الرسالة السلطانية (جواب السلطان فتح علي شاه) (القائم)

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - الرسالة السلطانية (جواب السلطان فتح علي شاه) (القائم)

الرسالة السلطانية

في جواب السلطان فتح علي شاه

من مصنفات

الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد الخامس
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين

اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين ‌الدين الاحسائي انه وردت علي من ناحية الرفيعة السامية والجهة المنيعة العالية ناحية الجناب المكين عز المؤمنين وحامي الملة والدين وطالب الحق واليقين مسفر الملوين وقرة العين وجامع كل زين سلطان البرين وخاقان البحرين حافظ الامان وحارس اهل الايمان عالي القدر والشان وسامي الرتبة والمكان السلطان بن السلطان بن السلطان والخاقان بن الخاقان بن الخاقان السلطان فتحعلي ‌شاه شد الله عضده بالتمكين وهزم الله به جنود الكافرين والمنافقين وشرد الله بما يمده من النصر جيوش المعتدين وشيد بنيان سلطنته بالامداد والتحصين ومد ظلال عزه ونصره على جميع المؤمنين بحرمة الميامين وخيرة الخلق اجمعين محمد واله الطاهرين امين رب العالمين امين رب العالمين

مسئلة جرت على الخاطر العاطر والفكر المستنير الزاهر والفهم الباهر قد شرف داعيه ببيانها وكشف ما اورد من الاعتراضات على برهانها وحيث وردت علي بلسان اللغة الفارسية طلبت تعريبها ليتبين لي ناصها من مريبها فجعلت ما ترجم لي متنا ليخص كل شيء منها بما يناسبه من الجواب والى الله المرجع والمأب

قال المترجم : لما كان السلطان العالم الفاهم خلد الله ظلال جلاله على مفارق العرب والعجم مائلا الى الاعتبار وشائقا الى مطالعة الاحاديث والاخبار واكثر اوقاته الشريفة واحواله السامية المنيفة مصروف الى التدبر والتفكر في معانيها والبحث عن وجوهها ونكاتها وخفاياها فلذا عرض للجناب المستطاب من مضامين بعض الأحاديث وتقرير بعض العلماء ما صار معلوما لديه بان مولينا امير المؤمنين عليه السلام كان افضل من الحسنين عليهما السلام والحسنين افضل من التسعة الباقية عليهم السلم واما الحجة القائم عجل الله فرجه وسهل مخرجه فانه افضل من الائمة الثمانية غير امير المؤمنين والحسنين عليهم السلم
اقول اما ما ذكر المترجم من وصف الجناب المحترم ومالك رقاب العرب والعجم بكثرة تفكره واقباله واعتباره واحتماله فهو خلد الله سلطنته وسيد ( شيد ظ ) ملكه ودولته فوق ذلك ولقد حضرت ذلك الجناب ورأيت من كثير من التفاتاته لدقائق الاشياء العجب العجاب واما ما ذكروا من ان مولينا وامامنا امير المؤمنين صلوات الله عليه كان افضل من الحسن والحسين عليه وعليهما السلم فهو مما لا شك فيه ولا ريب يعتريه واخبار ائمتنا عليهم السلم بذلك مشحونة وانه بعد رسول الله صلى الله عليه واله خير خلق الله وسيد ما دخل في ملك الله وهذا ظاهر ومختصر الدليل على ذلك ان رسول الله صلى الله عليه واله خير خلق الله بالكتاب والسنة والاجماع من المسلمين وعلي بن ابي‌طالب عليه السلم نفسه بنص القرءان في قوله وانفسنا وانفسكم فاذا كان هو نفس رسول الله ( صلى الله ظ ) عليه واله والاتحاد ممتنع فلم ‌يبق الا المساواة والمماثلة والمساواة خرجت بالنصوص وبالكتاب والاجماع بقيت المماثلة ومماثل الافضل افضل وقال صلى الله عليه واله يا علي لا يعرفني الا الله وانت ولا يعرفك الا الله وانا ولا يعرف الله الا انا وانت وهذا صريح بانه عليه السلم لا يعرفه الا الله ورسوله فيكون الحسنان عليهما السلم قاصرين عن رتبة ذاته المقدسة وقال صلى الله عليه واله انت نفسي التي بين جنبي تبعا للاية الشريفة وقال (ص) انت مني بمنزلة الروح من الجسد ولما كانت الروح اشرف من الجسد ورسول الله اشرف من علي حصل التنافي فلم‌ يرد الحقيقة وانما اراد المجاز يعني ولايتك من نبوتي بمنزلة الروح من الجسد فحصل ايضا اعتراض اخر بان ذلك يستلزم افضلية علي على محمد صلى الله عليهما والهما والجواب ان الولاية لمحمد والخارج بها علي لانه اية نبوته قال صلى الله عليه واله اعطيت لواء الحمد وعلي حامله الحديث ولواء الحمد هو الولاية وعلى مختصر الجواب والحسن افضل من الحسين عليهما السلم ومن الادلة على ذلك ما رواه الصدوق رحمه الله في كتابه اكمال الدين باسناده الى هشام بن سالم قال قلت للصادق جعفر بن محمد عليهما السلم الحسن افضل ام الحسين فقال الحسن افضل من الحسين قلت فكيف صارت الامامة من بعد الحسين في عقبه دون ولد الحسن فقال ان الله تبارك وتعالى لم ‌يرد ذلك الا ان يجعل سنة موسى وهرون جارية في الحسن والحسين عليهما السلم الا ترى انهما كانا شريكين في النبوة كما كان الحسن والحسين شريكين في الامامة وان الله عز وجل جعل النبوة في ولد هرون ولم ‌يجعلها في ولد موسى وان كان موسى افضل من هرون ه‍ واما فضل الحسن والحسين على الائمة التسعة فبحديث سيدا شباب اهل الجنة خرج رسول الله صلى الله عليه واله وعلي عليه السلم بالنص بقي كل ما سواهما وهذا مما عليه الاجماع المنقول واما افضلية القائم عليه السلم عجل الله فرجه وسهل مخرجه فمن تتبع الاخبار والادعية مثل دعاء الندبة عن الصادق عليه السلم لم ‌يشك في انه افضل التسعة من ذرية الحسين عليهم السلم ومما صرح به من الاحاديث ما رواه المقداد بن عبد الله السيوري في شرح الباب الحادي ‌عشر وفيه تسعة من ذرية الحسين تاسعهم قائمهم اعلمهم وفي رواية اخرى تاسعهم قائمهم اعلمهم افضلهم ه‍ وفي حديث الوصية في قول النبي صلى الله عليه واله لعلي عليه السلم في امر الوصية وانا ادفعها اليك يا علي وانت تدفعها الى وصيك ويدفعها وصيك الى اوصيائك من ولدك واحدا بعد واحد حتى تدفع الى خير اهل الارض بعدك الحديث خرج من عموم قوله بعدك تفضيل الحسن والحسين عليهما السلم عليه عليه السلم بحديث سيدا شباب اهل الجنة والاجماع المنقول بقي ما سواهما ورسول الله وعلي صلى الله عليهما وآلهما امرهما معلوم واما فاطمة عليها السلم فاختلف العلماء في شانها فقال قوم انها بعد علي عليه السلم افضل من بنيها الاحد عشر عليهم السلم وقال قوم انها بعد الحسن و الحسين افضل من التسعة وقال اخرون ان الائمة الاثني‌ عشر كلهم افضل منها وسبب الاختلاف اختلاف الروايات والذي يترجح عندي ان فضلها بعد الائمة الاثني ‌عشر وهو القول الاخير لعموم اية وليس الذكر كالانثى ولما ورد عن ابيها وبعلها وبنيها صلى الله عليهم اجمعين انها افضل نساء العالمين ولم‌ يرد افضل الرجال من العالمين ولما رواه الصدوق في الفقيه فيما اوصى محمد عليا عليهما وآلهما السلام يا علي ان الله عز وجل اشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين ثم اطلع ثانية فاختارك على رجال العالمين ثم اطلع ثالثة فاختار الائمة من ولدك على رجال العالمين ثم اطلع رابعة فاختار فاطمة على نساء العالمين ه‍ وهو يشعر بتفضيلهم عليها عليهم وعليها السلام ومثل حديث الانوار التي تزهر بها لعلي عليه السلم في كل يوم ثلاث مرات فلما ولدت الحسين عليه السلم ارتفع ذلك وهذا ظاهر لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد

قال : فالحضرة السلطاني بملاحظة قواعد المذهب الحقة للامامية بانهم صلوات الله عليهم كانوا من نور واحد سأل العلماء عن افضلية بعضهم على بعض فمنهم من انكر الافضلية مطلقا واخرون اجابوا باجوبة لم‌ يصح السكوت عليها
اقول ان الجناب العالي والحضرة السامية قد تنبه لامر دقيق لم‌ يعثر عليه الا الاقلون وهو انا سلمنا واعتقدنا ان بعضهم عليهم السلم افضل من بعض فما وجه ذلك فان كان من جهة الاخبار فهي مختلفة فكما ورد التفضيل لبعضهم على بعض ورد انهم قالوا انا كلنا خلقنا من نور واحد وطينة واحدة وورد انا كلنا سواء اولنا محمد واوسطنا محمد واخرنا محمد وكلنا محمد فلا تفرقوا بيننا وامثال ذلك والجواب انهم عليهم السلم متساوون فيما يحتاج اليه جميع الخلق ويتفاضلون في درجات انفسهم وفيما يختصون به من معرفة الله سبحانه الا تسمع قول النبي صلى الله عليه واله المتقدم ولا يعرف الله الا انا وانت فاذا سمعتم يقولون نحن كلنا سواء فالمراد به في جميع ما يحتاج اليه الخلق من اركان الوجود الاربعة واذا سمعتم يقولون بعضنا اعلم من بعض وافضل من بعض فالمراد به فيما يختصون به من معرفة ذواتهم وفي درجات قربهم مثلا رسول الله صلى الله عليه واله يتلقى المدد من الله بلا واسطة وعلي عليه السلم بواسطة رسول الله صلى الله عليه واله والائمة بواسطة علي عليهم السلم فبهذا تفاضلوا في درجات انفسهم وروى الحسن بن سليمن الحلي في مختصر كتاب سعد بن عبد الله الاشعري باسناده عن ابي ‌عبد الله عليه السلم قال قلنا له الائمة بعضهم اعلم من بعض فقال نعم وعلمهم بالحلال والحرام وتفسير القرءان واحد ه‍ فبعضهم اعلم من بعض بالله وصفاته وبمراتب ذواتهم وهم كلهم الاربعة ‌عشر المعصوم عليهم السلم فيما يحتاج اليه جميع من سواهم في العلم سواء

قال : وهو ايده الله قال الانسب في هذا المقام ان يقال بان الحجة عليه السلم افضل من سائر الائمة عليهم السلم كلا وبلغ بخاطره الشريف نكات مرغوبة فمنها ان النبي صلى الله عليه واله كان افضل من سائر الانبياء عليهم السلم والدليل العمدة من سائر الادلة في افضليته خاتميته فكما ان خاتم الانبياء افضل من سائر الانبياء كذلك خاتم الاوصياء ايضا ينبغي ان يكون افضل من سائر الاوصياء سلفا وخلفا حتى الائمة الهادين صلوات الله عليهم اجمعين
اقول اما ما يرد على جناب الخاطر الزاهر خلد الله ملكه فهو من الادلة الدقيقة والاحتمالات العميقة وهذا من جنابه ايراد لطلب الدليل ورفع الشبهات عن هذا السبيل وان كان لا يعتقد ذلك بدليل انه ايده الله بنصره وامداده قال سلمه الله واما الحجة القائم فكان افضل من الائمة الثمانية غير امير المؤمنين والحسنين عليهم السلم وانما اورد هذا طلبا للدليل وتحصيلا لرفع الشبهة عن التفضيل والجواب اما كون النبي صلى الله عليه واله خاتم الانبياء هو العمدة في تفضيله عليهم فاعلم ان هذا من جملة ادلة ذلك لا انه هو العمدة لانه صلى الله عليه واله كما انه آخر النبيين بعثة وولادة فهو اول النبيين في ايجاد الانوار وفي نبوته كما قال صلى الله عليه واله كنت نبيا وادم بين الماء والطين وان سلمنا هذا الدليل قلنا لا يكون القائم عليه السلام افضل من امير المؤمنين عليه السلم لان امير المؤمنين هو سيد الوصيين وخاتم الوصيين واما القائم عليه السلم فهو خاتم الوصيين من اوصياء امير المؤمنين فهو خاتم وصية امير المؤمنين عليهم السلم لان هذه الوصية هي الولاية وهي ولاية علي عليه السلم مع ان الموافق ان محمدا صلى الله عليه واله خاتم النبيين وعليا هو وصيه فهو خاتم الوصيين وهو المروي عنهم عليهم السلم لان خاتم الانبياء وصيه خاتم الاوصياء ولو لم‌ يكن خاتم الاولياء لما كان محمد (ص) خاتم الانبياء والقائم عليه السلام خاتم اوصياء خاتم الاوصياء ولما كانت وصاية القائم (ع) خلافة عن وصاية علي عليه السلم من رسول الله صلى الله عليه واله صح ان يكون القائم (ع) من خلفاء رسول الله (ص) واوصيائه فلا يكون افضل من امير المؤمنين والحسنين عليهم السلام مع ان عليا عليه السلم لقب بامير المؤمنين ولا يجوز هذا اللقب لغيره من جميع الخلق لان معناه ان عليا يمير العلم للمؤمنين والمؤمنون هنا الائمة عليهم السلام ولا يميرهم العلم الا هو كما في قوله تعالى ونمير اهلنا

قال ايده الله تعالى : ومنها ايضا انه عند ظهور الخلافة الظاهرة يكون حاكما على الثقلين من الجن والانس والوحوش والطيور وغيرها من الموجودات ظاهرا وباطنا
اقول ان القائم عليه السلم لا يزيد ملكه وحكمه على حكم آبائه عليهم السلم لانهم ايضا حاكمون على الثقلين من الجن والانس والوحوش والطيور وغيرها من الموجودات فلا يوجد شيء من خلق الله حقير او جليل يتسلط عليه القائم عليه السلم ولا يتسلط عليه احد من الائمة عليهم السلم لانهم كلهم على نمط واحد لا يزيد احدهم على الاخر بشيء حقير ولا جليل فيما يتعلق بالخلق كله من الملائكة والمرسلين والانبياء والاولياء والمؤمنين والكافرين والجن والشياطين وسائر الحيوانات وجميع النباتات والمعادن والجمادات فتصرفهم وحكمهم على هذه المذكورين على السواء في حال ظهور خلافتهم وخفائها اذ لا يمتنع عليهم شيء يريدونه فانهم يحكمون على كل شيء فيمتثل امرهم وفي كتاب الاميرزا في الرجال في ترجمة عبد الله بن شداد بن الهادي الليثي عنهم عليهم السلم ان رجلا كان من شيعة امير المؤمنين عليه السلم مريضا شديد الحمى فعاده الحسين بن علي عليهما السلم فلما دخل من باب الدار طارت الحمى عن الرجل فقال قد رضيت بما اوتيتم به حقا حقا والحمى تهرب منكم فقال له والله ما خلق الله شيئا الا وقد امره بالطاعة لنا يا كباسة قال فاذا نحن نسمع الصوت ولا نرى الشخص يقول لبيك قال اليس امرك امير المؤمنين عليه السلم الا تقربي الا عدوا او مذنبا لكي يكون كفارة لذنوبه فما بال هذا وكان الرجل المريض عبد الله بن شداد بن الهادي الليثي ه‍ فاذا تدبرت هذا الحديث ورأيت حين نادى الحسين عليه السلم الحمى تقول لبيك سمعها الحاضرون وهي امر عرضي معنوي وقوله عليه السلم اليس امرك امير المؤمنين عليه السلم الخ عرفت انهم عليهم السلم حاكمون على كل شيء ومتصرفون في كل شيء كما ارادوا بلا مانع لان ارادتهم ارادة الله عز وجل

قال رفع الله شأنه واعلى مكانه : وهناك المسيح يقتدى به ولم‌ يكن لسليمن مع نص رب هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي ذلك السلطنة و الخلافة وسائر الائمة عليهم السلم وان كانت خلافتهم كذلك ولكن بسبب غلبة العدوان ووفور الطغيان كانت خلافتهم الظاهرة كامنة ولم تظهر بين الامم كخلافة الحجة عليه السلم ولاجل هذا اكثر الخلق سلكوا مسلك الغواية وعدلوا عن منهج الهداية وهو عليه السلم يملأها قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا
اقول ان المسيح عيسى بن مريم عليه السلم وان كان من اولي العزم الا انه من شيعة ال ‌محمد صلى الله عليه واله ولعيسى عليه السلام بكونه تابعا لهم ومن شيعتهم الفخر فان ابراهيم الخليل عليه السلام افضل من عيسى وهو من شيعة علي عليه السلم فصلوة عيسى عليه السلم خلف القائم عليه السلم لا تزيد القائم فضلا على غيره من الائمة عليهم السلم لانه يجب عليه اذا حضر احد من الائمة عليهم السلم ان يقتدى به لا فرق في اقتداء عيسى بالامام من ال ‌محمد صلى الله عليه واله بين القائم عليه السلم وغيره منهم لان عيسى واحد من شيعتهم ورعيتهم

وقوله اعلى مكانه واشاد سلطانه ولم‌ يكن لسليمن مع نص رب هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي ليس كلام النبي سليمن عليه السلم نصا في الظاهر لان هذا ينافي مقام النبوة وانما معنى كلامه غير الظاهر وهو ما رواه الصدوق في علل الشرايع بسنده الى علي بن يقطين قال قلت لابي ‌الحسن موسى بن جعفر عليهما السلم ايجوز ان يكون نبي الله عز وجل بخيلا فقال لا فقلت له فقول سليمن عليه السلم رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي ما وجهه وما معناه فقال عليه السلام الملك ملكان ملك مأخوذ بالغلبة والجور واجبار الناس وملك مأخوذ من قبل الله تعالى ذكره كملك ال ابرهيم وملك طالوت وذي‌القرنين فقال سليمن هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي ان يقول انه مأخوذ بالغلبة والجور واجبار الناس فسخر الله عز وجل له الريح تجري بامره رخاء حيث اصاب وجعل غدوها شهرا ورواحها شهرا وسخر الله عز وجل له الشياطين كل بناء وغواص وعلمه منطق الطير ومكن له في الارض فعلم الناس في وقته وبعده ان ملكه لا يشبه ملك الملوك الجبارين من قبل الناس والمالكين بالغلبة والجور قال فقلت له فقول رسول الله صلى الله عليه واله رحم الله اخي سليمن بن داود عليهما السلم ما كان ابخله فقال عليه السلام لقوله صلى الله عليه واله وجهان احدهما ما كان ابخله بعرضه وسوء القول فيه والوجه الاخر يقول ما كان ابخله ان اراد ما يذهب اليه الجهال ثم قال عليه السلم قد والله اوتينا مثل ما اوتي سليمن وما لم ‌يؤت سليمن وما لم ‌يؤت احد من الانبياء قال الله عز وجل في قصة سليمن هذا عطاؤنا فامنن او امسك بغير حساب وقال عز وجل في قصة محمد صلى الله عليه واله ما اتيكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ه‍ ولا يقال ان ظاهر الاية غير ما يدل عليه الحديث لان الله سبحانه علم ان رجالا من امة نبيه صلى الله عليه واله لا يقبلون وصيته ولا يرضون بوصيه وانهم يدعون منصبه وانهم لا يحتاجون الى علمه لانهم عرب يعرفون الفاظ القرءان فيستغنون عن وصيه فخاطب نبيه صلى الله عليه واله باسرار لا يفهمها الا هو واهل بيته عليه وعليهم السلم ليحتاجوا اليهم فيهدونهم سبيل الرشاد واكثر القرءان هكذا حتى قال تعالى ومايعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم وهم محمد واهل بيته الطاهرين فالحق ما قالوا

وقوله خلد الله سلطانه ما كان لسليمن ما كان للقائم عليه السلم من الخلافة والسلطنة فاقول نعم ولا ما كان لاحد من الائمة عليهم السلام لان سليمن عليه السلم انما نال ذلك بخاتمه وانما كان خاتمه سببا لما اوتي لانه مكتوب عليه اسماؤهم سلام الله عليهم واما ان الائمة عليهم السلام وان كانت لهم تلك الخلافة والسلطنة الا ان خلافتهم الظاهرة كامنة بخلاف خلافة القائم فانها ظاهرة حتى انه يملأ الارض قسطا وعدلا فاعلم ان الائمة عليهم السلم انما كانت خلافتهم الظاهرة كامنة في مدة قليلة ظهر فيها الجور والظلم بحيث كانوا مغلوبين قدرها مائتان وستون سنة مع زمان النبي صلى الله عليه واله من يوم هاجر وخلافة القائم عليه السلام كانت كامنة ايضا في مدة وجوده الى الأن سنة اربع وثلاثين ومائتين بعد الالف وهي تسعمائة سنة واربع وسبعون سنة والدنيا مملوءة بالجور والظلم وهو عليه السلام موجود عجل الله فرجه وكل ما اتى من السنين يشتد الظلم والجور والفساد العظيم في البر والبحر حتى يخرج ويتمكن ويملأها قسطا وعدلا وذلك في مدة سبعين سنة والائمة عليهم السلام ايضا يخرجون بعد القائم عليه السلام فيملئونها قسطا وعدلا في مدة اطول من مدة القائم عليه السلام وذلك لانه عجل الله فرجه مدة ملكه سبعون سنة فاذا مضى من مدة ملكه تسع وخمسون سنة خرج الحسين عليه السلم فيصمت حتى تنقضي مدة القائم فاذا قتل الحجة عليه السلام تقتله امرأة من بني ‌تميم لها لحية كلحية الرجل اسمها سعيدة لعنها الله وذلك انه عليه السلم كان مارا متجاوزا في الطريق وكانت لعنها الله فوق السطح فترميه بجاون صخر على ام راسه فتقتله فاذا غسله الحسين عليه السلام وكفنه ودفنه قام بامر الخلافة ويبعث الله تعالى له معوية ويزيد بن معوية واتباعهم فيقاتلهم وتجتمع عليه الاعراب واعداء الدين فتضيق عليه الارض فيلتجئ الى الكعبة وذلك على رأس ثمان سنين من موت القائم عليه السلم فيخرج السفاح وهو علي بن ابيطالب عليه السلام لنصرة ولده فيقتلون جميع اعدائهم والحاكم هو الحسين عليه السلم ويعيش معه ابوه علي عليهما السلم ثلاثمائة سنة وتسع سنين مدة اصحاب الكهف ثم يقتل علي عليه السلم يضرب علي قرنه كضربة ابن ‌ملجم لعن الله قاتله من الاولين والاخرين اذ كل امام له ميتة وقتلة الا امير المؤمنين (ع) فانه يقتل مرتين ويرجع مرتين قال (ع) انا الذي اقتل مرتين واحيي مرتين ولي الكرة بعد الكرة والرجعة بعد الرجعة ويبقى الحسين عليه السلم حاكما ومدة ملكه الى ان يرفعه الله خمسين‌الف سنة حتى انه يشد حاجبيه بعصابة عن عينيه من شدة الكبر ويمكث علي عليه السلم في قبره اربعة ‌الاف سنة او ستة‌ الاف او عشرة‌ الاف على اختلاف الروايات والحسين حي حاكم والائمة عليهم السلم يخرجون واحدا بعد واحد ولا اعلم ترتيب خروجهم الا انهم يخرجون والقائم عليه السلم ايضا يخرج معهم ثم يخرج علي عليه السلام مع جميع شيعته ويجتمع ابليس لعنه الله مع جميع شيعته واتباعه فيقتتلون في بابل قريبا من الحلة ويضيقون جنود ابليس على المؤمنين ويتأخر المؤمنون الي وراء حتى يقع منهم نحو ثلاثين رجلا في شط الفرات فحينئذ يأتي تأويل قوله تعالى هل ينظرون الا ان يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الامر رسول الله صلى الله عليه واله ينزل من السحاب مع جنود الملائكة وبيده حربة من نور فاذا رءاه ابليس ولى هاربا فيقول له اصحابه اين تذهب وقد آن لنا النصر فيقول اني ارى ما لا ترون فيتبعه رسول الله صلى الله عليه واله فيقول ابليس اين ما وعدتموني بالانظار الى يوم يبعثون فيقول صلى الله عليه واله هذا هو يومك يا لعين فيطعنه بالحربة في ظهره تخرج من صدره ويقتلون جميع شيعته وتابعيه ويكون الحكم لرسول الله صلى الله عليه واله يظهر به علي عليه السلم بامره وباقي الائمة عليهم السلم كل واحد حاكم في جهة من اقطار الدنيا فيبعث امير المؤمنين عليه السلم ابنه الحسين عليه السلم مع جنود من الانس والجن المؤمنين والملائكة فلا يترك على وجه الارض حيوان من انسان او غيره في البر والبحر الا قتله الا المؤمن والحيوان المأكول اللحم وعند ذلك تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة وما وراء ذلك بما شاء الله ويعيش المؤمنون في انعم حال حتى ان الرجل اذا اخذ الرمانة من الشجرة نبتت مكانها رمانة بحيث لا يخلو غصنها وهكذا جميع الاشجار وتظهر الكنوز والبركات حتى ان المولود اذا كسي ثوبا يشب الثوب ويطول على قدر المولود الى ان يكون رجلا يطول بطوله ويتلون في صبغه بما يشتهيه صاحبه ولا يموت الرجل من المؤمنين حتى يرى الف ولد ذكر من صلبه فاذا اراد الله افناء الخلق رفع فاطمة عليها السلم من الارض الى السماء ثم الائمة الثمانية ثم القائم ثم الحسين ثم الحسن ثم علي ثم رسول الله صلى الله عليه وعليهم اجمعين وبعد رفع رسول الله صلى الله عليه واله تبقى الناس الموجودون في هرج ومرج يهيمون كالحيوانات اربعين يوما ثم ينفخ اسرافيل في الصور نفخة الصعق فصعق من في السموات ومن في الارض الا من شاء الله ويمكث العالم خرابا خامدا اربعمائة سنة ثم يبعث الله اسرافيل فينفخ في الصور فاذا هم قيام ينظرون ه‍ نقلت هذه الكلمات من الروايات على سبيل الاختصار والاقتصار تذكرة لاولي الابصار فمن اراد التطويل والتفصيل فليرجع الى كتابنا الموضوع في الرجعة فانت اذا نظرت الى وجود الجور والظلم والفساد وجدته في زمن القائم عليه السلم اقوى واشد واكثر من الظلم والجور في زمان الائمة عليهم السلم لان مجموع زمان الائمة عليهم السلم من الهجرة اىي زمان موت الحسن العسكري مائتان وستون سنة لعدم تمكنهم عليهم السلم من اقامة الدين وزمن القائم عليه السلم الذي لم‌ يتمكن فيه من اقامة الدين الى زماننا هذا وهو تاريخ كتابة هذا الجواب تسعمائة واربع وسبعون سنة والى زمن قيامه الذي لا يعلمه الا الله كله مملوء ظلما وجورا فاذا تمكن عجل الله فرجه رفع الظلم واذا تمكنوا ايضا رفعوا الظلم فخلافتهم كانت كامنة مدة قليلة وخلافته كانت كامنة مدة طويلة ومع التمكن كل منهم قائم بالقسط بامر الله عجل الله فرجهم وسهل مخرجهم فليس ذلك موجبا لفضله عليهم نعم لو قلت ان طول مدة صبره على شدة الجور والظلم وقصر مدة صبرهم مما يوجب زيادة الفضل لم ‌يكن بعيدا الا ان ما اصابهم اصابه وما اصابه اصابهم ولو كان كثرة البلايا وشدتها موجبة للتفضيل لكان الحسين عليه السلم افضل من اخيه الحسن عليه السلم ولكن مناط التفضيل هو منازل قربهم من المبدء والفيض الالهي كما اشرنا اليه سابقا ولو رجع الامر الى عقولنا لقلنا بالتساوي لان كل واحد منهم عليهم السلم لا تدرك كنهه عقولنا ولكن الامر في التفضيل مستفاد من كلامهم وهم اعلم بحقائقهم والله بكل شيء عليم

قال : وما ينبغي ان نعتقد في حقهم عليهم السلم من الافضلية او التساوي ومراتب النبوة والولاية ودرجاتها على التفصيل والبسط امتثالا لامره الاشرف وعلى الله اجركم
اقول الى هنا انتهى المأمور به والذي ينبغي ان تعتقدوا ان الحق معهم ومنهم وفيهم وبهم فاذا قالوا فقولوا واذا سكتوا فاسكتوا ومما قالوا ان محمدا رسول الله صلى الله عليه واله خير خلق الله من كل ما صدق عليه اسم الشيء من المخلوقات من الغيب وغيب الغيب والشهادة وشهادة الشهادة الى سبع مراتب في الطرفين وان نبوته تبليغ ما في الوجود من احكام الخلق والرزق والحيوة والممات فهو الولي الافخر والسيد الاكبر ومن دونه في جميع ما اشرنا اليه بواسطته صلى الله عليه واله علي بن ابي ‌طالب عليهم السلم ثم الحسن ثم الحسين ثم القائم ثم الائمة الثمانية ثم فاطمة صلى الله عليهم اجمعين وهؤلاء من نور واحد اول ما خلق نور محمد صلى الله عليه واله ثم خلق منه نور علي عليه السلم مثاله ان عندك سراجا واحدا ثم اشعلت منه سراجا فكان مثله الا ان الاول سابق والثاني مشتق منه قال علي عليه السلم انا من محمد كالضوء من الضوء والحسن ثم الحسين من علي وهكذا وكل سابق افضل من لاحقه بحرف من العلم لا يقدر ان يحتمله اللاحق ولهذا لم‌ يطق على حمل رسول الله (ص) لتكسير الاصنام لاجل الحرف الزائد فانه لا يحتمله علي عليه السلم ولو قعد الحسن وصعد على كتفه ابوه علي لم‌ يقدر على حمله وهكذا وكل ذلك لاجل الحرف الزائد من العلم ناله بسبقه في اصل التكوين فمن نظر في هذه المطالب فان فهم فما اسعده بها وان لم ‌يفهم فلا يكذب بما لم ‌يحط به علما ولمايأته تأويله واما انا فان افتريته فعلي اجرامي لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد واله الطاهرين


وقع الفراغ من تسويد هذه الاجوبة بما وفق الله سبحانه من التشرف بجواب سؤال الملك الاعظم خلد الله مدة دولته وشد اركان سلطنته وشيد اعلام مملكته بحرمة محمد وعترته امين رب العالمين ليلة الاثنين غرة شهر صفر بدار الامان والايمان محروسة كرمان ‌شاهان حرس الله حاميها من حوادث الزمان وطوارق الحدثان بحرمة محمد واله امناء الرحمن امين رب العالمين بقلم منشيها العبد المسكين احمد بن زين ‌الدين حامدا مصليا مستغفرا
تمت

المصادر
المحتوى