رسالة في جواب السيد حسين بن السيد عبدالقاهر - ۱ (عن تسع مسائل)

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - رسالة في جواب السيد حسين بن السيد عبدالقاهر - ۱ (عن تسع مسائل)

رسالة في جواب السيد حسين بن السيد عبدالقاهر – 1

عن تسع مسائل

من مصنّفات

الشيخ احمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد التاسع
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين

اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين‌ الدين الهجري الاحسائي انه قد القي اليّ السيد السند والمولي المعتمد سيدنا السيد حسين بن السيد الفاخر السيد عبد القاهر ايده الله تعالى بعض المسائل طلب من داعيه جوابها وانا في حال ربما تعذر او تعسر فيه الجواب من انصراف البال وشدة الاشتغال بكثرة الامراض واختلاف الاحوال الا ان مثله لا يمكن من مثلي عدم اجابته فكتبت ما حضر في خاطري من المقدور اذ لا يسقط الميسور بالمعسور والى الله ترhجع الامور فجعلت كلمات سؤاله كالمتن وجوابي كالشرح

قال سلمه الله : متى يجب احترام التربة الحسينية وقد ذكر الشهيد في شرح اللمعة بانها بوضعها على الضريح يثبت لها الاحترام ما الدليل لهذا القول من كلامهم عليهم السلام والتربة يؤتى بها لنا من العجم مع المسابيح ونقل لنا انهم قد يستعملون من تربة غير الحسين عليه السلام سبحا وسجدات وقد يضيفون لها شيئا من تربة الحسين عليه السلام فاذا اعطانا المعطي تربة من خراسان فمتى يتحقق انها تربة الحسين عليه السلام وكيف نعرف ان هذه تربة الحسين عليه السلام
اقول اما الاحترام المعروف بين الشيعة فانه يثبت بالقصد الى انها تربة الحسين عليه السلام عند الاخذ لها من اي موضع كان من المحدود بفرسخين او اربعة او خمسة فان الاخذ اذا اخذ تربة من هذا المحدود بقصد انه تربة الحسين عليه السلام ثبت لها الاحترام حتى ان من نجسها بقصد الاحتقار وعدم المبالاة بها وبحرمة مشرفها عليه وعلى ابائه وابنائه الطاهرين السلم كافر اجماعا واما توقف الاحترام على الضريح فلا اعلم دليله وان كان يزيد شرفها بالوضع واما السبح التي يؤتى بها من العجم كالسبح الرضوية وغيرها فلا اعلم ان لها احتراما ينسب الى الحسين عليه السلام وما قيل من انهم ربما يضيفون لها شيئا من تربة الحسين عليه السلام فلم‌ يثبت بل سمعنا من كثير ممن يعمل تلك السبح بانه لا يجيزون ذلك ويمتنعون من وضع تربة الحسين عليه السلام في النار حتى اني اردت ان اعمل سبحة من تربة الحسين عليه السلام الخاصة وقلت لمن كان يعمل ذلك ممن يعتقد ان قولي حجة يدين الله بها اريد ان تعمل من هذه التربة الخاصة سبحة لي فقال لا افعل ذلك فقلت له لم فقال كيف يجوز ان اضع تربة الحسين عليه السلام في النار وبالغت في الكلام فامتنع والحاصل الظاهر ان قولهم انا نمزجها بتربة الحسين عليه السلام ترغيب لمن يشتري منهم تلك السبح نعم يمكن ان تحترم تلك السبح الرضوية لكونها من تربة عليّ بن موسى عليهما السلام لانها انما تعرف بذلك

قال سلمه الله تعالى : ما معنى ما ورد ان المؤمن افضل من الملائكة او ما ورد ان سلمن افضل من جبرئيل عليه السلام كيف يكون افضل والملك معصوم فالعصمة افضل من عدمها فما معنى الافضلية فان قلنا ان نور الملك منبجس من نور المؤمن فكيف المنبجس افضل من المنبجس منه
اقول قد ورد ان الملك ناقص لا يحتمل الكمال والانسان متردد بين الكمال والنقصان اي يحتمل الكمال والملك لا يحتمل الكمال لان الملك صورة عالية عن المواد عارية عن القوة والاستعداد كما روي عن امير المؤمنين عليه السلام بمعنى ان الملائكة ذوات لا تقبل النمو فلا تقبل الاستعداد الا ترى ان جبرئيل عليه السلام الان لا يكون افضل منه يوم خلقه الله لانه لا يزيد ولا يترقى وانما هو كالسراج تشعله من اول الليل الى اخره لا يكون في اخر الليل انور منه في اول الليل كذلك جبرئيل عليه السلام منذ خلقه الله الى اخر الدهر دائما في طاعة الله لا يغفل عن خدمة الله طرفة عين ومع هذا لم ‌يكن الان افضل منه في اول ما خلقه الله وذلك لكون ذاته عالية عن المواد عارية عن القوة والاستعداد بخلاف الانسان فانه كل حين في زيادة ونمو اذا لم ‌يكن في نقصان كسلمان عليه السلام وايضا الملك جزئي في رتبته وان كان ذا احاطة عامة كجبرئيل عليه السلام فانه وان تناول جميع مراتب الخلق الا انه لا يتناول غيرها بخلاف الانسان كسلمان صلوات الله عليه فانه كل يوم يترقى من ( عن خ‌ل ) مقامه باعماله وايضا انما تكون العصمة افضل من غيرها اذا كان معها مناقض لها قوى مقهور بها كما في الانبياء عليهم السلام فانها تكون في النبي ( صلى الله عليه واله خ‌ل ) مع وجود مناقض لها قوي مقهور بها فان ذلك الناقض ( المناقض خ‌ل ) مغلوب بها بخلاف ما في الملك عن ( من خ‌ل ) العصمة فانها تكون فيه بدون مناقض لها قوى مقهور بها لان ما في الملك ( في الارض خ‌ل ) شيء جزئي اتى به لحفظ بنية الملك لانه ظلمة ضعيفة ليس له اقتضاء وانما هو لحفظ التركيب خاصة ولهذا لا يصدر عنه اثر اصلا واما في النبي عليه السلام ( صلى الله عليه واله خ‌ل ) فانه لولا غلبة العصمة عليه لوقع منه الكبائر فعلى هذا يحتاج في العصمة الى ركن قوي منها لقوة المناقض بخلاف الملك فانه لايحتاج في عصمته الى ركن قوي منها لضعف المناقض الذي فيه لان المناقض الذي في الملك كامكان الصعود في الحجر لايحتاج في مقابلته الى ضد قوي ولقد قال رسول الله صلى الله عليه واله في هذا المقام في تفضيل بني ادم على الملائكة لما سئله عليّ عليه السلام عن ذلك وان من الملائكة لمن باقة بقل خير منه وليس ذلك الا لضعف جانب عصمته ومع هذا انما منعت ذلك الملك عن المعصية مع ضعفها لضعف المقتضى للمعصية الا ترى انه مع كونه معصوما باقة بقل خير منه وعلى كل تقدير قد ورد انه قد اختلف جبرئيل عليه السلام مع ميكائيل عليه السلام فيما معناه ان قال جبرئيل عليه السلام من اذنب وتاب افضل ممن لا يذنب وقال ميكائيل عليه السلام من لم ‌يذنب افضل ممن اذنب وتاب فقالا لا نبرح حتى ينزل علينا الوحي فاتى الوحي من الله سبحانه من اذنب وتاب افضل ممن لم ‌يذنب لانه اذا اذنب وتاب كان كمن لم‌ يذنب وبقي عليه انكسار المعصية فهو افضل فعلى هذا ربما يكون غير المعصوم بخوفه من الذنوب او وقوعها ينال رتبة اعظم ممن تكون ادنى رتبة من مراتب العصمة مانعة له من الذنوب لضعف انيته كما في الملائكة وهذا انما يتحقق في ضعيف الانية وقوله سلمه الله ( فان قلنا ان نور الملك منبجس من نور المؤمن فكيف يكون المنبجس افضل من المنبجس منه ) مناقض لمراده لانا نقول اذا كان نور الملك منبجسا من نور المؤمن كان نور المؤمن افضل من نور الملك وهذا دليلنا

قال سلمه الله : وما معنى ما ورد عنهم عليهم السلام في ان صفات الواجب تعالى اذا قلنا عالم اي لا جهل فيه حي اي لا موت فيه وهكذا تنفي عنه تعالى صفة النقص وورد كمال توحيده نفي الصفات عنه بالنسبة للذات لا في العلم فقولنا عالم اي لا جهل فيه وان كان نفي نقض عنه الا انه مستلزم لثبوت الصفة وهو عالم فنفي الجهل يستلزم وصفه بالعلم
اقول اعلم ان الناس اختلفوا في وصف الله بالعلم اذا قلنا عالم ما المراد به فقيل معناه ان هناك وصف وجودي مفهومه مخالف لمفهوم الذات الا ان الذات والعلم متحدان في الوجود وهذا معنى باطل لانه اذا كان هذا الوصف مخالفا لمفهوم الذات دل على تمييز الذات والعلم في الفهم والادراك والمتميز المدرك لغيره حادث ولا يجوز ان يوصف سبحانه بحادث وقيل انه عين الذات وغير الذات وهذا ايضا باطل لاشتماله على التناقض فان ما هو عين الذات لا يكون غير الذات وما يكون غير الذات لا يكون عين الذات وقال المتكلمون من الامامية ان وصفه سبحانه بهذه الصفات لا بد ان يرجع معانيها الى السلوب فمعنى انه عالم والعلم عين ذاته انه ليس بجاهل ومعنى انه قادر انه ليس بعاجز ومعنى انه سميع انه ليس باصم ومعنى انه بصير انه ليس باعمي وهكذا باقي الصفات وهذا ايضا باطل لانه اذا فرضت ان علمه عين ذاته كيف يجوز ان يكون معنى ذلك ان ذاته هي معنى السلب اي ذاته عدم الجهل هي عدم العجز هي عدم الموت هي عدم الصمم هي عدم العمي لان صفاته اي هي ( صفاته هي خ‌ل ) ذاته فاذا كانت معنى صفاته عدم اضدادها كانت عدما لرجوعها الى الاعدام وانما معنى كون صفاته عين ذاته ومعنى توحيدها نفي الصفات عنها انه لم‌ يكن هناك كثرة وان معنى العلم هو الله ومعنى القدرة هو الله وهكذا وان تكثر هذه الاسماء من باب الترادف وليس المراد الّا صفة له بل المراد ان معنى علمه هو الله ومعنى قدرته هو الله وان الصفة هو الموصوف لان ذاته كاملة لم ‌تفقد صفة كمال وليس في ذاته شيء غيره ولم ‌يكن فيه كثرة لا في الوجود ولا في الذهن ولا في نفس الامر

قال سلمه الله : وهل الجن مكلفون بتكاليف الانسان من صلاتنا هذه وصومنا وزكاتنا وحجنا وجريان مناكحتنا من المحرمات المذكورة في الكتاب العزيز وتوارثنا وما الدليل على ذلك من السنة المطهرة او لهم تكليف مغائر لتكليفنا وهل ورد في السنة انهم يموتون موتا ام قتلا فقد سمعت انهم لا يموتون الا بالقتل
اقول المروي عن النبي صلى الله عليه واله ان الجن على خمسة اصناف صنف حيّات وصنف عقارب وصنف حشرات ( في خ‌ل ) الارض وصنف كالريح في الهواء وصنف كبني ادم عليهم الحساب والعقاب وهؤلاء هم الذين يجري عليهم التكليف واما الاقسام الاربعة الاول فحكم تكليفهم حكم تكليف نظائرهم ممن ينسب الى بني ادم لان كل ما سوى الله مكلفون وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم والذين كبني ادم يشاركون بني ادم في كيفية التكليف وكل نوع من الجن امم امثالنا وارسل اليهم رسل من نوعهم قال الله تعالى يا معشر الجن والانس الم ‌ياتكم رسل منكم يتلون عليكم اياتنا وقال تعالى وان من امة الا خلا فيها نذير وقال تعالى وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم وهذا ظاهر واختلف العلماء والمفسرون في جواز مناكحة بني ادم لهم واستدل المجوزون باصل الايجاد في بني ادم وان الله انزل يوم الخميس بعد العصر على شيث عليه السلام حورية من الجنة وامر ادم ان يزوج شيث عليه السلام بها واسمها منزلة وانزل يوم الجمعة بعد العصر جنية من الجنة واسمها نزلة او بالعكس وامر ادم ان يزوج ابنه يافث بها فاتت الحورية لشيث عليه السلام بولد واتت الجنية ليافث بن ادم ببنت ولما بلغا امره فزوج ابن شيث عليه السلام ببنت يافث فكان التناسل منهما فما كان في اولادهما من حسن الخلق والخلق فمن الحورية وما كان في اولادهما من سوء الخلق والخلق فمن الجنية وام بلقيس جنية اخذها الهدهاد ابو بلقيس فولدت له بلقيس وقال تعالى لم ‌يطمثهن انس قبلهم ولا جان وهو بظاهره يدل على ان اهل الجنة الجن والانس يتزاوجون واستدل المانعون بان السنة دلت على ان التناكح لا يكون بين نوعين والا لجاز نكاح الحيوانات والجن نوع غير نوع الانس واما اية لم ‌يطمثهن انس قبلهم ولا جان فالمعنى فيها لم‌ يطمث الانسيات قبلهم انس ولم ‌يطمث الجنيات قبلهم جان واذا قام الاحتمال المساوي بطل الاستدلال والذي يظهر لي من ملاحظه الادلة الجواز على كراهة واما حكم الجن في الموت فانهم مثل بني ادم منهم من يموت ومنهم من يقتل واما الذين سمعت بانهم لا يموتون موتا وانما يقتلون قتلا فهم الشياطين فانهم لا يموتون وانما يقتلون قتلا لانهم مجردون عن المواد العنصرية

قال سلمه الله : وقد ورد في تفسير العياشي عن الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى الم ‌تر الى الذين قيل لهم كفوا ايدكم قال الحسن فلما كتب عليهم القتال مع الحسين عليهما السلام قالوا ربنا لولا اخرتنا الى اجل قريب الى خروج القائم عليه السلام من القائل هذا لولا اخرتنا الخ
اقول : كان اناس من الشيعة مع الحسن بن عليّ عليهما السلام فلما صالح معوية اعترضوا عليه وطلبوا القتال حتى قال بعضهم للحسن عليه السلام يا مذل المؤمنين فقال عليه السلام لهم يا سبحان الله اذا علمتم اني امام مفترض الطاعة فلم تعترضون عليّ فلما خرج الحسين عليه السلام كتب الله عليه وعلى اهل الارض ان يقاتلوا معه فلما كتب عليهم القتال مع الحسين عليه السلام قالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا اخرتنا الى اجل قريب الى خروج القائم عليه السلام فان معه النصر والظفر وكان من جملة من قال ذلك رجل الان ما يحضرني اسمه كان مع الحسين عليه السلام حين خروجه من المدينة الى العراق قال للحسين عليه السلام اني خرجت بمال كثير واخشى ان يضيع وخرجت ولم ‌اوص الى اهلي فاذن لي في الرجوع قال عليه السلام قد اذنت لك فنزل تاويل الاية فيه

قال سلمه الله : وما الدليل العقلي يدل على ان نبينا صلى الله عليه واله خاتم النبيين ولا نبي بعده
اقول : اغلب الادلة العقلية تكون مستنبطة من النقل فان العلامة (ره) صنف كتاب الالفين واغلب ادلته العقلية تستنبط من النقل ولا يقال ان هذه ليست بادلة عقلية لكونها من النقل مثل ما قال (ره) في استدلاله بقوله افمن يهدي الى الحق احق ان يتبع الى اخر الاية وذلك لان الدليل العقلي لا ربط بالنقل يكون في الاغلب بعيد الادراك لكونه مؤلفا من الفطرة قبل اكتسابها لشيء فلا يدركه الا العقل الطبيعي اذا كان قويا وانا اورد لك دليلا من هذا النحو فاعلم ان الدليل العقلي الذي انه صلى الله عليه واله افضل خلق الله من النبيين والمرسلين والملائكة المقربين فانه اذا ثبت انه صلى الله عليه واله افضل وجب ان يكون اخيرا لان ما كان اعلى في الوجود وجب ان يكون اخيرا في الظهور الا ترى العقل لما كان اعلى ما في الانسان وجب ان يكون اخر ما يظهر في الانسان واكمل مراتبه اخر مرتبة منه وهذا كالثمرة فانها غاية الشجرة وهي اخر ما يظهر والورق يخرج اولا لانه انزل مراتب ظهورات الشجر وذلك لان الاشياء كلها نازلة من الخزائن الالهية قال تعالى وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم فالانسان اول ما يظهر منه النطفة ثم العلقة ثم المضغة ثم العظام ثم يكسى لحما ثم ينشئ خلقا اخر فتظهر فيه النفس الحيوانية الفلكية الحسية عند تمام الاربعة الاشهر بالولادة الجسمانية ثم تظهر فيه النفس الناطقة القدسية اذا تم له تسعة اشهر عند الولادة الدنياوية فتقوى شيئا فشيئا وذلك ان الراس المختص به من الملك المسمى بالعقل عليه غشاوة تكشف تلك الغشاوة عن وجه ذلك الراس المختص بذلك الانسان شيئا فشيئا وكل ما كشف جزؤ من ذلك الغطاء عن ذلك الوجه اشرق نور ما انكشف منه على قلب ذلك الصبي حتى ينكشف ذلك الغطاء كله فيقع نور ذلك الراس من ذلك العقل على قلب ذلك الصبي فيعرف الخير والشر والجيد والردي فيكلف وهذا النور المشرق على قلب ذلك الصبي هو عقله ينكشف كله عند بلوغ ذلك الغلام وهو اخر ما يظهر عليه وينزل اليه من عالم الغيب واخر ما ينزل هو اعلى ما نزل وهذا ظاهر فاذا عرفت ما اشرنا اليه ظهر لك انه صلى الله عليه واله يجب ان يكون خاتم النبيين صلى الله عليهم اجمعين لانه غايتهم والغاية يجب ان تكون اخرا ومما يشير اليه دعاء ليلة المبعث السابعة والعشرين من شهر رجب في قوله عليه السلام اللهم اني اسئلك بالتجلي الاعظم في الليلة من الشهر المكرم فاشار عليه السلام الى ان اعظم تجليات الحق عز وجل لجميع خلقه ما تجلى به ببعث محمد صلى الله عليه واله فيجب ان يكون خاتم النبيين صلى الله عليه وعليهم اجمعين فافهم

قال سلمه الله : وقد ورد عن الكاظم عليه السلام كما في المناقب ان دواب الارض كلها كالخنفساء والفار وغيرهما تتولد من الارض ولا ترضع ولدها وانما تتعيش بالتراب وكيف تتوالد بسفاد ام لا فان كان بغير سفاد فما العلة في كونهما زوجين ذكرا وانثى
اقول : اعلم ان كل ما خلق الله في الارض فهو من الادميين الالف الالف ادم كما في رواية جابر بن يزيد عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى بل هم في لبس من خلق جديد ما معناه اترى ان الله تعالى لم ‌يخلق غيركم بلى والله لقد خلق الله الف الف عالم والف الف ادم انتم في اخر العوالم واخر الادميين وكل عالم اوله ادم وهو مخلوق لا من اب وام ظاهرين بل من اب وام باطنين وهما المادة والصورة الاب المادة والام الصورة كما هو فحوى رواية سليمان بن خالد عن الصادق عليه السلام وباقي ذلك العالم اغلبه بالتناكح وقد يكون بغير اب وام ظاهرين بالتناكح بل بالكون بالتعفين اي الاب والام الباطنين المادة والصورة الا ان الغالب في كل عالم بعد ادمه وحوائه الكون بالتناكح ثم على فرض التكون بغير التناكح قد يكون في الكائن ان يكون فيه الزوجان اما لجواز الكون بالتناكح او لمقتضى التكوين فان ما يكون قد تكون مادته تقتضى الذكورية او تقتضى الانوثية وقد يقتضي ذلك التكوين كما اذا كان التاليف في الجانب الايسر من المكون جزئين من النفس وفي الجانب الايمن منه جزءا واحدا من العقل فيخرج المكون انثى او بالعكس فيخرج المكون ذكرا يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء الذكور او يزوجهم ذكرانا واناثا فعال لما يريد سبحانه وتعالى

قال سلمه الله : وما معنى ما ورد عن الجواد عليه السلام لما سئل ايما افضل زيارة جدك الحسين عليه السلام او ابيك قال عليه السلام زيارة ابي افضل لان الحسين عليه السلام يزوره كل احد وابي لا يزوره الا الخواص من الشيعة مع ما ورد من افضلية زيارة الحسين عليه السلام
اقول : وجه زيارة الحسين عليه السلام من كل احد ان امامة الحسين عليه السلام يقول بها الامامية والناووسية والكيسانية والزيدية والاسماعيلية والواقفية ولا يقول بامامة الرضا عليه السلام الا الامامية واذا قلت زواره الامام عليه السلام اقتضت الحكمة ان يزيد فضل زيارته لان قلة زيارته ليست بتقصيره فاذا زاد فضل زيارته رغب الناس فيها واما اليوم فالحسين عليه السلام لقربه من رسول الله صلى الله عليه واله كان زواره اكثر من جهة العامة بخلاف الرضى عليه السلام وايضا لبعده عن قبر رسول الله صلى الله عليه واله ولبعده عن بلد ولادته ومسقط راسه وماوى نفسه فهو عليه السلام غريب الدار بعيد المدي وكل ذلك موجب لان تعطف الرحمة عليه وعلى زواره وذلك وامثاله مقتضى لزيارة فضل زواره

قال سلمه الله : وما معنى ما ورد في تفسير الامام عن الرضا عليه السلام في سنقرئك فلا تنسى الا ما شاء الله ان ينسيك فيرفعه عن قلبك كما في اية ننسها برفع رسمها وقد تلى وعن القلوب حفظها وعن قلبك يا محمد ما معنى رفعه عن قلبه صلى الله عليه واله وما معنى الحديث من حيث هو كله الى اخر كلامه ادام الله اكرامه
اقول : معنى رفعه القران عن قلبه مختلف باختلاف المرفوع فان كان من منسوخ التلاوة والحكم فرفعه عن قلبه اعلامه بانه مما لا تجوز قرائته وان وقت حكمه انقضى فان كان كل شيء مؤجل مثل اجل زيد فكما ان زيدا اقتضت مصلحة الايجاد ايجاده عشر سنين فاذا انقضى وقت مصلحة الايجاد مات والحكم يرتفع وهو المعبر عنه بالنسخ فانساء الحكم رفعه وانزال ما تقتضيه المصلحة ويثبت في قلبه صلى الله عليه واله هذا كما حصل له صلى الله عليه واله حين نسخ حكم الصلوة الى بيت المقدس واثبت في قلبه حكم الصلوة الى الكعبة وان ( واذا خ‌ل ) كان منسوخ الحكم ثابت التلاوة اثبت الله في قلبه ( صلى الله عليه واله خ‌ل ) الحكم الثابت ونسخ الحكم الاول وان كان منسوخ التلاوة ثابت الحكم اثبت في قلبه ( صلى الله عليه واله خ‌ل ) ارتفاع وجود تلاوته وبقي حكمه في سنخ الحديث القدسي وان كان ثابت التلاوة والحكم استمر وجود الجهتين فيما امر بتبليغه وهنا معنى اخر للانساء والنسخ وهو الامر بالاعراض عنه في الوقت ( في المدة خ‌ل ) الفلاني والاقبال عليه في الوقت الاخر مثاله في حقك انك تعرف اعراب زيد قائم من علم النحو فاذا سئلت عن اعرابه قلت زيد مبتدا وقائم خبره واذا لم ‌تكن بصدده بل تتكلم في احكام الوضوء من علم الفقه التفت قلبك وخيالك الى علم الفقه واعرضت عن علم النحو ونسيت اعراب زيد قائم ومعنى قولنا انك نسيته نريد به انك لست بصدده وانما خيالك متوجه الى احكام الوضوء من الفقه ولست ناسيا لمسئلة اعراب زيد قائم الا انك لست بصدده فاعراضك عن هذا ليس عن نسيان له ولا لسهو فالانساء هنا هو التاخير فان كان المؤخر انتهت مدة وجوده محي من محل ظهوره واستعماله فيعدم من محله بنفي معيناته فيلحق باصل مبدئه وقد يلحق بامكانه الا ان هذا نادر الوقوع وان كان انتهت مدة استعماله لحق بمبدئه يسبح الله فيه ويقدسه

واما قوله سنقرئك فلا تنسى فلا هنا نافية للنسيان بمعانيه الثلاثة الترك والتاخير ومحو الصورة واستثنى من ذلك ما تاتي به مشية الله من اثبات النسيان في الثلاثة المعاني او بعضها برفعه من القلوب بمحو الصورة او تاخير القرائة الى وقت الحاجة والاشتغال بغيرها بان يكون بصدد شيء اخر ومنه ما روي في اكل الكاظم صلوات الله عليه العنب والرمان المسمومين معللا بانه غاب عنه الملك المحدث بمعنة ان عقله توجه الة الحضرة الالهية امتثالا لامره حتة غفل عما سوى الله الذي من جملته اكل العنب والرمان المسمومين فعبر عن توجهه الة الله واعراضه عن الدنيا وما فيها بغيبوبة الملك المحدث فافهم وتامل في ما ذكرته لك يظهر لك كل ما تحتاج اليه من معاني هذا الحديث وامثاله والحمد لله رب العالمين

وفرغ من تسويدها العبد المسكين احمد بن زين ‌الدين الهجري الاحسائي في اليوم التاسع ‌عشر من شهر شوال سنة اربعين وماتين والف من الهجرة النبوية على مهاجرها واله افضل الصلوة وازكى السلم حامدا مصليا مستغفرا
تمت

المصادر
المحتوى