الرسالة الموسوية (اتانا شخص يقول أنا وكيل صاحب الزمان)

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - الرسالة الموسوية (اتانا شخص يقول أنا وكيل صاحب الزمان)

الرسالة الموسوية

في جواب الشيخ موسى البحراني

من مصنّفات

الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد الخامس
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

اما بعد ( وبعد خ‌ل ) فيقول العبد المسكين احمد بن زين ‌الدين انه قد ورد على خط من الشيخ موسى البحراني ساكن مشهد الكاظم عليه السلم في سنة ست ومأتين والف يذكر فيه انه قد اتانا شخص يقول انا وكيل صاحب الزمان عليه السلم وانه وصل الجزيرة الخضراء والبحر الابيض والظلمات وانه اتى بيت المقدس والمدينة المنورة ومكة المشرفة في لحظة واتى بلادا مخفية قدر بغداد ولها قرى كثيرة واذا فيها مسجد ينتظرون صلوة الجماعة مع القائم عليه السلم وصلى بهم وولده حاكم بتلك البلاد واهل تلك البلاد شغلهم ارشاد الضال ونصرة القائم عليه السلم والمؤمنين وهم الذين اوصلوا هذا المدعي الى الجزيرة الخضراء وانه قد حج بهم القائم عليه السلم وهو معهم تسعة سنين وان القائم هو الذي امره بأن يمضي ويخبر بهذا الكلام وغير ذلك هذا بعض مختصر ما كتب لي ايده الله وقال لي ان هذا الشخص زاهد في الدنيا والناس بين مصدق ومكذب فكتبت له جواب ذلك على استعجال وتشويش بال وهو :

بسم الله الرحمن الرحيم

عافانا الله واياكم من مضلات الفتن الا تسمع ( الا تسمع الى خ‌ل ) قول عليّ عليه السلم لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة ( غربلة ولتبلبلن بلبلة خ‌ل ) ولتساطن سوط القدر الحديث اعلم غير معلم ان في الارض الثالثة سكانا شأنهم القاء الشبه والشكوك والتمويهات على الناس قد قيضوا لقرنائهم من الناس الذين يعشون عن ذكر الرحمن يكلمون الناس باللسان الملحد في اسماء الله قد حقت عليهم الضلالة والغواية فاغووا انهم كانوا غاوين وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا كما قال الصادق عليه السلم هيهات فات قوم وماتوا قبل ان يهتدوا وظنوا انهم امنوا واشركوا من حيث لا يعلمون وربما اصغى اليهم بعض المؤمنين الذين يجهلون الفرق بين اللسانين اللسان المقتصد واللسان الملحد وذلك لان الباطل يشبه الحق ه‍ وفي الانسان داعيان داعي الله العقل وداعي الشيطان النفس فالعقل يطلب الحق لا غير والنفس تطلب الباطل لا غير وانبعاثها سواء ومطلوباهما وهو الحق والباطل متشابهان وبيان ذلك في القران كقوله في الحق تعالى كشجرة طيبة اصلها ثابت وفرعها في السماء وفي الباطل كشجرة خبيثة اجتثت وقوله تعالى كسراب بقيعة يحسبه الظمان ماء والسراب اشبه شيء بالماء الا ترى الى ان الوطى مع التراضي بحدود الله نكاح وباهمال الشيطان سفاح وكقوله تعالى فسالت اودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية او متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فاما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض فجعل الباطل زبدا يذهب جفاء يعني لا ثبات له ولا اصل والحق زبدا ماكثا في الارض يعني ثابتا فلما كان الباطل الذي هو مطلوب النفس مشابها للحق الذي هو مطلوب العقل التبست على القاصر الامور ولم ‌يميز المباح والمأمور من المحذور ولذلك ابتلى الله العباد وخلقهم كما اراد ليعلم الله من يخافه بالغيب وبعث اليهم الهادين قرى ظاهرة للسائرين الى الله وقدر في هداهم السير سيروا فيها ليالي واياما امنين فبهديهم اقتده ان الدنيا بحر عميق قد غرق فيها عالم كثير لاشتباه الداعيين واختلاط الحق والمين اذ لو خلص الحق لم ‌يخف على ذي حجى واولئك الملحدون يظهرون باطلهم الذي بنوا اساسه على زيغ قلوبهم وابتغاء الفتنة وابتغاء التأويل وابرزوه في صورة الحق ويأولون المحكم على طبق زيغهم في زبرج وقارهم ومتلون عفافهم الا تسمع قول الله تعالى ومن الناس من يعجبك قوله في الحيوة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد الخصام فهذا الشخص من اولئك الملحدين الذين يتكلمون بلسان اهل التصوف الذين قال الصادق عليه السلم في حقهم ( الذين قال في حقهم الصادق عليه السلام خ‌ل ) كما رواه الورع الاقصد الشيخ احمد الاردبيلي في حديقة‌الشيعة باسناده قال قال رجل للصادق عليه السلم قد خرج في هذا الزمان قوم ( قوم في هذا الزمن خ‌ل ) يقال لهم الصوفية فما تقول فيهم فقال عليه السلم انهم اعداؤنا فمن مال اليهم فهو منهم ويحشر معهم وسيكون اقوام يدعون حبنا اهل البيت ويميلون اليهم ويتشبهون بهم ويلقبون انفسهم بلقبهم ويأولون اقوالهم الا فمن مال اليهم فليس منا وانا منهم برءاء ومن رد عليهم كان كمن جاهد الكفار مع رسول الله صلى الله عليه وآله وغير ذلك واصل مأخذ ( ماخذهم خ‌ل ) ما ثبت عقلا ونقلا ان الانسان نسخة العالم الكبير وانه انطوى فيه العالم الاكبر كما نقل عن عليّ عليه السلم انه قال الصورة الانسانية هي اكبر حجة الله على خلقه وهي الكتاب الذي كتبه بيده والهيكل الذي بناه بحكمته وهي مجموع صور العالمين وهي المختصر من اللوح المحفوظ وهي الشاهد على كل غائب وهي الحجة على كل جاحد وهي الصراط الممدود بين الجنة والنار وكما قال الصادق عليه السلم العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية وما خفي في الربوبية اصيب في العبودية الحديث وغير ذلك من الادلة ودليل العقل معروف في محله فلما عرفوا بعض تفصيل ذلك اولوا جميع ما ورد من الشارع عليه السلم في العالم الكبير على العالم الصغير وهو الانسان وجحدوا ما في الكبير جهلا لما وجدوا في انفسهم من الاحاطة بالصغير ولم‌ يقدروا على الاحاطة بالكبير فكذبوا بما لم ‌يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله والحق ان ما وجد في الصغير فانه من الكبير كما ( كالذي خ‌ل ) في المرءاة من المقابل لها وبالجملة بيان ما يقتضيه المقام كثير لا يليق بالمكتوب ولكن اشير الى بعض ما يعنون على سبيل الذكر والاشارة فاذا قالوا القائم يريدون به العقل واذا قال شخص منهم انا القائم يريد انه الذي استقام عقله بجنده الخمسة والسبعين المذكورة في اول كتاب الكافي فملأ طبيعته وجسده قسطا وعدلا واذا قالوا اعور الدجال يريدون به النفس الامارة المدجلة بمعنى انها تخلط عليه الامر تخلط عليه الباطل فتظهره في صورة الحق من ادجل فلان عليه اذا لبس ( البس خ‌ل ) عليه الامر ومقتضى شهواتها هي جنة التي هي طريق اهل الشقاوة ومخالفتها هي ناره التي هي طريق اهل السعادة واذا قالوا الجزيرة الخضراء يريدون بها سماء الخيال وهو السماء الثالثة في الانسان ويقولون سكانها اولاد القائم عليه السلم يعني العقل لان الخيال فيه صور المعلومات المجردة عن المادة والعقل فيه معاني تلك الصور المجردة عن المادة والصورة وكل صورة في الخيال تبرز من اصلها المعنوي الذي هو في العقل فهم اذا عيال القائم اي العقل والحاكم عليهم فيها الخضر (ع) ومرة يقولون ولده ويريدون بالبحر الابيض ماء العقل المحيط بالفكر والخيال وان سفن الاعداء تغرق فيه لان العقل لا تصدر عنه صور الباطل ولاتصعد اليه معانيها والظلمات هي الماهية التي ماشمت رائحة الوجود كما ان الظلمة ما شمت شيئا من النور وبيت‌المقدس هو فناء العقل والكعبة هي القلب وهو عرش الرحمن والمنظر الاعلى والمدينة هي مدينة العلم اي الصدر الذي عبرنا عنه سابقا بالخيال وامثال ذلك من الاشياء التي في الانسان ويقولون ليس مراد الشارع عليه السلم من جميع اشاراته الا هذه وكذبوا بل مراد الشارع عليه السلم هذه الاشياء المعروفة عند العوام واياتها هذه الاشياء التي ذكروا وكل مراد للشارع عليه السلم لكن الظاهر في العالم الكبير هو المراد وهو المدلول عليه وهو للعامة والخاصة وللخاصة ما في العالم الكبير لانه المدلول عليه وما في العالم الصغير وهو الانسان لانه الدليل لان الخاصة لهم المدلول عليه والدليل كما قال الله تعالي سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق فاستعينوا بالصبر والصلوة وامسكوا على ما في ايديكم من الحق فان ارتبتم فارجعوا الى العلماء الذين نصبهم الله لتشييد الدين وازالة انتحال المبطلين وراجعوا الكتب التي جمعها الاصحاب شكر الله سعيهم في الرجعة فانها تشد القلوب الضعيفة لما فيها من ذكر العلامات وبيان الايات وفي حديث المفضل بن عمر المشهور عن الصادق عليه السلم في شأن الصاحب عليه السلم ( السلام ثم خ‌ل ) يغيب في اخر يوم من سنة ست وستين ومائتين فلا تراه عين احد حتى يراه كل احد وكل ( كل عين خ‌ل ) وكما روى من الامر بتكذيب مدعي الرؤية قبل خروج السفياني وان قبل قيام القائم عليه السلم اليماني والسفياني والسنين كسنى يوسف والمطر اربعين يوما ونشر بعض الاموات كما في محكم الايات والخوف والجوع ونقصا من الاموال والانفس والثمرات والموت الاحمر والموت الابيض حتى لا يبقى الا ثلث الناس من سكان الدور الثلث وهم سكان الدور ( الدار خ‌ل ) الثالثة الاخرة وظهور الشخص في قرص الشمس وخسف القمر بخمس وكسوف الشمس بخمس‌عشرة وطلوع الشمس من مغربها والمنادي من السماء والمنادي من الارض وخسف بالبيداء وقتل النفس الزكية وغير ذلك من العلامات المذكورة في الروايات ومنها المحتوم كالسفياني وقتل النفس الزكية ودعوات بعض ائمة الضلال وغيرها وكل ما يكون منها يكون قبل قيامه وقبل رؤيته والعاقبة للمتقين وسحقا وبعدا للقوم الظالمين وحصر هذه على الباطن باطل كما ان بطلان حصرها على الظاهر ظاهر كما مر ولولا خوف الاطالة لاطلقت عنان القلم برهة من الزمان ولمعة من الدهر وسيبة من السرمد في بيان فساد دعوى المتلونين الذين هم اعداء الدين على اني لو حضرت لزهق الباطل لاتساع فج التصرف في اللفظ ولان المشاهدة تطرد العصافير بقطع الشجرة لا بالتنفير والحمد لله رب العالمين ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

المصادر
المحتوى