رسالة في تفسير كلمة (أحد) من سورة التوحيد (رسالة التوحيد)

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - رسالة في تفسير كلمة (أحد) من سورة التوحيد (رسالة التوحيد)

رسالة في تفسير كلمة احد من سورة التوحيد

من مصنّفات

الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد التاسع
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية
p

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين ‌الدين الاحسائي انه قد عرض لي وارد وانا في بعض الصلوات النوافل ففتح لي فهم بعض معاني احد من قل هو الله احد وما يراد منه فاردت ان اثبت بعض ما ورد عليّ ( عليّ من خ‌ل ) معنى احد في السورة الشريفة ليتنبه لمحض التوحيد من كان له قلب من طالبي مراتب ( المراتب خ‌ل ) العالية من اخواننا المؤمنين او القى السمع وهو شهيد وينبغي ان اذكر قبل ذلك بعض كلام اهل اللغة والعلماء وما اشاروا اليه من الشبه والاجوبة من باب المقدمة لانه هو الذي انست به افهام الاكثرين ليكون سلما يرتقون به الى ما اشير اليه تسهيلا للبيان والله سبحانه هو المستعان رجاء ان يعثر الطالب للعرفان على مراد سادات الزمان عليهم سلام الرحمن الذي خلق الانسان وعلمه البيان من التوحيد الذي هو من نهايات الايمان في رتبة الامكان

فاقول ان احد عند اهل اللغة بمعنى الواحد وكذا في ظاهر بعض الاخبار قال في النهاية وفي حديث الدعاء انه قال لسعد وكان يشير في دعائه باصبعين احد احد اي اشر باصبع واحدة لان الذي تدعو اليه واحد وهو الله تعالى انتهى وفي القاموس الاحد بمعنى الواحد ويوم من الايام جمعه آحاد واحدان او ليس له جمع او الاحد لا يوصف به الا الله سبحانه وتعالى لخلوص هذا الاسم الشريف له تعالى ويقال للامر المتفاقم احدي الاحد وفلان احد ( احدي خ‌ل ) الاحدين وواحد الاحدين وواحد الاحاد وواحدي ( احدي خ‌ل ) الاحد لا مثل له وهو ابلغ المدح ه‍ اقول وظاهر ما ذكره من المبالغة والشهرة ( الشدة خ‌ب ) في احد انما هو مستفاد من الاضافة لا من نفسه وقال في النهاية في اسماء الله تعالى ( تعالى الاحد خ‌ب ) وهو الفرد الذي لم ‌يزل وحده ولم‌ يكن معه آخر وهو اسم بني لنفي ما يذكر معه من العدد تقول ما جاءني احد والهمزة فيه بدل من الواو اصله وحد لانه من الوحدة ه‍ وقال الازهري الفرق بين الواحد والاحد ان الاحد بني لنفي ما يذكر ( يذكره خ‌ل ) معه من العدد تقول ما جاءني احد والواحد اسم بني لمفتتح العدد تقول جاءني واحد من الناس ولا تقول جاءني احد والواحد هو المتفرد بالذات في عدم المثل والنظير والاحد المتفرد بالمعنى ه‍ وقيل الاحد هو الذي لا يتجزأ ولا يقبل الانقسام ولا نظير له ولا مثل ولا يقبل مع هذين ( لا يقبل هذين خ‌ب ) الوصفين الا الله تعالى وفي توحيد الصدوق الاحد معناه انه واحد في ذاته قال السيد نعمة‌ الله في شرح هذا الكلام هذا مبني على ترادف الواحد والاحد كما هو احد القولين وقال يجوز ان واحدا من الدواب او الطير او الوحوش او الانس قال ( وقال خ‌ب ) السيد نعمة‌الله محصل هذا الفرق ان الواحد يطلق على الانسان وغيره بخلاف الاحد فانه لا يطلق الا على الانسان يعني ان الواحد اعم موردا لكونه يطلق على من يعقل وغيره ولا يطلق الاحد الا على من يعقل وذكر المحققون وجها آخر للفرق بينهما اذا وقعا في سياق مثل هذا النفي وهو ان قولك ليس في الدار واحد لا يقتضي استغراق النفي مطلقا فيجوز ان يكون فيها اثنان بخلاف قولك ليس في الدار احد فانه يقتضي استغراق الآحاد وغيرها وذكر الشهيد طاب ثراه ان الواحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة الى الذات والاحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة الى الصفات انتهى كلام السيد نعمة ‌الله وعبارة الصدوق في التوحيد هكذا : الواحد الاحد معناه انه واحد في ذاته ليس بذي ابعاض ولا اجزاء ولا اعضاء ولا يجوز عليه الاعداد والاختلاف لان اختلاف الاشياء من آيات وحدانيته مما دل به على نفسه ويقال لم يزل الله واحدا ومعنى ثان انه واحد لا نظير له فلا يشاركه في معنى الوحدانية غيره لان كل من كان له نظراء واشباه لم يكن واحدا بالحقيقة ويقال فلان واحد الناس اي لا نظير له فيما يوصف به والله واحد لا من عدد لانه عز وجل لا يعد في الاجناس ولكنه واحد لا نظير له وقال بعض الحكماء في الواحد والاحد انما قيل واحد لانه متوحد والاول لا ثاني معه ثم ابتدع الخلق كلهم محتاجا بعضهم الى بعض والواحد من العدد في الحساب ليس قبله شيء بل هو قبل كل عدد والواحد كيف ما ادرته او جزيته لم ‌يزد فيه شيء ولم ‌ينقص منه شيء تقول واحد في واحد واحد فلم ‌يزد عليه شيء ولم يتغير اللفظ عن الواحد فدل على انه لا شيء قبله ( قبله واذا دل على انه لا شيء قبله خ‌ل ) دل على انه محدث الشيء واذا كان هو معنى محدث الشيء دل على انه لا شيء بعده فاذا لم يكن قبله شيء ولا بعده شيء فهو المتوحد بالازل فلذلك ( فكذلك قيل خ‌ب ) واحد احد وفي الاحد خصوصية ليست في الواحد تقول ليس في الدار احد فهو مخصوص بالآدميين دون سائرهم والاحد ممتنع من الدخول في الضرب والعدد والتشبيه وفي شيء من الحساب وهو منفرد بالاحدية والواحد منقاد للعدد والقسمة وغيرهما داخل في الحساب تقول واحد واثنان وثلثة فهذا العدد والقسمة والواحد علة العدد وهو خارج من العدد وليس بعدد وتقول ( بعدد تقول خ‌ب ) واحد في اثنين وثلاثة فما فوقها وتقول في القسمة واحد بين اثنين او ثلاثة لكل واحد من الاثنين واحد ونصف ومن الثلاثة ثلث فهذه القسمة والاحد ممتنع في هذه كلها لا يقال احد ولا اثنان ولا احد في احد ولا واحد في احد ولا يقال احد بين اثنين والاحد والواحد وغيرهما من هذه الالفاظ كلها مشتقة من الوحدة انتهى كلامه في كتاب التوحيد وفيه قال الباقر عليه السلم الاحد الفرد المتفرد والاحد والواحد بمعنى واحد وهو المتفرد الذي لا نظير له والتوحيد الاقرار بالوحدة وهو الانفراد والواحد المتباين الذي لا ينبعث من شيء ولا يتحد بشيء ومن ثم قالوا ان بناء العدد من الواحد وليس الواحد من العدد لان العدد لا يقع على الواحد بل يقع على الاثنين فمعنى قوله الله ( الله احد اي خ‌ب ) المعبود الذي يأله الخلق عن ادراكه والاحاطة بكيفيته فرد بالهيته متعال عن صفات خلقه ه‍ وباستناده ( باسناده خ‌ل ) الى المقداد ( المقدام خ‌ل ) بن شريح بن هاني عن ابيه قال ان اعرابيا قام يوم الجمل الى امير المؤمنين عليه السلم فقال يا امير المؤمنين اتقول ان الله واحد قال فحمل الناس عليه وقالوا يا اعرابي ما ترى ما فيه امير المؤمنين (ع) من تقسم القلب فقال امير المؤمنين عليه السلم دعوه فان الذي يريده الاعرابي هو الذي نريده من القوم ثم قال يا اعرابي ان القول في ان الله واحد على اربعة اقسام فوجهان منها لا يجوزان على الله عز وجل ووجهان يثبتان فيه فاما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل واحد يقصد به باب الاعداد فهذا ما لا يجوز لان ما لا ثاني له لا يدخل في باب الاعداد الا ترى انه كفر من قال ثالث ثلثة وقول القائل هو واحد ( احد خ‌ب ) من الناس يريد به النوع من الجنس فهذا ما لا يجوز عليه لانه تشبيه وجل ربنا عن ذلك وتعالى واما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل هو واحد ليس له في الاشياء شبيه كذلك ربنا وقول القائل ان ربنا عز وجل احدي المعنى يعني به انه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم كذلك ربنا عز وجل ه‍ ومثل معناه ما في رواية الفتح بن يزيد الجرجاني عن ابي ‌الحسن الرضا عليه السلم وقال التفتازاني في اعراب كلمة لا اله الا الله ما حاصله ان لفظة الله موضوعة للذات المتشخصة لا للمفهوم الكلي والا لم ‌تكن لا اله الا الله مفيدة للتوحيد قيل عليه يمكن ان يستدل على ان لفظة الله موضوعة للمفهوم الكلي ( الكلي فانها خ‌ل ) لو كانت موضوعة للذات المتشخصة لم ‌تكن قل هو الله احد مفيدة للتوحيد اذ التوحيد انما يستفاد منه لو افاد ان هذا ( لو قارن هذا خ‌ب ) المفهوم الكلي احد لا فرد سواه واما اذا افاد ان هذا الذات المتشخصة احد فلا يستفاد منه الا ان هذا الفرد من هذا المفهوم الكلي احد ولا يستفاد منه انه لا فرد لهذا المفهوم سواه قيل فيه اولا انما يتجه على تقدير كون هو ضمير الشان والجملة بعده مبتدأ وخبر خبر عنه اما على تقدير كونه راجعا الى المعبود كما ورد في التفسير انهم قالوا له صلى الله عليه وآله اخبرنا عن الهك ما هو فنزلت الآية اي قل في جوابهم هو الله احد فيكون احد خبرا بعد خبر فلا اتجاه له وثانيا انه على تقدير ذلك فالتوحيد مستفاد من آخرها وهو قوله ولم‌ يكن له كفوا احد فتأمل ه‍ اقول لا بأس بايراد بعض الايراد على بعض ما ذكرنا عن بعضهم وبيان بعض ما قد يخفى من كلام ائمة الهدى عليهم السلم مما استفدته من كلامهم صلوات الله عليهم اجمعين فقول اهل اللغة ان احد بمعنى واحد مبني على ظاهر اللغة ( اللغة اما ان اللغة لان اللغة خ‌ب ) العربية انحاء استعمالاتها سبعون نحوا روي الشيخ المفيد ومحمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات باسنادهما عن ابي‌ عبد الله عليه السلم انه ( انه قال خ‌ل ) اني لاتكلم على سبعين وجها في كلها المخرج ه‍ ( المخرج وباسنادهما عن محمد بن مسلم عن ابي‌ عبد الله (ع) انا لنتكلم بالكلمة لها سبعون وجها لنا من كلها المخرج ه‍ خ‌ل ) وباسنادهما عن محمد بن مسلم ( وروى محمد بن محمد بن الحسن خ‌ل ) في البصائر عن احمد بن محمد بن عن ( محمد عن خ‌ب ) ابن‌محبوب عن الاحول عن ابي ‌عبد الله عليه السلم قال انتم افقه الناس ما عرفتم معاني كلامنا ه‍ وروى ( رواه خ‌ب ) المفيد وروى صاحب البصائر عن ابي ‌بصير قال سمعت ابا عبد الله عليه السلم يقول لاني ( اني خ‌ل ) لاتكلم بالكلمة الواحدة لها سبعون وجها ان شئت اخذت كذا وان شئت اخذت كذا ه‍

و بالجملة فالاحاديث في هذا المعنى مستفيضة واسفل الوجوه ما هو المعروف الجاري على السنة العرب والبوادي مثل جعل الاحد والواحد بمعنى واحد ومن ثم تنبه اهل العرفان لشيء آخر فجعلوا الاحد لتفريد الذات والواحد للاسماء والصفات فاذا قيل احد في ذاته دل على انفراد الذات عن كل ما سواها ودل على بساطتها واذا قيل واحد في صفاته واسمائه دل على اختصاصها فقط ولم ‌يدل على بساطتها ولا على اتحادها وكذا لو قلت واحد في صفته واسمه فلا تتوهم من ذكري الصفات والاسماء بالجمع ان المانع من افادة واحد البساطة والانفراد ذكري لها بالجمع اذ لا فرق في الافادة بين الجمع والانفراد بخلاف ما ( ما لو خ‌ل ) قلت احد في صفاته واسمائه فانه لو فرض استعماله في الصفات والاسماء كان اما ان يكون جريا على الظاهر من كون احد بمعنى واحد او ان المعنى ان صفاته واسمائه ليس فيهما نسب او ارتباط بحيث يكون يحدث من الوصف والتسمية اقتران بالذات او ارتباط او نسبة غير ما يراد منهما لانفسهما فافهم فانه دقيق عميق ومعنى آخر للفرق ان الاحدية هي جهة التوحيد في اربعة انحاء : الاول انه تعالى واحد في ذاته فليس له ضد قال تعالى وقال الله لا تتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد والثاني انه تعالى واحد في صفاته فليس له ند قال ليس كمثله شيء والثالث انه تعالى واحد في فعله فليس له شبيه قال تعالى هذا خلق الله فاروني ماذا خلق الذين من دونه وقال تعالى الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء والرابع انه تعالى واحد في عبادته قال تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا فالطرق اربعة هو تعالى واحد في كل واحد ويجمعها معنى احد فمثال ذلك في هذا اللفظ المحسوس ولله المثل الاعلى واحد واحد واحد واحد يجمعها اربعة فان اربعة الاية ( آية خ‌ل ) الاحدية وواحد واحد واحد واحدية ( واحد آية خ‌ل ) الواحدية ( الوحدانية خ‌ل ) وايضا واحد من نوع العدد فيلحظ عدد قواه وهي تسعة ‌عشر تنقص عن التمام بواحد وهو من نوع العدد فيلحظ عدد قواه وهي تسعة ‌عشر وهكذا لانها من نوع الصفات المفتقرة في الوجود والتحقق والبقاء الى الذوات ( الذات خ‌ل ) وبها يكون ( كان خ‌ل ) التمام فاذا اردت تمام عدد قوي واحد فاضفه الى احد فيتم عدد الوجود الراجح اعني العشرين المستنطقة ( المستنبطة خ‌ل ) بالكاف المعبر بها عن المشية التي هي اكبر آيات الذات ولا يلحظ عدد قوي احد لانه ليس من نوع العدد ( الاحد خ‌ل ) فلا يتمم ( فلا يتم خ‌ل ) عدد العشرين بواحد منه واما قول اهل اللغة ان احد اول العدد تقول احد واثنان واحد عشر واحدى ‌عشرة فان المراد من احد هنا الواحد فلذا ( ولذا خ‌ل ) قيل في احد اصله واحد فابدل الواو همزة وحذفت الالف التي في واحد لعدم صلوحها للابتداء لعدم تحركها لانها صورة بلا حركة وقيل ( قيل اصل خ‌ل ) احد وحد فابدلت الهمزة من الواو المفتوحة كما ابدلت من المضمومة مثل اجوه في وجوه ومن المكسورة مثل اشاح في وشاح ولم‌ يبدلوا من الواو المفتوحة الا في احد في وحد وامرأة ( امرأة في خ‌ب ) اناة من الوني بمعنى الفتور وهذا جار على ظاهر اللغة من ان الاحد بمعنى الواحد لما فيه من الخفة فانه في احد عشرة ( احد عشر خ‌ب ) اخف من واحد عشر ولما فيه كما قيل انه بمعنى الاول ومنه يوم الاحد اي يوم الاول من الاسبوع وهذا من الفروق ايضا فان واحد لا يكون بمعنى اول وعلى قول صاحب القاموس جمعه آحاد انه يحتمل ان يكون ( يكون آحاد خ‌ب ) جمع واحد او جمع احد بمعنى واحد على استعمال ظاهر ( ظاهر اللغة خ‌ل ) واما احد من حيث هو باعتبار ( باعتبار مقتضى خ‌ل ) مادته وهيئته فلا يصح ان يكون له جمع لان الجمع مناف له حينئذ فاذا جمع كان ما جمع بمعنى الواحد ولذا قال او ليس له جمع ثم ردد فقال او الاحد لا يوصف به الا الله لان مقتضى مادته وهيئته محض الوحدة والانفراد والبساطة والاتحاد ولذا قال ابن ‌الاثير في النهاية وهو اسم بني لنفي ما يذكر معه من العدد وكذلك ( كذا خ‌ب ) قال غيره وما مثلوا به لمعنى ما بني له من انك تقول ماجاءني احد كما قاله الازهري وغيره غلط لان النفي الذي استفادوه انما هو من تأليف الكلام مع احد فلم يكن احد نفسه بني لنفي ما يذكر معه من العدد وانما حصل لهم من ما النافية ومعنى انه بني لنفي ما يذكر معه من العدد ان الالف والحاء والدال الفت على هذه الهيئة لنفي السواء مطلقا ولما كان الممكن لا ينفك عن السوي اختص الوصف باحد بالله عز وجل فالنفي المشار اليه افادته مادة احد وهيئته ولهذا لايستعمل الواحد بمعنى الاول ويأتي ان شاء الله تعالى بيان ما اردنا بيانه وقول الازهري والواحد هو المتفرد بالذات في عدم المثل والنظير يدل على ما اشاروا اليه من ان الواحد ليستعمل ( يستعمل خ‌ب ) لتفريد الصفات فانك اذا قلت زيد واحد الناس دل على انه منفرد بصفاته ولا يدل على انه بسيط او انه اولهم او انه لا يشابههم في الذات ( بالذات خ‌ب ) او في الخلقة او غير ذلك مما هو ذاتي له بل دل على انه منفرد عنهم بصفاته او بافعاله مما يدل سياق الكلام عليه بخلاف احد فان قول الازهري فيه والاحد المتفرد بالمعنى يدل على انه ناف للمشاركة في نفس الذات فلا يشابهه في ذاته الغير لا في مادة الذات ولا في صفاتها التي هي الذات كما نشير الى بيانه ان شاء الله تعالى وقيل الاحد هو الذي لا يتجزأ ولا يقبل الانقسام ولا نظير له ولا يقبل هذين الوصفين الا الله تعالى وهذا القول يطابق قول الازهري في المعنى اذ الانفراد الذي دل عليه احد ليس في الصفات كما دل عليه الواحد بل الانفراد المستفاد من احد هو ما اختص بمعنى الذات فمن صدق عليه احد لا يتجزأ والا لشاركه في معناه كل متجز ولا يقبل الانقسام والا لشاركه كل قابل للانقسام ولا نظير لذاته في الكنه والبساطة والتجرد وقطع جميع النسب والتعلقات والارتباطات وجميع انواع المشابهة وجهاتها ومن وجد في معناه وذاته شيء من هذه الامور المشار الى نفيها عن ذات من صدق عليه احد لا يصدق عليه احد ( احد والا لم يكن من صدق عليه احد خ‌ب ) متفردا بالمعنى بل شاركه في معناه من في معناه شيء من هذه الامور المنفية عن معنى من صدق عليه احد هذا خلف وقول السيد نعمة‌ الله في قول الصدوق الاحد معناه انه واحد في ذاته في شرح هذا الكلام هذا مبني على ترادف الواحد والاحد كما هو احد القولين فيه انا قد قدمنا ان الاحد هو المتفرد في جهات اربع عن المشاركة في ذاته وصفاته وافعاله وعبادته بمعنى انه باعتبار تعدد جهات التوحيد الذي افاده ( افاده احد خ‌ل ) من وصف من صدق عليه ( عليه فان من صدق عليه خ‌ل ) احد لا بد ان يكون واحدا في ذاته بمعنى انه واحد لا اثنان وواحدا ( واحد خ‌ل ) في صفاته بمعنى انه متفرد بها وواحدا في افعاله بمعنى ان ما سواه لا يقع منه فعل مشابه لشيء من افعاله كما قال تعالى هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء وواحدا في عبادته لان عبادته التي يستحقها وتليق بجلاله ( بجلاله بمعنى انه لا بد خ‌ل ) ان يقطع العابد نظره عن الالتفات الى ما سواه في التوجه اليه تعالى والدعاء والرجاء والخوف والاعتماد والتوكل والثقة والتفويض والمعول وفي كل شيء مما يرجع الى الخلق والرزق والممات والحيوة من المقاصد والاعمال والافعال والاحوال والاقوال بحيث لا يجد في وجوده ولا في وجدانه شيئا غير معبوده عز وجل ومن تفرد في هذه الجهات الاربع التي افاد الواحد التفرد كل ( المتفرد بكل خ‌ب ) واحدة منها فهو الاحد ولا يقال في تثبيت التوحيد احد في ذاته احد في صفاته احد في افعاله احد في عبادته لما بين المعنى المقصود والمعنى المستفاد من احد من التدافع الا ان يراد من الاحد معنى الواحد بالجريان على ظاهر اللغة لان الواحد يفيد الانفراد والاحد يفيد الاتحاد وما ورد على السيد نعمة ‌الله من جهة ما استفاد ( استفاده خ‌ل ) من عبارة الصدوق من الترادف وارد على عبارة الصدوق وبالطريق ( الصدوق بالطريق خ‌ب ) الاولى وقول الصدوق يجوز ان واحدا من الدواب او الطير ( والطيور خ‌ب ) او الوحوش او الانس وقال عليه السيد نعمة ‌الله محصل هذا الفرق ان الواحد يطلق على الانسان وغيره بخلاف الاحد فانه لا يطلق الا على الانسان يعني ان الواحد يطلق على الانسان وغيره بخلاف الاحد فانه لا يطلق الا على ( الى خ‌ل ) الانسان يعني ان الواحد اعم موردا لكونه يطلق على من يعقل وغيره ولا يطلق الاحد الا على من يعقل كما تقدم اقول وهذا احد الفروق وهو كذلك الا ان قوله في الواحد لكونه يطلق على من يعقل وغيره فيه ان صدقه على من يعقل ليس كصدق احد على من يعقل لان صدق واحد على من يعقل من حيث الانفراد لا غير بخلاف احد فان صدقه عليه من حيث الاتحاد فلا يجتعمان فيمن يعقل بجهة واحدة ليصح كون الواحد اعم موردا فافهم وما ذكره المحققون وجها اخر للفرق بين الواحد والاحد اذا ( اذا ما خ‌ب ) وقعا في سياق مثل هذا النفي وهو ان قولك ليس في الدار واحد لا يقتضي استغراق النفي مطلقا فيجوز ان يكون فيها اثنان بخلاف قولك ليس في الدار احد فانه يقتضي استغراق الآحاد وغيرها اقول هذا متجه الا انه لم يكن ذلك حاصلا من خصوص لفظ احد والا لكان بنفسه مفيدا للعموم اذا وقع في سياق الثبوت فلا تفيد سورة التوحيد ما اريد منها من محض التوحيد الذي دلت عليه وما قيل من انها انما افادت التوحيد بآخرها غلط فاحش فان قوله ولم يكن له كفؤا احد انما وقع مبانا ( بيانا خ‌ب ) لما دل عليه ( عليه احد خ‌ل ) في اولها لان احد الذي يقع في سياق النفي كما مثلوا به انما دل على استغراق الآحاد بمعونة النفي لانهم يريدون منه مفهوم كلي فانهم اذا اجابوا به سؤال هل في الدار احد قالوا في الدار احد ولا يدل على الوحدة فيما يفهمون منه بل يصدق على ما اذا كان في الدار مائة ولو كان بني لنفي ما يذكر معه من العدد لما صح قولهم في الدار احد وان كان جوابا لان العموم في السؤال انما استفيد من النفي والاستفهام نعم هذا يصح في واحد لانه يصح فيه ان يقال انه بني لنفي ما يذكر معه من العدد ولهذا قلنا تقول هو تعالى واحد في ذاته واحد في صفاته واحد في افعاله واحد في عبادته ولا تقول احد في ذاته احد في صفاته احد في افعاله احد في عبادته

والحق الذي اجراه ( اجراه الله خ‌ل ) المتفضل الكريم المبتدئ بالنعم قبل استحقاقها عز وجل على خاطري وله الحمد والشكر ان احد الواقع في الاثبات كما هو في اول سورة التوحيد هو المفيد ببنية ( بنيته خ‌ب ) المركبة من مادته وصورته لا غير ذلك لمحض التوحيد الذي استفاد الاشارة اليه بعض الاعلام فيما رواه عاصم بن حميدة ( حميد خ‌ل ) قال سئل عليّ بن الحسين عليهما السلم عن التوحيد فقال عليه السلم ان الله عز وجل علم انه يكون في آخر الزمان اقوام منعمون متعمقون ( اقوام متعمقون خ‌ب ) فانزل الله قل هو الله احد والآيات من سورة الحديد الى قوله عليم بذات الصدور فمن رام وراء ذلك فقد هلك ه‍ بان المراد من هذا الكلام اعجاز الاقوام المتعمقين حيث تنحط افهامهم ومبالغ ادراكاتهم عن الوصول الى ادنى ما ضمنها مما يدل على توحيده واما ما فهمه البعض الآخرون من ان المراد ردع الاقوام المتعمقين عن التعمق والاقتصار على ظاهرها والاكتفاء عن فهمها بأن يقرأها ( يقرأوها خ‌ب ) كما تقرأها ( يقرأها خ‌ل ) الناس وتقول ( يقول خ‌ب ) كذلك الله هو ربي كذلك الله ربي ويكفيه هذا القول عن معرفة المراد منها مع انها لو اجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بمثلها لم‌ يأتوا بمثلها ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ولا ريب ان المعنى الاول اوفق بمقام القرآن الذي تضمنت الكلمة الواحدة منه كل ما يحتاج اليه الخلق كما يأتي في تفسير الصمد فان قوله قل هو الله احد اشتمل على جميع انحاء مدارك التوحيد بما لا يحيط به الا الله تعالى ومن اطلعهم عليه من انبيائه ورسله وحججه صلى الله عليهم اجمعين وانا اشير الى بيان ما قسم لي من معرفته وتوحيده من قوله احد بنسبة مقامي وقدر حالي

فاقول ان احد اذا وقع في الاثبات والكلام المبتدأ به كما في اول سورة التوحيد دل بمادته وصورته على محض التوحيد والانفراد والتجريد ( التجرد خ‌ب ) عن جميع الاعتبارات والنسب والارتباطات والتعلقات والغايات وعن كل ما يصدق عليه اسم غير محض الذات البحت فالاحد هو الذي لا يصدر منه شيء ولا يصدر من شيء ولا يصل اليه شيء ولا يصل الى شيء ولا في شيء ولا فيه شيء ولا على شيء ولا عليه شيء ولا يرتبط بشيء ولا يرتبط به شيء ولا يضاف الى شيء ولا يضاف اليه شيء ولا ينتهي الى شيء ولا ينتهي اليه شيء ولا يقع على شيء ولا يقع عليه شيء ولا ينتسب الى شيء ولا ينتسب اليه شيء ولا يجهل شيئا ولا يجهله شيء ولا يتعلق بشيء ولا يتعلق به شيء ( شيء ولا يقترن بشيء خ‌ل ) ولا يقترن به شيء ولا يتجزي ولا ينقسم في وهم او فرض او حكم او وجود او وجدان ولا يضاده شيء ولا يناده شيء ولا يشاركه شيء ولا يساويه شيء ولا يشابهه شيء ولا يدانيه شيء ولا يستغني عنه شيء ولا يعرف بعموم ولا بخصوص ولا بكلية ولا بجزئية وكل ما يجوز حضوره معه بتحقق او تجويز في كون او امكان او بفرض او بذكر او اشارة حسية او عقلية في وجود خارجي او ذهني او نفس امر بكل ما يجري عليه اسم الامكان فليس باحد حقيقة اذ يلزم من كل ما ذكر او لم يذكر من جنس ما ذكر شيء هو احد وشيء آخر ولا يكون من يحضر معه شيء غيره في الخارج او في الذهن او في نفس الامر بكل اعتبار وفرض احدا على الحقيقة لان من هو احد لا يكون غير احد وكل ما اشرنا اليه وما لم ‌نشر اليه مما دخل في الامكان لا يتناوله لفظ احد الواقع في سياق الثبوت ابتداء لا باثبات ولا بنفي اما الاثبات فظاهر مما ذكرنا واما النفي فلأن احد وان اعتبر فيه التجرد عما ذكر ونحوه لا يصح ان ينسب اليه ( اليه نفي خ‌ل ) ما نفي عنه وانما نفي ما نفي عنه منسوب الى نفس ( نفي خ‌ب ) المنفي كما قال الرضا عليه السلم كنهه تفريق بينه وبين خلقه وغيوره تحديد لما سواه الحديث يعني انك اذا قلت انه تعالى ليس بجسم لم يكن ليس بجسم وصفا سلبيا له كما توهمه المتكلمون وانما هو تحديد للجسم ففي نفس الامر هو وصف للجسم لكونه مسلوبا منفيا عن اوصاف القديم الفعلية فضلا عن الصفات الذاتية عز وجل فالنفي وصف للمنفي وتمييز له بالنفي فافهم وما قاله الرازي ذكروا في الفرق بين الواحد والاحد وجوها احدها ان الواحد يدخل في الاحد والاحد لا يدخل فيه وثانيها انك اذا قلت فلان لا يقاومه واحد جاز ان يقال لكنه يقاومه اثنان بخلاف الاحد وثالثها ان الواحد يستعمل في الاثبات والاحد في النفي ه‍ كذا في البحار مبني على الوجه الظاهر من اللغة كما اشرنا اليه سابقا من تضمنه الشمول من جهة فهمهم منه الاطلاق او العموم ومن ثم لا يعرفون منه انه بني في نفسه للتفريد ونفي ما سواه الا بمعونة وقوعه بعد النفي ولو كان المفهوم منه لنفسه كما عندهم الوحدة المحضة لكان لا يفيد اذا وقع بعد النفي الوحدة كما تقول في واحد في قولك ما في الدار واحد فانه يجوز ان يكون فيها اثنان وذلك لدلالته في نفسه على الوحدة فكان بين قولهم بانه بني لنفي ما يذكر معه من العدد وبين تمثيلهم بوقوعه بعد النفي تدافع لا يدفع واضطراب لا يرفع وتوهم لا ينفع فان احد بني لنفي مطلق الكثرة وما يؤدي مؤداها كالتعدد ( كالعدد خ‌ب ) والانقسام والتجزية والاقتران والنسب والمدركية فان من جاز ان يدركه غيره كان مثني بذلك لما بينهما من الاقتران الحاصل من ادراك المدرك له و ( او خ‌ل ) ادراكه لغيره لان ادراكه تعالى الفعلي لمدركاته لما سواه يحصل منه اقتران بين المدرك بكسر الراء والمدرك بفتح الراء ولذا حكمنا على الفعل والفعلي بالحدوث لما بينهما من الاقتران اللازم من الارتباط واما ادراكه بذاته لما سواه عز وجل فليس على نحو ما في الامكان والممكنات ولذا قلنا انه لا يعرف ( لا يعرفه خ‌ب ) الا هو فما ( مما خ‌ل ) يوصف به تعالى من الادراك لا يحيط به الامكان كما قال سيد الساجدين عليه السلم واستعلى ملكك علوا سقطت الاشياء دون بلوغ امده ولا يبلغ ادنى ما استأثرت به من ذلك اقصى نعت الناعتين ضلت فيك الصفات وتفسخت دونك النعوت وحارت في كبريائك لطائف الاوهام كذلك انت الله الاول في اوليتك وعلى ذلك انت دائم لا تزول ه‍ والمراد بقوله واستعلي ملكك والله اعلم اي تملكك واحاطتك بمملوكاتك لانه لا يدخل تحت الضوابط الامكانية فلا يجري عليه فرض الاقتران وتجويزه لا خارجا ولا ذهنا ولا في نفس الامر وصح فرضه ووقوعه في الادراك الفعلي للفرق بين الرب والعبد وقال السيد نعمة ‌الله ايضا وذكر الشهيد طاب ثراه ان الواحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة الى الذات والاحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة الى الصفات اقول اما ان الواحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة الى الذات فمن قوله تعالى وقال الله لا تتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد وقد دل واحد على نفي الشريك بالنسبة الى الذات الا انه لما كان الواحد مصدرا للاعداد بمعنى ان الاعداد انما تتألف من صفاته او من تكرره على القولين كان مفيدا بمفهوم وحدته لانفراد الذات ونفي الشريك في الذات وهو الضد الذي يلزم من مفهومه افادة العدد فلذا افاد نفي الشركة في الذات بمعنى ان لا يكون له ثان او يكون ثانيا لغيره فافاد نفي التعدد وهذا معنى قولنا انه يقتضي نفي الضد الذي يلزم من وجوده التعدد والحاق هذا المعنى بنفي الشركة في الصفات هو المراد من معناه اذ لا يفيد بساطة الذات فاذا قيل بالنسبة الى الذات صح لكون المراد منه نفي تعدد الذات لا بساطتها وهو بهذا الاعتبار متجه واما ان الاحد يقتضي نفي الشريك بالنسبة الى الصفات فممنوع نعم لو عكس كان لكلامه وجه لان الواحد يفيد نفي التعدد الراجع الى الصفات والاحد يفيد ذلك بمفهوم ما دل عليه من الوحدة ويفيد البساطة وعدم الانقسام والتجزية الراجع الى الذات وعبارة الصدوق (ره) في التوحيد هكذا : الواحد الاحد معناه انه واحد في ذاته ليس بذي ابعاض ولا اجزاء ولا اعضاء الخ معناها المراد كما ذكرنا وقول بعض الحكماء والواحد كيفما ادرته ( اردته خ‌ل ) او جزيته لم ‌يزد فيه شيء ولم‌ ينقص ( لا ينقص خ‌ل ) منه شيء الخ و( في خ‌ل ) الاستدلال على التوحيد الخاص ( الخالص خ‌ب ) بأن من لم يكن قبله شيء ولا بعده يجب ان يكون متوحدا بالازل ربما يرد على ظاهره شيئان احدهما انه يجوز ان يكون معه اشياء وان لم‌تكن قبله او بعده كما يذهب اليه اصحاب وحدة الوجود وكما نقل عن الملظي ( عن ثاليس الملطي خ‌ب ) من قدم العالم وثانيهما ان ظاهر قول هذا البعض فهو المتوحد بالازل ان الازل ظرف للقديم عز وجل وقتي او مكاني وكلا الاحتمالين باطل والا تعددت القدماء واما قولهم بأن احد مخصوص بمن يعقل ويمتنع من الدخول في الضرب والعدد والتشبيه وفي شيء من الحساب وهو متفرد بالاحدية والواحد علة العدد وان لم يدخل بكله يدخل ببعضه كما تقول نصف واحد وثلثه ويدخل في الضرب والقسمة والتجزية والاحد ممتنع من هذه كلها فصحيح يحصل بها الفرق بينهما واما قول الباقر عليه السلم الاحد الفرد المتفرد الاحد ( والاحد خ‌ب ) والواحد بمعنى واحد فالذي يظهر لي ان قوله عليه السلم بمعنى واحد انهما يجتمعان في حالة واحدة وهي التفرد بالصفة والفعل اي لا يشابهه ( لا يشابه خ‌ب ) في صفة ولا فعل والفرد الشامل لعدم الانقسام والتام في اتحاده معنى الاحد لا معنى الواحد وهذا ما يفهم منهما ويظهر لي ان الواحد في بعض وجوه العربية انه هو المباين الذي لا ينبعث من شيء ولا يتحد بشيء وهذا من معاني الاحد فباعتبار ما يدلان عليه بمادتهما وصورتهما يجتمعان في التفرد بالصفة ( في الصفة خ‌ب ) وبنفي الشركة ويفترقان في نسبة التفرد بالذات الى الاحد وفي نسبة التفرد بالصفات الى الواحد ومن هذا المعنى قوله تعالى في توحيد الذات بصفاته وقال الله لا تتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد حيث اعتبروا التعدد الذي هو من انحاء العدد ولو اعتبر الاتحاد لاقتضى المقام والله سبحانه اعلم ان يقال انما هو اله واحد ( احد خ‌ل ) هذا ما ظهر لي والله سبحانه ورسوله وابن رسوله صلى الله عليه وآله اعلم واما ان بناء العدد من الواحد وليس الواحد من العدد فيحتمل ان المراد ان العدد يتألف منه او من امثاله فعلى الاحتمال الاول تكون مواد الاعداد بالتوليد منه او بالتكرير في قوالب قوابل المراتب وعلى الثاني فمواده مظاهره في قوابل قوالب المراتب فالاول كالجزء للكل والثاني كالكلي في الجزئي وعلى كل تقدير فبين الواحد والعدد نسبة ما ولهذا نبهنا على هذا في قولنا وقال الله لا تتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد الى آخره الا ( الى خ‌ب ) انه لما كان الواحد مصدرا للاعداد بمعنى ان الاعداد انما يتألف ( تتألف خ‌ب ) من صفاته او من تكرره الخ وقوله عليه السلم في الوجه الثاني من الوجهين اللذين يثبتان فيه تعالى اي يصح اطلاقهما عليه تعالى وقول القائل ان ربنا عز وجل احدي المعنى يعني به انه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم كذلك ربنا عز وجل يراد من قوله عليه السلم احدى المعنى في بيان معنى واحد انه احدى المعنى يعني به انه لا ينقسم في وجود اي وجدان ولا عقل ولا وهم ان واحد يستعمل في بعض معاني احد الواقع في الكلام المثبت الابتدائي فان هذا الكلام الذي فسر عليه السلم معنى الواحد بانه الذي لا يقبل الانقسام في المحال الثلاثة مطلقا انه احدى المعنى لصحة استعماله بارادة المستعمل له في هذا المعنى الذي هو احد معاني احد لانهما انما يفترقان اذا اجتمعا كما اذا قيل هو الواحد الاحد ووجوب تقديم الواحد في الذكر على الاحد فلا تقول الاحد ( الاحد الواحد خ‌ب ) لعموم الواحد وخصوص الاحد واما ما نقلنا ( نقلناه خ‌ب ) عن المحقق التفتازاني ما قاله في اعراب كلمة لا اله الا الله فنظره فيه بيان معنى الاسم الكريم ونحن الباعث لنا على ما نقلنا بيان معنى الاحد الا ان كلامه لما تضمن ما يفيد التوحيد الذي نطلبه نحن من لفظ احد اقتضى ذكره واقتضى ذكره ان نشير الى بعض بيان ما ظهر لنا منه فاقول ان المفهوم سواء كان كليا ام ( او خ‌ب ) شخصيا يصح ( لا يصح خ‌ل ) ان يطلب به معرفة مدلول الاسم الكريم لان المفهومات لا تجري على حريم القدم لانها مدركات والقدم لا تطلب معرفته بما تدركه الافهام الحسيرة لان المفهومات صفات الحوادث وكذا الكلية والجزئية فانهما من صفات الحوادث والاسم الكريم مشتق على الاصح فهو اسم لذات متصفة بالالوهية اي الجامعة لجميع صفات القدس كالعزيز والقدوس ولجميع صفات الاضافة كالعليم والسميع والبصير ولجميع صفات الخلق كالخالق والرازق وانما كان علما على المعبود عز وجل بالغلبة وليس موضوعا بازاء الذات البحت والا لزم الاقتران المستلزم للحدوث سواء كان للخارجي للزوم الاقتران ووقوع التمييز الممتنع ام للذهني للزوم المدركية الممتنعة والاحاطة المستحيلة ووقوعه في لا اله الا الله مفيد للتوحيد لانه يدل على ذات ليس معها غيرها في كنه ولا صفة ولا رتبة ولا وصف ولا فعل ولا عبادة فلا تشتبه بشيء ( بشيء ليحتاج خ‌ب ) في تمييزها الى تشخص ولا في تمام لتحتاج في تناوله الى عموم اذ التشخص والعموم شيء غير الشيء يلزم من وجود كل ( الكل خ‌ب ) منهما التعدد والتركيب فاذا اريد بالتشخص عدم الاشتباه في كل حال من احوال الذكر لكل شيء من السوي وجودا او وجدانا في الخارج او في جميع المشاعر وفي نفس الامر لفظا او غيره لا التمييز ( لتمييز خ‌ب ) والتحديد بما يحويه الامكان انتفى مطلق المفهوم الكلي حتى ما يفيده الضمير ( ضمير خ‌ل ) الشان لانه يفيد ما يستعمل في مقامه من خصوص وعموم فيما يجريان فيه ومن التقدس ( القدس خ‌ب ) عن صفات الامكان فيما يتنزه ( تنزه خ‌ب ) في نفسه اي نفس ضمير الشان عن مطلق الاشارة الجبروتية العقلية والنفسية والحسية فلا كلي ولا جزئي فسقط اعتراض قيل الاول وقيل الثاني فعلى هذا لا فرق بين ان يراد من الضمير ضمير الشان او ضمير المعبود من جهة الكلية والجزئية وانما اتي باحد لنفي ما توهموا من الكثرة والتشبيه ووصف الاله باوصاف ( وصف خ‌ب ) ما سواه فهم وان فهموا من ضمير الشان ومن لوازم اثبات الشركاء والتشبيه معنى المفهوم الكلي او الجزئي او التشخص او غيرها الا ان الوحي الناطق بسورة التوحيد لايريد الا تجريد هو عن مطلق الاشارات المتضمنة لما يلزم منه ما يدخل في الامكان مطلقا بكل اعتبار ولو في الوجدان ولان احد اوضح وابين في دلالته على الوحدة والبساطة وعدم الاشتراك فيما يوهم منافاة التوحيد ولاجل ذلك حمل على الاسم الكريم وان كان في نفس الامر يراد منه ما يراد من احد وان كان في الاصل ( الاسماء خ‌ب ) اسما لذات وصفة الا انه غلب في الاستعمال حتى كان اختص ( اخص خ‌ل ) من احد الا ترى ان الاسم الكريم لا يصح اطلاقه على غير المعبود بالحق عز وجل ولو جاز ان يدل على المفهوم الكلي ولو بالفرض او الجزئي كذلك لصح اطلاقه على غير المعبود بالحق عز وجل ولو في بعض الاحوال ولا كذلك احد الا انه اذا حمل على الاسم الكريم افاد قطع الربط والنسب ونفي السوي وما توهمه بعضهم من ان اول السورة لا يفيد التوحيد وانما يفيده آخرها غلط فاحش واي توحيد اجل واكمل مما افاده اول السورة من التوحيد واما آخرها فانما افاد التوحيد لانه شارح لاولها فالصمد تفسير لاحد والصمد فسر بانه لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد وذلك ان الاسم الكريم لشموله لجميع الاسماء كان اخص بالمعبود عز وجل من جميع الاسماء اذ لا يحيط بجميع الاسماء والصفات التي لها حظ في الكمال الا الله المعبود سبحانه وتعالى فصلح ( فيصح خ‌ب ) اختصاصه به لشموله لجميع الاسماء كذلك ولما كانت ذاته المقدسة عز وجل مع كونها تامة فوق التمام وكاملة فوق الكمال بسيطة متفردة بالوحدة الحقية ( الحقية التي خ‌ل ) لا يحتملها الامكان ( الانسان خ‌ب ) ويستحيل فرضها فيه كان ما يكون مختصا به بحيث يكون اولي بالدلالة على صفة ( صفته خ‌ل ) الدالة عليه بكمال الوحدة والبساطة والتجرد الذي يليق بحسب نهاية الامكان بجلاله من جميع الاسماء وما كان كذلك يجب ان يكون اول ( ادل خ‌ل ) الاسماء على التوحيد ولاجل ذلك اختص بكلمة التوحيد اعني لا اله الا الله والواضع لللغة عز وجل ( جل اعلم خ‌ل ) بما صنع ولو علم ان في الاسماء اخص منه به واشمل منه بالجهات ( لجهات خ‌ل ) التوحيد والتجريد لجعله في الكلمة التي الفها للدلالة على توحيده وانما حمل عليها احد مع انه اخص من احد واعم في شمول الاسماء والصفات لان احد ابين في الظاهر واجلى في الدلالة على التوحيد من جهة حروف مادته وقد اشرنا قبل هذا ان الاسم الكريم وان كان الاتيان به في السورة الشريفة مسبوقا بدعوى المشركين الالوهية لغيره عز وجل وذلك يلزم منه ارادة المفهوم الكلي كما توهمه كثير من المتكلمين والمنطقيين وقد سبق ذكر بعض كلامهم الا ان المتكلم عز وجل انما ينطق وحيه بالحق الواقع المطابق للواقع لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو تعالى ينفي المفهومية والكلية عنه لانهما من حدود خلقه وقد قال عز وجل ولا يحيطون به علما ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فامر نبيه صلى الله عليه وآله بما يعلم من الحق بانه الواحد الفرد الذي ليس بمفهوم مدرك ولا بكلي ولا جزئي ولا بكل ولا جزء ولا بكثير ولا قليل ( بقليل خ‌ب ) ولاينسب اليه شيء ولاينسب الى شيء ولا يرتبط به شيء ولا يرتبط بشيء ولا يجده من وجد غيره ولا يفقده من فقد غيره فقال قل يا محمد هو الله احد فاراد بقوله الله المتعين بذاته من غير تعيين سواء اريد بهو ضمير الشان ام ضمير المعبود الذي وقع الخطاب في ذكر معرفته كما اشرنا اليه سابقا ولهذا قال عمار بن ياسر وقال امير المؤمنين عليه السلم الله معناه المعبود الذي يأله فيه الخلق ويؤله اليه والله هو المستور عن درك الابصار المحجوب عن الاوهام والخطرات وقال الباقر عليه السلم الله معناه المعبود الذي اله الخلق عن درك مائيته والاحاطة بكيفيته وتقول العرب اله الرجل اذا تحير في الشيء فلم يحط به علما ووله اذا فزع الى شيء مما يحذره ويخافه فالاله هو المستور عن حواس الخلق ه‍ فصرح هذان الخبران وغيرهما بأن الله يطلق على المعبود الذي لا يحاط بكنهه ولا يعرف معنى صفته مع ان المستفاد من ظاهرهما ان الضمير ضمير الشان وظاهر قول الباقر عليه السلم في قول الله ( في قوله خ‌ب ) تبارك وتعالى قل هو الله احد قال قل اي اظهر ما اوحينا اليك ونبأناك به بتأليف الحروف التي قرأناها لك ليهتدي بها من القى السمع وهو شهيد وهو اسم مكنى مشار الى غائب فالهاء تنبيه عن معنى ثابت والواو اشارة الى الغائب عن الحواس كما ان قولك هذا اشارة الى الشاهد عند الحواس وذلك ان الكفار نبهوا عن الهتهم بحرف اشارة الشاهد المدرك فقالوا هذه آلهتنا المحسوسة المدركة بالابصار فاشر انت يا محمد الى الهك الذي تدعو اليه حتى نراه وندركه ولا نأله فيه فانزل الله تبارك وتعالى قل هو الله احد فالهاء تثبيت للثابت والواو اشارة الى الغائب عن درك الابصار ولمس الحواس وانه تعالى عن ذلك بل هو مدرك الابصار ومبدع الحواس ه‍ ان الضمير عائد الى اله ( الاله خ‌ل ) المعبود بالحق ومع هذا لا يختلف المعنى المقصود منه باختلاف الضمير كما ذكرنا مكررا فالاحد توضيح لمعنى الله والصمد يراد منه توضيح وبيان لجميع ما يراد من معاني احد واختلاف تفسيره في الاخبار لاختلاف معاني ما يراد به من معاني احد قال الباقر عليه السلم وحدثني ابي زين ‌العابدين عن ابيه الحسين بن عليّ عليهم السلم انه قال الصمد الذي لا جوف له والصمد الذي قد انتهى سؤدده والصمد الذي لا يأكل ولا يشرب والصمد الذي لا ينام والصمد الدائم الذي لم يزل ولا يزال قوله عليه السلم الذي لا جوف له يراد منه انه لا مدخل ( لا يدخل خ‌ل ) فيه لان كل ما سواه كرة مجوفة لان كل مفعول يدور على فعله تعالى وفعله نقطة يدور المفعول عليها دورة حقيقية كما تدور اشعة السراج عليه اذ كل جزء من الاشعة يدور على وجهه من شعلة السراج فالجزء قائم بحرارة وجهه التي هي رأس من مس النار لدهن السراج قيام صدور وقائم باستنارة وجهه التي هي وجهه من الشعلة المرئية من السراج قيام تحقق اي قياما ركنيا وهذا القيام من الجهتين هو كون ذلك الجزء كرة مجوفة من اعتبارين اعتبار قيام الصدور واعتبار القيام الركني وفعل ذلك الجزء صمد بالنسبة الى الجزء المتقوم به وهذا الفعل وجه من الفعل الكلي والفعل الكلي صمد بالنسبة الى المفاعيل الصادرة عنه وكرة بالنسبة الى نفسه لانه تعالى احدث الفعل بنفسه اي بنفس ذلك الفعل فهو كرة بنفسه بلا كيف والمعبود عز وجل صمد بلا كيف وليس كصمدية الفعل بالنسبة الى المفعول لاشتراكهما في المصنوعية ( المصنوعية وفي خ‌ل ) الامكان وان اختلفا في الشدة والضعف والمعبود عز وجل له المثل الاعلى فلا يشبهه شيء في شيء ولا يقاس على شيء في شيء ولا يعرف بشيء وكل شيء يدل عليه سبحان ربك رب العزة عما يصفون وهو ( هي خ‌ب ) تلويح الى المعنى المذكور وقوله عليه السلم والصمد الذي قد انتهى سؤدده بضم اوله وبعده همزة ساكنة السيادة وهي العزة والجلالة يعني ان عزته وجلالته لا تحتمل الزيادة ولو جاز فرض شريك له تعالى لاحتمل الزيادة وكذا لو جاز فرض مدان له تعالى من فحوى قوله تعالى ولعلا بعضهم على بعض وعبر عن عدم امكان المساوي والمداني بانتهاء اذ لا نهاية لسؤدده ( لسؤدده بل سؤدده خ‌ب ) وراء ما لا يتناهى بما لا يتناهى اذ لو امكن فرض المساوي والمداني امكن فرض التفرد بالزيادة عن تلك النسبتين هذا بمقتضى المجادلة بالتي هي احسن واما مقتضى الحكمة بأن ( فان خ‌ب ) يقال ان امكان فرض المساوي والمداني ممتنع في غير الامكان الا انه تعالى رب العزة والجلالة وهذا اشارة الى قوله سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وقوله عليه السلم والصمد الذي لا يأكل ولا يشرب يلحن به للمتعلمين من شيعته الذين علمهم سيدهم عليّ بن محمد الهادي عليه وعلى آبائه وابنائه الطاهرين السلام بقوله في الزيارة الجامعة الكبيرة محقق لما حققتم مبطل لما ابطلتم في قوله من اراد الله بدأ بكم ومن وحده قبل عنكم ومن قصده توجه بكم وقوله عليه السلم والصمد الذي لا ينام صرح بعدم غفلته عن خلقه من قوله تعالى وماكنا عن الخلق غافلين والنوم في الممكن ( الممكن يكون خ‌ل ) اذا تعبت النفس من معاناة تدبير الغذاء ومعاناة الاعمال والحركات اجتمعت في القلب لتستريح من تعب تدبيرها لاحوال البدن وغذائه وشئونه المتعلقة به وباحوال نفسه وشئونها وهو سبحانه وتعالى لا يمسه لغوب ولا يلحقه تكلف بل هو تعالى في حال الفعل وعدم الفعل حاله واحدة و( واحد خ‌ب ) لا يتغير بشيء ولا يغيره شيء ولا تختلف عليه الاحوال اذ ليس فعله كفعل احد من خلقه وانما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون ولا كاف ولا نون وانما هو فعال لما يشاء ومشيته وارادته ( ارادته فعله خ‌ب ) لا غير ذلك وما امره الا كلمح البصر او هو اقرب وماكان ( ما كان هو خ‌ب ) سبحانه عن الخلق بغافل وآية ذلك كالسراج فانه غير غافل عن شيء من الاشعة اذ لو غفل عن شيء لم‌ يوجد شيء لان من جاز عليه ان يغفل عن شيء جاز ان يغفل عن كل شيء كما هو لازم للممكن المحصور وايضا النوم حال غير اليقظة ومن ينام فاحواله مختلفة والصمد هو ذو الحال الواحدة وهو تصريح بالوحدة المطلقة وقوله عليه السلم والصمد الدائم الذي لم يزل ولا يزال ه‍ بفتح الزاي ( الزاي اي خ‌ل ) لم يزل بقرينة لا يزال اي لم يزل دائما ولا يزال اي هو الدائم ازلا وابدا ويجوز لم يزل بضم الزاي اي الصمد هو الدائم الذي لم يتغير دوامه ولم يحل وهو معنى عدم تغير حاله ازلا وابدا لانه صمد وصمد لانه احد وقال الباقر عليه السلم كان محمد بن الحنفية (ره) يقول الصمد القائم بنفسه الغني عن غيره ه‍ وهو معنى احد اذ ما هو قائم بغيره كرة مجوفة وهو التلويح السابق بأن الصمد الذي لا جوف له وهو من اللحن للمتعلمين الذين طعامهم من مطر الماء الذي جعل منه كل شيء حي حيث امر ( امرهم خ‌ل ) بالنظر اليه كما قال تعالى فلينظر الانسان اي المتعلم الى طعامه والذين شرابهم من اللبن كما قال تعالى من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين واطعمهم وسقاهم من تعليمه من اراد الله بدأ بكم ومن وحده قبل عنكم ومن قصده توجه بكم وقال غيره الصمد المتعالي عن الكون والفساد ه‍ لان الكون كثرة وامتزاج والفساد تفرق واحتياج وقال والصمد الذي لا يوصف بالتغاير لان التغاير كثرة وائتلاف وتناف واختلاف وقال الباقر عليه السلم الصمد السيد المطاع الذي ليس فوقه آمر ولا ناه ه‍ ويشير به الى انه الذي قد انتهى سؤدده وجلالته فهو احد في عزته لا يساوي ولا يداني كما اشرنا اليه سابقا اي لا آمر الا هو ولا ناه غيره والمطاع الحق صمد يدور على امره المأمورون وعلى نهيه المنهيون ولو كان مأمورا ومنهيا تعالى شأنه لغيره كان كرة مجوفة لوح لمن شاء الى ذلك انه صمد لانه احد وسئل عليّ بن الحسين زين ‌العابدين عليهما السلم عن الصمد فقال الصمد الذي لا شريك له ولا يؤده حفظ شيء ولا يعزب عنه شيء ه‍ من له شريك في ذاته بالضدية كان ذا جهتين جهة ذاته بها تميز ( يتميز خ‌ل ) وجهة ضده بها يشترك وما كان كذلك كان يدور علي جهة الاشتراك فلا يكون احدا ولا يكون صمدا ومن له شريك في صفاته كان متصفا بجهة الاشتراك محتاجا الى صفة غيره فلا يكون احدا من شورك في صفته لانه قد اتصف بصفة غيره او بما يصلح لغيره فتجري عليه الشركة والتركيب والاحتياج واذا كانت جميع الاشياء لا قوام لها الا بالمدد والامداد لانها انما تقوم بموادها قيام تحقق وموادها من شعاع امره المفعولي وهو المدد وبامداده وهو تقومها بفعله قيام صدور وتقومها بفعله في سبع مراتب تقومت اكوانها بمشيته واعيانها بارادته وهيئاتها بقدره ونظامها بقضائه وظهوراتها في مراتب اكوانها باذنه ووقت ظهوراتها في كل رتبة من مراتب اكوانها ابتداء وانتهاء وبقاء بتأجيله واثبات صور اكوان مراتبها بكتابه كل من ( بكتابه كان خ‌ل ) حفظ جميع الاشياء لا يؤده وآية ذلك ما ضربه تعالى من خلق السراج واشعته فان كل شيء منها قد تقوم بمادته من شعاع اشعته تقوم تحقق وبحرارة النار الكامنة في غيبه تقوم صدور وايضا كما لا يؤده حفظ شيء منها لا يعزب عنه شيء منها لما ذكرنا من احتياج كل شيء في جميع انحاء وجوده وتحققه في ذاته وفي كل شيء من صفاته واحواله وافعاله الى مدده وامداده كما اشرنا اليه وكيف يؤده اي يثقله حفظ شيء او يعزب عنه والثقل والعزوب من جملة مصنوعاته التي هي اثر مقتضا ذاته كما ترى ان السراج لا يؤده حفظ شيء من اشعته ولا يعزب عنه شيء منها والسراج واشعته آية ذلك ولو جاز ان يؤده حفظ شيء او يعزب عنه شيء لما كان احدا لان ذلك المثقل و( او خ‌ل ) العازب له صانع آخر قديم لا يؤده حفظه ولايعزب عنه فلا يكون من له ضد او ند احدا ولا صمدا كما ذكرنا في الاشارة وفي التلويح من ان من لغيره ( لغيره معه خ‌ب ) ذكر ما في حالة ( حال خ‌ل ) ما لا يكون احدا ولا صمدا لانه كرة مجوفة ( متجوفة خ‌ب ) بذلك الذكر والاحد المتفرد بذاته وصفاته وافعاله وعبادته عن كل ما سواه وهو الصمد وقال زين ‌العابدين ( وقال زيد بن خ‌ب ) عليّ بن الحسين عليهما السلم الصمد الذي اذا اراد شيئا ان يقول ( قال خ‌ل ) له كن فيكون والصمد الذي ابدع الاشياء فخلقها اضدادا واشكالا وازواجا وتفرد بالوحدة بلا ضد ولا شكل ولا مثل ولا ند ه‍ يعني ان الذي اذا اراد شيئا قال ( شيئا ان يقول خ‌ب ) له كن فيكون من غير تكلف ولا احتيال ولا لغوب ولا امتهان هو الصمد اذ لو لحقه من ارادته للشيء حال كان متحولا عن حاله الاول فلا يكون صمدا فلا يكون احدا ومن ابدع الاشياء واخترعها اضدادا واشكالا مختلفة وازواجا متشابهة ابانة لها من شبهه ليعلم ان لا ضد له ولا شكل ولا شبه ولا ند في ذاته ولا في افعاله ولا في ملكه ولا في صفاته فهو الاحد الصمد اذ لو اتصف بشيء مما خلقها عليه لعرف به كما عرف المصنوع به فلم ‌يكن احدا صمدا كما لم يكن المصنوع احدا صمدا وعن الصادق جعفر بن محمد عن ابيه الباقر عن ابيه عليهم السلم ان اهل البصرة كتبوا الى الحسين بن عليّ عليهما السلم يسئلونه عن الصمد فكتب اليهم بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فلا تخوضوا في القرآن ولا تجادلوا فيه ولا تتكلموا فيه بغير علم فقد سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول من قال في القرآن بغير علم فليتبوء مقعده من النار وان الله سبحانه قد فسر الصمد فقال الله احد الله الصمد ثم فسره فقال لم ‌يلد ولم ‌يولد ولم يكن له كفؤا احد لم ‌يلد لم‌ يخرج منه شيء كثيف كالولد وسائر الاشياء الكثيفة التي لم ‌يخرج ( يخرج خ‌ل تخرج خ‌ب ) من المخلوقين ولا شيء لطيف كالنفس ولا تنشعب ( لا تتشعب خ‌ل ) منه البدوات كالسنة والنوم والخطرة والهم والحزن والبهجة والضحك والبكاء والخوف والرجاء والرغبة والسأمة والجوع والشبع تعالى عن ان يخرج منه شيء وان يتولد منه شيء كثيف او لطيف ولم ‌يولد لم ‌يتولد من شيء ولم يخرج من شيء كما تخرج الاشياء الكثيفة من عناصرها كالشيء من الشيء والدابة من الدابة والنبات من الارض والماء من الينابيع والثمار من الاشجار ولا كما تخرج الاشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين والسمع من الاذن والشم من الانف والذوق من الفم والكلام من اللسان والمعرفة والتمييز من القلب وكالنار من الحجر لا بل هو الله الصمد الذي لا من شيء ولا في شيء ولا على شيء مبدع الاشياء وخالقها ومنشئ الاشياء يتلاشى ما خلق للفناء بمشيته ويبقى ما خلق للبقاء بعلمه فذلكم الله الصمد الذي لم يلد ولم يولد عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ولم يكن له كفوا احد ه‍ قوله عليه السلم وان الله سبحانه قد فسر الصمد اي بينه واوضحه وهذا المعنى انما يصح في الثاني اي في قوله ثم فسره فقال لم يلد ولم يولد الخ واما الاول اي قوله ان الله سبحانه قد فسر الصمد فقال الله احد الله الصمد فان الصمد هو التفسير لاحد وهو اي احد تفسير للمعنى المراد من الله كما اشرنا اليه في التلويح والاشارة من ان المراد من الاسم الكريم على فرض كون هو ضمير الشان او ضمير المعبود بالحق سبحانه هو المعنى الذي يدل عليه احد بظاهره وباطنه الا ان احد لما كان من جهة لفظه ادل على التوحيد والتجريد والتفريد من الاسم الكريم وان كان ( كان هو خ‌ب ) في نفس الامر هو اخص من الاحد والاخص ادل على التوحيد والتفريد من حيث المعنى وما بالمعنى اخص وادل مما باللفظ الا ان ( لان خ‌ب ) اللفظ اذا دل كان اظهر دلالة فلذا حمل على الاسم الكريم والاسم الكريم لما تفرد عن سائر الاسماء بسعة شموله لمعاني الكمالات حتى اعتني باستعماله المشركون لآلهتهم حمل عليه الصمد الدال بلفظه على الوحدة وعدم قبوله للقسمة والا مدخل فيه وعدم احتياجه الى شيء وعدم استغناء شيء عنه في شيء في حال من الاحوال وقيامه بنفسه وعدم قيام غيره بدونه في حال وامثال هذه المعاني لظهور دلالة مادته عليها وان كان اسم ( الاسم خ‌ل ) الكريم ادل عليها من جهة المعنى ففي القول الاول لا يكون الصمد مفسرا بشيء بل هو تفسير وتبيين لما خفي في الاسم الكريم وفي احد وابهم من المعاني التي لوحنا بها واشرنا اليها نعم في القول الثاني هو مفسر بقوله لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد وانما جعله عليه السلم مفسرا في القول الاول مع ان ( انه خ‌ب ) ظاهر حقه وباطنه ان يكون تفسيرا لما قبله لانه في نفس الامر مفسر بما قبله كما هو مفسر بما بعده اذ لولا انه يراد منه ما يراد مما قبله لفسر بما لا يصلح ان يوصف به القديم عز وجل كالمصمت والمقصود في جهة وبذاته وامثال هذه مما لا يجوز على المعبود عز وجل فصح بمثل هذا اللحاظ ان يكون مفسرا بما قبله كما فسر بما بعده و( او خ‌ب ) ان المراد من قوله قد فسر الصمد اي قد ذكره ليفسره ثم فسر ( فسره خ‌ب ) بقوله ثم فسره الخ وقوله عليه السلم ولا تنشعب ( لا تتشعب خ‌ل ) منه البدوات اي ما يبدو منه يعني ما يظهر ويبرز منه كالسنة بكسر السين وهي النعاس وهو ( هي خ‌ب ) الفتور الذي يتقدم النوم وقوله والبهجة فيه تصريح بالرد على من قال انه عز وجل اشد الاشياء بهجة وسرورا بكمال ذاته لعدم تناهي رضاه بما يحب لذاته من ذاته كما اشار اليه ملا صدرا ( الملا صدر الدين خ‌ب ) الشيرازي في كتابه الاسفار وغيره ومن شاركه في هذا الرأي الباطل ممن تقدم عليه ومن تأخر منه ( عنه خ‌ل ) اذ لو جاز عليه شيء من هذه الستة ‌عشر من هذه البدوات وامثالها لما جاز ان يقول انه تعالى لم يلد لصدق الولادة على من يخرج منه شيء من هذه الستة‌ عشر وامثالها كما تصدق الولادة على من يخرج منه شيء كثيف كالولد وكسائر الاشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين وقوله ولم يولد يريد به عليه السلم معنى ما اراده من لم يلد يعني كما لا يكون منه شيء كذلك هو تعالى لم يكن من شيء اي لم يخرج من شيء كما تخرج الاشياء الكثيفة من عناصرها لان الشيء الكثيف اذا خرج من كثيف انما يخرج منه لانه خلق منه ولهذا اخبر عليه السلم انها عناصر واصول للخارجة منه ومثل باشياء يفهم منها كل الفروع من اصولها كالشيء من الشيء كالنبات من الارض والخاتم من الفضة وكالدابة من الدابة ان الولد يتكون من نطفة تخرج من بين صلب ابيه من اربعة اشياء العظم والمخ والعصب والعروق ومن ترائب امه من اربعة اشياء اللحم والدم والجلد والشعر ومن ستة من الله النفس والحواس الخمس فالامور الثمانية خرجت من عناصرها الاربعة التي في ( من خ‌ل ) الاب والام وكالنبات من الارض فانه اذا وقع المطر انحل جزءان منه بجزء من النار وجزء من الهواء وجزء من التراب والكل في الارض ولهذا كانت كثيفة لتركيبها ( لتركبها خ‌ب ) من الثلثة العناصر فكانت الاجزاء الخمسة نباتا عناصره التي تولد منها في الارض كما ذكرنا وكالماء النابع من الينابيع فان الينابيع هي اصل هذا النابع اذ المراد من الينابيع الماء المسلوك في الارض لانه اصله والعنصر هو الاصل ( الاصل وذلك خ‌ل ) كما قال تعالى فسلكه ينابيع في الارض وكالثمار من الاشجار فان اصل الثمرة الشجرة لا الغذاء الذي تجذبه العروق لان الذي تجذبه العروق شيء واحد وهو ماء مشاكل انحل به تراب ( تراب مشاكل خ‌ل ) والمراد بالمشاكلة مساواة اجزائهما في الوزن بالقدر الذي يحصل به الاعتدال في الطبايع وهو واحد في النخل ( للنخل خ‌ل ) والرمان والعنب وشجرة العنب اذا وصل اليها الغذاء كانت اصل العنب وشجرة الرمان اذا وصل اليها ذلك الغذاء كانت اصل الرمان والنخلة اذا وصل اليها الغذاء كانت اصل الرطب فالعنصر القريب للثمرة هو الشجرة وقوله ولا كما يخرج ( تخرج خ‌ل ) الاشياء اللطيفة من مراكزها يعني انه تعالى لا يخرج من شيء كما تخرج الاشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين فان البصر سواء قلنا انه بخروج الشعاع ام بالانطباع ام ( او خ‌ب ) بالحكاية بأن تكون رطوبة العين تحكي صورة المرئي ام بأن تدرك النفس صورة ملكوتية تشابه الصورة المحسوسة خارج من العين فهي ( فهو خ‌ب ) مركز والسمع من الاذن فان السمع الذي هو ادراك المسموعات من الاصوات انما هو قوة من الروح البخاري الذي هو النفس ( النفس النباتية خ‌ب ) تدرك الصوت الذي يقرع الجلد الرقيق المنشور على خرق الاذن فيختلف القرع باختلاف الحرف فان من الحروف ما يخرج عند القرع وهو الذي ينقطع النفس عند خروجه اذا نطقت به ساكنا مثل الميم واللام تقول ام وال ومنها ما يخرج عند القلع اذا اجريت النفس بعد قطعه كحروف القلقلة مثل القاف والطاء تقول اق واط فيخرج الحروف ( الحرف خ‌ل ) من مخرجه عند اجراء النفس بعد قطعه ومنها ما يخرج عند ضغط النفس كالشين والسين فانه يخرج عند تضييق النفس تقول اش واس فتميز الروح الحاسة الحروف باختلاف القرع والقلع والضغط في مادة الصوت وهيئته فالادراك يخرج من الدماغ الى خرق الاذن ليميز الصوت اذا ضربت الحروف طبل الاذن يتميز بينها باصواتها الواقعة على ذلك الجلد الرقيق الشبيه بالطبل فيخرج من الدماغ الى الجلد المضروب على ذلك الخرق فكانت تلك الاذن مركزا لذلك الحاس فقوله عليه السلم ولا كما تخرج الاشياء اللطيفة من مراكزها يدل على ان الحاس هو القوة البخارية لا ان المدرك للامور المحسوسة هو النفس والمدرك بفتح الراء صورة ملكوتية تشابه هذه الصور ( الصورة خ‌ب ) المحسوسة فتدرك النفس المحسوسة بادراك نظائرها الملكوتية كما توهمه الملا صدرا الشيرازي اذ لو كان المدرك بكسر الراء هو النفس لم يحسن ان يقال ان الاذن مركز للنفس ولا ان ادراكها يخرج من الاذن لان المادي لا يكون مركزا للمجرد وكذلك الشم من الانف والذوق من الفم والكلام من اللسان والمعرفة والتمييز من القلب كلها مثل السمع من الاذن من كونها لها مصادر وقوى تنشأ منها وتخرج من مراكزها الظاهرة وقوله عليه السلم وكالنار من الحجر يعني ان مخرج النار من الحجر كمخرج الشم من الانف من كون الحجر مركزا للنار من جهة الخروج كما ان الانف مركزا للشم من جهة الخروج ولما ( والا خ‌ب ) لم يكن للنار مصدر غير الحجر وغيره من المذكورات كالشم والكلام لها مصادر غير مراكزها لكنها متساوية من حيث المخرج والمركز ( المخرج خ‌ل ) كرر كاف التشبيه للفرق بينها وبين النار في المصدر والمركز وانما جعلت مواضع مخارجها مراكزها ( مراكز خ‌ب ) لدوران ادراكاتها على خروجها من هذه المواضع فلذا كانت تدور على هذه المواضع في تحققها وقوله لا اي لا يتولد من شيء بل هو الله الصمد يعني الذي لا من شيء ولا منه شيء ( شيء لا من شيء خ‌ل ) بدئ ولا في شيء حل ولا على شيء حمل مبدع الاشياء من كل من سواه بقدرته يتلاشى ما خلق للفناء والتلاشي بمشيته لذلك ويبقى ما خلق للبقاء بعلمه اي بما شاء من ابقائه واراد روى الصدوق في توحيده قال قال وهب بن وهب القرشي سمعت الصادق عليه السلم يقول قدم وفد من فلسطين على الباقر عليه السلم فسألوه عن مسائل فاجابهم ثم سألوه عن الصمد فقال تفسيره فيه الصمد خمسة احرف فالالف دليل على انيته وهو قوله عز وجل شهد الله انه لا اله الا هو وذلك تنبيه واشارة الى الغائب عن درك الحواس واللام دليل على الهيته بانه هو الله والالف واللام مدغمان لا يظهران على اللسان ولا يقعان في السمع ويظهران في الكتابة دليلا ( دليلان خ‌ل ) على ان الهيته بلفظه ( بلطفه خ‌ب ) خافية لا تدرك بالحواس ولا يقع ( لا تقع خ‌ل ) في لسان واصف ولا اذن سامع لان تفسير الاله هو الذي اله الخلق عن درك ماهيته ( مائيته خ‌ل ) وكيفيته بحس او بوهم بل هو مبدع الاوهام وخالق الحواس وانما يظهر ذلك عند الكتابة دليل على ان الله سبحانه اظهر ربوبيته في ابداع الخلق وتركيب ارواحهم اللطيفة في اجسادهم الكثيفة فاذا نظر عبد الى نفسه لم ير روحه كما ان لام الصمد لا يتبين ولا يدخل في حاسة من الحواس الخمس فاذا نظر الى الكتابة ( الكتاب خ‌ب ) ظهر له ما خفي ولطف فمتى تفكر العبد في ماهية ( مائية خ‌ل ) الباري وكيفيته اله منه وتحير ولم‌ تحط فكرته بشيء يتصور له لانه عز وجل خالق الصور فاذا نظر الى خلقه ثبت له انه عز وجل خالقهم ومركب ارواحهم في اجسادهم واما الصاد فدليل على انه عز وجل صادق وقوله صدق وكلامه صدق ودعا عباده الى اتباع الصدق بالصدق ووعد بالصدق دار الصدق واما الميم فدليل على دوام ملكه وانه الملك الحق لم يزل ولا يزال ولا يزول ملكه واما الدال فدليل على دوام ملكه وانه عز وجل دائم تعالى عن الكون والزوال بل هو عز وجل يكون الكائنات الذي كان بتكوينه كل كائن ثم قال عليه السلم لو وجدت لعلمي الذي آتاني الله عز وجل حملة لنشرت التوحيد والاسلام والايمان والدين والشرائع من الصمد وكيف لي بذلك ولم‌ يجد جدي امير المؤمنين عليه السلم حملة لعلمه حتى كان تنفس ( يتنفس خ‌ل ) الصعداء ويقول على المنبر سلوني قبل ان تفقدوني فان بين الجوانح مني لعلما ( علما خ‌ل ) جما هاه هاه الا لا اجد ( هاه الااجد خ‌ب ) من يحمله واني عليكم من الله الحجة البالغة فلا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من اصحاب القبور ثم قال الباقر عليه السلم الحمد لله الذي من علينا ووفقنا لعبادة الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد وجنبنا عبادة الاوثان حمدا سرمدا وشكرا واصبا وقوله عز وجل لم يلد ولم يولد يقول لم يلد عز وجل فتكون ( فيكون خ‌ب ) له ولد يرثه ملكه ولم يولد فيكون له والد فيشركه في ربوبيته وملكه ولم يكن له كفوا احد فيعاونه في سلطانه ه‍ اقول قوله عليه السلم تفسيره ( تفسيره اي خ‌ب ) الصمد فيه ليس خاصا بالصمد بل كل كلمات الله عز وجل على هذا النحو وكما ان الصمد للولي ( ان المولي خ‌ب ) المطلق اذا شاء ان يخرج كلما يحتاج اليه الخلق من لفظه على نحو ( نحو ما خ‌ل ) اشار اليه كذلك سائر كلمات الله للولي المطلق ان يخرج من كل كلمة كلما يحتاج اليه الخلق كما سمعت من تفسير امير المؤمنين عليه السلم لابن ‌عباس (ره) في باء بسم الله من اول الليل الى آخره ثم قال له لو طال الليل لاطلنا وقال عليه السلم ما معناه لو شئت لاوقرت سبعين بغلا او جملا من تفسير ( تفسير باء خ‌ل ) بسم الله الرحمن الرحيم وقوله عليه السلم تفسيره فيه يعني في لفظه ونقشه يعني ان ما يراد من الصمد بعد ما وصف الاسم الكريم باحد لبيان معناه المراد منه في الرد على من قالوا ( قال خ‌ل ) لرسول الله صلى الله عليه وآله هذا ( هذه خ‌ب ) آلهتنا المحسوسة المدركة بالابصار فاشر انت يا محمد الى الهك الذي تدعو اليه فقال تعالى ردا عليهم قل يا محمد ان الذي يشار اليه لا يصح ان يكون الها والذي ادعو اليه الله احد منزه عن الاشارة والاحساس والادراك ولا يرتبط بشيء ولا يرتبط به شيء وليس فيه ( به خ‌ب ) جهة وجهة ولا حيث ( حيث وحيث خ‌ل ) ولا لم ولا شيء يصح في شيء من خلقه ولما كانت المعاني التي يريدها من لفظ احد تخفى عليهم قال الله الصمد يعني ان معنى احد هو الصمد الذي ليس شيء ما يوهم شيئا من صفات الخلائق مطلقا فلما كانت تلك المرادات قد تخفى ( لا تخفى خ‌ل ) على كثير من الناس بمعنى انهم لا يفهمونها من لفظ الصمد لان الصمد ما يفهمون منه الا ما دلت عليه لغتهم بينها لهم بعبارة اجلى من لفظة الصمد فقال مرادي من الصمد لم يلد اي لم يخرج منه شيء بكل اعتبار وبكل معنى على ما بينه الحسين بن عليّ عليهما السلم كما تقدم ولم يولد اي لم يخرج من شيء على نحو ما تقدم ثم عمم واطلق في البيان فقال معنى الصمد الذي نريده ( يريده خ‌ل ) هنا انه لم يكن له كفؤا احد يعني لم يكن له كفوا شيء في شيء من كل شيء والباقر صلوات الله عليه بين ذلك واشار اليه ببيان قوله تفسيره فيه الخ ( الخ ما ذكر خ‌ب ) فاشار بأن الالف دليل على انيته وليس في الحروف الا الف واحد فنفي عليه السلم بكون الالف دليلا على انيته انية كل من سواه بمعنى انه ليس ( ليس لشيء خ‌ب ) من الاشياء انية الا ما اخترع له واشتق من فعله تعالى له من الانية ولاجل هذا قلنا انه لا اله الا هو في ذاته واشار بأن اللام دليل على الهيته فنفي باثبات الهيته الهية ما سواه اذ لو كان لغيره الهية لماحسن ان يقال ان اللام دليل على الهيته الا على جهة المشاركة فكما تدل على الهيته تدل على الهية غيره والدلالة الغير المحضة لا يكون مميزة ( المختصة لا تكون مخيرة خ‌ل ) فلا تكون مع المشاركة ( المشاركة الا خ‌ل ) دالة ( دالة الا خ‌ب ) على النوع وافراد النوع متساوية في ( عن خ‌ل ) الاتصاف ( الاتصاف من خ‌ل ) النوعي ولا نوع للقديم فلا مشاركة في ما ينسب اليه فبدلالة اللام على الالهية الحقيقية ( الحقيقية دلالة حقيقية خ‌ب ) تنتفي الهية كل من سواه وكذلك دلالة الالف وباقي حروف الصمد فلاجل هذا صار الصمد صالحا لبيان احد فيما يدل عليه من الوحدة الحقيقة لان المراد من الصمد كما تقدم من يراد معنى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد المبين في كلام الحسين بن عليّ (ع) الا ما اراد اولئك الطغام الذين قال الله فيهم ان هم الا كالانعام خ‌ب

الى هنا وجد في النسخة الشريفة

المصادر
المحتوى