
حسب جوامع الكلم – المجلد التاسع
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية
اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين ان العالم الفاخر والعلم الزاهر الاخوند الطاهر الملا محمد طاهر اصلح الله احواله وبلغه آماله في مبدئه ومأله قد ارسل الى محبه وداعيه مسائل يريد جوابها وانا مع ما انا عليه من الامراض والشواغل التي اشار عليه السلام الى نوع دواعيها بقوله عليه السلام انت لنفسك ما لم تعرف فاذا عرفت كنت لغيرك ولكن لما كان اهلا للجواب وتكفيه الاشارة ولا يحتاج الى التفصيل والتطويل وتقديم مقدمات سهل جوابه واتيت به مختصرا مقتصرا على ادنى ما يكفي لضيق وقتي وضعف بدني وانهدام بنيتي والله سبحانه المستعان وعليه التكلان
قال ايده الله تعالى : ما المراد من سهو النبي صلى الله عليه وآله في الاخبار الواردة فيه
اقول السهو يستعمل بالمعنى المتعارف ويستعمل بمعنى الترك وربما ميز بعضهم احد المعنيين عن الاخر فقال سها في الشيء تركه عن غير علم وسها عن الشيء تركه عن علم ولذا قال انس في قوله تعالى فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون قال الحمد لله الذي قال عن صلاتهم ولم يقل في صلاتهم والحاصل سهو النبي والائمة صلى الله عليه وعليهم من المعنى الثاني فاذا سمعت ان النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام يسهون فهو بمعنى تركهم الشيء والمراد انهم يعرضون عن الشيء ويقبلون على شيء آخر وما روى مما معناه ان الكاظم عليه السلام كان يعلم السم الذي وضع له في العنب فقال عليه السلام نعم قيل وحين وضع بين يديه كان يعلم قال نعم قيل وحين تناول كان يعلم قال انسيه ليجري عليه القضاء فمعناه انه حين امر بالاكل توجه الى الله سبحانه في تفويض الامر اليه تعالى والى اسلافه محمد واهل بيته صلى الله عليه وآله حين حضروا عنده وقالوا عجل الينا فكلنا مشتاقون اليك فحين توجه الى الله تعالى والى اسلافه غفل عن كل شيء ولم يلتفت الى السم ولا الى غيره ومثاله اذا اخذت تتكلم في بيان مسئلة في الفقه لا تذكر علم النحو ومع ذلك لست بغافل عنه لانك لست بصدده لا انك ساه عنه فالاعراض عنه هو الترك المعبر عنه بالسهو ولذا تراهم عليهم السلام يعبرون عنه بالسهو تارة وبالترك اخرى وتارة يقولون انسيه ومرة الله انساه ومرة غاب عنه الملك المحدث وما اشبه ذلك وكل ذلك يراد منه ما ذكرنا ونحوه واما السهو بالمعنى المعروف فلا يصح منهم عليهم السلام لانه مناف للعصمة فلا يجتمع معها في محل فافهم
قال سلمه الله تعالى : وما المراد من العلماء في قولهم عليهم السلام العلماء ورثة الانبياء وقوله صلى الله عليه وآله علماء امتي كانبياء بنياسرائيل او خير منهم فلو كان المراد من العلماء في امثال هذه الاخبار غير المعصوم عليه السلام فما المراد من كونهم مثلهم او خير منهم
اقول المراد من الحديث الاول ظاهر اذ معناه ان العلماء العاملين الذين قصروا علومهم على آثار الوحي سموا ورثة للانبياء عليهم السلام لان الانبياء ادوا جميع ما امروا بتبليغه الى اممهم وتصدي العلماء لجمعه والعمل به وحفظه على امم الانبياء فصارت تلك العلوم التي اتى بها الوحي لتعليم الامم وارشادهم مخزونة محفوظة عند اولئك العلماء الاعلام عاملين بها ومبلغين لها اولئك العوام والانبياء عليهم السلام ما تركوا شيئا يعتدون به غير تلك العلوم التي سقطت الى اولئك العلماء وانما تركوها لهم فلذا كانوا ورثة وايما علم لم يكن من آثار الانبياء والاوصياء عليهم السلام لم يكن العالم به وارثا للانبياء عليهم السلام نعم يدخل في ذلك الميراث الشريف ما كان من العلوم يؤل الى تلك الاثار وان كان بالتفريع على الاصول النازلة بالوحي والمراد بالعلماء هنا بالاصالة اوصياؤهم على الخصوص وبالتبعية سائر العلماء العاملين بالشرط المذكور
وقوله عليه السلام علماء امتي يراد منهم الائمة عليهم السلام والتشبيه لجهة وجوب طاعتهم على سائر الرعية وان الله سبحانه قد ابتلاهم بالرعية وابتلى الرعية بهم كما قال تعالى وجعلنا بعضكم لبعض فتنة ولان من سواهم لايسعه الا الاخذ عنهم والرد اليهم وانهم اولى بهم من انفسهم ويجوز ان يراد بالعلماء علماء الشيعة اذا كان علمهم مستفادا من الكتاب والسنة ولو بالتفريع على اصول الكتاب والسنة وكانوا عاملين بعلومهم فان هؤلاء في وجوب طاعتهم على عوامهم كوجوب طاعة انبياء بنياسرائيل على اممهم في كل ما يتعلق باحكام الحلال والحرام والمستفاد من اخبار اهل البيت عليهم السلام يدل على الوجهين والمراد من كونهم مثل الانبياء عليهم السلام في وجوب الطاعة فيما جعلهم الله سبحانه وسائط فيه والمراد من كونهم خيرا منهم ان اريد بالعلماء ائمة الهدى عليهم السلام فظاهر لان الائمة عليهم السلام افضل من الانبياء بما لا يكاد يحصر وان اريد بهم علماء الشيعة فمعنى كونهم خيرا من الانبياء عليهم السلام ليس على معنى التفضيل بل المراد ان علماء الشيعة خير كثير وبركة واسعة من اثر الانبياء عليهم السلام يعني ان الانبياء عليهم السلام تركوا في اممهم خيرا كثيرا وهو علماء الشيعة يحفظون دينهم ويبلغون ما سقط اليهم من آثارهم الى العوام فالعلماء خير كثير لمن اخذ عنهم امور دينه لانهم سبب نجاتهم في الدنيا والاخرة
قال ايده الله سبحانه : وما معنى لو علم سلمن ما في قلب ابي ذر لقتله او لكفره كما سمع على عكس ما في الخبر وهل يجوز الا يعلم سلمن ما في قلب ابيذر وهل ذلك مخصوص بالسلسلة العرضية ام يمكن في السلسلة الطولية ايضا
اقول لا ادري هذا حديث صحيح ام لا وان كنت سمعته لان المعروف لو يعلم ابو ذر ما في قلب سلمن لقتله او لكفره وورد ايضا يا سلمن لو عمل عملك مقداد لكفر يا مقداد لو عمل عملك سلمن لكفر واما ما ذكرتم من انه سمع من هذا القول لو علم سلمن ما في قلب ابي ذر لقتله او لكفره وعلى اي فرض فالمعنى فيه مثل المعنى في قوله صلى الله عليه واله يا سلمن لو عمل عملك مقداد لكفر يا مقداد لو عمل عملك سلمن لكفر والمراد ان سلمن يعتقد شيئا يكون اعتقاده عند مقداد كفرا ويعتقد مقداد شيئا يكون اعتقاده عند سلمن كفرا مثاله الذرة وهي النملة الصغيرة تعتقد ان لله قرنين لان كمالها انما هو بالقرنين وان الخالي منهما ناقص فلا تصف ربها بالنقص ووصف الله سبحانه بهما عندك كفر فلو عملت النملة عملك كفرت ولو عملت عملها كفرت وهذا المعنى جار بين كل عالم وجاهل فالعالم لو اطلع على اعتقاد الجاهل قتله او كفره وكذا لو عمل عمله وبالعكس وهذا معنى لو علم ابو ذر ما في قلب سلمن لقتله او لكفره واما قولكم وهل ذاك مخصوص بالسلسلة العرضية ام يمكن في السلسلة الطولية فالذي يليق بالعبارة ان يقال وهل ذاك مخصوص بالسلسلة الطولية ام يمكن في السلسلة العرضية لان هذه المسئلة ما تعقل الا في السلسلة الطولية واما في السلسلة العرضية فربما لا يمكن ذلك لان الاعمال لا اختلاف فيها والاختلاف فيها لا يوجب التكفير
قال ايده الله : وما المراد من الانبياء في كونهم من فاضل طينة ائمتنا عليهم السلام وكون سائر الناس من فاضل طينة الانبياء فهل ذلك يشملهم اجمعين اولي عزمهم ومرسليهم وغيرهما ممن بعث على اهله او على نفسه على ان يكون سلمان مثلا من فاضل طينة ادانيهم عليهم السلام او المقام يقتضي التفصيل وعليه فما التفصيل فيه وهل يمكن وصول احد من غير الانبياء كسلمن مثلا الى رتبة احد منهم ولو من ادانيهم او لا
اقول المراد من كون الانبياء عليهم السلام من فاضل طينتهم عليهم السلام ان الله سبحانه خلق نور محمد صلى الله عليه وآله قبل كل شيء ثم خلق من ذلك النور انوار اهل بيته عليهم السلام كما خلق السراج من سراج آخر وذلك اذا كان عندك سراج ثم اشعلت منه سراجا آخر فان الله سبحانه خلق السراج الثاني من السراج الاول كما قال علي عليه السلام انا من محمد كالضوء من الضوء ه اي كالسراج من السراج ثم مكث الاربعة عشر معصوما صلى الله على محمد وآله يعبدون الله ويسبحونه ويمجدونه الف دهر كل دهر على ما ظهر لي مائة الف سنة ليس في الكون خلق سواهم ثم نظر الى تلك الانوار بعين الهيبة فعرقت فكان عنها اربعة وعشرون ومائة الف قطرة فخلق من كل قطرة روح نبي فبقوا يعني اولئك الانبياء يسبحون الله ويحمدونه الف دهر ليس في الكون بعد محمد واهل بيته الطاهرين صلى الله عليه وآله وعليهم اجمعين سواهم ثم خلق من اشعة انوار الانبياء عليهم السلام ارواح المؤمنين هذا ترتيب مراتب اكوان الموجودات في نفس الامر على جهة الاجمال واذا سمعت شيئا من قولهم عليهم السلام هذا من فاضل كذا فالمراد بالفاضل وبالعرق ايضا شعاع ذلك الشيء فان نور الشمس الواقع على الجدار وفاضل السراج نوره المشرق على الجدار وفاضل الفرائض النوافل وفاضل الحسنات كما في دعاء الحجة عليه السلام عجل الله فرجه في دعائه للشيعة حيث يقول وان خفت موازينهم فثقلها بفاضل حسناتنا ه يراد منها اجر الاداب والنوافل
وقوله سلمه الله تعالى : فهل ذلك يشملهم اجمعين اولي عزمهم ومرسليهم الخ نعم يشمل ذلك الحكم جميع الانبياء عليهم السلام وانما تفاضلوا مع كونهم من حقيقة واحدة لان تلك الحقيقة حقيقة تابعية لا متبوعية لان التابعية صفة تختلف باختلاف مراتبها في القرب من المتبوع والبعد منه مثل نور السراج كلما قرب من السراج كان اشد نورا واقوى اظهارا وظهورا وكلما بعد عن المنير ضعف فانوارهم عليهم السلام حقيقة واحدة كنور السراج كلما قرب من نور محمد وانوار آله صلى الله عليه وآله كان قويا كنوح وابراهيم وموسى وعيسى وكلما بعد كمن كان نبيا على نفسه واما سلمن صلى الله على سلمن فليس من نوع التابع بل هو بالنسبة الى غير محمد وآله صلى الله عليه وآله من نوع المتبوع ففي الكافي بسنده عن مسعدة بن صدقة عن ابي عبد الله عليه السلام قال ذكرت التقية عند علي بن الحسين عليهما السلام فقال والله لو علم ابو ذر ما في قلب سلمن لقتله ولقد آخا رسول الله صلى الله عليه وآله بينهما فما ظنكم بسائر الخلق ان علم العلماء صعب مستصعب لا يحتمله الا نبي مرسل او ملك مقرب او عبد مؤمن امتحن الله قلبه للايمان فقال وانما صار سلمن من العلماء لانه امرء منا اهل البيت فلذلك نسبته الى العلماء ه واراد عليه السلام بقوله وانما صار سلمن من العلماء الخ التنبيه على قوله عليه السلام نحن العلماء وشيعتنا المتعلمون بمعنى ان سلمن من العلماء لا من المتعلمين فاذا عرفت هذا وعرفت ان روح القدس يلقاه ويحدثه وسمعت ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله ان سلمن افضل من جبرئل عليه السلام وما روي عن الصادق عليه السلام ان سلمن افضل من لقمن ظهر لك ان سلمن ليس من نوع سائر الناس من المؤمنين بل الذي يتلجلج في قلبي انه اما ان يكون من نوع الانبياء عليهم السلام الذين هم الشيعة الخصيصون او من البرازخ التي بين الانبياء عليهم السلام وبين المؤمنين الذين هم الشيعة الخواص وهذه الرتبة هي رتبة الابدال الذين يسمون بالنقباء كما في حديث زين العابدين عليه السلام فان فرض انه من نوع الانبياء عليهم السلام فحقيقته من شعاع الائمة عليهم السلام وانت قد سمعت التفاوت العظيم بين اجزاء شعاع السراج وان فرض انه من البرازخ كان من نوع اشعة الانبياء عليهم السلام وكل من فرض انه من الشعاع لا يمكن ان يكون من المنير الا ان تغير حقيقته والله سبحانه على كل شيء قدير كما قال تعالى ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الارض يخلفون
قال سلمه الله : وما معنى كون جسدهم عليهم السلام الطف من ارواح الانبياء ومنهم نوح وابراهيم مع انكم تقولون ان روحهم علة للارواح ونفسهم علة للنفوس وطبيعتهم علة للطبائع وجسمهم علة للاجسام وجسدهم علة للاجساد وهل المراد من المعلولات في هذه المراتب معلولاتهم الجزئية ام لا
اقول نعم نقول اجسامهم الطف من ارواح الانبياء عليهم السلام بسبعين رتبة ونريد ان ارواح الانبياء خلقت من شعاع اجسامهم فارواح الانبياء تقومت باشعة اجسام الائمة عليهم السلام تقوما ركنيا بمعنى ان مادة ارواحهم حصص من اشعة اجسام الائمة عليهم السلام وتقومت بارواح الائمة عليهم السلام تقوم صدور لان تلك الارواح حاملة لفعل الصانع سبحانه كما تحمل الحديدة فعل النار فاذا حرقت الحديدة فانما حرقت النار بفعلها على حد وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى فلا منافاة بين قولنا ان ارواح الانبياء عليهم السلام من اشعة اجسامهم وقولنا ان ارواحهم صلى الله عليهم علة لارواح الانبياء لان القول الاول بيان للعلة المادية والثاني بيان للعلة الصورية وقوله ايده الله ومنهم نوح وابراهيم يشير به الى نوع مبالغة وقد بينا ان الانبياء عليهم السلام كلهم طينتهم واحدة وهي شعاع انوار الائمة عليهم السلام وان تفاوتوا من حيث القرب والبعد وقوله سلمه الله وما معنى كون اجسادهم عليهم السلام الى آخره نحن لا نقول ان ارواحهم شعاع اجساد الائمة عليهم السلام وانما نقول شعاع اجسامهم لا اجسادهم والمراد بهذه المعلولات المعلولات الكلية والجزئية لانهم صلى الله عليهم العلل الاربع الفاعلية والمادية والصورية والغائية اما الفاعلية فلانهم حاملوا فعل الله تعالى فهم محال مشيته والسن ارادته واما المادية فلان جميع من سواهم من خلق الله من الجواهر والاعراض الاعيان والمعاني الاجسام والهيئات موادهم من اشعة انوارهم وفي المؤمنين ظاهر وغير المؤمنين من اظلة اشعتهم واما الصورية فلان صور جميع من سواهم كذلك من هيئات اعمالهم في المؤمنين بالتبع وفي غيرهم بالعكس
قال ايده الله تعالى : وهل فضلاتهم عليهم السلام من الدم والبول والغائط نجسة لهم لا لغيرهم او لغيرهم ايضا وعليه فما المراد من نجاستها او لا لهم ولا لغيرهم
اقول المشهور بين اصحابنا الحكم بالنجاسة لهم عليهم السلام ولغيرهم بناء على ان الحكم تابع لصدق الاسم ولانهم معلمون لغيرهم فيجب مشاركتهم لهم في الحكم ليقتدى بهم وقيل بالطهارة لما روي عنه صلى الله عليه وآله ان الحجام لما حجمه شرب ما في المحجمة من دمه الشريف فقال صلى الله عليه وآله له ما معناه اما جسدك فقد حرمه الله على النار ولا تعد ه ولما بال صلى الله عليه وآله في القارورة شربته ام سلمة ورأها ولم ينهها عن ذلك والاعتبار شاهد بالطهارة لان النجاسة الخبيثة اثر المعاصي والذنوب وهم صلى الله عليهم مطهرون من جميع الذنوب الكبائر والصغائر قد اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا وبهذا قال بعض اصحابنا وبه قال الشافعي ويمكن ان يقال انه لا منافاة بين القولين فان الاولين قائلون بوجوب الغسل من فضلاتهم ووجوب الغسل لايستلزم النجاسة كما ورد في اغتسال امير المؤمنين عليه السلام حين غسل رسول الله صلى الله عليه واله وهو (ص) طاهر مطهر وانما فعل ذلك لتجري السنة بذلك فكذلك هنا ويكون الغسل من فضلاتهم تعبدا لا للنجاسة فافهم
قال سلمه الله : واذا لم يعرف الله سبحانه الا بهم عليهم السلام لانهم اركان توحيده وصفات تعرفه وتعريفه والاعراف الذين لا يعرف الله الا بسبيل معرفتهم فلا بد الا يكونوا والدا ولا مولودا كما انه سبحانه لم يلد ولم يولد مع ان حقائقهم متولدة من المشية والاشياء متولدة منها بالتناكح والتناسل كما في الفوائد وان كان المراد من كونهم محل معرفة الله اي نفس معرفته هو اعلي مقامهم اي مرتبة نفس المشية لا محلها مع انهم محل المشية لا نفسها فهو وان كان مخلوقا بنفسه وليس مولودا الا انه والد للاشياء
اقول تعليل حصر معرفته تعالى فيهم بكونهم اركانا لتوحيده صحيح جار على الحقيقة واما قوله وصفات تعرفه وتعريفه فليس بصحيح بل الصحيح ان يقال وتعرفه وتعريفه بلا اتيان صفات او يقال واعضاد تعرفه وتعريفه يعني ان تعرفه لعباده متوقف على المبلغ الى المعرف بفتح الراء والواسطة والمقوي وما اشبه ذلك وهم عليهم السلام المبلغون ما انزل الله سبحانه الى عباده من تعريفه تعالى ما تعرف به لهم والمعرفون بكسر الراء والمقوون لضعف المكلفين والوسائط في جميع انحاء الاداء لان تعرفه تعالى لزيد هو حقيقة زيد فكيف يكون الامام عليه السلام صفة لحقيقة زيد وانما هو عليه السلام عضد زيد والمقوي له في قبول الايجاد وقبول التعريف والمبلغ اليه والواسطة بينه وبين ربه ومعنى قولهم نحن الاعراف الذين لا يعرف الله الا بسبيل معرفتنا يقع على وجوه الاول لا يعرف الله الا بوصفهم لله بصفاته التي يصح ان يوصف تعالى بها الثاني لا يعرف الله الا بنحو معرفتنا له وعبادتنا اياه وما اثنينا عليه ومجدناه به الثالث لا يعرف الله سبحانه احد الا اذا عرفنا ونزلنا منزلتنا التي وضعنا الله فيها لانهم عليهم السلام اثر فعله فاذا كان الفاعل لا يرى ولا يدرك ولا يعرف الا بما تعرف به ولم يتعرف الا بصنعه وكانوا صلى الله عليهم اكمل مصنوعاته واشملها كانت معرفته على اكمل وجه في الامكان منحصرة في معرفتهم فكل معنى خرج عن حيطة محاسن معرفتهم اذا اريد به معرفة الله باطل لا يجوز ان يوصف الله به ولا يعرف به لانه خلاف ما يجوز على الله سبحانه الرابع لا يعرف الله الا بما يكون قوامه معرفتهم وهذا المعنى الاخير شامل لكل شيء بل لا يكاد يسع تفاصيل امثاله وتبياناته الدفاتر او تبقى لامداد بيانه المحابر
وقوله سلمه الله تعالى فلا بد ان لا يكونوا والدا ولا مولودا كما انه سبحانه لم يلد ولم يولد فاعلم ان العنوان الذي يعرف الله به الذي هو الدليل والاية لا بد ان يكون شيئا ليس كمثله شيء ليصح ان يعرف الله به لانه تعالى ليس كمثله شيء فيكون الدليل عليه كذلك فقول امير المؤمنين عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه يريد به معرفة النفس مجردة عن كل شيء غيرها فلو نظرت الى الرمح مثلا واردت ان تعرف به الله سبحانه فان نظرت اليه بانه شيء طويل لماصح ان تعرف الله به والا كنت وصفت الله تعالى بالطول ولكن تقطع النظر عن الطول لان الطول ليس هو حقيقة الرمح والا لكانت المنارة رمحا والنخلة رمحا ولكن تجرده عن كل صفة غير الشيئية فيبقى شيء فبذلك يعرف الله سبحانه انه شيء فان اردت بقولك شيء تعني حادثا او قديما لم تعرف به الله تعالى لان الله تعالى لا يعرف بشيء موصوف بحدوث او قدم لان الحدوث والقدم صفة للشيء مغايرة لذاته فيكون متعددا وهو عز وجل غير متعدد فانك اذا وصفته تعالى بصفة ان كانت غيره في الوجوب او في المفهوم لم يجز ان يوصف بها لذاته بل ان كانت تليق به كانت صفة فعله اذ صفة الذات لا تقع في العبارة مغايرة للذات بل مهما ذكرت كانت صفة فعل فاذا كانت صفاته هكذا حالها فكيف يعرف بشيء موصوف بل لا بد ان تكون الاية ليس كمثلها شيء فاذا اعتبرت الرمح مثلا من غير لحاظ صفة كان لك ان تقول انه يعرف به وليس لك حينئذ ان يقول ان الرمح له مثل وهو الرمح الاخر فان قلت ذلك قلت لك المشابهة للاخر هي جزء ماهية الاول فان قلت لا قلت لك فلا تلحظها وان قلت بلى قلت لك فالله يعرف بالمشابهة اذا تعالى الله علوا كبيرا فلا ان يكون ما يعرف به الله غير موصوف فحين يكون الامام عليه السلام يعرف الله تعالى به لا تعتبر فيه صفة ولد ولا مولود فانما يعرف الله به عليه السلام من حيث هو لا والد ولا مولود ولا حيثية واما جهة حيثية او صفة او موصوفية او واصفية او شيء غير محض تجرد كنهه فلا بد عن اعتبار محوه ومحو محوه في الوجدان واما ثبوت الوالدية والمولودية وما يتوقف على ذلك ويترتب عليه في الوجود فغير مناف لما ذكرناه واما تحقيق التولد والتوالد والتناكح والتناسل من شيء او لشيء فليس مسئولا عنها ولسنا بصدد ذلك
قال سلمه الله : وما التوفيق بين قول الطبيعيين من ان السحاب متكون من الابخرة المتصاعدة الى كرة الاثير فتراكم ثم ينزل بحرارتها ماء وبين قول امامنا محمد بن علي الرضا عليهما السلام بعد سؤال المأمون من ان الغيم حين يأخذ من ماء البحر تداخله سمك صغار فتسقط منه
اقول اعلم ان البخار المتصاعد من البحار والانهار والاراضي الرطبة بحرارة اشعة الشمس تتصاعد بجذب الاشعة متفرقة فقبل ان تصل الى الطبقة الزمهريرية هي البحر المكفوف بين السماء والارض وبحكمة الحكيم تتكون فيه حيتان صغار بمقتضى قابلية الماء المجتمع بتقدير العزيز العليم والسحاب يغترف الماء تارة من هذا البحر البخاري وتارة من البحر الاجاج الذي على وجه الارض المعلوم فالمطر الذي من البحر المكفوف بين السماء والارض يكون ملقحا ينبت به النبات والكماة والمعادن واللؤلؤ في الصدف وما اشبه ذلك والمطر الذي من البحر المالح عقيم لا ينبت به شيء فالتوفيق بين القولين بنحو ما سمعت
قال سلمه الله : وما مثال عيسى عليه السلام الذي لم يولد من اب في هذه الامة وفي الانسان
اقول قد صح من جميع المسلمين الخاصة والعامة النقل عن النبي صلى الله عليه وآله على نحو التواتر المعنوي انه قال ما معناه لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه ه وقد اتفق الفريقان على وقوع هذا المعنى من ان كل ما يكون في الامم الماضية يكون في هذه الامة والجمع بين مقتضى الحكمة من انه لو كان الامر كما هو مذكور في هذا الحديث المذكور وغيره ما هو بمعناه للزم الالجاء في التكليف ولتبين الحق من الباطل من غير شبهة ولا احتمال ويقع الاضطرار في التكليف فيكون مقتضى الحكمة الايجادية التي اشار عز وجل اليها في كتابه المجيد في عدة مواضع مثل قوله سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا وان يعودوا فقد مضت سنة الاولين واتقوا الذي خلقكم والجبلة الاولين وامثال ذلك كثير مخالفا لمقتضى الحكمة التشريعية وهو عدم صحة الالجاء في التكليف ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة والجمع بين مقتضي الحكمتين الذي لا يستقيم نظام الدارين الا به واجب في الحكمة الكلية لقوام النظام التكويني والتكوني فلما ذكر عز وجل هذا المعنى المشار اليه من الجمع بين الحكمتين على نحو الاجمال والاشارة في قوله ان الساعة آتية اكاد اخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى قال صلى الله عليه وآله ما معناه يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان اذ لو خلص الحق لم يخف على ذي حجي فهنالك هلك من هلك ونجا من سبقت له من الله الحسنى ه وهذا هو اصل ما سألت عنه وفرعه فلو كان ما ذكره صلى الله عليه وآله في حديث لتركبن سنن من كان قبلكم ظاهرا غير مستور ولا احتمال فيه مع اتفاق الامة على صحته لزم الالجاء في التكليف ووقع خلاف الاصلح فاذا عرفت نوع ما لوحنا اليه ظهر لك ان سفينة نوح على محمد وآله وعليه السلام مثال اهل البيت عليهم السلام وهي من خشب ذات الواح ودسر وهم صلى الله عليهم من سمعت ما ذكرهم الله تعالى به في مثل والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات الله ثم لولا مقام جنابك عندي واخاف اخرج من هذه الدنيا وادفن مع جواب مسألتك في التراب ولا تجد جواب مسألتك ما دام المفتقد مفتقدا عجل الله فرجه وسهل مخرجه واعاننا على طاعته ورضاه لما نطق بها فمي ولا جرى بها قلمي ولكن المستعان بالله على الجهال الذين سلكوا بالحق سبيل الضلال اعلم ان خاطري حدثني على ان اذكر لك اختها قبلها وهي ان موسى بن عمران اخذ برأس اخيه هرون ولحيته وجره بها صلى الله عليهما فاين مثاله في هذه الامة مع ان عليا عليه السلام نبه على ذلك فقال في نظير تلك الواقعة حين سحبوه ملببا بثوبه يقودونه قود البعير لما قرب من قبر رسول الله صلى الله عليه وآله قال ما قال هرون بن عمران لما اخذ موسى بلحيته يا ابن ام ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فاين النبي الذي هو بمنزلة موسى واين الاخذ للحية على الذي هو بمنزلة هرون واين اللحية ولو كان المثال يراد منه المطابقة الظاهرة لخلص الحق وخلص الباطل ولم يحصل اشتباه فلا يكون للمبطل شيء موهوم يتمسك به لاقامة ضلالته ولكن الان حصل له التمسك بان نظير موسى محمد صلى الله عليه وآله وهو الأن ميت ولم يكن احد آخذا بلحية علي ليدل المثال على انه بمنزلة هرون وان مخالفيه هم العاكفون على عبادة العجل والحاصل ان مختصر البيان انه صلى الله عليه وآله هنا بمنزلة موسى عليه السلام وكان قد نهاه عن قتالهم وقال اصبر على كل ما يفعلون معك فاخذوه يجرونه ملببا بثوبه فقد اهانوه واحتقروه ووضعوا رفيع جاهه ومهابته التي هي بمنزلة اللحية فانها صورتها في عالم المثال ولذا ترى المعبرين للرؤيا اذا رأى الشخص في المنام ان لحيته طويلة يعبرونها بامتداد جاهه وبالعكس اذا رأها قصيرة فلما نهاه صلى الله عليه وآله عن قتالهم سلطهم على جاهه الذي يعبر به عن اللحية ويعبر عنه بها فلما اهانوه كان ذلك لتسليطهم عليه بمنعه عن قتالهم فهذه اخت مسألتك واما مسألتك فان محمد بن ابي بكر كانت امه اسماء بنت عميس بمنزلة مريم في هذا التنظير وابنها محمد ليس له اب من قوله تعالى فمن تبعني فانه مني وقوله تعالى قال يا نوح انه ليس من اهلك وانما خلقه من تراب اي من ابي تراب كما قال تعالى في عيسى عليه السلام كمثل آدم خلقه من تراب فعيسى بن مريم من روح جبرءيل عليه السلام ونفخه كمحمد بن اسماء من روح ابي تراب ونفخه عليه السلام فافهم السر الذي مابذل لغيرك ثبتك الله بالقول الثابت في الحيوة الدنيا التي هي العلم وفي الاخرة التي هي العقل ومثال عيسى عليه السلام في الانسان العلم خلق في النفس التي هي امه وبه حيوة الاموات اومن كان ميتا فاحييناه الاية
قال سلمه الله : وما مثال يونس عليه السلام في هذه الامة وفي الانسان وما المائة الف او يزيدون من قومه وما فراره من القوم وما سفينته وما ركوبه لها وما القاؤه في البحر وما الحوت وما ابتلاعه له وما تسبيحه في بطنه وما وقوفه في الاربعين من الايام وما ملاقاته لقارون في اثناء سيره في البحر وما انغمار قارون كل يوم قدر قامته وما خروج يونس عليه السلام من بطن الحوت وما شجرة يقطين وما رجوعه الى قومه وما ايمانهم به بعد ذلك
اقول اعلم ان هذه المسائل لو سألت بها حجة الله على اهل الدنيا والاخرة والاولى محمد بن الحسن عجل الله فرجه وسهل مخرجه واعاننا على طاعته ورضاه لما اجابك عنها فيما اعلم وان كان عالما بها فكيف بمثلي مع عدم علمي باكثرها اذ لا صلاح في الجواب ولا يجوز فتح باب هذا النوع من العلم لما فيه من المفاسد العظيمة وهتك الستر واما انا فقد اخبرتك باعتقادي الذي ادين الله به وهو ان اكثرها ما اعرفه من طريق اهل البيت عليهم السلام وانا لااستبد برأيي في شيء لم يصل الى فيه تصريح او تلويح علي اني ما طلبت ذلك لنفسي وعلمي فيه لا ادري وان كان قد وصل الى في بعض من ذلك شيء الا انه غير تام وما كان كذلك فهو علامة عدم الرخصة في الكلام فيه ولكني انبه جنابك على الاشارة الى حرف واحد وهو في قول جنابك وما مثال يونس عليه السلام وهو ان جميع ما اشرت اليه امثال ما في هذه الامة وما في الانسان والحقيقة الممثل بها هي ما في هذه الامة فصورة السؤال الحق ان يقال هذه الشقوق المذكورة امثلة لاي شيء لان يونس هنا مثال محمد صلى الله عليه وآله وسيره في بطن الحوت مثال لعروج النبي صلى الله عليه وآله على البراق ثم لا كلام والسلام واما احتجاجكم في قولهم بسيط الحقيقة كل الاشياء على الكلب بالكلب في الكلب فهو صحيح لا مرد له لا ينكره الا اهل الشقاوة ومن ختم الله على قلبه وسمعه وجعل على بصره غشاوة والحمد لله رب العالمين
قال ايده الله : اذا كان العمل والعبادة يوجبان الترقي الى عالم القدس والصعود الى ذروة القرب فما معنى كونهم حجج الله واولياءه وخاصة الله واصفياءه على جميع الاشياء قبل ظهورهم في هذه الدار دار التكليف والعمل وليس لهم قرابة معه سبحانه حتى يخلقهم في احسن تقويم ويرد الاشياء نازلا الى اسفل سافلين وهل للعمل دار غير تلك كما تدل بعض الاخبار من انهم كانوا يسبحون الله ويقدسونه ويهللونه ويكبرونه فسبحت الملائكة بتسبيحهم الى آخر ما يتضمن الخبر
اقول العمل والعبادة يوجبان ذلك وانما كانوا حجج الله الخ بقيامهم بامر الله وطاعته كما امر قبل خلق احد من خلقه فاقتضى امتثالهم امر الله وقيامهم بكمال طاعته بلوغ مقام القطبية المتبوعية المقتضية لان يخلق لهم من سواهم وان يجعلهم القوام على سائر خلقه والقائمين مقامه في سائر عالمه في الاداء فجعل طاعتهم طاعته ومعصيتهم معصيته فادنى من ادناهم وابعد من ابعدهم فمن قربه لديه زلفى فبطاعته لهم عليهم السلام وموالاتهم وموالاة وليهم ومعاداة عدوهم ومن بعده من رحمته فبمعصيته لهم عليهم السلام وموالاة عدوهم ومعاداة وليهم فبذلك رده اسفل سافلين
وقوله سلمه الله وهل للعمل دار غير تلك فاعلم ان التكليف لا ينفك المخلوق منه في رتبة من مراتب وجوده من العرش الى الثرى في كل رتبة بحسبها في الدنيا والاخرة بل لا يمكن الايجاد على طبق الحكمة بدون التكليف لان الايجاد قبيح بدون التكليف حتى ان اهل الجنة مكلفون بما يشتهون كما انهم في الدنيا مكلفون بما يكرهون وبالجملة هم عليهم السلام قائمون بامر الله كما امرهم سبحانه قبل الخلق ومع الخلق وبعد الخلق والحاصل الايجاد اختياري ولهذا ظهر بصورة العرض والسؤال فقال تعالى الست بربكم فقالوا بلى فلو لم يقبلوا لم يوجدوا على حد كسرته فانكسر فلو لم ينكسر لم يظهر فيه اثر الكسر فافهم سر الخليقة تعثر على سر الحقيقة
قال سلمه الله : واذا كانت الاشياء في عالم المشية متساوية غير متمايزة فما معنى يكاد زيت قابلية محمد وآله صلى الله عليه وآله يضيء ولو لم تمسسه نار مشيتنا فما حقيقة هذا المطلب على ما هو مقتضى قواعدكم الشريفة واسراركم اللطيفة ثم السؤال في هذا المقام كثير ولكن المجيب روحي له الفداء اعلم بما في نفسي فيجيب بما يروي الغليل ويشفي العليل والله الهادي الى سواء السبيل
اقول قوله ايده الله اذا كانت الاشياء في عالم المشية متساوية غير متمايزة الخ ليس في المشية شيء غير نفسها لان المشية وان كانت في ذاتها واحدة الا انها باعتبار تعلقها بالمفاعيل تتعدد من حيث الاسم فنجعلها قسمين امكانية وهي باعتبار ما تعلقت به من الامكانات وكونية باعتبار ما تعلقت به من الاكوان يعني انه تعالى كان وحده وهو الأن على ما كان ثم احدث الامكانات لا من شيء اي ليس ثم امكان خلقت منه وانما اخترعها اختراعا فكان بصنعه كل شيء ممكن على وجه كلي مثلا خلق امكان زيد اي جعل زيدا ممكنا على وجه كلي بمعنى انه يمكن فيه شيئان غير متناهيين احدهما انه يمكن ان يخلق من امكان زيد ومن زيد انسانا آخر او فرسا او طيرا او جبلا او برا او بحرا او ارضا او سماء او جنة او نارا او نبيا او شيطانا وهكذا بلا نهاية وزيد زيد لم يتغير وثانيهما انه يمكن ان يجعل امكان زيد او زيدا عمرا او فرسا او طيرا او جبلا او برا او بحرا او ارضا او سماء او جنة او نارا او نبيا او شيطانا وهكذا بلا نهاية وزيد او امكانه لا يصلح لشيء الا بجعل الله تعالى صلوحه لما اراد ان يصلح له فاذا اراد اظهار شيء من خزانة امكانه البسه ما شاء من لباس الاكوان فظهر به واذا شاء اظهر منه ما شاء وهو هو بلا تغيير وان شاء غيره الى ما شاء بلا نهاية كما قلنا في الامكان فليس في المشية شيء ولا يكون منها مكون قط وانما يكون بها من مادة مخترعة لا من مادة او مخلوقة من مادة مخلوقة من مادة مخترعة لا من شيء ولا تكون المشية مادة لشيء
وقوله فما معنى يكاد زيت قابلية محمد وآله صلى الله عليه وآله اعلم ان الشيء يتوقف على قابليته في ظهوره من خزانة الامكان الى ميدان الاكوان وهي مخلوقة منه كالانكسار فان الكسر متوقف في الظهور عليه مع انه مخلوق من الكسر وقد ذكر الله سبحانه ذلك في كتابه قال تعالى خلقكم من نفس واحدة وهو آدم عليه السلام وخلق منها زوجها وهو حواء فمادة الاشياء هو الاب بدليل دخول من عليه كما تقول صغت الخاتم من فضة فان الفضة هي المادة بدليل دخول من عليه وهي المسماة بالوجود على اصطلاح القوم والام هي الصورة وهي الماهية باصطلاحهم وهي مخلوقة من المادة لان الام مخلوقة من الاب لا العكس كما توهمه المتوهمون لان الله سبحانه اخبر عن ذلك بقوله الحق خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها والنفس ادم خلق منه حواء فاذا عرفت في الجملة ان المشية لا تدخل في شيء من الاشياء لا بمادة ولا بصورة وليست في الاشياء ولا الاشياء فيها وعرفت ان كل مخلوق يتوقف في ظهوره الى مدينة الاكوان على قابليته وقابليته خلقت منه فتتوقف قابليته عليه في التحقق ويتوقف عليها في الظهور وعرفت ان الامكان شيء متحقق في الخارج لا انه امر اعتباري كما توهموا بل هو مخلوق خلقه الله تعالى بمشيته بقي عليك من معرفة راجحية زيت القابلية شيء وهو انهم قالوا يمتنع الترجيح بلا مرجح مع قطع النظر عن خلاف بعضهم فيه فانهم انما اختلفوا لرد حجة المخالف لهم اذا احتج بهذه القاعدة وقالوا ايضا يمتنع الترجح بلا مرجح ونحن نقول هاتان القاعدتان مضبوطتان مع انا نقول يجب الترجح من غير مرجح والا لزم الترجيح من غير مرجح ولا تنافي بين العبارتين اما القائلون بامتناع الترجح من غير مرجح فهو صحيح على مرادهم وهو ان الشيء يستحيل ان يوجد بغير موجد وهذا صحيح عندنا ايضا ونقول يجب الترجح من غير مرجح وهو صحيح عندنا واما عندهم فمنهم من يصححه ولا يريد تصحيحه وبيان الاشكال انا نقول لو لم يجب الترجح من غير مرجح لزم الترجيح من غير مرجح لان الترجيح كما لا يجوز ان يكون من غير مرجح لا يجوز ان يكون الترجيح من قبل الفاعل لانه لو كان من قبل الفاعل لكان ترجيحه للفعل من قبل نفسه وهو معنى الترجيح من غير مرجح الممنوع منه فلا بد من ان يكون الترجح من قبل المفعول مثل ان يكون وجوده ارجح من تركه فاذا اوجده الفاعل فقد رجح ايجاده لمرجح لان وجوده ارجح من عدمه وهو شيء من ذاته اعتبر لمصلحة النظام بعلم العالم فان قلت لو كان الامر هكذا لزم الدور لان الشيء يتوقف على قابليته لانه اذ لم يقبل الايجاد لم يوجد والقابلية انما تخلق منه فيتوقف وجودها على وجوده قلت الدور الممتنع ان يتقدم كل متوقف على ما يتقدم عليه واما هذا فهو توقف معي كتوقف الكسر على الانكسار والانكسار على الكسر بل هذا فرد من افراد ما نحن بصدده بل جميع الشرائط الخاصة تجري هذا المجرى فاذا فهمت راجحية كون كل مكون اذ هي شرط الايجاد ظهر لك رجحان وجود كل موجود بما هو هو فاي شيء تعددت شرائط ايجاده انتظرها فلا يوجد قبلها اجتماعها واي شيء لا شرط له لا انتظار له اذ شرط وجوده هو وكل شيء بحسبه والحقيقة المحمدية صلى الله عليه وآله لا شرط لها في الاكوان فيجب ان تكون قبل كل آن فبينها وبين المشية كمال الاقتران بمعنى التلازم في الكان فمعنى يكاد زيت قابليته صلى الله عليه وآله يضيء عدم الانتظار حتى كاد ان يوجد قبل الايجاد لكنه لا يوجد قبل الايجاد والايجاد الذي هو المشية كذلك اذ كل ما يفرض فهو منهما وبهما ولهذا سبقا الاولية اذ الاولية انما تكون بالفعل ومن اثر متعلقه صلى الله عليه وآله وقوله ولو لم تمسسه نار مشيتنا الاولى فيه ان يقال كما قال تعالى ولو لم تمسسه نار بدون مشيتنا اذ مشيتنا لا تستضيء الحقيقة المحمدية بنارها وانما تستضيء بنار مشية الله على نحو ما ذكرناها في كثير من رسائلنا
قال سلمه الله : ثم ما معنى ما في الدعاء واشهد ان كل معبود مما دون عرشك الى قرار ارضك السابعة السفلى باطل مضمحل ما عدا وجهك الكريم فهل المراد من الوجه من دون العرش الا حقائقهم عليهم السلام كما نطق به احاديثهم عليهم السلام وما وجه التخصيص بدون العرش وهل المعبود الا الوجه لغيرهم عليهم السلام حتى الانبياء عليهم السلام لان كل شيء اما من شعاعهم او من شعاع شعاعهم والشيء لا يدرك ما وراء مبدئه
اقول لما كان اكثر الخلق لا يفهمون ان ليس فوق العرش الا المعبود عز وجل اخرج الدعاء على نحو ما يعرفون او يقال لما كان العرش له اطلاقات كثيرة فيطلق على محدد الجهات وعلى الملائكة الاربعة العالين الذين لم يسجدوا لادم عليه السلام وعلى الافلاك التسعة وعليها وعلى الارض واقواتها والمشية والارادة وسائر الافعال وعلى الملك كله وعلى الدين وما اشبه ذلك وكان العرش بكل معنى محل استواء الحق عز وجل بكل معنى جرى خطاب المكلفين وتعليمهم على ما ذكر ليعلم ان المعبود عز وجل يتوجه في عبادته ودعائه وذكره الى ما وراء العرش وان ما دون العرش عبادته باطلة ودعاؤه باطل وذكره غفلة لان جميع الموجودات منحصرة في عابد ومعبود
وقوله عليه السلام ما عدا وجهك الكريم يراد منه احد معنيين احدهما يراد من معنى الوجه المستثنى الذات المقدسة عز وجل فان كل معبود غير ذاته المقدسة باطل مضمحل وثانيهما يراد من معنى العبادة الانقياد الذي يكون فعله طاعة لله وعبادة كما قال صلى الله عليه وآله من استمع الى ناطق فقد عبده فان كان الناطق ينطق عن الله فقد عبد الله وان كان الناطق ينطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان ه فيصير المعنى ان كل منقاد له مطاع من كل من هو دون عرشك الى قرار ارضك السابعة السفلى باطل مضمحل لا تفيد طاعته الا البعد من رحمتك وجوارك الا وجهك الكريم محمد واهل بيته الطاهرين صلى الله عليه وعليهم اجمعين فان طاعتهم والانقياد اليهم طاعتك والانقياد اليك وذلك لان طاعتهم لله سبحانه لا لانفسهم من دون الله فان طاعتهم من دون الله والعياذ بالله كفر وضلالة كما تذهب اليه الكفرة الغلاة فمعنى الاول كل معبود بالعبادة الموظفة المخصوصة من جميع ما هو دون عرشك الى قرار ارضك السابعة السفلى باطل مضمحل ما عدا ذاتك الكريمة المقدسة عز وجل ومعنى الثاني كل مطاع ومستمع اليه ومنقاد له في جميع اقواله وافعاله واعماله مما دون عرشك الى قرار ارضك السابعة السفلى باطل مضمحل ما عدا ما كان لك مثل ما كان من محمد وآله صلى الله عليه وآله وممن يقول عنهم ويرد اليهم ويحبس نظره وعلمه على دينهم ومتابعتهم وهذان الوجهان لا بأس بهما اما الاول فظاهر واما الثاني فلا يصح ان يراد من معنى العبادة فيه العبادة الموظفة التي حددها الله سبحانه بحدوده وحددها رسوله واهل بيته كالصلوة المعلومة ذات الاركان وسائر العبادات الموظفة شرعا بوجه من الوجوه وارادتها لما سوى ذات الله المقدسة عز وجل كفر وشرك بالله تعالى فقوله سلمه الله فهل المراد من الوجه من دون العرش الا حقيقتهم عليهم السلام كما نطقت به احاديثهم عليهم السلام يجب ان يراد من العبادة المستثنى منها والمستثنى محض الطاعة والامتثال والانقياد خاصة ولا يصح ان يراد منها العبادة الموظفة الشرعية فان ارادة هذه مع الارادة من الوجه حقيقتهم عليهم السلام كفر وزندقة
وقوله سلمه الله وما وجه التخصيص بدون العرش فجوابه ان ما دون العرش هو المتعارف بين عامة المكلفين
وقوله سلمه الله وهل المعبود الا الوجه لغيرهم عليهم السلام غلط ظاهر الوجه الذي يراد منه غير الذات عبد عابد حقير ذليل لعز جلال الله ومن يقل منهم اني اله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين لا فرق بينهم وبين الانبياء عليهم اجمعين السلام وبين عوام المكلفين معبود جميع الخلائق واحد لا تعدد له ولا تعدد فيه
وقوله لان كل شيء اما من شعاعهم او من شعاع شعاعهم صحيح ان كل ما سواهم من شعاعهم ولكن معنى كونهم من شعاعهم ان شعاعهم عليهم السلام مواد لمن سواهم والمكلف لا يعبد ما كان مخلوقا منه الا ترى انك مخلوق من التراب ولاتعبد التراب اسمع قوله تعالى اولم يروا الى ما خلق الله من شيء يتفيؤ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون فاخبر ان الظلال يسجد لله ولا يسجد لذي الظلال والشعاع ظل النور فهو يسجد لله لا للنور وهذا ظاهر وقوله هل المعبود الا الوجه لغيرهم عليهم السلام يشعر بارادة ان معبودهم عليهم السلام هو الله وهم معبود غيرهم وهو غلط بل هو تعالى معبودهم ومعبود الجمادات والنباتات والحيوانات والجواهر والاعراض سبحانه سبحانه لا اله الا هو
وقوله والشيء لا يدرك ما وراء مبدئه يريد انه اذا كان من سواهم لا يصل اليهم فضلا عن ان يتجاوزهم فكيف يعبد من هو وراءهم وفيه انه يلزم انهم عليهم السلام لا يعبدونه لانهم لا يدركون ما وراء مبدئهم وهو سبحانه وراء مبدئهم بما لا يتناهى ولكن الاعتقاد المطابق لمذهب ائمتنا عليهم السلام ان المعبود عز وجل لا يقع عليه اسم ولا صفة ولا تعينه الاشارة وانما يقع الاسم والصفة والاشارة على المصنوع وانما يعرف ويقصد ويراد من باب اللزوم مثلا اذا فهمت اسما دل على المسمى او صفة دلت على موصوف او اثرا دل علا المؤثر او نورا دل على منير فاذا وجدا ( وجدت ظ )مصنوعا كيف تجهل الصانع فالمعبود لا يدرك وانما يدرك الدليل عليه والموصل اليه فافهم
قال سلمه الله : وعليه فما معنى الصلوات من الانبياء ومنا عليهم عليهم السلام وكذا ما في الزيارة فاشفع لي عند الله ربي وربك في خلاص رقبتي الزيارة اذ المسئول عنه للانبياء ولنا هم ومربوبهم عليهم السلام
اقول يريد انه اذا ثبت ان ما سواهم شعاع منهم والشعاع لا يتجاوز رتبة المنير لزم ان تكون عبادة من سواهم لا تتجاوزهم وعلى هذا يلزمنا ان صلواتنا بل وصلوات الانبياء عليهم عليهم السلام لا تصح لانهم اذا كانوا هم المسئولين الرحمة كيف نسألها لهم منهم وكيف يصح ان يقال للامام عليه السلام اشفع لي عند الله ربي وربك ونحن لا نصل اليه وانما ننتهي اليهم اقول وقد بينا بطلان هذا من اصله وفرعه وبينا انه سبحانه وتعالى هو المعبود لجميع خلقه وان كل معبود سواه باطل وانه لا يدرك ويسأل ولايوصل اليه ويعرفه من لا يدركه وانما يعرفه جميع خلقه من الانبياء وغيرهم ومن الحيوانات وغيرهم وكل من عرفه فانما يعرفه بالجهل به
قال سلمه الله : وما المراد بما في الفوائد وذلك لان جميع ما يمكن في حق الممكن فانما هو من مشيته وما في مشيته في علمه فانكم قلتم في الشرح وما يمكن ان يصدر عن المشية فهو في علمه الامكاني او الذاتي الذي هو الله عز وجل اما الامكاني فظاهر واما الذاتي فلا بد من ارتكاب المجاز ليعود الى الامكان بتقدير التعلق والوقوع الذي هو المعنى الفعلي فهل قبل المشية شيء يسمى بالعلم والقدرة او غيرهما باي فرض واعتبار
اقول جميع ما يمكن في الشيء الممكن من الهيئات والافعال فهو من المشية يعني ان المشية تقتضيه وتقتضي ايجاده في الممكن لان هيئات كل شيء من هيئات المشية بمعنى صدوره عنها وليس المراد انه فيها ويخرج منها بحيث تكون اذا خرج خالية من الخارج وانما نريد ان المشية تصلح لاحداث كل ما يمكن فرضه في الممكن او له وانها مشتملة على ايجاد كل ما يريد الفاعل احداثه وكل ما تضمنت من الكمال فهو في كمال علمه واما مرادي مما في الفوائد من قولي : ولا يمكن في ذاته اعني لا يمكن في ذات الممكن الا ما يمكن في المشية ولا يمكن في المشية الا ما يمكن في العلم وهو الذات الحق سبحانه اريد انه لا يمكن في شيء من المصنوعات الا ما هو من الهيئات الممكنة في المشية ولا يمكن في المشية شيء من الهيئات الا ما كان في ملك الله الحاضر بين يديه في مكان وجوده وزمان حدوده وهذا معنى ما نريد من قولنا ما يمكن في العلم يعني ان كل ما لا يكون متعينا على ما هو عليه في امكنة وجوده وازمنة حدوده حاضرا كما هو فيما لا يزال بين يدي الله اي في ملكه لا يكون ممكنا في المشية ولا في المشاءات وهذا هو معنى كونه في علم الله الذي هو ذاته يعني انه معلوم له ولا نريد الظرفية فان العلم الذاتي هو الله والله سبحانه ليس فيه شيء غيره هو تعالى صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا احد وليس الطريق في التخلص هو ارتكاب المجاز ليؤل العلم بتعلقه لانك اذا اردت بالعلم الذات الحق تعالى كما لا يجوز كون شيء فيه كذلك لا يجوز ان يأول بتعلقه لان ذات الله لا ينسب اليها التعلق لا حقيقة ولا مجازا وقوله فهل قبل المشية شيء يسمى بالعلم والقدرة نعم المراد بالمشية الكونية وقبلها المشية الامكانية والامكانات لكل شيء وهي العلم الذي لا يحيطون بشيء منه وكذا القدرة واما الكونية فهي المستثني اي الذي يحيطون به في قوله تعالى الا بما شاء فلا يحيطون بشيء من علمه الامكاني الا بما شاء من علمه الكوني
قال ايده الله : وعليه فهو اما مخلوق او قديم فان كان مخلوقا اما بنفسه فهو نفس المشية لا ان ما في المشية فيه واما بغيره فلا بد ان يكون بشيء مخلوق بنفسه لعدم قولكم بالربط بين القديم والحادث ولما يرد عليه ما يرد على اهل الحكمة وان كان قديما فهو الذات نفسها فما معنى ما في المشية فيها وان ما في المشية من الامكان ولا شيء من الامكان في القديم تعالى لان الازل صمد
اقول قد ذكرنا ان ما قبل المشية هو المشية الامكانية وامكانات الاشياء وكلها مخلوقة اما المشية فهي مخلوقة بنفسها وامكانات الاشياء اعني ان الاشياء حال كونها ممكنة قبل تكوينها ايضا مخلوقة بالمشية الامكانية لان تلك الممكنات هي متعلق المشية التي تتقوم بها فهي مخلوقة بالمشية لا من شيء وانما اخترعها اختراعا ولا شك انه ليس بين الحادث والقديم ربط والا كان القديم مقرونا بما ارتبط به والمقترن حادث وما في المشية يراد منه الهيئات الظاهرة على الممكن بها وان كانت منها على نحو الاشراق والتجلي اذ الهيئات القائمة بها في الاعتبار على نحو العروض لا تقع على الممكن وانما الواقع على الممكن اشراقات تلك الاظلة ولهذا نسميها بالاشراقات المنفصلة ولا نقول بوجود شيء من الامكان في الازل ولو بالفرض والاعتبار ولا بوجود شيء من الازل في الامكان ولو بالفرض والاعتبار
قال ايده الله : وما معنى التعلق والوقوع في هذا المقام افليس العلم الامكاني هو نفس المشية اوليس اذا اوجد المشية اوجد العلم والقدرة وغيرهما وكل شيء من الامكان وما معنى قولكم بعد ما تقدم او بارادة العنوان الذي هو المقامات والعلامات فهل المقامات غير مخلوقة او مخلوقة وعليه فهل وجدت قبل المشية او معها او هي نفس المشية مع محلها
اقول معنى التعلق والوقوع في هذا المقام هو الظهور بالمتعلق بفتح اللام وبالموقوع عليه والعلم الامكاني قسمان احدهما نفس المشية الامكانية وثانيهما ذات الممكن قبل التكوين سواء كان قبل وقوع التكوين على ظاهره ام لا والمراد بالعنوان الدليل والمقامات والعلامات وهي الفعل مع المفعول حال تعلقه به كالحديدة المحماة حين تعلق حرارة النار بها وهي بمنزلة قائم من زيد فان قائم مركب من فعل القيام ومن القيام فالقيام ركن قائم واذا عرفت انها مركبة من حادثين الفعل واثره لم تشك في حدوثها ولم تشك في انها مع المشية والمشاء فهي نفس المشية مع محلها يعني اثرها المشاء
قال سلمه الله : وما عملكم في صلوة الليل الى مفردة الوتر فانها غير مذكورة في مختصر الحيدرية
اقول صلوة الليل معلومة الكيفية وليس فيها كثير اختلاف ولكن طريق عملي على جهة الاجمال اني اصلي ركعتي الافتتاح قبل صلوة الليل اقرأ في الاولى الحمد والتوحيد وفي الثانية الحمد والجحد فاذا سلمت قرأت الدعاء : الهي كم من موبقة حلمت عن مقابلتها بنقمتك الدعاء ثم اقوم واصلي صلوة الليل ثمان ركعات والافضل ان يقرأ في الاولى الحمد والتوحيد مرة وافضل منه في الاولى الحمد والتوحيد ثلاثين مرة وفي الثانية الحمد والجحد مرة وافضل منه في الاولى الحمد والتوحيد ثلاثين مرة وفي الثانية الحمد والتوحيد ثلاثين مرة واما الست البواقي فاقرأ ما شئت والافضل السور الطوال وتقرأ بعد كل ركعتين الدعاء المأثور ثم تسجد وتقوم وتصلي ركعتي الشفع تقرأ في كل ركعة التوحيد ثلاثا او تقرأ فيهما المعوذتين في كل ركعة واحدة وتقنت في الثانية قبل الركوع بما شئت او بالدعاء الوارد : اللهم اهدنا فيمن هديت الخ فاذا سلمت قرأت بعدهما الدعاء : الهي تعرض لك في هذا الليل المتعرضون الخ ثم تصلي مفردة الوتر تقرأ فيها التوحيد ثلاثا والفلق والناس مرة وتقنت بالدعاء والافضل ان تستغفر بعده لاربعين من المؤمنين الى المائة ان شئت ولم يرد فيه نص بالخصوص وانما هو وصلة الى استجابة الدعاء ثم تستغفر سبعين مرة الى المائة وتستغفر سبع مرات استغفر الله الذي لا اله الا هو الحي القيوم بديع السموات والارض ذو الجلال والاكرام لجميع ظلمي وجرمي واسرافي على نفسي واتوب اليه ثم تقرأ الدعاء المأثور : رب اسأت الخ او بدله وهو الذي انا استعمله وهو : اللهم اني استغفرك لكل ذنب جرى به علمك في وعلي الى آخر عمري لجميع ذنوبي لاولها وآخرها وعمدها وخطأها وقليلها وكثيرها ودقيقها وجليلها وقديمها وحادثها وسرها وعلانيتها وجميع ما انا مذنبه واتوب اليك واسألك ان تصلي على محمد والمحمد وان تغفر لي جميع ما احصيت من مظالم عبادك قبلي فان لعبادك علي حقوقا وانا مرتهن بها فاغفرها لي كيف شئت واني شئت يا ارحم الراحمين ثم قل اللهم ان ذنوبي وان كانت فظيعة فاني ما اردت بها قطيعة ولا اقول لك العتبى لا اعود لما اعلمه من خلتي ولاا شترط استمرار توبتي لما اعلمه من ضعفي وقد جئت اطلب عفوك ووسيلتي اليك كرمك فصل على محمد والمحمد واكرمني بمغفرتك يا ارحم الراحمين ثم قل العفو العفو العفو ثلثمائة مرة ثم قل ما كان زين العابدين عليه السلام يقول : اللهم ان استغفاري اياك وانا مصر على ما نهيت عنه قلة حياء وترك الاستغفار مع علمي بسعة رحمتك تضييع لحق الرجاء اللهم ان ذنوبي تؤيسني ان ارجوك وان علمي بسعة رحمتك يؤمنني ان اخشاك فصل على محمد وآلمحمد وحقق رجائي لك وكذب خوفي منك وكن لي عند حسن ظني بك يا اكرم الاكرمين ثم اركع وارفع رأسك وانتصب وقل : هذا مقام من حسناته نعمة منك الدعاء واسجد واذا سلمت قرأت : اناجيك يا موجودا في كل مكان الدعاء ثم اسجد وقل : ارحم ذلي بين يديك الدعاء ثم صل ركعتي الفجر والافضل ان تقرأ في الاولى بعد الحمد سورة الجحد وفي الثانية التوحيد وان نسيت الجحد في الاولى وقرأت التوحيد قرأت الجحد في الثانية وان قرأت التوحيد في الاولى ناسيا ثم ذكرت قبل الركوع فاقرأ الجحد ولو تعمدت العكس صحت والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
قد وقع الفراغ من تسويد هذه الاجوبة ليلة الثامنة عشرة من شهر رجب سنة ست وثلاثين بعد المائتين والالف بقلم مؤلفها العبد المسكين احمد بن زين الدين بن ابراهيم الاحسائي المطيرفي حامدا مصليا مسلما مستغفرا تمت