة يتعين له فيقال عليه وانما اشترط اخذ الطالع في السؤال لان السؤال انما يتم كونه بشرايط وجوده وحيث كانت الاشياء مؤجلة بالاوقات وجب اخذ الوقت في السؤال ولما كانت الانات لم تكد تتعين ولهذا لم يوضع لكل ان اسم خاص به لتشابه الانات وسياليتها واندماج بعضها في بعض وكانت اربابها متعينة متميزة بالاسماء الخاصة بها وجب اخذ اسماء اربابها فاعتبر طالع السائل لتقوم المسئلة بايراده فلطالعه جزء السببية الفاعلية وطالع المسئلة لانه جزء السببية القابلية والشيء يتقوم باحد سببيه ولهذا يستغني العامل في تقومه بطاعة وجوده وبمعصية ماهيته ولما كان لكل سؤال حق او باطل جواب حق دل ذلك على ان بين السؤال والجواب نسبة هي نسبة ما بين الانثى وبين ذكرها التي خلقت من نفسه لان الانثى خلقت من نفس الذكر قال الله تعالى خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها فالزوجة المخلوقة من نفس زوجها لا تقع بينهما مفارقة حقيقة لا في الدنيا ولا في الاخرة وان تزوجت بغيره ظاهرا لاجل العلاقة الذاتية بخلاف من تزوجت به ظاهرا لغرض زائل كان يكون تزوجها لمالها او لجمالها او لرحالها فان هذا علاقة دنياوية فانها زائلة بزوال العلاقة ولا كذلك الذاتية فهو مفرق في ابويه فالنسبة بينهم حقيقية وصادقة ومن تولد من ذي العلاقة العرضية فهو مستودع في احد ابويه فالنسبة بينهم قد تكون عرضية وكاذبة وروي عن عليّ عليه السلم ان السؤال ذكر والجواب انثى والكلام هنا مبني على الوجه الاول فاذا اقمت السؤال الذي هو الانثى فاعلم ان بينه وبين جوابه الحق مناسبة ذاتية لان السؤال في اصل الوجود تكون من نفس الجواب وكما ان بين معنييهما مناسبة ذاتية ومشابهة اصلية كذلك بين ظاهريهما تلك المناسبة والمشابهة لان بين كل ظاهر وباطنه تلك المناسبة فحقيقة هيئة الجسد تشابه حقيقة هيئة الروح وحقيقة هيئة اللفظ تشابه حقيقة هيئة المعنى والى هذا اشار امير المؤمنين عليه السلم الروح في الجسد كالمعني في اللفظ ولما كان السؤال على ما اشرنا اليه متضمنا للجواب وقد كان بينهما ظاهرا وباطنا المناسبة الذاتية وجب ان يكون لفظ السؤال متضمنا للجواب وقد قررنا بعض مسائلنا وفي مباحثاتنا ان بين الالفاظ والمعاني مناسبة ذاتية وهي ما بين مادة اللفظ ومادة المعنى من المناسبة والمشابهة وما بين هيئة اللفظ وهيئة المعنى كذلك وبينا ان وجوه المناسبة لا تنحصر في الشخصية بل قد تكون فيها وفي النوعية بل وفي طباع المستعملين كما قد كان الدلو في العربية دول في الفارسية فكان اختلاف هيئة اللفظين لاختلاف نظر الواضع الى الة الوضع من هيئة حال الطبعين ومقتضي هذه المناسبة بين الهيئتين ان تكون المناسبة موزعة فمناسب اول المشابه هو اول التشبيه واوسطه اوسطه واخره اخره فوجب ان تكون حروف السؤال وحروف مقومات قابليته لحق الجواب من الطوالع والاوتاد واربابها وغيرها كذلك بالنسبة الى حروف الجواب فتكون مناسبة الحرف الواحد بالنسبة الى مشابهه قد توجد في طالبه بالنسبة الى الطبايع والغرائز كطلب الناري للهوائي او بالعكس في ترفعه او في مواخيه كالدال والذال او في الاعداد كالميم للدال او في المراتب الابجدية كالهاء للدال او جمع حرفي الطالب والمطلوب ليستنطقا او في ضربهما كذلك او في تضعيف الحرف الواحد كالحاء من الدال او في كسور الحرف كالدال مثلا فان حروف قواها الجيم والهاء والميم والتاء او في حاصل ومستحصل او غير ذلك ولاجل كل مناسبة طريق يخصها على ما اشتمل عليه سفر ادم عليه السلم فانه مشتمل على ثلثمائة وستة وستين طريقا والذي يظهر لي ان السؤال المكتوب جميعه من طرق متعددة وان كان لو جمعت في طريق واحد صحت وكانت اكمل لما ذكروا ان المركب كلما كثر تكليسه وتكريره وسقيه ازداد نعومة وقوة حتى ابن‌ارفع‌الرأس الشذوري قال فيما ذكر ان تبسط اسم الطالب ثلثمائة او ستين مرة وتكسره مع حروف ذلك البسط خالصا فانه يفهم منه جميع احوال السائل من الماضي والحال والمستقبل انتهى واول هذا السؤال قاعدة مبنية على اعتبار الكسور كما يأتي ذكره وبيان ما اشرنا اليه من توجيه اخذ احد هذه الطرق نعرفها من جهة الدليل القطعي لا من جهة اني عارف بكيفية هذه الاستعمالات لاني غير عارف بها ولم اكن بصددها ولا اتعاطاها وليس لعدم جواز الاستعمال شرعا بل لعدم الاطلاع المفيد ولعدم الطلب

قال سلمه الله نقلا : وبيان ذلك انك تنظر الى طالع السائل وطالع المسئلة فتخرج عدد حروفه بالجمل الكبير
اقول الاكمل في العمل اخذ طالع السؤال وطالع السائل واوتارها واليوم والساعة وطبع القمر واسم السائل والشهر وعام السؤال من الهجرة النبوية ورب الطوالع واليوم والساعة والحملة مع ذلك كله اخذ طالع المسئول والمراد من اخذها هنا اخذ اعدادها بالجمل الكبير لتستخرج حروف كسور الحرف كما يأتي مثاله ولكل طالع تأخذ رابعه وسابعه وعاشره واربابها وتستخرج حروف كسور حروفها وكذا تفعل بحروف السؤال

قال نقلا : مثاله اذا كان الطالع برج الحمل تأخذ رابعه السرطان وسابعه الميزان وعاشره الجدي وهو اقواهم
اقول هذه اوتاد الفلك وعليها العمل وفي كل صورة اخذت الاوتاد كانت مشتملة على طبايع العناصر الاربعة النار والهواء والماء والتراب وقصد ذلك هو احد الاسباب الموجبة لاخذ الاوتاد لان ذلك من اسباب حصول الجواب بالتوليد من السؤال والطوالع واربابها وما يلحق بذلك من الاوقات ولوازمها كما مرت الاشارة اليه وكون الرابع اقومهم لعل المراد منه ان كونه اخيرا يقتضي تمام السببية كرتبة الحيوان للادوار الاربعة ولاجتماع قوى الشيء في تمامه

قال نقلا : فتسقط من كل برج حرفي التعريف ثم تنظر ما يخص كل حرف من الاعداد المنطقة اي النصف والثلث والربع الى العشر من غير كسر ثم تبسط تحت كل حرف ما يخصه من اعداد العناصر
اقول انما لم تحسب الالف واللام لعدم اختصاصها بما تدخل عليه من الاسماء فلا تأثير لها في شيء من السببية لاتمام السببية وانما تؤخذ حروف الكسور لان الكسور اجزاء قوى الحروف المنطقة والمستنطق منها مستنطق من الحرف ومتولد عنه بل منه فهو اب لتلك الحروف وهي من حيث كونها متولدة اولاده والمراد بالمنطقة الكسور التسعة الناطقة بكسرها وقوله تحت كل حرف انك تكتب الحرف ثم تلحقه في سطره بحروف كسوره ثم الحرف الثاني ثم حروف كسوره وهكذا واما تقسيمها الى العناصر فيأتي في العمل الاخر

قال نقلا : مثاله في طالع الحمل المذكور فترسم ح م ل فللحاء من العدد ثمانية لها النصف والربع والثمن والعشر ونصف العشر لمن يريد يدقق وهي : ك ي ه‍ د ب ثم اللام لها من العدد ثلثون لها النصف والثلثان والثلث والسدس والعشر وهي ك ه‍ ي ج وهكذا تفعل بساير الاسؤلة وحروف البروج وكل كلام ينطق به من ساير الموجودات من الانس والوحش والهوام
اقول هذه العبارة فيها غلط وانما كتبتها بصورتها ليتبين ذلك فيعرف به ما في نسخة الاصل المنقول منها هذا السؤال وبيان المراد ان للحاء من العدد ثمانية له النصف والربع والثمن فحروفها د ب ا والميم اربعون لها النصف والربع والخمس والثمن والعشر فحروفها ك ي ح ه‍ د واما نصف العشر فلا يعتبر على القاعدة والا لوجب اعتبار ثلثه وربعه وخمسه وسدسه وكذا اعتبار نصف ثلثه وربع ثلثه وهكذا فتكون لبعض الحروف حروف كثيرة لحصول كثير من الكسور لكثير من الكسور ولكسورها كسور لان ارادة التدقيق لا تنحصر في نصف العشر اذا صحت فيه لعدم الخصوصية واللام ثلثون لها نصف وثلث وخمس وسدس وحروفها يه ي وه‍ واما ذكر الثلثين فلا يجري على القاعدة ايضا ولو صح لجاز الخمسان والثلثة الاخماس والاربعة الاخماس وكذلك الثمن والثمنان وهكذا وكيفية بسط حروف حمل وكسورها هكذا ح د ب ا م ك ي ح ه د ل يه ي وه وكذلك تفعل بحروف باقي الاوتاد واربابها والاوقات كاليوم والساعة والسنة والشهر كذلك فاذا اردت ان تضم اليه قطب الاقاويل وهو البيت المذكور في الزايرجة البستية لمالك بن وهب من تلامذة ابي ‌العباس البستي وهو هذا البيت:

سؤال عظيم الخلق حزت فصن اذا غرايب شك ضبطه الجد مثلا

تبسطه هكذا س وا ل ع ظ ي م ا ل خ ل ق ح ز ت ف ص ن ا ذ ا غ ر ا ي ب ش ك ك ض ب ط ه ا ل ج د د م ث ث ل ا فيحصل منه عندك ثلثة واربعون حرفا لان الحرف المشدد حرفان فتثبت شك هكذا ش ك ك والجد هكذا ا ل ج د د ومثلا هكذا م ث ث ل ا فاذا بسطت السؤال وحذفت المتكرر منه وزدت فيه حرف عدد المحذوف واردت نظمه بحروف قطب الاقاويل فاحذف من القطب كل حرف وجد في بقية السؤال وتأخذ حرفا من القطب وحرفا من السؤال الى اخراج المزج فاذا نقص الممزوج عن ثمانية واربعين حرفا فتممها بنونات التنوين في القطب وهو نون تنوين سؤال واذا وشك ومن نونات السؤال وان شئت ان تكمل العدد بحروف العلة وا ي وان شئت ان تضم على هذا النحو قطب الامثال وهو :

لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى ولا زاجرت الطير ما الله صانع

تبسطه هكذا ل ع م ر ك م ا ت د ر ي ا ل ض وا ر ب ب ا ل ح ص ي ول ا ز ا ج ر ا ت ا ل ط ي ر م ا ا ل ل ه ص ا ن ع فانه تام باعتبار الموازين الموسيقية فلا يحتاج الى التتميم ثم تأخذ حروف الاوتاد الاربعة كما ذكر سابقا مع حروف اربابها فتنظم الجميع في مربع ثمانية واربعين في مثله بالتكسير الصغير المشار اليه سابقا تأخذ حرفا من السؤال وحرفا من القطب وحرفا من الاوتاد فاذا عمرت المربع فان لقطت بالمفتاح سطرا ظهر الجواب بالصواب ومثال وضع الحروف في المربع في اسم محمد هكذا واذا اردت اخذ المفتاح من هذا فخذ الحروف الاربعة التي هي اطراف القطرين اول حرف من السطر الاول واخره واول حرف من السطر الاخير واخره وهي هنا م د ح م وتجمع عددها اثنان وتسعون وتسقطها باسقاط النار تسعة تسعة والباقي الذي لم يزد عن تسعة هو المفتاح وان شئت باسقاط الهواء اثني‌ عشر اثني ‌عشر وان شئت فباسقاط الماء خمسة عشر وان شئت فباسقاط التراب ستة‌عشر وان شئت فباسقاط احد وعشرين وان شئت فباسقاط المنازل ثمانية وعشرين فاذا استعملت احدها فخذ الباقي والقط به فانه المفتاح فان شئت اسقطت اثنين وتسعين كما مثلنا باسقاط النار تسعة تسعة بقي اثنان فالقط في المثال بالباء على مشي الفرس مثلا م د م ح م ح م د د م ح م ح م د م وان شئت فيمشي الفرزان ففي المثال م م م م د د د د م م م م ح ح ح ح وان شئت ان تلقط بباقي رب الساعة مثلا لو كانت ساعة السؤال الرابعة من يوم الاحد فربها القمر فاذا اسقطته باسقاط النار تسعة تسعة بقي سبعة حرفها الزاي فالقط به ففي المثال تأخذ اول الشكل وسابعه وسابع سابعه وهكذا فعلى مشي الفرس م ح ح ح م م م د م م م ح د م د د فاذا كسرت البقيتين والطوالع واربابها كما ذكرنا فقد يظهر الجواب في اخر سطر من الرابع وهو السطر الذي يكون بعده الزمام وان لم يظهر فان لقطت ظهر وان شئت اخذت نظائر اخر سطر ويكون العمل على النظائر فتكسرها سطر المؤخر في سطر واحد يظهر الجواب والطرق كثيرة ومنها انه يؤخذ عدد السؤال بالجمل الكبير وتستنطقه وترد عشراته الى الاحاد والمآت الى العشرات والالوف الى المآت فلو كان عدده مثلا الفا وخمس‌مائة واربعة وعشرين كانت حروفه د ك ث غ فاذا قهقرته كان ون ق ثم تزيد عليها حرف عددها وهو ثلثة وهكذا ون ق ج ثم تبسطها هكذا وا ون ون ق ا ف ج ي م وتحذف المتكرر هكذا وا ن ق ف ج ي م وتزيد عليه حرف عدد المحذوف وهو اربعة هكذا وا ن ق ف ج ي م د وتبسطها هكذا وا وا ل ف ن ون ق ا ف ف ا ج ي م ي ا م ي م د ا ل ثم تأخذ حروف طالع المسئلة وطالع السائل واسمه وطالع المسئول واسمه واوتاد الطوالع وحرف ساعة السؤال ويومه وشهره وعامه من الهجرة النبوية وارباب جميعها وتبسط الجميع وتحذف المتكرر وتزيد على الباقي حروف عدد المحذوف وحروف عدد الباقي مع حروف عدد المحذوف كما مر وتجعل الجميع من البقيتين سطرا واحدا ثم تكسرها في مربع بيوته بعدد ما عندك من حروف الجميع بأي طريق من التكسير ثم تستبدل باخر سطر منه نظائره فكسر نظائر صدر المؤخر فان خرج الجواب قبلها او فيها والا فكسر النظائر في مربع كما مر والقط بحرف المفتاح يظهر الجواب ان لزمت الصواب عن الخطاء ولك ان تلقط بحرف باقي درج الشروق بأن تنظر كم مضى من الشروق الى طالع السؤال من درجة ثم تسقطه سبعة سبعة ان امكن وتلقط بحرف الباقي بالفرس او بالفرزان او بالفرس دورا بالفرزان دورا وامثال التلقط بهما معا م ح ح م د م م د د م م د م ح ح م

قال نقلا : وتنظر ما الغالب من العناصر والقوى وما يتألف من تلك الحروف من الالفاظ وذلك هو جواب المسئلة كائنا ما كان
اقول الغالب من العناصر بأن يكون احدها اكثر حروفا فان تساوت في الحروف فاكثر الحروف عددا كالقاف والياء فان القاف غالب لان عدده اكثر وكل ما كثر العدد كان اقوى لان الاعداد هي القوى وكل ما كثرت القوى كان اقوى فان تساوت في الاعداد فاقويها في الطبيعة كالنار اقوى من الهواء وهو اقوى من الماء والماء اقوى من التراب وبيانه كما يأتي مثل استخراج قوي عناصر اسم زيد فالزاي لها من الكسور سبع وهو الف وللياء نصف وخمس وعشر وهي ه‍ ب ا وللدال نصف وربع وهما ب ا فكان ا ه‍ ب ا ب ا والعناصر هكذا نار ( ا ا ا ه‍ ) تراب ( ب ب ) فكان قوي عناصر اسم زيد نار وتراب على ترتيب الافلاك فالغالب النار لان حروفها اربعة والتراب اثنان فتعمل بالحروف النارية وتحذف الترابية وتزيد على النارية حرف عدد الترابية هكذا ا ا ا ه‍ ب فحينئذ تضيفه الى ما خلصته من حروف الطوالع واربابها او الى حروف القطب كما يذكره فيما بعد

قال نقلا : قال : فصل - في الاستدلال على الضماير الخفية بالقوانين الحرفية مثاله لو سئل عن مريض ما علته وما دواء علته فمره ان يسمى شيئا على مرضه يجعل ذلك الاسم قاعدة مع طالع المسئلة والعناصر والفصل الذي يسئل فيه واليوم والساعة وان شاء التدقيق مثلا يسمى السائل المرض باسم فرس
اقول بالقوانين الحرفية يريد به كما تقدم ذكره وكما يأتي من اخراج كسوره وطبايعه وحذف المكرر ومزجه بالقطب والاوتاد واخراج اوتاد الحروف كما يأتي واللقط كما مر او بالنظائر وتكسيرها وقوله فمره ان يسمي شيئا على مرضه الخ هو قوله وان شاء التدقيق فيقول مثلا اخبرني ما مرضي الذي انا سميته فرسا وقوله والفصل الذي يسئل فيه يريد به ان من اسباب المرض الفصل مثلا فصل الربيع يقتضي زيادة الدم وفصل الصيف يقتضي زيادة الصفراء وفصل الخريف يقتضي هيجان السوداء وفصل الشتاء يقتضي هيجان البلغم فيكون الفصل من اسباب المرض فيدخل اسمه في حروف السؤال

قال فاثبت حروف الاسم مع اعدادها المنطقة بيانه الفاء لها من العدد ثمانون وترها م ك ي ح د
اقول نصفها اربعون وربعها عشرون وخمسها ستة‌عشر وثمنها عشر وعشرها ثمانية فهي مع وترها ف م ك يو ي ح فهذا الخط غلط لان كسر الكسر لا يعتبر فلا يؤتي بالدال ولم يذكر الخمس وهو من الكسور المنطقة ولا يقال انه مركب وامر حسابهم مبني على القلة والخفة لانا نقول انه يقهقر به فتؤخذ له صورة حسابه فيكون ز فيصير الحرف مع وتره ف م ك ز ي ح

قال ثم الراء لها من العدد مأتان وترها ق ن م ك ي
اقول بيانه ان نصف المأتين مائة وربعه خمسون وخمسه اربعون وثمنه خمسة وعشرون وعشره عشرون وليس يؤخذ نصف عشره كما مر فيكون ر ق ن م كه ك وبعد تقهقر المركب يكون ر ق ن م ز ك

قال ثم السين لها من العدد ستون وترها م ل ك ي ه ه
اقول فيه ما تقدم بيانه ان الستين لها نصف ولا يؤخذ الثلثان كما تقدم سابقا والا لاخذ السدسان والخمسة الاسداس ولها ثلث ولها ربع ولها خمس ولها سدس ولها عشر فتكون س ل ك يه يب ي وفاذا قهقرت المركب كان س ل ك وج ي و

قال فاذا بسطت حروف الاسماء لا تجد عنصرين متساويين فانظر ايهما اكثر عددا وحروفا فاحكم له بالغلبة على الاخر
اقول قوله لا تجد عنصرين متساويين يريد انك اذا نظرت الى هذه الحروف واوتارها وقسمتها على العناصر الاربعة لا يكاد يتفق منها عنصران متساويان في عدد الحروف ولا في عدد مراتب الطبايع ولا في عدد القوي بل لو كانت متساوية في عدد الحروف اختلفت فمنها حار ومنها بارد ومنها رطب ومنها يابس ولو تساوت هنا لما كانت قسمته على الطبايع متساوية ولو تساوت في الطبايع لا تكاد تتفق في مراتبها فمنها مرتبة ومنها درجة ومنها دقيقة ومنها ثانية وهكذا والعمل بعد تساوي العدد في الحروف وفي عدد القوى على الغالب في الطبيعة فان الدرجة من النار اقوى من درجة الهواء بست والهواء اقوى من الماء بست والماء اقوى من التراب بست على اختيار بعض وعلى اختيار اخيرين درجة النار اقوى من درجة الهواء والتراب باثنين ومن درجة الماء بست والمشهور عندهم ان الرتبة ثلثون من الدرج والدرجة ثلثون من الدقايق والدقيقة ثلثون من الثانية والثانية ثلثون من الثالثة والثالثة ثلثون من الرابعة والرابعة ثلثون من الخامسة وعند جابر بن حيان الرتبة بعشر من الدرج والدرجة بعشر من الدقايق وهكذا واما اختلاف الحروف في عدد القوى فظاهر كما ينطق به ترتيب ابجد الالف واحد والباء اثنان والجيم ثلثة والدال اربعة وهكذا ومعنى الجواز تساويهما في العدد حتى ينتقل الى الغالب في الطبايع وتساوي مجموع كل من القسمين للاخر كما لو كان الحروف النارية مثلا ا ط والحروف المائية ج ز فان كلا من القسمين متساويان في العدد الحرفي وفي العدد الابجدي فينتقل الى الغالب في الطبايع فالالف رتبة في النار والطاء دقيقة والالف والطاء على اختيار المشهور تسعمائة دقيقة وثلثون دقيقة والجيم رتبة في الماء والزاي درجة فعلى المشهور تسعمائه دقيقة وثلثون دقيقة فاذا نسبنا الالف والطاء من جهة قوتها بالنسبة الى الماء على اختيار البعض المتقدم ذكره كان خمسة‌ الاف دقيقة واربع ‌مائة دقيقة وست دقائق والجيم والزاي تسعمائة وثلثون وعلى اختيار الاخرين يكون الفين وسبعمائة دقيقة وثلث دقايق والجيم والزاي على حالهما على قول جابر يكون الالف والطاء على اختيار البعض ستمائة وست دقائق وعلى اختيار الاخرين ثلثمائة وثلث دقائق والجيم والزاي مائة دقيقة وعشرون دقائق على الحالين فيجب اخذ الالف والطاء لقوتهما فتحذف الجيم والزاي وتأخذ حرفهما فتضيفه الى الالف والطاء فيكون هكذا ا ط ب

قال وانظر اسم المطلوب ايضا من غير بسط وضم اليه عدد حروف عناصره ولفظه وكذلك اسم الطالب واحكم للاكثر والاقوى بالغلبة
اقول مما يضم الى السؤال اسم المطلوب من غير بسط بأن تذكر الحروف انفسها منفردة مثلا المطلوب العلم ع ل م هكذا من غير بسط فلا تكتب ع ي ن ل ا م م ي م وانما تكتب كالاول ثلثة احرف فالعين واللام من التراب والميم من النار فالعمل على عنصر التراب لان حروفه اكثر فيحذف الميم ويضم الى العين واللام حرف عدد المحذوف وهو الف هكذا ع ل ا هذا ان كان على اخذ الحروف عبيطة وان تصرف فيها كما هو مذكور هنا فالعين سبعون لها نصف خمس وثلثون وخمس اربعة عشر وسبع عشرة وعشر سبعة فهي مع وترها على تقهقر المركبة ع ل ه ي ز واللام لها نصف ولها ثلث ولها خمس ولها سدس ولها عشر فهي مع وترها كذلك ل يه وه ج والميم اربعون لها نصف ولها ربع ولها خمس ولها ثمن ولها عشر فهي مع وترها م ك ي ح ه فاذا اردنا معرفة طبايعها كتبنا العناصر هكذا نار ( ه ه ه م ) هواء ( وو ي ي ي ) ماء ( ج ز ك ) تراب ( د ح خ ل ع ) فنظرنا فوجدنا اكثرها حرفا الهواء والتراب والهواء على المشهور واختيار البعض اربعة وثلثون‌الف ثانية وعشرون ثانية والتراب سبعة وعشرون‌الف ثانية وتسعمائة ثانية فالعمل على احرف الهواء وعلى اختيار الاخرين العمل على التراب لان الاحرف الهوائية ثلثة ‌الاف وسبعمائة وثمانون هذا على تقدير ترجيح الطبايع على الاعداد واما على ترجيح الاعداد على الطبايع كما هو المعروف عند الاكثرين فالعمل هنا على الترابية لان عددها مائة وعشرون وعدد الهوائية اثنان واربعون فاذا اخذنا الترابية اسقطنا الباقي والحقنا الباقي بحرف المسقط مثاله د ج ح ل ع ج وعملنا فيه كما مر

قال وصفة استخراج قوى العناصر نار تراب هواء ماء نار « م م م ج د » تراب « ن ي ي ي و» هواء « وك ك ك » ماء " ل ح د "
اقول هذه الكتابة فيها تغيير غلط على تقدير فعل المصنف لانه لا يعد الكسر المنطق اذا كان ينطق بحرفين ويعد نصف العشر ولا يذكر في التمثيل نفس الحرف وان كان في العمل لا بد من تقديمه على كسوره وانما يقتصر على ذكر الكسور لاجل التمثيل وبيان تصحيح التمثيل كما ذكره ان الفاء لها نصف وربع وثمن وعشر ونصف عشر وهي م ك ي ح د والراء لها نصف وربع وخمس وعشر وهي ق ن م ك والسين لها ثلثان ونصف وسدس ونصف سدس وعشر وهي م ل ي ه فاذا استخرجنا عناصرها كما ذكر تكون هكذا نار « ه‍ م م م » تراب « ون ي ي ي » هواء « ك ك ك ق » ماء « ح ح ل » وفيها نصف العشر في كسور الفاء وكذا في الراء وفي السين الثلثان ونصف السدس وليست هذه من الكسور وانما هي كسور الكسور فاما ان يكون غلطا في النسخة او اصطلاحا جاريا بلا ضابطة والقاعدة فيما ذكرت لك والحاصل ان العمل في مثال الفرس على الترابية كما ذكر ولو ادخل كل حرف مع كسوره في استخراج عناصرها كما هو الحال في العمل كان هكذا نار « ف ه‍ م م م » تراب « ون ي ي ي » هواء « س ك ك ك ق » ماء « د ح ل ر » كان اعتبار الترجيح منحصرا في النارية والترابية والهوائية كتساوي حروفها فترجع الى الترجيح بالاعداد فيكون الاعتبار بالهوائية لان عددها مأتان وعشرون والنارية مأتان وخمسة والترابية ستة وثمانون فالغلبة للهوائية واما حروف فرس على قاعدتنا فنقول الفاء ثمانون لها نصف وربع وخمس وثمن وعشر فوترها بدونها م ك ز ي ح وللراء نصف وربع وخمس وثمن وعشر فوترها ل ك وج ي فاذا اردنا استخراج عناصرها فصلناها كما مر نار « م م » تراب « وو ي ي ن ج » هواء « ز ز ك ك ك » ماء « ق ح ل » فالعمل على ما ذكرناه على الهوائية فاذا اردت العمل اخذتها واسقطت ما سواها وتلحق بالهوائية حرف عدد الساقطة بعد الحاق حروف فرس بها فالفاء تلحق النار وتأخذ لها واحدا والراء تلحق المائية وتأخذ لها واحدا والسين تلحق الهوائية فتثبت فتكون حاصل المأخوذ بعد الحاق حروف عدد المسقط ج ز ز ك ك ك س ق ي او على ما ذكره ون ي ي ي ي ا واعلم ان ترتيب الطبايع مختلف فيه فمنهم من يرتب على ترتيب البروج كما ذكره هنا في مثاله وهو عمل صحيح ومنهم من يرتب على ترتيب العناصر ومنهم من يفصل فيقول ان كان العمل بما يتعلق بالاجسام فعلى ترتيب العناصر وان كان بما يتعلق بالنفوس فعلى ترتيب البروج وهذا ايضا صحيح

قال فوجدنا في هذه العناصر الاربعة الغالب عنصر التراب فطبعه بارد يابس فعلمنا ان المرض من السوداء
اقول انما حكم بذلك لما تقدم من ان الحروف والاسماء بمنزلة الظاهر من المسمى والظاهر يدل على الباطن فلما حصلت هذه الحروف على الترتيب الطبيعي دلت على طبيعة ما وضع بالتأليف له وهو كما قال

قال ثم الفنا من الاحرف كلاما على النسبة الحرفية فوجدنا موضع العلة في الخلق ووجدنا ما يوافقه حقنة ومن الاشربة شراب الليمون فهذا ما خرج من اعداد حروف الفرس
اقول المراد بالنسبة الحرفية ما اشرنا اليه من تكسير الحروف وتقسيمها الى الطبايع او ترفعها او تقسيمها الى مراتب الاعداد من الاحاد والعشرات وغيرهما وهو ان تبسط السؤال بصورة حروفه مصدرا بقولك يا علام الغيوب وتأخذ عدد الحروف المعجمة وتستنطقها وكذلك الحروف المهملة وحروف عدد الاحاد من السؤال والعشرات والمآت والالوف ثم ترفع الاحاد الى العشرات والعشرات الى المآت والمآت الى الالوف وتستخلص الحاصل فتأخذ خلاصته بينات الخلاصة ثم حروف اعداد البينات ثم تكسر الجميع صدر المؤخر وتأخذ النظائر السبعة ومنها يظهر الجواب مثاله زيد تبسطه ز ي د عدد منقوطه ب وعدد مهمله ا واحاده ب وعشراته ا فعدد حروف الاسم ثلثة وعدده احد وعشرون فخلاصة الجميع ب ا ب ا ج ا ك فترفعها الى ما فوقها هكذا ب ا ب ا ج ا ك « ك ي ك ي ل ي ر » « ر وو ق ش ق غغ ا ل ف ي م » وبينات هذه والمراد بالبينات باقي اسم الحرف اذا اخذته من اسمه بقي البينات فالف بيناته لف وحروف عدد البينات وا ح د ث ل ث ون ث م ا ن ون ع ش ر ه ا ر ب ع ون فتجمع هذه الحروف المتقدمة مع حروف عدد البينات هكذا ب ا وا ب ا ح د ج ا ث ل ك ك ث وي ك ن ث ي ل ه‍ ا ي د ن ود ق ن ع د ق ش د س ق ه‍ ا غ غ ا ل ون ف ي م فاذا اسقطت المكرر كان ب ا وح د ج ث ل ك ي ن ه‍ ر ق غ ش ع ف م فكسرها صدر المؤخر وخذ نظائرها والنظائر التي تحتاج اليها هذه الطريقة سبعة وهي نظائر ايقغ وابجد واهطم واحست وافسج وابهش وابتث وصورها على الترتيب المذكور :

" ا ي ق غ ب ك ر ج ل ش د م ت ه‍ ك ت وس خ ز ع ز ح ف ض ط ص ظ "
" ا ب ج د ه‍ وز ح ط ي ك ل م ن س ع ف ص ق ر ش ت ث خ ذ ض ظ غ "
" ا ه‍ ط م ف ش ذ ب وي ن ص ت ض ج ز ك س ق ث ظ د ح ل ع ر خ غ "
" ا ح س ت ب ط ع ث ج ي ف خ د ك ص ذ ه ل ق ض وم ر ظ ز ن ش غ "
" ا ف س ج ي ل ع م ه‍ ض ر ز ط غ ث ب ح ظ ن خ ق ك وت س ص د ذ "
" ا ب ه‍ ش ح ذ ل ج ق وط ص س ن ن ف ع ظ ز ت ك ع ر خ ي د ض م "
" ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن وه‍ ي "

قال : فصل - في استخراج قوي العناصر من الاسماء العلمية مثاله محمد فضع العناصر الاربعة على هذه الصورة نار « ا ا ا ا ا ه ه م م م » تراب « ب ب ب ب ي ي ي ي » هواء « ك ك » ماء « د د د د ح ح ح ح ل » يخرج لك ما في كل عنصر بالهجاء والعدد تجد الغلبة لعنصر النار في هذا المكان
اقول بيانه ان الميم كسورها ك ي ح ه د ب ا فهو هنا عدد العشر ونصف العشر وربع العشر وادخل الميم بنفسها كما هو في صورة العمل فتكون الميم وكسورها وكسور كسورها هكذا م ك ي ح ه د ب ا والميم الثانية كذلك م ك ي ح ه د ب ا والحاء مع كسورها د ب ا والدال مع كسورها د ب ا فاذا رسمناها على ما عمل كان هكذا نار « ا ا ا ا ه ه م م » تراب « ب ب ب ب ي ي » هواء « ك ك » ماء « د د د د ح ح ح » فتكون الغلبة للنار ولكثرت حروفها فالفاتها اربعة وهاءان وميمان وفي النسخة غلط لان الفاتها خمسة والخامسة من اين جاء والميم الثالثة كذلك فان قيل انه يعدد المشدد حرفين قلنا لو عدها حرفين لعد كسورها وفي التراب اربع ياءات واثنان غلط والحاءات ثلث والرابعة زائدة في الماء وكذلك اللام زائدة لانها ان عد ثلثة ارباع الميم فينبغي ان تذكر مرتين لكل ميم لام هكذا ينبغي على ترتيبه واما على ما ذكرنا سابقا فكسور الميم معها م ك ي ح ه د وكسور الحاء معها ح د ب ا وكسور الميم الثانية معها م ك ي ح ه د وكسور الدال معها د ب ا فاذا وضعنا العناصر لوزنها كان نار « ا ا ه ه م م » تراب « ب ب ي ي » هواء « ك ك » ماء « د د د د ح ح ح » فتكون الغلبة للماء لانه اكثر حروفا هذا مقتضي القاعدة ولااعلم مقصوده فان هذا الذي ذكره على ظاهره مخالف للقاعدة فان كان ما ذكره على ظاهره ليس فيه رمز ولا تغيير ولا غلط فهذه الزايرجة لا تصح وان ظهر الجواب صحيحا لا يطابق الواقع وان اتفق في بعض الاحوال مطابقة ما

قال فحينئذ تضيف الاسم الى الوتر المنسوب للطالع
اقول المراد بالاسم المقصود فان كان في الاعمال مثلا جذب القلوب وتحصيل شيء مطلوب فهو اسم الطالب واسم المطلوب وتضيف اسما من اسماء الله معناه مناسب لمطلوبك تبتدي به اولا ثم بعد ذلك تلحقه بالوتر وهي حروف الطالع ورابعه وسابعه وعاشره كما مر

قال او البيت الموضوع لكل سؤال يقع وهو شعر :

سؤال عظيم الخلق حزت فصن اذا غرايب شك ضبطه الجد مثلا
هو وتر مشهور وامر مسطور في استخراج الحوادث الكونية والاسرار الغيبية

اقول يريد انك اذ اردت استخبار الامور الغائبة والاحوال المستقبلة بطريقة الزايرجات فتضيف الاسم الى هذا البيت على نحو ما ذكرنا سابقا ويكون المراد بالاسم هنا السؤال واسم السائل والحاجة هذا اذا اردت الجواب يأتي منظوما وتمزج البقيتين من السؤال ومن القطب كما تقدم باحرف الله الهادي الخبير تبتدي اولا بحرف الله وان اردت ان يأتي الجواب منثورا فضمه الى قوله تعالى نصر من الله وفتح قريب

قال وان اردت التصرف في الاشباح وجذب القلوب والارواح فارسم حروف اسم الطالب وحروف اسم المطلوب مع اعدادهما المنطقة وكسرهما مع الخارج منهما من الاعداد من الحروف المصطلح عليها ثم وفق القطر بالنسبة الحرفية وفقا مربعا حرفيا وارسم حوله زمام التكسير في طالع سعيد واتل عليه قسم برهتيه او قسم البرجيس فاحمله فانك تجد العجب العجاب من جذب القلوب والتوسل الى المطلوب
اقول هذا نوع من انواع الجفر وهذه الامور قد تقدم المنع منها وانما نذكر هنا الاشارة الى بعض بيان العبارة فاعلم انهم اذا ارادوا شيئا اخذوا اسم الطالب واسم المطلوب مع حروف الاوتاد فان كان للمحبة والالفة والاتحاد وما اشبه ذلك اختاروا لهذا العمل بسط التجامع والتضارب والتواخي والتفوق والتضاعف والتكسير فاما بسط التجامع فهو عبارة عن جميع حروف الطالب مع حروف المطلوب مثلا محمد طالب علما فتجمع الميم والعين يكون مائة وعشرة فاذا استنطقته كان ق ي والحاء مع اللام ح ل والميم مع الميم ف وهكذا وبسط التضارب عبارة عن ضرب كل حرف من حروف الطالب مع حرف من حروف المطلوب ففي المثال تضرب ميم محمد في عين علم يكون الفين وثمانمائة وتنطق ض غ غ وهكذا وبسط التفوق ان تضرب كل حرف من اسم الطالب وهو ضرب باطن في باطن كالميم في نفسها يكون الفا وستمائة ينطق خ غ او ضرب ظاهر في ظاهر كضرب رتبة الميم من ابجد وهي الثالثة ‌عشرة في نفسها يكون مائة وتسعة وستين تنطق ظ س ق او ضرب باطن في ظاهر كضرب عدد ميم في مرتبته من ابجد يكون خمسمائة وعشرين ينطق ك ث وبسط التضاعف وهو عبارة عن تضعيف الحروف فالميم ف والحاء وي وهكذا وبسط التمازج هو مزج حروف اسم الطالب باسم المطلوب والتكسير مضى مثاله قوله ثم وفق القطر يريد به نوعا من التكسير الصغير مثاله فيكون اول حرف من الزمام مثلا ميم الى اخر بيت من المربع الميم متصل تسير فيه كهيئة مشي الفرزان فهذا توفيق القطر وارسم حوله زمام التكسير كما ترى في صورة المثال واما قسم البرهتية فله شروط واما نفس العزيمة فهي برهتية برهتية برية برية تكرية تكرية تتلية تتلية طوران طوان مزجل مزجل مزجل ترقب ترقب برهش غلمش غلمش خوطير خوطير خويطيل فلنهور قلنهور قلنهود قلنهود برشان برشان برشانة برشانة كظهير كظهير نموشلخ نموشلخ نموشلخ برهيول برهيولا برهيولا برهيولال برهيولال بمشكليخ بمشكليخ قزقز قزقز قرمز قرمز غياها كيد هولاء شمثخاهر شمثخا شماهر شماهر شمهاهر شمهاهر بادرخ بادوخ وقالوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير اقسمت عليكم بحق هذه الاسماء وبحق العهد المأخوذ عليكم الانفاذ ( الانقياد خ‌ل ) فيما امرتكم بعزة العزيز المعتز في عز عزه واوفوا بعهد الله اذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا تمت العزيمة البرهتيتية ولها رجز واختتام ولها اعتصام

قال وان استخرجت حروف الاسماء بالنسبة المذكورة خرج اليوم والساعة والبخور والدعوة وكان انجح في العمل واسرع في الاثر كما قال صاحب القصيدة على الوفق البرجيسي
اقول هذا نوع من طرق الزايرجات فيخرج من التكسير في اسم المربع اسم اليوم الاصلح للعمل والساعة والبخور والدعوة وذلك اذا كسرته كما تقدم فتفقد حروف المربع تجدها فيه متصلة الحروف فان لم تظهر فخذ الزمام وكسره بطريق اخر اما بوفق القطر او بصدر المؤخر بحرفين او بطريق الفرس او الفرزان او بتربيع السطر السؤال بأن تقسمه ارباعا وتمشي به في البيوت حرفا من الربع الاول والثاني من الثاني والثالث من الثالث والرابع من الرابع والخامس من الاول والسادس من الثاني والسابع من الثالث والثامن من الرابع والتاسع من الاول وهكذا وفي اللفظ باحد المفاتيح فاذا تمت الشروط وقع المطلوب

قال واستدل على السرعة بغلبة الحرارة والرطوبة وعلى الابطاء بالبرودة واليبوسة والعارف الحاذق يعدل ما نقص من الطالع باضافة الاسماء الالهية في حين اندراج التكسير على طريق الخافية الجفرية او على طريق الزايرجة البستية
اقول الحرارة والرطوبة اذا كانت الاغلب في الحروف المكسرة كان اسرع لانها علة الكون والنمو بخلاف البرودة واليبوسة والعارف بالفن اذا وجد الغالب عليها البرودة واليبوسة اضاف الى حروف الطوالع من اسماء الله ما يوافق مطلبه او يرفعها بالترفع الغريزي بأن يبدل من الحروف الترابية ما هو بوزنها من الهوائية ومن المائية ما هو بوزنها من النارية فان الترابية انثى والهوائية ذكرها والمائية انثي والنارية ذكرها وليس الذكر كالانثى او يرفعها الى الرتبة التي فوقها لكثرة قواها كان يرفع الدال الى الميم وذلك قبل التكسير على طريق الخافية الجفرية في الاعمال في باب الطالب والمطلوب من ترتيب احست كما روي عن الصادق عليه السلم قال ما معناه خذ حروف الطالب والمطلوب من باب احست ويوضع المربع المتساوي المربع الاضلاع والاقطار من المثلث والمربع والمخمس وهكذا الى المربع المائة وتكسير ذلك بالتكسير الاوسط وله طرق متعددة يمشي فيها بمشي الفرس والفرزان والرخ والفيل وما اشبه ذلك مما هو مذكور في محله او على طريق الزايرجة البستية التي وضعها ابو العباس البستي وقد تقدم كثير من طرقها الا ان الغالب في الزايرجات التكسير الاصغر والغالب في الخافية الجفرية التكسير الاوسط ومثال التكسير الاصغر في المربع الاول والتكسير الاوسط في الثاني وبيان الفرق يعرف اذا رسم فيهما بالاعداد بزيادة واحد في كل بيت بالنسبة الى ما قبله في الوضع ومثال الاوسط من التكسير ولكل من التكسيرين طرق متعددة من ارادها طلبها في مظانها

قال واعلم ان في الحروف ما هو قبلي وبعدي والقبلي احدعشر حرفا وهي « ب ج ه ح ط ي ك ل م س ف » والبعدي منها ايضا احدعشر حرفا وهي « ع ن ص ق ش ت ث خ ض ظ غ » فهذه الحروف لها في المواصلات شان غريب وما عداها للانفصال فافهم
اقول ان المعروف من كلام بعض علماء الفن كما هو مفهوم من كلام صاحب السر المنير في علم التكسير وهذا الكتاب قد رأيت نصفه الاول وهو مجلد بقدر كتاب الشرايع للمحقق (ره) وهو من اجل ما صنف واجمع من غيره وفيه قال ومن الحروف ما له اتصال قبلي وبعدي مثل ب ج ومنفصلة ليس لها ذلك وان كان لها بعدي لم يكن لها قبلي كالواو والزاي هذا كلامه واذا نظرنا اليها فهي اثنان وعشرون حرفا هي قبلية وبعدية بمعنى انها تتصل في الكتابة بما قبلها وبما بعدها والمنفصلة ستة احرف ا د ذ ر ز وفانها تتصل بما قبلها فلها اتصال بعدي اذا وقعت بعد وليس لها اتصال بما بعدها فليس لها اتصال قبلي فالاثنان والعشرون المذكورة قبلية وبعدية واستعمالها في الطالب والمطلوب له اثر يعين على اتصال الطالب والمطلوب لما هو مبرهن عليه في علم الحكمة الالهية التي اشار النبي صلى الله عليه واله الى جملتها بقوله اللهم ارني الاشياء كما هي بخلاف الستة المذكورة المنفصلة واما ما ذكره هنا من تقسيم الاثنين والعشرين الى قسمين احد عشر قبلي والاخر بعدي فلا اعرف وجهه الا ان يريد بأن الاولى لها في تقديمها مزية كما ان للاخرى في تأخيرها مزية عندهم والله اعلم

قال واما العمل التام بهذا البيت على الوجه المطلوب فهو ان تبسط هذا البيت على هذه الصورة س وا ل ن ع ظ ي م ا ل خ ل ق ح ز ت ف ص ن ا ذ ن غ ر ا ي ب ش ك ك ن ض ب ط ه‍ ا ل ج د د م ث ث ل ا وهو متفكك ممتزج بلفظ السؤال على النسبة التكسيرية وعدد حروفه ثلث واربعون لان كل حرف مشدد بحرفين ثم تحذف ما تكرر من المزج في الحروف وتسقط من الاصل لكل حرف فضل من المسئلة حرفا يماثله وتثبت الفضلتين سطرا ممتزجا بعضه ببعض الاول من فضلة القطب والثاني من السؤال حتى يتم الفضلتان جميعا ثم تضيف اليه خمس نونات لتعدل بها الموازين الموسيقية فيكمل السطر ثمانية واربعين حرفا ثم تضع الفضلة على ترتيبها فان كان عدد الحروف الخارجة بعد المزج يوافق لعدد الاصل قبل الحذف فالعمل صحيح
اقول قد تقدم ما يفيد هنا فراجعه وفي النسخة كتبت نونات التنوين وقوله ثم تضيف اليه خمس نونات يدل على ان كتابتها في البسط الاول في النسخة غلط وقوله على النسبة التكسيرية يريد به مثل وفق القطر كما مثلنا به وهو التكسير الصغير وقوله ثم تحذف ما تكرر الخ يريد انك تحذف المتكرر من السؤال وما يلحق به وقوله تسقط من الاصل يريد به قطب الاقاويل وهو هذا البيت بيت مالك بن وهب المذكور هنا والمراد ان كل حرف بقي من السؤال بعد اسقاط المتكرر منه تسقط ما يماثله من القطب وقوله وتثبت الفضلتين اه يريد انك تجمع ما فضل من السؤال بعد اسقاط المتكرر وما فضل من القطب بعد اسقاط ما يماثل حروف فضلة السؤال وقوله الاول من فضلة القطب يريد انك تقدم حروف القطب في المزج فتأخذ اولا حرفا من القطب وحرفا من السؤال تضعه بعد حرف القطب وقد تقدم انه يجوز هذا ويجوز ان تقدم السؤال وتوسط القطب وتؤخر الطوالع وقوله ثم تضيف اليه خمس نونات لانه يريد اكمالها ثمانية واربعين وحروف القطب ثلثة واربعون بنون فصن فلم يبق في البيت الا ثلث نونات نون تنوين سؤال واذن وشك فتكون نونان زائدتين ليستا من حروف القطب ولا تنويناته ولا فائدة حينئذ في خصوص النون الا حيث كانت ملحقة بحروف القطب وتنويناته فجعل بعض حروف العلة كما تقدم اولى لانها لها قيومية بجميع الحروف بل ساير الحروف شئون للالف اللينية والواو والياء الساكنتان تلحقان بالالف في القيومية فحروف العلة اولي باتيان نونين ليستا من حروف القطب ولا من ملحقاتها وقوله فان كان عدد الحروف الخارجة بعد المزج يوافق لعدد الاصل قبل الحذف فالعمل صحيح مشكل ووجه الاشكال انه لا يوافق حتى يكون جميع فضلة السؤال موجودة في القطب لانه لا يحذف من القطب الا ما يماثل حروف السؤال فابقى من السؤال بعد الحذف حروف لا يوجد في القطب زادت الحروف بعد المزج قطعا وان لم يبق فينبغي ان العمل على القطب خاصة ولا فائدة في السؤال في كل صورة لان القطب ان زاد عليه شيء لم يكن العمل صحيحا وان لم يزد فهو كاف فقوله فالعمل صحيح ليس بصحيح فتأمل

قال ثم اعمر بما مزجت جدولا مربعا من ضرب ثمانية واربعين في ثمانية واربعين واترك في اسفله فضلة غير محظوظ بحيث تكون جداول الطول خارجة اليها يكون اخر ما في السطر الاول اول ما في السطر الثاني بطريق التكسير حتى يعود السطر الاول بعينه وتتوالى الحروف على الاقطار ثم استخرج اوتار الحروف وهو ان تربع عدد كل حرف وتقسمه على اعظم جزء فيه فما خرج فهو وتر ذلك الحرف فتضع لكل حرف من السطر الاعلى وتره مقابلا له بين الاسطار الخارجة في الفضلة التي في اسفل الجدول ثم يعمل في تلك الاسطار علامة المتحرك وهي هذه ه‍ وعلامة الساكن وهي هذه
اقول عبارة الجدول المربع كما تقدم بيانه وقوله واترك في اسفله فضلة غير محظوظ يريد ان تجعل في الخطوط الطولية زيادة بدون الخطوط العرضية مثاله وهذا مثال الجدول ومثال التكسير فيه ومثال الفضلة في الخطوط الطولية وهذا توالي الحروف فيه على الاقطار واستخراج اوتار الحروف كما تقدم ان تضرب الحرف في نفسه وتقسمه على اعظم جزء فيه يعني اعظم كسر فيه فالخارج من القسمة استنطقه وهو وتر ذلك الحروف مثاله م في هذا الشكل تضرب عدده في نفسه يحصل الف وستمائة اذا قسمته على اعظم جزء فيه اي في الميم وهو النصف عشرون يخرج ثمانون فاذا استنطقتها كانت فاء فتضعه مقابل الميم تحته كما ترى في الجدول فالفاء وتر الميم ويو هو وتر الحاء والحاء وتر الدال وحاصل القاعدة ان كان عدد الحرف زوجا فاضربه في اثنين وان كان فردا فاضربه في نفسه والحاصل هو الوتر ولما كان باقي السؤال مرموزا ولم يكن للمجيب معرفة تامة بالعلم ويحتاج الى الة من كتب اهل الفن والى تجربة في الاستعمال والقلب غير مجتمع قطعت الكلام والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكتب احمد بن زين ‌الدين في سنة ست وعشرين بعد المأتين والالف من الهجرة النبوية على مهاجرها افضل السلام

المصادر
المحتوى