
حسب جوامع الكلم – المجلد الثاني
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية
شيخنا الاعظم وملاذنا الافخم ادام الله علوك وحرس مجدك اني اتيت من سفر بعيد لان اكون لجنابك من اقل العبيد ولكن تلاطم العوائق وتراكم العلائق عاوقني عن الاستسعاد بخدمتك والاستفادة من نتايج قريحتك والتمس من جنابك واستدعي من خدام بابك الاستكشاف عن كيفية صدور الموجودات عن المبدء الاول وكيفية علمه تعالى بالجزئيات وعن كيفية المعراج وما هو الحق فيها عندك فان اقاويل العلماء فيها مختلفة والاشكالات الواردة على كل قول منها متكثرة مولانا انا ضيفك ولكل ضيف قرى فاجعل قراي تحقيق هذه المسائل وكتابتها بخطك الشريف في هذه الوريقة واحسن ان الله يحب المحسنين والسلام عليكم
اما بعد فيقول العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي انه قد وردت علي هذه المسائل في غاية اشتغال البال بكثرة الاعراض والامراض في اغلب الاحوال ولم اقدر على الاعتذار فكتبت الجواب على جهة الاقتصار لانه حاصل الحضور اذ لا يسقط ( الاقتصار اذ لا يسقط خل ) الميسور بالمعسور واليه ترجع الامور
قال سلمه الله : واريد من خدام من جنابك الاستكشاف عن كيفية صدور الموجودات عن المبدأ الاول
اقول اعلم ان صدور الموجودات انما كان من فعل الله تعالى لا منه عز وجل فينبغي ان يراد بالمبدء الاول هو فعل الله تعالى وهو مشيته وارادته فايجادهم صدوره عن ( من خل ) فعل الله والصادر هو وجوداتهم وحاصل ( اصل خل ) الوجود الذي منه كانت الاشياء ( الاشياء وخل ) انه العنصر الاولي وهو اول فائض من فعل الله ( الله تعالى خل ) وهو الحقيقة المحمدية وذلك لان الله سبحانه كان ولا شيء وهو الآن على ما كان ولم يكن ثم سواه تعالى ثم احدث الفعل بنفسه اي نفس الفعل لا من شيء وهو المشية وهو الامكان الراجح فامكن بامكانه الامكان المطلق الذي هو العمق الاكبر فانبسطت مشيته على طبق الامكان بما فيه من جميع الجزئيات على جهة الكلية الاضافية مثلا امكن بمشيته امكان زيد الكلي يعني ان امكان زيد قبل ان يكون يصلح ان يخلق ( يخلق منه عمرا خل ) او نبيا او شيطانا او ملكا او ارضا او سماء او جبلا ( او جبلا او شجرا او حيوانا خل ) وهكذا الى غير النهاية هذا في امكان زيد قبل ان يخلق وبعد ان يخلق امكانه لم يفارقه فيمكن فيه كل ما يمكن فيه قبل ان يخلق بتغييره الى ما شاء وهكذا امكان غيره فامكان الواحد الجزئي كلي لا يتناهى وهذه الامكانات هي خزائن جميع الممكنات وهي متعلق ( وهذه الامكانات الجزئية هي وجميع الممكنات متعلق خل ) المشية الامكانية ومحلها ثم ( وخل ) احدث بمشيته الكونية النور الاول الذي به تنورت الانوار وهو الحقيقة المحمدية وهو اول موجود فتعلق هذا النور بارض الجرز اي ( اي ارض خل ) القابليات فصار منهما العقل الكلي عقل الكل ثم تنزل بالروح الكلية ثم بالنفس الكلية التي هي اللوح المحفوظ ثم بالطبيعة الكلية فالعقل هو النور الابيض والروح نور اصفر والنفس نور اخضر والطبيعة نور احمر فهذه الاربعة الانوار هي العرش وصار ( هي العرش وهذا خل ) العرش خزانة جميع الاكوان فالمعاني في العقل والرقائق في الروح والصور الجوهرية في النفس والطبايع كلها في الطبيعة ثم جوهر الهباء ثم عالم المثال ثم جسم الكل ثم العرش ثم الكرسي ثم فلك الشمس ثم فلك الزحل ثم ( فلك زحل وخل ) فلك القمر ثم فلك المشتري ثم ( وخل ) فلك العطارد ثم فلك المريخ ثم ( وخل ) فلك الزهرة والشمس تستمد من صفة ذات العقل وتفيض على زحل وهو مدبر ( مدرك خل ) العقول الجزئية ومن هيئة صفة العقل وتفيض على القمر وهو مربي النفوس الحيوانية الحساسة وتستمد من ذات النفس والروح وتفيض على المشتري مربي العلوم ( العلوم الجزئية خل ) ومن صفة النفس وتفيض على عطارد مربي الافكار وتستمد من ذات الطبيعة فتفيض ( وتفيض خل ) على المريخ وهو مربي الاوهام ومن صفة الطبيعة فتفيض على الزهرة مربي الخيالات فضمن سبحانه الافلاك حقائق اجزاء الموجودات فاذا اراد سبحانه ايجاد زيد مثلا امر كلمته ( بكلمته خل ) التامة وهو فعله ومشيته فقبض عشرة قبضة بوجه ( يوجد خل ) زيد منه اي بالراس المختص بزيد من مشيته لان كل شيء له راس مختص به فقبض قبضة من محدد الجهات ( فقبض من محدد الجهات قبضة خل ) فخلق منها قلبه في اربعة ادوار ومن الكرسي قبضة خلق منها نفسه في اربعة ادوار ومن زحل قبضة خلق منها عقله كذلك ومن المشتري قبضة خلق منها علمه كذلك ومن المريخ قبضة خلق منها وهمه كذلك ومن الشمس قبضة خلق منها وجوده الثاني كذلك ومن الزهرة قبضة خلق منها خياله ومن العطارد قبضة خلق منها فكره ( فكره كذلك خل ) ومن القمر قبضة خلق منها روحه الحساسة ( الحساسة كذلك خل ) ومن العناصر قبضة خلق منها جسده كل قبضة في اربعة ادوار فهذه اربعون رتبة هي مراتب الوجود كميقات موسى فادار الافلاك الثمانية المقدرة والاطلس ( الثمانية والفلك الاطلس خل ) المسخر لها فالقى ( فابقى خل ) كل منها قبضة على مشاكلها من قبضة العناصر فاستجنت ( فاستجن خل ) تلك القوى الروحانية كل في مشاكله من طبايع العناصر في طبيعته فجرت النطف الغيبية في المطاعم والمشارب فاستجنت فيما تولدت من المطاعم من النطفة التي هي نطفة اب زيد فالقاها في رحم ام زيد ونطفة الرجل حارة يابسة ونطفة المرأة باردة رطبة فاذا اراد الله تعالى ايجاد زيد كان من نطفة ابيه جزء ومن نطفة امه جزءان فامر ( بامر خل ) الملك الخلاق فقبض قبضة من تراب الارض من الموضع الذي يدفن فيه زيد اذا مات فمائها ( فماثها ظ ) في النطفتين والتراب بارد يابس فيبوسته يلائم نطفة الرجل وبرودته يلائم نطفة المراة ومقدار هذا التراب من النطفتين الامشاج مختلف ( مختلفة خل ) فقد يكون بقدر نطفة الرجل فاذا كان هذا المخلوق ترابه ونطفتاه صافية كان نبيا او وليا او مؤمنا صالحا تقيا لكثرة ترابه وقد يكون التراب بقدر نصف نطفة الرجل او ثلثها او ربعها او اقل الى ربع الربع تقريبا وكل ما قل ضعيف ( ما قل التراب ضعف خل ) عقله وفهمه ودينه وكل ما كثر ( كثر التراب خل ) قوي عقله وفهمه ودينه وذلك على حسب مقتضي قوابلهم وما ربك بظلام للعبيد فتبقي ( تبقي خل ) النطفتان والتراب المصلح لهما والافلاك المذكورة تدور عليه وكل منها باشعتها تربي ( تدور عليه باشعتها كل منها مربي خل ) القبضة التي من شعاعها والملائكة الخلاقة باذن الله سبحانه قائمة بفعله تعالى في ذواتها وفي صنعها ( في ذاتها وفي صفتها خل ) قيام صدور فهو عز وجل هو الخالق على الحقيقة وهم بامره يعملون ويترجمون تلك الامدادات التي من اشعة تلك الافلاك من جنس ما يحتاج اليه المولود من لحم ودم وعظم ومخ وعصب وشعر وعروق وجلد على حسب ( وعروق على حسب خل ) ما يأمرهم ( يأمرهم الله خل ) تعالى فالامكانات كانت بمشيته الامكانية والاكوان كانت بمشيته الكونية والمشية الكونية هي الامكانية ( هي المشية الامكانية خل ) ولكن يسميها ( تسميتها خل ) باعتبار متعلقها فان تعلقت بالامكانات الكلية فهي امكانية وبالاكوان اي الوجودات هي الكونية وبالاعيان اي الذوات هي الارادة وبالحدود والهندسة ( بالحدود الهندسية خل ) من الطول والعرض والاجل والبقاء والفناء والرزق وغيرها هي القدر وباتمام الصنع هي القضاء وباظهار المصنوع وتبين ( وبتبيين خل ) اسبابه وشرح علله هو الامضاء واصل المصنوع هو الحقيقة المحمدية (ص) خلق منها محمدا واهل بيته (ص) ولم يبق منها شيئا لغيرهم فبقوا يعبدون الله سبحانه الف دهر كل دهر مائة الف سنة او ثمانون الف سنة ثم خلق من شعاع انوارهم حقايق الانبياء (ع) وبقوا ( فبقوا خل ) الف دهر ثم خلق المؤمنين من شعاع انوار الانبياء (ع) وهكذا الى الثرى لم يخلق ( لم يخلق الله خل ) تعالى الاسفل من طينة الاعلى قط بل من شعاع نور الاعلي وهكذا واعلم انه سبحانه خلق الاشياء لا من شيء فاول المخلوقات اخترعه لا من شيء اخترع مادته وهو الوجود الموصوفي وخلق منه صورته اي من انفعاله وهي الماهية وهي الوجود الصفتي فكل الاشياء تنتهي الى مصنوعه الاول اي الحقيقة المحمدية وهي محل فعله كالقيام الذي احدثه زيد فانه محل حركة تقوم ( فانه محل حركته تقوم به خل ) اذا قلت قائم فان قائم صفة زيد صفة فعل لا صفة ذات والحركة الايجادية بها تكون القيام فهو محل الحركة في قولك قائم وقائم اسم فاعل وهو منسوب الى زيد من جهة فعل للقيام ( القيام خل ) فهو صفة تدل عليه لا انها تبين حقيقة ( لا انه يتبين حقيقته خل ) كما قال امير المؤمنين عليه السلام صفة استدلال عليه لا صفة تكشف له في الاشياء ( تكشف له فالاشياء خل ) تنتهي الى الحقيقة المحمدية كانتهاء الاشعة الى جرم الشمس والحقيقة ( حقيقته خل ) تنتهي الى فعل الله تعالى وفعله ينتهي الى نفسه اي نفس الفعل ولا ينتهي شيء من خلق الله ( الله تعالى خل ) الى ذاته تعالى وهو قول امير المؤمنين عليه السلام انتهى المخلوق الى مثله والجأه الطلب الى شكله السبيل مسدود والطلب مردود ه فهذا بعض الاشارة الى كيفية الصنع وشرح هذا حتى يبلغ الى العيان ( حتى يبلغ معلوم سؤاله الى البيان خل ) يطول به الزمان
قال سلمه الله تعالى : وكيفية علمه تعالى الذاتي بالجزئيات
اقول اعلم ان الله سبحانه كان وحده ولا شيء معه ولا معلوم سواه وهو قول الصادق كما رواه ( ولا شيء معه كما رواه خل ) في الكافي والصدوق في التوحيد قال ( قال عليه السلام خل ) لم يزل ربنا عز وجل والعلم ذاته ولا معلوم والسمع ذاته ولا مسموع والبصر ذاته ولا مبصر والقدرة ذاته ولا مقدور فلما احدث الاشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم والسمع على المسموع والبصر على المبصر والقدرة على المقدور ه وكلامه (ع) في جواب سؤالك كله من شرح هذا الحديث الشريف وهو ( جواب سؤالك وهو خل ) كلام الصادق (ع) وما بعد كلام الصادق الا كلام الكاذب كما قال الله تعالى وما بعد الحق الا الضلال اعلم ان الله سبحانه كان في الازل وحده وهو الازل ولا شيء غيره وكان عالما ولا معلوم غيره لانه لو كان معه معلوم في الازل كان قديما فلا يعلم في الازل الا ذاته خاصة ولا يلزم منها اني اقول انه جاهل لان الجاهل هو الذي يوجد شيء وهو لا يعلمه واما اذا لم يكن شيء وقلت هو لا يعلم شيئا لا يلزم منه انه جاهل وكل ما سواه انما وجد في الامكان فاذا وجد شيء علمه فهو يعلم كل شيء في مكان ذلك الشئ ووقته فلا يجوز ان تقول انه سبحانه عالم بها في الازل لانه يلزم منه انها معه ولكن يجب ان تقول هو عالم بها في الازل بها في الحدوث فهذه ( وهذه خل ) العبارة صحيحة والعبارة الاول ( الاولى خل ) باطلة فهذا معنى قول الصادق (ع) فلما احدث الاشياء وكان المعلوم وقع العلم منه على المعلوم ومثاله اذا كنت وحدك ولم يكن احد معك يتكلم فانت سميع ولا مسموع حيث لا كلام فكيف تسمع لا شيء ( تسمع ولا شيء خل ) فلما تكلم الذي معك سمعت كلامه يعني وقع السمع منك على المسموع وقبل ان يكلم احدا ( يتكلم احد خل ) انت لا تسمع شيئا ولست باصم بل انت سميع فافهم المثال تفهم معنى الحديث بقي اشياء منها اعلم ان العلم مطابق للمعلوم وواقع على المعلوم ومقترن ( تقترن خل ) بالمعلوم وهذه الصفات ثابتة في العلم لا تخلف عنه ( في العلم الحادث لا تتخلف عنه خل ) فعلم الله القديم هو ذات الله تعالى بلا مغايرة فلو ان شخصا قال لك ان الله بعلمه ( بعلم خل ) القديم الذي ذاته يعلم زيدا هذا الشخص المعلوم فما تقول له ان قلت يعلم زيدا بعلمه القديم فما معنى هذا الكلام اذا كان العلم مطابقا للمعلوم وواقعا عليه ومقترنا به يلزمك ان ذات الله تعالى واقعة عليه ومطابقة له ومقترنة به وهذا كفر وان قلت لا يعلم زيدا بعلمه القديم قيل لك هذا كافر ( كفر خل ) فاذا قلت ( قلت ان خل ) الله سبحانه في الازل عالم بزيد في الحدوث كان كلامك صحيحا فما معنى صحته هناك وبيان هذا ان قول الصادق (ع) وقع العلم منه على المعلوم فهذا الاقتران والوقوع ليس هو نفس العلم الذاتي بل هو تعلق حادث بحدوث المعلوم مثاله ما تقدم لك من ( في خل ) المثال فان تعلق فهذا سمعك ( تعلق سمعك خل ) بالكلام ليس هو نفس سمعك الذي به سميع بل انما حصل لك عند كلام الشخص وكذلك صورتك التي في المرآة هي ( صورتك في المرآة هو خل ) ظل صورتك التي فيك فاذا وجدت المرآة انطبعت الصورة فيها ولم تحدث لك تغير ( تغيير خل ) في ذلك كالشمس لا يظهر نورها اذا قابلها كثيف يظهر فيه النور فالتعلق والمطابقة والوقوع انما حصل لسمعك حين وجد الكلام لا قبله وليس هذا تعلق سمعك الذي هو ذاتك وصورتك في المرآة انما حصل لها الوقوع والمطابقة عند وجود القابل وكذلك فالله سبحانه كان عالما في الازل ولا معلوم معه فلما وجد المعلوم تعلق به العلم وهذا التعلق حادث عند حدوث المعلوم لا قبله لان تعلق العلم بغير شيء يتعلق به محال فلم يحصل ( فلم يحدث خل ) لذاته سبحانه تعلق بشيء فاذا وجد ما يتعلق بشيء فاذا وجد ما يتعلق به حصل التعلق ولو كان هذا التعلق قديما لكان حاصلا قبل وجود المتعلق به ولا يصح تعلق بلا متعلق فثبت انه عالم ولا ( بلا خل ) معلوم يعني في الازل والتعلق الحاصل عند وجود الحادث فهو علمه تعالى بذلك الحادث وكونه لم يحصل قبل المتعلق لا يلزم منه القول بانه جاهل به فاني لو قلت لك انظر الى كفى اي شيء فيه فقلت لم ار شيئا لا يلزم انك لم تر شيئا لان كفى ليس فيه شيء ولو كان فيه شيء ولم تره صح انك اعمى كذلك قول الصادق (ع) كان عالما ولا معلوم يعني في رتبة ذاته المقدسة هو ( وهو خل ) عالم ولكن ليس ثم شيء ليكون عالما به وانما كانت الاشياء هنا فكل شيء كان تعلق العلم به ( تعلق به خل ) مع كونه واما قوله (ع) كان عالما بها قبل كونها كعلمه بها بعد كونها فهو مثل قولي انك تعلم بصورتك قبل ان تقابل المرآة التي هي ( هو خل ) كون صورتك كعلمك بها بعد المقابلة وهذا ظاهر فانه تعالى بعد ان كونها تعلق العلم بها ولم يكونها الا بفعله فحدودها ( الا ان يفعل حدودها فحدودها خل ) هيئات ظلية كما انك تكون الكتابة بحركة يدك وحدود الكتابة وصفات الحروف هيئات حركة يدك كذلك فعله وفعله صدر عن علمه فلم يكن شيء يخالف علمه لان كل شيء ( كل شيء من خل ) صنعه الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير واما كلام القوم الذي يختلفون هم ( هل خل ) يعلم الجزئيات الزمانية ام لا يعلمها ام يعلمها ( يعلمها بعلم خل ) كلي فانهم لا يعلمون ما يقولون ان يتبعون الا الظن وان هم الا يخرصون وذلك لزعمهم انه تعالى ليس له علم هو ذاته ولا يقولون بان له علما هو ذاته وبه علم ذاته وعلما مخلوقا هو كتابة والمعلومات في هذا كما قال ( وذلك لزعمهم انه تعالى ليس له علم الا هو ذاته بان له علما هو ذاته وبه علم ذاته وعلم مخلوقاته في كتابه والمعلومات في هذا الكتاب كما قال خل ) تعالى قال فما بال القرون الاولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى والمراد بهذا الكتاب اللوح المحفوظ وسماه علمه وقال تعالى قد علمنا ما تنقص الارض منهم وعندنا كتاب حفيظ اي محفوظ او ( اي خل ) حافظ فلما زعموا الا علم الا القديم وان العلم لا بد ( لا بد وخل ) ان يكون مطابقا للمعلوم ارتكبوا بجهلهم انه تكون صورة ( لجهلهم ان تكون صورة علم خل ) ذاته قياسا على علمهم ولهذا ضلوا ( ضلوا واضلوا خل ) قال الصادق (ع) كما رواه الشيخ في المصباح في الدعاء بعد نافلة الوتيرة بعد العشاء قال بدت قدرتك يا الهي ولم تبد هيئة يا سيدي فشبهوك واتخذوا بعض آياتك اربابا يا الهي فمن ثم لم يعرفوك الدعاء فلما قاسوا علمه تعالى بعلمهم فجعلوه صورا في ذاته ( صورة ذاته خل ) قالوا اذا تصور زيدا في الدار ثم خرج عنها ان تغيرت ( تغير خل ) صورة علمه تغير علمه وان لم يتغير لم يعلم بخروجه فيكون يعلم ذلك بوجه اجمالي ولو سكنا عن قياسهم نقلنا لهم ( بالوجه الاجمالي ولو سكتنا عن قياسهم لقد رءاه خل ) انا اعلم زيدا في الدار واعلم انه يخرج بعد ذلك فاذا خرج لم يكن خروجه مغايرا لعلمي بل هو مطابق والواجب ان لا يقيسوا علمه تعالى بعلمهم بل يقولون هو فوق ما تدركه عقولنا فهو يعلم الجزئيات الزمانية وان كان يلزم على قياس عقولنا ونقصها عن مقام الازل محذور لكن قدرته وعلمه لا يقدران بعقولنا وكيف لا يعلمها على جهة التفصيل وهو يخلقها على جهة التفصيل فان قيل انما يعلمها بالعلم الازلي الذي هو ذاته لا العلم ( هو ذاته لا يعلم خل ) الحادث الذي هو التعلق قلنا سلمنا ورضينا ولكنه يعلمها في الازل او يعلمها في الحدوث في اماكنها فان قلت في الازل قلت لك هي في الازل معه فان قلت لا بل هي في الحدوث قلت لك فاذا هو في الازل يعلمها في الحدوث في اماكنها واوقاتها وهذا هو قولي ( وهذا قولي خل ) وانا اريد ان لا تقول يعلمها في الازل بل قل هو عالم في الازل بها في الحدوث وهذا هو الحق والاشكال ( ولا اشكال خل ) فيه ولا شبهة تعتريه ( يعتريه خل ) الا في شيء واحد وهو معرفة تعلق العلم بها فان الازل لا يتعلق بالحادث تعلقا ازليا بل تعلقا حادثا لانه في الازل وحده ولو كانت الاشياء معه في الازل تعلق العلم بها تعلقا ازليا لكنها ليست في الازل وهو في الازل لم يحصل له هذا التعلق وانما حصل عند ( عن خل ) حدوثها وهو معنى قولنا السابق تبعا لقول سيدنا وامامنا جعفر بن محمد (ع) فافهم وتدبر وفي هذا البحث في هذه المسئلة اسرار دقيقة وابحاث عميقة قد غرق فيها الحكماء والعارفون ولم ينج من الغرق الا من ركب سفينة النجاة التي هي طريقة محمد وآله (ص)
قال ايده الله : وعن كيفية المعراج وما هو الحق عندك فان اقاويل العلماء فيها مختلفة والاشكالات الواردة على كل فعل منها متكثرة ( الواردة في كل منها كثيرة خل )
اقول اعلم ان الناس اقتصروا بعضهم على كلام بعض ولم ياخذوا علمهم من اهل العلم عليهم السلام وهو قول امير المؤمنين (ع) ذهب من ذهب الى غيرنا الى عيون كدرة يفرغ بعضها في بعض وذهب من ذهب الينا الى عيون صافية تجري بامر الله لا نفاد لها الحديث اعلم اني لا اقول قال فلان وقال فلان فاذا عرفت ان استنادي ( عرفت اسنادي خل ) في جميع افعالي ( اقوالي خل ) الى من لا يجهل ولا يسهو ولا يغش فاذا سمعته من كلامي منافيا لكلام القوم فانظر فيه ولا تستعجل و( ولا خل ) تبادر بالرد فتكون مثل اهل قول بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تاويله اعلم ان العروج على ظاهره بجسده ( العروج بجسده خل ) الشريف وعليه ثيابه فخرق السموات السبع والكرسي والعرش والحجب حتى وصل الى مقام قاب قوسين يعني ( حتى خل ) اجتمع مع الفعل ( العقل خل ) الاول يوم ( يعني خل ) خلقه الله تعالى بل ( قبل خل ) خلق الاشياء ثم تجاوزه ( ثم جاوزه ووصل خل ) الى مقام او ادنى واو بمعنى بل اي بل ادنى والمراد به انه وصل في عروجه الى ان انبسطت عليه المشية التي هي اول التعين ( هي التعين خل ) الاول فكان ( فكان هو خل ) محلا لها كما كانت الحديدة المحماة في النار ( بالنار خل ) محلا لفعل النار وظهر عليها كمال تاثيرها فهي مساوية ( مساوقة خل ) للنار في الاحراق لان الحديدة اذا احرقت فهو حرق النار في الحقيقة ( لان الحديدة اذا احرقت احرقت بالنار فالمحرق في الحقيقة هو النار لا الحديدة وانما ظهر تاثير النار فيها خل ) والى هذا المقام اشار الحجة (ع) في دعاء شهر رجب في قوله فجعلتهم معادن لكلماتك واركانا لتوحيدك وآياتك ( آياتك ومقاماتك وعلاماتك خل ) التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك وبينها الا انهم عبادك وخلقك فتقها ورتقها بيدك الدعاء فلا اشكال في المعراج ( معراجه (ص) خل ) بجسده الشريف كيف وقد نطق به القرآن وتواتر به النقل ( تواتر النقل خل ) وانما الاشكال من الجهل بمعرفة جسد النبي (ص) وفي معرفة الافاعيل الالهية ومن الخرق ( وفي معرفة الخرق خل ) والالتيام في الافلاك فنقول اعلم ان الله سبحانه خلق قلوب المؤمنين من فاضل طينة محمد (ص) لانه تعالى خلق قلوب الانبياء (ع) من طينتهم والفاضل هو الشعاع وخلق من فاضل طينة الانبياء قلوب المؤمنين فنسبة ( خلق قلوب المؤمنين من فاضل طينة الانبياء (ع) وخلق قلوب الانبياء من فاضل طينتهم (ع) والفاضل هو الشعاع فنسبة خل ) قلوب الانبياء الى طينتهم كنسبة الشعاع الى المنير وهو واحد من سبعين ونسبة قلوب المؤمنين الى طينة الانبياء كذلك واحد من سبعين فنسبة قلبك في النورية والادراك واللطافة الى طينة محمد وآله (ص) كنسبة شعاع الشعاع الى المنير وهو واحد من اربعةآلاف وتسعمائة فانظر الى نسبة قلبك وعقلك في نورانية ( نورانيته خل ) الى اجسامهم (ع) وقلبك الذي هو عقلك مع ضعف نسبته ( مع ضعفه بالنسبة الى اجسامهم خل ) كيف ينظر الى ما فوق السموات و( والى خل ) ما تحت الارضين و( والى خل ) ما في الدنيا والآخرة ولا يلزم من نفوذه في السموات يلزم منه خرق ( في السموات خرق خل ) ولا التيام فكيف الجسم الذي هو الطف من عقلك وانور ( انور منه خل ) باربعةآلاف رتبة وتسعمائة رتبة اذا صعد في ( الى خل ) السموات ولا يلزم منه خرق و( ولا خل ) التيام فان قلت كيف يكون كذلك وابصار الناس تراه (ص) والعقول لا تراها الابصار ( الابصار وخل ) تراهم الابصار ( الابصار قلت خل ) لان الله سبحانه البسهم قالبا كثيفا بشريا لينتفع بهم الناس لكن اذا قيست ( قست خل ) هذه البشرة ( البشرية خل ) التي البسهم الله تعالى اياها لينتفع بهم الناس الى نورانيتهم كانت بنسبة ( نسبة خل ) ذرة واحدة الى جميع العالم واقل فلا يكون مانعة لقلتها الا ترى انه (ص) يقف في الشمس بثيابه ولا يكون له ظل فتعقل ذا كيف لا يكون له ظل بكل ثيابه ولو وضع ثوب واحد منها في الشمس ولم يكون ( لم يكن خل ) على جسده الشريف كان له ظل كغيره وايضا هذه جبرئيل (ع) ستمائة جناح كل جناح اوسع ( جبرئيل (ع) له ستمائة جناح اوسع خل ) مما بين المغرب والمشرق وينزل بكله في صورة دحية بن خليفة الكلبي واذا شاء مر من ثقب الابرة وملأ السموات والارض لان المجردات النورانية لا يكون فيها تراخم ( تزاحم خل ) ولا تضايق و( ولا خل ) تخرق الاشياء كالملائكة تنزل من السموات وتصعد ولا يلزم منها خرق ولا التيام هذا وجه من الجواب ومعنى ثان هو ان الصورة البشرية عند ارادة الصعود لها احتمالان الاول ان صاعد ( الصاعد خل ) كلما صعد القى منه ( منه في خل ) كل مرتبة ما منها فيها مثلا اذا اراد تجاوز كرة الهواء القى ما في جسده من الهواء فيها اذا اراد تجاوز النار القى ما فيه منها فيها واذا رجع نازلا اخذه الجسدة ( اخذ جسده الشريف ما له خل ) من كرة النار واذا وصل الى الهواء اخذ ما له من الهواء فان قلت على هذا انما عرج بروحه ( على هذا يلزم انه انما عرج روحه خل ) قلت ليس هذا عروجا بالروح لانا ما نريد ( لا نريد خل ) بالقاء اجزاء الهواء ذوات الاجزاء بل عوارض الاجزاء لا ذواتها ولو القى ذواتها بطل بنية جسده وانحل تركيبه والثاني مثل ما ذكرنا ولا ( ذكرنا اولا خل ) ان صورة البشرية التي هي المقدار والتخطيط تابعة للمادة والجسم الاصلي في اللطافة والكثافة الا ترى ان المعصوم يكون ( يجول خل ) من المشرق الى المغرب في خطوة ( المغرب خطوة خل ) واحدة وان عليا يحضر جميع الاموات فلو مات سبعون الفا في لحظة واحدة حضرهم بجسمه ( بجسمه الشريف خل ) وروي ان الكاظم (ع) ما بين ان وضع رجله في الركاب الى ان ركب على الدابة ( ركب الدابة خل ) قرأ التورية والانجيل والزبور والقرآن في اقل من دقيقة وامثال هذا كثير ( كثير كثير خل ) كما هو مروي عنهم (ع) والسبت ( النسية خل ) في هذا ونحوه ان الاجسام اللطيفة اذا خفت من ( عن خل ) الذنوب والغفلة عن الله تعالى كانت بحكم الارواح لا تزاحم فيها ولا تضايق فكما يجوز ان يصعد الروح والملائكة الى السموات بلا خرق ولا التيام وهي ( وهي مع انه خل ) كثيفة بالنسبة الى جسد النبي (ص) كنسبة الواحد الى اربعة آلاف وتسعمائة فلا يلزم من صعوده (ص) ذلك بالطريق الاولى وهذا معنى آخر ايضا من الجواب وهنا ( وفيها خل ) ثالث وهو انما لم يجوزوا ( وهو انا لم نجوز خل ) الخرق والالتيام بزعمهم لما نظروا ان العالم كله على وضع واحد و ( واذا خل ) اختل ذلك الوضع بطل النظام فاذا خرق حصل حال مرور ( مروره خل ) فرجة بحبس ( يحبس خل ) الاجزاء المتأخرة وتجاوز الاجزاء السابقة فاذا وقفت المتاخرة وقفت جميع الفلك وبطل النظام على انه ( النظام لانه خل ) لا فرجة فيه ولا يمكن التخلل في اجزائه ولا تلزلزها ( ولا يلتزموها خل ) والالتيام انما يكون بانبساط الاجزاء الى الفرجة ولا يكون الانبساط الا مع التخلل والترفق ( الوقف خل ) واعلم ان هذه التقاريب جارية على مقتضى ( مصداق خل ) افاعيل العباد واما على مقتضى الافاعيل ( افاعيل خل ) الالهية فلا يتوقف على هذه بعد ما علم وثبت بالادلة القاطعة انه تعالى سبب من لا سبب له وسبب كل ذي سبب ومسبب الاسباب من غير سبب وهذا المعراج من معجز خارق للعادة وذلك لان قدرة الله عز وجل لا تقدر على مقتضى عقول الخلق بل الا فوق ( بل فوق خل ) ذلك بما لا يتناهى واذا اراد ( اردنا خل ) بيان ذلك بمقتضى الاسباب قلنا قد ثبت بالادلة اللفظية ( القطعية خل ) انه (ص) علة الايجاد مطلقا اي العلل الاربع الفاعلية لانه محل مشية الله تعالى والمادية لان الاشياء كلها موادها من اشعة نوره وانوار اهل بيته (ع) والصورية كلها هيئات اعمالهم كما ( هيئة اعمالهم كما في المؤمنين الموحدين وعكوس هيئة اعمالهم كما خل ) في المنافقين الكافرين والغائية لان الخلق لهم خلقوا ( الخلق خلقوا لهم خل ) فاذا ثبت انه هو العلة كان علة للافلاك وما يترتب عليها من الافاعيل في علة لاجسامها ( للافلاك وكلما يرتبط عليها من الافاعيل كجسمه الشريف علة لاجسامها خل ) ونفسه (ص) علة لنفوسها وعقله علة لعقولها فاذا امر ( مر خل ) بالفلك كانت اجزاءه التي بقدر جسمه الشريف حال مروره فثبت ( تثبت خل ) في بقاء جسمه بصورتها وتاثيرها كما فني نور السراج في ظهوره وفي انارته ( انارته في انارة خل ) نور الشمس بحسب ( بحيث خل ) لا يكون للسراج ( السراج خل ) لا في انارته ولا في تسخينه ( اشعته خل ) في نور الشمس اثر فاذا ذهبت الشمس عاد النور في ظهوره ( ظهوره وفي انارته خل ) وفي تاثيره وكانت قبل ذهابها هي المنيرة والمؤثرة بما هو اقوى من تاثير السراج كذلك جسد ( جسده خل ) الشريف كلما حاذى في صعوده شيئا من الفلك غاب ذلك الشيء في ظهوره وفي تاثيره وكان الظاهر والمؤثر في العالم مكان ذلك الجزء ( الجزء وخل ) هو الجسد الشريف باقوى من تاثير ذلك الجزء ( الجزء وخل ) في العالم فاذا تجاوز عنه عاد على حاله من ( عاد من خل ) غير خرق ولا التيام بل هو صلى الله عليه وآله جاء ( صاعد خل ) بهذه الحالة سواء كان صعوده على خط مستقيم ام مع سير الفلك فان كان على خط مستقيم كان ما اعترضه من الاجزاء التي يكون اصطفافها ( يكون هو اصفي ما فيها خل ) بالنسبة الى خط سير المستقيم موردا فيقوم بتاثيراتها ظاهرا وباطنا وبتأثرها ( باطنا بتأثير خل ) الوضعي وان ( فان خل ) كان مع سيرها قام بذلك في مقتضى حركتي ( حركة خل ) التوالي وخلاف التوالي في التقدير والتسخير وذلك مما اشرنا اليه من ( من ان خل ) جسده علة الاجساد وجسمه علة الاجسام وشبحه علة الاشباح ( علة الاجسام ومثاله علة الامثال ومادته علة المواد خل ) وطبيعته علة الطبايع ونفسه علة النفوس وروحه علة الارواح وعقله علة العقول والمرجل ( والمراد خل ) بهذا كان في عروجه (ص) محيطا بجميع اجزاء العالم من ( في خل ) ملكها وملكوتها وجبروتها فوقف ليلة عروجه ( جبروتها فرقها ليلة العروج خل ) على كل شيء عند اول ( اول توقف ليلة عروجه خل ) بدئه وآخره وما بينهما في جريتين في جرية احاط بكل ما اشرنا اليه في الدنيا في جرية صعوده حتى وصل الى اصل البدء لكل شيء في وقت كونه ومكانه ( امكانه خل ) وفي جرية نزوله وقف على كل شيء في منتهاء ( كل شيء في وقتها خل ) في الآخرة وذلك كاحاطة المنير باشعة ويحتمل على العكس قوى الانبياء عليهم السلام كلا في رتبة ( كاحاطة المنير باشعته كل في رتبة خل ) يوم خلق ويوم بعث ويوم يموت ويوم يعود وهو تأويل مفهوم ( وهو قول عز من قائل في مفهوم خل ) المخالفة من قوله تعالى ما اشهدتهم خلق السموات والارض ولا خلق انفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا فانه تعالى اتخذ الهادين محمدا وآله (ص) اعضادا لخلقه واشهدهم خلق انفسهم وخلق السموات والارض وذلك له (ص) في عروجه بمحسوسه ومعقوله فافهم راشدا واما شبهة المانعين والمشكلين ( المانعين المستشكلين خل ) في عروجه (ص) بجسمه لئلا يلزم الخرق والالتيام فواهية لانا نقول لهم من اني ( اين خل ) عرفتم اجرام السموات ومعائر ( مقادير خل ) الافلاك فهل صعدتم اليها لتعلموا ما هي فتحكمون عليها ( عليها هل خل ) عاينتم بابصاركم ولمستم ( ولا مستم خل ) بايديكم ام انتم تتبعون الظن وتخرصون ( الظن او انتم تخرصون خل ) هل عندكم من سلطان بهذا ام يقولون على الله ما لا يعلمون ( تقولون على الله ما لا تعلمون خل ) ان الذي اخبر لعروجه هو الخالق ويعلم من خلقه ما يجوز ويمتنع ( يمنع خل ) الا يعلم من خلق والذي صعد بنفسه ورأي ببصره (ص) وهو الصادق الامين فعلى هذا من ترددون وفيمن يستكون ( فعلى هذا فيمن تردون وفيمن تشكون خل ) على ان الدليل الفؤادي دليل الحكمة مع النقل الصادق دالا ( دال خل ) على جواز الخرق والالتيام وانا اشير لك بذلك الدليل في الكلام القليل وهو قوله سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق وقول الصادق (ع) العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية وما خفي في الربوبية اصيب في العبودية وقول الرضا (ع) قد علم اولوا الالباب ان ما هنالك لا يعلم الا بما هيهنا ه وما حصل عليه الاتفاق من ان الانسان هو العالم الصغير وفيه جميع ما في العالم الكبير قال علي (ع) :
اتحسب ( وتزعم خل ) انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر
فاذا ثبت هذه الادلة دلتك على ما قلنا فالحيوة فيك هي مثل القمر وفكرك فلك العطارد وخيالك فلك الزهرة وجوابك الثاني فلك الشمس ووهمك فلك المشتري وعقلك فلك زحل ونفسك فلك الكوكب وقلبك الذي هو عقلك الفلك الاطلس فاية واحدة من هذه مما فيك هي جسم لا تقبل الخرق ولا الالتيام ( فالحيوة فيك مثل فلك القمر وفلك العطارد مثل خيالك وفلك زهرة وهمك وفلك الشمس وجودك وفلك المشتري علمك وفلك زحل تعقلك وفلك المكوكب نفسك وفلك الاطلس قلبك هو عقلك فانت واحدة فما فيك هي جسم لا تقبل الخرق والالتيام خل ) بل اي شيء منها يدل على ما توهموه من كون الافلاك كالصخر ( كالصخرة خل ) الصلب وانما فيها ما يدل ( تدل خل ) على ان السموات كالبخار وذلك مثل قوله تعالى ثم استوى الى السماء وهي دخان وسئل محمد بن مسلم محمد بن علي الباقر عليه السلام عن ( من خل ) قوله تعالى ونفخت فيه من روحي قال (ع) ان الروح مجانس الريح ( الريح والريح مجانس الهوى خل ) الحديث ومتعلق تلك القوى منك مثل مخ ( منخر خل ) الدماغ والبخار اللطيف الذي في تجاويف القلب الصنوبري وحكمة الايجاد في المخلوقات فان ( بان خل ) ما فوق الارض هو الماء ويقبل الخرق والالتيام بغير تلزز ( تلزلز خل ) اجزاء منه ولا تخلل شيء منها ولا حصول فرجة فيه بل بالتموج من غير حصول خلل فيما يترتب عليه وفوقه الهواء بالطريق الاولى وفوق النار بهذه المثابة مع شدة اللطافة ومقتضى الحكمة في الصنع والادلة السابقة ان ما فوق النار من سماه ( فوق النار سماء خل ) الدنيا وما فوقه هذه البتة لشهادة ما اودع الله فيك وادلتك من الاستدلال ( البتة هكذا الشهادة ما اودع الله تعالى فيك ومن ادلتك الاستدلال خل ) بقوله تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم وليس مقتضى الوضع بمانع من الخرق والالتيام ونحن اجد ( نجد خل ) في انفسنا اذا زادت الحرارة على شخص منها اسرع نبضه ومع الرطوبة يسرع بقوة وبالبرودة مع اليبوسة يبطي بضعف ومع الرطوبة يبطي بقوة واذا حصل في الانسان شدة كان نبضه يقف في بعض النبضات حتى يترك نبضه ( يترك ما اقتضته خل ) فان فهمت فهو مثل حصول الخرق فما لا يحصل بامثال هذه فساد الجسد كذلك لا يحصل لذلك فساد النظام وفساد الافلاك ( فما لا يحصل امثال هذه فساد في الجسد كذلك لا يحصل بذلك فساد في النظام وفساد في الافلاك خل ) على انا قلنا ان الذي اتانا بالدين من رب العالمين وهو الصادق الامين وآله الطاهرين هو الذي رأى وباشر ( هو الذي زادنا شرفا خل ) وهو القائم المطلع على اسرار الحكمة وهو المخبر بذلك ( وهو للخير يدلك خل ) فان قوله حقا والا لزمهم اما انه لم يعرف او انه يقول كرم الله حسبنا به التشريق عن النقائص ( يقول كرم الله جنابه الشريف عن كل النقائص خل ) والرذائل فيجب على المسلمين منهم ان ( انه خل ) يقولوا آمنا به كل من عند ربنا سمعنا واطعنا وقبلنا وصدقنا ( اطعنا وصدقنا خل ) فان هو مع ذلك والا فحسبهم الايمان بما جاء من عند الله ومن عند ( وعند خل ) رسول الله صلى الله عليه وآله وحسب الجاحدين المنكلين النار والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
وكتب العبد المسكين احمد بن زين الدين الاحسائي ليلة الخميس ليلة الخامس من شهر ربيع المولود (ص) سنة اثنين وثلاثين ومائتين والف من الهجرة النبوية على مهاجرها وآله افضل الصلوة وازكي السلام حامدا مستغفرا مصليا مسلما تمت