
حسب جوامع الكلم – المجلد الثامن
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية
اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين ان الاكرم الارشد الاسعد جناب مولانا الشيخ احمد ابن المرحوم الصالح الشيخ صالح بن طوق بلغه الله خيرات ( خير خل ) الدارين انه قد ارسل الي بمسائل على حال مني ليس محلا للجواب لكثرة الأمراض المتصلة بحيث لا اقدر على مراجعة كتاب ولكن لأجل مقام السائل عندي في نفسي وقلبي عزمت على الاتيان من الجواب بما يخطر على بالي ويحضرني من الجواب اذ لا اقدر على ازيد منه مع اشتغالي بشرح العرشية للملا صدرا في المبدأ والمعاد وكثرة الطالبين لها مني ولكن لاهتمامي بانجاز ( بانجاح خ ) طلبته قدمت حاجته على كل شيء غيرها الا اني كما عرضت له بالشرط ان يقبل مني كل ما يحصل لاني يعلم الله سبحانه عاجز عن اكثر ما ينبغي لكثرة الأمراض المؤذنة ( المؤذية خ ) بقرب الأجل ولكن الأمر لله ولا حول ولا قوة الا بالله
قال سلمه الله : مسئلة - ما حقيقة معنى انطباق العلم على المعلوم مع ان العلم عين الذات المقدسة
اقول : اعلم ان علمه الذي هو عين ذاته تعالى هو ذاته بلا مغايرة عندنا لا في المفهوم ولا في المصداق لا في الذهن ولا في الخارج ولا في نفس الامر ولا في الاعتبار بل العلم والذات لفظان مترادفان ولكن لما طمحت العقول بعد معرفة الصانع الى التطلع الى ان هذا الصانع عالم وقادر ام لا لان العلم صفة كمال ولا بد لكل سؤال من جواب اجاب بظاهر ما حامت عقولهم على آثاره وهو العلم الفعلي والقدرة الفعلية والسمع والبصر وغير ذلك من صفاته عز وجل فقيل للسائلين هو عالم يعني انه خلق العلم وخلق العالم ولا يخلق العلم والعالم جاهل ثم بينه لهم في آياته في الافاق وفي انفسهم بصنع الأفعال المحكمة المتقنة التي لا تقبل زيادة الاتقان والاحكام على تكرر صنعه تعالى ولو امكن فيه الزيادة لكان في آخر صنعه احسن منه في اوله فلما كان صنعه لا يختلف ولا يقدر احد من الخلق ان يبلغ ادنى مراتب الاتقان فيه علموا بانه تعالى عالم ولما كان كل شيء من ذلك فانما هو صفات افعاله وهم يطلبون معرفة علم ذاته وعلم ذاته هو ذاته فمعنى الله عالم الله الله اجابهم بصفات افعاله فقال الله عليم قدير فالمحمول صفة فعل والمعنى ان صفة الذات هي الذات من باب ايهام التناسب عند اهل البديع واولياؤه عليهم السلام بينوا صحة الوجهين فقال عليه السلام وكمال توحيده نفي الصفات عنه مع ان اثبات الصفات توحيد له فان كان نفيها حقا لم يصح اثباتها مع انه (ع) اثبتها ضمنا بقوله « وكمال » يعني ان نفي الصفات من كمال المعرفة ونفي الصفات لا يجوز لان نفي العلم اثبات لضده وانما المراد بالنفي ( بالنفي نفي خل ) ما هو غير الذات كصفات الافعال فالعلم مثلا اذا استعمل للفعلي حسن اثباته له تعالى واذا اريد به الفعلي وان الذات متصفة به وجب نفيه لانه في الذات نقص وان كان في الفعل كمال فاذا اردت معنى كون صفاته عين ذاته جعلت تلك الفاظا مترادفة اذ معنى العلم الذي هو الذات ليس مما تعرف الخلائق معناه او تحيط به او تقيسه على شيء لانه هو الله والله سبحانه لا يعرف ( لا تعرف خل ) الخلائق معناه بل ليس له لفظ ولا اسم ولا صفة تكون بازائه فالعلم الذي هو عين ذاته هو الله بلا مغايرة لا في المفهوم اذ لا يمكن للخلق فهم معناه تعالى ولا في المصداق اذ لا يصدق عليه شيء غيره ولا في الذهن اذ كل ما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مثلكم مخلوق ( لكم خ ) مردود اليكم ( عليكم خ ) ولا في الخارج اذ ليس في الأزل تعدد ولا كثرة بحال من الاحوال لان الازل هو الله سبحانه ولا في نفس الامر اذ الادلة القطعية عقلا ونقلا انما تدل على هذا واما كلام الملا صدرا والملا محسن ومن حذا حذوهما او حذيا حذوه من ان معنى كونها عين ذاته انها مغايرة له في المفهوم وهي هو في المصداق اذ وجود الذات ووجود الصفات شيء واحد فباطل ان ( اذ خل ) من كانت صفاته التي هي عين ذاته مغايرة له في المفهوم ليس ربا لنا ولا نعبده انما نعبد ربنا كما وصفناه فافهم ثم ان الصادق (ع) بين حقيقة ما يمكن من معرفة وحدة الأزل فقال لم يزل الله ربنا عز وجل والعلم ذاته ولا معلوم والسمع ذاته ولا مسموع والبصر ذاته ولا مبصر والقدرة ذاته ولا مقدور فلما احدث الاشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم والسمع على المسموع والبصر على المبصر والقدرة على المقدور الحديث والاشكال المسئول عنه من مثل ما في هذا الحديث الحق وهو انه تعالى لم يزل ربنا عز وجل والعلم ذاته ولا معلوم اما ان العلم ذاته فظاهر واما انه ولا معلوم فهو حق وبيانه ان الازل هو الله تعالى ولا يكون معلوم في ذاته وانما المعلومات في الامكان فذاته هو الازل وهو علم فلما امكن الامكان بمشيته وكانت الاشياء وقع العلم منه تعالى على المعلوم وهذا العلم الذي وقع على المعلوم هو العلم الفعلي اي الادراكي الاشراقي ومثاله انك انت سميع لذاتك ولم يكن احد يتكلم لتسمع كلامه فلما تكلم شخص ادركت كلامه وسمعته وهذا التعلق لم يكن عندك قبل كلام الشخص ولكن حين تكلم سمعت كلامه وسمعت فعل منك وادراك وليس هو السمع الذي يقال لك من اجله انك سميع بل انت سميع وبصير لذاتك سواء تكلم شخص ام لم يتكلم فهذا السمع هو ذاتك وادراكك للكلام صفة فعلية توجد بوجود متعلقها وتفنى بفنائه والعلم المتعلق بالحوادث اشراقي ينسب الى الله اذا وجد المعلوم كاشراق الشمس ينسب اليها اذا وجد ما تشرق عليه واذا لم يوجد ما تشرق عليه لم يوجد الاشراق وكصورتك في المرءاة توجد اذا وجدت المرءاة نسبت الصورة اليك واذا لم توجد المرءاة لم توجد الصورة فالله سبحانه في الازل عالم ولا معلوم واذا وجد المعلوم وجد خارج الازل ووجد العلم به وهو العلم الاشراقي الفعلي فافهم وهذا السمع والعلم والبصر وغيرها بمعني واحد فاذا قلنا هو تعالى لذاته عليم نريد ان ذاته علم وليس معنى هذا العلم المعنى المفهوم عندنا من انه العلم الذي يقتضي معلوما لان ذلك هو العلم الفعلي والسمع الفعلي وغيرها الا ترى انك سميع ولا يقتضي هذا مسموعا وانما معناه الله سبحانه واذا قلنا ان علمه الذي هو ذاته تعلق بمعلوم كما يوهمه الحديث الشريف فالمراد ان علمه هو ذاته ولما وجد المعلوم تعلق به العلم الفعلي عند وجود المعلوم كما نقول كان الله وحده وحين وجد زيد انما وجد بفعل الله بمعنى ان فعل الله المتعلق به لم يكن قبله كذلك علمه الفعلي والعلة في ما قلنا ان العلم الذي نعرفه لا بد له من ان يكون مطابقا للمعلوم والا كان جهلا ومقترنا به والا لم يكن علما به وواقعا عليه كذلك وعلم الله الذي هو ذاته هو الله سبحانه فما معنى كون الله بذاته عالما بزيد اذا كان علمه ذاته هل يكون الله مطابقا لزيد وواقعا عليه ومقترنا به تعالى الله عن ذلك بل كان عالما ولا معلوم كما تكون انت بصير ولا مبصر ولا يلزم من عدم مسموع يتعلق به سمعك ان تكون اصم ومن عدم شيء تراه ان تكون اعمي كذلك لا يلزم من كلامنا ان يكون الله تعالى في الازل ليس بعالم لعدم وجود معلوم في الازل نعم لك ان تقول كان الله في الازل عالما بها في الحدوث وليس لك ان تقول كان الله سبحانه عالما بها في الازل اذ يلزم وجودها في الازل والازل ذاته وهذا اشارة الى جواب سؤالك واعذرني في ترك تطويل البيان
قال سلمه الله : وكيف نكلف بمعرفة الله تعالى وهو واحد من كل وجه فهو مجهول الكنه
اقول : لا يكلف احد من الخلق لا نبي مرسل ولا ملك مقرب بمعرفة الكنه لانه كما قال الرضا (ع) كنهه تفريق بينه وبين خلقه وغيوره تحديد لما سواه وروى الشيخ في المصباح في ادعية الايام الطويلة : اللهم فت ابصار الملائكة وعلم النبيين وعقول الانس والجن وفهم خيرتك من خلقك القائم بحجتك والذاب عن حرمك والناصح لعبادك فيك والصابر على الاذى والتكذيب في جنبك والمبلغ رسالاتك الدعاء فاذا فات تعالى فهم محمد صلى الله عليه وآله فمن يكلف بمعرفة كنهه وذلك هو المجهول المطلق لا يعرف الا بالجهل به لكن لما لم يمكن ادراكه لغيره ولا يقوم النظام الا بمعرفته وصف نفسه لعباده وهذا الوصف هو حقيقة عبده فقد وصف نفسه لك بكنهك فمن عرف نفسه فقد عرف ربه لان الشيء لا يعرف الا بوصفه وانت وصفه ومعنى انك تعرفه بك انك اذا عرفت انك اثر دلك على وجود مؤثر او انك نور دل على وجود منير او انك صنع دل على وجود صانع ولو نظرت الى نفسك انك انت انت لم تعرف نفسك ولم تدلك انيتك على غيرك فانت الوصف الذي تعرف به لك وهذا الوصف شعاع لتعرفه لمحمد وآله (ص) وذلك هو المثل الاعلى وهو المقامات التي لا تعطيل لها في كل مكان وهي العنوان الذي لا فرق بينه وبينه الا انه عبده وهو بمنزلة قائم من زيد فان قائم مصاغ من الحركة الموجدة للقيام ومن القيام صيغ منهما عنوان يدلك على ان هنا شيئا ينسب قائم اليه وقائم هو وجه زيد لمن طلب معرفة فاعل القيام وكالشعلة المرئية من السراج فانها وجه النار الغائبة عن الأدراك فانت تتوجه الى الشعلة وتقصد النار الغائبة لان الشعلة دليل عليها ولكن لا تدرك مطلوبك الذي هو كالنار وانما تدرك دليله الذي هو الشعلة وهي الدليل على النار فالمقامات التي يعرفه بها من عرفه لا فرق بينها وبينه الا انهم عباده وخلقه هي وجهه فاينما تولوا فثم وجه الله فالحركة الفعلية هي المشية واثرها هي الحقيقة المحمدية والمصاغ منهما العنوان والوجه الذي يدل على المعبود كما ان الشعلة اصلها دخان استنار بمس النار فمس النار هو فعلها وهو آية المشية والدخان المستنير بها هو آية الحقيقة المحمدية والمصاغ منهما وهو السراج والمقصود هي ( هو خل ) النار التي هي آية الله سبحانه فانت تعبد الغيب الذي لا يدرك وتتوجه اليه بواسطة العنوان كما انك اذا قلت لزيد يا قاعد فانت تعني زيدا ولكن لا تتوصل اليه الا بواسطة صفته اعني قاعد وقاعد هو الوجه والدليل والعنوان وهو مركب من فعل كالمشية ومن اثره وهو القعود كالحقيقة المحمدية (ص) فالمعبود والمقصود هو الحق والمجهول المطلق عز وجل والمكلف بمعرفته العنوان لان من عرف الصفة عرف الموصوف ومن عرف الاثر استدل به على المؤثر فافهم
قال ايده الله : وما معنى تسمية المعلومات علما له تعالى
( اقول خل ) اعلم ان العلماء والحكماء اختلفوا في العلم هل هو غير المعلوم وبه قال اكثر المتكلمين ام بعضه عين المعلوم كالصورة فانها هي علم وهي معلومة بنفسها لا بصورة اخرى والا لزم التسلسل او الدور وبعضه غير المعلوم كعلمنا بزيد فانه صورة في اذهاننا والمعلوم زيد وهو غيرها وبه قال اكثر المشائين وكثير من الاشراقيين ام هو عين المعلوم وبه قال بعض الاشراقيين والمشائين وبعض الرواقيين وهو الحق لأن الصورة هي علم بهيئة حضور زيد عندك وليست غير الهيئة وهي معلومة بنفسها لا بصورة اخرى واما زيد حال حضوره عندك فعلمك به نفس حضوره والمراد بحضوره هو هو بذاته لا الحضور العام الذي هو حصول الشيء فان الخضرة اذا حضرت بين يديك هي علمك بها واذا حضرت الحمرة كذلك ولو اريد بالحضور العام لتساوي بالنسبة الى الخضرة والحمرة فلا يكون العلم مطابقا للمعلوم لان المطابق للخضرة هو ما كان اخضر والمطابق للحمرة ما كان احمر ولو كان العام لما وصف بلون لصلوحه لكل شيء وانما نريد بالحضور نفس الحاضر وذاته فاذا وجد الشيء وجد نفسه ( وجد بنفسه خل ) للواجد له وهو العالم به وهو العلم الاشراقي الذي يحصل للعالم بوجود المعلوم لانه هو المعلوم فالشيء انما يحصل بنفسه واعلم ان كل شيء خلقه الله فهو علم ومعلوم ودليل ومدلول وكتاب ومكتوب وعلة ومعلول وعرض ومعروض وفي امالي الطبرسي باسناده الى النبي (ص) قال ان لنا في كل شيء علما حتى تقلب الطير في الهواء ه
قال سلمه الله : وما معنى ما ورد من ان له الامثال العليا وقوله وله المثل الاعلى في السموات والارض
اقول : المثل بفتح الثاء الاية والوصف وله في الاستعمال اطلاقان احدهما ان قوله له المثل الاعلى في السموات والارض اي انه منزه عن كل شيء في السموات والارض اي عند اهل السموات واهل الارض او من الشبه بمن في السموات والارض اي عن كل شيء وثانيهما المثل بالفتح العنوان و العلامات والمقامات التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك كما في دعاء شهر رجب للحجة عليه السلام وقد يطلق على المعاني وقد يطلق على المشية فالعنوان كالقائم من زيد والمشية كحركته المحدثة للقيام والمعاني كالقيام والثلاثة مراتب لمحمد وآله (ص) فالمقامات ( كونهم خل ) كالحديدة المحماة لا فرق بينها في الاحراق وبين النار لانها تحرق بفعل النار الذي حل فيها وهو قول الصادق (ع) لنا مع الله حالات نحن فيها هو وهو نحن وهو هو ونحن نحن ه والمشية والأرادة فعل الله الذي حل بهم فهم محله لان الفعل لا يتقوم بنفسه وهم الذين تعلق بهم الفعل فتقوم بهم وكانوا به والمعاني هم معانيه اي معاني افعاله كالاكل والشرب والقيام والقعود فانها معاني زيد اي معنى ( معاني خل ) افعاله وكل المراتب الثلاث يصدق عليها المثل الاعلى بفتح الثاء ويكون معنى له المثل و( او خل ) الامثال باعتبار مراتب اسمائهم الاربعة عشر (ع) انهم ملكه وفي قبضته عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بامره يعملون ومعنى آخر انهم ( عليهم السلام خل ) له فلا يفعلون شيئا لانفسهم قط ولا لغيره لانه تعالى اصطنعهم ( اصطفيهم خ ) لنفسه فهم عنده في كل حال
واما المثل بكسر الميم وسكون الثاء فهو النظير فان اريد منه الضد المعاكس في الذاتيات او الند المشارك في الذاتيات امتنع اطلاقه في حقه تعالى وان اريد منه الاية والدليل صح اطلاقه لان الوصف مثل الموصوف وهو قوله (ع) لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وكذلك معنى من عرف نفسه فقد عرف ربه فان المراد ان تكشف جميع سبحات ذاتك حتى الاشارة الى شيء منها حتى لا يبقى الا محض ذاتك فيبقى في وجدانك شيء لا في شيء ولا من شيء ولا على شيء ولا لشيء ولا من ( شيء خل ) ولا منه ( شيء خل ) ولا جهة غير محض شيء فاذا بقي شيء ليس كمثله شيء كان آية الله وصفته فتعرف الله سبحانه بانه ليس كمثله شيء ولا في شيء ولا من شيء ولا على شيء ولا لشيء وهذا الانموذج الفهواني هو ذاتك وهو وصف الله نفسه لك وهو آية الله في نفسك وهو المثل الوصفي بكسر الميم وسكون الثاء الذي ليس مثله شيء ولو كان له مثل لما عرف الله سبحانه به وذلك لانه لا يعرف بغيره وانما يعرف بوصفه وذاتك وصفه الفهواني وهذه النفس هي النور الذي قال (ع) اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله وهو الفؤاد وهو جهتك من ربك وهو وجودك وهذا شعاع لمثل اعلى منه وهو نور الانبياء (ع) ونورهم شعاع لنور محمد واهل بيته الطيبين ( الطاهرين خل ) عليه وعليهم السلم ونورهم هو المثل الاعلى بلحاظ الوحدة النوعية والامثال العلياء ( العليا خل ) بلحاظ التشخص فلك ان تقرأه بالتحريك ولك ان تقرأه بكسر الميم وسكون الثاء فان قرأته بهذا الأخير فيجب عليك ان تقصد بالمثل الوصفي الفعلي الذي هو اثر فعله تعالى والاثر يشابه صفة مؤثره في جهة مبدئيته ولا يجوز ان تريد به المثل الذي هو الند وهو الشريك في الذاتيات فانه كفر
قال سلمه الله : وما الدليل على اثبات المعاد الجسماني من غير المنقول
اقول : برهان هذا العياني مذكور في علم الطبيعي المكتوم اعني علم الصناعة وذلك امر عياني تراه بعينك وانا اشير لك الى الدليل على جهة الاجمال اعلم ان الوجود الفائض من فعل الله سبحانه شيء واحد ولم يفض غيره وكله شعور وفهم وادراك وحيوة فلما نزل من الخزائن كما قال تعالى وان من شيء الا عندنا خزائنه وماننزله الا بقدر معلوم وهذه الخزائن خزائن الامكان الراجح لحقته عوارض المراتب مراتب تنزله فكان منه جامد وهي الاجسام ومنه ذائب وهي النفوس والأرواح والعقول والجامد والذائب شيء واحد من حقيقة واحدة الا ان الذائب اقوى تحققا واشد لطفا لانه صفوة الفائض والجامد ثفله كلب اللوز فان الدهن منه الطف من ثفله واقوى ولكن الدهنية من الثفل لا تفنى حتى يفنى الثفل والوجود ذائبه وجامده شيء واحد من حقيقة واحدة الا ان ادراك الذائب منه وشعوره واحساسه وعقله واختياره اقوي من ادراك الجامد وشعوره واحساسه وعقله واختياره والحشر يوم القيمة والاعادة انما هي ليدان كل شيء بما عمل وكما ان العقول والارواح والنفوس انما تعاد للجزاء لانها كلفت واطاعت او عصت كذلك الاجسام هي مكلفة فاطاعت او عصت فيجب حشرها و( او خل ) اعادتها لتجازى بما كسبت وكل شيء من الجمادات والنباتات والحيوانات مكلفة الا ان تكليفها بنسبة شعورها وادراكها الا انها اذا قيست الى شعور النفوس والعقول لم يحس بشعورها كما ان الحيوانات اذا قيست بشعور الانسان كانت لا تكاد يحس بشعورها وفهمها كذلك الانسان لو قست احساسك و شعورك وادراكك وفهمك التي هي مناط تكليفك وحشرك ونشرك باحساس محمد واهل بيته (ص) وشعورهم وادراكهم وفهمهم لوجدت نفسك اقل في ذلك من الجمادات ولو اطلعت على سر الايجاد ظهر لك ان الايجاد فرع التكليف وان كل شيء لا يوجد حتى يقبل التكليف وانت اذا تأملت القران والسنة عرفت ان كل شيء مكلف مثل قوله تعالى ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللارض ائتيا طوعا او كرها قالتا اتينا طائعين ولو كانت غير مميزات ولا مشعرات لقالتا اتينا طائعات لكنه سبحانه ذكرها بجمع العقلاء وقال ان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ولم يقل تسبيحها وقال وخلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون ولا قال يسبحن وقال يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون ولم يقل وهي ( هن خل ) داخرات والاحاديث لا تكاد تحصى مثل افتخرت زمزم على الفرات فاجرى الله فيها عينا من صبر ومثل ما ورد في علة كون بعض التمرات ( الثمرات خل ) يوجد فيها مثل الرماد انها تركت الذكر ذلك اليوم فارسل الله عليها ملكا فضربها بمنقاره وما ورد في الجمادات والنباتات لا يكاد يحصى مثل علة ملوحة الماء ومرارة الارض وملوحتها وسبختها ومرارة البطيخ بعدم قبولها للولاية ومثل قوله تعالى انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم وهبل صخرة وهو يعذب في جهنم مع من عبده ولو لم يكن راضيا لكان العدل الحكيم سبحانه ظالما له حيث عذب من لا يفهم ولا تقصير له فاذا ثبت عقلا و نقلا تكليف الاجسام وجب حشرها للجزاء والعلة الموجبة لاعادة الارواح جارية في الاجسام بعينها وقد ورد ان عبدالملك ابن مروان لما مات وكشف اولاده عنه الغطاء ليغسلوه انقلب كل جسده وزغا وفرت يمينا وشمالا حتى لم يبق منه شيء ووضعوا مكان جسده جذع نخلة وكفنوه ودفنوه وذلك لان الجسد كله حيوة وارواح ولكنه جامد فربما ذاب فكان ارواحا كالعذرة واللحم يتعفن فينقلب دودا فالجسد يتنعم ويتألم كما ترى النخلة والشجر يتألم بقطع بعض اجزائه ولكن ليس على حد الحيوان في التنعم والتألم وبالجملة الدليل العقلي الدال على اعادة الارواح بعينه دال على اعادة الاجسام وانما لم يقولوا الذين بحثوا في هذه المسئلة بذلك وقالوا بان العقل ليس فيه ما يدل على اعادة الاجسام وانما دل عليها الكتاب والسنة لانهم لا يعرفون الكتاب والسنة لانهم انما ياخذون علومهم من مميت الدين ابن عربي والغزالي والنظام والجبائي والحسن البصري وشيخ الاشراق والصوفية وامثالهم ولم يكن معرفتهم مأخوذة من ائمة الهدي (ع) فلهذا جهلوا اكثر الاشياء فاني ذكرت في شرح الزيارة الجامعة وشرح المشاعر للملا صدرا كثيرا من كلماتهم يجعلون اكثر الاشياء امورا اعتبارية مثل الامكان والوجوب والقدم والفوقية والتحتية وامثال ذلك بل نصف الاشياء كلها امور اعتبارية ليست موجودة والموت اعتباري ليس بموجود والله سبحانه يقول الذي خلق الموت والحيوة ويؤتي بالموت يوم القيمة في صورة كبش املح يذبح بين الجنة والنار ويروون هذا ويقولون الموت اعتباري حتى اني شرحت المشاعر ولا ذكرت كلمة من قواعدهم ولا ادلتهم ولا شيئا مما قالوا الا ابطلته لاني يعلم ( بعلم خل ) الله ماوجدت شيئا مما عندهم مطابقا لمعتقد ائمة الهدى عليهم السلام وحكمتهم واولئك ليسوا ائمتنا وقد امرنا بالاعراض عنهم وائمتنا (ع) امرنا بالاخذ عنهم وباتباعهم والتسليم لهم والرد اليهم في كل شيء مما نعرف وما ( مما خل ) لا نعرف واولئك ليسوا على شيء مما عند ائمتنا (ع) والملا محسن والملا صدرا واتباعهم والخواجه نصير الدين وغيرهم يقولون هذا مذهب ائمتنا ولا يستحيون من الله ولا من الناس ولقد ذكر الملا صدرا في كتابه الكبير الاسفار في ان المشية والارادة قديمتان وانهما عين علم الله الذي هو ذاته ادلة من العقل والكتاب والسنة واطال البحث حتى انه استدل على قدم الارادة من السنة بما روي عن الكاظم (ع) قال ما هذا لفظه : فعلم من الايات ونظائرها ان ارادته تعالى للاشياء عين علمه بها وهما عين ذاته تعالى واما الحديث فمن الاحاديث المروية عن ائمتنا (ع) في الكافي وغيره في باب الارادة ما ذكر في الصحيح عن صفوان ابن يحيى قال قلت لابي الحسن (ع) اخبرني عن الارادة من الله ومن الخلق فقال الارادة من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل واما من الله فارادته احداثه لا غير ذلك لانه لا يروي ولا يهم ولا يفكر وهذه الصفات منفية عنه وهي صفات الخلق فارادة الله الفعل لا غير ذلك يقول له كن فيكون بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همة ولا تفكر ولا كيف لذلك كما انه لا كيف له ه ولعل المراد من الضمير تصور الفعل وما يبدو بعد ذلك واعتقاد النفع فيه ثم انبعاث الشوق من القوة الشوقية ثم تاكده واشداده ( اشتداده خل ) الى حيث يحصل الاجماع المسمى بالارادة فتلك مبادي الافعال الارادية القصدية فينا والله سبحانه مقدس عن ذلك كله انتهى كلامه في الاسفار وهو طويل وهذا قليل منه فبالله عليك تأمل في هذا المحقق الفاضل كيف استدل بهذا الحديث الصحيح على قدم الارادة وانها عين علمه الذي هو ذاته والعلة في هذا الغلط والخبط اتباعهم ائمة الضلال في الاعتقادات والاقوال واعراضهم عن طريق ائمة الهدى (ع) وعن مذهبهم وحكمتهم واقبح من هذا كله انهم يقولون بقول اعدائهم ويقولون هذا قولهم (ع) ونحن لا نأخذ الا عنهم كبرت كلمة تخرج من افواههم ان يقولون الا كذبا وبالجمله كنت معهم على طرفي نقيض حتى اني مااجد لفظة هي حق في كتبهم حتى اذا قالوا لا اله الا الله فانهم كاذبون لانهم يعنون غير الله الذي هو معبودنا تبعا لمحمد وآله صلى الله عليه وآله والحمد لله رب العالمين
قال سلمه الله : وكيف التطبيق بين ما اجمع عليه من ان الاسراء وقع ليلا وان النبي (ص) صلى بالملائكة والنبيين صلوة الظهر ركعتين
اقول : اعلم ان هذه المسئلة بل كل ما يتعلق بمسائل المعراج صعب جدا لا تعرفه العقول وانما تعرفه الافئدة التي هي نور الله ولكن لما كان لكل مسئلة جواب وجب ان اشير الى شيء مجمل وهو ان النبي (ص) ليلة المعراج مر على كل شيء خلقه الله من عالم الغيب والشهادة والدنيا والاخرة في الوقت الذي خلقه الله فيه فهذا جواب سؤالك وغيره في كل ما يتعلق بامر المعراج واما ذكر بعض التفصيل فانه (ص) ليلة المعراج مر على العقل الكلي الذي هو اول ما خلق الله في حال تكوين الله سبحانه له واشهده خلقه وعلى الحشر والقيامة حين قامت وعلى نفخة الصعق ونفخة الفزع والحاصل ما في ملك الله شيء خلقه الله من الانوار والجواهر والاعراض والذوات والصفات الا وقد وقف عليه حين كونه وفي مدة بقائه وحين فنائه في الدنيا والاخرة فمر على الزوال حين زالت الشمس فصلى ركعتين لان الصلوة فرضت ركعتين وصلى المغرب والعشاء والصبح وغير ذلك وبيانه انه قبل النبوة كان يرعى الغنم فسمع هدة عظيمة وجفلت الغنم ثم بعد النبوة بسنتين او باربع او خمس او سبع او تسع على اختلاف روايات الفريقين عرج الى السماء فسمع هدة عظيمة فسأل جبرئيل (ع) عنها فقال هذه صخرة القيتها في جهنم منذ سبعين سنة والان وصلت قعر جهنم وهو يهودي مات تلك الساعة وعمره سبعون سنة حين كان يرعى الغنم فسمع النبي (ص) صوت موته اعني وقوعه في جهنم بالقاء جبرئيل (ع) وهو الذي سمع ليلة المعراج بعد ذلك بكم سنة سمع الصوت ليلة المعراج في الدقيقة التي سمعه قبل ذلك والسماع واحد والمسموع واحد في وقت واحد وقس على هذا كل شيء من امر المعراج واما الجواب على الظاهر فاعلم ان الليل عبارة عن ظلمة ظل الارض وهو مخروط الظل وهذا انما يوجد الى ما يقرب من فلك الزهرة ثم يعدم فلما تجاوز فلك الزهرة كانت الشمس طالعة فالنهار موجود ( فلما خل ) زالت الشمس صلى الظهر ومثال محاذاته (ص) للزوال مثل ما ذكر علماء الهيئة كالبهائي في تشريح الافلاك انه يمكن ان يكون يوم واحد يوم السبت عند رجل ويوم الجمعة عند اخر ويوم الخميس عند آخر بناء على كرية ( كروية خل ) الارض عند قوم بان يفرض رجل قاعد على وجه الارض وآخر يسير مع الشمس واخر يعاكس مسير الشمس فاذا اجتمعوا كان ذلك اليوم الذي اجتمعوا فيه عند السائر مع الشمس يوم الخميس لان الشمس لم يغرب عنه فهو في يوم الاجتماع الاول وعند القاعد يوم الجمعة لان الشمس غربت عنه يوم الخميس وطلعت يوم الجمعة عليه وعند المعاكس لها يوم السبت لانها لما غربت يوم الخميس قابلها من المشرق فغربت عنه فلما طلعت تحت الارض طلعت عليه فهو يوم الجمعة فلما وصلت المشرق وصل هو المغرب فغربت عنه يوم ( بيوم خل ) الجمعة فلما طلعت من المشرق وطلع هو من المغرب طلعت عليه بيوم السبت فالمعاكس كانت عليه ثلاثة ايام بما فيها من العبادات فصلي الظهر تحت الارض لوجود الزوال عنده كما فعل (ص) فافهم
قال سلمه الله : وهل مدلول لفظ الجلالة في البسملة والفاتحة متحد ام لا
اقول: ان الاسم الشريف موضوع للذات المتصفة بصفات القدس كالعزيز والحكيم والسبحان والقدوس والمتعالي وبصفات الاضافة كالسميع و البصير والعليم وبصفات الخلق كالخالق والرازق والمعطي والمانع فهو له الاسماء الحسنى له منها ثمانية وتسعون اسما والرحمن هو ( اسم خل ) الذات المتصفة بصفات الاضافة وبصفات الخلق وله من الاسماء الحسنى سبعة وتسعون اسما قال تعالى قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى فالاسم الشريف اذا اطلق بنفسه فما سمعت فهو مدلوله واذا وصف بصفة خاصة لوحظت فيه مثل الله يعني الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن المعطي الضار النافع الغافر الرازق وما اشبهها من الاسماء الحسنى ولكن اذا قلت يا الله اغفر لي لوحظ فيه الله الغافر واذا قلت يا الله ارزقني لوحظ فيه الله الرازق والبسملة لوحظ فيها ابتداء الكتاب التدويني وهو طبق الكتاب التكويني فينبغي ان يلاحظ فيه جميع صفات القدس وصفات الاضافة وصفات الخلق والحمد لله رب العالمين على الظاهر وباطن الباطن يكون مثل البسملة ولذا قال رب العالمين باستغراق العوالم بالجمع وافرادها بالالف واللام وعلى الباطن وباطن التاويل والتاويل في بعض الاحوال لا يكون ما في الفاتحة ملحوظا فيه ما في البسملة لان المراد بالحمد ما هو اخص من المراد به في الوجه الاول ولكن المراد من مدلول الجلالة معنى واحد حيثما وقعت واما الملاحظات فشيء راجع الى الأوصاف والافعال والا فالمقصود منه هو المعبود بالحق عز وجل واما ما يتوهمونه الذين قال فيهم علي (ع) العلم نقطة كثرها الجهال من انه جزئي او كلي او المراد منه المفهوم حتى ان بعضهم قال انه كلي يصدق على كثيرين امتنع ما سوى الواحد للدليل فشيء خارج عن العلم وعن مذهب ائمتنا (ع) فهو باطل
قال سلمه الله : ثم الاعلام بما يختاره مولانا في مهر المرأة اذا مات زوجها قبل الدخول او ماتت هي قبله هل ينصف ام لا ولا بأس بالاشارة الى المأخذ
اقول : هذه المسئلة عهدي بها سابقا والان ليس لي قوة على المراجعة فيها ثلاثة اقوال الاول اذا مات زوجها قبل الدخول او ماتت هي قبل الدخول يجب ( فيجب خل ) لها نصف المهر الثاني ذهب اليه الشيخ ان مات هو فلها الكل لان الفرقة من قبله وان ماتت هي فلها النصف لان الفرقة من قبلها الثالث لها الكل مطلقا سواء ماتت قبل ام هو لان التنصيف انما هو حكم الطلاق قبل الدخول والذي ترجح عندي سابقا هو التنصيف مطلقا نظرا الى الاية الشريفة قوله تعالى وكيف تأخذونه وقد افضى بعضكم الى بعض يعني به الوطي واخذن منكم ميثاقا غليظا يعني به العقد فجعل سبحانه علة وجوب اعطائها كل الصداق شيئين العقد والوطي والمفهوم من المقابلة التوزيع فيكون موجب النصف العقد وموجب النصف الاخر الوطي واذا لم يدخل استحقت بالعقد النصف لا غير وكونه اذا مات هو يجب عليه الكل لان الفرقة من قبله ليس بشيء لان الفرقة من قبل الله وهو قد حكم بالتنصيف وذكره في الطلاق ولا يقتضي ( في الطلاق لا يقتضي خل ) نفي غيره لان ذكر الشيء لا يقتضي نفي ما عداه وللاخبار الكثيرة وقد كان في خاطري انها تقرب من ثلاثين خبرا وقول الشيخ فيه نحو خمسة اخبار وقول المشهور ظني ان فيه ثمانية اخبار فالقول بالتنصيف مطلقا اوجه لقوة الاعتبار وكثرة الاخبار و صحة اكثرها هذا ملخص ما عندي سابقا والان ليس لي قوة ( على خل ) المراجعة
قال سلمه الله : وهل غير ذات الولد من الميت ترث من خيار العقار شيئا ام لا وهل ولد الولد كالولد مع فقد ابيه في ايجابه استحقاق عين العقار ام تختص بذلك ذات الولد بلا واسطة
اقول : الظاهر عندي ايضا سابقا ان ذات الولد ترث من كل شيء واما غير ذات الولد فترث من عين ما ينقل ويحول واما الارض فلا ترث منها شيئا لا عينا ولا قيمة واما الجدران والسقوف والسطوح والنخل والشجر ومنه عندي القنوات والمياه والعيون وما اشبه ذلك غير رقبة الأرض فترث من قيمته دون رقبته واما ولد الولد مع فقد ابيه فالذي يقوي في ظني انه يقوم مقام ابيه في كل شيء الا في اشياء نادرة فترث ذات ولد الولد من رقبة الارض لانها ذات ولد شرعا ولغة ونظرا الى العلل فانها عندي اسباب لا معرفات
قال سلمه الله : وما فائدة المنسوخ قبل مضي زمن يسع العمل به
اقول : ايمان المكلف بمطلق الامتثال والتهيؤ للقبول ولان الشيء قد يكون الامر به محبوبا دون متعلقه اما ان الامر به محبوب فلما فيه من الامتثال كما امر ابراهيم (ع) بذبح ابنه ( و خل ) اما الامر به في نفسه فهو راجح لانه المسابقة الى القيام بالبلاء الحسن من الله واما ان متعلقه اي وقوع متعلقه غير محبوب فلاستلزامه فوات ما هو اعظم منه فيكون مع رجحانه في نفسه بالنسبة الى كون وقوعه مانعا من وقوع الامر الاهم منه مرجوحا فيكون نسخه راجحا باعتبار غيره كما نسخ ذبح اسمعيل لانه لو ذبحه لكان سابقا للحسين (ع) في كونه فداء لشيعته من النار ولكان ذبح اسمعيل موجعا لقلب ابيه ابراهيم فاذا منع منه كان السبق للحسين (ع) لانه اولى به من اسمعيل ولان قتله (ع) على ايدي اعدائه لعنهم الله ظلما وعدوانا اوجع لقلب ابراهيم من ذبح ابنه على يده فكان راجحا فكان ذبح اسمعيل بعد ان كان راجحا مرجوحا ففداه بكبش اشعارا بالاستكانة لله تعالى املح وهو اللون الممزوج من البياض والسواد اشارة الى انه من صفة الفجر الذي نوره بياض وسواد وهو الحسين (ع) لان السواد من بقايا ليل مصالحة اخيه الحسن (ع) لمعوية والبياض من نور صبح قتله يوم كربلاء اذ هو الذي كشف ظلمة الشبهة الداخلة على الشيعة من مصالحة الحسن (ع) لمعوية ( عليه اللعنة خل ) فكان قتله عذرا لمن قعد في بيته منهم (ع) الى قيام القائم عجل ( الله خل ) فرجه وسهل مخرجه والحاصل قد يكون نفس الأمر بالشيء محبوبا لان متعلقه حسن في نفسه ولكن متعلقه بالنسبة الى غيره ليس بمحبوب كالأمر بالصدق واذا استلزم هلاك المؤمن وجب الكذب فالصدق لا يزال في نفسه حسنا وقد يكون قبيحا بالنسبة الى استلزامه هلاك المؤمن فقبحه عرضي وهذا كثير في الكتاب والسنة قال تعالى فتول عنهم فما انت بملوم اراد اهلاكهم ثم رحمهم قبل اهلاكهم فقال وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين
قال سلمه الله : وان تمن علي بكشف معنى حقيقة الدعاء والفرق بينه و بين الامر والنهي
اقول : معنى حقيقة الدعاء هو العروج الى مراتب المطالب اماسمعت ان الصلوة لغة هي الدعاء وقد لوح الشارع (ع) انها هي الدعاء شرعا ولغة فقال الصلوة معراج المؤمن وكما ان الملائكة تعرج الى مراتب مطالب خدمة الله سبحانه باجنحتها وهم اولي اجنحة مثنى كصلوة الصبح وثلاث كصلوة المغرب ورباع كالظهرين والعشاء فاعدادها اجنحة المؤمن فافهم ما كشفت ( كشف خل ) لك من السر فانه مما قال علي بن الحسين (ع) :
ورب جوهر علم لو ابوح به لقيل لي انت ممن يعبد الوثنا
فالدعاء معراج المؤمن لانه هو العبادة والعروج الى المراتب العالية فانما هو بالمدد الالهي لانه هو السبب الوثيق والفيض بالمدد دائم من كرم الكريم سبحانه ولكن لا ينتفع به المكلف الا بالقبول والتمسك به واعظم القبول له والتمسك به الدعاء اللغوي والشرعي اعني الصلوة ذات الاركان والدعاء قبول الكون والتكوين مقبوله والقبول موقوف على التمكين فالتمكين هو حقيقة الأمر وهو طلب القبول بالعمل والنهي طلب الترك بالفعل وكان المطلوب في النهي هو ما كان في امكان المكلف من الامور المتحققة ( المتعلقة خل ) بالامكان فان المامور به والمنهي عنه شيئان موجودان بالوجود الامكاني للمكلف فيطلب منك فعل هذا لما فيه من الصلاح ويطلب منك ترك هذا لما فيه من الفساد ولما كان الحكيم لا يخاطب المكلف الا بما يعرف امرهم ونهاهم على ما يعرفون من انه طلب منهم ما هو في وسعهم وامكانهم مما اعطاهم القدرة عليهم والتمكين منه مما هو في ملكه وقبضته ولما دلهم على ان جميع ما يطلبونه عنده سبحانه قال تعالى من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والاخرة وامرهم بطلبه منه تعالى وهم لا يعرفون الا الامر والنهي والامر والنهي لا يحسن الا من المالك فان ( لان خل ) الله سبحانه حين امرهم ونهاهم انما طلب منهم ما يستحقه وما هو اهله والعباد لا يملكون شيئا منه ولا يستحقون وكيف ( فكيف خل ) يأمرونه بان يرزقهم وهم لا يستحقون الرزق وينهونه عن ان يعاملهم بعدله وهم لا يستحقون ذلك لانهم فعلوا موجب الهلاك فكيف يقولون لا تهلكنا فعلمهم سبحانه ان الصورتين منهم دعاء اي طلب مما عنده فالامر هو طلب المملك بكسر اللام من المملك بفتح اللام والنهي طلب المملك بالكسر ترك المملك بالفتح والدعاء بالصورتين طلب ما لا يستحقه الطالب واما التسمية وخصوص لفظ بمعنى دون آخر فذلك من وضع الواضع للغة لمناسبة ذاتية بين الالفاظ والمعاني كما قررناه في الأصول في الفوائد وفي ما ذكرنا جواب لقوله ايده الله : وكيف تصدر صورة الامر والنهي من العبد القابل المطلق المفعول المطلق والعبد الذليل بالنسبة الى المولي الجليل ؟ فأقول تأمل في كلامي يظهر لك جواب ما سألت عنه
قال سلمه الله : وكذلك بيان الخمس التي يزادها العالم ( يزاد الامام خل ) اللاحق بعد موت السابق
اقول : الامام اللاحق قبل موت السابق ناقص عن السابق فيزاد ما كان ناقصا عنه مثل انه صامت فلا ينطق بدون اذن الناطق وبعده يكون ناطقا ومثل انتقال نور انا انزلناه في ليلة القدر وهو الروح من امر الله ومثل تمام الاثنين والسبعين الحرف من الاسم الاعظم عند موت السابق ومثل الرجم اذا فقد حكم مسئلة ولم يجدها في الكتاب ولا السنة ولا في الغابر والمزبور ( الزبور خل ) ولا في مصحف فاطمة ولا في الجفر ولا في الجامعة رجم وهو الضرب بالقرعة فيظهر له مراد الله من المسئلة في الحكم ومثل رفع عمود النور الى جميع الخلق فيعاين به كل شيء كما يرى الشخص في المرءاة واما خصوص خمس معينة فلا تحضرني حال الخط مع ما دل الدليل على ان لاحقهم لا يزيد على سابقهم حتى لو تجدد علم واقعة لم يصل الى السابق نزل بها الملك على النبي (ص) ثم يأمر الملك ان يلقيها الى علي (ع) ثم يأمره على ان يوصلها الحسن (ع) ثم يأمره الحسن ان يلقيها الى الحسين (ع) وهكذا حتى لا يزيد احدهم على غيره منهم (ع)
قال سلمه الله : ثم ما اختياركم في العصير بالنسبة الى الطهارة والنجاسة بعد غليانه وعلى القول بنجاسته حينئذ فما الدليل عليه وهل الدبس المعهود في بلدنا المستخرج بمجرد العصر داخل في العصير ام لا وهل يختص التحريم بالعنبي ام لا وعليه فما معنى الكلية الواردة في الاخبار بلفظ كل عصير غلا
اقول: الذي ترجح عندي ذكرته في شرح التبصرة للعلامة (ره) انه اذا غلا واشتد اي في غليانه ينجس لتسميته في بعض الروايات بالخمر وحديث البختج بتوجيه ذكرته هناك يصعب علي نقله الا ان المترجح عندي ذلك والظاهر ان الدبس المشار اليه كما في القطيف عندكم والاحساء مثل العصير اذ لا يترتب الحكم على العصر المتعارف وانما يترتب على المعصور واعلم ان الاخبار عندي ظاهرة في التحريم في العنبي والزبيبي والتمري ان لم تكن صريحة ولكني اتقي من الناس فاقول اذا سئلت انا ما اكله لان روايات الباب كثيرة صريحة والعلماء ينكرونها وينكرون القول بالتحريم مع انه ذكره في الدروس واورد رواية عمار ابن موسى عن الصادق (ع) قال سئلته عن الفضيخ متى يحل فقال (ع) خذ ماء التمر واطبخه حتى يذهب ثلثاه ويقولون لا دلالة في الرواية ويستدلون بحديث كان (ع) تعجبه الزبيبة على التحليل وهي اقوى ادلتي على التحريم وحسنة عبدالله بن سنان عن الصادق عليه السلام ايما عصير مسته النار فقد حرم حتى يذهب ثلثاه ه ويقولون هذه يراد منها خصوص العصير العنبي وانا ما ادري ما يقولون ورواية عبيد بن زرارة عن الصادق (ع) في الزبيب يطبخ في الطبيخ فقال (ع) اذا ادى الحلاوة الى الطبيخ فقد حرم ه ويقولون هذه الرواية متروكة يريدون ان راويها زيد الزراد في اصله وزيد من الثلاثين الرجل ( الرجال خل ) الذين استثناهم الصفار من رجال روايات كتاب النوادر لمحمد ابن احمد ابن يحيى الاشعري المعروف بدبة شبيب وانه لا يرى العمل بما تفردوا به وتبعه تلميذه محمد ابن الحسن ابن الوليد على ذلك وتبعه تلميذه الصدوق على ذلك واسقطه الشيخ من الفهرست ويزعمون ان الكتاب من اصله ضعيف لان زيد الزراد ليس بثقة على الاصطلاح الجديد وانا ارويه بطرق صحيحة الى هرون ابن موسى التلعكبري عن الكليني عن محمد ابن يحيى العطار عن احمد ابن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن ابن ابي عمير عن زيد الزراد وهم يروون نقل الكشي الاجماع على تصحيح ما يصح عن ابن ابي عمير والشيخ سليمن ابن عبد الله الماحوزي في رسالته الصلاتية رجح تحريم التمري والزبيبي من عموم ايما عصير في حسنة عبد الله بن سنان المذكورة ويقول الصادق (ع) في رواية ابراهيم ابن عيسى الخزاز الطويلة ذكر فيها قصة ابليس مع حواء وانها طلبها زبيبة فمصها ثم تمرة فمصها وردهما عليها وكان العنب والتمر من اطيب الفواكه رائحة فذهبت بمص ابليس قال (ع) فمن ثم يختمر العنب والتمر والحاصل الذي يترجح عندي سابقا اجتناب الثلاثة والحكم بنجاسته مع الاشتداد والان لا اقدر على المراجعة
قال سلمه الله : وايضا سيدي ما حقيقة معنى له معنى الربوبية اذ لا مربوب ؟ وظاهر العبارة يوهم نسبة او ملكا وكلاهما يقتضي المغايرة وهل فرق بين عالم ورب وخالق حتى يقال عالم اذ لا معلوم وله معنى الخالقية اذ لا مخلوق ام لا وما معنى الخالقية والربوبية الثابت اذ لا مربوب ومعناها المنفي هناك
اقول : معنى له معنى الربوبية اذ لا مربوب ان الربوبية والخالقية من صفات الخلق فمعنى رب هو المربي والمالك والصاحب وامثال ذلك و ليس لرب وخالق معنى غير ما يفهم لغة لانها صفات الفعل فلذا توصف الذات بها وبضدها فتقول خلق ولم يخلق وربي ولم يرب وصحب ولم يصحب وصفات الافعال صفات كمال في رتبة الفعل وصفات نقص في رتبة الذات لان الفعل تصح فيه النسبة والاضافة والذات لا يصح ذلك فيها فان قلت رب ومالك لا يصح وصف الذات به وبضده فلا تقول لم يكن ربا ولا مالكا قلت رب ومالك من صفات الفعل فيصح في رتبة الذات ان يكون غير مالك وليس برب فاي ملك او تربية في ذاته تعالى ولكن لما كان بعد الذات اي خارج الذات يعني رتبة الامكان صح هو رب وهو مالك لم يكن خلوا من ملكه في ملكه اما في ذاته فذاته خلو من ملكه فصفات الخلق كالربوبية والخالقية لما كانت ذات اضافة ونسبة لا تنفك عنها ولا تعقل بدونها لم يجز ان تتصف ذاته تعالى بها ولما كانت صفات كمال في الافعال لم يجز فقدها من افعاله ولما كانت حادثة حدوث الاشراق وجب ان تكون صفة فعل اي اثرا لفعله مؤكدا له ومعنى الفعل بكل جهاته علم وقدرة فمعنى الربوبية اذ لا مربوب العلم والقدرة ومعنى الخالق ولا مخلوق العلم والقدرة يعني ان العليم القدير يربي بافعاله ما شاء ويخلق ما شاء فمعنى الربوبية والخالقية وجميع صفات الخلق كالرازق والمعطي وغيرهما العلم والقدرة اذ من كان عالما بكل شيء وقادرا على كل شيء يفعل ما يشاء فالربوبية اذ مربوب نفس الفعل وكذا الخالقية اذ مخلوق واذ لا مربوب لم يكن له معنى مفهوما من الربوبية وليس معناه ما يدل اللفظ عليه بل هو اسم ثان للعلم والقدرة مثل ما قيل ان عشرة الا ثلاثة اسم ثان لسبعة فمايفهم ( فما يوهم خل ) النسبة و الملك معناه في الفعل فاذا استعمل في الذات لم يكن المراد منه مدلول لفظه الذي يوهم النسبة والملك بل المراد منه الحقي لا الحقيقي والحقي هو العلم والقدرة انظر الى الامام (ع) لما سئل لم يزل الله ( سبحانه خل ) مريدا قال (ع) ان المريد لا يكون الا المراد معه لم يزل عالما قادرا ثم اراد ه يعني انه تعالى له معنى الارادة اذ لا مراد وهو العلم والقدرة وقوله سلمه الله وما فرق ( الفرق خل ) بين عالم ورب وخالق الخ لا فرق بينها اذا اريد بعالم معناه في اللغة الظاهرة لانه عالم اذ معلوم ولكن هذا صفة فعلية كما تقول رب اذ مربوب وخالق اذ مخلوق والصفة الفعلية منفية عن ذاته وكمال توحيده نفي الصفات عنه ولكن اذا قيل عالم اذ لا معلوم لا يراد به ما يراد من الاول بل يراد منه معناه الحقي وهو الله فانه مرادف له اذ لا يراد منه ما تفهم منه النسبة والاضافة وله ( فله خل ) معنى حقي وهو عالم اذ لا معلوم ومعنى حقيقي وهو عالم اذ معلوم وليس لرب وخالق ومالك معنيان الا ما نسميه معنى ثان مثل عشرة الا ثلثة فانه اسم ثان لسبعة وهو قولنا له معنى الخالق اذ لا مخلوق معناه عالم قادر كما قال الصادق (ع) في الحديث السابق لما سئل عن الارادة فافهم واعذر وسامح فاني مشغول مع اشغال الامراض بشرح العرشية في المبدأ والمعاد ولكن خطكم الشريف وصل الى محبكم في الخامس عشر من ذي القعدة ( الحرام خل ) سنة ١٢٣٤ قريب الغروب وفي ليلة السادسة عشرة ( السادسة عشر خل ) شرعت في خط هذا الجواب انجازا لطلبتكم ومسارعة لارادتكم ولم اكن اقدر على القعود في الليل و لكن ببركة اجابتكم قدرت تلك الليلة والحمد لله رب العالمين
وكتب احمد بن زين الدين ابن ابراهيم الاحسائي حامدا مصليا مستغفرا تمت