جواب سائل (عن ست عشرة مسألة)

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - جواب سائل (عن ست عشرة مسألة)

رسالة في جواب سائل عن ست ‌عشرة مسألة

من مصنفات

الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد التاسع
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم

اعوذ يعني الوذ والتجأ بالله السميع الذي يسمع كل شيء والعليم الذي يعلم بكل شيء من الشيطان المبعد اليائس الرجيم المطرود

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين

اما بعد فان العبد المسكين احمد بن زين‌ الدين يقدم العذر في الجواب عن هذه المسائل على ما يريد من بسط الدليل ودفع الشبه الواردة على الاستدلال لاختلاف الانظار الا انه قد يحصل المطلوب في الجملة بالتطويل التام وليس لي قدرة عليه لضعف عنه في بكثرة الامراض وتشتت خاطري بدواعي الاغراض مع طلب جنابكم بالاستعجال ولكن يحصل الجواب المجرد او كالمجرد والله سبحانه ولي التوفيق

قال سلمه الله تعالى : المسئلة الاولى - ما علامة الفقيه الكامل والمجتهد الجامع لشرائط الترجيح والفتوى وكيف يعرفه العامي
اقول : علامة ذلك حاله ومقاله وذكره اما حاله فان يكون منتصبا للفتوى غير متحرز عندها من حضور اهل العلم والفضلاء والمجتهدين مع اقرارهم اياه على ذلك واذعانهم له واما مقاله فيعرف بما يكتب من تصنيفه وتأليفه واختباره التام ان يبرهن على المسئلة التي فيها القولان مثل انفعال الماء القليل وعدمه فيبرهن على انفعاله بما هو من نوع استدلال العلماء المجتهدين بحيث لا يعيبه من خالفه فيها بما يقدح في نوع استدلاله ثم يبرهن على عدم انفعاله كذلك بما لا يعيبه من خالفه فيها بما يقدح في نوع استدلاله واما ذكره فان يكون مشهورا بين العلماء بذلك والعامي هو من نقص عن هذه الرتبة فيعرفه بهذه الامور او باحدها على اختلاف مراتبهم وبشهادة عدلين وبالشياع المعتبر هنا شرعا والاخبار ( بالاخبار خ الف ٦ ) المتواترة والمحفوفة بالقرائن

قال سلمه الله تعالى : الثانية - يجوز تقليد المجتهد المفضول مع وجود الفاضل ام لا وان عرفناها منكم لكن نحب ان نعرف الدليل القاطع وفقكم الله
اقول : اعلم ان الفاضل الذي يرجح المشهور قوله على قول المفضول قد تشكل معرفته وذلك لان المجتهد عندهم هو من كان عالما بالعلوم التي يتوقف عليها الاستنباط وانت اذا نظرت الى ما يحتاج اليه في كل شيء وجدته كل علم وان كان في اغلب المسائل قد يكفي فيه ما اشار اليه العلماء رضوان الله عليهم من نحو العلوم الخمسة‌ عشر كما ذكروه وما يقرب منها في الزيادة والنقيصة الا اني اظهر جنابك على سر في هذه المسئلة وهو ان هذا العالم قد يوصله الحال والامر الى التردد والتوقف وليس ذلك لان المسئلة كان حكم الله في الواقع فيها مترددا او متوقفا بل حكم الله فيها بات وذلك الحكم البات لا يجوز في الحكمة وفي دليل العقل ان يكون ليس له دليل يدل بالقطع على الحكم القطعي بل لا بد له من دليل يدل بالقطع على الحكم القطعي سواء كان هو الحكم الوجودي المتحد ام الحكم التشريعي المتعدد ولا بد ان يكون ذلك موجودا في آثارهم عليهم السلم او في مدلولاتها وذلك مع الدليل العقلي هو من قوله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم فاذا ثبت ذلك فتوقف الفقيه وتردده اما لعدم اطلاعه عليه من عدم بذل جهده في التفتيش او من التساهل او لاقتصاره على ما وجد سابقا ولم يجدد التفتيش والبحث واما لعدم معرفته به لانه ربما وقف عليه ولم يره دليلا او يصلح للاستدلال به وربما لم يقف عليه فيتوقف في الحكم لعدم حصول مرجح له فيما حصل له فيه التعارض او يتردد لاختلاف الموازنة ( الموازنة عليه خ الف ٦ ) والمعادلة في الترجيح وكل ذلك وامثاله انما هو لنقص آلات استدلاله اذ قد يكون ما به الترجيح ليس في الخمسة‌عشر او فيها ولم يعرفه ثم هذه الخمسة‌عشر العلم لا يكون شيء منها تاما له حتى يجتهد في كل مسئلة من مسائله التي يحتاج اليها ولو بالتدريج وعند وقت الحاجة فلو اقتصر على ما اشتهر فيها او مال طبعه اليه او انس به في ابتداء طلبه او على ما وافق قاعدة عنده في ذلك لم يكن في الحقيقة بها عالما ولم تكن تلك المسئلة من ادلته لجواز بطلان الشهرة واعوجاج الطبع بغير خلقة الفطرة واحتمال كون سبب الانس به غرضا غير ما هو علم واحتمال فساد القاعدة او خروج هذا الفرد عنها باسباب او موانع حالية او خارجية ومع هذا كله لم ‌تسمع بان احدا اشترط في الاجتهاد كل العلوم الممكنة لطالب العلم مع انا نجد كثيرا من المسائل يتوقف تحقيقها على العلم الطبيعي مثلا مثل معرفة الاستحالات والانقلابات في النجاسات والانتقالات والتصعيدات في مثل البخار من النجس والدخان والورد النجس اذا صعد وامثال ذلك ولهذا وقع الاختلاف في كثير منها ولا يكفي العرف والاطلاق والتسمية لمريد معرفة حقيقتها التي يتوقف عليها الحكم لان الرجوع الى العرف ليس مطلقا في كل شيء والا لا غنى عن ( معرفة خ الف ٦ ) العموم والخصوص والنسخ والاجمال والتبيين وما اشبهها فكما لا يغني العرف عن هذه كذلك لا يغني عن معرفة تلك وبيان هذه الامور تحتاج ( يحتاج خ الف ٦ ) الى تطويل ليس لي وقت له فالعارف يكتفي بالاشارة فاذا عرفت ما اشرنا اليه ظهر لك ان معرفة الفاضل مشكلة في الواقع واما ظهورها في الظاهر فهو مبني على الشهرة وعلى بادي الرأي ليس على الاطلاع الحقيقي وذلك لانك لو استبطنت كثيرا من العلماء وجدت زيدا افضل من عمرو ببعض مسائل النحو وبالعكس في البعض الاخر وفي سائر العلوم كذلك بل لو جمعت علماء الوقت واستخبرت احوالهم رأيتهم مختلفين في الفضل في علم واحد بل في مسئلة واحدة مثلا مبحث الامر في علم الاصول كله مما يحتاج اليه المجتهدون فمنهم افضل في كونه للوجوب او الندب او غير ذلك ومفضول في دلالته على الفور وعدمه وآخر افضل منهما في دلالته على التكرار وعدمه وآخر بالعكس واذا نظرت اليهم فيما استوضحوا من المسائل رأيت شخصا افضل في الطهارة او في مسئلة منها باعتبار دليلها او فروعها وآخر في الصلوة فاضلا او مفضولا او بالعكس والحاصل الفاضل في تحصيل الدليل وفي تحصيل المدلول وفي كيفية الاستعمال وفي التحفظ والاحتراز والاحتياط وبذل الجهد وامثال ذلك مما يكون منشأ للفضل معرفته على الحقيقة في غير المعصوم عليه السلم او من غير المعصوم عليه السلم لا تكاد توجد وفي الواقع ان معرفته بالاستبطان على الحقيقة هي منشأ الترجيح لا مطلق الشهرة او في شيء خاص ولكن الجواب مبني على ( فرض خ الف ٦ ) حصول المعرفة بالفاضل والمفضول فيما فيه ترجيح المقلد فنقول المفروض ان المجتهدين كل ( واحد خ الف ٦ ) منهما مطلق لا اشكال في صحة اجتهاده ولا توقف لاحد فيه لاستجماعه للشرائط المعتبرة في صحة الاستفتاء والحكم والمشهور وجوب الرجوع الى الفاضل لان المقلد قد يحصل له الظن بالحكم وانما وجب عليه الرجوع الى الفقيه لترجيح ظن الفقيه على ظنه عند نفسه ورجوعه الى الفاضل طريق الى قوة ظنه وترجيحه على ظنه في رجوعه الى المفضول فكان تعين ظنه القوى جاريا مجرى تعين قوى ظن الفقيه ( ظن المجتهد خ الف ٦ ) على ضعيفه ولقوله تعالى افمن يهدي الى الحق احق ان يتبع وللاتفاق على صحة تقليد الفاضل ولقول الصادق عليه السلم في مقبولة عمر بن حنظلة الحكم ما حكم به اعدلهما وافقههما واصدقهما في الحديث وقوله عليه السلم في رواية داود بن الحصين فقال ينظر الى افقههما واعلمهما باحاديثنا واورعهما فينفذ حكمه ولا يلتفت الى الاخر وقال اخرون لا يجب بل يجوز له الرجوع الى من شاء لان المعروف من عامة الناس من المكلفين عدم اعتبار ذلك بل يأخذون عن كل من عرف بذلك المقام من غير اعتبار الفاضل من المفضول والعلماء في كل عصر مع اطلاعهم ومشاهدتهم لذلك لم ينكروا على المقلدين بل المعروف من طريقة اصحاب الائمة عليهم السلم ذلك وكذلك الائمة عليهم السلم ولا يقال ان سكوت العلماء اعم من الاقرار على ذلك لانا نقول انهم ( كانوا خ الف ٦ ) ينهون عن تقليد من ليس بعالم ومن ليس بعدل وهو دليل رضاهم واقرارهم على ذلك والذي يقوي في نفسي الثاني لانه هو المعروف من طريقة هذه الفرقة المحقة في سائر الاعصار خصوصا في زمان ائمتهم عليهم السلام لانهم يأمرون عامة شيعتهم بالرجوع الى علمائهم من غير استفصال ولا بيان حال بل كل من عرفوا منه العلم والصلاح احالوا عوام شيعتهم على اخذ معالم دينهم منه مثل جواب الكاظم عليه السلم لعلي بن سويد فيما كتب اليه واما ما ذكرت يا علي ممن تأخذ معالم دينك فلا تأخذن معالم دينك من غير شيعتنا الحديث ومثل ما في التوقيع عن الحجة عليه السلم واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وانا حجة الله عليهم ه‍ والمراد بهم العلماء الذين يحكمون بدينهم ويأخذون عنهم لا مطلق الرواة كما هو ظاهر لانهم عليهم السلم كثيرا ما يأمرون الذين سقط اليهم من علومهم ان ينتصبوا للافتاء لعوام اتباعهم كقول الباقر عليه السلم لابان بن تغلب اجلس في ( مسجد خ الف ٦ ) المدينة وافت الناس فاني احب ان ارى في شيعتي مثلك وامر الصادق عليه السلم لمعاذ الهرا بالجلوس في المسجد للافتاء ولم يعين الرجوع الى الافضل وقد كان كثير من الاصحاب ممن انتصب للافتاء بامرهم عليهم السلم مثل يونس بن عبد الرحمن ومحمد بن مسلم والحارث بن المغيرة وزكرياء بن آدم وابي ‌بصير وزرارة بن اعين وصفوان بن يحيى والمفضل بن عمر وعلي بن حديد وعبد الله بن جندب ومنصور بن حازم ونوح بن شعيب وعبد الله بن ( ابي خ الف ٦ ) يعفور وحمران بن اعين وحريز بن عبد الله والريان بن الصلت وغيرهم مجتمعين ومتفرقين مع ما بينهم من التفاوت المقطوع به مثل زرارة واخيه حمران ولم يتعين زرارة مع انه افقه واعلم واوثق ومن تتبع احوال الائمة عليهم السلم مع اصحابهم لم يتوقف في الجواز وتعدد القضاة في البلد الواحد يشعر بالجواز وهو كثير الوقوع في اغلب الازمان او كلها وما ذكره الاولون لا ينهض بالحجية اما قوة الظن مع الفاضل فيجري مجرى حكم ظني المجتهد فممنوع لان ظن المجتهد المرجوح غير معتبر في نفسه لعدم ركون نفس الظان اليه قبل حصول الارجح بالنسبة الى مرجحاته لكونها خارجية لا ذاتية فتناولها له ليس على جهة التعيين لتتمحض راجحيته بل قد تتناول مقابله الارجح لاشتراكهما في اقتضاء مطلق الراجحية واختصاص الارجح باقربيته الى الحقيقة فتتوجه اليه مرجحاته ومرجحات مقابله الارجح ( الراجح خ الف ٦ ) وذلك مقتضى اصل الكون في الحكمة الالهية لان الارجح في نفس الامر اقرب الى الحقيقة والاقرب الى الحقيقة تطلبه المرجحات لذاتها فتكون بنفس دلالاتها ومفاهيمها مانعة لاطمئنان نفس المستوضح للحكم بغير الارجح حتى انه ربما اذا عرض للفقيه رجحان طرف من النسبة لبعض المرجحات والطرف الاخر ارجح منه لا تكون هذه المرجحات عند نفسه مرجحات ولا تسكن النفس الا على الطرف الراجح فاذا وجده سكنت نفسه وانصبت المرجحات عليه حتى تقوى مرجحات الطرف المخالف ( له خ الف ٦ ) وذلك لانهما في مرءاة واحدة وهي نفس الفقيه بخلاف الفقيهين الفاضل والمفضول لان كل واحد منهما مرءاة للحكم الواقعي على الاستقلال فلا يكون تعارض الظنين فيهما من المقلد كتعارض ظني المجتهد لما قلنا فان قلت ان الظنين فيهما حصلا في نفس المقلد فيجري فيه ما يجري في ظني المجتهد قلت ان ظني المجتهد يعتوران على طرفي النسبة وكل واحد منهما موهوم التحقق او محتمل لذلك في نفسه وانما يتحقق الراجح بعد حصول المرجحات وتناول الفقيه للراجح انما هو بعد تحقق الحكم بالمرجحات فالتحقق بالمرجحات وتعين الاخذ تابع للتحقق وتعارض ظني المجتهد انما هو في التحقق بخلاف ظني المقلد فانهما في تعين الاخذ لا غير لان الحكمين اللذين عند الفاضل والمفضول هما المتحققان من كل طرفي نسبة فترجيح المقلد ليس لتحقق الحكم بل لتعين الاخذ وليس كونه حكم الله في حقه تحقيقا للحكم في نفسه ليكون ظنه به في الفاضل اقوى من ظنه به في المفضول فليس ظنا المقلد كظني المجتهد ولان ظني المقلد بين متحققين وظني المجتهد بين موهومين وانما نظيره لو طلب المجتهد الترجيح بين خصال الكفارة في براءة الذمة لا في الافضلية فان الحاصل له من اجتهاده انهما سواء فيرجع الى الفضيلة وليس هو المدعي ولا الباعث على الترجيح كذلك هنا واما الاستدلال بالاية ففيه ان المراد منها ان من يهدي الى الحق احق بالاتباع ممن يهدي الى الباطل لا الى حق مثل الاول كما هو المفروض في الفقيهين فان كلا منهما يهدي الى الحق على الانفراد بلا اشكال فلا يكون الاخر عند منظورية الثاني يهدي الى الباطل والا لجرى في حقه ذلك فيقلد الفاضل وهذا المفضول تام المقصد فاذا نسب عند المقلد الى كامل المقصد لا يكون التام ناقصا لانه ليس ناقصا والزيادة المنظورة في الفاضل من المكملات لا من المتممات ليكون بفقدها المفضول ناقصا بخلاف المقصود من الاية فان المقصود منها ان المأمور باتباعه لا يهدي الا الى الحق والمنهي عن اتباعه لا يهدي الا الى الباطل فلو فرض انه يهدي في بعض احواله الى الحق كان النهي عنه لا يهدي ( عنه لانه يهدي خ الف ٦ ) في البعض الاخر الى الباطل فالنهي لهذه الجهة لا مطلقا والا لتناول نهي ما عن الحق وهو باطل فالاستدلال بالاية على المطلب المذكور لا يجدي نفعا ولا دلالة فيه فافهم والاستدلال بالحديثين المذكورين وغيرهما فيه ما ذكر في الاية الشريفة فان الاصدق لا يراد من خلافه الصادق كما هو المدعي بل يراد من خلافه من ليس بصادق عند المستفتى ولو احتمالا والمدعي ان المراد من خلاف ( خلافه خ الف ٦ ) الصادق اصدق ودعوي ان ذلك هو المعروف من اسم التفضيل يعارضها ذكره عليه السلام الاعدل والاورع فان اعتباره عليه السلم لهما في الترجيح دليل على عدم ارادة ما اراد الاولون من الافضلية فانهم يريدون زيادة العلم واما الترجيح بهما مع التساوي في العلم او مع الاختلاف بهما وبالعلم على قول فهو خارج عما نحن فيه لان مناط ذلك والله العالم اطمئنان المقلد عن الاضطراب بقرينة قوله عليه السلم في رواية زرارة واوثقهما في نفسك وملاحظة هذا المعنى ربما توجب ترجيح المفضول من جهة زيادة دينه وصلاحه على الفاضل كما قيل لان هذا غير ما نحن فيه لان كلامنا فيما لو كان احدهما اعلم لاستفادة الحكم من العلم لا من غيره نعم لو تساويا في العلم وتفاضلا في الدين رجح الاولون الادين على جهة التعين ولو كان احدهما اعلم والاخر ادين تعين عندهم الاعلم ولو تساويا في الدين وكان احدهما اعلم تعين عندهم الاعلم والوجه جواز الرجوع الى المفضول مطلقا اذا كان تاما صالحا للاستفتاء بلا نقص حال انفراده لان العلماء يجوزون تقليد هذا المفضول مع عدم ملاحظة عروض المتفاضلين في وجه التقليد لاستجماعه الشرائط فلو حكموا مع الملاحظة بالمنع من تقليده وقد اجازوا ذلك قبل الملاحظة فليس لنقص لحق المفضول مانع من تأهله لذلك لذاته بالنسبة الى حكم نفسه ولا بالنسبة الى حكم مقلده وانما ذلك لشيء عرض لمقلده عند عروض اعتبار المتفاضلين في وجه تقليده وليس ما عرض موجبا لنقص فيما هو اهله بوجه ما بالنسبة الى حكم نفسه بل هو على حكم اعتباره قبل عندهم ولا في نفس الامر وكذلك بالنسبة الى حكم مقلده في ظنه لانه قبل ان يجد الفاضل في تقليده للمفضول على كمال الاطمئنان به لقوة ظنه وبعد وجدان الفاضل فانما حصل له توسعة وزيادة على الكفاية ظاهرا وفي نفس الامر وليست تلك الزيادة والتوسعة بجاعلين ما هو كاف ليس بكاف فان الزيادة والتوسعة كمال في الفاضل لا نقص في المفضول وعلى هذا جرت عادة السلف من الطرفين خصوصا ما كانت عليه عامة الشيعة وقد اقروا عليه عامة اتباعهم وما ورد عنهم عليهم السلم مما ظاهره خلاف ذلك فمأول بشيء من نوع ما اشرنا اليه سابقا والله سبحانه ولي التوفيق

قال سلمه الله : الثالثة - يجوز التجزي في التقليد ويجوز ان يقلد في المسئلة الواحدة اكثر من مجتهد واحد ام لا
اقول : قد اختلف ( العلماء خ الف ٦ ) في هذه المسئلة اختلافا كثيرا فقيل اذا تبع المقلد المجتهد في حكم حادثة مخصوصة وعمل بقوله فيها لم يجز له الرجوع عنه في ذلك الحكم الى غيره من العلماء اجماعا وقيل يجوز له العدول عنه في مساويه لا في نفسه وقيل اذا قلده في حكم ما وعمل به لم يجز له الرجوع عنه الى غيره في جميع الاحكام وقيل اذا بني امره على تقليده لم يجز له الرجوع عنه الى مجتهد غيره في جميع الاحكام وان لم يعمل بشيء من فتواه وقيل يجوز له الرجوع عنه الى غيره في جميع الاحكام وظاهر هؤلاء ان المقلد وان بني امره على تقليده يجوز له الرجوع ( عنه خ الف ٦ ) مطلقا اي عمل بشيء من تقليده ام لم يعمل والذي يقوى في نفسي هو الشق الاول من هذا القول الاخير يعني انه اذا عمل بشيء من حكمه جاز له الرجوع عنه لان المانع من الرجوع انما يستدل بان الرجوع مستلزم للرد عليه من رواية عمر بن حنظلة في قول الصادق عليه السلام فاذا حكم بحكم فلم يقبل منه فانما استخف بحكم الله وعلينا رد والراد علينا الراد على الله وهو على حد ٱلشرك بٱلله ومعلوم انه لو فرض استلزامه الرد فانما يكون اذا بني امره على تقليده ثم قلده وافتى له بحكم فلم يقبله واما اذا قبله وعمل به في واقعة ثم عدل الى مفت آخر لم يستلزم العدول الرد عليه لانه لم يرد ما حكم به بل عمل به واما عدوله الى غيره فهو استفتاء جديد ابتدائي وهو جائز كما جاز عدوله اليه اولا بلا فرق فان الفقيه الثاني لو كان اولا جاز ولو كان منفردا جاز فيجوز ثانيا استصحابا لبقاء التخيير بينهما فانه قبل استفتاء الاول مخير بينهما وبناء امره على تقليد الاول او استفتائه لم يقطع بكونه رافعا للتخيير السابق ثبوته لان الاصل ثبوته حتى يعلم الرافع واحتمال كون تقليد الغير رافعا مرجوح لا يقاوم اصل ثبوت التخيير على ان من جملة فتاوى الاول لانه يجوز تقليد غيره بقول مطلق يعني مع عدم ملاحظة عروض سبق التقليد فلو حكم مع الملاحظة بالمنع من الثاني وقد اجاز قبل الملاحظة فليس لنقص لحق الثاني لذاته بالنسبة الى نفسه ولا بالنسبة الى عدول المقلد اليه وانما هو لتوهم كون العدول عن الاول ردا لحكمه وقد اشرنا الى انه اعم من الرد فلا يدل عليه كما ذكرنا نحوه في جواز تقليد المفضول فراجع ولما ذكر الشيخ علي بن عبد العال ( عبد العالي خ الف ٦ ) الكركي رحمة الله عليه هذه المسئلة في رسالته الجعفرية بعنوان الجواز علي جهة النص صرح شراحها مثل الشيخ جواد والشيخ ابي ‌طالب والشيخ يحيى بن عشيرة البحراني من تلامذة المصنف والشيخ محمد بن الحارث كذلك بالجواز غير معتنين بنقل الخلاف وكذلك الشهيد الثاني في شرح الالفية وليس الا لعدم توقف احد منهم في ذلك لظهور ذلك في المذهب حتى انك لا تكاد تجد فيها فيما بين اكثرهم في العمل خلافا وان وجدته في القول حال الاحتجاج والبحث فافهم

قال سلمه الله تعالى : الرابعة - ان الرجل اذا لم يقلد الفقيه المجتهد في اكثر اوقات عمره اما من جهة الجهل بالحكم او من جهة التكاسل والتكاهل وبعد الانتباه والمعرفة ما حكمه بينوا على التفصيل حكم الجاهل والمتكاسل وفقكم الله تعالى
اقول هذا الرجل اذا عمل برهة من الزمان غير مقلد للفقيه فان كان علم بوجوب التقليد على غير المجتهد في جميع تكاليفه العملية فاعماله باطلة ان خالفت المعروف من المذهب بلا خلاف وان وافقت فكذلك على الاصح الاحوط وان لم يعلم واوقعها مخالفة لظاهر الشرع فهي باطلة وعليه الاعادة وان كانت موافقة لظاهر الشرع فالمشهور ان عليه الاعادة والذي يظهر لي ويقوى في نفسي انها مجزية لانه هو المعروف من آثار اهل العصمة عليهم السلم فانهم قد اثنوا على من اصاب وان لم يأخذ ذلك عن اجتهاد او تقليد فان الرجل يأتيهم عليهم السلم ويقول فعلت كذا فان وافق قالوا احسنت واقروه ولم يأمروه بالاعادة وقد انزل الله تعالى في البراء بن معرور ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين لما استنجى بالماء وقال صلى الله عليه واله لعمار حين اراد التيمم ولم يعلم كيفية التيمم وتمعك : تمعكت كما تتمعك الدابة واعادة صلوة المسيء في صلاته وان وقوع ذلك في زمن الائمة عليهم السلم كثير ولم يأمروا احدا بالاعادة او القضاء ولم ينقل عن احد منهم ذلك

قال سلمه الله تعالى : الخامسة - هل يرافع عند الذي ما بلغ رتبة الاجتهاد ام لا وهل يجوز له ان يحكم ويحلف ويقيم الحد ام لا واذا جرت الاحكام بحكمه هل تمضي او تفسد بينوا وفقكم الله لما يحب ويرضى
اقول : ان كان الترافع بقصد السعي في الصلح بحيث لا يحل شيئا الا برضا الخصمين والتحليف اذا اجراه بينهما انما هو في الحقيقة تعليم صورة القسم وهما المتحالفان في الحقيقة ويكون ذلك على نحو التصادق والتراضي فلا يبعد الجواز ومع هذا فليس له ان يحكم لانه منصب الامام عليه السلم وما خليفته القائم مقامه الا الفقيه المعتبر واما اقامة الحدود فان كان عارفا بحدود الله ولو بتقليد المجتهد او بالنظر في كتب الاصحاب جاز له ان يقيم الحد على مملوكه ولا يبعد جوازه له على زوجته اذا كان متمكنا بل وولده كذلك اذا كان الاب والزوج جامعا لشرائط الفتوى والتجنب فيهما طريق الاحتياط واما ما حكم به من الاحكام فلا يمضي بل ينقض حكمه ويحتاج في تحليل ما حلل الى المصالحة والتراضي على ما هو الاصح المشهور ومما نقل عن الشيخ حسين بن حسام (ره) في بعض الحواشي انه قال للفقيه العدل الامامي وان لم يجمع شرائط الاجتهاد الحكم بين الناس ويجب العمل بما يقوله من صحة وابطال وكذا حكم البينة واليمين والتزام الحق وعدمه في حال الغيبة ه‍

قال سلمه الله : السادسة - اختيار المرافعة والحاكم هل هو بيد المدعي او المدعى عليه
اقول : الظاهر ان اختيار المرافعة والحاكم بيد المدعي لان الحق في الدعوى له فلو ترك ترك

قال سلمه الله تعالى : السابعة - هل الماء القليل المتنجس بالملاقاة اذا لم يتغير احد اوصافه اذا بلغ الكر يطهر ويطهر ام لا
اقول : المشهور عدم طهارته استصحابا للحكم السابق والذي يترجح عندي انه يطهر سواء تمم بطاهر ام بنجس ام بمتنجس لانه ماء كثير والماء الكثير لاتنجسه الملاقاة وانما ينجسه التغير بالنجاسة في احد اوصافه وبه قال المرتضى وابن ‌ادريس والشيخ في احد قوليه وابن ‌البراج ويحيى بن سعيد لقول الصادق عليه السلم حين سئل عن الحياض يبال فيها قال لا بأس اذا غلب لون الماء لون البول ووجه الاستدلال انه جعل الغلب علة للطهارة وهو يتحقق بعد كما يتحقق قبل ولان الشارع (ع) حصر التنجيس للماء باحد شيئين لاحد نوعين من الماء فما نقص عن الكر تنجس بمجرد الملاقاة وما بلغ الكر لا يتنجس الا بالتغير ولا فرق بين ما قبل بلوغ الكر في عدم التنجيس وما بعده والا كان كل كر لا زيادة فيه ينجس اذا وقع فيه بول البتة لانه اذا كان الماء كرا تحقيقا وبال فيه شخص فان اول وقوع البول يتنجس منه جزء بحيث لا يكون ما لم يتغير كرا يستهلك بكثرته ذلك الجزء المتغير ويكون طاهرا ولا يكاد ينفك شيء من كر لا زيادة فيه عن ذلك وهو كثير الوقوع وقد سكت الشارع عن هذا وابهم فقال عليه السلام اذا بلغ الماء كرا لم ينجسه شيء وقال عليه السلم اذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا وترك الاستفصال في مقام الحاجة دليل ارادة التعميم اذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة

وقال ابن‌ ادريس بعد ان ذكر الزيادة المبلغة كرا اذا كانت يطلق عليها اسم الماء على الصحيح من المذهب وعند المحققين من نقاد الادلة والاثار وذوي التحصيل والاعتبار لان بلوغ الماء عند اصحابنا هذا المبلغ مزيل لحكم النجاسة التي تكون فيه وهو بكثرته مستهلكا لها فكأنها بحكم الشرع غير موجودة الا ان تؤثر في صفات الماء ( فاذا كان الماء خ الف ٦ ) بكثرته وبلوغه الى هذا الحد مستهلكا النجاسة الحاصلة فيه فلا فرق بين وقوعها فيه بعد تكامل كونه كرا وبين حصولها في بعضه قبل التكامل لان على الوجهين ( معا خ الف ٦ ) النجاسة في ماء كثير فيجب الا يكون لها تأثير ( فيه خ الف ٦ ) مع عدم تغير الصفات والظواهر على طهارة هذا الماء المحدد اكثر من ان تحصي وتستقصي فمن ذلك قول الرسول صلى الله عليه واله المجمع عليه عند المخالف والمؤالف اذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا فالالف واللام في الماء عند اكثر الفقهاء واهل اللسان للجنس المستغرق فالمخصص للخطاب العام الوارد من الشارع (ع) يحتاج الى دليل انتهى كلامه ولانه بعد بلوغه الكر تتناوله الادلة وهذا انشاء الله ظاهر

قال سلمه الله تعالى : الثامنة - كيف عبادة الرجل اذا كان عليه دين ويتكاسل في الاداء وهو متمكن من ذلك
اقول : الظاهر صحة صلاته وجميع اعماله البدنية لعدم اجتماع الامر والنهي في شيء واحد لتعلق الامر بجهة غير جهة العبادة وليست العبادة ضدا عاما لاداء الدين بل ضد خاص فلا ينافيه على الاصح والاحتياط لا يخفى

قال سلمه الله تعالى : التاسعة - هل يجب لطهارة البول صب الماء مرتين ام تكفي المرة الواحدة
اقول : الظاهر وجوب مرتين اذا كانت الطهارة بالقليل وان كانت بالكثير فيكفي غمسه فيه كما هو صريح ( صحيحة خ الف ٦ ) محمد بن مسلم عنه عليه السلم ولا بد من القطع بين المرتين لتتحقق الاثنينية لان الاظهر عدم تحقق التعدد بدون قطع الصب

قال سلمه الله تعالى : العاشرة - هل الثوب النجس اذا القي في الكر وازيل عين النجاسة يطهر ام يحتاج الى العصر وكذا اذا كان تحت المطر
اقول : اذا كان الثوب نجسا بنجاسة لها جرم كالغائط والدم فلا بد في تطهيره من ازالة عين النجاسة ولا بد ان يعصر لتنفصل الغسالة فانها نجسة اذا طهر بالقليل واما اذا القي في الكر فلا يحتاج بعد ازالة العين الى شيء بل يطهر بمجرد القائه في الكر وان كانت عين النجاسة لا جرم لها كالبول اليابس فلا يحتاج الى ازيد من القائه في الكر والمطر الذي يبل وجه الارض بحكم الكر والجاري والغسالة هنا لاتنفعل بالنجاسة لاتصالها بالكثير وهذه كلها مستفادة من السنة

قال سلمه الله تعالى : الحادية ‌عشرة - يجوز ويمكن الغسل الترتيبي في الماء وعلى فرض الامكان والجواز كيف صورته
اقول : يجوز الغسل الترتيبي في وسط الماء بان يغمس رأسه ورقبته في الماء ثم يحرك جنبه الايمن بنية غسله ثم يحرك الجانب الايسر بنية غسله وقد تم غسله ترتيبيا وهو افضل من الارتماس وان لم يخرج من الماء وهذه كيفية صورته ولو دخل في الحوض وغمس نفسه في الماء فاذا شمله الماء حرك رأسه ورقبته بنية الغسل ثم جنبه الايمن ثم الايسر وهو في داخل الماء صح غسله الترتيبي وعندي ان هذا لا اشكال فيه وما ورد في بعض الاخبار من وضع كف على رأسه وعلى جوانبه ليس ذلك لبيان الكيفية وانما هو تعليم لمن يخاف قلة الماء او نجاسته بالاستعمال الذي يحصل به الاجتزاء بالماء القليل

قال سلمه الله تعالى : الثانية ‌عشرة - هل يصح الغسل مع ازار الابريسم ام لا
اقول : يصح الغسل والدليل هنا هو الدليل في الثامنة كما تقدم

قال سلمه الله تعالى : الثالثة عشرة – هل يصح الوضوء اذا صب الماء فوق المرفق او تحته عالما او جاهلا بالحكم او بالوضوء
اقول : اذا قصد بالصب الغسل فيعتبر فيه ما يعتبر في الغسل من الترتيب او النكس من الجواز او العدم واما اذا كان انما يعتبر الغسل بامرار يده فلا فرق بين الصب فوق المرفق او تحته او على نصف الذراع لان الاعتبار في الترتيب بين اجزاء العضو او من جهة النكس وعدمه انما هو عند قصد الغسل سواء غسل بالصب ام بمسح اليد فافهم

قال سلمه الله : الرابعة‌ عشرة - اذا كان زيد يطلب من عمرو وبكر قبل ما على عمرو من الدين من غير اذن عمرو فهل تبرأ ذمة عمرو وتشتغل ذمة بكر وهل لزيد ان يطالب عمرا ان لم يصل اليه المبلغ المذكور ام لا
اقول : اذا قبل بكر ما في ذمة عمرو بان ضمن بعقد شرعي بان يقول ضمنت لك ما في ذمة عمرو او تحملت او التزمت او انا ضامن لك او زعيم او ضمين او ما اشبه ذلك باللفظ العربي مع القدرة فيقول المضمون له قبلت او رضيت او ما اشبه ذلك فاذا فعل ذلك برئت ذمة عمرو من الذي عليه واشتغلت ذمة بكر وليس لزيد ان يطالب عمرا لان ماله انتقل الى ذمة بكر فاذا استوفى الضمان شرائط الصحة واللزوم كان مال زيد في ذمة بكر وليس لزيد عند عمرو حق سواء اعطاه بكر ام لم يعطه ولا لبكر عند عمرو شيئا ان كان ضمن بغير اذنه وان ضمن باذنه رجع عليه بما ادى عنه وهذا مما لا اشكال فيه

اقول واما الحديثان المسئول عنهما وعن سنديهما ومعنييهما ومعنى الاول ان شيعتنا يموتون بعلة ( البطن واعداؤنا يموتون بعلة خ الف ٦ ) الصرع والقولنج او انه اعداؤنا يموتون بالطاعون وانتم تموتون بعلة البطون ومعنى الثاني انه جاء عند سليمن ثلاثة رياح فاختار اثنين منها وترك الثالث للقائم عليه السلم فلم‌اعثر عليهما حين الكتابة وليس في حفظي لفظهما ولم تكن لي سعة للتفتيش عنهما واغلب المعني المراد متوقف على معرفة اللفظ

والذي يحضر في خاطري الأن من معنى الاول على معنى الرواية الاولى ان الصرع يكون من احدي المرتين الصفراء والسوداء او بمشاركة البلغم فتتصاعد الى الدماغ فينصرع الشخص بتشنج العروق والعصب ويتحشف الدماغ ويتلوى فيزول العقل فاذا مات به الشخص مات دفعة من غير استعداد للرحيل بوصية او توبة او تذكر شيء من المعتقدات المسئول عنها فيكون موتا غير محمود العاقبة وكذلك القولنج فانه يأخذ بكظم الشخص حتى يشتغل به عن الاستعداد المشار اليه فيموت ميتة غير محمودة سوية بخلاف علة البطن فان صاحبها في الغالب تبقى له حواسه ومشاعره وادراكاته صحيحة سالمة الى ان تخرج روحه كما شاهدنا مرارا فيوصي ويتوب ويوصي باداء الحقوق التي عليه ويتشهد الشهادتين ويستعد للرحيل ويحب لقاء الله فيختم له بالخير وتكون ميتته سوية محمودة ومنقلبه كريما وعلى معنى الرواية الثانية ان الطاعون في الغالب انه يقع بسبب المعاصي فيعفن الهواء والماء فيكون عقوبة من الله للعاصين ولانه موت وحي لا يتمهل الشخص معه للاستعداد للرحيل كما مر واما ان كونه ممدوحا في حق المؤمن فلمثل ما روي ان الله سبحانه لم يجعل لموت المؤمن اجلا معينا لكرامته على الله سبحانه ولكنه اذا هم بموبقة قبضه اليه قبل ان يقارفها

ومن معنى الثاني ان الريحين اللتين اختارهما سليمن على محمد واله وعليه السلام هما الريح العاصفة لقوله تعالى ولسليمن الريح عاصفة تجري بامره الى الارض التي باركنا فيها الاية والريح الرخاء لقوله تعالى تجري بامره رخاء حيث اصاب فالريح العاصفة الشديدة تجول تحت البساط وتحمله على متنها الى الهواء على قدر ارادته في العلو والسفل والريح الرخاء تسير البساط بلين الى ما اراد واما الريح الثالثة التي ادخرها للقائم عليه السلم فالأن لا اعينها وليس لي توجه الى التفتيش عنها وعن اسمها وان كان جميع الرياح له عليه السلم تجري في شؤنه كما يريد مثل الريحين اللتين لسليمن فانه يستعملهما فيما يستعملهما سليمن عليه السلم وفي غيره وله الصبا كما لجده صلى الله عليه واله كما في قوله صلى الله عليه واله نصرت بالصبا وله الرياح اللواقح والمثيرة للسحاب وله الرياح المبشرات وغير ذلك على ما يطول به الكلام ولكن خصوص الريح الثالثة لا يحضرني الأن اسمها والله سبحانه اعلم لاني لا اقدر على المراجعة الا على سبيل الاتفاق والله اعلم بالصواب

وكتب العبد المسكين احمد بن زين ‌الدين في الرابع والعشرين من ذي‌ القعدة سنة احدى وثلاثين بعد المائتين والالف حامدا مصليا مسلما

المصادر
المحتوى