
حسب جوامع الكلم – المجلد الثاني
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية
اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي انه قد بعث الى بعض العلماء الافاضل ايده الله بمسائل يريد جوابها على حال اشتغال البال ببواعث الدنيا وبالامراض المانعة من التوجه ولكن لا بد من ايراد ما يحصل به التنبيه على الجواب في الجملة اذ لا يسقط الميسور بالمعسور والى الله ترجع الامور وقد جعلت كلامه الشريف متنا ليحصل لكل كلام ما يناسبه من الجواب ومن الله الهام الصواب
قال سلمه الله : اما بعد فالباعث من تصديع جنابكم هو ان تمنوا على العبد الفقير بالجمع بين الاحاديث التي ذكرها الشيخ الطوسي في التهذيب في كتاب الزيادات وبين الحديث الذي ورد ان موسى عليه السلام اخرج عظام يوسف عليه السلم وما قال العسكري عليه السلام في حق ذلك الرجل ان في يده عظما من عظام نبي من الانبياء عليهم السلم
اقول اعلم ان المعلوم بالدليل القطعي ان الله عز وجل لم يخلق شيئا من الاجسام المعروفة خارجا عن حيطة محدد الجهات وليس وراءه شيء مخلوق بل لا شيء وراءه واما ما نثبته من عالم الاشباح والهيولي المجردة عن الزمان والمكان والعناصر كعالم المثال وما نثبته من الاجسام المجردة عن الزمان والمكان والعناصر كذلك كجوهر الهباء المذكور والطبائع الاول والنفوس وما نثبته من الجواهر المجردة عن الزمان والمكان والعناصر وتمام الصورة كالارواح وما نثبته من المعاني القارة والجواهر المجردة عن الزمان والمكان والعناصر والصور كالعقول وما نثبته من اضدادها وعكوسها فانما هي في جوف هذه الاجسام التي اعلاها محدب محدد الجهات واسفلها اسفل التخوم من الارض السابعة المسمى بمركز العالم فهي في غيب هذه الاجسام وقولنا ليس وراء محدد الجهات شيء نريد به ما قاله الحكماء الاولون من انه ليس وراءه خلاء ولا ملاء ومعناه غير ما قاله المشاؤن واتباعهم من المتكلمين لانهم يتوهمون شيئا هناك فضاء لا يوصف بخلاء لان فيه مجردات ولا بملاء لان المجردات ليست اجساما لتملأ ما هي فيه كذا زعمه بعضهم وامثال هذا مما ليس بشيء لانهم نقلوا هذه العبارة عن الحكماء الاولين ولم يفهموا مرادهم منها والاولون اخذوها عن الانبياء عليهم السلام والمعنى ما قلنا لك وليس قولنا انه لا شيء نفيا للامكان بل هو نفي للممكن اذ لا واسطة بين الامكان والوجوب والمحال لا يصلح للواسطة بحال من الاحوال لا في الواقع ولا في الفرض وليس وراء المحدد وجوب تعالى الله عن ان يكون معزولا عن خلقه كما ليس محصورا فيهم فالذي وراء الامكان ليس شيئا بمعنى انه لم يكون لا بمعني انه لا يمكن فيه التكوين كما قاله من جهل قدرة الله سبحانه فنفاه على حسب ما اقتضاه عقله ولسنا بصدد بيانه فاذا عرفت انه لم يوجد شيء من الاجسام المعروفة الا الفلك الاطلس وما في جوفه فاعلم ان عالم المثال عالم ذو اعاجيب وهو في الاقليم الثامن اسفله على محدد ٱلجهات والمراد انه كذلك في الرتبة لا انه خارج عنه وفي هذا العالم جنة الدنيا التي هبط منها ادم واليها تأوى ارواح المؤمنين وهي الجنتان المدهامتان وهي في جهة المغرب قال تعالى ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ومنها تستمد الانهار الاربعة سيحان وجيحان والنيل والفرات وفيه نار الدنيا في جهة المشرق واليها تأوى ارواح الكفار والمنافقين والمشركين قال تعالى وحاق بال فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا وهذا العالم اذا خلعت جسدك في النوم رأيت ما هناك لانك اذا دخلت في النوم خلعت الجسد العنصري البشري الكثيف وبقيت في الجسد العنصري الذي هو من ارض هورقليا من هذا العالم المذكور وهذا الجسد الذي خلعته عند النوم هو الذي يدرك في هذه الدنيا من العناصر الاربعة الزمانية المعروفة من المزاج المتركب منها الساري بالاغذية من الطعام والشراب فاذا خلعته لم تدرك بهذه الابصار وانما تدرك بابصار اهل ذلك العالم واهل العصمة عليهم السلام يدركون في هذه الدنيا ما في ذلك العالم وما وراءه فقد رأى رسول الله صلى الله عليه واله ليلة المعراج وقد عرج بجسده الشريف الذي خرج به في الدنيا لاهل زمان بعثته رأى جميع ما في عالم الغيب والشهادة وما في الدنيا وما في البرزخ وما في الاخرة واوقفه الله سبحانه على جميع ما خلق كل في مكانه ووقته من عالم الملك والملكوت والجبروت ومعنى كلامي انه صلى الله عليه واله رأى ليلة المعراج عند وصوله الى مقام قاب قوسين عقل الكل في الوقت الذي خرج فيه من كتم غيب الامكان الى الوجود الكوني ورأى ما دونه الى ما تحت الثرى كذلك ورأي ما فوق العقل وتحت المشية في مقام او ادنى فاذا عرفت هذا فاعلم ان الاجساد جسدان جسد عنصري بشري وهو المرئي المحسوس وجسد عنصري برزخي من عناصر هورقليا وهذا هو الذي يبقى في القبر مستديرا ويحشر فيه بعد تصفيته وهو الباقي الذي خلق للبقاء نزل في الاصل من باء بسم الله الرحمن الرحيم والجسد البشري العنصري هو المتكون من الاغذية وهو داخل خارج دخوله وخروجه على السواء ولا يتعلق به في نفسه ثواب ولا عقاب وليس له بقاء بل هو فان لا يعود لانه بحكم الثوب لبسه ويخلعه نعم هو حامل في الدنيا للجسد الباقي المذكور وهذا الجسد العنصري الفاني له ارتباط بالباقي وذلك الارتباط مختلف في الاشخاص فمن كان طيبا طاهرا زاكيا نقيا من المعاصي والذنوب كان ارتباط الفاني فيه بالباقي ضعيفا فهو اقل واضعف من ارتباط الثوب الذي تلبسه بجسدك وهذا الطيب اذا اراد خلعه في الحيوة كان اسهل عليه من خلع ثوبه ومن كان خبيثا نجسا متهتكا مخلطا كان الفاني في باقيه معرقا متمكنا لا يتخلص منه الا بعد طول بعيد ومكث في اطباق الثرى طويل بعد تقطع اوصاله وتبدد اعضائه وتفتت عظامه لان جسديه قد تمازجا لما بينهما من التقارب والتناسب بخلاف جسد الطيب مع ما يلحقه من العنصري فانه قشر عليه ظاهر صحبه الى وقت مقدر له ومن اصوافها واوبارها واشعارها اثاثا ومتاعا الى حين ومن بين الطيب والخبيث مختلف التعلق والارتباط ولكل درجات مما عملوا فعلى هذا يكون المعصومون اسرع خلعا لبشريتهم واسرع غيبوبة عن ابصار اهل الدنيا وغيرهم ابطأ وقد ثبت بالاجماع والاخبار المتواترة معنى بأن النبي نوحا على محمد واله وعليه السلم عند الطوفان استخرج عظام ادم عليه السلم من سرنديب او من مكة على اختلاف الروايتين و حمله في السفينة وفي رواية استخرج جسد ادم عليه السلم وحمله في السفينة ودفنه بعد استواء السفينة على الجودي في ظهر الكوفة فهو الان ضجيع نوح خلف قبر امير المؤمنين صلوات الله عليه وكان عمر ادم على ما رواه الصدوق في الاكمال سبعمائة سنة وثلاثين والمستفاد من كلام مروج الذهب للمسعودي مع انضمامه الى الرواية المذكورة ان بين موت ادم عليه السلام وحمل نوح عليه السلام لجسده في السفينة الف سنة وخمسمائة سنة واربععشرة سنة وقد ثبت في اللغة العربية استعمال لفظ العظام في الجسد لانها معظم الجسد ولهذا ورد وجوب صلوة الاموات على مجموع العظام كما وجبت على الجسد وان لم يكن فيها شيء من القلب كما في صحيح علي بن جعفر عن اخيه موسى عليه السلم وايضا روي في المشهور المقبول من الروايات ان موسى على محمد واله وعليه السلم حمل عظام يوسف على محمد واله وعليه السلم من شط نيل مصر ودفنه في بيتالمقدس وكان بينهما اربعمائة سنة تقريبا او تنقص قليلا وكان يوسف عليه السلم من عباد الله المخلصين فلا ينقص عن حال آدم عليه السلام والمراد باخراج عظامه اخراج جسده وانما عبر عنه بها لانها معظم الجسد واستعمال ذلك كثير في كلام العرب في خطاباتهم ومحاوراتهم وفي اشعارهم ومنه ما قال الشاعر يرثي طلحة بن عبيد الله بن خلف ويسمى طلحة الطلحات لان امه صفية بنت الحارث بن طلحة بن ابي طلحة بن عبد مناف قال :
رحم الله اعظما دفنوها بسجستان طلحة الطلحات
فسمي جسده المدفون بسجستان اعظما واستعمال ذلك غير منكور في لغة العرب وانت اذا عرفت ما حققنا لك قبل لم تشك في ان الذي حمله نوح وموسى على محمد واله وعليهما السلام هو الجسد لا العظام ومثال جسد المعصوم عليه السلام كسبيكة الذهب الصافي اذا لحقها غبار فانك اذا جلوتها انكشف عنها وهي باقية على هيئتها لان الغبار لم يغص فيها كما ان البشرية لم تغص في بواطن اجسادهم لانها نورانية طاهرة ولهذا تنطوي لهم الارض ويمشون على الماء وفي الهواء اذا شاؤا لان اجسادهم كنفوس غيرهم ومثال جسد الشخص من سائر الناس كمثل سبيكة ممزوجة من ذهب ونحاس او فضة ونحاس فانك اذا صفيتها لا تصفو الا باذابتها وتصفيتها وكسرها من اصلها لان الخلط ممازج لها ولهذا تراه يحتلم في المنام ويجنب لان البشرية مازجت ظاهره وباطنه وان لم تكن من حقيقته والمعصوم (ع) لا يجنب في المنام ولاينام قلبه وان نامت عينه فافهم واما ما قال ابو محمد العسكري صلوات الله عليه في حق ذلك الرجل وهو ما رواه في كتاب ثاقب المناقب وخرائج الراوندي روى عن علي بن الحسين بن سابور قال قحط الناس بسر من رأى في زمن الحسن الاخير عليه السلم فامر الخليفة الحاجب واهل مملكته ان يخرجوا الى الاستسقاء فخرجوا ثلاثة ايام متوالية الى المصلي يستسقون ويدعون فماسقوا فخرج الجاثليق في اليوم الرابع الى الصحراء ومعه ٱلنصارى وٱلرهبان وكان فيهم راهب فلما مد يده هطلت السماء بالمطر فشك اكثر الناس وتعجبوا وصبوا الى دين النصرانية فانفذ الخليفة الى الحسن عليه السلم وكان محبوسا فاستخرجه من حبسه وقال الحق امة جدك فقد هلكت فقال له اني خارج في ذلك ومزيل الشك انشاء الله فخرج الجاثليق في اليوم الثالث والرهبان معه وخرج الحسن عليه السلم في نفر من اصحابه فلما بصر بالراهب وقد مد يده امر بعض مماليكه ان يقبض على يده اليمنى ويأخذ ما بين اصبعيه ففعل واخذ من بين سبابتيه والوسطى واخذ عظما اسود فاخذه الحسن عليه السلام بيده ثم قال استسق الان فاستسقى وكانت السماء مغيمة فتقشعت وطلعت الشمس بيضاء فقال الخليفة ما هذا العظم يا ابا محمد قال عليه السلام هذا رجل مر بقبر نبي من الانبياء فوقع في يده العظم وما كشف عن عظم نبي الا هطلت السماء بالمطر ه فيحتمل انه قطعه من جسده وكشف عنه لحمه ليكون العظم بارزا وذلك انه سمع ذلك من بعض الكتب المنزلة او من كلام بعض الانبياء عليهم السلم فقطعه وكشطه لاجل هذا السر ومن الامارات الدالة على هذا كونه اسود لانه لو اخذه باليا لكان ابيض وقولي من الامارات لاحتمال ان يكون اسوداده من مس الراهب لاجل ذنوبه كما في الحجر الاسود وكان حين اخذه آدم عليه السلام درا ابيض وانما ترجح الاول لانه هو الظاهر المحسوس المشاهد بخلاف الاحتمال الثاني فانه امر معنوي واذا قام الاحتمال المساوي بطل الاستدلال فكيف بما اذا قام الاحتمال الراجح وبيان الارجحية انه لا قائل بالفرق بين ادم وبين غيره من الانبياء بل كل من قال بان اجسادهم لا تبقى عمم وكل من لم يقل بذلك بل حكم بالبقاء عمم واذا ثبت عدم الفرق وثبت ان نوحا حمل جسد ادم او عظامه عليهما السلام فقد ثبت بالوجدان ان من حكم ببلاء لحمه وان الارض تأكله حكم على العظم بذلك وان كان العظم ابطي اضمحلالا ولو جاز ان الارض تأكل لحم آدم عليه السلام اكلت عظامه فلا يبقى منها شيء اصلا لان مدة مكثه في الارض كما ذكرنا اولا الف سنة وخمسمائة سنة واربع عشرة سنة ويستحيل بقاء العظام هذه المدة تامة الا لسر عظيم وهذا السر المانع من اضمحلال العظام هو بعينه المانع من اضمحلال اللحم ومن تغير الصورة مع ما ورد في الاخبار من ان الله تعالى حرم على الارض ان تأكل لحومهم فافهم ويأتي انشاء الله تعالى تمام الكلام
قال سلمه الله : والاحاديث التي ذكرها الشيخ رحمه الله في يب في كتاب الزيادات بسنده عن عطية الابزاري قال سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول لا تمكث جثة نبي ولا وصي في الارض اكثر من اربعين يوما ه
اقول يريد عليه السلام ان ابطأ خلع البشرية يكون اربعين يوما وقد يكون اقل من ذلك ولو كان المراد بها مكث الجثة على المعنى المفهوم عند العوام لماوجد نوح ادم عليهما السلم ولما وجد موسى يوسف عليهما السلم لما سمعت من طول المدة بينهما وانما خص اخر الخلع باربعين يوما دون الاقل منها والاكثر لان عدة اللبس والخلع متساوية فان لبس البشرية في النزول مساو لخلعها في الصعود وكانت مراتب اللبس في النزول اربعين وذلك لانه مخلوق من عشر قبضات من الافلاك التسعة ومن الارض من كل واحد قبضة فمن الاطلس قلبه ومن المكوكب نفسه ومن فلك زحل عقله اي تعقله ومن فلك المشتري علمه ومن فلك المريخ وهمه ومن فلك الشمس وجوده الثاني ومن فلك الزهرة خياله ومن فلك عطارد فكره ومن فلك القمر حياته ومن العناصر الاربعة جسده فهذه عشر قبضات وادار كل قبضة اربع دورات دورة عناصرها ودورة معادنها ودورة نباتها ودورة حياتها في كل شيء بحسبه فهذه اربعون وهي مراتب الوجود بعدد ميقات موسى عليه السلم وفي الخلع البطيء التدريجي كذلك اربعون نازلا وصاعدا
قال سلمه الله تعالى : في يب بسنده عن زياد بن ابي الحلال عن ابي عبد الله عليه السلام قال ما من نبي ولا وصي يبقى في الارض بعد موته اكثر من ثلاثة ايام حتى يرفع روحه وعظمه ولحمه الى السماء وانما يؤتى مواضع اثارهم ويبلغهم السلام من بعيد ويسمعونهم في مواضع اثارهم من قريب وفي يب ايضا بسنده الى علي بن بزرج الخياط قال حدثنا عمرو قال جاءني سعد الاسكاف قال يا بني تحمل الحديث فقلت نعم فقال حدثني ابو عبد الله عليه السلام انه قال لما اصيب امير المؤمنين عليه السلام قال للحسن والحسين عليهما السلم غسلاني وكفناني وحنطاني واحملاني على سريري واحملا مؤخره تكفيان مقدمه فانكما تنتهيان الى قبر محفور ولحد ملحود ولبن موضوع فالحداني واشرجا اللبن علي وارفعا لبنة مما يلي رأسي وانظرا ما تسمعان فاخذا اللبنة عند الرأس بعد ما اشرجا عليه اللبن فاذا ليس في القبر شيء واذا هاتف يهتف امير المؤمنين كان عبدا صالحا فالحقه الله بنبيه وكذلك يفعل الله بالاوصياء بعد الانبياء حتى لو ان نبيا مات في المشرق ومات وصيه بالمغرب لا لحق الله الوصي بالنبي انتهى
اقول في الحديث الاول اشارة الى ما اشرنا اليه من اختلاف مدة خلع ٱلبشرية ومعلوم ان منهم عليهم السلم من يخلع بشريته في ثلاثة ايام ويراد من هذا الحديث البعض المخصوص عندهم وان كان ظاهره يدل على العموم جمعا بين الاخبار فان قلت هذا صريح في ان جميع الجسد وما يتعلق به من غيبه وشهادته يرفع حتى يبقي موضعه خاليا وتأويله على ما تدعيه خلاف الظاهر والاصل عدمه قلت قد ثبت بالادلة القطعية ان آدم عليه السلام نقله نوح عليه السلم من موضع مدفنه بسرنديب او بمكة من الارض العنصرية هذه وكذلك يوسف مع موسى عليهما السلم وقد بقي ادم ويوسف عليهما السلم هذه المدة الطويلة ويمكن تأويل هذه الاخبار على مثل ما ذكرنا سابقا وهو تأويل متجه ولايمكن التوجيه والتأويل في استخراج ادم ويوسف عليهما السلام ونقلهما وصرفه عن ظاهره ولا قائل بالفرق فيجب المصير الى ما قلنا فانه اذا خلع الصورة البشرية فقد رفع بذلك الى السماء في الرتبة والى العرش كما في قصة الحسين عليه السلم كما يأتي ذكره فهو وان بقي في قبره لكنه لا يراه غير المعصوم الذي يرى ببصره ما في عالم البرزخ وما في عالم الغيب ولو نبشهما غير معصوم لم ير شيئا كما رواه محمد بن جعفر بن قولويه في كامل الزيارة عن عبد الله بن بكر الارجائي في حديث طويل عن الصادق عليه السلام الى ان قال قلت جعلت فداك اخبرني عن الحسين عليه السلم لو نبش كانوا يجدون في قبره شيئا قال يا ابن بكر ما اعظم مسائلك الحسين مع ابيه وامه والحسن في منزل رسول الله صلى الله عليه واله يحبون ويرزقون ولو نبش في ايامه لوجد فاما اليوم فهو حي عند ربه ينظر الى معسكره وينظر الى العرش متى يؤمر ان يحمله وانه لعلى يمين العرش متعلق يقول يا رب انجز لي ما وعدتني وانه لينظر الى زواره وهو اعرف بهم وباسمائهم وباسماء آبائهم وبدرجاتهم ومنزلتهم عند الله من احدكم بولده وما في رحلهم وانه ليرى من يبكيه فيستغفر له رحمة له ويسئل اباه الاستغفار له ويقول لو تعلم ايها الباكي ما اعد لك لفرحت اكثر مما جزعت ويستغفر له كل من سمع بكاءه من الملائكة في السماء وفي الحير وينقلب وما عليه من ذنب ه فقوله عليه السلام لو نبش في ايامه لوجد يراد منها اكثر من ثلاثة ايام لان ايام جمع قلة اريد به جمع كثرة وذلك لانه لو نبش في ايامه ولم يوجد لانكر الاعداء كونه مقتولا وعلى هذا لو نبش بعد الاربعين يوما وجد وبعد السنة والسنتين وازيد لانها من ايامه ولو اريد ما في الحديث المتقدم لما كان ينبغي ان يقال في ايامه وهو يريد بها يومين او ثلاثة لانه لو اريد بهذا الكلام انه لو نبش بعد دفنه بيوم او يومين او ثلاثة لماحسن ان يقال في ايامه اذ لاتفهم الثلاثة من هذه العبارة في العرف وللعلة المذكورة ورفع روحه وعظمه ولحمه الى السماء يراد منه ما قلنا الا انهم صلى الله عليهم يتكلمون بالحقائق ونحن نتكلم بظواهر اللغة ولو اردنا ان نتكلم بالحقيقة لم نجد عبارة عنها احسن مما قالوا فان الجسد اذا خلع البشرية عنه التي هي ارض بالنسبة الى الاجساد الباقية العنصرية وهي سماء لها مع انا قدمنا لك ان هذه البرزخية في الاقليم الثامن واسفله على محدب محدد الجهات يعني في الرتبة فكيف يدركه اهل الدنيا غير المعصومين عليهم السلام وكيف لا يقال انه في السماء وقوله وانما يؤتى مواضع اثارهم الخ لانها هي محل خلع البشرية فاذا خلع الجسد الباقي الجسد العنصري الثقيل في محله من القبر الذي تدركه العوام بقي الجسد الباقي في سمائه من ذلك القبر فيأتون الزوار محل القشر الملقى ولعمري ان الجسد الباقي فيه في غيبه الى يوم القيمة عند ربه يرزق وقوله يبلغهم السلام من بعيد لبعد ما بين الخالع والمختلع وقوله ويسمعونهم من قريب لان الزوار بعيدون عن الخالع والخالع في القبر في غيبه فيسمعهم من قريب لانهم لا يرونه وهو يراهم ولا يسمعونه وهو يسمعهم وحديث كامل الزيارة بهذا المعنى واما حديث سعد الاسكاف فهو كغيره وروي ان الذي رفع مقدم السرير هو امير المؤمنين صلوات الله عليه لانه كما قال عليه السلم في كلامه لسلمن وابي ذر ان ميتنا اذا مات لم يمت وان مقتولنا لم يقتل وكان علي عليه السلم يغسل رسول الله صلى الله عليه واله يوم مات وهو يتقلب ولا يحتاج الى من يقلبه وكل هذا وامثاله لضعف بشريتهم وقوة نوريتهم فهم احياء كهم اموات فافهم وقوله فاذا ليس في القبر شيء روي انه بعد ما يجتمع بنبيه صلى الله عليه واله يعود الى حفرته وهو كثير في اخبارهم وفي الزيارات المروية عنهم عليهم السلام في زيارة امير المؤمنين صلوات الله عليه : السلام عليك وعلى ضجيعيك ادم ونوح وذلك لان جسده الشريف في القبر الى الأن والى ما بعد ذلك اي الى ما بعد خروج صاحب العصر عليه السلام عجل الله فرجه وبعد قتله عليه السلام بثمان سنين فجسده الشريف في قبره المشهور بظهر الكوفة في غيبه على المعنى المتقدم مضاجعا لنوح وادم عليهم السلام كما في صريح الزيارة والاصل في الاستعمال الحقيقة واحتمال خلافه مرجوح لا يخرج عن حكم الاصل المؤيد بالادلة العقلية والنقلية
قال سلمه الله : وما قلتم ان الائمة عليهم السلام يكونون في القبر ولكنهم لا يرونهم الناس لانخلاعهم البشرية عنهم لا يوافق حديث الاخير فان الامام يرى الامام الاخر
اقول قولي هذا حق وقولكم فان الامام يرى الامام الاخر حق ايضا ولكنه حينئذ لا يريه في بشريته الى ان يرجع بعد اجتماعه بالنبي صلى الله عليه واله وبعد رجوعه يريه في بشريته الى اوان الخلع العادي له ومع هذا اذا اراد الامام ان يرى الامام الميت بعد خلعه البشرية فيها رءاه فليس بينهم غيبة ولا فرقة ابدا وان حصل ذلك في الظاهر ومن المعلوم ان الانبياء والاوصياء عليهم السلام يحشرون من مواضع حفرهم وليس لانهم يدفنون فيها مرة ثانية بعد ما يرفعون الى السماء فادم ونوح عليهما السلم يحشران من قبريهما بظهر الكوفة وقوله في حديث كامل الزيارة وانه لعلى يمين العرش متعلق ليس لانه هناك بل على نحو ما قال امير المؤمنين عليه السلام صحبوا الدنيا بابدان ارواحها معلقة بالمحل الاعلى يعني توجهها اليه وهذا انشاء الله تعالى مما لا اشكال فيه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين وكتب العبد المسكين احمد بن زين الدين بيده الجانية حامدا مصليا مسلما مستغفرا