رسالة في جواب الملا فتح علي خان (في جواب۱۰ مسائل)

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - رسالة في جواب الملا فتح علي خان (في جواب۱۰ مسائل)

رسالة في جواب الملا فتح علي خان

من مصنفات

الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد الثامن
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين ‌الدين الاحسائي انه قد ارسل الاكرم المحترم خالص الخلان وصفوة الاخوان الملا فتح علي خان حرسه الله من نوائب الزمان وطوارق الحدثان بمسائل اتى ( الى خ‌ل ) علي حال تشتيت ( تشتت خ‌ل ) البال وانصراف القلب لعظيم الملال وكثرة الاشتغال وتفريق الاحوال ومثلي على هذه الحال ليس صالحا لرد الجواب ولكن لا يسقط الميسور بالمعسور واليه ( الى الله خ‌ل ) ترجع الامور

قال سلمه الله تعالى : الاولى - يا سيدي ومن عليه بعد الله واهل البيت مستندي القران افضل ام الكعبة فانا نرى ان الكعبة يجب قصدها عينا في العمر مرة واستقبالها في الصلوة ويحرم استقبالها مع استدبارها في الخلوة ويكره في حال الجماع وهذه المزايا اختصت بها الكعبة مع اشتراكها مع القران في باقي المزايا
اقول ان الكعبة انما جعلت في الارض مثابة للناس وامنا اي مرجعا للناس اذا تفرقوا عنه آبوا اليه ومحل امن لاجل الانتقام فيه الا ممن يجني فيه او مرجعا للخاطئين المريدين ( المريدي خ‌ل ) التوبة فيثابون بسبب توبتهم عنده ويأمنون من عقوبات الاخرة تشبيها بالبيت المعمور لان الملائكة لما اعترضوا حين قال الله تعالى اني جاعل في الارض خليفة وقالوا لو كان منا لما عصى اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء وهذا الاعتراض منهم في اسرار اهل البيت عليهم السلم تردد في ولاية علي بن ابي ‌طالب عليه السلم فانما ( فاذا ظ ) ( فلما خ‌ل ) ترددوا حجب عنهم النور وهو عند العارفين نور القران فلاذوا بالعرش وطافوا به سبعة‌الاف سنة يعني سبعة اشواط فرحمهم وامرهم ان يطوفوا بالبيت المعمور فمكثوا يطوفون به سبع سنين يستغفرون الله مما قالوا ثم تاب عليهم من بعد ذلك ورضي عنهم ثم انه سبحانه جعل البيت الحرام حذو الضراح الذي هو البيت المعمور توبة لمن اذنب من بني ادم اذا طافوا به سبعة اشواط فكان البيت المعمور في السماء الرابعة مثالا من العرش ومثابة لمن لم يصل الى العرش من الملائكة او انزل من جوار العرش بسبب توقفه في الولاية كالملائكة الذين اعترضوا وهم طائفة من الملائكة وروي ان المعترض ملكان فكان الضراح الذي هو البيت المعمور انزل رتبة من عرش الله له ( العرش خ‌ل ) لانه مثاله ومثابة لمن لم ينل العرش من الملائكة وكان البيت الحرام مثالا من بيت ( البيت خ‌ل ) المعمور ومثابة للناس فهو انزل من البيت المعمور رتبة وشرفا كما انه انزل من العرش رتبة وشرفا وكانت السبعة ‌الالاف السنة في العرش سبعة اشواط والسبع السنين في البيت المعمور سبعة اشواط فنسبة السبعة ‌الالاف سنة الى السبع سنين والسبع سنين الى السبعة الاشواط حول البيت في القلة والكثرة كنسبة العرش ظاهرا الى البيت المعمور والبيت المعمور الى البيت الحرام في الفضل والشرف وانما قلت ظاهرا لان العرش في الباطن لا يدخل تحت الحد في العد ومع هذا كله فانما استوى الرحمان على العرش بالقران فافهم الاشارة الى ذلك في قوله صلى الله عليه وآله اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي مبني كل منهما على صاحبه لن ‌يفترقا حتى يردا على الحوض فان ما هو قرين محمد وآله صلى الله عليه وآله كيف يحسن مقايسته بالكعبة وانما شرفت بكونها لهم (ع) هذا الجواب على سبيل الاشارة والتلويح واما في الظاهر فالقران افضل بمراتب لا تحصى وكون الكعبة يجب التوجه اليها في الصلوة ويحرم استقبالها في الخلاء واستدبارها وامثال ذلك لا يلزم فيه ( منه خ‌ل ) انها افضل فان بعض الاشياء لها خواص لا يلزم منها ان ما هي فيه افضل من غيره مما ليست فيه بل قد يكون فيما خلا منها خواص اعظم منها ولان الكعبة لما كانت بقعة شريفة وكانت الصلوة يحتاج الاتي بها الى جهة كان التوجه الى جهتها اولى وليخبر الله عباده بالطاعة في امتثال الامر بالتوجه الى جهة بخصوصه ( مخصوصة خ‌ل ) على ان ذلك ما كان مختصا بها بل كانوا يتوجهون الى بيت المقدس وانما عدل اليها لما عيره المشركون من اهل الكتاب وانه يتوجه الى قبلتهم فاقتضت المصلحة العدول اليها ولانها افضل من بيت المقدس لكونها مأوى لشريك القران وهي محصورة بخلاف القران فانه وجه الله الى عباده فلا يختص بجهة دون جهة ليتوجه اليه بل كل الجهات جهاته على ان وجوب الاستقبال ( الاستقبال اليها خ‌ل ) في الصلوة وتحريم الاستقبال والاستدبار في الخلاء ليس لعين الكعبة وانما هو للقبلة احتراما لجهة الصلوة ولهذا يحرم استقبال القدر الذي يظن من ( في خ‌ل ) جهة القبلة في حال البعد واستدباره ( استدباره ويكفي خ‌ل ) في الصلوة استقباله مع القطع بانه اوسع من قدر الكعبة الف ( بالف خ‌ل ) مرة ولا يكون ذلك لخصوص مظنة كون الكعبة فيه لان الانحراف اليسير في حالين لا يغتفر كل منهما في الاستقبال بالغائط والبول مع القطع بخروج احدهما عن الكعبة في البعد ويكفي كل فيهما ( منهما خ‌ل ) في الاستقبال ( استقبال خ‌ل ) الصلوة في فريضتين اختيارا مع القطع بخروجها عن احدهما في نفس الامر وان كان جواز استقبال كل منهما لمظنة عدم خلوه عنها الا احدهما لا على التعيين لم تكن فيه قطعا وقوله سلمه الله تعالى مع اشتراكها مع القران في بعض المزايا فيه انها لا تشارك القران في كل مزاياه ولا في معشارها فانه طبق العالم التكويني وفيه تفصيل كل شيء وهو الثقل الاكبر وكتاب الله واية نبوة محمد صلى الله عليه وآله ومعجزه الباقي الى اخر الدهور والنور الذي يهدي الله به من يشاء الى غير ذلك من المزايا التي لا تحصى وليس في الكعبة منها شيء وايضا انما شرفت الكعبة به وانما جعلت قبلة به وانما وجب قصدها لاداء مناسك الحج به بل كل حرمة لها فانما هي من القران وهذا اجمال لا يسع بيانه والاستدلال عليه لاستلزامه التطويل الكثير ولادائه الى كشف الاسرار على انه لا يجوز مس خطه لصاحب الحدث الاصغر ويجوز مسها له وان اكتفيت بهذا الدليل على الافضلية الغير المحدودة كفاك ويؤيده انه شريك المعصوم عليه السلم ولهذا ورد النص بتحريم مسه عليه السلم ( السلم محدثا خ‌ل ) والدخول عليه للجنب والكعبة انما شرفت بانتسابها الى المعصوم عليه السلم وبالجملة فلا شك في افضلية القران

قال سلمه الله : ما يقول سلطان العلماء في الاجتهادات الظنية والامارات العقلية والاستنباطات الاستحسانية ووجوب العمل بقول المجتهد الحي وبطلان فتاوي الاموات
اقول مراد العلماء رضوان الله عليهم بالاجتهادات الظنية ان العالم يستفرغ وسعه في تحصيل الظن بحكم شرعي ومعناه ان الادلة التي يمكن استنباط الحكم منها اربعة الكتاب والسنة ودليل العقل والاجماع اما الكتاب فهو وان كان في نفسه قطعي المتن لانه ( لان متنه خ‌ل ) متواتر لا يحتمل الريب لكن دلالته على الحكم ليست قطعية بل تحتمل الاحتمالات الكثيرة فان فيه النص والمحكم والظاهر والمجمل والمأول والمتشابه والناسخ والمنسوخ والعام والخاص والمطلق والمقيد والمبهم والمسكوت عنه والمقدم والمؤخر والحذف وتغيير اللفظ وتغيير المعني وحرف مكان حرف والموقت وغير الموقت والحد والمطلع والتلويح والاشارة واللحن والايماء والرمز والمكتوم وما حكمه فذروه في سنبله الا قليلا مما تأكلون والحقيقة والمجاز وحقيقة الحقيقة ومجاز المجاز وحقيقة هي المجاز ( مجاز خ‌ل ) ومجاز هو حقيقة الى غير ذلك وما كان هذا سبيله لا يمكن القطع لشيء ( بشيء خ‌ل ) من دلالته لغير المعصومين عليهم السلم الا ان ( اذا خ‌ل ) انضم ( الى خ‌ل ) ذلك اجماع من المسلمين او من الفرقة المحقة وما يحصل في ( من خ‌ل ) ذلك من ( في خ‌ل ) بعض الاحكام وانما ( فانما خ‌ل ) هو لقرائن انضمت اليه فسترت وجه الاحتمال بمعونة الانس ( الانس بها خ‌ل ) والرضى بها ولو قطع النظر عن ذلك قام عنده الاحتمال واما السنة فهي ظنية المتن والدلالة واما المتن فمن المعلوم انه لم يكن فيها خبر متواتر الا قوله صلى الله عليه وآله فمن كذب على متعمدا فليتبوء مقعده في ( من خ‌ل ) النار على خلاف فيه مع ان كثيرا من اخبارها منقول بالمعنى وفيه الغلط والسهو والنسيان والشك والوهم والترديد والتبديل والاحاديث الموضوعة والمرسومة ( المدسوسة خ‌ل ) كثيرة جدا ولم تعلم باعيانها فتجتنب وهو ( هذا خ‌ل ) مشهور مذكور في الاحاديث فان كان ذلك حقا دل على الزيادة والوضع الكثير والكذب وان كان باطلا فهو كذب ووضع واما الدلالة فهي ظاهرة قابلة للاحتمالات المتباينة ولهذا اختلف في فهمها مع ما فيها من الخلط والزيادة والنقصان والوهم والجاري مجرى التقية من المخالف والموافق ويكفيك في هذه الدعوى ما روي عنهم عليهم السلم ما معناه اني لا تكلم بالكلمة واريد بها احد سبعين وجها الى كل ( لي من كل خ‌ل ) منها المخرج وفي بعضها ان شئت اخذت هذا وان شئت اخذت هذا وفي بعضها فلو شاء لصرف كلامه كيف شاء ولا يكذب وفي بعضها انا لانعد الرجل من شيعتنا فقيها حتى يلحن له ويعرف اللحن وفي اخر حتى يكون محدثا والمحدث المفهم وان في كلامه محكما ومتشابها ومجملا ومبينا وناسخا ومنسوخا والحاصل فيها كلام تقدم في القران وما كان هذا حاله كيف يقال ان دلالته على الحكم قطعية مع كثرة الاحتمالات في دلالتها واختلافها في انفسها ومنافاة بعضها لبعض واختلاف رواتها في افهامها بالنسبة الى نقلها بالمعنى او في التلقي من الامام عليه السلم نعم لو حصل الاجماع او القرائن فانها مع انضمامها الى ذلك يفيد ( تفيد خ‌ل ) القطع في بعض المسائل واما دليل العقل فهو بنفسه ( في نفسه خ‌ل ) مجردا ( مجرد خ‌ل ) عن الاستناد لا يكون دليلا الا في شاذ من المسائل لاسباب يطول الكلام بذكرها واما مع استناده الى الادلة فهو حجة قطعية او ظنية وورد في تفسير قوله تعالى واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ان النعم الظاهرة الانبياء والرسل والنعم الباطنة العقول ومعنى استناده الى الادلة انه ينظر في الكتاب والسنة ويستنبط من منطوقهما ومفهومهما ضوابط تكون الة له في الاستنباط للاحكام الشرعية وادلة له عليها كدليل الاقتضاء ودليل التنبيه ودليل الاشارة ولحن الخطاب وفحوى الخطاب والمفاهيم وكذلك من العمومات والاطلاقات وغير ذلك فيدرك الاحكام بملاحظة ما حصل له من القواعد فينسلك ( فيسلك خ‌ل ) في ذلك سبيل ( سبل خ‌ل ) ربه لا يعتمد على محض ادراكه بدون ما يستند اليه مما ذكر فلا ريب في حجيته حينئذ الا انه لا يحصل له القطع في كثير لاختلاف التعلقات وتفاوت مراتب العمومات والاطلاقات واما الاجماع فهو وان كان قطعي الدلالة كما قررناه في رسالتنا الموضوعة في الاجماع لانه انما كان حجة لكشفه عن دخول قول المعصوم عليه السلم في جملة اقوال جماعة بحيث لا يتعين قوله عليه السلم من بين اقوالهم لانه لو تعين قوله لم يتعين العمل بقوله بل قوله عليه السلم خبر لا فرق بينه وبين ان يروي الثقة عنه عليه السلم فانه حينئذ لا يتعين العمل بذلك الخبر وان كان صحيحا الا اذا لم يكن معارضا يساويه او اقوى منه كما هو شأن الاخبار لجواز انه جرى مجرى التقية او اراد به احد المعاني السبعين المحتملة من اللفظ الواحد عنده عليه السلم واما اذا لم يتميز قوله من اقوال الجماعة الموافقين له الا انه دل الدليل القطعي على ان قوله عليه السلم في جملة اقوالهم لا على التعيين ( التعين خ‌ل ) فانه يتعين العمل بذلك القول لانه لا يجوز ان يريد بقوله عليه السلم معنى غير ما ارادوا والا لكان مغريا بالباطل وهو لا يكون منه ابدا فلا يحتمل مراده من كلامه شيئا من الوجوه السبعين غير ما طابق كلام من هو معهم في ذلك القول وهم لا يريدون معنى من كلامهم غير ما ذكروا فلا يحتمله ولا يحتمله ايضا فتعين الاخذ بذلك فسالته ( فدلالته خ‌ل ) قطعية الا انه ان كان الاجماع الضروري من المسلمين او من الفرقة المحقة واما ان كان مشهوريا فبشروطه التي ذكرناها في رسالة الاجماع لا مجرد الشهرة فانها ليست باجماع واما المحصل الخاص فهو حجة لمحصله لا غير واما غيره فهو كالرواية في باب الترجيحات وان كان بعد اعتماده قطعي الدلالة بخلاف الرواية واما المركب فمع حصول الدليل القطعي بانحصار الحق في القولين فيحتاج في اختيار احدهما الى الدليل المرجح لاحدهما وهو في الغالب ظني واما المنقول فما ثبت بالتواتر او بالاحاد المفيدة للظن ان اعتبرت هنا فحصول القطع بتعينه ( تبعيته خ‌ل ) يتوقف على معرفة المنقول كما ( ما خ‌ل ) هو من اي الاجماعات وذلك بالاطلاع الابتدائي ولو بنقل الثقة المميز له واما السكوتي فاذا اعتبرناه فبالشروط التي بيناها في الرسالة المذكورة فاذا نظرت الى مثل ما ذكرنا فتحقق ما يحصل به القطع من الاجماع قليل في المسائل فيما ذكرنا لك ان المجتهد والاخباري لا يمكنه في اكثر احكامه الخروج عن الظن ودعوى القطع في كل مسئلة باطلة كيف والاخباريان يختلفان في مسئلة واحدة في الوجوب والحرمة وكل منهما يدعي ان دليله قطعي وان حكمه مطابق الواقع فهل هذا الا القول بالتصويب وان حكم الله الواقعي الوجودي متعدد وهو مذهب اهل الخلاف واختلافهم في المسائل لا تكاد ( لا يكاد خ‌ل ) تحصى منها ان الشيخ حسين بن عصفور رحمه الله اوجب الجهر بالتسبيح في الاخرتين تدعي ( الاخيرتين مدعيا خ‌ل ) القطع وحرم جلد الذبيحة مدعي ( مدعيا خ‌ل ) القطع وعمه الشيخ يوسف صاحب الحدائق (ره) اوجب الاخفات بالتسبيح في الاخيرتين مدعيا القطع واحل الجلد كذلك فايهما وافق حكم الله الواحد الذي لا يتعدد فان كان كل واحد اصاب حكم الله الواقعي كما تدعي اهل الاخبار فقد تعدد الحكم الواحد الواقعي وان ارادوا تسمية ذلك الظن علما جازما فلا ضرر اذ لا مشاحة في الاصطلاح فقوله سلمه الله الاجتهادات الظنية والامارات القطعية ( العقلية خ‌ل ) فيه تعريض بطريق اهل الاجتهاد والامر في ذلك انما هو على نحو ما اشرنا اليه وهو بذل الجهد واستفراغ الوسع في تحصيل الحكم من الادلة الشرعية لكن لما كان القطع باصابة الحكم الواقعي الواحد في كل مسئلة متعذرا لاختلاف الايات والروايات واختلاف الافهام في مداركها نظروا الى اخس المقدمتين الذي هو الظن فقالوا الاجتهاد تحصيل الظن بحكم شرعي وان كان في بعض المسائل يحصل الجزم وقوله سلمه الله تعالى والاستنباطات الاستحسانية فيه ان ذلك ليس من مذهب احد من الشيعة بل هو مذهب اصحاب الرأي والقياسات وانما نسب هنا ( هذا خ‌ل ) الى العلماء جهلا بطريقتهم فان من جهل شيئا انكره ويحسن ان يقال لهم ما قال الشاعر :

اذا كنت ما تدري ولا انت بالذي تطيع الذي يدري هلكت ولا تدري
واعجب من هذا بانك ما تدري وانك ما تدري بانك ما تدري

وذلك لان الاستحسان لحكم ان كان لرجحان دليله فهو حكم الله في حقه وهو حكم الله الواقعي التشريعي المتعدد ولا يراد منه ازيد من بذل جهده والا لزم تكليف ما لا يطاق وان كان الاستحسان لشهوة نفسه او اغراضه الدنياوية فعلماء الشيعة مكرمون عن ذلك وانما هو طريقة اعداء الدين واما وجوب العمل بقول المجتهد الحي فهو مما لا ريب فيه على كل من لم يبلغ رتبة الاجتهاد فمن نقص عن الاجتهاد واخذ برأيه واستدلاله فقد هلك واهلك والايات والروايات قد اشارت الى ذلك فمن الايات قوله تعالى لينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون وهذا في الحي لا في الميت وقوله تعالى فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون والمسئول حي وقوله تعالى لعلمه الذين يستنبطونه منهم وهم الاحياء لا الاموات وقوله تعالى وجعلنا بينهم اي بين الرعية والمقلدين وبين القرى التي باركنا فيها وهم الائمة عليهم السلم قرى ظاهرة وهم العلماء المجتهدون وقدرنا فيها السير مثال لتكليف المقلد اي قدرنا على المقلد واوجبنا عليه في القرى الظاهرة وهم العلماء السير اي الاخذ عنهم والرد اليهم سيروا فيها ليالي يعني به خذوا عنهم ما افتوكم به مما لم يظهر لكم برهانه كالليل واياما مثال لما افتوكم به فاظهر لكم بيانه كالنهار او بالعكس على احد التأويلين امنين اذا اخذتم عنهم من تيه الضلالة وعمي الجهالة وغير ذلك من الايات ومن الاخبار ما في مقبولة عمر بن حنظلة من قول الصادق عليه السلم انظروا الى رجل يروي حديثنا فان المخاطبين بانظروا في كل عصر انما امروا بالنظر الى من هو حي بين اظهرهم بدليل قوله فاذا حكم بحكم فلم‌ يقبل منه فانه صريح في انه حي ومنها ما رواه في الكافي في باب الحجة عن ابي ‌بصير قال قلت لابي ‌عبد الله عليه السلم الى ان قال عليه السلم رحمك الله يا ابا محمد لو كان اذا نزلت آية على رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الاية ومات الكتاب ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جرى فيمن مضى ه‍ يعني ان الرجل العالم بتلك الاية اذا مات ولم يقم بعلمه اخر ماتت الاية يعني العلم بها وليس المراد من قوله عليه السلم ثم مات الرجل الخ ان الاية لا تموت وان مات الرجل ليكون على العكس وانما هي في بيان القائم بالامر واراد بهذا الكلام ان حيوة الاية بحيوة القائم بها وقد اشير الى هذا المعنى في تأويل قول علي عليه السلم كذلك يموت العلم بموت حامليه وانما قلت في تأويل قول علي (ع) لان ظاهره ان العلم اذا لم يتحمل هو من ( لم يتحمله من هو خ‌ل ) اهله لم يكن علما فقد مات بفقد اهله ولكنه يدل على ما ذكر لمن يفهم وذلك لانه لو لم يمت بموت العالم به لماحسن هذا الكلام اذ لا تخلو ( لا يخلو خ‌ل ) الارض من قائم به ما بقي النظام فلا يموت العلم وان لم يوجد له حملة في زمانها ( زماننا خ‌ل ) مثلا لوجود الحامل له قبل ذلك فافهم وقال الملا محسن في الوافي في بيان هذا الحديث قال يعني ان كل اية من الكتاب لا بد ان يقوم تفسيرها والعلم بتأويلها بقيم عالم راسخ في العلم حي فلو لم يكن في كل زمان هاد عالم بالايات حي ماتت الايات لفقد المنفعة بها انما مات ( فمات خ‌ل ) الكتاب ولكن الكتاب لا يجوز موته لانه الحجة على الناس انتهى وفيه اشارة الى ما قلنا ان ( اذ خ‌ل ) يصدق الموت لها اذا مات العالم بها وان بقيت اثاره وتفسيره لها ومن ذلك ما رواه في الكافي في باب ان الائمة عليهم السلم ورثة العلم يورث بعضهم بعضا من كتاب الحجة ما يشعر بذلك كصحيحة الحرث بن المغيرة النصري قال سمعت ابا عبد الله عليه السلم يقول ان العلم الذي نزل مع ادم عليه السلم لم يرفع ومامات عالم الا وقد ورث علمه ان الارض لا تبقى بغير عالم ه‍ يعني انه لو لم يقم به عالم ارتفع ذلك العلم سوى ان ( سواء خ‌ل ) وجد ذلك العلم مدونا ام لا فان قيل ان هذا الحديث ومثله انما هو في حق الائمة عليهم السلم وذلك يجري فيهم عليهم السلم لان الارض تسيخ بدونهم قلنا هذا في حق غيرهم بالطريق الاولى لان سابقهم (ع) لم يكن علمه ظنا بل مطابق للواقع فيكون علمه اولى بان لا يحتاج الى من يقوم به ولو اريد بقيام اللاحق مقام السابق لحفظ العلم خاصة لا لئلا يموت العلم لما علل ذلك بموت الكتاب ووقع العلم لان علم السابق يحتاج الى اللاحق ليحفظه عن التغيير والتبديل في متنه ومعناه ودلالته وهذا جار في العلماء من شيعتهم فافهم ومن ذلك ما روي ( ما رواه خ‌ل ) في الكافي عن داود بن فرقد قال قال ابو عبد الله عليه السلم ان ابي كان يقول ان الله عز وجل لا يقبض العلم بعد ما يهبطه ولكن يموت العالم فيذهب بما يعلم الحديث وهو شامل لمن كان علمه مدونا ومما يدل على ذلك من جهة الاعتبار كثير منه انه لو جاز الاخذ عن الميت لكان اذا وجد في المسئلة اربعة اقوال مثلا اما ان يعمل بايها شاء او ترجح ( يرجح خ‌ل ) احدها فان كان يعمل بايها شاء فقد عمل المقلد بخلاف ما يقول صاحب ذلك الحكم الذي اخذه لان ذلك العالم الميت مما يحكم به انه لا يجوز الاخذ بغير دليل ولا اختيار من لم يكن مجتهدا ولا رد حكم ( حكم الحاكم ولا الترجيح من غير مرجح ولا العمل بقول الميت وهذا المقلد خالفه في ذلك كله اخذ بغير دليل واختار ولم يكن مجتهدا ورد حكم خ‌ل ) من لم يأخذ حكمه وترجح الحكم الذي اخذه من غير مرجح وعمل بقول الميت فان صح تقليد هذا الميت صح انه لا يجوز الاخذ بقوله والا فلا يجوز تقليده وان اخذ المقلد احدها بترجيحه فلا خلاف بين العلماء ان ترجيحه لا يعتبر ولا اثر له وان كان عارفا فترجيحه وعدمه سواء فاذا وجد في وقته من يعتبر ترجيحه من العلماء المجتهدين وجب على المقلد الرجوع اليه لان ظن الاصابة عنه ( منه خ‌ل ) مقطوع به وعدم الاصابة من المقلد مقطوع به وان اصاب في نفس الامر كما يشير اليه الحديث النبوي في تقسيم القضاء حيث قال صلى الله عليه وآله ورجل قضى بحق وهو لا يعلم فهو في النار ومنه ان جواز تقليد الميت ليس قولا للشيعة وانما ( انما هو خ‌ل ) قول للعامة وقد صرح بهذا كثير من العلماء وانما القول به من الشيعة مستحدث مستحسن وذلك لما قال به العامة كثر به النقض والجدال ( الجدل خ‌ل ) فيه بين الفريقين فسرت الشبهة في خواطر بعض من اختلاط الادلة مع انضمام محبة النفس الى سهولة الخطب واستصعاب ( استصحاب خ‌ل ) الاجتهاد ومشقة تقليد الحي لاستلزامه الى المهاجرة عن الاوطان او تكلف احد ( اخذ خ‌ل ) الوسائط الثقات لان اشتراء كتاب من كتب المتقدمين بخمسة دنانير والاكتفاء بما فيه اسهل من تلك المشاق فيقرأ عليهم كتاب الله اذهبتم طيباتكم في حيوتكم الدنيا واستمتعتم بها فقد مضى وقت طويل من الزمان لم يقل احد من الشيعة به فدل على بطلانه كقوله ( لقوله خ‌ل ) صلى الله عليه وآله لا تزال طائفة من امتي على الحق حتى تقوم ( يقوم خ‌ل ) الساعة وقد دل الدليل على انها الشيعة وقد مضى زمان على الشيعة وهم قائلون بخلافه تدل ( فدل خ‌ل ) على بطلانه وكذلك الاحاديث المتكثرة كما في علل‌الشرائع وغيره عنهم عليهم السلم المتضمنة انه ان لا تخلو الارض من حجة كيما ان زاد المؤمنون ردهم وان نقصوا اتمه لهم فلو كان القول بجواز تقليد الميت حقا وقد تركه الشيعة المؤمنون لوجب على الامام عليه السلم ان يتمه لهم والا لكان مخلا بالواجب بالحكم ( في الحكم خ‌ل ) فعدم رده لهم الى ان يمضي آن وهم عاملون بذلك دليل على انه صواب وعدم خطاء ومنه انهم اتفقوا على ان العالم اذا كان ميتا لا يضر خلافه بالاجماع وان كان مجهول النسب بحيث لو كان حيا لماصح الاجماع مع وجود خلافه ولو كان علمه معتبرا بعد الموت لكان مضرا بالاجماع فلما لم يضر بعد موته خلافه دل على عدم اعتبار قوله ومنه انه اذا اتفقت الامة على قولين في مسئلة وقد دل الدليل على انحصار الحق فيهما وانقرضت احدي الطائفتين اجمعوا على بطلان حكم الطائفة المنقرضة وان الحق في الموجودة فلو اعتبر قول الاموات لماجاز الاجماع من الامة واما الاستدلال على هذا القول بان حكم الميت انما اعتبر مع بقاء ظنه لانه هو المرجح للحكم ولهذا اذا تغير ظنه في حيوته تغير حكمه على نفسه وعلى مقلديه واذا مات ذهب ظنه فيذهب ترجيحه فلا يعتبر قوله لذهاب علة اعتباره فهو دليل قوي جدا بل هو اصحها ولكنه دقيق المأخذ وبيان مأخذه يحتاج الى تطويل فلهذا اعترضت ( فلذا اعرضت خ‌ل ) عنه والحاصل لمثل ما سمعت نقول بوجوب العمل بقول المجتهد الحي وببطلان العمل بفتاوي الاموات على من سمع بوجوب التقليد واما من لم يسمع فكذلك عند الاكثر واما عندي فالذي يرجحه نظري صحة عمل من لم يسمع بوجود ( بوجوب خ‌ل ) ذلك حتى يسمع ( والله اعلم خ‌ل )

قال سلمه الله تعالى : يا سيدي هل يجوز العمل بالاصول المصنفة التي صنفها الثقات من الفرقة الناجية قديما وحديثا كالكافي والتهذيب والاستبصار والوافي والوسائل والبحار وغيرها من مصنفات اصحاب ( الاصحاب خ‌ل ) الابرار
اقول قد تقدمت الاشارة الى الجواب وصريحه على سبيل الاختصار ( الاختصار والاقتصار خ‌ل ) ان العمل لا يجوز بشيء من الكتب لا فرق بين كتب الحديث وكتب الفتاوي ولا يجوز العمل الا للمجتهد الذي يستنبط الحكم من الادلة الشرعية او لمن يأخذ عن هذا المستنبط او جاهل لم يسمع وجوب ذلك ووافق عمله ظاهر الشرع عندي فان لم يوافق عمله ظاهر المذهب لم يصح عمله اجماعا من العلماء والايات والروايات تنادي بذلك من كان يستجيب للنداء والعلة فيما قلنا ان الكتاب الذي تريد ان تعمل بما فيه لا يخلو اما ان يكون مؤلفه معلوما او لا فان كان معلوما فهو انما جمع فيه من الفتوي ما رجحه بظنه وقد تقدم القول فيه وان كان ما جمعه احاديث فهو انما روى من الاحاديث ما رجحه بظنه وترجيحه انما هو بامور اجتهاديات بنحو ما يرجح ( يرجح به فتواه فكما لا يعتبر ترجيحه لفتواه بعد موته لا يعتبر ترجيحه للاحاديث حرفا بحرف خ‌ل ) وبيانه انه انما يرجح الاحاديث بحيث يكون ( تكون خ‌ل ) معتبرة عنده بقرائن اجتهادية من كون رواية ثقة و التوثيق اجتهادي ولهذا تراهم يختلفون في الرجل الواحد و( ومن خ‌ل ) شهرة الرواية اما لكثرة رواتها او تداركها ( تداولها خ‌ل ) في كتبهم او اكثرية العاملين بها او لاوثقية راويها وغير ذلك من المرجحات التي تذكر في كتب الاصول وهي كذلك ولهذا يختلفون في كل ذلك ولا تظن ان هذا انما هو في المتأخرين واهل الاصول بل هذا في المتقدمين والمحدثين وانا اذكر لك بعضا من ذلك في اصح ما عندكم من الكتب التي صنفها اوثق من تعرفون واعلمهم قال الكليني رحمه الله في الكافي وقلت انك تحب ان يكون عندك كتاب كاف يجمع في فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم ويرجع اليه المسترشد ويأخذ عنه من يريد علم الدين والعلم به من الاثار ( بالآثار خ‌ل ) الصحيحة من الصادقين عليهم السلم والسنن القائمة التي عليها العمل وبها يؤدي فرض الله عز وجل وسنة نبيه (ص) انتهى فهذا نص منه ان كل ما اورده في الكافي اثار صحيحة معمول بها وبعده اتى الصدوق (ره) وقال في كتابه الفقيه لم ‌اقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه بل قصدت الى ايراد ما افتى به واحكم بصحته واعتقد انه حجة بيني وبين ربي تقدس ذكره وتعالت كلمته انتهى فقد ذكر انه فعل غير ما فعله من قبله لانهم يجمعون جميع ما رووا وانت سمعت كلام الكليني في اعتماده على ما اورده في كتابه وحكم بصحة جميع ذلك فلو كان فعله بغير طريقة اجتهاد لما قال الصدوق بعده ما قد سمعت وقد رد عليه في مواضع منها قال في مواضع ( موضع خ‌ل ) لا افتي بما رواه ابن ‌يعقوب وقال في موضع اخر هذا الامر ( اخر مارويت هذا الا خ‌ل ) من طريق ابن‌ يعقوب وفي موضع قال ان عندي خلاف ذلك ولو صح عنده جميع ما قال لم يقل هذا الكلام مع من تتبع كلامه ظهر له ان كثيرا مما يحكم بصحته انما صححه اعتمادا على تصحيح شيخه كما ذكره في كتاب الصيام منه في صوم يوم الغدير قال واما خبر صلوة يوم غدير خم والثواب المذكور فيه لمن صامه فان شيخنا محمد بن الحسن (رض) كان لا يصححه يقول انه من طريق محمد بن موسى الهمداني وكان غير ثقة وكلما لم يصححه هذا ( ذلك خ‌ل ) الشيخ قدس الله روحه ولم يحكم بصحته من الاخبار فهو عندنا متروك غير صحيح انتهى وانما لم يعمل بهذه الرواية لان محمد بن الحسن الصفار استثنى من رجال اسانيد نوادر الحكمة لمحمد بن احمد بن يحيى الاشعري وهو الكتاب المعروف بدية شبيب استثنى منهم ثلاثين رجلا ( رجلا وقال لا يجوز العمل بما تفردوا به وتبعه تلميذه محمد بن الحسن بن الوليد والصدوق تبع خ‌ل ) في ذلك شيخه محمد بن الحسن بن الوليد ومن جملة الرجال محمد بن موسى الهمداني المذكور ورد روايته تبعا لرد مشايخه كما سمعت وقد جرى في جميع كتبه واعماله على ذلك ومع ذلك كله ذكر في الفقيه في اوله في باب المياه ولا بأس بالوضوء والغسل من الجنابة والاشتباك ( الاستياك خ‌ل ) بماء الورد انتهى هكذا نسخة الاصل كما ذكره بعض المشايخ ومما ذكر ذلك المجلسي في شرح الفقيه وهذه رواية محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس وكان ممن استثناه هو ومشايخه وانه لا يجوز العمل بما تفرد به وهذه الرواية مما تفرد بها ( به خ‌ل ) العبيدي عن يونس للاجماع على عدم جواز الغسل والوضوء ( الوضوء والغسل خ‌ل ) بماء الورد مع انه قد اورده في الكتاب الذي جعله حجة بينه وبين الله تعالى فان جواز العمل بما هو خلاف المذهب من رواية من يحكم بعدم جواز العمل بما تفرد فما هذا هل هو اجتهاد ام نص فان قلت انه اجتهاد قلنا لك هذا ما ذكرنا وان قلت انما فعل لقرائن حصلت له قلنا نعم حصلت له ولكنها ليست روايات والا لحصلت لمن قبله ولمن بعده فاذا كان هذا حاله و( وهذا خ‌ل ) حال الكليني عنده ظهر لك ان كل ما رجحوه في كتبهم امور اجتهادية وانا مع ذلك اشهد انهم لم يكلفوا بما في ترجيح الاحاديث والعمل بها بازيد من ذلك واما الشيخ (ره) فقد قال قد استوفينا غاية جهدنا فيما يتعلق باحاديث اصحابنا المختلف منها والمتفق وقد اورد كثيرا من الاحاديث في التهذيب والاستبصار وعلل ضعفها بضعف رواتها وباسناد بعضها الى غير المعصوم عليه السلم وبالشذوذ وبمخالفة المجمع عليه وكثيرا يكون من اتى من بعده من العلماء يضعف كثيرا ممن يصحح ويصحح كثيرا ممن يضعف كما فعل هو فيما اخذ من الكافي والفقيه وهذه المشايخ الثلاثة (ره) اوثق العلماء وكتبهم الاربعة اوثق الكتب ونسبتها اليهم لا يختلف فيه احد ومع هذا كله وقع فيها من التنافي بينهم وفي كتبهم وبين غيرهم من العلماء في هذه الكتب التي لم ‌يوجد مثلها ما لا يخفى على احد فما ظنك بغيرها من الكتب اذ فيها ما لا يقطع بنسبته الى مؤلفه الا بنقل وان اوجب ظنا لم‌ يوجب قطعا وفيها ما يحتمل نسبتها الى مؤلفها وفيها ما لا يعلم مؤلفها وما كان هذا سبيله لا يجوز العمل بما فيها ولا الاخذ فيها ( منها خ‌ل ) الا لمن يعمل كعمل اصحابها من الترجيحات والادلة والقرائن وهو المجتهد

قال سلمه الله تعالى : يا سيدي قال بعض العلماء ان العلامة المجلسي (ره) كان مجتهدا كثير الطعن على الاخباريين وقد يظهر من اكثر كتبه انه كان اخباريا كثير الطعن على المجتهدين وقال طاب ثراه في صراط النجاة بما لفظه اقول ثم اورد في سؤاله كلام المجلسي (ره) بلفظه الى قوله : بخلاف همه مسلمانان ومنافقان كه جايز ميدانند ومعنى كلامه قدس الله روحه بالعربي : من المعاصي التي لا تغفر لا تفضلا ولا بشفاعة الشافعين ولا باعمال الخير ولا يرجى فيها النجاة ويستوجب الخلود في النار وهو ان يشك الشك ( الشخص خ‌ل ) ويرتاب ويلحد ويعاند مع الله والانبياء عليهم السلم والائمة عليهم السلم وان يبدع ويخترع في دين الله ويحدث مذهبا جديدا ويفتي بغير الحق في دين الله في الاصول والفروع الى ان قال : او يفتي بالرأي والقياس والاجتهاد والاستحسان او يعتقد حجية هذه الامور بدون الاجماع او مع الاجماع بدون المعصوم عليه السلم وقال في موضع اخر في بيان عقائد الاسلام ( الامامية خ‌ل ) خاصة بما لفظه : ايضا يقولون ان الرأي والقياس والاجتهاد والاستحسان العقلي والاجماع بدون دخول المعصوم (ع) ليست بحجة وان الحسن والقبح ليسا بشرعيتين ( بشرعيين خ‌ل ) خلافا لسائر المسلمين والمنافقين فانهم يجوزونه انتهى ترجمة ما اورده في سؤاله من كلام المجلسي (ره) في صراط النجاة
واقول ان المعروف من بعض مشائخنا ان الاخوند محمد باقر مجلسي (ره) اخباري وانا لم ‌اطلع على اكثر من كتبه وما اطلعت عليه لم ‌اجد فيه طعنا على احد من العلماء الاصوليين والاخباريين واما طريقته فطريقة الاخباري العالم وليس طريقته في الفقه طريقة اهل الاصول واما ما ذكره في صراط النجاة فليس فيه دلالة على شيء من المطاعن على احد من علماء الشيعة وانما عنى العامة وكلامه صريح ( صريح فيهم خ‌ل ) حيث قال ويعاند مع الله والانبياء والائمة عليهم السلم اذ من المعلوم انه ليس احد من هذه الفرقة هذه الحالة وكذا قوله ويحدث مذهبا جديدا ويفتي بغير الحق في دين الله في الاصول والفروع وكذا قوله ويفتي بالرأي والقياس والاجتهاد والاستحسان فان كل هذه انما يراد بها ما عليه العامة فانهم هم الذين يحكمون بالرأي والقياس والاجتهاد بالرأي لا الاجتهاد بالادلة الشرعية فانها بامر الامام عليه السلم وهم يعملون بدون امر الامام عليه السلم ولهذا قال بصحة ( يعتقد خ‌ل ) حجية هذه الامور بدون الاجماع يعني يعمل برأي غير مجمع عليه وكذا اجتهاد واراد بالاجماع الكاشف عن دخول قول المعصوم عليه السلم بدليل قوله او مع الاجماع بدون المعصوم عليه السلم وهو اجماع العامة وكذلك قوله في ص ( حق خ‌ل ) الشيعة وايضا يقولون يعني الشيعة ان الرأي والقياس والاجتهاد والاستحسان العقلي واراد به غير دليل العقل عندنا فانه يستند فيه الى الكتاب والسنة والاجماع بدون دخول الامام عليه السلم بمعني ( يعني خ‌ل ) الاجماع الذي لا يكشف عن دخول الامام (ع) بقوله في جملة القائلين وهذا اجماع العامة ليست بحجة وهو صريح في ان هذه طريقة الشيعة واصرح منه قوله وان الحسن والقبح ليسا شرعيتين ( شرعيين خ‌ل ) بل هما عقليان وهذا مذهب الشيعة فهو لا يعني بما نقل في اول كلامه سلمه الله الا العامة فلا يتوهم منه انه عني المجتهدين ولكن قلت مرارا ان الرجل ليس من اهل الاصول

قال سلمه الله تعالى : ما يقول سلطان العلماء وقدوة الفضلاء في جهر الاستعاذة والتسبيحات وقد دلت الاخبار ان الائمة عليهم السلم كانوا يجهرون بالتسبيحات ( التسبيحات خ‌ل ) والاستعاذة واجماع المحدثين من المتقدمين والمتأخرين منعقد على وجوب الجهر والشيخ على الكركي (ره) ايضا قال ان الجهر واجب وهو من المجتهدين
اقول اما الجهر في الاستعاذة فقال الفاضل الاردبيلي المشهور استحباب الاخفات في التعوذ وفي بعض الاخبار الجهر واختيار ما هو ظاهر قوله تعالى واذكر ربك في نفسك الاية كان ( كانه خ‌ل ) اولى انتهى كلامه واراد ان في بعض الاخبار الجهر يعني مستحبا وقال الشهيد الاول رحمه الله في النفلية التعوذ في الاولى سرا وقال الشهيد الثاني في شرح هذا الكلام ولو في الجهرية عند الاكثر بل ادعى الشيخ عليه الاجماع وقال العلامة في التذكرة يستحب الاسرار بها ولو في الجهرية وهو احد قولي الشافعية لابن ‌عمر كان يتعوذ في نفسه والاخر يجهر به في الجهرية لان ابا هريرة جهر به وعمل الائمة عليهم السلم اولى انتهى واراد عمل الائمة عليهم السلم وهو الاسرار اولى ولا يعارضه فعل ابي‌ هريرة واما ذكر فعل ابن ‌عمر فليس استدلاله ( استدلال له خ‌ل ) وانما هو استدلال للشافعية على قولهم بالاسرار وايضا قال العلامة في النهاية ويستحب الاسرار به ولو في الجهرية لانه ذكر مشروع بين التكبير والقرائة فيحسن ( فيسن خ‌ل ) فيه الاسرار و كدعاء الافتتاح عندهم انتهى وبالجملة المعروف من مذهب الاصحاب قديما وحديثا استحباب الاستعاذة ( الاستعاذة سرا خ‌ل ) ومن جوز الجهر او استعمله عنده على جهة التخيير او الاستحباب عند نادر من الاصحاب لرواية حنان بن سدير قال صليت خلف ابي‌ عبد الله عليه السلم فتعوذ باجهار ثم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم قليل مخالف لمن كان الان شعارا عند العلماء لانه مذهب ائمتهم عليهم السلم وعليه فتاويهم وعملهم كما سمعت قول العلامة (ره) واما هذه الرواية ففي طريقها عبد الصمد بن محمد وهو مهمل عن حنان وهو واقفي وهو من الاوعية السوء الذين امرنا بان ننكبها ( نتنكبها خ‌ل ) ومع هذا فيجوز انه عليه السلم جهر بالاستعاذة للتعليم كما قال الملا في المفاتيح وهي سرية ولو في الجهر على المشهور بل نقل الشيخ عليه الاجماع كما على الاستحباب بها ( استحبابها خ‌ل ) فالخبر الفعلي بالجهر محمول على تعليم الجواز انتهى او ليخالف بين شيعته واذا قام الاحتمال بطل الاستدلال حتى ان المولي الاردبيلي (ره) جعل الجهر بالتعوذ من مطاعة ( في مطاعن خ‌ل ) الرواية وانه قال في شرح الارشاد لما استشهد بها على استحباب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قال وان لم تكن صحيحة لجهل بعض رجاله وهو عبد الصمد بن محمد مع القول في حنان بانه واقفي واشتماله على جهر التعوذ المشهور خلافه ايضا من صحيحة صفوان الا انه مؤيد وقد قال باجهاره ايضا ولكن الظاهر ان الاخفاء اولي لصحيحة صفوان مع الشهرة وتحمل هذه على الجواز انتهى وبالجملة فادخاله مع جهر التسبيحات في الاخيرتين المدعي وجوبه غريب لم يعرف من مذهب احد من العلماء كالقول بوجوب الجهر في التسبيحات وقوله سلمه الله تعالى وقد دلت الاخبار ان الائمة عليهم السلم يجهرون بالتسبيحات والاستعاذة يدل على انه يريد ان الجهر بهما واجب وهذا لم يقل به احد من المتقدمين ولا من المتأخرين قبل الشيخ عبد علي بن شيخ احمد الدرازي اخي الشيخ يوسف صاحب الحدائق (ره) ولا شك ان القول بوجوب الجهر بالاخيرتين مستحدث واما ابن‌ ادريس في السرائر فانه انما قال بجواز الجهر والاخفات لعدم الدليل على وجوب الاخفات وكذلك العلامة في كر ويه وما استدل بها من الاخبار لا دلالة فيها بوجه وكان من افاضل علماء اهل الاخبار الشيخ محمد المقاني ( المقابي خ‌ل ) (ره) قد ذكر في شرحه على الوسائل بعد ان بلغه فتوى الشيخ عبد علي وكان تلميذا للشيخ محمد ويصلي خلفه وهو يخافت قال في الشرح المذكور ولم نعلم خلافا في وجوب الاخفات في الاخيرتين الا من ابنى‌ادريس (ره) وقد سبقه الاجماع وتأخر عنه فلا عبرة بخلافه فقد ( وقد خ‌ل ) جمعنا من تتبع الاخبار عدة احاديث تدل باللازم على ان الركعتين الاخيرتين اخفاتيتان لا يحضرني الان وفي اخبار الباب خبر جميل بن دراج فانه مع ملازمته للامام عليه السلم وكثرة صلاته معه جماعة لم يعلم ما يقرأه الامام عليه السلم في الركعتين الاخراوين ولذا سأله عن ذلك وهل ذلك الا لكونهما اخفاتيين ( اخفاتيتين خ‌ل ) ولو كانتا جهريتين لم يحتج الى السؤال عن ذلك ومثله في الدلالة والتقريب ( التقرب خ‌ل ) صحيح ابن‌ سنان فان سؤاله الامام عليه السلم عن اي شيء تقوله في الركعتين الاخراويين دليل على انهما اخفاتيين ( اخفاتيتان خ‌ل ) ومثله كثير وقد اشتهر القول والعمل في زماننا هذا بوجوب الجهر على الامام بالتسبيح في غير الركعتين الاوليين حتى تمادى الامر بهم حتى اعتقدوا فساد صلوة من اخفت بالتسبيح بقوله عليه السلم ينبغي للامام ان يسمع من خلفه كلما يقول مع ان علمائنا قديما وحديثا قد فهموا من لفظ ينبغي الاستحباب وخصوه بذكر الركوع والسجود والتشهد والتسليم والقنوت واستدلوا بهذا الحديث على استحباب الجهر للامام في هذه الاشياء المخصوصة ونقلوا الاجماع على ذلك ولم يبالوا بخلاف الاجماع مرتين والحق ان اجماعهم قرينة على ارادة الاستحباب من لفظ ينبغي كما هو ظاهر فيه ايضا والتكليف بشيء زائد على ذلك يحتاج الى الدليل ولا دليل بل الدليل انما هو قائم على خلافه وقد رجع اكثرهم عن ذلك من فعل ( نقل خ‌ل ) المعتبر ان النبي صلى الله عليه وآله كان يخفت فيهما وقصرت السن الباقين عن التشنيع على المخفتين مع انه دين ابائهم واحبارهم ( اجدادهم خ‌ل ) واسلافهم الاعلمين بل كان دينهم هم بالامس وسبب ذلك عدم المبالاة بالخروج عن الجماعة في فهم معنى الحديث مع ان لفظ ينبغي محصل ( يحتمل خ‌ل ) عندهم للاستحباب ايضا فكان الواجب عليهم ان يجعلوا فهم الاعلمين قرينة على ارادة الاستحباب لقربهم من ارباب النصوص وكونهم اعرف بمعاني كلمات ائمتهم عليهم السلم واعرف بعرفهم ولو لم يكن من هذا الا حصول الشك المؤدي ( المؤدي الى خ‌ل ) عدم الجزم بذلك انتهى كلامه بلفظه وهذا كلام شيخ ذلك القايل بوجوب الجهر ومثله كلام شيخ عبد الله بن صالح السماهيجي شيخ المحدثين كثير الطعن في الاصوليين في اجوبة مسائل الشيخ محمد بن الشيخ علي بن الشيخ عبد النبي بن الشيخ محمد بن سليمان المقاني ( المقابي خ‌ل ) رحمه الله بعد الاستدلال على وجوب الاخفات في الاخيرين ( الاخيرتين خ‌ل ) بمثل قوله صلى الله عليه وآله صلوة النهار عجماء ومرسلة ابن ‌فضال السنة في صلوة النهار بالاخفات وفي صلوة الليل بالاجهار وبما روي عن الرضا عليه السلم ان وجوب الجهر في الصلوات الثلاث دون الصلوتين الباقيتين وغيرها الى ان قال فثبت دعويهم في الاخيرتين من الظهرين وانما قال ذلك لانه سئل لم اوجب الاصحاب الاخفات في الاخيرتين مع خلو الاحاديث من ( عن خ‌ل ) ذلك فاجابهم بما سمعت ومثله ثم قال فاحتجنا الى الاستدلال على وجوب الاخفات في الاخيرتين في العشائين لان الاخبار انما دلت على وجوب الجهر بالقرائة خاصة فاقول يمكن الاستدلال على الاخيرتين من العشاء بما رواه محمد بن قيس عن ابي ‌جعفر عليه السلم قال كان امير المؤمنين عليه السلم يقرء في الاولتين من صلوة الظهر سرا ويسبح في الاخيرتين من صلوة الظهر على نحو من صلوة العشاء وكان يقرء في الاولتين من صلوة العصر سرا ويسبح في الاخيرتين على نحو من صلوة العشاء ووجه الاستدلال انه عليه السلم جعل ركعتي التسبيح في الاخيرتين من الظهرين على نحو من صلوة العشاء وقد علمت ان الظهرين اخفاتيتان باسرهما فتكون الاخيرتان من العشاء اخفاتيتين هذا ما امكنني حينئذ في جواب سؤالهم فقالوا سلمنا ذلك في العشاء بقي الاخيرة في ( من خ‌ل ) المغرب فعجزت حينئذ عن الجواب اقول الان ويمكن الاستدلال عليه بما ذكره المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى بان النبي صلى الله عليه وآله كان يجهر في هذه المواضع يعني الصبح واولتي المغرب والعشاء ويسر في الباقي وهو نقل منهما على سبيل البت والجزم فظاهرهما دعوى تواتر النقل به وهما ثقتان فلا يقصر خبرهما عن المراسل ( المراسيل خ‌ل ) المقبولة مع فتوى الطائفة باسرها به حتى المحدثون فيفيد العلم بالحكم المذكور من طريقة ( طريق خ‌ل ) الرواية ومن الله نسأل الرشاد ( الارشاد خ‌ل ) والهداية انتهى كلامه بلفظه وهذا هو شيخ ذلك المدعي وجوب الاجهار بالتسبيح وتدبر في معاني كلامه وهو صاحب الاطلاع والاحاطة بالاخبار ( بالاخبار والاقوال خ‌ل ) ولم يذكر قائلا بهذه الدعوى من ( لا من خ‌ل ) الاولين ولا من الاخرين وشيخه المذكور اولا الشيخ محمد المقاني ( المقابي خ‌ل ) الاخباري الصرف واسع الاحاطة كثير الاطلاع يدعي اجماع الاولين والاخرين على وجوب الاخفات في زمان ذلك المدعي ولا يعارضه بقول قائل من العلماء بل استند في دعوى الوجوب الى الروايات واخو المدعي الشيخ يوسف صاحب الحدائق (ره) المشهورة ذكر هذه المسئلة وحكم بالاخفات ولم يخالف الاصحاب لعدم الدليل مع انه الاخباري الصرف واما شيخه وشيخ اخيه وهو الشيخ عبد الله بن صالح المذكور الذي سبق كلامه بقليل كان في التعصب للاخباريين والرد على الاصوليين في الغاية قد سمعت كلامه والشيخ علي بن المتقدم ذكره الشيخ محمد المقابي قد وضع رسالة في هذه المسئلة وذكر جميع ما له تعلق بهذه المسئلة من الاخبار وهي عشرة احاديث وتكلم على كل حديث بخصوصه بما يحتمله ورجح الاخفات الا انه قال لم يظهر لي وجوب الاخفات وان كان راجحا وكان معاصرا للشيخ عبدعلي القائل بوجوب الجهر قد ذكر في رسالته سبب عدول الشيخ عبد علي عن الاخفات وكان فتواه وعمله عليه برهة من عمره وذكر سبب قوله بالوجوب وانه ليس للدليل وانما هو للتعصب ولا حاجة ( حاجة لنا خ‌ل ) الى ذكر ذلك والحاصل انه قال بالوجوب وتبعه بعض اهل وقته لهذه الاحتمالات وليس منها ( فيها خ‌ل ) دليل ولكن على كل تقدير لم يقل احد من العلماء بالوجوب لا من المتقدمين ولا من المتأخرين قبل الشيخ عبد علي فان كان قوله حقا فقد كانت الفرقة المحقة على باطل الى زمانه ولم يقل بهذا احد وقوله سلمه الله تعالى ان الشيخ علي بن عبد العال الكركي قائل بوجوب الجهر في الاخيرتين تحتاج هذه الدعوى الى دليل اذ لم يوجد في شيء من كتبه الا القول بوجوب الاخفات قال في شرح القواعد ( القواعد فروع خ‌ل ) الاول الظاهر وجوب الاخفات فيه كالقرائة خلافا لابن‌ ادريس انتهى وانما قال خلافا لابن ‌ادريس ( لابن‌ادريس لان ابن ‌ادريس خ‌ل ) قائل بعدم وجوب الاخفات بل يجوز عنده الجهر والاخفات ولم يقل بوجوب الجهر وهذا معلوم وقال الشيخ علي في الرسالة النجمية ويجزي في غير الاولتين سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر مرة واحدة ويعتبر فيه الترتيب والموالاة وكونه بالعربية مع الامكان وعدم الجهر به انتهى وقال شارح هذه الرسالة المذكورة في شرح كلامه هذا وكذا لا يجوز الجهر به اي بالتسبيح مطلقا اي سواء كان للرجل او المرأة وسواء كان في الجهرية او الاخفاتية وقيل بالتخيير بين الجهر والاخفات وليس بمعتمد عند المصنف انتهى وقال الشيخ علي في الجعفرية ولا سورة في الاخيرتين بل يتخير بين الحمد وبين تسبيحات اربع صورتها سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر ويجب فيها الموالاة والاخفات انتهى وقال الشيخ يحيى عشيرة البحراني شارح الجعفرية وهو من تلامذة الشيخ علي وكان قد اخذ ونقل عنه في الشرح المذكور وبين الشرح والتصنيف اربعون سنة قال والظاهر وجوب الاخفات فيه كالقرائة خلافا لابن ‌ادريس ه‍ وقال الشيخ علي في حاشيته على الارشاد على قول العلامة والاخفات في البواقي قال اي يجب الاخفات في القرائة والتسبيح في البواقي للرجل وغيره انتهى فليت شعري اي موضع قال فيه الشيخ علي بن عبد العال الكركي بوجوب الجهر بالتسبيح هذه الكتب التي وصلت الينا منه في كلها يصرح بوجوب الاخفات كما سمعت فان قال احد ان الشيخ علي قال بذلك فلا نقبل منه حتى يذكر لنا الكتاب الذي اخذ منه فلعله رأى فيستحب الجهر للامام في الاذكار والاخفات للمأموم فتوهم انه يجب لقرب شبه كتابة يستحب من يجب ولا سيما اذا كانت سين يستحب قصيرة فيتوهم الناظر انها يجب والشيخ علي (ره) يريد بالاذكار ( بالاذكار اذكار خ‌ل ) الركوع والسجود وما اشبه ذلك لانه ذكر ذلك بعد حكمه بوجوب الاخفات في التسبيح في الاخيرتين ولا يذكر بعده بلا فاصلة استحباب الجهر فيه او الوجوب وليس هذا الا حال لا يعلمه الا الله اقول والحاصل انا اهون وجدي ( وجدي واقول خ‌ل ) يجب الاخفات في الاخيرتين ولا قائل بوجوب الجهر ( بالوجوب خ‌ل ) من المتقدمين ولا من المتأخرين الى زمان الشيخ عبد علي وحيث ثبت هذا قلنا ان القول بوجوب الجهر في الاخيرتين حكم جديد مستحدث فان جاز استحداث قول جاز هذا القول والا فلا ولولا خوف الاطالة وعلمي بعدم الانتفاع لذكرت جميع الاخبار التي لها تعلق بهذه المسئلة وبينت القول الحق فيه ولكن لا ينتفع به من سبقت الشبهة الى قلبه وهذا اخر الجواب

قال سلمه الله تعالى : يا سيدي ادام الله وجودكم هل بمجرد سماع الغيبة يحكم بفسق المغتاب ام لا وهل يجب الرد حال السماع ام لا وهل السماع بقصد الرد من احد وجوه الجواز ام لا
اقول من سمع الغيبة ولم يعلم ان من اغتيب متظاهر بالفسق ولم يكن ذلك في جرح شاهد ولا نصح مستشير ولا من باب ذكر فضل بعض العلماء على بعض وامثال ذلك بل انما كان ذلك مجرد اظهار عيوب مؤمن فان ظهر له من المغتاب امارات الندم والتوبة والا جاز الحكم بفسقه ان عين مؤمنا باسمه او باشارة مفهمة تعيينية للسامعين او بعضهم ثم ان كان ذكر الغيبة بكلام لو بين وجه العذر فيه للمؤمن قبل ذلك المغتاب عذره ولم يغتبه جاز ( جاز لك خ‌ل ) استماعه حتى يستوفي ( تستوفي خ‌ل ) كلامه ثم يرده ( ترده خ‌ل ) وان لم يقبل ( ولو لم يقبل خ‌ل ) المغتاب ولكن من السامعين من يقبل والا ترد ( فرد خ‌ل ) كلامه قبل اتمامه ان تمكنت من ذلك والا فقم عن المجلس ان تمكنت والا فسد اذنيك ولو تعذر عليك وجه التخلص فالله ارحم الراحمين وخير الغافرين

قال سلمه الله تعالى : يا سيدي ذكر بعض المعاصرين من العلماء في السرمدية ما لفظه ابدي سرمدي اذ مقتضى القدم عدم امكان العدم وقد تقرر في المعقول ( العقول خ‌ل ) ان معلول الذات لا يحول ولا يزول هل لهذا توجيه بحيث لا يرد عليه الايراد ام لا
اقول اعلم ان الابدية هي الاخرية ( التي هي خ‌ل ) عين الاولية بلا اختلاف ولا تعدد وكل امر ( من خ‌ل ) اخريته غير اوليته فهو مخلوق والابدي من نسبت في وصفه الى ذلك واما السرمدي فهي عندهم الدوام والاستمرار من الازل الى الابد وعندي ان السرمدية صفة هي حال الحق المخلوق لان من كان بين اوليته واخريته امتداد فهو مخلوق كما هو حال كل مستمر ويوصف الله بها كما يوصف بالارادة فكما هو سرمدي هو مريد الا انه لما كانت الارادة حالا والسرمد ظرفه صح الفرق بين تسميته بمريد ونسبته في وصفه بسرمدي واما على ما اصطلحت عليه مما استفدته من اثار اهل العصمة عليهم السلم ان السرمد هو الوقت الراجح وهو ظرف للمشية وهو الامكان الراجح الوجود ولا واجب الوجود ولا جايز الوجود وهو للمشية كالدهر للعقول والذي اعرف من مراد هذا المتكلم بحسب مفهوم كلامه لا بحسب قصده ومراده ( مرامه خ‌ل ) لانه ربما اراد معنى اخر اصاب ام اخطأ ه‍ ان معنى هذا الكلام ان السرمد هو الدوام والاستمرار الذي لا اخر له والمنسوب اليه كذلك هو الله العليم ( القديم خ‌ل ) ومقتضي القدم ان العدم لا يجري عليه ولا يمكن في حقه تعلل ( فلعل خ‌ل ) دوام الموصوف بالبقاء بذلك وهذا كلام مليح في الجملة لكنه قشري لا يتمشى على طريقة اهل العصمة (ع) الا ظاهرا لان ظاهر كلامه انه يخبر عن حال الذات البحت وذلك الشان اجل واكرم ان يكون ما ذكره مكتنها لذاته لان الذي يشير اليه احوال الامكان الراجح بل الجائز ايضا يصدق عليه وصفه واراد بقوله ان معلول الذات الخ ان البقاء الذي لا اخر له علة للذات ( علته الذات خ‌ل ) القديم بلا شرط فمعلولها لا يتغير وكل هذه قشور قد حالت دونها حجب من الغيوب ففي الظاهر هذا الكلام لا يتوجه عليه ايراد واما في الحقيقة فكله مردود

قال سلمه الله تعالى : يا سيدي ان بعض المعاصرين قال بثلاثية اصول الدين وثلاثية اصول الدين مذهب الاشاعرة ورباعيتها مذهب المعتزلة وخماسيتها مذهب الامامية هل لهذا مذهب يعتمد عليه ام لا
اقول ان الاكثر من الشيعة على ان اصول الاسلام ثلثة التوحيد والنبوة والايمان بالبعث يعني ( بمعنى ان خ‌ل ) من اقر بالشهادتين وامن باليوم الاخر فقد حرم دمه وماله وكان داخلا في المسلمين والاخبار تدل عليه كثيرا من اراد ذلك فلينظر الكافي في باب الكفر والايمان وقال قوم منهم وهم الاقلون ان اصول الاسلام بعينها اصول الايمان وهي خمسة التوحيد والعدل والنبوة والامامة والمعاد الا ان اعتقاد ذلك هو الايمان والاسلام هو الاقرار بها فمن لم يقر بهذه الخمسة فهو كافر والذي يظهر لي من احاديث اهل العصمة عليهم السلم ان الحق في هذه المسئلة ما عليه الاكثر فمن اقر بظاهر التوحيد والنبوة والمعاد فهو مسلم ما لم ينتقض اسلامه باحد نواقض الاسلام كانكار الضروري بين المسلمين لا بين الفرقة المحقة ومنها القول بالغلو المعروف والنصب وهو يتحقق في مواضع : منها ان ينكر الولي الحق من بعد ما تبين له انه الحق ومنها تقديم غيره عليه بعد المعرفة ومنها انكار شيء من فضائله الظاهرة بعد العلم ومنها تفضيل من تقدم عليه بعد البيان ومنها بغضه او ( او بغض خ‌ل ) شيعته لاجله من بعد المعرفة وامثال ذلك قال الله تعالى ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين الاية وقال تعالى وما كان الله ليضل قوما بعد اذ هديهم حتى يبين لهم ما يتقون اما لو قال بقول الاشاعرة بانه سبحانه كذا في مسئلة ما يلزم منه الجبر والظلم فانه لا ينقض الاسلام لانهم في الظاهر لا يقولون بان الله يظلم العباد بل يقولون بما يلزم منه وهذا في الظاهر لا ينقض الاسلام وكذلك اذا لم يقل بالامامة لكنه لا ينكر بعد المعرفة فهذا في الظاهر لا ينقض الاسلام بل قد دلت الاخبار ( الاخبار ان خ‌ل ) من هؤلاء من يدخل الجنة من غير المستضعفين منها ما رواه القمي في تفسير قوله تعالى ذلكم بما كنتم تفرحون في الارض بغير الحق وبما كنتم تمرحون روي في الصحيح عن ضريس الكناسي عن ابي‌جعفر عليه السلم قال قلت له جعلت فداك ما حال الموحدين المقرين بنبوة رسول الله صلى الله عليه وآله من المسلمين المدينين الذين يموتون وليس لهم امام ولا يعرفون ولايتكم فقال اما هؤلاء فهم في حفرهم لا يخرجون منها فمن كان له عمل صالح ولم تظهر ( لم يظهر خ‌ل ) منه عداوة فانه يخد له خدا الى الجنة التي خلقها الله بالمغرب فيدخل عليه الروح في حفرته الى يوم القيمة حتى يلقى الله فيحاسبه بحسناته وسيئاته فاما الى الجنة واما الى النار فهؤلاء من الموقوفين لامر الله قال وكذلك يفعل بالمستضعف والبله والاطفال واولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم واما النصاب من اهل القبلة فانهم يخد لهم خدا الى النار التي خلقها الله بالمشرق ودخل عليهم منها اللهب والشرر والدخان وفورة الحميم الى يوم القيمة ثم بعد ذلك مصيرهم الى الجحيم وفي النار يسجرون ثم قيل لهم اين ما كنتم تشركون من دون الله اين امامكم الذي اتخذتموه دون الامام الذي جعله الله للناس اماما ه‍ فقوله ولا يعرفون ولايتكم نص فيما فصلناه ومثلها صحيحة زرارة عن ابي ‌جعفر عليه السلم الى ان قال اما لو ان رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدق بجميع ماله وحج جميع ( بجميع خ‌ل ) دهره ولم يعرف ولي الله فيواليه ويكون جميع اعماله بدلالته اليه ماكان له على الله حق في ثوابه ولاكان من اهل الايمان ثم قال اولئك المحسن منهم يدخله الله الجنة بفضل رحمته وقد يكون منهم المسلم الضال وفي رواية سنان ( سفيان خ‌ل ) بن السمط قال سأل رجل ابا عبد الله (ع) عن الاسلام والايمان ما الفرق بينهما ( بينهما فلم يجبه الى ان قال فالقني في البيت فلقيه وساله عن الايمان والاسلام ما الفرق بينهما خ‌ل ) فقال الاسلام هو الظاهر الذي عليه الناس شهادة الا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله واقام الصلوة وايتاء الزكوة وحج البيت وصيام شهر رمضان فهذه الاسلام وقال الايمان معرفة هذا الامر مع هذا فان اقر بها ولم يعرف هذا الامر كان مسلما وكان صالحا ( ضالا خ‌ل ) انتهى وروي في روضة الكافي عن زرارة عن ابي‌ جعفر عليه السلم الى ان قال وانما هلك الذين ركبوا ( ركبوا ما ركبوا خ‌ل ) فاما من لم يصنع شيئا ودخل فيما دخل فيه الناس على غير علم ولا عداوة لامير المؤمنين (ص) وان ( فان خ‌ل ) ذلك لا يكفره ولا يخرجه عن الاسلام ه‍ الى غير ذلك من الروايات الكثيرة والايات العزيزة وبالجملة فمن اقر بالثلاثة فهو في ظاهر المذهب مسلم ولم يكن مؤمنا الا بالخمسة فالانسب في عبارة السؤال ان يقال بثلاثية اصول الاسلام لا بثلاثية اصول الدين لان من قال بثلاثية اصول الدين فقد قال بالباطل وانما اراد اصول الاسلام لان اصول الدين عند الفرقة المحقة خمسة ولكن على ما فصلنا وهذا التفصيل لا ينافي مذهب الامامية في قولهم بخماسية اصول الدين فافهم

قال سلمه الله تعالى : يا سيدي لو ظلم مؤمن مؤمنا لان الظالم لا يعتقد ذلك ظلما لشبهة عرضت له وهو من اهل العدالة الظاهرة هل يباح للمظلوم استغابته على طريق التظلم ام لا وهل يباح له الدعاء عليه ام لا
اقول لا يجوز للمظلوم استغابته الا اذا طلب منه الترافع الى الشرع وهو لم يكن حاكم شرع فان امتنع تعصبا جازت غيبته لعله ان يرجع فان اصر جاز الدعاء عليه وقبل ذلك لا يجوز وعلى تقدير الجواز يدعو عليه ببلايا الدنيا خاصة مما يخصه ولا يشرك معه اهله او اقاربه او مماليكه

قال سلمه الله تعالى : ( قال بعض المعاصرين خ‌ل ) ان من لم يكن من نيته فعل الصلوة بعد الوضوء لا يجوز له الوضوء ولو فعله كان باطلا بل لو كان نيته فعل الصلوة ولم يفعلها بعده تبين بطلانه هل لهذا مأخذ ام لا
اقول قد دلت النصوص وكلام العلماء اهل الخصوص ان الوضوء محبوب عند الله سواء كان عن حدث ام لرفع كراهة ( كراهة ام خ‌ل ) للتجديد فانه نور على نور فاذا فعل ذلك تقربا الى الله كان طاهرا وارتفع حدثه والا انتفت فائدته من الحكيم وكان عبثا فاذا فعل ذلك كذلك فهل يكفي الصلوة ( للصلوة خ‌ل ) وان لم يزدها ( لم يردها خ‌ل ) لان المانع هو الحدث وقد ارتفع ام لا لانه لم ينو به فعل الصلوة وانما الاعمال بالنيات والاصح عندي الاول ومأخذ القائل عموم الحديث المذكور اما نحن فعندنا انه لا يتناول الا المحدث فلو اجريناه على ما اراد هذا القائل لكان ( لكان اذا خ‌ل ) احدث شخص ببول او غائط وتوضأ بنية رفع حدث الغائط خاصة ولم يعين شيئا منهما لم يرتفع حدثه لانه لم ينوه وانما له ما نوى لكنه يرتفع حدثه وليس في الاحاديث والايات شيء يدل على اعتبار غير القربة ولهذا كان اكثر العلماء على الاقتصار عليها في جميع الاعمال نعم الذي وقفت عليه من الاحاديث ( الاخبار خ‌ل ) ما يصلح مستندا لهذه الدعوى ولعله لم يقف عليه هذا القائل وهو ما في كتاب دعائم‌الاسلام عن جعفر بن محمد عليه السلم عن ابيه عن ابائه ( آبائه عن على خ‌ل ) عليهم السلم انه قال لا وضوء الا بنية فمن توضأ ولم ينو بوضوئه وضوء الصلوة لم يجز ان يصلي كما لو صلى اربع ركعات ولم ينو بها ( لم ينوها خ‌ل ) الظهر لم تجز عن الظهر انتهى وهذه الرواية صريحة في دعوى القائل لكن دعائم‌ الاسلام اختلف فيه فبعض العلماء قال هو للصدوق وبعضهم قال هو من كتب اصحابنا وليس للصدوق وعلى كل تقدير لم يتحقق بالقولين صحة نسبته الى مؤلفه فتكون رواياته التي لم يوجد ( لم توجد خ‌ل ) في غيره ضعيفة مع ان في الرواية في نفسها عدم استقامة فان مقتضى التشبيه والتنظير انه يلزم ان الشخص لو لبس ثيابه لا ليصلي فيها الظهر فصلي فيها الظهر كانت صلوته لم يقصد بسترها الصلوة وهو شرط فيها كما ان الوضوء شرط فيها ولا يكفي الا اذا كان المقصود منه الصلوة وهذا خلاف الاجماع فالتنظير في الرواية على ظاهر الحال يلزم ان كل ما لم يقصد به الصلوة كالوضوء والستر والمكان لا يجزي وهو خلاف المجمع عليه ومع تسليم الرواية ونسبتها وصحتها فكونها ( وكونها خ‌ل ) مؤيدة لتلك الدعوى فقوله هل لو كان نيته فعل الصلوة ولم يفعلها بعده بين ( تبين خ‌ل ) بطلانه ظاهر البطلان لاجماع العلماء على صحة هذه الوضوء وصحة الصلوة به ولو بعد يوم وليلة ما لم ينقض باحد النواقض ( والله اعلم بالصواب واليه المرجع والمآب وكتب العبد المسكين احمد بن زين‌ الدين في العاشر من جميدي‌ الثانية سنة خمس ومأتين والف وصلى الله على محمد وآله الطاهرين خ‌ل )

المصادر
المحتوى