
حسب جوامع الكلم – المجلد التاسع
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية
اما بعد فقد ورد من الجناب الانجد والحبر الاوحد عاد العدد بمنتهى الامد وماد المدد بلا مرد المتجرد عن سماته وصفاته في سنح ( سنخ خل ) ذاته المدرك لاوطاره في اطواره لاعتدال قسطاسه ومعياره الشيخ العلي الشيخ عليّ بن عبد الله بن فارس اطال الله بقاه واخذه ( اخذ خل ) بهواه الى رضاه قد ورد منه ابيات يشير في ظاهرها الى ظاهر الصناعة وفي باطنها الى باطن الصنع والاشاعة فاحببت ان اشير الى بعض تلك الاسرار مما اقتبست من ذلك الجناب من الانوار فكان شرح كلامه منه اقتباسا واستعارة وسبكته في بوتقة العبارة وقلبته في قالب الاشارة فهو منه به واليه له فجاء في نظمه بمدده محبرا مخبرا بالاستفادة عنه كما ترى وقوله شاهد له والقول برهان لعقل القائل
قال اطال الله بقاه في رضاه :
غربية من ديار الغرب منبتها وارضها عسجد من غير تمويه
قد زوجت بالفتى الشرقي فاولدها جنس البعيد ونوع الجنس مبديه
اقول لهذين البيتين تفسيران الاول في عالم الاكوار والثاني في عالم الادوار اما الاول فالغربية هي عنقا مغرب وهي ماء البير ومزاج التدبير وام الصغير ومأوى الكبير اصلها من العرب وبلادها الغرب ومكانتها القرب من برودتها ظهر الوقف والسكون ومن رطوبتها حييت الحركة والكون وهي الحمامة التي يغسل بها ريش الغراب فاذا طهرت قضى عليها بالاقتراب وهي الماء الجامد والبخار المتصاعد وعليها دار الوجود في قبة الصعود وهي ذات البقاء والخلود اذا سبعت في زفافها المستطاب وسدست برأس الغراب ذلت في الاقتراب فانتجت بالعجب العجاب ان خفيت خفيت في الشطوط وان ظهرت ظهرت في الالف المبسوط تنبت بورق الاس بعدد الانفاس وهي مزاج الراح في الكاس وارضها امها في المولد والمهتد وتلك الام انبتها في الرضاعة والحد الغربية غذاء مجرد والارض كما ذكرت عسجد الغربية درة وفية ارضها ( وارضها خل ) هي القابلية هي من الارض ظهرت والارض بما ظهرت وفي ارضها غرست واثمرت هي قمر الوجود ببرج الصعود قال الشاعر:
رأت بدر السماء فذكرتني ليالي وصلنا بالرقمتين
ناظر قمرا ولكن رأيت بعينها ورأت بعيني
قد زوجت بالفتى الشرقي بعد بلوغها ورجوعه الى طوعها خرج في زفافه يتبختر بالقباء الاصفر وقرب اليه دابة ( دابته خل ) للاسراء وهي ايضا كما قال الله تعالى انها بقرة صفراء وبسطه ( بسط له خل ) البساط الاحمر في البيت الانور لانه النار الحائلة وشمس الوجود الجائلة فاتى اليه بعرسه التي خلقها الله من نفسه فلما انست النار من جانب الطور الحار رامت الفرار ولم يقر لها قرار فحال بينهما القاضي واشار عليهما ( اليهما خل ) بالتراضي فجمع بينهما ذلك الحجاب فلما اجتمعا طار الغراب فجمع الله بينهما بما امدهما كما قال تعالى لو انفقت ما في الارض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله الف بينهم فاعتنقا فمات من حبها وغاب في سرها ولبها فاحبلها بثمرتها واصلها الجامع لجنسها وفصلها فمرت به شغفا بحبه فلما ان ابان اربه القت الجنس البعيد في النوع القريب فابدى النوع الجنس العجيب فاذا هو مولود بالغ حين وضعه شجاع كريم بطبعه يهزم الصفوف ولا يكترث بالالوف ومدة حمله في ستة ايام يوم الاحد تكونت نطفته البيضاء ويوم الاثنين صارت علقة ظاهر طبعها انها الخضراء ويوم الثلثا صارت مضغة ممتزجة حمراء ويوم الاربعاء صارت عظام الانسان تام ( تامة خل ) القوي وهي الطبايع الاربع سواء ويوم الخميس كسى لحما وصورة ترى ويوم الجمعة نفخ فيه روحه فسوي فقام في السبت بشرا سويا فتفجر ينبوعا لما طيف به اسبوعا فلما انفلق الفجر بالرمز وقام عمود الصبح بظهور الكنز صاح الديك ونعق الغراب وهدرت الحمامة والطاوس على الغصنين الاعليين ( الاعلين خل ) اللذين اذا وصفا اجتمعا واذا سميا افترقا فقام ذلك الشريف المولود لانه المقصود بنتيجة الماهية والوجود ومجمع شئون العابد والمعبود وهذا هو الامر في عالم الاسرار والروح في عالم الانوار والشجرة الطيبة في عالم الاشباح وهو الجامع في عالم الحيوانات وذات الارواح واما الثاني فالغربية هي الماء الابيض الذي يشرب منه ارواح السعداء في الجنة المدهامة والنور الابيض بالاضافة العامة وارضها هي ارض الجرز والقابليات وهي الاودية السائلة في الارض الموات خلقت هي ( هي وخل ) بعلها وبنوها وقرتا عينها ( عينيها خل ) وبيتهم من عشرة اشياء من العرش قبضة ومن الكرسي ومن السموات السبع ومن الارض الاولى اديرت كل واحدة اربعة ادوار وهي الطيور الاربعة في الجبال العشرة فهذه اربعون قال الله تعالى واذ واعدنا موسى اربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وانتم ظالمون ورابع كل دور من العشرة وهي اتمام الثلثين قال تعالى واتممناها بعشر وقال الله تعالى وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى اذا اقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فانزلنا به الماء فاخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه الاية فالرياح الذكر الشرقي والرحمة حكمة الحكيم وتدبير العليم والسحاب الثقال ما اثارته ريح الجنوب من ( من بحر خل ) ما احب ان يعرف به للجنوب ( المحبوب خل ) فسقناه من البزال الى بلد ميت وهي ارض العسجد بعد ان تغسل وتجرد قال عليه السلم جعل فيهم ما اذا سئلوا اجابوا يعني حين قال تعالى لهم الست بربكم قالوا بلى وهو بالسؤال للسؤال وللمقال بالحال وهذا الحال مقرون بالتمييز وهو سر التنجيز فانزلنا به الماء وهو ما بين العشرين التي هي الذكر الاول الذي عليه المعول الى الخمسين التي هي بيان التعيين وهي الماء في نظم العدد التام اعني الستة الايام والثاني هو السادس في المرام الالف المبسوط ومثل نصفه من السحاب المخلوط من الالف القائم والحجاب الدائم وهي ( هو خل ) الماء ايضا في نظم العدد الكامل اعني طواف الاسبوع والاول هو السابع الفاضل القلم الجاري ومثل نصفه من البحر الاخضر الطاري فاخرجنا به من كل الثمرات يتطور بكل طور ويتلون بكل لون حتى تظهر الشمس من الوجود في برزخ ( برج خل ) الحمل المحمود والقمر في السماء الدنيا قال الله تعالى لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر وقد تضمن جميع ذلك كن وهو تدبير الحكيم وصنع العليم وجنس البعيد من الكاف ونوعه المبدي له الشمس هذا للذكر وجنس البعيد للانثى من النون والنوع المبدي له القمر فالطيور اربعة والجبال عشرة والكيفية اربع في الطيور والشجرة شجرة تخرج من طور سيناء وطور سيناء في القران مذكور تنبت بالدهن وصبغ للاكلين في الدهن ثلاثة ارض وصبغ وماء ذو وجهين وفي الصبغ اثنان غربي وشرقي وذلك خمسة وهو كف الحكيم الذي قبض بين انامله الخمسة به على الاربعة الرؤس حين فرق اللحوم على الجبال العشرة فالواحد درة والاثنان الكاف والنون والثلاثة الموضع والمحمول والنتيجة وان شئت قلت العقل والنفس باعتبار ما هما باباه والثالث الجسم والاربعة الكيفية والخمسة الكف والستة الايام الستة والسبعة طواف الاسبوع في التربيع والتكعيب وان شئت قلت كيفية وكيان والثمانية ابواب الجنان من مدهامتان والتسعة التسع الغسلات تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون فاذا ذهبوا كانت مقدسة والعشرة الجبال وهكذا وهذا تمام الاشارة الى ما ذكره في هذين البيتين في مقام الكور بعبارة الدور وفي مقام الدور بعبارة الكور والحمد لله رب العالمين واذا قلت الدهر فمرادي منه ظرف المجردات والمراد من الكور مزج امزجة المجردات عند تكوينها واردت بالزمان ظرف الاجسام والمراد من الدور مزج امزجة الاجسام والنفوس مقارنة وهي الذر الثاني و برزخها المثال والعقول المفارقة ( مفارقة خل ) وبرزخها الذر الاول وقد اشرت الى الكل مفصلا في خلال الرمز والحمد لله رب العالمين
وقال ايضا دام تأييده :
يا سيدا في العلم نال رتبة يقصر عنها فهم كل مفلق
ما احرف غربية قد كعبت في احرف من طبع جنس المشرق
جملتهن سبعة ان رقمت واثنان منها للمئين ترتقي
وان تسل احادها اربعة والعشرات يحتوين ما بقي
اوضح لنا يا هرمس المغرب يا من فهمه يحل شكل المنطق
اقول ( هذا خل ) بيان ما اشار اليه في الدهر وفي الزمان ولكل بيان ولكل بيان لسان واوردنا ( اردنا خل ) بيان ما في الدهر بما في الزمان وما في الزمان بما في الدهر اشعارا بالمرابطة واثباتا للواسطة فالاول قوله احرف غربية اشارة الى الارواح المنيرة التي قطع الزمان طريقها فغربت بغير مطلعها قال الله تعالى وجعلنا من الماء كل شيء حي وهو اربعة في المغرب بيض واثنان في المشرق حمراوان وواحد في الهند قال عليه السلم لا يعلمه الا نحن واهل بيت في الهند وقال عليه السلم ما معناه ما بعث الله نبيا الا وهو ذو مرة سوداء صافية وهذا الذي في الهند هو اخضر في قلب المؤمن وابيض في ميزانه وهو اسود في التمثيل لانه محتد عزرائيل والتكعيب ان تضرب الغربية في نفسها وتضربها ايضا في الحاصل الذي هو الاستعداد ليوم المعاد فالحاصل من التكعيب الانسان الغريب الذي هو قطب الاعاجيب ذو الكرم الاثيل والاصل الاصيل قوله جملتهن سبعة ان رقمت اربعة منها حملة العرش قال الله تعالى خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم فجبرئيل عليه السلم باسم الله القابض قدح بالدبور النار وميكائيل باسم الله المحيي اهطل بالصبا الامطار واسرافيل باسم ( باسم الله خل ) الحي نفخ بالجنوب هواء الارواح وعزرائيل باسم ( باسم الله خل ) المميت قبض بالشمال ارض الاشباح وباطن هذه الاربعة البديع الرحمن الباعث الباطن وهي الالف ونقطة الباء والياء ( الباء خل ) والجيم فالرابع احمر منه احمرت الحمرة والثالث اخضر منه اخضرت الخضرة والثاني اصفر منه اصفرت الصفرة والاول ابيض منه البياض ومنه ضوء النهار فهذه اربعة وهي كيفيات الحبيب قبل التركيب واثنان منها كريمان وهما الذكران اللطيفان من الكيان ذكر الارض هو الاصفر وذكر الماء هو الاحمر فالاول على قلب اسرافيل والثاني على قلب جبرئيل الاول الرحمن الحي والثاني الرب البديع الاول صاحب الرقائق والثاني صاحب الحقائق هذا في القسم الاول واما في القسم الثاني فهما الجامع الواسع ورفيع الدرجات وهما الظاء والغين ولهذا قال : واثنان منها للمئين ترتقي فهذه الستة وهي الستة الايام التامة قبل الفلاحة المدبرة في العناد الراحة والسابع ارض الهند السائلة اعني بيتالمقدس ومغرس المقدس قال الله تعالى يا قوم ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على ادباركم فتنقلبوا خاسرين فابوا لعدم تأهلهم لذلك لما فيهم من نجاسة الريب وامكن ( مكن خل ) الله فيها للاكرمين يوشع بن نون وكالب بن يوفثا كان المتقدم والمبدأ كالب لانه درجة ( درجه خل ) والمنتهي يوشع لان الاشياء لاتنال مقاماتها الا بالتدريج وهذا السابع هو الشين واسم الله المميت باطن لذلك وهو على قلب عزرائيل وهو رابع الاركان والثالث في الكيان ومغرس اللؤلؤ والمرجان وقوله : واثنان منها للمئين ترتقي المراد بها ( بهما خل ) الغصنان المثمران باللؤلؤ والمرجان فان لهما توسعا في الالوف والمئين وقوله : وان تسل احادها اربعة وهي الاربعة العلية المعبر عنها بالكيفية التي عليها المدار في جميع الاقطار ولاجل اعتدال نصب المعيار اخفيت بالرموز عن الاغيار وهي الالف والباء والجيم والدال وهي سر الصنايع لانها عبارة عن الطبايع ولعمري انها احاد يبتدي بها في العشرات وهي القبضات العشر في الجبال العشر لطيور ابرهيم عليه السلم اعني الاربعة المذكورة التي تحوي العشرات ما بقي منها وهي الغراب ( اسود ) والديك ( اصفر ) والحمامة ( ابيض ) والطاووس ( احمر ) وهي المشار اليها بالاحاد في الاعداد والعشرات تسعة احرف يجمع عددها الطاء من الطيور قال الشاعر في هذا المعنى
وذلك معنى قولهم ان واحدا سيغلب تسعا من بنات البطارق
وهي ي ك ل م ن س ع ف ص فالنون من هذه التسعة نون النور دارت عليها ثمانية فوقها اربعة وتحتها اربعة وهي باطن الشمس وحليتها باطنها كظاهرها واولها كاخرها والميم احمر نحس والحق انه ابيض سعد ولكنه في قوله تعالى وليزيدن كثيرا منهم ما انزل اليك من ربك طغيانا وكفرا ( كفرا والذي خل ) انزل اليه شفاء ورحمة للمؤمنين باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب واللام حجاب من زبرجد والسين اصفر وعين من عطارد والكاف اسود والفاء حجاب من فضة والياء منزلة المقتدر والصاد بحر تحت العرش ونعني بها شجرة المزن واعلم ان هذه الحروف التسعة علامات لمقامات ما ذكر لا معانيها اذ لسنا بصدد ذلك وانما نعني الاسماء التسعة المقتدر الرب العليم القاهر النور المصور المحصي المبين القابض الا انا ذكرنا الصاد كذلك لغاية كانت سبقت لنا واما هرمس فهو الكيان لانه المثلث بالحكمة وهي الروح وبالنبوة وهي النفس وبالملك وهو الجسد واما شكل منطقك فهذا حله وعقده ثلاثا وستا فبلغت به مدا ( المدا خل ) وعزمت ( اعربت خل ) في الادا فهذا منك لك والحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه اجمعين محمد وآله وصحبه
وقال سلمه الله تعالى :
اذا حملت هاء على الدال قبلها ودال على الجيم الذي قد تأخرا
وجيم على باء وباء جميعها على الف فالهاء فيها بلا امترا
اقول ينبغي ان يلحظ قبل هذا بيت ليستتم النتيجة وهو :
ظهورك بالاسماء يعلن شرحه اذا حملت واو على الهاء كما ترى
وقد حملت هاء على الدال قبلها الابيات وهذا مبني على صورة مقدمات الشكل الاول وشرط شكل الاول كما ذكر في محل ايجاب الصغرى ليكون ما يثبت للحد المتكرر من الحكم متعديا بما لديه من الاكبر الى الاصغر وان تكون ( يكون خل ) كبراه كلية ليندرج الاصغر تحت الوسط ( الاوسط خل ) فيثبت له ما يثبت ( ثبت خل ) للوسط وهو الاكبر وما ذكر سلمه الله من الكبريات الحقيقية والاضافية ليس فيها ظاهرا كلية لكنها مطوية فيها لما علم من دليل اخر فلا اعتراض على الابيات لانهم انما اشترطوا الكلية لئلا يكون الوسط في بعض الصور اعم من الاصغر فلا يندرج تحت الحكم الثابت له وما نحن فيه ان لم يكن الاصغر اعم كان مساويا ولا يكون اخص بمعنى ان يخرج شيء من افراد الوسط عن الاصغر بل الاصغر هنا اما ان يكون مساويا او اعم لانه الكل في الاحاطة والكلي في الظهور وان كان جزئيا فكذلك اذ لا يحتمل ( يحمل خل ) عليه ما ليس منه او عنه لايقال ان المحمول والوسط يتلون بالاغراض ويتكثر ( يتكون خل ) بالاعراض فيكون اعم من الموضوع والاصغر لانا نقول ان ذلك انما يكون كذلك لو تكثرت الاسباب واذا انحصر السبب في الموضوع لم يكن شيء بلا سبب وانما هي اشياء عدمية لم تشم رائحة الوجود ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباؤكم ما انزل الله بها من سلطان وان قلنا بالاسباب العدمية قلنا هي من الموضوع بهذه النسبة لانه باب الوجود ولكنها من خلقه ( خلفه خل ) قال الله سبحانه باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب وهذا احد اغلاط التي وقعت من اهل المنطق من المشائين والرواقين وهي انما تستقيم احكامهم في الزمان واهله واما الدهر واحكامه والسرمد وافعاله والازل وصفاته فهي الحق البعيد عن الاغيار مع ان الازل سد بابه عن كل من دخل تحت مشية الله لانه المعلوم المجهول والموجود المفقود لانه لا يعلم بموافقة الند ولا بمخالفة الضد اذ كل شيء لا ينافيه والا لم يكن ( لم يكن به خل ) موجودا فليس له ضد وكل شيء لا يوافيه والا لكان سبحانه ( سبحانه به خل ) محدودا فليس له ند فاذا تقرر ذلك فنقول الواو مهبط الانوار ومتعلق الاسرار ومدار الليل والنهار والواو ست نقطة ( ستة نقط خل ) وست بينهما واحد واما ستة الزبر فاشارة الى الستة الايام التي خلق الله فيها السموات والارض وما بينهما والستة عدد الجهات التي هي مناط الواو ومحيطة بها واما ستة البينات فاشارة الى الستة الايام من اليوم الثاني من ايام الله التي ذكرتم والالف هو القائم عليه السلم بين اليومين والمصلي بين العددين التامين واما الهاء فهي مأوى الارواح ومبدء الاشباح ونهاية المساء والصباح واول جنة المأوى وباب سدرة المنتهى والهاء خمس نقط عدد القوى الخمس وهي الليلة المباركة وعندها الجنتان المدهامتان فباي الاء ربكما تكذبان وهي ترجمان الكتاب الاول ومثال الكتاب الاخر ومظهر اسم الظاهر واما الدال فهي مبدء الجواهر ومنبع المفاخر ومظهر اسم الاخر والدال اربعة ( اربع خل ) نقط عدد الكلمات الاربع التي بني عليها الاسلام واركان العرش الاربعة وهي الحروف الاربعة من الاسم الاعظم ثلاثة ظاهرة في اللفظ باطنة في النقش وواحد باطن فيهما يجمع الجميع بسم الله الرحمن الرحيم فالاول من الظاهرة في اللفظ الف قائم في الله والثاني الف مبسوط ( مبسوط في خل ) الرحمن والثالث الف راكد في الرحيم والحروف الباطن فيهما هو الركن الرابع المكنون وهذه الثلثة حجبه وظاهره وهي الله العلي العظيم واما الجيم فهي الاصل الكامن والفرع المتيامن ومظهر اسم الباطن والجيم ثلاثة ( ثلاث خل ) نقط اشارة الى العوالم الثلاثة لكونه مبدأ انبعاثه فالنقطة جهة الجبروت والجيم جهة الملكوت والحركة جهة الملك وهذه الثلاث النقط من الجيم جهات العوالم الثلاثة واما الياء فهي الكتاب المسطور والرق المنشور الذي تنتهي دونه الاماني وباطن الذر الثاني والباء نقطتان يعني الابوين احدهما اشارة الى الذر الاول والثاني الى الذر الثاني وهي الالف المبسوط الذي ظهر في مرتبة العشرات والمئات المتضمن عدد منك في الظهور لانه مصدر النور وعدد كمن في البطون لانه سر المصون اذا اخذت منه عدد الاسماء الحسنى بقي هو غاية من تمني وهو الاسم الاعظم المتطور لانه مظهر اسم الباعث المصور وهو قرين الفرقان المخصوص بقوله ومن يعش عن ذكر الرحمن وذلك لانه قلم نون والاسم الذي يصلح به الاولون والاخرون واما الالف فهو الطور والقلم الجاري في السطور هيئة الفردية وجهة الاحدية وصفة الواحدية تتجمع منه الاعداد وهو في حالة الافراد والظاهر في مرتبة الاحاد فهو واحد في العدد في التكعيب والتربيع وهو منبع المدد لانه مظهر اسم البديع فهو اول التعيين ومقر اليقين وهو الاسم اشرقت به السموات والارضون وتفجرت منه العيون وهو الظاهر في اسم الله المنان وهو قرين القران والمراد من حمل هذه الاحرف بعضها على بعض ليلتقي الطرفان وتظهر النتيجة التي هي الانسان ان يظهر الالف الذي كان مقره القلب صاحب المعاني المجردة عن المادة والصورة المصفاة عن الكدورة محل اليقين من الانسان لانه خزانة المعاني عند اهل البيان ومصدر الرجا عند اولي الحجى يظهر ( يظهر بالله خل ) في الباء الذي هو الصدر ومحل القدر ووعاء العلم بالله المستلزم خشية الله وخزانة الصورة المجردة عن المواد العالية عن القوة والاستعداد وهي نهايات الطول والعرض وهي اطراف الارض قال تعالى افلا يرون انا نأتي الارض ننقصها من اطرافها ويظهران في الجيم المثلث بهما وهي منشأ الطينتين في الدال ثم تظهر الثلاثة في الدال وهي قوى الاكوار المعبر عنها بالانوار والدال محل الفعل والانفعال وهي اخر المجردات واصل المتولدات وتظهر الدال بما فيها في الهاء وهي عالم المثال ومهبط الاشكال والبرزخ بين السافل والعال وظاهر الخيال ويظهر ذلك في الواو وهو جبل القاف المحيط بالدنيا ومجمع السنخ في الدوح ومحل النفخ من الروح فاذا تم حمل هذه الستة الاحرف تم الانسان وهي الستة الايام في البيان النطفة ثم العلقة ثم المضغة ثم العظام ثم يكسى لحما ثم الخلق الاخر وهو النفخ وقوله : فالها فيها بلا امتراء المراد ان الهاء وما حملت عليه الى الالف في الالف وهو كذلك وبالعكس ايضا ظاهرها في باطنها وباطنها في ظاهرها الا ان الالف تظهر ( يظهر خل ) في الباء بالصور اذ القلم يكتب في اللوح لانه الصوغ الثاني من العمل الاول وعقد التزويج والتهاني والتخول وظهور الباء وبالالف في الجيم بالطبيعة لانه الكسر الاول من العمل الثاني والحل الذي عليه المعول في المباني وتظهر الجيم بهما في الدال بالهيولي لانه الدواة الثانية بالنسبة الى الاولي وهذا هو الكسر الثاني المصلح والتكليس المنجح وتظهر الدال في الهاء بالشكل والصورة النوعية في الاصل لانه الصوغ الاول من العمل الثاني والتزويج المتواني وتظهر الهاء بما فيها في الواو بالجسم ومأوى الحقيقة والرسم لانه الصوغ الثاني والسقى الذي به الاماني تبارك الله احسن الخالقين
تتمة مهمة في الاشارة الى ما لم يشر اليه اعلم ان الحروف للغة العربية ثمانية وعشرون حرفا اولها الالف وهو الهمزة واخرها الالف وهو الغين وقبل ذلك كله خمسة احرف وهي لاهل السرمد وعالم الامر والمد خارجة عن الحد والعد لان الحروف التي خلقها سبحانه ثلاثة وثلاثون حرفا وانا اذكر لك اسماء مقاماتها اذ لا لفظ لذواتها فهي غير منطقة باللفظ ولا متصوتة بالحروف نعم لها مظاهر مذكورة في الحروف النورانية لا يعرف ذلك ولا يعرف ترتيبه الا اولياء الكروبيين فاقطع الخطاب فقد سدت دونها الابواب وضرب عليها الحجاب الا عن اهلها فمقام الحرف الاول النقطة والرحمة قال تعالى بين يدي رحمته والمحبة قال تعالى فاحببت ان اعرف والثاني هو النفس الرحماني الساري في كل شيء بالقيومية والثالث السحاب المزجي والهباء الاعلى والرابع السحاب المتراكم ونار الارادة والكاف المستديرة على نفسها وهذه الاربعة يعبر عنها بعالم الامر والابداع الاول ونار المصباح وثمرة الرياح والكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر وصبح الازل والخامس البلد الميت والدواة الاولى والزيت المضيء ومحل المشية سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
وكتب هذه الكلمات محررها ( محبرها خل ) ومظهرها ومجريها في هذا الميدان بلسان اهل البيان ومدد اهل المعاني في التبيان العبد المسكين احمد بن زين الدين والحمد لله رب العالمين في شهر ربيعالمولود صلى الله عليه وآله سنة ١٢٠٧