جواب بعض العلماء (في أحوال البرزخ والملك النقّالة)

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - جواب بعض العلماء (في أحوال البرزخ والملك النقّالة)

جواب بعض العلماء

في أحوال البرزخ والملك النقّالة

من مصنّفات

الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد الخامس
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

اما بعد فالمامول من العالم الرباني والعارف الصمداني قطب دائرة العلم والمعرفة ومدار رحى الفضل والحكمة شيخ العلماء الراسخين وفخر الفضلاء العارفين باسرار الدين العاثرين على خفايا علوم الائمة الطاهرين عليهم السلم ادام الله ظلاله ان يبين لنا احوال البرزخ وحقيقته وكيفية معيشة الانسان هناك وكيفية نقلهم وبيان سره وما يناسب هذين المقامين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وصلى الله على محمد وآله الطاهرين

بسم الله الرحمن الرحيم

اعلم ان البرزخ هو الحائل بين الشيئين والمراد به الحائل بين الروح والجسد وهو ما يراه في النوم لان النوم من البرزخ والبرزخ المسؤول عنه هو انه اذا مات الانسلن خرجت روحه من البدن لابسة لقالبه (لقابله خ ل) الذي يشابه صورته في الدنيا وهذا القالب منذ نزلت روحه ودخلت في جسده هي لابسة له ما دامت في الدنيا فاذا قبضها الملك خرجت من البدن وراحت الى جنة الدنيا جنة ادم عليه السلم المدهامتان تتنعم فيها ان كان سعيدا ونعيمه في البرزخ اقوى من نعيم الدنيا بسبعين مرة واشد تيقظا وانتباها من احوال الدنيا بهذه النسبة وان كان الميت شقيا راحت روحه الى نار الدنيا التي في المشرق يعذب فيها الى وقت غروب الشمس فتاخذهم الزبانية الى برهوت بحضرموت وهو واد باليمن واذا طلعت الشمس اخذ بهم الزبانية الى النار في المشرق وان كان من المؤمنين وعليه ذنوب ولم تكفرها بلايا الدنيا ومحنها ومصائبها اخذته الزبانية الى النار في المشرق وفي الليل الى برهوت حتى يستوفي فيه قدر ذنوبه ثم تاتيه الملائكة من جنود رضوان وتاخذه الى الجنتين (الجنة خ ل) المدهامتين عند مغرب الشمس وان كان الميت من الجهال الذين عاشوا الدنيا بجهلهم لا يعلمون شيئا ولا يدرون ولا يعرفون ما يريد الله منهم بل كانوا غافلين كالبهائم فهؤلاء اذا ماتوا دفنت ارواحهم مع اجسادهم وليس لهم برزخ لا بثواب ولا بعقاب (عقاب خ ل) ولا ياتيهم منكر ونكير ولا يحاسبون بل يبقى اجسامهم ونفوسهم في قبورهم كالحجر الى يوم القيمة ولا يرجعون اذا رجع محمد وآله صلى الله عليه وآله وشيعتهم واعداؤهم فاذا كان يوم القيمة جدد لهم التكليف ويحاسبون فمنهم من يكون من اهل الجنة ومنهم من يكون من اهل النار والحاصل الناس ثلاثة اقسام قسم من محض الايمان محضا وقسم من محض النفاق او الكفر محضا وهذان القسمان في البرزخ فريق في الجنة وفريق في السعير وكلما في الدنيا من خير او شر فانه في البرزخ اعظم منه في الدنيا بسبعين رتبة والقسم الثالث وهم الذين لم يمحضوا الايمان ولا الكفر او النفاق بل كانوا جهالا لا يعرفون ما يراد منهم ليس لهم برزخ واذا ماتوا انطفات حياتهم وشعورهم فكانوا كالجماد لا ينتبهون (لا يتنبهون خ ل) من نومهم الا يوم القيمة واذا بعثوا يوم القيمة حوسبوا فمنهم من يلحق بالسعداء ومنهم من يلحق بالاشقياء والله سبحانه اعلم بما يصيرون اليه

واما الاطفال من المؤمنين فانه اذا مات الطفل حمله الملائكة الى سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلم وتسلمه الى سارة وهاجر وآسية وكلثم اخت موسى عليه السلم ويربينه حتى يقدم احد من اقاربه المؤمنين فيطيبنه ويسلمنه الى قريبه القادم عليهم يربيه ولا يزال على قدره في الحجم حين مات الى يوم القيمة فاذا كان يوم القيمة ودخل الجنة بعد ان يشفع لابويه ولمن شاء ممن يحتاج الى الشفاعة ثم بعد ذلك فهو مختار ان شاء ان يكبر وان شاء بقي على حاله

واما النقالة فان الله سبحانه خلق سبعين الف ملك وجعلهم ينقلون الاموات الى موضع تربته واصل ذلك ان نطفة الرجل حارة يابسة كالنار ونطفة المرأة باردة رطبة كالماء فاذا وقعت نطفة الرجل في رحم المرأة نفرت نطفة المرأة من نطفة الرجل ونطفة الرجل من نطفة المرأة لما بينهما من التنافر ولا يخلق الا منهما معا كما قال تعالى يخرج من بين الصلب والترائب لان نطفة الرجل من صلبه ونطفة المرأة من ترائب صدرها فامر الله سبحانه ملكا فقبض تربة من الارض وهي باردة يابسة فخلطها بالنطفتين فبيبوستها توافق نطفة الرجل لان نطفة الرجل حارة يابسة وببرودتها تسكن حرارة نطفة الرجل وببرودتها توافق نطفة المرأة لانها باردة رطبة وبيبوستها رطوبة نطفة المرأة فيحصل التوافق بين النطفتين فكانت مادة الانسان ثلث من الرجل وثلثان من المرأة لان نطفتها اثقل من نطفة الرجل وشيء من قبضة التراب وهي اقل منهما الا انه كما كان التراب اكثر كان الجنين اعقل فاذا مات الانسان لا بد ان يدفن في الموضع الذي اخذت منه تلك القبضة فان دفن الميت فيها لم ينقل وان دفن في غيرها لا بد ان ينقل من ذلك المكان الى موضع تربته وايضا ربما يكون الرجل تربته في كربلاء ويدفن في يزد سنة او اقل ثم ينقلونه اهله الى كربلاء والسر في ذلك ان التربة التي قبضها الملك وخلطها كانت من كربلاء ونقلتها الرياح او الملائكة الى الموضع الذي دفن فيه في يزد وبقيت تلك التربة في ذلك الموضع سنة مثلا قبل ان ياخذها الملك ليخلطها بالنطفتين فيدفن في ذلك الموضع بقدر ما بقيت تربته فيه فانه يدفن في الموضع الذي نقلت التربة اليه بقدر (فقدر خ ل) ما بقيت ان كان يوما وان كان عشر سنين او اقل او اكثر لكن الاموات تختلف احوالهم فان لم ينقله اهله فمنهم من تنقله الملائكة في ايامه بغير مهلة لاجل اسباب يعلمها هو سبحانه وان كان ما حصل له سبب موجب لنقله بلا مهلة بقي في قبره الى ان تاكله الارض من جسده كل الاعراض والموانع وتبقى طينته الاصلية خاصة فتحمله الملائكة الطبيعيون الموكلون بها وبالجملة الملائكة النقالة دل على ثبوتهم ووجودهم العقل والنقل والنقل دل على ان عددهم سبعون الف ملك وذلك مما لا اشكال فيه

وكتب العبد المسكين احمد بن زين الدين (الاحسائي خ ل)

المصادر
المحتوى