
حسب جوامع الكلم – المجلد الثامن
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية
اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي ان الابن الارشد الاسعد الشيخ احمد ابن المرحوم الشيخ الصالح الشيخ صالح بن طوق المذكور احسن الله احواله وبلغه اماله في مبدئه ومآله قد الحق المسائل المتقدمة بمسائل اخرى
فقال بعد كلام طويل : وقد وفدت على بابك الذي هو للرحمة باب وقبلة الطلاب بمسائل منذ شهور ونحن لا نيئس من رحمة الله ان يمن علينا منك بنعمة الجواب جذبنا الله بمطالعتك من حضيض الجهل الى اوج الفضل فانعموا بفيض الجواب انعم الله عليكم بحسن الاياب انه الكريم الوهاب ولاحرمنا نعمة اقبالكم ومن علينا بوصالكم اللهم لا تخيب رجائي منك ولا تبت سببي عنك انك ارحم الراحمين قال وهنا مسائل ايضا اغفلت عرضها فيما مضي ارجو من الله ان تمن بجوابها وانجاز الجميع
اقول انما قال ذلك لانه ارسل الي بالمسائل الاولى ولم يحصل لي سعة في رد جوابها
قال سلمه الله تعالى : مسئلة - اذا كان الموت الطبيعي نسبته من الحيوة الدنيوية نسبة الكمال الى النقص فهو استكمال وبلوغ رتبة كمال فحينئذ ما حال من تغتصب نفسه بالقتل فيموت فجأة مع ان القتل كذلك سعادة وايضا فقد احي الانبياء والاوصياء اناسا فرجعوا الى الدنيا ثم ماتوا ثانيا فكيف ينتقلون من كمال الى نقص
اقول قد تقدم بعض الاشارة الى بيان ما تضمنته هذه المسئلة واقول اما الموت الطبيعي فهو سير طبيعي تدريجي شيئا فشيئا فيفيد كمال ما اتصف به الشخص من الاعمال من خير او شر واما المغتصب نفسه بقتل او فجأة فهو كذلك الا انه سير حثيث دفعي والاول تدريجي واما من حيى في الدنيا بعد موته بمعجز من نبي او وصي فانه لا ينتقل الى النقص الاول وانما يكون منتقلا من كمال الى مساو له او اعلى منه فمن بعث ورجع في الدنيا الى المعاصي والجهل بعد ما عاين فقد انتقل من كمال ( كمال او خل ) ادبار الى ادبار ابعد من الادبار الاول ولو فرض غلبة الاخلاط عليه في الرجوع الى الدنيا حتى نسي ما عاين وانقلب الى الحالة الاولى قبل الموت او انزل منها ففي الحقيقة والواقع هو كالاول ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم واما ظاهرا فليس رجوعه الى نقصه بمجرد اقتضائه لذاته بل بواسطة فعل المحيي الذي رده على ( عن خل ) طريق طبيعته الى ورائه
قال سلمه الله تعالى : مسئلة - ما الوجه في صحة اطلاق سميع بصير عليه سبحانه دون باقي مشتقات الحواس الظاهرة والباطنة فانا لم نجد نصا في جواز اطلاقها وهي انواع العلم كلها
اعلم ان اطلاق اسماء المشاعر والادراكات عليه تعالى على ثلثة اقسام : الاول ما يصح اطلاقه عليه كالسمع والبصر والعلم والادراك والحيوة والقدرة لذاته بمعنى انه عين ذاته الثاني ما يصح اطلاقه عليه كالارادة والكلام لفعله بمعنى انها عين فعله او صفة فعله الثالث ما لا يصح اطلاقه عليه كالذوق والشم واللمس والتخيل والفكر وما اشبهها لا لذاته ولا لفعله والسبب في ذلك مع النص المبين ذلك ان المشعر الذي يراد للاطلاق ان طابق الذات بان لا يراد منه اذا اطلق بعض الذات جاز اطلاقه عليه وهو عين ذاته كالسمع والبصر والحيوة والعلم والقدرة والادراك فان واحدا من هذه اذا اطلق على الذات لا يراد منه بعضها فاذا قلنا زيد حي لم نرد بالحيوة بعض زيد بل كله حي فهو الحي فهو الحيوة والا لكان مغايرا لها فلم يرد منها الكل وكذلك باقي المذكورات واذا كان الوصف مغايرا وكان جاريا مجرى الغير المغاير بشموله جاز اطلاقه على فعله لانه ظهور الكل كالارادة والكلام ولهذا قلنا انهما فعله واذا كان المغاير يختص ببعض الذات كالشم والذوق والتخيل وما اشبه ذلك لم يجز اطلاقه على ذاته ولا على فعله لاستلزامه التجزية والتجويف والمداخلة ولهذا منع من اطلاق هذه لذلك واما اطلاق اليد فانما جاز لان اليد لما جاز اطلاقها على القوة والنعمة جاز اطلاقها عليه اي على فعله واثر فعله ولانها الة الفعل بخلاف الرجل فانها لما لم تطلق على ما تطلق عليه اليد وانما تستعمل للسعي والانتقال الممتنع على القدم والتجرد ومع هذا قد يخفي حال الوصف على المكلفين فلهذا عين اهل العصمة (ع) الصفات فنصوا على ما يجوز اطلاقه عليه لذاته او لفعله وما يمتنع وذلك لما قلنا فافهم وقوله وهي انواع العلم كلها ليست انواعا للعلم من جنس واحد لان العلم هو صور المعلومات المجردة عن المادة والمدة والشم لادراك الروائح والذوق لادراك الطعوم وما اشبه ذلك وهذه جسمانيات لا تدرك الا بالاجسام او الجسمانيات ولا يجوز ذلك عليه سبحانه
قال سلمه الله : مسئلة - ما تحقيق معنى الاستطاعة وهل هي مع الفعل او قبله والفرق بينها وبين العزم والارادة والنية
اقول الاستطاعة التمكن من الفعل بالالة والصحة وتخلية السرب وتعريف صفات الافعال وتهيئة الاسباب فاذا وجد ( اوجد خل ) له الالة الصالحة للفعل الخير والشر والارادة الصالحة والمتعلق الصالح للخير والشر والامر بالخير والنهي عن الشر وبيان جميع مواردهما فهي تمليك ( فهذه الاشارة الى خل ) الاستطاعة لكنها قسمان استطاعة قبل الفعل وهي ما ذكر فانه يجب تقدمها قبل التكليف بالفعل الا انها بيد الله لا يملكها ولا يملك استعمالها لانها قبل الفعل ليست له والثانية استطاعة مع الفعل لا قبله ولا بعده وهي استعمال تلك في الفعل الذي خلقت له بالذات او بالعرض فاذا استعمل ذلك كذلك كان مالكا ( ملكا خل ) له حين الاستعمال مع الاستعمال لا قبله ولا بعده كما قال الصادق عليه السلم ليس له من الاستطاعة قبل الفعل قليل ولا كثير وليست هي العزم لان العزم بعض الاتها وكذلك الارادة والنية فتدبر
قال سلمه الله تعالى : مسئلة - ما معنى خالق اذ لا مخلوق حتى صح ولم لا تصح مفارقة الارادة للمراد حتى قال عليه السلم لا يكون المريد الا والمراد معه
اقول قوله عليه السلم خالق اذ لا مخلوق ليس حقيقة على ظاهره لان خالقا اسم فاعل ولا يكون فاعل ولا ( فاعل الا وله خل ) مفعول ولهذا ورد عنهم عليهم السلم له معنى الخالقية ولا مخلوق ومعنى الخالقية هو العلم والقدرة اي كان عالما بما يخلق قادرا عليه اذ لا يصح ان يقال خلق ولا مخلوق لانه معنى فعلي لا يتعقل بغير اقتران وعدم الاقتران وجوب فالحق فيه ان المراد له معنى خالق اذ لا مخلوق واما ان الارادة لا تكون الا مع المراد فان ( فلان خل ) الارادة طلب المراد ولا يعقل طلب لا يرد ولا يكون مراده والا كان له مرد تعالى الله عن ذلك لان الارادة ليست حالا ذاتيا والا لما اتصف بضده فلا يقال لم يرد واذا كان ثابتا انه يريد ولا يريد دل على الطلب ( الطلب الفعلي خل ) الذي لا مرد له فلا يكون الا والمراد معه فنقول هل اراد ان يكون زيدا ( زيد خل ) اليوم ولا يكون الا بعد سنين ام لم يرد ان يكون اليوم ام اراد اليوم ان يكون بعد سنين فمن الاول يلزم الامتناع من الممكن عن ارادته ومن الثاني يثبت ان الارادة حادثة كما هو المطلوب ومن الثالث يلزم عدم تحقق الارادة لان الارادة طلب الفعل وطلب الفعل اليوم لمفعول لا يفعل الا بعد مدة لا يتحقق وانما يتحقق العلم به كما قال الصادق عليه السلم لما سئل لم يزل الله مريدا ( مريدا عالما خل ) قال عليه السلم لم يزل الله عالما قادرا ثم اراد فظهر لمن فهم ان الارادة لا تكون ولا تتحقق الا مع المراد
قال سلمه الله تعالى : مسئلة - هل يصح النسخ قبل مضى زمن يسع الفعل ام لا وما الفرق بينه وبين البداء
اقول النسخ بداء كما تقدم في المسائل الاولى والبداء نسخ الا ان النسخ بداء تشريعي والبداء نسخ تكويني وهو كثير في الايات قال تعالى فتول عنهم فما انت بملوم اراد تعذيبهم بلا مهلة فسبقت رحمته غضبه فقال وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين وكذلك قوله تعالى مخلقة وغير مخلقة في النطف ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين وما ذكره اهل الاصول مبني على امور قشرية وهذا هو الواقع من امر الله ومن فعله فهو بداء والبداء نسخ وشرح الحال يعلم مما تقدم فانه ( فان خل ) المنسوخ قد انقضت مدته في الوجود الزماني وكذلك البداء على نحو سواء
قال سلمه الله تعالى : مسئلة - كيف يأمر الله تعالى خليله بذبح ابنه اسمعيل وهو لم يرد ذبحه
اقول قد تقدم جواب هذه المسئلة ولكن هذا مما قلنا من جواز النسخ قبل الفعل وهو كثير
قال سلمه الله تعالى : مسئلة - ما شرح معنى ما في الكافي عن ابي بصير عن ابي عبد الله عليه السلم قال لابد لصاحب هذا الامر من غيبة ولا بد له في غيبته من عزلة ونعم المنزل طيبة وما بثلاثين من وحشة
اقول اما غيبته فقد وقعت عجل الله فرجه وسهل مخرجه واعاننا على طاعته واما العزلة فظاهر معناها بل قد لزمها في حيوة ابيه عليهما السلم وفي بعد وفاة ابيه عليهما السلم وان كان يرونه خواصه الى حدود الثلاثمائة وثلاثين تقريبا ثم اشتدت الغيبة ولزم العزلة بعد ذلك فلا يراه الا المؤمنون من الجن والملئكة والاركان الاربعة وقد يظهر للابدال لبعض الاوامر او يكتب لهم او يسمعون كلامه عليه السلم وقوله عليه السلم ونعم المنزل طيبة يجوز ان يريد بها المدينة وانه معتزل فيها مستتر عن الخلق واتخذها مأوى والخلق لا يعلمون بل قد يشعر ( تشعر خل ) بعض الروايات انه نزل مدينة هورقليا فاذا جاء امر الله وخرج ذوالفقار من غمده نزل الى الارض فتراه كل عين ويجوز ان يريد بها طيبة كرعة من اليمن في وادي شمراخ وشمريخ من هورقليا وقوله عليه السلم وما بثلاثين من وحشة لعله يريد بذلك الابدال الذين قد يشاهدونه ويأنس بهم وهم على ما في الكافي ثلثون بدلا والمعروف عند العلماء انهم اربعون بدلا لانه قالوا ان الوجود والنظام لا يقوم الا بعدد مخصوص لا ينقص قطب وهو الغوث وهو محل نظر الله من العالم واربعة اركان واربعين بدلا وسبعين نقيبا وثلاثمائة وستين صالحا والقطب لا تخلو الارض منه والاربعة الاركان باقون ما بقي النظام والابدال اذا مات احدهم تفضل الله على واحد من النقباء وايده فقام مقام البدل وانما سمي بدلا لانه يكون مثله في هيئته وعمله وملبسه وتفضل الله على واحد من الصالحين فقام مقام ذلك الذي لحق الابدال من النقباء فكان نقيبا مكانه وتفضل الله على واحد من المؤمنين فقام مقام من تمم النقباء من الصالحين وفي حديث جابر ما يقارب رواية الكافي من كون الابدال ثلثين وان سماهم بغير هذا الاسم وبالجملة فالظاهر ان المراد بقوله عليه السلم وما بثلاثين من وحشة انهم الابدال والله اعلم
قال سلمه الله : مسئلة - ما معنى قول صاحب الكشكول في فضل آل الرسول صلى الله عليه وآله ( في اوله خل ) اذا اعتبرنا مثلا تعديل اجزاء الصورة البشرية في ادم عليه السلم وجدناها تسعمائة جزء من التراب ( التراب وتسعين جزءا من الماء خل ) وتسعون جزء من الهواء ( وتسعة اجزاء من الهواء خل ) وجزءا واحدا من النار واذا اردنا تعديل الصورة البشرية الابليسية وجدناها سبعمائة جزء من التراب ومائة جزء من الماء ومائة وخمسين جزء من الهواء وخمسين جزءا من النار افحق هذا ام لا وما وجهه ومأخذه ودليله
اقول اما هذا التفصيل فلماقف عليه الا في هذا الكتاب المذكور ولم اعرف مأخذه ولا وجهه ولا دليله والذي في خاطري ان الترتيب غير هذا ولكن لا ينبغي ان يكذب الانسان بما لم يعلم لان الانسان على هذا الترتيب الف جزء والذي يفيده العلم الطبيعي المكتوم ان الانسان مائة وستة وسبعون جزءا في الذكر دون الانثى وبالجملة فلا علم لي بتفصيل هذه المسئلة والله اعلم
قال سلمه الله تعالى : ما حقيقة عالم الذر والميثاق وما رتبتهما في الانسان العالم الكبير والصغير
اقول اما حقيقة الذر فالذر له ثلاث مراتب الاول ذر الرقائق في الحجاب الاصفر والثاني ذر الصور في الحجاب الاخضر وعالم الاظلة وورق الاس والثالث ذر التكليف و( في خل ) دار الدنيا وانما اخذ الميثاق فهو الخلق الثاني والصبغة التي عليها مدار الثواب والعقاب والطينة التي تجري عليها الاعمال الطيبة والخبيثة وذلك ان الله سبحانه خلق اكوانهم بماهياتها وهو قوله عليه السلم جعل فيهم ما اذا سئلوا اجابوا ثم قال لهم الست بربكم قالوا بلى فمن اجاب بقلبه ولسانه مطيعا منقادا خلقه من طينة الطاعة والاجابة اي من اعلى عليين ومن اجاب بلسانه و انكر بقلبه خلقه من طينة المعصية والانكار اي من طينة سجين وطينة خبال وعلى هاتين الطينتين جرى ( خير خل ) المكلف المختار كما قال صلى الله عليه وآله لسراقة بن مالك اعملوا فكل ميسر لما خلق له وكل عامل بعمله فخلق كونهم ثم سألهم الست بربكم قالوا بلى فخلقهم في السؤال والجواب الخلق الثاني في قربة ( فرتبة خل ) الذر الاول في الروح والثاني في النفس والثالث في الدنيا بهما
قال سلمه الله تعالى : وما معنى الحسبان في وترى الجبال وفي وتحسبهم ايقاظا وهم في الحقيقة على خلافه
اقول الظاهر ان هذا وامثاله مثل لان اشركت ليحبطن عملك كلها من باب اياك اعني واسمعي يا جارة اما الاول ففي الظاهر ظاهر وفي الباطن ان الممكن الباقي محتاج في بقائه الى المدد فهو ابدا نهر يجري مستديرا عوده على بدئه فهو موجود مفقود وهذا انما يخفى على عامة المكلفين ( الناس خل ) لا على العلماء فضلا عن النبي صلى الله عليه وآله حتى يظن خلاف الواقع وانما ذلك لامته واما الثاني فلأن اهل الكهف كانوا نياما واعينهم مفتوحة وشعورهم طويلة ( الطويلة خل ) وامثال ذلك فاذا رءاهم شخص من سائر الناس استوحش منهم ورعب ولكن كيف يكون هذا في حق النبي صلى الله عليه وآله وليس في خلق الله اشد ثباتا منه وانما هو لامته وفيهم معنى اخر ان اهل الكهف التأويلي الذي هو الجسد سبعة وثامنهم كلبهم عقل وعلم ووهم ووجود وخيال وفكر وحيوة وكلبهم هو الاثيرية باسط ذراعيه بالوصيد وهو الغضب في الانسان الصغير لو اطلعت عليهم وعرفتهم على ما هم عليه لمارايت من شيء من ( لشئ منهم خل ) شعورا ولا احساسا ولا ادراكا بل ولا وجودا بل هم رقود ونحن نقلبهم جهة الخير وجهة الشر ولو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولم تعتمد على احد منهم اذ العاقل لا يعتمد على ما ليس بشيء بل يولي عنه فرارا الى الشيء الذي يصح الاعتماد عليه ويجب الالتجاء اليه ولو التجأت الى احد منهم ثم تبين حاله لك لملئت منه رعبا حيث التجأت الى ما ليس بشئ وهذا لا يكون منه صلى الله عليه وآله وانما يكون من رعيته غير العارفين فالحسبان منهم لا منه
قال سلمه الله تعالى : مسئلة - اذا انتهى الزمان الى الثابت فكيف ينحصر عد ما مضى من آدم الى الان وقد سألني عن هذه بعض المذاكرين الخ
اقول ان قلنا بهذا القول بان الحادث منته الى القديم لم يمنع من عد الحادث لان من ادم الى الان ليس هو القديم ولا هو من المجردات عن المدة ان اريد بالثابت المجردات فانها لا ينسب اليها الماضي والحال والاستقبال لان هذا حال الزمانيات فمن قال بالانتهاء الى الثابت لم يمنع من عد المنتهى وان منع من عد المنتهي اليه واما على ما نقول من ان الزمان منته الى الدهر فهو معدود بالاجزاء الزمانية والدهر معدود بالاجزاء الدهرية والدهر منته الى السرمد وهو معدود بالاجزاء السرمدية والسرمد منته الى نفسه لا غير والكل قائم بالله قيام صدور فافهم
قال سلمه الله تعالى : مسئلة - ما الوجه فيما يظهر من الاثر ان ابليس خلق قبل ادم عليه السلم
اعلم ان ابليس لم يخلق قبل ادم بقول مطلق وانما خلق قبل ادم ابينا الاخير لانه خلق من نار وما يخلق من النار يسبق ما يخلق من التراب للترتيب الطبيعي ولانه مظهر الجهل الاول الذي هو ضد العقل الذي قبل الموجودات ولان ادم ابانا لو كان مخلوقا قبل ابليس لما امكن ان يتسلط عليه ظاهرا ولكن كل هذا على الظاهر ( الظاهر والا خل ) ففي الحقيقة ادم قبل ابليس في الدهر وان كان ابليس قبل ادم في الزمان بناء على ان النار قبل التراب والا ففي الحقيقة انما خلق ابليس من نار الشجر الاخضر وذلك الشجر خلق من التراب فالتراب قبل النار التي خلق منها ابليس
قال سلمه الله تعالى : مسئلة - اي المقابلات بين العقل والجهل تقابل ملكة وعدم ام تضاد ام نفي وايجاب
اقول اعلم ان الجهل له اطلاقان لكل واحد وجه احدهما يراد شبه ضد العلم والتقابل بينهما تقابل ملكة وعدم لان العلم هو الصورة المجردة عن المادة الجسمية والمدة الزمانية والجهل عدم الصورة وثانيهما يراد به ضد العقل والتقابل بينهما تقابل تضاد لان العقل هو المعاني المجردة عن المادة الجسمانية والمدة الزمانية والصور النفسية والمثالية وهو المعبر عنه باليقين والثبات البات والجهل هو الشك والتردد بين طرفي النفي والاثبات كانما يصعد في السماء فمثله كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث والى ذلك الاشارة بقوله عليه السلم في حديث الكافي حكاية عن الجهل ولا قوة لي به وانا ضده وقد يطلق الجهل في ظاهر اللغة او مجازا على ما يقابل المعرفة فيقال زيد يجهل هذا الشيء ولا يعرفه والاصل ان المعرفة تقابل بالانكار كما قال تعالى ام لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون ويعرفون نعمت الله ثم ينكرونها فافهم
قال سلمه الله تعالى : مسئلة - الجهل البسيط ان لم يكن فيه وجود فكيف يكون وان كان فما الفرق بينه وبين المركب
اقول الجهل البسيط موجود وقولنا انه عدم الصورة ليس نريد انه هو في نفسه عدم وانما هو موجود ولكن لا صورة فيه بناء على ان العلم هو الصورة النفسانية واذا قلنا ان الجهل البسيط موجود فالفرق بينه وبين المركب ان البسيط موجود لا علم فيه ولا يدعي العلم والمركب كذلك الا انه يدعي العلم فالتركيب بين عدم العلم ودعوي العلم والبساطة عدم التركيب بدعوى العلم
قال سلمه الله تعالى : مسئلة - اهل ( لاهل خل ) المنطق على ان اللازم لا يكون اخص فاي رتبة من الوجود المقيد ان كانت من لوازم المطلق فكيف تفقد في غيرها وان لم تفقد لم تتمايز الشخصيات وان فقدت تحقق الانفكاك وكذا الاشخاص بالنسبة الى الانواع وهي الى الاجناس
اقول ان مسئلة كون اللازم لا يكون اخص لا ارتباط لها بهذه المسئلة من وجهين احدهما ان هذه الرتبة ليست لازمة وانما وجدت عند توفر اسبابها السبعة المتقدمة التي هي المشخصات وثانيهما ان تعلق هذه الرتبة من المقيد بالمطلق انما هو بجهة منه خاصة بتلك الرتبة فتنهدم المسئلة من اصلها لان الوجود المطلق ان اريد به المعنى الاصطلاحي فهو عالم المشية والابداع وعليه فتعلقه بتلك المرتبة من المقيد انما هو بجهة منه خاصة بها لا بكله من حيث هو وان اريد به مطلق الوجود فهذا معنى اصطلاحي ليس له تحقق في الواقع وانما يتصور في الفرض هذا على دعويهم واما على الحق فلا يمكن فرض ذلك على معنى صحيح تبني عليه مسئلة بل الوجود الحق سبحانه في صقع لا يدخل فيه شيء ولا يدخل هو في شيء ولا ينسب الى شيء ولا ينسب اليه شيء والوجود المطلق هو مشيته وفعله وهو عالم متفرد كذلك والوجود المقيد هو المفعولات التي اولها العقل واخرها ما تحت الثرى ولا ملازمة لواحد من هذه الثلاثة باخر فكل رتبة من مراتب الوجود المقيد توجد في مرتبتها بذاتها وتوجد في ما تحتها بظهورها او انعقادها فتكون بانعقادها ليست هي الذائبة بذاتها وانما ذلك صفة الذائبة والذائبة من حيث هي فوق ذلك لا في السفلى وتوجد فيما فوقها بالامكان والقوة لا بالفعل والاصل في ذلك ان الشيء انما يكون هو هو بالمشخصات السبعة التي هي الوقت والمكان والرتبة والجهة والكم والكيف والمهية
قال سلمه الله تعالى : مسئلة - ما تفصيل السبع التي لا يكون شيء الا بها في مراتب الكبير والصغير وتحققها في الآفاق والانفس بالنسبة الى تعقلاتها
اقول قد سأل ايده الله عن هذه المسئلة في المسائل الاولى وكتبنا جوابها فلا فائدة في ذكره هذا اخر المسائل الثانية والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله