
حسب جوامع الكلم – المجلد الثاني
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية
وبعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي قد وردت على مسائل من الانور الالمعي والفهامة الاورعي ( اللوذعي خل ) الشاب الرضي الشيخ محمد مسعود بن الشيخ محمد بن الشيخ ابيالسعود اسعد الله طالعه في مجاري صنع نفسه وزوده التقوى في يومه وغده وامسه وهي حرية بالتوجه لها بالكل ليتضح منها البعض وهي لا شك شارحة لمعالي ( لعالي خ ) مقامه في مطاوي كلامه فاحببت ان اذكرها بصورتها واجعل الجواب لها كالشرح للمتن ليكون ذلك منبها لاولى اليقظة والارشاد وذخرا نافعا للمعاد والله سبحانه ولي الهداية والسداد ولقد ( قد خل ) سلكت في ذلك طريق الاختصار والاقتصار اعتمادا على فهمه وحقيق علمه فاقول :
قال ( قال سلمه الله خل ) : فالمأمول من الجناب الشريف ان تكتب لمحبك صريح الحال وما هو الحق من الاقوال في مسئلة علمه تعالى المتبوع لوجود الاشياء وعلمه لها مع الايجاد او بعد الايجاد
اقول وبالله المستعان ان هذه المسئلة من المسائل التي جهلها الكل فالعالم فيها في الحقيقة جاهل بها كالجاهل لها ( بها خ ) واعلم ان لي كلاما اوردته في رسالتي لوامع الوسائل في اجوبة جوامع المسائل للشيخ عبد العليّ ( عبد عليّ خل ) ابن الشيخ عليّ التوبلي في المسئلة الخامسة في قوله ايده الله في قول النبي صلى الله عليه وآله اللهم زدني فيك تحيرا فكان ذلك الكلام في تحقيق هذه المسئلة لا يوجد نظيره في كتاب بل كل قول دونه سقط وكل معنى سواه غلط ولقد جاوزت فيه ممتد الدهر وسبحت في استخراجه برهة من السرمد فاحببت ان انقله في هذه العجالة ليسبق اليه من جرت نطفته في المطر الاول واوصيك قبل ان تسمع ان لا تقتصر على الفاظه او على معانيه فتفوتك مقاصده ومباديه وهو :
اعلم ان الله سبحانه علم المعلومات بعلمه الذي هو ذاته اذ لا شيء بما يمكن في ذواتها وما يمتنع في رتبة الامكان وهو اذ ذاك عالم اذ لا معلوم وعلمه بها هو لكينونة ( كينونة خل ) الذات على ما هي عليه بما له لذاته بلا اختلاف ولا تكثر وهو الربوبية اذ لا مربوب فاقتضت ذواتها بما هي مذكورة به في كل رتبة من مراتب الوجوب والجواز من الازل الى الحدث الى الابد الذي هو ذلك الازل بما ( ما خل ) يمكن لها ويمتنع في الامكان في كل رتبة بحسبها من صفة الكينونة ( الكينونية خل ) التي هي ربوبية تلك الاقتضاءات وتلك الصفة هي نور الكينونية ( الكينونة خل ) وظلها وتلك الاقتضاءات هي سؤال المعلومات ما لها من تلك الصفة فحكم لها ثانيا حين سألها بسؤالها بما سألته ( سألت خل ) في كل رتبة بما لها فيها وهذا الحكم هو تلك الصفة التي هي ظل الكينونة وهو الربوبية اذ مربوب وبها قام كل مربوب في كل رتبة بحسبها وتلك المعلومات بكل اعتبار لا شيء الا انها لا شيء في الازل بمعنى الامتناع الا بما هي شيء في الحدوث بمعنى الامكان في الامكان واما في الامكان فهي شيء بما شاء كما شاء يعني انها شيء بذلك الحكم وهو ظل الكينونة فاعطاها بحكمه ومشيته ما سألته من الوجود وامكن فيها ما اقتضته من الامكان وان لم تقتضه في الوجود فما لم تقتض ( لم يقتض خل ) وجوده في الوجود تقتضي ( يقتضي خ ) وجوده في الامكان وهاتان الرتبتان اقتضاء ما ( بما خ ) يمكن لها من تلك الصفة المذكورة لانه اذا شاء اقتضت ما في الوجود في الامكان وما في الامكان في الوجود لان ذلك هو ما لها من تلك الصفة التي هي المشية التي بها الاقتضاء وذلك حكم الاختيار الربوبي فلم تقتض الا ما شاء لان مشيته هي الربوبية اذ مربوب وهي صفة الربوبية اذ لا مربوب كما مر ولم يشأ الا ما اقتضته من مشيته وتلازمهما في التحقق ( التحقق الظهوري خل ) وتقدم المشية على الاقتضاء ذاتا كمثل تلازم الفعل والانفعال في التحقق الظهوري كالكسر والانكسار وتقدم الكسر على الانكسار ذاتا وان تساوقا في التحقق الظهوري وتلك الربوبية اذ لا مربوب التي هي الكينونة كما مر هي علمه بمخلوقاته قال تعالى اشارة الى الرتبتين ولا يحيطون بشيء ( بشيء من علمه الا بما شاء فما شاء من علمه يحيطون بشيء منه كما شاء فافهم وهذا العلم الذي لا يحيطون بشيء منه خل ) اي الكينونة هو من علمه بذاته الذي ( التي خل ) هو ذاته كيدك منك كما في رواية حمران بن اعين عن ابي جعفر عليه السلام وكما في رواية هشام بن الحكم عن ابي عبد الله عليه السلام وله المثل الاعلى في السموات والارض وهو العزيز الحكيم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين انتهى كلامنا فتفهمه راشدا موفقا وقوله ( قوله سلمه الله خل ) مع الايجاد او بعد الايجاد فاعلم ان الله سبحانه قال في كتابه الا هو معهم اينما كانوا وهذه المعية معية حقية لا حقيقية ولا سرمدية ( سرمدية ولا عدمها خل ) ولا دهرية ولا عدمها ولا زمانية ولا عدمها والعلم التابع نفس المعلوم ظاهره لظاهره وباطنه لباطنه فعلمه قبل الخلق وبعد الخلق ومع الخلق ( الخلق وبعد الخلق خل ) ولم يسبق له حال حالا فيكون اولا قبل ان يكون آخرا ويكون باطنا قبل ان يكون ظاهرا ولم يحوه شيء من خلقه ولا يخلو منه شيء ولا يخالفه شيء ولا يطابقه شيء ولا يضاده شيء ولا يناده شيء هو كما هو لا اله الا هو العزيز الحكيم نعم العلم التابع الذي هو نفس المعلوم هو حقيقة ( حقيقة وقوع خل ) العلم على المعلوم حين وجود المعلوم ( المعلوم لا بعد وجوده خل ) والا لكان مستفادا منه مفتقرا اليه بل التابع انما هو مفتقر الى العلم الازلي ذي الوقوع اي الظهور بالمعلوم الذي هو العلم التابع فافهم
قال ( قال سلمه الله خل ) : وايضا في معنى قوله صلى الله عليه وآله انا والساعة كهاتين واشار بالسبابة والوسطى
اقول قوله صلى الله عليه وآله كنت انا والساعة كهاتين على مقصوده من المعنى والتأويل المراد منه انه صلى الله عليه وآله لما كان هو حقيقة الوجود ووجه الحق المعبود والعقل الاول الذي تنبعث عنه العقول والسراج الوهاج الذي ليس له افول كان ظهوره مقرونا بالساعة واليه الاشارة بقوله تعالى اقتربت الساعة وانشق القمر اما ظاهرا فلأن دينه آخر الاديان الذي ليس بعده الا قيام الساعة ولانه صلى الله عليه وآله من اشراطها فلذا قال تعالى فقد جاء اشراطها ولانه صلى الله عليه وآله ختم النبوة ظهوره وهو نذير بين يدي عذاب شديد وقال صلى الله عليه وآله انا النذير العريان يشير الى المثل المشهور عند العرب والى انه عاين ما توعدون وجاء بما عليه تقدمون الى غير ذلك واما تأويلا فلان بعثته صلى الله عليه وآله ودينه ومكارم الاخلاق ومحاسن الافعال التي جاء بها ليست في الحقيقة من احوال الدنيا في شيء وانما هي من اخلاق الروحانية ( الروحانيين خل ) فالقيام بها والتخلق باخلاقها يميت النفس ويكسر الشهوات ويقوي القوى الروحانية ولا ريب ان من مات فقد قامت قيامته فيجد ما عمل حاضرا ويرى الجبال تمر مر السحاب ويشاهد النشر والحساب واما باطنا فلانه العقل الذي قال تعالى ( تعالى له خل ) اقبل فاقبل الخ لانه ظهر بتمامه فيه كما قال سبحانه ولا اكملتك الا فيمن احب وولادته صلى الله عليه وآله هي وجود العقل ونبوته بلوغه قاب قوسين او ادنى عند ما قيل له اقبل فاقبل وهي التي ينطبق عليها
قوله ( قوله سلمه الله في اكثر النسخ ) : مع ان الساعة لا تظهر الا بمحو الموهوم وصحو المعلوم وظهور العلة وفناء المعلول
ثم اعلم انه لا يتجه توجيه محو الموهوم الا على الجسد وما يتعلق به من التركيبات والامزجة والجبلات الجسمانية وعلى محو النفس وشئونها وما يعرشون منهما ( منها خل ) من المقتضيات واللوازم والاضافات لا غير ذلك وصحو المعلوم انما يتجه هنا حمله على ظهور سلطان العقل باستيلاء تحققات الوجود الثابتة ودواعيه القارة الباتة ( الثابتة خل ) كالعقل فانه اذا كان كذلك قامت قيامة المرء باستيلاء سلطان العقل فيصح انه بعث اعني العقل والساعة اعني قيام قيامة ذي العقل كهاتين والعقل هو الرسول قال تعالى وماكنا معذبين حتى نبعث رسولا يعني عقلا كما روي عنهم عليهم السلام ولا يصح حمل محو الموهوم وصحو المعلوم في هذا المقام من كلامه اعلي الله مقامه على المعنى المراد من كلام امير المؤمنين عليه السلام ( السلام لكميل خل ) لانه على ذلك المعنى يكون ( يكون معنى محو الموهوم خ ) محو الامكان بجميع مراتبه من الوجود والماهية الى الثرى ومعنى صحو المعلوم ظهور الحق بصفة من صفاته القدسية وكذلك الكلام في قوله ظهور العلة وفناء المعلول
قال ( قال ايده الله تعالى خل ) : وان اردت بفناء المعلول الفناء الحاصل له في كل آن الذي اشار اليه تعالى في قوله بل هم في لبس من خلق جديد فذلك حاصل بجميع ( لجميع خ ) قطان عرصة الامكان من اول الدهر الى آخر الدهر وثبوت الاولوية وان لم يكن للدهر اول معدود ولا آخر محدود ( محدود لعدم خل ) التعاقب والتجدد والانقضاء ولكن على سبيل الحقيقة والفرض فليس هذا الفناء مختصا بظهوره صلى الله عليه وآله
اقول قد بينا انا لا نريد بالفناء الا فناء دواعي الجسم والنفس الحيوانية وما يعرشون وهو المشار اليه بقوله تعالى ( تعالى واوحى ربك الى النحل خ ) ان اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون فالجبال الاجساد والشجر النفوس وتطوراتها واغصانها ( وتطوراتها اغصانها خ ) والخطرات اوراقها ومما يعرشون ما انعطف منها على ما له من الجسد بحكم المشاكلة والمماثلة وليس هذا الفناء حاصلا في كل حال بل حال استيلاء سلطان العقل كما قلنا آنفا وباقي كلامه ( كلامه اطال الله عمره خ ) ظاهر الا انا نحب ان ننبه ( ننبه على خل ) بعض الفاظه فنقول اما قوله في الاستشهاد بالآية الى قوله من اول الدهر الى آخره فظاهر محكم واما قوله فثبوت ( وثبوت خ ) الاولوية فاعلم ان ثبوت الاولوية انما هو بملاحظة استناد الممكن الى الغير والا فانه في رتبته ليس له اولية في مقامه بمعنى انه منذ وجد مافقد نفسه وعلى هذا الكلام المحقق المقطوع به من القواعد المقررة بالحكمة اللدنية ان كل ما كان له اول فله آخر وكل ما سبقه العدم يلحقه العدم و هاتان الضابطتان لا مرية فيهما وقد اجمع المسلمون على ان الجنة واهلها ابدا باقون بلا فناء ولا يلحقهم العدم ولا تبطل لذات الجنة ونعيمها ولا تفنى فوجب ان لا اول لها والا لكان لها آخر والا لبطل حكم القاعدة وبطلت وقد دل الدليل القاطع البات الذي لا شك فيه على صحة الضابطة المشار اليها فوجب ثبوت حكمها في ( في اول خل ) الجنة واهلها للنقل والعقل والاجماع الضروري على عدم انقطاع آخرها نعم لها اول هو خالقها ومحدثها وهو قبل كل شيء بلا خلاف ولها آخر هو خالقها ووارثها وهو بعد كل شيء بلا خلاف ولا يلزم من قولنا انه ( انها خل ) لا نهاية لها الا يكون ورائها شيء اذ ما لا يتناهى لا يصح ان يكون بعده شيء لانه سبحانه وراء ما لا يتناهى بما لا يتناهى هذه مراتب الاعداد لا تتناهى ولا يقول احد من المسلمين انه سبحانه لا يحيط بها وغير ذلك فان معلولاته ( معلوماته خل ) لا تتناهى واحاط بها وخزائنه لا تتناهى واحاط بها وكرمه لا يتناهى واحاط به وذاته لا تتناهى وعلمها قال الشاعر :
واحطت خبرا جملة ومفصلا بجميع ذاتك يا جميع صفاته
ام جل قدرك ان يحاط بكنهه فاحطته الايحاط بذاته
حاشاك من غاي وحاشى ان تكنبك جاهلا ويلاه من حيراته
وايضا قوله وان لم يكن للدهر الخ نعم للدهر اول معدود بحاجته ( لحاجته خل ) في بقائه الى المدد فيما يزال ( لا يزال خل ) ولاستناده الى الموجد انفعاله ( الفعال خل ) وله آخر محدود لانه سبحانه يرثه وكل شيء له مبتدأ فله منتهى ومنتهاه مبتداه وقوله لعدم التعاقب ليس هو الامر الواقع بل التعاقب يتحقق ( متحقق خ ) فيه سواء جردناه عن ساكنيه او لا لانه ظرف عالم الجبروت وعالم الملكوت وهما العقول جبروت والنفوس ملكوت والارواح في حال جبروت قال صلى الله عليه وآله اول ما خلق الله روحي والمراد به العقل او ما في حكمه من الروح وفي حال ملكوت قال صلى الله عليه وآله اول ما خلق الله العقل ويكون ( فيكون خ ) الروح ثانيا وكذلك قول عليّ بن الحسين عليهما السلام في دعائه لحملة العرش قال عليه السلام والروح الذي هو على ملائكة الحجب والروح الذي هو من امرك فالاول هو الروح والثاني هو العقل لانه عليه السلام في مقام ترق فقدم الروح في الذكر والتعاقب في ساكنيه ان الجبروت قبل الملكوت ( الملكوت بل خل ) في افراد كل منهما تعاقب في الوجود وفي الشهود ومراتبه التي هي اشهر الدهر وايامه وكذلك امكنتها التي هي الاذرع والاشبار لذلك المسيار ( الاسبار خ ) فالتعاقب في الدهر في ساعاته واشهره وسنيه وفي ساكنيه كما قلنا وكذلك التجدد فيه متحقق والانقضاء ( الاقتضاء خل ) ايضا وقوله تعالى بل هم في لبس من خلق جديد جار في مراتب جميع الوجود فلاحظ وقوله ليس هذا الفناء مختصا بظهوره صلى الله عليه وآله قد مر الجواب بان المراد بالفناء فناء الاجسام والنفوس وما بينهما خاصة وبقاء العقول والوجود في هذا المقام لا في مقام قول عليّ عليه السلام لكميل كما مر
قال ( قال سلمه الله خل ) : وايضا في الحديث خمرت طينة آدم عليه السلام اربعين يوما فالتخمير عبارة عن الاستعداد وجعل بعضهم الايام عبارة عن التطورات الوجودية وما عرفت ان الوجود اربعون مرتبة فالمأمول من جنابك ان تكتب لي ما المراد من ذلك وما هذه المراتب
اقول اعلم ان الادوار اربعة لان الله سبحانه خلق الحرارة من الحركة الكونية التي هي اثر قدرة الله تعالى وعلة العلل في الاشياء المتحركة ثم خلق البرودة من السكون الكوني الذي هو اثر قدرة الله تعالى وعلة العلل في الاشياء الساكنة فهذان اول زوجين في تكون الملك قال تعالى ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ثم تحرك الحار على البارد بسر ما اودع الله فيه من الحركات المذكورة وهو تحريكه لها بها فمزجها ( فمزجهما خ ) فامتزجها ( فامتزجا خل ) فتولد عن الحرارة اليبوسة وعن البرودة الرطوبة فصارت اربع طبائع مختلفات مفردات في الاعلى جسم روحاني ( في جسم واحد ظ روحاني خ ) وهو اول مزاج بسيط ثم صعدت الحرارة مع الرطوبة فخلق الله منها طبيعة الحيوة والافلاك العلويات وهبطت البرودة مع اليبوسة الى اسفل فخلق الله منها طبيعة الموت والافلاك السفليات فافتقرت ( فافقرت خل ) هذه السفليات ( السفليات وافتقرت خل ) الى ارواحها واشتاقت الى حياتها واشتهت يعني مالت العلويات وانعطفت الى ( على خل ) ازواجها من السفليات فان الحرارة ذكر وزوجه البرودة والرطوبة ذكر وزوجه اليبوسة فادار ( فاراد خل ) الله سبحانه الفلك حين سألته ( سأله خل ) بالاجابة دورة ثانية فامتزجت الحرارة بالبرودة فتناكحا والرطوبة باليبوسة فتناكحا فتولدت العناصر الاربعة وهذا مزاج مركب في الازدواج ( الازواج خل ) مرتين وركب بالبرزخية ( للبرزخية خل ) المعدن ثم ادار ( اراد خل ) الله سبحانه الفلك الاعلى على القوابل السائلة من اسفل بالاجابة دورة ثالثة لجليل الحاجة كرما وجودا فتولدت النبات وتولدت الحيوان ( فتولد النبات وتولد الحيوان خ ) البهيم للبرزخية ثم ادار ( اراد خل ) الله سبحانه الفلك الاعلى بالاجابة في هذه الادوار الثلثة لعظيم حاجتها بجزيل عطائه على هذه الواقفة بباب السؤال من اسفل دورة رابعة فتولد الانسان الناطق وهو ثمرتها ومالكها ولاجله خلق ما خلق فتحققت الادوار الاربعة وتمامها بالدور الرابع فاذا عرفت ذلك فاعلم ان الظاهر طبق الباطن والغيب طبق الشهادة واذا جهلت حكم احدهما فاطلبه في الآخر واعلم ان الانسان الذي هو نسخة اللوح المحفوظ وانموذج العالم الاكبر خلق من عشر قبضات من العالم الاكبر : الاولى من العرش فخلق منها قلبه والثانية من الكرسي فخلق منها صدره الذي يعبر عنه في العالم الاكبر ( الكبير خل ) باللوح المحفوظ واسكن العرش في الكرسي قال تعالى فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور والثالثة من فلك زحل وخلق منها عقله والرابعة من فلك المشتري وخلق منها علمه والخامسة من فلك المريخ وخلق منها وهمه والسادسة من فلك الشمس وخلق منها وجوده الثاني والسابعة من فلك الزهرة وخلق منها خياله والثامنة من فلك العطارد ( عطارد خ ) وخلق منها فكره والتاسعة من فلك القمر وخلق منها حياته والعاشرة من الارض ( الارض الدنيا خل ) وخلق منها جسده وكل قبضة من هذه القبضات العشر ادارها اربع مرات كما وصفت لك فهذه اربعون وهي مراتب الوجود قال الله تعالى واذ واعدنا موسى اربعين ليلة ورابع كل قبضة من هذه العشر هو تمامها فصارت العشر كل واحدة في ثلث وتمم ( تتم خل ) في الرابعة كما بينا قال تعالى وواعدنا موسى ثلثين ليلة واتممناها بعشر فتم ميقات ربه اربعين ليلة يعني تم الميقات بالعشر والليالي العشر في الظاهر هي عشر ذيالحجة وفي الباطن هي المذكورة في سورة الفجر لحسين بن عليّ عليه السلام والتسعة من ذرية الحسين عليهم السلام وشرح هذا الكلام في هذا المقام مما يطول فالتخمير عبارة عن التكوير والتدوير واما الاستعداد فهو بالتخمير استعداد للتخمير لا بنفسه ومن قال بأن الاربعين اليوم عبارة عن التطورات الوجودية فكلامه متجه ولكن على نحو ما اشرت اليه فافهم
قال ( قال سلمه الله خل ) : وايضا ان النفس بعد خروجها من هذا البدن وما كان منها صافيا زكيا وحصل لها الاتصال بابيها وامها هل تتحد ( يتحد خل ) به بحيث يستهلك وجودها ولا يكون لها شعور او لا تتحد او تتحد مع بقاء الاثنينية وشعورها بذاتها
اقول اعلم ان النفس لها مراتب اربع مختلفة في الحقيقة وان اتفقت في الاسم نفس نامية نباتية ونفس حيوانية حسية ونفس ناطقة قدسية ونفس ملكوتية الهية كما روي عن عليّ عليه السلام فاما النامية النباتية فهي مركبة من العناصر الاربعة فاذا فارقت عادت الى ما منه بدئت عود ممازجة لا عود مجاورة فيتحد ما فيها من النار بالنار ومن الهواء بالهواء ومن الماء بالماء ومن التراب بالتراب ولا يكون لها شعور لتفككها ولحوق كل ركن منها بعنصره واما الحيوانية الحسية فهي من نفوس الافلاك وارواح الكواكب تجمعت من قوى شعلات تلك الاشعة بواسطة تلك الحركات اليومية فسرت في تلك الاشعة الواقعة من العالم ( العالم العلوي على العالم خل ) السفلي وتألفت بالتدبير الالهي وتمثيلها كالقوى المعدنية التي يؤلفها الحكيم من الحديد وامثاله للساعة المعروفة فتحرك وتدور على حسب التقدير وانما كانت حركات ( حركات تلك خل ) النفس اختيارية لان قواها من اثر صفة الحكيم المقدر لها وهو سبحانه مختار فيكون اثر صفته كذلك واما هذه فقواها ليست من اثر صفة صانعها المقدر لها فلهذا كانت قسرية ( قشرية خل ) ظاهرا وهذه النفس الحيوانية اذا فارقت البدن خرجت في مثالها وانتقلت الى دار اخرى قال صلى الله عليه وآله وانما تنتقلون من دار الى دار ولا يزال كما قال ابن سينا في ابياته :
وغدت تغرد فوق دوح شاهق والعلم يرفع كل من لم يرفع
ولم يكن لها اتصال بابيها الذي هو الهيولي وامها التي هي الصورة حقيقي لان وصولها الى تلك الديار مجتمعة من خمسة اشخاص في قرية وهم مختلفون في الهيئات والملابس والامكنة فالاول قائم وعليه قميص ابيض استنار ببياضه تلك الديار وهو اعلاهم مكانة ومكانا والثاني قاعد وعليه قباء اصفر فاقع تسر ( يسر خل ) الناظرين وهو دون الاول والثالث مضطجع وعليه جبة خضراء تهش اليها النفوس من شدة خضرتها قال تعالى حكاية عن موسى عليه السلام اهش بها على غنمي وهو دون الثاني والرابع مستتر ما بينهم وعليه شعار احمر يغشي ابصار الناظرين وهو دون الثالث والخامس نازل عنهم قد جمع اطمار ملابسهم في باطنه واكتسى بها في ( على خ ) غيبه واظهر العرى واما القرية فقد جمعتهم كل في مقامه لم يختلف منهم شخص عن احكامه وهذه النفس هي مجموع هذه الاشخاص وقريتهم فاذا وصلت الى تلك الديار لم تخالطهم ما دام حكم الفرق باقيا وهو منذ قبضها الملك الموكل بها الى نفخة الصور وهو قول الصادق عليه السلام في تأويل قوله تعالى فانما هي زجرة واحدة فاذا هم بالساهرة قال عليه السلام تبقى الارواح ساهرة لا تنام فاذا فارقت اعني عند نفخ الصور وذلك بعد الرجعات وبعد الاربعين اليوم الهرج والمرج بقيت قريتها في عالم المثال وهو معنى الاتصال بالام واتصل المكتسى باطنه بالهيولي وهو معنى الاتصال بالاب واتصل المستتر صاحب الشعار الاحمر بالطبيعة ولا حس محسوس ولا انس مأنوس واتصل المضطجع صاحب الجبة الخضراء بالنفس الكلية فانمحق فيها انمحاق المتخيل ( المتخيل في المحسوس خل ) واتصل القاعد صاحب القباء الاصفر الفاقع بالبراق فرق في تلك الرقائق فلا عين ولا اثر ولا علم ولا خبر واتصل القائم صاحب القميص النوراني الابيض في العقل الاولى ( الاول خل ) فلا شهود ولا وجود وهو قول عليّ (ع) ( (ع) للاعرابي خل ) في النفس الحيوانية الحساسة ( الحسية خل ) فاذا فارقت عادت الى ما منه بدئت عود ممازجة لا عود مجاورة فلا تتصل الاتصال التام بحيث تتحد الا بين النفختين مدة اربعمأة سنة ولا يكون ( لا يكون لها خ ) شعور بحال من الاحوال وكذلك يكون لها اتصال وفناء محض في انتقالها في ( من خل ) حكم البدن الى المثال يعني حالة الدخول في النوم فانه لا يشعر وكذلك حالة الانتباه من النوم الى اليقظة وكذلك حالة خروجها منه الى ( عند خل ) الموت وعند دخولها في البدن عند ونفخت فيه من روحي وكذلك حالة ( حال خل ) الخروج من القبور فانها في هذه المواضع تتحد ولا يكون لها شعور ويستهلك وجودها في وجود ( وجوده خل ) والمراد بالفناء في هذه المواضع الغيبة عن ( من خل ) شهودها ووجودها عند ظهور معبودها وهو المراد في الاخبار المعبر عنه بانها تخر بين يدي الله ساجدة واما ما سوي ذلك فهي على حال الشعور والتميز ( التمييز خ ) واما النفس الناطقة القدسية والملكوتية الالهية فلا يزالان متشخصتين ( متشخصين خل ) فعودهما عود مجاورة لا عود ممازجة فافهم
قال ( قال سلمه الله خل ) : وهل البرزخ الذي تأويه بعد خروجها من الدنيا هو عين ما هبطت عنه ام لا
اقول ان البرزخ الذي خرجت به من البدن هو الذي هبطت به الى هذا البدن وكان فوق محدد الجهات مكانه وان كان معك في حياتك فهو معك في مماتك فلما علقت به ثاء الثقيل هبطت ( هبط خ ) الى الارض بها فلما فارقت ثاء الثقيل الذي هو البدن خفت وطارت به وكذا الجسوم وتطير ( كذا الجسوم تطير خ ) بالارواح فاوت ( فادت خل ) به في رتبته وهو القرية المشار اليه ( اليها خل ) سابقا لا يقال ان بعض الروايات يدل ( تدل خ ) على انها ( انه خل ) انما يوضع في قالب كقالبه في الدنيا بحيث لو رأيته لقلت فلان فكيف يقال انه يخرج به لانا نقول ان المراد بوضعه في قالب الخ استخلاص الحكم فيه وهو الوضع المذكور في الاخبار لانه في الدنيا وان كان معه لانه هو هذه الصورة المشاهدة الا ان حسية الجسم غلبة الحس على مشاهدة المثال فلما فارقت البدن خلص الحكم للمثال فقال عليه السلام وضع في قالب كقالبه لان صورته هي حقيقة مثاله والمشبه نفس المشبه به في القرآن وفي الحديث المنقول عن اهل العصمة عليهم السلام بلفظه كما ذكره العلماء الواصلون وقد حقق في محله
قال ( قال سلمه الله خل ) : وايضا هل النفوس القاصرة عن درجة الكمال بمراتب تفسد ام تبقي كغيرها كما هو صريح قوله عليه السلام انما خلقتم للبقاء وخلقتم للابد وانما ينتقلون ( تنقلون خل ) من دار الى دار
اقول ان النفوس القاصرة عن درجة الكمال تبقى في القبر لقربها من النفس النباتية او البهيمية فلا يكون لها برزخ تام متحقق بمعنى تمام اليقظة والمراد بالقبر قبر الطبيعة كما اشار اليه سبحانه في كتابه حيث يقول وما انت بمسمع من في القبور واما قوله عليه السلام انما خلقتم للبقاء يراد به وجهان احدهما خلقتم ايها الكاملون لان غيرهم لا ذكر له في اكثر احكام البرزخ بل يلهي عنه كما روي عنهم عليهم السلام وثانيهما على سبيل العموم ولا تكون النفوس القاصرة فنيت فناء ينافي البقاء لان هذا ليس في الحقيقة فناء وانما هو تفكك لتخلص من الاعراض والاغراض وتكليس لتنعم ويتمكن المدبر الحكيم للاسباب من حيث هي اسباب وكسر ليصوغه الصيغة التي لا تحتمل الفساد فهو في الحقيقة بقاء ولهذا حيث انكرت الكفار هذا الحكم وقالوا ائذا كنا ترابا ذلك رجع بعيد رد الله عليهم بانه ما فنى كما زعموا وانما هو محفوظ عندنا قال تعالى قد علمنا ما تنقص الارض منهم وعندنا كتاب حفيظ وقوله عليه السلام وانما تنقلون من دار الى دار اما معناه فقد خلقوا من الفالف عالم الى فضاء الدنيا ونقلوا من هذه الدار الى دار البلاء والفناء والتصفية والكسر وينتقلون ( ينقلون خل ) منها الى ارض الطبيعة والبيوت المستديرة ثم الى الحشر والنشر ثم الى الجنة على تصاعد درجاتها او الى النار على تسافل دركاتها وهكذا ولا غاية للسير ولا انقطاع للطريق ولا اجل للنعيم ولا للعذاب ( العذاب خل ) الاليم وهذا معنى النقل من دار الى دار
قال ( قال سلمه الله تعالى خل ) : وايضا اكتب لمحبك ( لمحبك في خل ) معنى قول الامام (ع) له معنى الربوبية اذ لا مربوب وحقيقة الالهية اذ لا مألوه ومعنى العالم ولا معلوم ومعنى الخالق ولا مخلوق وتأويل السمع ولا مسموع وليس منذ خلق استحق معنى الخالق الخ
اقول انه سبحانه وتعالى كان واحدا معنى بكل مفهوم وعلى كل عبارة وكان كل شيء باقتضاء كينونته ( كينونيته خل ) لما هو سبحانه عليه من معناه وكون ذلك الشيء على انحاء كثيرة منها ( منها كونه خل ) موجودا ومعلوما ومخلوقا ومسموعا الى غير ذلك من ذاته وصفاته وشئونه وما يصح عليه ويمتنع وهي جهات تسمية ( تسميته خ ) نفسه لنا باسماء التفهيم وصفات التعليم فسمي نفسه لنا تفهيما ووصف نفسه لنا تعليما فالاسماء اسماؤنا والصفات صفاتنا ومعناها له يعني يستحقها بما هو عليه له ومعنى الربوبية ( الربوبية على ما يدل عليه اللفظ والمفهوم يقتضي المربوب وما اقتضى ذلك لزمه الاقتران ويلزم الاقتران الحدوث ومعنى الربوبية خل ) اذ لا مربوب معنى فرد ساذج يقتضي الوجوب وحيث ان لاسمائه التي جعلها ( جعله الله خل ) لنا وسيلة الى معرفة ( معرفته خل ) جهات ومقتضيات وتجليات تقتضي الاضافة والاقتران وهو بلسان الشرع وقوع العلم على المعلوم والسمع على المسموع وهكذا وهو العلم الحادث والسمع الحادث الخ وهذا مظهر من مظاهر معناه كان ذلك المعنى الذي هذا ظاهره له ولا يخرج عنه الى غيره كما قال عليّ عليه السلام في دعائه في سؤاله ربه سبحانه بذلك الاسم قال عليه السلام فاستقر في ظلك فلا يخرج منك الى غيرك وهذه التجليات لنا يعني ان الحق للحق والرسم للرسم فله ( فله معنى خل ) الربوبية اذ لا مربوب ولنا اذ مربوب لان اذ مربوب تحديد وتفريق وهو معنى محدث وصف به المحدث واذ لا مربوب احدى المعنى وصف به القديم ليبين من شبهنا ونبين من شبهه كما قال الرضا (ع) في خطبته حد الخلق آياته ( ابانة خل ) له من شبهنا ( شبهها خل ) وآياته له ( ابانة لها خل ) من شبهه وقال عليه السلام كنهه تفريق بينه وبين خلقه وغيوره تحديد لما سواه وقوله ليس منذ خلق استحق معنى الخالقية الخ يريد به ما قلنا من ان معنى الخالقية والعلم والسمع وسائر الصفات هو كينونته ( كينونية خل ) على ما هو عليه فيما لم يزل وفيما لا يزال وذلك غير مقرون عند ( بمنذ خل ) ولا قد ولا اذ ولا متى ولا حيث ولا شيء من آلات الامكان فانها انما استحقت الشيئية في نفسها بما اقتضته صفة الكينونة كما مر فاستحق معنى الخالقية لذاته الكائنة على ما هي عليه وذلك قبل ان يخلق شيئا وهو على ما هو عليه في عز جلاله فافهم
قال ( قال سلمه الله تعالى خل ) : فكيف يصح ذلك مع ان هذه الصفات امور نسبية مرتبتها بعد مرتبة الذات والرب يقتضي مربوبا والاله يقتضي مألوها وكان الله ولا شيء معه
اقول قد بينا ان الامور النسبية انما هي مظاهر هذه الصفات لا انفسها ولهذا قال عليه السلام له معنى الربوبية اذ لا مربوب ولو اراد ما يقتضي النسبة والاقتران لم يقل له معنى الربوبية بل قال له الربوبية والامور النسبية صفات لتلك الصفات الذاتية والامور النسبية صفة حادثة وهي وقوع العلم على المعلوم واما قوله وكان الله ولا شيء معه وهو معنى الحديث المشهور فمؤيد لما قلنا وليست هذه الامور النسبية معه وانما هي مع الخلق منذ وجدت حتى تفنى فالله ابدا وحده قبل خلق الخلق وبعد خلقهم وله المثل الاعلى في السموات والارض وهو العزيز الحكيم واما اقوال الحكماء وجعلهم الصفات الذاتية ذا ( ذات خل ) نسب واضافات فهي عن الحق والصواب بمعزل لانهم انما وصفوا بقولهم صفات الخلق واخبروا عن امثالهم من ( عن خل ) المحدثات ففهموا في بادي الرأي معاني هذه الصفات بمدلول الالفاظ واللغات وهموا بما لم ينالوا بان يبلغوا المعرفة الحقة من غير طريقها ويتناوشوها وقد نأوا عنها واني لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل باشياعهم من قبل انهم كانوا في شك مريب ان الحق لا ينال الا من اهله ولا يعرف اللغة الا بتعريف تراجمتها فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وفقنا الله واياكم لما يحب ويرضى
قال ( قال سلمه الله تعالى خل ) : وايضا ان تكتب لي معنى قوله (ص) ان الزمان كهيئة يوم خلق الله السموات والارض لاني رأيت لبعض العلماء كلاما في معنى هذا الحديث ولكنه فيه بعض البعد ولا ادري اي شيء يرى جنابك فيه
اقول معنى هذا الحديث على ظاهر القول ومختصره بين وهو انه صلى الله عليه وآله اخبر عن حال نبوته وظهور الاسلام بدعوته وبناء الايمان على حكم كلمته وان تحققها لا يكون الا في الزمان المعتدل المستقيم وحركة افلاكه كهيئة يوم خلق الله السموات والارض لانه اول ما خلقه ( خلق خل ) الله تعالى على تمام الاستقامة اذ ليس له اذ ذاك قاسر وانما يتحرك بالوضعية وهي مستوية مستقيمة في استدارتها وذلك لاعتدال الموجبات المستلزمة لذلك المستلزم لصلاح المعاد والمعاش فاخبر صلى الله عليه وآله عن بركة ظهوره وبعثته واستلزامها الاعتدال في النشأتين المستلزم لحسن هيئة استدارة الزمان باستدارة الزمان على هيئته التي خلقه الله عليها والقول الخفي في استدارة الزمان كهيئة ( كهيئته خ ) يوم خلق الله السموات والارض بسبب انتشار دعوته وظهور نبوته ان الافلاك تتحرك نفوسها وتدور على قطب كمالها لفقرها اليه ودوام استمدادها منه لانه هو الواسطة بينها وبين الله فهو مجاز الله سبحانه اليها ونسبها ( سبيلها خل سببها خ ) اليه تعالى وهو الانسان الكامل (ص) وحسن سيرتها وهيئتها بفيضه وامداده وفيضه واحيائه للارض الجرز انما هو يهديه ( انما بهديه خ ) واظهار ( اظهار آثار خل ) استمداده من ربه لانه (ص) رسول الله (ص) الى الخلق في كل كون ( كور خل ) يبلغ الخلق عن الله كل ذرة تحتاج ( يحتاج خل ) اليها الخلق من الدرة الى الذرة من التكوين والايجاد والسؤال والقبول والصبغ الاول الذي هو صبغ المعرفة في افئدة الخلق والصبغ الثاني وهو الصبغ الجبروتي في قلوبهم باشراق اليقين والملكوتي في صدورهم ويتحقق ( بتحقق خل ) العلوم والصبغ الثالث الملكي الذي هو ظاهر تنبيه الجنان بفتح الجيم وتعليم العمل للاركان والقول لللسان ويبلغ ( تبليغ خل ) عن الله كل ما يتعلق بمعاشهم وجميع شئونهم وكلما وصفوا به وانتسبوا اليه وبالتبليغ والقيام باعبائه والعمل بامره والانزجار عند نهيه يحصل تمام الامداد للافلاك وللخلق فيتسق النظام على اكمل ما يحصل به التمام فاخبر صلى الله عليه وآله عما يلزم من بركة نبوته وظهور كلمته وحسن سيرته بان الزمان قد استدار كهيئته وذلك انه حيث خلقه واستدار لتكميل الانسان الناقص وعصي بنوا آدم في الامم الماضية اختلفت حركة الفلك فاختلف النظام واختلف الانام فاوجب اختلاف الانام اختلاف الحركة كما روي عنهم عليهم السلام ما معناه انه اذا اشتد ظلم العباد اسرع الفلك في حركته وقصرت عمرهم ( اعمارهم خل فقصرت اعمارهم خ ) وضاق معاشهم وذلك موجب للظلم وعدم العدل والجهل والعصيان وذلك موجب لسرعة الحركة وهكذا فلما ظهر صلى الله عليه وآله انارت الظلمات بنوره واشرقت الارض والسموات بسفوره واستقامت الحركات من الزمان واهله ببركة ظهوره صلى الله عليه وآله ومعنى آخر ان الله سبحانه لما خلق العقل الاول قال له ادبر فادبر يعني اهبط الى ايجاد الوجودات ( الموجودات خل ) وهو قوله (ص) ظهر ( ظهرت خل ) الموجودات من باء بسم الله الرحمن الرحيم فخلق السموات والارض في ستة ايام يوم العقل ويوم النفس ويوم الطبيعة ويوم الهيولي ويوم المثال ويوم الجسم وهو من محدد الجهات الى الثرى وهو ( هي خل ) اي الستة الايام ( الايام من خل ) مراتب الوجود الاجمالي الاولى وجعل فلك الشمس باب الوجود الثاني فادار فوقها وتحتها ( تحتها الى خل ) الافلاك فكانت ( وكانت خل ) تستمد من الوجودات الاولى فامتدت ( فامدت خل ) الزحل ( زحل خل ) من نفس العقل والقمر من صفته وامتدت ( امدت خ ) المشتري من نفس النفس وعطارد من صفتها وامتدت ( امدت خل ) المريخ من نفس الطبيعة والزهرة من صفتها ورفعت ايدي القابليات ومدت اعناق السائلين للحاجات عند ما امرت تلك الافلاك بالحركات وافاضت تلك الكواكب ما استودعت من البركات اجابة لذلك الدعاء من مجيب ( مستجيب خ ) الدعاء فقام النظام واتسق الامر والتقدير وظهر سبحانه لكل شيء بما له من خزائنه التي لا تفنى وفرقها ازواجا وعوالم وجعل بعضها سببا لايجاد آخر وآخر تماما لقابلية آخر فكل ما تم شيء بما اقتضاه وصله بما يليه فتم الكون الاول من آدم ( آدم باستقامته خل ) لاستقامة اهله وباعوجاجه لاعوجاجهم الى ان انتهى الدور الى صاحب الشريعة الغراء محمد صلى الله عليه وآله فاستدار الزمان غضا طريا ثم اعوج لاعوجاج اهل البدع وظهور الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ولا يزال في اسراع والتباس حتى يقوم رافع ( دافع خ ) البأس فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا اللهم عجل فرجه واوسع منهجه وسهل مخرجه فعند ذلك يعود الزمان كاحسن ما كان واحسن مما كان لعظم مدده من صاحب الدولة وظهور حقائق ما كان ثم لا يزال يزداد حسنا حتى تظهر الجنتان المدهامتان عند مسجد الكوفة وما وراء ذلك بما شاء الله وهذا ما سنح على الخاطر الفاطر ( الفاتر خل ) مع كثرة الاشتغال ( الاشغال خ ) وتشويش البال واعذر ايها الناظر فيما امليته فاني ما تمكنت من التأمل في خوض هذه اللجج كما اريد ولولا ان الله امر في كتابه وقال اوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس اشياءهم ولا تعثوا في الارض مفسدين لما كنت ( لما كنت املي ما خ ) امليت لما انا فيه من التشويش ولما اعلم من انكار من لم يفهم وجهل من لا يعلم والله خير حافظا و هو ارحم الراحمين وحسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير
وقع الفراغ من تسويدها على يد مؤلفها ليلة العشرين من شهر شعبان سنة الحادية عشر بعد المأتين والالف ( الالف حامدا مستغفرا مصليا والحمد لله رب العالمين خل مصليا مسلما والحمد لله رب العالمين خ )