
حسب جوامع الكلم – المجلد التاسع
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية
وبعد فيقول العبد المسكين ( الشيخ خل ) احمد بن زين الدين انه قد ورد عليّ من الجناب المسدد الشيخ محمد بن الشيخ عبد عليّ القطيفي كتاب فيه مسائل استنجز جوابها وكشف حجابها فوافق ذلك توزع بال وكثرة اشتغال وقيل وقال فكتبت ما حضر لساعة ورود الخط عجالة ساعة وبدار طاعة وفيه :
قال سلمه الله : وما تأويل السبعة الابحر
اقول قال الكاظم عليه السلم لما سأله يحيى بن اكثم عن ذلك قال هي عين اليمين وعين الكبريت وعين ابرهوت وعين الطبرية وجمة ماسيدان وجمة ناجروان وفي نسخة بلعوران وعين افريقية الحديث وذلك نسبة الوجود مع انه في نفسه واحد انقسم باعتبار قربه من المفيض وبعده وباعتبار قابلياته على اقسام سبعة اشارة الى كماله في انقسامه الى العدد الكامل وهذه الخمسة العيون والجمتان مختلفات فطيب ( فطيب ابيض خل ) بارد كعين اليمين وخبيث منتن اسود حار كعين ابرهوت ومختلط بين الحار والبارد فاذا اخذ كان الجميع باردا كعين الطبرية وبين الجاري كالعيون والراكد كالجمتين وفي المركبات الجسمية كعين الكبريت وغيرها وكل ذلك اشارة الى اقسام الوجود وانقسامه يعني ان الوجود المقيد ثقيلة وخفيفة وكثيفة ولطيفة لو كان مدادا للكلمات وحصر فضائلها لنفدت قبل ان تنفد الكلمات عليهم السلم و كيف لا وانما تحد انفسها وتشير الى نظائرها فكل قسم انما يحصر ما فيه ويبقى ما في الوجود المطلق الذي جميع الوجود المقيد فيه كلمعة من ذلك البرق ه
واما قولكم : ما الجمع بين ان لهم عليهم السلم ملكا يسددهم وبين انهم يزادون ( ان انهم يزدادون خل ) في كل جمعة
اعلم ان هذا الملك روح القدس وهو العقل الاول وهو عقلهم عليهم السلم ولا ريب ان كل شخص انما يسدده عقله وانما يكون مع الامام الناطق دون الصامت الا انه مع الصامت بالوساطة والمقابلة فيظهر في الناطق كالصورة في المرءاة وفي الصامت كالمرءاة مع صورتها ( مع الصورة لها خل ) في مرءاة اخرى فافهم وحيث كان الفيض دائم المدد لان المفاض عليه في حقيقته ان وجوده وشيئيته بالفيض وتحققها به وقيامها به قيام صدور لا قيام عروض فهو ابدا كاول حركة البروز فلذا قالوا كانوا يزادون في كل ليلة جمعة ويراد بليلة الجمعة الليلة المباركة يعني ظلمة الكثرة في نفس ( نقش خل ) الكل المعبر عنها باللوح المحفوظ وبالصور ( بالصورة خل ) والزيادة دوام المدد كما قلنا هذا معنى مراد والثاني الزيادة في علمهم عليهم السلم كالزيادة للنخلة في ثمرها كل سنة فانها لا يزاد ( لا تزاد خل ) الا بما في قوتها كذلك لا يزادون الا بما في قوتهم الى فعلهم عليهم السلم وان كان في علمهم كله بالفعل لكنه في نفس الامر بالقوة ( كله بالقوة لكن في بعض بالحقيقة خل ) واما في نفس الامر بالنسبة الى المعلوم فان من شروط قابلية المعلوم للعلم الوقت والمحل وسائر الاسباب واذا تمت الاسباب كان من المحتوم والا جرى فيه البداء فافهم
واما مسئلة الابرام والقضاء والامر في الليالي الثلث ليلة تسع عشر واحدى وعشرين وثلث وعشرين ( تسع عشرة واحدى عشرة وثلثة عشرة خل ) من شهر رمضان
فاعلم ان المعلوم ليس بشيء قبل المشية وبها يكون شيئا وفيه البداء قبل ان يراد وفي الارادة يكون عينه وفيه البداء حتّى يقدر وفي التقدير وضع الحدود من التشكلات المعنوية من بقاء وفناء واجل وغيرها وفيه البداء حتّى يقضي وفي القضاء تمامه في نفسه وفيه البداء حتّى يمضي بشرح علله ووضع حدوده واسبابه الدالة عليه وبه فلا بداء ( فلا بد خل ) حينئذ فيقدر ( فيقضي خل ) في ليلة تسع عشرة ويقضي ( يمضي خل ) في ليلة احدى وعشرين ويبرم في ليلة ثلاث وعشرين ويؤمر الامام عليه السلم بذلك فيما تنزل عليه به الملائكة والروح في ليلة القدر
واما ما سألت عنه من امر الائمة عليهم السلم وانهم يثبت لهم ما يثبت للنبي صلى الله عليه وآله
فاعلم ان كلما يثبت ( تثبت خل ) للنبي صلى الله عليه وآله ثبت لهم الا اشياء استثنيت خاصة بالحرف الذي فضلهم به ومما شاركوه ( شاركوه فيه خل ) انهم يرون من امامهم ومن خلفهم سواء مثله وقد دلت الروايات على ذلك صريحا وتعريضا وتعميما وهي مذكورة في محالها فاطلبها لا يسعني ( اذ لا يسعني خل ) الان نسخها ومن الادلة غير ذلك وهي ( هو خل ) مما تريد انه ورد عنهم عليهم السلم ان الله خلق ابدانهم من عليين وخلق ارواحهم من فوق ذلك وخلق قلوب شيعتهم من فاضل طينتهم الحديث فاذا كان قلبك الذي لا فرق عنده ( عنك خل ) بين نظره وراء ولا امام ولا فوق ولا تحت ولا قرب له ولا بعد هو ( وهو خل ) من فاضل اجسادهم كالنور من المنير فانظر يكفيك فيما تطلب واما غيرهم من الانبياء والاوصياء فليسوا كذلك بل اذا شاؤا ودعوا بالاسم الذي هو عندهم رأوا والا فلا
واما توثيق العلماء لبعض الرجال وتصحيحهم لبعض الروايات
فهذا شأن من لم ير في الطريق يضع له عصي ليهتدي بها في الطريق والبصير لايحتاج الى ذلك بل يعرف كلامهم عليهم السلم ويعرف مرادهم لانه يتكلم على لسانهم ويخاطبونه بلسانه ويعرف هداهم ولكن ليس كل من ادعاه صادقا ( صادق خل ) والا فكما قال الشاعر :
وكل يدعي وصلا بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا
وعلامة من اقرت له ليلى بالوصل انك لا تراها تخالفه في كلمة فاذا رأيت من يدعي ذلك يستدل على مسئلة مثلا بالف حديث ووجد حديث يخالفه مما يعتبر لا يمكن توجيهه له فدعواه غير صادقة لان كلامهم (ع) ليس فيه اختلاف وانما الاختلاف فيمن اختلف من قوله تعالى ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك الا ترى كيف استثنى الشيعة من الاختلاف حيث رحمهم وخلقهم للرحمة كما في رواية ابي بصير عن الصادق عليه السلم
وقولك : ان حصل لي ترجيح رواية فقهية من هذه الطريق ( الطريقة خل ) هل يجوز لي ام لا وكذا في اصل المسئلة
اقول ان كان ما عندك من الترجيح الباطني قاطعا لحجة المعترض ان فهم يعني انه وجداني اما بدليل الحكمة او ( وخل ) بدليل الموعظة الحسنة فيجوز لك الترجيح للرواية بل يجوز التأسيس لاصل المسئلة لان هذا نص عن الكتاب والسنة وعلامته ان لا تجد ( لايوجد خل ) ما يخالف ذلك في الكتاب والسنة ولو وجد فانما تكون مخالفته اما من باب عموم او خصوص او اطلاق او تقييد او غير ذلك وعرفت وجه المخالفة ووضعته موضعه الذي لا يخالف له ايضا ويكون لذلك الدليل الباطني مستند من الكتاب والسنة وثيق من ظاهر او باطن او باطن باطن او ظاهر ظاهر او تأويل او باطن تأويل فيكون ( ويكون خل ) كالاصل المقرر ( المقدر خل ) المقطوع به وذلك الترجيح جزئي من ذلك الكلي والا فلا يجوز بحال
واما قولك : ما وجه كون اهل العصمة عليهم السلم اربعة عشر
فاعلم ان السبعة اكمل الاعداد لاشتمالها على اول فرد وهو ثلاثة واول زوج بعده فالسبعة عند اهل الحساب عدد كامل فاذا نسب الى الغيب والشهادة في الحقائق كان ( الحقائق كاربعة عشر والى العلويات والسفليات اربعة عشر والى الركعة الاولى والثانية في الفاتحة كانت اربع عشرة اية والحروف النورانية المصدر بها اوائل السور اربعة عشر حرفا وعكسها الحروف الظلمانية خل ) اربعة عشر حرفا وغيرها من الاشياء التي جرى فيها هذا العدد لكماله والسر في ذلك ان العالم باسره لما كان في كتم العدم محتاجا اليه سبحانه في ايجاده وليس عليه تعالى ان يوجده الا كرما وجودا فلما وصف نفسه بالجود ( بالجواد خل ) وهبهم ما سألوه وكان الخلق كلهم شيئا واحدا كما ان فعله واحد كما انه تعالى واحد وكان عدد اسمه جواد اربعة عشر وعدد اسمه وهاب اربعة عشر وخلقهم بيده ويد عدده اربعة عشر وكان اهل البيت عليهم السلم يدا له يعني نعمة وقدرة كان عددهم اربعة عشر الا ترى الى منازل القمر ان ظهرت اربعة عشر وان هبطت اربعة عشر
وقولكم : هل الجهل المقابل للعقل هو الجهل البسيط او المركب الخ
فاعلم ان الجهل المقابل للعقل هو الجهل المركب البسيط ( لا البسيط خل ) لان البسيط لم يعط وهذا الخبيث اعطى فلم يقبل قيل له ادبر فادبر ثم قيل له اقبل فادبر
واما قولك : وان كان المركب فلم يسبقه مرتبة الا مرتبة من سبق الكل
تريد بذلك ( بذلك انه خل ) من اين جائه التركيب فاعلم ان هذا الكلام كلام من لم يحضر ما هنالك ان هذا الجهل انما وجد ( يوجد خل ) بوجود ضده العام وجودا عرضية ( عرضيا خل ) وهو عقل الكل وقبل عقل الكل عالم الامر وهو الوجود المطلق وعالم فاحببت ان اعرف وهو على اربعة احوال وهي المشار اليها في اخر شرح الابيات لابن فارس وهي النقطة يعني الرحمة والنفس الرحماني بفتح الفاء والسحاب المزجي والسحاب المتراكم يعني الكاف المستديرة على نفسها واما العقل فانه وان كان بسيطا في نفسه وعند من دونه ولكنه عند من فوقه مركب من النار ( النار والدهن خل ) وان شئت قلت من الوجود المطلق والماهية وان شئت قلت من اللفظ والمعني وان شئت من السحاب والارض الميتة الى غير ذلك وهذا الجهل ظله وضده حرفا بحرف على معنى طمس عن كل ذي شفتين فالجهل مركب من مقتضي وجوده ومهيته ( وجوده العرضي ومقتضى ماهية خل ) الذاتية له فهو ظلمة بعضها فوق بعض والتقابل تقابل التضاد ( تضاد خل ) ومعاندة بعد تحقق الجهل
واما تفسير هذه الابيات الاعجمية العربية فقوله :
سرح الذكر ظلاما تظهر الاشيا كما هي
يعني بالذكر اصل المشية لك وهو النور الذي خلقت منه كما قال عليه السلم اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله وقوله ظلاما يعني سرح نظر فؤادك الذي هو محل معرفتك في الكثرة التي هي الظلام والليل تظهر الاشياء كما هي يعني لا كثرة فيها كما قال الشاعر :
كل شيء فيه معنى كل شيء فتفطن واصرف الذهن الي
كثرة لا تتناهى عددا قد طوتها وحدة الواحد طي
قوله :
ليس في الكون وجود معرب الا لما هي
يعني ليس في الكون وجود حقيقي احترازا عن الوجودات العرضية فانها ليست لما هي له واما الوجود الحقيقي فهو لما هو له وجد مثل قولهم فيما خلقت لاجله وكقوله تعالى بل اتيناهم بذكرهم
وقوله :
هر وجود ( هر كمال خل ) در چه چيزيقد بدا الا فنا هي
يعني كل كمال فيم هو قد بدا الا فنا تلك الاشياء فكل كمال غير كمال الحق وهم وخيال
وقوله :
ليس معشوق كلي ليقرت الاشياء كما هي
يعني ليس معشوق على الحقيقة بكمال ( لجمال خل ) حقي الا هو تعالى قد قرت بذلك الاشياء واقرت كلها له تعالى كما هي كذلك
وقوله :
هي قد حازت وفاق تغير اني والتناهي
ومعناه انها قد حازت حظها منه وفازت بمطلوبها منه وفاقت سواها به غير انها مقرونة بالحدوث
وقوله :
فاطو قرطاس البرايا عن وجود لا يباهى
يعني بالقرطاس الرق الذي قام به الكتابة والمراد به وجود البرايا اي اطو وجودهم وكونهم في الاعيان او المعاني عن وجود ما له اصل يباهي غيره
وقوله :
ليس بعد البحر مد غير فيض لا تناهى
يعني ليس بعد الوجوب حق حقي ( خفي خل ) غير فيض منه لا تناهي فيه يعني دائما
قوله ( وقوله خل ) :
ليس بعد الهفت نار غير نور لا يباهى
يعني ليس بعد السبع النيران نار اي ليس بعد نار الوجوب نار ومظهر ذلك ليس بعد النيران السبع نار ولو كان بعد الوجوب وجوب لكانت النيران اربع عشرة غير نور من تلك النار الموقدة من الشجرة المباركة وهو لا يباهيها
وقوله :
لا تعده شوم كلا فحبيبي في سماه ( سماهي خل )
بل اجعل ذلك المحو هو الاثبات وذلك الفنا هو البقاء فحبيبي ( فحبيبه خل ) في سمائه يعني انه باق غير مفقود والاشياء بالوجود ( بالموجودة خل ) موجودة
قوله :
بعد هذا النوم فيضا برز الاشيا كما هي
يعني يحصل لك بعد ان تلقي نفسك كالنائم اذا القى جسده وسرحت روحه ( ابرز روحه خل ) وعاينت الملكوت ثم قال ابرز الاشياء كما هي يعني اعرف الاشياء على ما هي عليه او ان ذلك الفيض اظهر الاشياء على ما هي عليه لا بالقدم بل بالعدم
قوله :
هذه عشر خصال ( كمال خل ) ما بقي شيئا ( شيء خل ) يضاهى
والمراد بعشر الكاملة هي المعاني المذكورة في هذه الابيات العشرة المشتملة على جميع احوال السالكين من البدايات الى النهايات
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
تم في اليوم ( باليوم خل ) السابع من شهر شوال سنة ١٢٠٨ ثمان ومأتين والف والحمد لله رب العالمين