رساله استدلاليه در جواب اعتراضات حاجی محمد کريم خان کرمانی

جناب الطاهرة
أصلي عربي

رسالة استدلالية في جواب اعتراضات الحاج محمد كريم خان – كتاب ظهور الحق، جلد ۳، ۱٦٥ بديع، الصفحة ۳۹٤ - ٤۱۹

﴿ بسم اللّه الرحمن الرحيم ﴾

﴿ وهو العلي العظيم ﴾

الحمد للّه الّذي شهد لنفسه بنفسه أن لا إله إلّا هو وتنزّه عن مجانسة عباده بقدسه أن لا إله إلّا هو وتعزّز عن مقارنة آثاره بوصفه ولمسه أن لا إله إلّا هو وتكبّر عن مماثلة أمثاله بكينونة ذاته ولبسه أن لا إله إلّا هو ظاهرا بجلال كينونيته وغائبا بلطيف أينونيّته متجلّيا بكمال كيفوفيّته وباطنا بسرّ بينونيّته أنشأ المخترعات لا من مثال قبلها وأوجد المبتدعات لا من مادّة فوقها وأحدث الموجودات من غير شيء أمدها وأقضى المصنوعات من دون خلق أعدّها إلى قوله ....

أمّا بعد فيقول السّاكن في الظّل الظّليل والفائز من عفو ربّه المقيل الشّارب من رشحات السّيّد النّبيل باب اللّه المقدّم القتيل بن الكربلائي تراب أقدام المؤمنين السّابقين والتّابعين اللّاحقين من المجيبين لدعوة الدّاعي الفصيح والملبّين لنداء المنادي من حول الضّريح إنّي قد كنت بعد وفات السّيّد القمقام وغيبة ظاهريّة الإمام سيّد الشّيعة وإحدى السّبعة من أصحاب الكهف والرّقيم في باطن الباطن أو تأويل تأويل كهف الأنام وأبي الأيتام أيتام آل محمّد (ص) المأمون من الزّوال والمؤتمن من الخلل القرية الظّاهرة للسير إلى القرى المباركة في التّأويل والباطن والقرية المباركة في أبطن البواطن المنزّهة عن مقارنة أبناء الجنس والمقدّس عن تشاكل أفراد الإنس مولانا ومولى الآفاخر والآعاظم ولأشرف الأديان خير ناظم السّيّد كاظم الرّشتي أنار اللّه برهانه وأعلى مقامه على الأرض المقدّسة ذات القبّة الحمراج ومدفن سيّد الشّهداء - صلّى اللّه عليه - ما دام جدّه أشرف الأنبياء وأبيه زين الأصفياء ما أدري إلى أين إلى الجبريّة أم إلى القدريّة أو البالاسريّة [فرقة شيخية] المفوّضة الدّهريّة إلى أن مضت من الزّمان برهة ومن الدّهر هنيئة بقدر أربعة أشهر وأيّام قليلة نادى مناد من السّماء على اسم قائم من بياض الفارس أرض ميمونة معدن الأطياب ومهوى الأفئدة والألباب موطن فاتح الأبواب ومسقط رأس أشرف الأصحاب سلمان المحمّدي - صلّى اللّه عليه - وكفى لهذه الأرض الطّيّبة فخرا قول رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله - لو كان الحقّ في الثّريا لناولته أيدي رجال من الفارس نقلته بالمعنى وقول الإمام - عليه السّلام - في ولادة جدّه (ص) كشف الغطاء من عين آمنة - سلام اللّه عليها - حتّى رأت قصور الشّام وبياض الفارس الخ وجاء بكتاب جديد وقلب كأنّه زبر حديد وصحيفة مكنونة ورسائل مشحونة من أم المطالب وأصل المآرب ما سمعت أذن ولا رأت عين وطالعت منها أوراقا وتصفّحت أرقاما طار لبّي وتحيّر قلبي من بيان تلك المقامات العالية والمراتب السّامية ظهر عندي ظهورا كأنّه أتاني بكل معجزة من معاجز الأنبياء فالتزمت بالقبول والاذعان والإقرار بما جاء به من عند مولاه صاحب الزّمان - عليه سلام - اللّه الملك الدّيّان وشرعت أروّج أمره ونهيه وأظهر في النّاس اسمه ووصفه ولكن لا نعلم الشّخص على التّعيين إلّا بالحدس والتّخمين حتّى أخذوا رسوله العالم العليّ صاحب النّور البهيّ [الملّا عليّ البسطامي] وأنكر بعض العلماء وتردّد بعض سيما بعد نزول أمر البَدَاء من بقيّة الخلفاء ووقوع المصيبة العظمى والبليّة الكبرى مصيبة ما صدرت من أحد كها ولا وقع في الإسلام بمثلها على النّجباء الأزكياء والصّلحاء الأتقياء ملّا محمّد صادق الخراساني وأصحابه فما بقي من المقرّبين التّابعين إلّا شرذمة قليلة وأشخاص معدودة أقل من كبريت الأحمر والإكسير الأعظم فإذن حصل في القلب فتور وللنّفس قصور أدور اسئل من العلماء والطّالبين وما أسمع منهم إلّا الطّرد والمنع وذكر بعض شيء لا يحسن للعاقل أن يتفوّه به ومرّة أراجع كتبه وخطوطه وبياناته يشوّقني إليه مع أنّه ما قرأ درسا يمكن الاتيان بمثل ما صدر منه بهذا المقدار من التّحصيل لكن أقويّ شبهتي من توقّف العلماء بل إعراضهم من هذا الأمر العظيم الخطب الجسيم والأعصار المثار إلى عنان السّماء والفتنة الّتي ما سمعت بمثلها بعد خاتم الأنبياء - صلّى اللّه عليه وآله الأصفياء - إلى أن لاقيت كتابا ظاهرها منظومة وباطنها منثورة صورتها معجبة وداخلها منتنة كسراب بقيعة يحسبها الظّمآن ماء حتّى إذا جآئه لم يجده شيئا كعجل السّامريّ أخذ من حِلَى القوم عبارات مسروقة وبيانات واهية صنّفها العالم الكرماني والتّارك لرياسة الخاني حاجي محمّد كريم خان ابن إبراهيم خان سادة الأمويّة ووراثة ملكة الكسرويّة بتر اللّه أدبارهم وأذهب آثارهم وقد صار لقلبي كالماء البارد على الظّمآن في شدّة الهجر ورمضاء الحرور اطمأنت إطمينان القلب في صدره والطّير في وكره لما فيها من الأباطيل المجعولة والدّلائل المفتولة أهون من بيت العنكبوت وَإِنَّ أَوْهَنَ البُيُوتِ لَبَيْتِ العَنْكَبُوتِ سيما من افترائه على السّيّد المظلوم والطّاهر المعصوم قد كان عندي متيقنا خلافه بل خلاف مذهب السّيّد الباب الّذي ملأ كتبه ورسائله منه وليس ادّعائه إلّا ما كتب وزبر فعلمت أنّ فهمي ما خان بي وما اخطأت في جهادي وإنّ النّاس أغلبهم طالبوا الرّياسة والماشين من غير نور الهداية من أهل بيت النّبوّة والولاية فحتمت على نفسي أن اذكر بعض ما صدر من قلم بيانه ليت لم يجر قلمه ولم ينطق لسانه فإنّ في كثيره طول بلا طائل وأبيّن فساد ما قال بمحكمات من القرآن والأحاديث وقطعيات من بيانات الشّيخ والسّيّد البابين (ص) وضروريات مذهبهما الّتي هي أُسُّ المقاصد وأصل المطالب ليكون لطالب الحقّ انتباه من مكائده وادّكار من مغايله وشأني في هذا الأمر مثل شأن السّيّد الباب - (ص) وأعلى اللّه مقامه - حيث قال نحن ما نتكلّم إلّا بلفظ الحديث أو معنى الحديث وشرطي على أن لا أقول إلّا ما ذكر مع كلمات الشّيخ والسّيّد البابين - رحمهما اللّه - بألفاظها وعباراتها ومعانيها وأفوّض أمري إلى اللّه وهو حسبي ونعم الوكيل

قال الخان بعد خطبته وإظهار نكبته يقول العبد الأثيم والفاني الرّميم كريم بن إبراهيم ... الخ أقول قد خاصم نفسه في أوّل كلامه حيث وصف نفسه بالرّميم الّذي هو الميّت المشرف على الإنعدام والإضمحلال بعد الإثيم إِلْهَامًا من اللّه العليّ العظيم لأنّ الأسماء تنزل من السّماء على ما نصّ عليه الأوصياء من خاتم الأنبياء أمّا الأثيم فهو البالغ في الإثم بحيث صار مصداقا لقوله تعالى ﴿مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ﴾ ولذا ما وصف سبحانه بهذا الوصف إلّا الّذي غلبت نقطة سوداه على نقطة بيضاه وانقلب عقله بالشّيطنة والنّكراء وبحمل لجميع ظهورات المنكر والفحشاء مثل الفرعون وأمثاله قال سبحانه ولا تطع كلّ حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم ان كان ذا مال وبنين انظر أيّها العاقل في معاني تلك الكلمات المباركات ومطابقتها للمقصود وقال الّذين يكذّبون بيوم الدّين وما يكذّب بها إلّا كلّ معتد أئيم وقال تعالى ﴿كُلُّ كَفَّارٍ أَثِيْم﴾ وقال سبحانه ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّوم طَعَامُ الأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي البُطُونِ كَغَلْيِ الحَمِيمِ خُذُوهُ فَاغْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الجَحِيمِ ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الحَمِيم ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ﴾ الطّعام في التّأويل هو العلم كما قال - عليه السّلام - ﴿فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ﴾ أي إلى علمه عمّن يأخذ فإنّ شجرة الزّقّوم الّتي تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنّه رؤس الشّياطين طعام للأثيم والخان العزيز الكريم انظر في صراحة الآية الشّريفة سيما على تفسير ظاهر الظّاهر في الكريم فاشبه الأشياء إلى ذلك الطّعام الأخروي الباطني في الدّنيا هو الغليان والدّخّان المخترع لكلّ نفس ثنوي والظّاهر دليل الباطن إلّا إذا دلّ الدّليل بخلافه وهنا دلّ بِوفْقِهِ فيا أيّها العاقل المنصف مع قطع النّظر عن الأحاديث المكرره وهي اثني عشر تدبّر في هذه الآية الشّريفة بصراحتها في المطلوب أَلَيْسَ شجرته مُرًا زَقُّومًا أما يغلي في بطنه أَلَيْسَ طلعه وهو رأسه كرأس الشّيطان أما يشينه العقول السّليمة ويقبحه كلّ من يرتكبه أم لم يرتكب وضرره أيضا معلوم فإذا لا يجوز تبعية المرتكب لهذا القبح الكبير في كلّ يوم وليلة مرّات عديدة وكرّات متعددّة والإصغاء إليه والأخذ منه مع ادّعائه مقام الأُمناء والأولياء هذا وصفه بالأثيم فبهذا المعنى الرّميم ليس المراد منه ما يفهمه العوام كما هو ظاهر قوله تعالى ﴿مَنْ يَحْيِ العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾ وليس أيضا مراده مراعات السّجع والوزن فقط لأنّ مقامه أجلّ من هذا بل المراد منه التّأويل وخلاف الظّاهر فالمقصود من هذا الوصف امّا الجهل أو سلب الإيمان والكفر كما في القرآن والأحاديث وكلمات العارفين كقوله تعالى ﴿لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ﴾ أي ليجهل الجاهل عن بصيرة وليعلم العالم عن بصيرة ﴿مَا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيْزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ﴾ أَفَمَنْ كَانَ مَيْتًا أي جاهلا وجعلنا له نورا أي عِلْمًا يمشي بين النّاس كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ من الجهالات لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا ولا أظنّ أحدا يشكّ فيما ذكر وأيضا الموت له إطلاقان على الظّاهر موت هو الخير والنّور وهو ملاقات الرّبّ سبحانه وإندكاك جبل الإنّيّة وقطع العلائق وكشف الحقايق فالحيوة المقابل لهذا المعنى هو الأدبار والبعد من الجبّار والتّحجّب عن تجلياته والإشارة إلى هذا المعنى من الموت في قوله تعالى غير مرة ﴿فَتَمَنُّوا المَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ وبهذا المعنى من الحيوة في التّأويل ولتجدنّهم أحرص النّاس على حيوة ولذا أتى سبحانه بالتّنكير وموت هو الظّلمة والإعراض عن المبدء الحقّ كما أشرنا إليه والجهل والإنكار وكلّ ما يحصل من الأدبار فالرّميم لا يطلق إلّا في هذا المعنى من الموت ولذا قال الإنسان مبدء الإنكار مَنْ يُحْيِ العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ فانا أغويتهم واتّبعوني وأنسوا ذكر اللّه قل سبحانه ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ إذا شاء فإنّ اللّه قادر على كلّ شيء كما فيما بعد هذه الآية ﴿أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بِقَادِرٍ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ﴾ وإنّما قلت على الظّاهر لأنّ الموت له إطلاقات آخر ليس هنا محل استيفائه لكم يجمعها هذان القسمان اللّذان ذكرتهما وهما الأدبار والإقبال مثل اللّيل فإنّه مرّة يطلق ويراد به الفناء المحض وإنطفاء الحواس والخروج عن العمران حتّى من قرية عبادان محو الموهوم وكشف المعلوم والعماء المطلق والهواء المنبسط ومرّة يراد به الأدبار والإعراض غلبة الإنّيّة واستيلاء الماهيّة على المعنى الأوّل قوله تعالى ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ﴾ وإنّها خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ من المراتب وقوله تعالى ﴿فَأّسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ﴾ بالمدارك الغيبيّة والشّهوديّة ﴿أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى﴾ وعلى المعنى الثّاني قوله تعالى ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى﴾ ﴿أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً﴾ ﴿سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ﴾ ﴿سِيْرُوا فِيْهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ﴾ وهكذا هذه الآيات تعرف كلّ في المعنى الآخر لكن المقصود الإشارة إلى نوع المسئلة ليأخذ أهل الحكمة نصيبه ولا يشتبه عليه موارد الاستعمال فالرّميم لا يستعمل إلّا في هذا المعنى الأخير كما قال تعالى في مقام إظهار النّكال والبطش ﴿وَفِي عَادٍ إِذَا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ العَقِيمَ مَا تَذَرُ مِنْ شَيءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ﴾ فاللّه سبحانه أجرى على لسان الخان لما قلنا أنّ الأسماء تنزل والإسم صفة الشّيء ربّما يقال لا بأس في استعمال هذه وأمثالها في مقام الإنكسار والإنفعال من المبالغة في إثم منكر بقرينة قوله إثيم والأمر فيه سهل قال الخان إنّ الباعث على تحرير هذه الرّقوم المسطّرات إلى قوله ... ورفع غائلة قوم من المبتدعين الّذين ظهروا في إحدى وستّين من الثّالثة عشر من المأتين من هجرة خاتم النّبيّين (ص) ... الخ أقول اعلم أنّ السّيّد الباب - صلّى اللّه عليه - لمّا أن شيّد أركان الإيمان واتقنها بواضحات البيان بحيث ما بقي لأحد عذر من العوام والخواص وسائر أفراد الإنسان إلى قوله ... فقد وصف السّيّد الباب - صلّى اللّه عليه - على ما ألقى عليه من إمامه لا يسبق له بالقول وهو بأمره يعمل هذا الرّسل بأوصاف المؤمن الّذي ذكرها الإمام عليّ بن أبي طالب - عليه السّلام - لهمام رواه الكلبي وجمعها بكلمات مختصره يفهمها كلّ أحد من العوام والخواص قال (ص): صفات الباب الأعظم أن يكون من أشرف الأنساب وسلالة الأنجاب حتّى لا يقول أحد لو لم يكن من هذا النّسب لكان أحسن وأولى وأن لا يكون في أعضائه زيادة لأنّ الزّيادة نقص ولا نقصا مثل العمى ولا العرج والأشل ولا الكوسج وغيرها من الأوصاف الذّميمة والصّفات الدّنيّة لأنّها من دنائة الفطرة وتغيير الخلقة وأن لا يكون قصيرا ولا طويلا مفرطا ولا قبيح المنظر ولا يعرف بصدور المعصية من الصّغيرة والكبيرة وأن يكون أحسن النّاس خَلْقًا كما هو أحسنهم خُلُقًا ولا يتكلّم بمسئلة إلّا وله دليل من الآفاق والأنفس والكتاب والسّنّة والعقل السّليم وأن يكون مكانه من أشرف الأماكن بعد المشاهد المقدّسة وممدوحا في الأخبار مثل البحرين وحجر الإحساء قال العمّار لو ضربونا حتّى يردّونا إلى سعفات الحجر لعلمنا أنّا على الحقّ وهم على الباطل وأن يكون هوائه معتدلا ينشو في أرضه نخل وتمر ولا يكون مائه قليلا ولا كثيرا لو كان ميائه قناة كان أحسن هذا إجمال ما أوردت والتّفصيل يطلب من الطّلّاب حيث استوفوها في تقريراتهم سيما العالم المحققّ المدققّ المولى الولي جناب الملّا عليّ التّبريزي واشترط أن لا يكون أوّلهم سيّدا ولا من أهل الأرض المقدّسة للإشتباه بالإمام - عليه السّلام - وهكذا كان شأنه في بيان وصف صاحب هذا المقام بمحضر بين الخواص والعوام في مدّة عشرين سنة بل أزيد لكن بعدم التّصريح بالإسم والشّخص بل بالإشارة والتّلويح سيما في شهر الصّيام شهر رمضان المبارك إلى السّنة الثّامنة من الخمسين بعد المأتين والألف [۱۲٥۸] من الهجرة المقدّسة - على مهاجرها آلاف الثّناء والتّحيّة - قد صرّح بالإسم وكشف عن الرّسم وعين الشّخص بعد تنزيهه عن العيب والنّقص بأنّ اسمه اسم السّماوي قال رسول اللّه (ص): اسمي في السّماء أحمد وفي الأرض محمّد وختم ذلك الشّهر بوصف كمالاته وذكر حسن سماته وصفاته - صلّى اللّه عليهما - وبعد هذا بقليل وقع وقعة الكربلاء وصدر من أهل الخلاف ما صدر على المنتسبين بالشّيعة وهتك الحرمة للآل وشيعتهم - عليهم السّلام - حتّى حضر موسم الصّيام وشهر اللّه الحرام التمسوا من جناب الباب - صلّى اللّه عليه - أن يذكرهم من صفات الشّيعة والرّكن الرابع قال - صلّى اللّه عليه وروحي فداه - أنا في العام الأوّل ذكرت وعيّنت ووصفت وبيّنت ما صار لأصحابنا انتعاش ولا لمخالفينا تصديق وإقبال حتّى وقع عليهم من السّيف ما وقع وصدرت عليهم تلك الشّدّة المهولة والمصيبة المخوّفة إن تريدوا مثل ذلك فأذكّركم وأكرركم لأنّي ما أرى منكم أشخاصا متأهّلين لذلك ولا مستعدّين لما هنا لك فالترك أولى وتغيّر الأسلوب أحرى وسافر بعد الشّهر المبارك إلى زيارة مواليه وأئمّته سادات الأمّة ومصابيح الظّلمة وكان عنده من أصحابه من الرّكبان ملّا حسن گوهر وميرزا محيط الكرماني وسيّد عليّ كرماني وسيّد جعفر كرماني وولدان لحاجي ملّا عبدالوهّاب القزويني وسيّد حسين يزدي وحاجي سعيد هندي وغيرهم ومن الرّجال العالم العامل والنّقيد العادل العارف الهروي جناب ملّا محمّد تقي نازل أرض اصفهان وجناب العالم الوفي الملّا عليّ البسطامي وملّا عبدالجليل وآخوند ملّا محمّد عليّ مازندراني وملّا عليّ بيارجمندي وملّا عليّ بجنوردي وغيرهم من المؤمنين الصّالحين والتّابعين المخلصين وكان يظهر منه - صلّى اللّه عليه - في كلّ منزل من المنازل ما ينبئ عن غيبته وارتحاله سيما من بخوعه على صالحي اتباعه وابتهاله بالخصوص نقل الرّؤيا من صاحب الغنم والرّاعي حيث صدّقه وقال أما ترضون أن أموت ويظهر أمر إمامكم والطّيف الّذي نقل السّيّد الباب (ص) بأنّ واحدا من الّذين اعتمد عليه رأى في الطّيف بأن واحدا يقول بعد ثلثين اسبوعا يظهر أمركم اتّفق آخره بأوّل جمادي الأولى وكان يقول لملّا حسن والمحيط لا تختلفوا بعدي ولا تفرّقوا إنّي ما حملتكما في هذا السّفر إلّا لهذا وسأل واحد منه من لنا بعدك يا سيّدي قال يا مولاي هذه الأشخاص الموجودون اسئلوا منهم من المسائل إذا أجاب أحد بالبراهين والأدلّة ووجدت الصّفات المذكورة فتمسّكوا به وقال ذات يوم في بيت شيخ محمّد شبلي في بغداد وكان من الحاضرين شيخ أحمد مشكور النّجفي وشيخ راضي قصير وهما الآن تابعان لملّا حسن گوهر وأشخاص كثير من أهل بغداد من المصّدّقين لهذا الأمر وغيرهم حيث ذكر عنده السّيف وضرب بيده على الأرض فقال - روحي فداه - واللّه إنّ السّيف أقرب من ما تتخيّلون ثلاثا ومن هذا توهّم بعض من القاصرين أنّ الأسباب الظّاهري موجود عند فلان في الجملة ومالوا وحاصوا حيصة ثمّ التفتوا إلى القدرة الكاملة من قدرة اللّه النّافذة رجعوا واستقرّوا على خطّ الاستواء من النّقطة البيضاء وسئل جناب العالم التّقي ملّا محمّد تقي الهروي عند دجلة باغ باده في محضر من النّاس قريب الزّوال مَنِ القائم بالأمر بعده قال (ص) للّه أمر هو بالغه واستدرك في العذر وقال لكن أمرنا ليس مثل أمر الأبواب فبشّر بأنّه يظهر عن قريب وصرّح بالأمر وصاحبه بالإسم في بلد الكاظم - سلّم اللّه عليه - في بيان الفقرة الّتي في شرح القصيدة أي ديباجته بثالث الأصل وأربعة الفرع أشار بالأوّل إلى العليّ والثّانية إلى محمّد [عليّ محمّد] لكن ذلك الوقت ما التفت أحد وأهل البصائر تيقّنوا أنّ مراده - صلّى اللّه عليه - من تلك العبارة في ذلك المقام كان هذا لا غير والحاصل أن أظهر ذهابه من بين النّاس واتّصال ظهور الأمر بغيبته كان أكثر من أن تحصى وأزيد من أن يستقصى سيما في أهل بيته الطّاهرات - سلّم اللّه عليهن - ولذا لمّا سمعن هذا الأمر صدقن واعتقدن ونقل منه أنّ السّيّد الباب أوصى لهن بأن يكن مع ملّا حسن گوهر بزمان قليل حتّى يظهر أمرنا وكان صاحب الطّيف الماضي أي ثلثين اسبوعا واحدة منهن والآن كلّ ما صدر من قلم الباب - صلّى اللّه عليه - موجود في البيت الشّريف يقرؤن الكتب ويتلون الفرقان ويعملون بالسّلوك ثمّ رجع - سلّم اللّه عليه - من سفره بأيّام مضين من شهر ذي حجّة الحرام ووصل إلى المدفن المقدّسة ليلة عرفة وأجاب دعوة ربّه ليلة الحادي عشر من تلك اللّيلة ليلة الوقعة من العام الأوّل بثلث ساعات أو أربع أو بينهما مضت من أوّل اللّيل ومشى من النّاس بعض ليطلعوه للغسل والتّلقين وكان بينهم سيّد من أهل بلد الكاظم - سلّم اللّه عليه - اسمه إبراهيم وهو معروف وكان مقدمهم وبعده سيّد مصطفى وآخرون قال سيّد إبراهيم مشيت قبل النّاس حتّى وصلت بباب بيت الّذي قبض فيه السّيّد الباب (ص) فإذا بسيّد شاب واقف على الباب نَهَرَنِي وضرب بظهر يده على صدري وقال ما تستحيي تدخل في بيت السّيّد ونسأوه مكشفات الرّأس قال الرّجل انتعش بَدَنِي وضعف قلبي وما قدرت أن أقوم حتّى قعدت واتّكيت إلى الحائط ثمّ بعد زمان اجتمعت النّساء وألبسن على المخدرات قناعهن وَأَمَرَنَا ذلك السّيّد الشّاب بسم اللّه تقدّموا فقدمنا وأخرجنا سيّدنا من البيت قال الرّجل وأنا تخيّلت ذاك سيّد عليّ الكرماني وإذا سئلت منه قال ما كنت أنا وما لي خبر من هذا وإذا ظهر هذا الأمر وتعين المدّعي فعلم أنّ ذاك كان هذا وكذا سليمان ميرزا شهزاده ادّعى أنّ السّيّد الباب أوصاني بأوصاف الخلف بعده كلّها يطابق بصفات هذا المدّعي وقال يوما أنا مع عشرين نفسا من اتباعي كنّا مستعدّين ومنتظرين للّظهور وإذا وصل لكم خبر في كربلاء فأخبروني حتّى نفدء بأنفسنا ومات - رحمه اللّه - بهذا الاعتقاد اعتمادا لما سمعه من السّيّد الباب وكان سكناه غالبا في جوار الكاظمين - سلّم اللّه عليهما - وأمّا ما نقل المصدّقون من القرائن والإشارت فكثير جدا لم أذكرها لطول الكلام ولعدم النّفع في المقام وبعد دفنه - سلّم اللّه عليه - في الرّواق المبارك في أقرب الأماكن القبر الشّريف تحيّر النّاس من الطّلّاب الّذين ميّزوا الماء من السّراب إلى أين يمشون وبمن يتمسّكون حتّى جائوا عند الملّا حسن گوهر مدّعي الوصاية وميرزا محيط مدّعي النّظارة وسألوا منهما بأنّكما كنتما أقرب النّاس إلى الباب وأدناهم للجناب ظاهرا أَمَا سمعتم شيئا من جنابه - صلّى اللّه عليه - في الخلف بعده أمّا الأوّل فقال ما سمعت شيئا وأمّا الثّاني فقال عندي شيء لكن ما أقوله الآن وواجب عليكم أن لا تتفرّقوا من كربلاء واشتهر في بين النّاس من قبيل رَمْيَة من غير رَامِ أَنَّ السّيّد الباب قال أنّ الأمر يظهر بعدي بسنة ولذا تأمّل الطّالبون وتوقّف السّالكون مدّة أربعة شهر تقريبا توهّما منهم ربّما يكون المحيط صادقا في دعواه لأنّ الكَذُوب قد يصدق حتّى إذا استيأسوا منه وظهرت منهما أفعال اشمأزت منها القلوب وهانت لها الخطوب تفرّقوا كأيادي السّبا إلى الصّحاري والقفار والبوادي والبرار ولاذوا بالمشاهد والمقابر والمساجد والمنابر وكان جناب العلي من الألقاب وقائد أولى الألباب باب الباب وحامل فصل الخطاب مشنف الأذن والعين مولانا بلامين آخوند ملّا حسين مع بعض من الأصحاب ومنهم جناب العالم الوفي الملّا عليّ البسطامي في ذلك الأيّام طائفا حول القبر في الغرى ومعتكفا في مسجد الولي - سلّم اللّه عليه - حتّى ضاق عليه الخناق وسافر بعد زيارة المولود متوكّلا على اللّه الودود في البلوغ إلى المقصود ويخدمه أخوه وابن خاله وبقي الباقون في شدّة الحيرة وكمال الضّغطة لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا لأنّ جناب الباب كان سنادا لقلبهم وعمادا لصدرهم وكانوا على هذه الشّدّة إلى خامس عشر من شهر ربيع الثّاني وهاجروا بسائق من القضاء ورائد من الإمضاء وسافروا على طريقة أوّلهم من طريق البحر حتّى وردوا بلد الأمن شيراز لا زال محفوظا عن الحدثان واختلاف الجديدان أسمائهم المكتوبة الملّا عليّ البسطامي وملّا عبدالجليل وميرزا محمّد عليّ القزويني وملّا حسن بجستاني وملّا محمّد ميامى وملّا أحمد مراغي وملّا محمود خؤي عدد أيّام الاسبوع والنّجوم الزّهر حتّى تشرّفوا بخدمة جناب الباب وأظهر لهم بعد سؤال وجواب بأنّي قد فزت بالوصول إلى المقصود وعرفت القائم مقام المحمود بعناية من اللّه فضل من المعبود وأمرني أن أُبَيِّنَ لكم بهذا المقدار بلا تعيين شخص ولا ذكر اسم تقبَلوا منّي وارجعوا إلى مساكنكم حتّى يظهر لكم الشّخص في كربلاء مدفن الشّهداء ومرجع الصّلحاء وامتنعوا أن يقبلوا منه من دون دليل وبرهان ولا مستند من سنّة قائمة ومحكم القرآن فهؤلآء جدّوا في الطّلب وكثرة السّؤال وهو في الكتمان للمرآء والجدال حتّى أنعم اللّه عليهم وكرّمهم وفضّلهم على كثير من النّاس وعلّمهم وأتمّ لهم الإيمان بمعرفة بابه والورود إلى جنابه اسم التّكبير وصفة التّفهيم وذلك الظّهور من العشر الأوّل من شهر جيم الأوّل إلى عشرين من الجيم الثّاني من سنة ستّين بعد الاألف والمأتين وذلك كان مختصّا لذلك الأطياب من الانجاب ولسائر النّاس إحدى وستّين ورجعوا بأمر من اللّه من لسانه النّاطق عنه إلى الأرض المقدّسة بالغي المرام وبارد القلب ساكني الادام ورافع السّغب ووصلوا إلى مشهد مولاهم المستوي على عرش ربّه يوم السّادس والعشرين من شهر اللّه الحرام شهر رجب وكان النّاس مجتمعين من أرض بغداد وحلّة والكربلاء وسائر القبائل لزيارة المبعث سبع وعشرين من ذلك الشّهر ولمّا سمعوا أنّ النّفر المتفقّهين قد رجعوا اجتمعوا عليهم وسئلوا منهم الخبر وكيفية الوصول إلى المطلوب وأظهروا للسّائلين ممّا عندهم مقدار ما كانوا مأذونين لابرازه وأخفوا ما شاهدوا عند تجلّي مولاهم من الأنوار وعاينوا من الأسرار خوفًا من عدم تحمّل الأخيار والتّهاب فتنة الأشرار وامتثالا لأمر الأئمّة الأطهار لا تتكلّم بما تسارع العقول إلى إنكاره وإن كان عندك اعتذاره وقولهم - عليهم السّلام: ما كلّ ما يعلم يقال ولا كلّ ما يقال حان وقته ولا كلّ ما حان وقته حضر أهله مع أنّهم كتموا كثيرا ممّا كان عندهم من الفضائل وما رأوا من الآيات والفواضل افتروا عليهم بافتراءات ما افتروا بها شرّ الأوّلين لخيرهم من جملة ما افتروا عليهم أنّهم قالوا أنّ ملّا عبدالجليل كان يذكر كثيرا من الفضائل ومقامات الباب الأعظم ويثبت المعجزات له وقالوا له إنّ كلّ ما تذكر وقع وظهر منه قال في جوابهم إنّ كلّ هذه المطالب والفضائل الّتي يثبتون للأئمّة - عليهم السّلام - كلّها صارت ووقعت منهم بل لا بدّ أن يقال هكذا لهداية النّاس ودفع شبهات الخنّاس الوسواس فواللّه العليّ العظيم هذه افتراء محض وتهمة زور - لعن اللّه مفتريه - أظنّ أن يكون هذا من افتراءات جسد العجل - لعنه اللّه - وليس بعجيب منه خذله اللّه وهذا من جملة علائم الحقّ والصّدق بأنّهم تركوا المسلميات عندهم وتمسّكوا بالافتراء وتشبّثوا بالبهتان والمرآء مثل بالأسريّة خذلهم اللّه حيث ما قدروا أن ينكروا البراهين الواضحات والحجج اللّائحات وأرادوا صرف العوام كالأنعام من الدّين الخالص ليكونوا رؤساء لهم والأدلاء عليهم افتروا على الشّيخ والسّيّد البابين - صلّى اللّه عليهما - حيث قالوا بأنّ اعتقادهم غير ما يظهرون للنّاس تلك سنّة اللّه الّتي قد خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّهِ تَحْوِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللّهِ تَبْدِيلاً والحاصل أنّ أمر الإمام - عليه السّلام - قد ظهر في شهر رجب واشتهر بحيث ما بقي أحد من المكلّفين من أهل تلك النّواحي إلّا وقد سمع وعرف واعترف المؤمنون وأنكر المنافقون في القلب دون الظّاهر لعدم الدّواعي إليه في ذلك الوقت وقال كلّ من رأى الباب قبل هذا لو كان المدّعي فلانا فإنّا من المسلمين حتّى البالأسريّة والمستضعفين في التّشيّع من أهل الكاظمين وكذا خدام المشاهد المشرفة وكلّ من كان مجالسته معه أزيد حتّى إذا جائهم ما عرفوا كفروا به وأكّد لهم في التّبليغ عند نزول الكتب والفرقان ليلة الثّالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك في المشهد النّجف وعيد الفطر بكربلاء عرش سيّد الشّهداء - عليه وآله من اللّه آلاف التّحيّة والثّناء - بلا تعيين شخص ولا تشخيص عين لأنّهم إذا سلّموا الأمر وخضعوا للكتاب وأنابوا إلى فصل الخطاب لا سيما إلى أحد أصحاب الشّيخ الباب - صلّى اللّه عليه - يظهر لهم الأمر ويكشف عنهم السّتر ليغلب عليهم السّرّ في إحدى وستّين بعد الألف والمأتين من هجرة خاتم النّبيّين ولما خالفوا أمر مولاهم وفرّقوا الكتاب وباعوا عقباهم بدنياهم وآذوا الأنجاب من رسل الباب (ص) غضب اللّه عليهم ولعنهم ورفع عنهم عنايته وأملى لهم خمس سنين ليزدادوا إثما وليكمل التّبليغ عليهم ويتلى عليهم الكتاب وتسترى لهم الرّسل حتّى يقرّ كلّ منكر في الورود إلى النّار وسؤال خزنتها ﴿بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ كَبِيرٍ﴾ هذا إجمال ما شاهدت من الوقايع وبعض ما عاينت من الحوادث إن افتريته فَعَلَيِّ إجرامي وأنا بريئى ممّا تجرمون ... فله - صلّى اللّه عليه - ظهورات وغيبات وآثار من أئمّته وعلامات وإنّه مصداق جميع الآيات القرآنيّة وكلّ الأخبار النّبويّة والولاية وإلّا لم يكن له باطن أو باطن باطن فإنّ منكري الولاية قد أهلكوا أنفسهم واحتجبوا عن الباطن لإنكارهم الولي الجامع والشّيعة الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا حرموا أنفسهم ويئسوا من باطن الباطن لإدبارهم عن الباب والرّكن الرّابع وأمّا سنّته في السّتّين عنهم - عليهم السّلام - فإنّ استنطاقه من الحروف هو السّين قطب الحروف لأنّ ظاهرها عين باطنها وليس في الحروف شيء يطابق زبره على بيّناته سوى هذه الحرف المبارك وهو اسم ظاهريّة رسول اللّه (ص) في مقام الجسد ﴿يس وَالقُرْآنِ الحَكِيمِ﴾ فزمان الشّيخ الباب والسّيّد (ص) من أوّل المأة من الدّورة الثّانية إلى ذلك الوقت كان جسدا لهذا الجسم وجسما لتلك الرّوح وظاهرا لذلك الباطن وباطنا لباطن الباطن وإن كان بالنّسبة إلى ما قبله أصلا وباطنا وروحا وجسما فافهم وإلّا فاسلم تسلم وأمّا الدّليل النّقلي فقول الصّادق - عليه السّلام - لمفضّل بن عمر رواه الشّيخ الباب (ص) في كتاب الرّجعة قال المفضّل يا مولاي فكيف في ظهوره فقال - عليه السّلام: يظهر في سنة السّتّين أمره ويعلو ذكره وينادى باسمه وكنيته ونسبه ويكثر ذلك في أفواه المحقّين والمبطلين والواقفين لتلزمهم الحجّة بمعرفتهم به على أنّا قصصنا ذلك ودللنا عليه ونسبناه وسمّيناه وكنينا وقلنا سمّي جدّه رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله - وكنيته لئلّا يقول النّاس ما عرفنا إسما ولا كنية ولا نَسَبًا فواللّه لتحقيق الافصاح به وباسمه وكنيته على ألسنتهم حتّى ليسمّيه بعضهم لبعض كلّ ذلك للزوم الحجّة لهم ... الخ فيا أيّها النّاظر لتلك الكلمات انصف ربّك وألق سمعك ودق بصرك هل سمعت من أوّل الغيبة إلى الآن ستّينا يعلو ذكر الإمام ويظهر أمره مثل ستّين دورة الباطن حتّى يسمعه كلّ أحد ويكثر ذلك في أفواه جميع المحقين والمبطلين حتّى النّصارى واليهود وأهل الخلاف والمجوس والهنود وسائل الملل والأديان سيّما الأفرنج بطوائفهم المختلفة وأصنافهم المتعدّدة المتكثّرة وأمّا انتشار أمره في رجب فلأنّ له سنّة من القائم - عليه السّلام - إلى قوله ... وأمّا الإحدى وستّون ففيه سنّة من الحسين - عليه السّلام: لأنّ خروجه (ع) بعد تمام آلمص كما في الحديث المشهور ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مَنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ والسّين هو السّتّين للّه الأمر من قبل ومن بعد ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ بالبيّنات والزّبر وهو الطّالب لثأره والمدرك لأوتاره والطّلب يناسب بمطابقة زمان أخذ الدّيّة مع زمان القتل ولذا ظهور الإمام - عجّل اللّه فرجه - كان يوم الجمعة وعشر المحرّم يوم قتل الحسين - عليه السّلام - وقال العالم العليم والعارف الحكيم الفارق بين الفصل والوصل والظّاهر والمظهر جناب الحاج ملّا جعفر كرمانشاهاني قد سألوا وطلبوا من الشّيخ الباب في بلد الكاظم (ع) وأنا حاضر في الأيّام الّتي استعدّ للخروج إلى زيارة بيت اللّه بعد نبيه وأوليائه (ع) وتوفّى في ذلك السّفر شيئا من علامات الفرج لأهل الحقّ - عجّل اللّه فرجهم - ليستبشروا به قال - (ص) وروحي فداه - إحدى وستّين وسئلوا منه البيان قال - روحي فداه - ولتعلمنّ نبأه بعد حين ثمّ سئلوا عن البيان قال الحسين عدده كم أليس بثمان وستّين نقل هذا الخبر قبل وفات السّيّد الباب وبعده بلا فاصلة قبل ظهور أمر الباب وبعده والآن هو حاضر ومنتظر لأمر مولاه وقال آخر من السّادات يعرفه جناب العالم التّقي ملّا محمّد تقي الهروي في حرم أمير المؤمنين - عليه السّلام - إنّي تشرّفت على حضور السّيّد الجليل والباب النّبيل لأسئل منه من المسائل الغامضة وتوجّه إليّ بعد اداء التّعارف وقال سَلْ مسائلك في الوقت الفلاني قلت ممّن قال (ص) من غيري في كربلاء والسّيّد جآء في إحدى وستّين إلى كربلاء اعتمادا لما وعده السّيّد الباب وتيقّن بأنّ مراد السّيّد كان هذا الأمر تفصيل هذا الخبر عند ملّا محمّد تقي الهروي وأنا ذكرت بعضا منه ونقل الآخرون من الأزكياء بأنّ السّيّد الباب أمر في بعض تدريساته بأن لا تخرجوا من كربلاء ونقل أيضا من غير واحد بأنّه قال - روحي فداه - كأنّي برؤس أصحابي تتهادى كرؤس التّرك والدّيلم وقد أشار إلى مصداق الصّحيفة الّتي نقلها الشّيخ في شرح الجامعة في تفسير قوله (ع) وأوصياء رسول اللّه المعروف بحديث لوح فاطمة رواه جابر بن عبداللّه الأنصاري: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم هذا كتاب من اللّه العزيز الحكيم لمحمّد نبيّه ونوره وسفيره إلى قوله تعالى ... وأخرج منه الدّاعى إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن وأكمل ذلك بابنه م ح م د عليه كمال موسى وبهآء عيسى وصبر أيّوب فتذلّ أوليائي في زمانه وتتهادى رؤسهم كما تتهادى رؤس التّرك والدّيلم فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين وجلين تصبغ الأرض من دمائهم ويفشوا الويل والرّنة في نسائهم أولئك أوليائي حقّا بهم ادفع كلّ فتنة عمياء حندس وبهم اكشف الزّلازل وأرفع الأصار والأغلال أولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون انتهى وإلى قول الصّادق (ع): قد كان قبلكم قوم يحرقون ويقتلون وينشرون بالمناشير ويقرضون بالمقاريض فما يردهم ما هم فيه عمّا هم عليه من غريزة وتروا لمن فعل ذلك بهم ولا ما نقموا منهم إلّا أن يؤمنوا باللّه العزيز فاطلبوا من اللّه درجاتهم حتّى تدركوا سعيهم انتهى إلى قوله ... هل سمعتم أو رأيتم دعاء بهذه المضامين العالية والكلمات السّامية ما لكم لا تتفكّرون ولكم الويل ممّا تفترون مع أنّه - روحي فداه - لا يروي ولا يهم ولا يفكّر في شيء حتّى يألّف مثل أصحاب التّركيبات المسخوطة الخان وأمثاله هل لك أن تنسب شيئا ممّا تفترون على اللّه على الرّسول والأئمّة - عليهم السّلام - لأنّه لا فرق بينه وبينهم إلّا إنّه عبدهم ولسانهم النّاطق عنهم والظّاهر لا تبالون من الافتراء عليهم إن كان فيه صلاح دولتكم ونظم رياستكم فوحقّ الّذي بيده ملكوت كلّ شيء لا إله إلّا هو ما سمعت أمرا حقّا مثل ما ظهر في إحدى وستّين [۱۲٦۱] أعرف وأظهر في الحقيقة وأكثر منكر أو أشدّ في المجهوليّة إلّا نصب الخليفة في يوم الغدير بل هذا أظهر منه بكثير لأنّ ظهور ذاك إنّما بين المسلمين فقط وأمّا هذا فبين المسلمين وسائر الملل من النّصارى والأفرنج بفرقهم والصّائب والمجوس واليهود حتّى أنّ كثيرا من المسلمين اعتقدوا بهذا الأمر أوّلا لقول اليهود بأنّ ما ننتظره شهر ربيع الأوّل من إحدى وستّين والصّوفيّة سيما اتباع شاه نعمة اللّه كانوا مفطورا بهذا حتّى سرى منهم لسائر الشّيعة وكانوا يقرئون أشعار المرشد المزبور ويستبشرون بها كأنّها من أخبار أئمّتهم - سلام اللّه عليهم - والحقير سمعت هذه المضامين ووقوعها في إحدى وستّين قبل هذا بخمس وعشرين سنة وماتوا الآباء المؤمنون المنتظرون بهذا الاعتقاد فعلى الكاذب لعنة اللّه ولعنة اللّاعنين وكذا المفتري المعاند المغمض عن الحقّ المبين وقد أخبر سبحانه في كتابه الكريم عنهم وأعمالهم حيث يقول ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ وقال ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ﴾ آه فكلّ أحد كان يتوقّع أن يكون ذلك النّور الظّاهر والعلم الباهر من مذهبه وعلى تصديق ما هو عليه من الدّين والمذهب فالصّوفيّة كانوا متوهّمين أنّه منهم والبالأسريّة القشريّة يظنّون أنّه لهم والزّيديّة والإسماعيليّة والواقفيّة وسائر طوائف الشّيعة وكذا من طائفة السّنّة اتباع محيي الدّين الأعرابي ومن أهل الكتاب والأديان كلّ كانوا يدعون اللّه على هذا ويذكرون العلامات والقرائن الحالية والمقاليّة من مذهبهم وكتبهم وأخبار رؤسائهم ونسبوا إلى محيي الدّين وقد سمعت من أحد النّصاب أنّه إذا بلغت المدّة إلى الألف والمأتين والسّتّين تطوى المجالس وتندرس المدارس ويبطل الدّرس ويستغنى عن البحث وإنّ الإسماعيليّة أضعف الطّوائف وأقلّهم وأدناهم دركا وشعورا بعد الفطحيّة [اتباع عبدالله الأفطح بن جعفر الصّادق] كانوا يتوقّعون وقوع ذلك من أولاد شاه خليل اللّه وقد رأيت منهم واحدا في النّجف الأشرف قبل هذا بخمس سنين كان رجلا عالما حكيما عارفا مجربا قليل النّظير في مقامه كان ينقل بعض الآثار والعلائم على قرب انقلاب دولة السّلطان إلى آقا خان أو خلفه بقليل من زمان حتّى مال إليه سيّد حسين خوي وكان لا يفارقه باللّيل والنّهار وشافهه جناب العالم بلامين آخوند ملّا حسين گنجه اى ونقل جناب السّيّدان السّندان ميرزا محمّد عليّ نهري وأخوه ميرزا محمّد هادي أنّ واحدا جآء ببيتنا في كربلاء وسكناه في أقصى بلاد الهند وسألت عنه دينه وأئمّته فبيّن لي وسمّاهم واحدا بعد واحد إلى الإمام المنتظر - عليه السّلام وعجّل اللّه فرجه - وسألت عن الإمام الثّاني عشر وكيفية أمره قال هو غائب قلت أتدرون متى ظهوره فإنّ هنا ظهر واحد ويدّعي أنّه من مقدّمات الظّهور قال الهندي إنّ المعروف في بلدتنا والمنقول من آبائنا وأجدادنا أنّ ظهوره - عليه السّلام - في المائة الثّالثة عشر انتهى أنشدك باللّه يا أيّها النّاظر إلى تلك الكلمات هل المبدع هذا القمر الأزهر والنّور الأنور الّذي كلت البصائر عن إدراك كماله وعى المدارك عن سطوع نور جماله ما سمع أحد ولا رأى بعد الأئمّة أحدا في زهده وتقواه وعبادته وبهاه وتوجّهه إلى مولاه فواللّه العظيم ما سمعت أحدا من المخالف والمؤالف والقريب والبعيد يثبت عليه عيبا ويدّعي له ذنبا بل ومكروها أو المبدع هو الّذي أنكر القرآن والأحاديث وخالف الأئمّة الإثني عشر (ص) والشّيخ والسّيّد البابين (ع) وخالف مذهب الشّيعة والمسلمين بل ساير فرق الملّيين يريدون أن يطفئوا نور اللّه بأفواههم واللّه متم نوره ولو كره الكافرون إلى قوله ... فإذا تقرر هذا أنصفوني يا أيّها الملأ هل مثل هذا الرّجل واحد العين والكوسج وقصير القامة والمملو بطنه من دخان والنّابت على الدّوحة الأمويّة والمشتغل إلى خمسة وعشر سنة بخلاف ما عليه شريعة النّبويّة يصلح أن يكون قائما مقام السّيّد الباب وأن يكون آية للإمام الّذي هو آية النّبيّ الّذي هو آية للّه الجامع لجميع الصّفات الكماليّة وآية الآية آية فيكون آية للّه سبحانه وتعالى عمّا يقول الظّالمون الملحدون في أسمائه علوّا كبيرا كما أشار إلى مدّعاه في قوله وأشار أحيانا بما أشار ... الخ وكتب مراسيل بعد وفاة السّيّد الباب إلى أهل الكاظمين وميرزا محيط وملّا حسن گوهر ومراسلة لسليمان ميرزا شهزاده وادّعى في كلّها أنا القائم بالأمر بعد الغائب عن النّاس والمحتجب عن لمس النّاس هذا نسبه وحسبه وصفاته وسماته وذاك علمه وإدّعائه وأمّا صفاته وأحواله وأوّل أمره في صغره إلى كبره فمعلوم عند أكثر الخلق وإنّه كبر تحت يد المحيط الكرماني ثمّ استكبر عليه وأمّا علمه فأشير بحول اللّه إلى بعض مفاسد ما كتب في كتابه مع انتسابه إلى الشّيخيّة والشّيخ والسّيّد البابين ومن أرسلهما بريئون منه ومن اتّبعه أَلَا لعنة اللّه على القوم الظّالمين ثمّ أنصفوني بعُشر إنصافكم هل الّذي يذكر اللّه والنّبيّ والأئمّة - صلّى اللّه عليهم - رؤيته ومعاشرته كما قال - عليه السّلام - عاشر من يذكر اللّه رؤيته يصلح للبابية والخلافة بعد الخلفاء أم الّذي يذكر رؤيته بني أميّة وبني سفيان واتباع معاوية عند الجميع من مبغضيه ومحبّيه أمّا أعدائه الّذين هم أولياء اللّه فيشاهدون صفات أعداء اللّه وأخلاقهم وخدعهم كلّها فيه بلا شك ولا ريب وأمّا اتباعه ومواليه الّذين هم أولياء الشّيطان فيقولون حين يذكرونه ويمدحونه بأنّ فلانا من أولاد فلان وفي أوّل الأمر كان قسي القلب وقبيح العمل والآن صار عالما عادلا صاحب الأخلاق الطّيّبة والأفعال الحسنة وهكذا والحاصل كلّ من رآه من المؤمن المنكر له والمنافق الموافق له يذكر أعداء آل محمّد - صلّى اللّه عليه وآله - وقتلة الحسين فالمؤمن يحزن عند مشاهدته لتذكّر آبائه والمنافق يسر لخبث طباعه قال الشّاعر عاشرا

خاثقة تحظى بصحبته والنّفس مكتسب من كلّ مصحوب

كالرّيح آخذة ممّا تمرّ به نتنا من النّتن أو طيبا من الطّيب

فالمؤمن الصّافي والشّيعة الخالص هو الّذي إذا رآه أحد ولاحظّ ظاهره وباطنه يقول أشهد أن لا إله إلّا اللّه لأنّه الحرف الرّابع من الإسم الأعظم لأنّه إذا لاحظ وجهه يتذكّر معاوية لأنّ الّذي خبث لا يخرج إلّا نكدا ورأى شرب دخّانه يتذكّر الجحيم وثمراته كما أخبر عنه سبحانه ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعَامُ الأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي البُطُونِ كَغَلْيِ الحَمِيمِ﴾ وقد قال السّيّد الباب في بعض أيّام افاداته - صلّى اللّه عليه وروحي فداه - وقد كنت حاضرا والمجلس مملوّ من أهلها يطعن على الصّوفيّة والرّؤساء يدّعى أنّي مرشد ورئيس وهو يشرب الدّخّان وذكر أيضا عنده اسم الغليان في بعض الأيّام قرأ - روحي فداه - قوله تعالى ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ يَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ﴾ ... الخ وفي بعض الأيّام كان قاعدا على الدّكّة وعنده من النّاس المخالف والمؤالف وشيخ حنيف اللّه بحراني في أقرب الأماكن إليه كأنّه ادّعى بأنّه يصغي على ظاهر ما يقول السّيّد الباب قال مولانا السّيّد أترك لشرب الدّخّان قال الشّيخ ما كنت أظنّ أن تكلّفني بهذا التّكليف وقال السّيّد - روحي فداه - ما كنت أظنّ أن تردّ مقالتي فبعد هذا أعرض عنه من القلب وَأَقَلَّ الإقبال إليه بالنّسبة إلى القبل فإذا هل يجوز لأحد أن يدّعي مقام الأمناء مع اتّصافه بهذه الصّفات والأحوال كما أشار إليه السّجّاد - عليه السّلام - من ربّ العباد في الصّحيفة الكاملة وقال أمير المؤمنين - عليه السّلام - لشريح قاضي: يا شريح جلست مجلسا لا يقعد فيها إلّا النّبيّ ووصي النّبيّ أو الشّقي نقلت بالمعنى ومنشأ اشتباهه في دعواه أنّ السّيّد عليّ الكرماني لمّا أعرض من ملّا حسن گوهر لساعة من مال السّيّد (ص) كان عند السّيّد المزبور فأبى أن يعطي عليّ الرّضا وهو أصرّ في أخذه حتّى وقع في البين تناكر وتخالف شديد وكان السّيّد عليّ من جملة شهود الوصاية وأراد أن يفسد أمر ملّا حسن كتب كتابة افتراء على السّيّد الباب بأنّ السّيّد - روحي فداه - كتب هذا لفلان وما عندي صورة ذلك والمكتوب فيها هذه قال عليّ - عليه السّلام: كلّ ما في العالم في القرآن وكلّ ما في القرآن في الحمد وكلّ ما في الحمد في البسملة وكلّ ما في البسملة في النّقطة وأنا النّقطة تحت الباء وأنت واقف عليه وبه نقطه علم برخورده اى وبه سرّ مطلب رسيده اى والباقي من هذا القبيل وقرأ هذه النّسخة عند الطّلّاب المنتظرين الطّالبين للحقّ اليقين ووقع بذلك الاختلاف والتّشتت بين الأصحاب وهذا من جملة البواعث على حركة الأشخاص الماشين إلى شيراز بقصد كرمان فإنّه وإن لم يكن الكرماني أهلا لهذا الأمر لكن ربّما يكون له على الحامل اطّلاع واستعلام لوقوفه على نقطة العلم بنصّ من السّيّد الباب سيما من بعث الكرماني في ذلك الأيّام رسالة مختصرة على هجم كراسين على خدمة السّيّد الباب - روحي فداه - وفيها اعتقاداته وبعض المسائل إن شاء اللّه نكتب من بعض متعقداته إذا اقتضى المقام ومن جملة المسائل أنّه سأل يا سيّدي من الّذي بعدك فما أجابه السّيّد - روحي فداه - ظنّا منهم أنّ السّيّد ما كان من شأنه رد السّائل خصوصا مثل العالم الكرماني وقد قاله يقينا وكتب السّيّد عليّ هذه الكلمات إلى الكرمان مع شيء زايد بأنّ السّيّد الباب (ص) في المكان الفلاني قال إنّ فلانا اطّلع على نقطة العلم وإنّ لفلان روحانيّة وعند فلان قال فلان أحقّ بالاتّباع ويجوز الأخذ منه وعبارات آخر من هذا القبيل يطول بذكره الكلام ولا يقتضيه المقام لما أنا عليه من الاختصار في المرام هذا قصده من قوله وأشار أحيانا ... الخ ولما رجع الماشين بالشّيراز من مقصدهم وأظهروا أمر الخلف القائم مقام الأمناء تبعهم سيّد عليّ كرماني وجاء يوما عند ملّا عبدالجليل واستغفر وتاب عمّا صدر منه وأقرّ بتقصيره بأنّي فعلت كلّ ذلك لإفساد أمر ملّا حسن وإلّا أنا ما اعتقد على الفلاني أبدا والآن أتوب إلى اللّه من كلّ ما فعلت وقد كان قرب على الايأس إئتمنه ملّا عبدالجليل وقوّي قلبه وكان هذا حاله إلى أن أرادوا أن يأخذوا المصدّقين لذلك الأمر هرب خوفا من الأعداء وتشرّف بمكّة زادها اللّه شرفا وحاز سعادة القعود مع النّيّر الأعظم والجلوس في طرف المحمل ورجع ثانيا إلى كربلاء وهذا السّيّد عليّ كرماني كان محرر السّيّد الباب - روحي فداه - وقد بعث إليه هديته جناب الخان وأحواله في ذلك الوقت كان معروفا عند كلّ أحد أقل ما يصفه يفتري على باب اللّه المقدّم وبعد غيبة الباب - روحي فداه - استأنس مع سيّد مصطفى اصفهاني وهو معروف ليزمعه إلى السّيّد إبراهيم القزويني ويأخذ له فلوسا من مال الهند فح [فحينئذ] وقع بينهما نزاع وشقاق وافترقا بعد ائتلاف واتّفاق وأظهر كلّ منهما سرّ الآخرين فعل المنكر قبّح اللّه وجه ثالثهما وطرده بعد هذا من عنده كلّ مخالف ومؤالف حتّى صار من أمره ما صار ولا شيء ممّا ذكرت خفيّا لأحد من المجاورين فَإِذًا أنصفوني أيّها الملأ هل يجوز لأحد أن يطمئن بكلام شخص واحد هذا حاله ويجتري على ادّعاء مقام لا يقعد فيها إلّا وصي أو شقي مع الاتصاف بتلك الصّفات المكرهة الّتي ذكرناها من كونه مشابها لمعاوية [بن أبي سفيان] من حيث اللّحية ولإبليس من حيث العمى ولبئر عدن من جهة البطن المملو من الدّخّان ولكلّ مطرود من وجه خاص من كراهة الوجه وقصر القامة وخباثة المولد والنّسب ولا يكون هذا الأمن من جهالة التّامّة بحيث لا يكون للجهل الكلّي مظهرًا في هذا المقام مثله أو من السّفاهة واحتجاب المشاعر بكدورة المعاصي منها الغليان كما سألوا من الشّيخ الباب - صلّى اللّه عليه - من حليته وحرمته قال - روحي فداه - أنا ما أقول حلال أو حرام لكن ادنوا منّي وأعطوني بعصابة بيضاء فلمّا وضعها فوق القصبة وقال لشاربه اشرب فلمّا شرب قال مستنف هكذا يفعل بمشاعر الإنسان فكيف إذا اجتمعتا معا وهما السّفاهة والجهالة نعوذ باللّه ونستجير به وأقول هو حسبي ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه العليّ العظيم ونقل رجال كثير منهم العالم العارف جناب الملّا عليّ البرغاني أن ذات يوم كنّا في خدمة الشّيخ - قدّس اللّه روحه - في منزل من منازل ما بين قم وطهران وتغذّينا عنده وبعد رفع الطّعام توجّه إلينا وقال أين أصنامكم وأشار بالغليان وقال بعد إظهار مسكنته من ادّعائه مقام الأمناء إلى أن التأم جماعة منهم في شيراز وأرادوا لأنفسهم الاجلال والاعزاز ففكّر مفكّرهم وقدّر وقتل كيف قدّر ثمّ نظر ثمّ أدبر واستكبر وطلب الرّياسة واستأثر وظنّ في نفسه علما يؤثر فأعرض عن ربّه وأدبر وقال أنا الذّكر الأكبر والنّور الأنور والضّياء الأزهر وباب القائم المنتظر ... الخ

أقول مراده من الجماعة الأشخاص الّذين ذكرت بعض أحوالهم إجمالا مع أساميهم الشّريفة فأوّلهم وقائدهم المبرّا من كلّ نقص وشين جناب مولانا العارف بلامين آخوند ملّا حسين خراساني وأخوه ملّا محمّد حسن وابن خاله ملّا محمّد باقر وباقي ذكور الرّجال السّبعة وجناب مولانا المكرّم سيّد حسين يزدي والزّاهد الأمجد والعالم المسدد المولى الولي جناب آخوند ملّا محمّد عليّ مازندراني وملّا محمّد باقر تبريزي قوله وأرادوا لأنفسهم الاجلال والاعزاز ... الخ

هذا كلام إن صدق كذب وإن كذب صدق لأنّ جناب الخان ومرّة يستدلّ بهؤلآء الرّجال والسّائرين إلى باريهم بالحال والمقال على حقّيّة مقاله وصدق مرامه حيث أنّهم قصدوا أوّلا لجنابه والورود على بلد مقامه رغما منه أنّهم قد صدّقوه في ادّعاه وسلّموه في ما يتمنّاه كمّا كتب هذا المعنى في مواضع متعددة من مراسيله وكتب مناديه الخؤار أيضا أخذا منه أنّ السّابقين سيما جناب الملّا عليّ قد سلكوا أوّلا على الفطرة المستقيمة وبعد هذا حصل لهم الإعوجاج في الفطرة ومرّة يستدلّ بهم على بطلان هذا الأمر العالي التّبيان وشيد الأركان فما هنا أمّا من قولهم الغريق يتشبّث بكلّ حشيش أو من قولهم لا يكون للكاذب من حافظة وأمّا الإشارة إلى أحوال هذه العلماء الأعلام والأمناء الفخام وزهدهم من زخاريف الدّنيا الدّنيّة وزبرجها في الجملة فاعلم أنّ جناب باب الباب أعني آخوند ملّا حسين - سلّمه اللّه تعالى - قد كان في أوّل أمره في مشهد مولانا الرّضا - سلّم اللّه عليه - من أرشد تلامذة سيّد محمّد قصير وكان مؤتمنا عنده وأمينا لديه ويحول عليه بعض الأحكام والفتاوي وقد سمعت مدح جناب الملّا حسين بأذني هذا من لسان ابن العالم القصير وكان معنا في السّيفة بين الحرمين وكان يحتمل حقّيّة هذا الأمر مع إنكاره للشّيخ الباب (ص) بمحض تصديق جناب باب الباب - سلّمه اللّه - وبعد هذا نزل بأرض اصفهان لحرصه في طلب العلم ومقامات العرفان واشتغل على تحصيل الفروع والأصول واشتهر أمره عند العلماء والفحول سيما حاجي سيّد محمّد باقر وشيخ محمّد تقي وغيرهما من رؤساء سائر الفنون وبعد بلوغه إلى مناه وتصفّح العلوم بيمناه وأراد زيارة المدفون بأرض الفرات - على مشرفها أزكى السّلام وأبهى الصّلوات - خرج من اصفهان إلى مسقط رأسه الشّريف ومحتده المنيف ليستأذن ممّن يجب له طاعة ومن كرام ذي قرابته وسمع هذا الخبر حاكم تلك النّواحي واطّلع عن أمر جناب الآخوند كما هي منعه من مسافرته شوقا لخدمته ومصاحبته وطلبا منه لخطبة إبنته ومصاهرته كلّما أصرّ جناب الآخوند في السّعي إلى مقصده اشتدّ ميل حاكمهم لمنعه وعقد معهده حتّى التّجأ جناب الآخوند بالرّضا لأمر التّزويج وشرط الارجاء بعد الرّجوع من طواف بيوت آل اللّه الأطهار - صلّى اللّه عليهم في آناء اللّيل وأطراف النّهار - وكان كلّ همّه التخلّص من يده والمجاورة للقبر الشّريف والحضور على مدرس السّيّد الباب المنيف لكثرة اشتياقه إلى جنابه وشدّة ميله لإصغاء خطابه حتّى منعه ذلك عن كلّ تعلّقات الدّنيويّة واللّذّات البدنيّة وورد الفرات بأشق الأحوال وكان وسيع البال مع قدرته بالسّير من هذا الحال لكن بتصفير الوجه للجهال وتشرّف بالسّدة السّنية بعد زيارتة لمولاه القديم واستفاد من إشراقات اللّوامع الحسينيّة بعد معرفة السّيّد الكريم والباب العظيم ببرهة من الزّمان بما لا يطيقه الإنسان وتميّز من بين الطّلّاب والتّلامذة كان يرجع إليه كلّ من كان عنده شبهة وإشكال ويحلّ معضله بالحكمة والاستدلال وصار ميزانا لفهم أمثاله واقرانه ومروّجا لأمر سيّده ببنانه وبيانه ومن الّذين يحومون حوله ويطلبون فضله وطوله ويقرءون معروفهم لديه ويعرضون مفهومهم عليه جناب ميرزا عبدالصّمد همداني وجناب العالم بلامين ملّا حسين جوان تبريزي وسيّد إبراهيم دزفولي وجناب العالم التّقي ملّا محمّد تقي الهروي كان يقرأ عنده بعد وفات السّيّد الباب من كتاب شرح الفوائد وكان معتمدا من حيث الفهم والإدراك عند الكلّ سيما جناب شيخ أحمد شكور النّجفي والسّيّد العليّ السّيّد عليّ شبر وجناب ملّا عبدالخالق العليم وجناب العالم ملّا شيخ عليّ محولاتي والعالم الدّقيق ميرزا أحمد ازغندي وجناب العالم الفطن الأطهر حاجي ملّا جعفر كرمانشاهاني والشّيخ الألمعي - بلا نظير - الشّيخ بشير النّجفي وغيرهم من الّذين يطول بذكرهم الكلام وكان - سلّمه اللّه تعالى - أدقّهم فهما وأبطنهم علما وأتقنهم فقها وأزهدهم في الدّنيا وأصبرهم على البلاء وكان لا يشكو عند أحد من المخالف والمؤالف من أمر دينه ودنياه وشاكر الأمر مولاه ومخالفا لهواه فهؤلاء الّذين ذكرت أسمائهم وأشرت إليهم اسألوا من كلّ واحد واحد فإنّ بعضا منهم مصدق له في مقالته والبعض متوقّف في رسالته والبعض متردد والآخر متحيّر وكان السّيّد الباب - روحي فداه - يحوّل عليه من بعض أجوبة المسائل وينهي إليه من جواب المراسيل وكتب كتابين في مدّة كونه في الحضور غير الأجوبة والمسائل الجزئيّة أحدها في تفسير سورة المباركة الكوثر وعرضهما على الباب العاليّ الرّفيع والسّيّد الشّريف المنيع وقال في مدحه - سلّمه اللّه - كلماتًا وعباراتًا ما لم ينطق لأحد سواه وهو - صلّى اللّه عليه - على المنبر حتّى توهّم بعض الطّلّاب من إصرار السّيّد الباب - روحي فداه - في توصيفه وبيان مرتبته ومقامه أنّه القائم بالأمر بعده (ص) كما أظهروه بعد وفاته وهو - سلّمه اللّه - رفع شبهتهم وأقام بيّنتهم وبيّن صفات البابيّة العظمى وأبان عدم أهليّته لذلك المقام وفقد جامعيّته لصفات الكرام منها عدم صدور الصّغيرة والكبيرة والتّرك الأولى بلا داع وموجب وهو قد شرب الغليان في بعض الأحيان من الأزمان وأرسله إلى دعوة حجّة الإسلام وأقامه مقامه في الأداء وفعل في دار السّلطنة اصفهان من إظهار أمر الشّيخ والسّيّد البابين سيما في حضور السّيّد العالم سيّد محمّد باقر الرّشتي ما لا يمكن لأحد من بعده وما صدر من أحد قبله قد تحيّرت العقول في إدراك صفاته الكماليّة من التّمكين والوقار والشّجاعة وقوّة القلب كأنّه زبر حديد بل أشدّ لكنّه رقيق على أصحابه يتزعزع القلوب المشيّدة من ذكر أحوال ذلك المجلس الممهدة من القلوب القاسية وخشب مسندة وإقرار حجّة الإسلام بالعى واشتباه الأمر له في ملأ من النّاس وهو ظاهرا من المحالات وتحقيقه بعض المطالب منه - سلّمه اللّه - في الخلوة إلى ثلثة أيّام ثمّ أمره بالصّعود إلى المنبر وإظهار أمر الشّيخ ورفع شبهة الخلق وقرائته نسخة دليل المتحيّرين لهم وموعدته العطية والهدية لجنابه وعدم قبوله وخروجه من اصفهان بغير إطلاع منه وطلبه الرّجوع إلى اصفهان من المشهد وكفى فخرا وشرفا لجنابه ما كتبه السّيّد الباب - صلّى اللّه عليه وروحي له الفداء - بعد وقوع هذا الفتح المبين وكسر صولة اللّعين إلى أن قال صولت باطل شكستى جزاكم اللّه خيرا اين عمل تو مقابل همهٴ اعمال مردم است كن ثابت الجاش لا خائف ولا خاش كان اللّه معك ومن كان اللّه معه فالمبادي العالية معه أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ

چه باك از موج بحر آنرا كه باشد نوح كشتىبان

چه غم ديوار امت را كه دارد چون تو پشتىبان

إلى آخر كلامه - روحي فداه - والخطّ الشّريف موجود الآن مرسوم بالمهر المنيف فإذا هل الّذي قال في شأنه السّيّد الباب هذه الفقرات أولى بالتّصديق والتّبعيّة أو مثل الخان الّذي سمعت في ما قبل ما ذكرت في وصفه بادّعاء بعض العبارات بشهادة السّيّد عليّ الكرماني وهو قد أقرّ بلسانه بحضور جماعة منهم جناب الملّا حسين گنجه اى في كربلاء بأنّي مع كوني شارب الخمر واللّاطي وارتكاب المعصية من الكبائر أحسن وأشرف من البالأسريّة لأنّهم أنكروا الولاية وفضائل الأئمّة إلى آخر كلامه - لعنه اللّه - وما أظنّ أن ينكرها الآن فيا أيّها النّاس أنصفوا ربّكم هل انقلب مذهب الشّيعة إلى السّنّة والجماعة أم ارتفع التّكليف وبقي الخلق سدى مهملين يختار كلّ أحد ما يشاء أليس أبو بكر وعمر من عبدة اللّات والعزّى ثمّ أسلما وادّعيا خلافة رسول اللّه أما كان ردّ الشّيعة لأهل السّنّة إلى الآن بأنّ الّذي صدرت منه الكبيرة الّتي توجب الحدود لا يصلح للرّياسة في دين اللّه المعبود أليس جواب أهل السّنّة بأنّهما تابَا واتبعَا رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله - والإسلام يجب ما قبله كيف وقد التزمتم بمقالة المخالفين وأعرضتم عمّا عليه شيعة أمير المؤمنين - عليه سلام اللّه أبد الآبدين - وادّعيتم البابيّة الكبرى والوساطة العظمى لسلالة الأشقياء ونتيجة اللّعناء بني أُميّة الميشومة والرّؤية الملعونة - لعنهم اللّه - واستأصلهم هذا أحد مواقعه - سلّمه اللّه تعالى - وله مقامات مشهورة وآيات معهودة وظلال ممدودة ليس هنا مقام ذكر جميعها لطول الكلام وله خوارق عادات وكرامات قد شاهدوها في أوائل أمره إلى أن خرج من مسقط رأسه فمن أراد الاطلاع فليسأل من أهل بشرويه وأقربائه وقد ذكر ميرزا محمّد إبراهيم بن ميرزا إسمعيل سبزواري بأنّي قد سمعت من جناب الملّا حسين قبل وفات السّيّد الباب (ص) قال كأنّي أرى نفسي وبعضا من أصحاب السّيّد في عسكر الإمام - عليه السّلام - ومن جملة الأنصار وقال سألت من منشأ هذا القول ومأخذه امتنع عن الإبراز ولكنّي أدري من أين صدر هذا وما موجبه وقد وصل إليّ منه - سلّمه اللّه - بواسطة واحدة والحاصل أنّ فضائله أكثر من أن يحصى كلّها ويستقصى بأسرها ويكفي في شأنه وذكائه وفطانته أنّ كلّ من رأى كتاب يوسف وتفسير سورة البقرة وسائر الكتب الّتي يعجز الخلائق من الاتيان بآية أو ورقة بمثلها نسبها إلى جناب باب الباب أوّلا أما المحقّقون فقد صدّقوه في قوله بأنّه من الغير وليس من شأني إتيان مثلها وإحاطة كنهها وأمّا المبطلون فباقون في اعتقادهم مع أنّهم من أوّل زمان الظّهور إلى الآن مدّة سنتين وازيد ما أتى أحد بمثله ولا يقدر أن يأتي من بعد أبدا وكلّ من تكلّم ببعض الهذيان فهو يعلم أنّه ليس مثله لأنّه ليس كمثله شيء لأنّه كلام الإمام ووصفه والإمام آية اللّه ودليله وحجّة اللّه وسبيله وان إليه ليس كمثله شيء وهو السّميع البصير وكذا آياته وعلاماته ومقاماته الّتي لا تعطيل لها في كلّ مكان يعرفه بها من عرفه وبها ملأ سمائه وأرضه حتّى ظهر أن لا إله إلّا هو وكذا جناب مولانا العليّ آخوند ملّا عليّ البسطامي كان أزهد النّاس وأصدقهم بعد جناب باب الباب وأشبه النّاس لأبي ذر [الغفاري] في زمانه قال رسول اللّه - صلّى اللّه في حقّه: ما اظلّت الخضراء وما حملت الغبراء أصدق من أبي ذر وكان - سلّمه اللّه - يتكلّم بالصّدق وينطق بالحقّ ما كان يبالي من أحد كأنّه ما خلق اللّه شيئا غيره وكان وفيّا حليما حميما وليّا كريما سخيّا والدّنيا أرذل عنده من جناح البعوضة وكان الدّرهم والدّينار مع الحصى عنده سواء وكان أكله جشبا ولبسه خشنا سخيّا في الطّبع وجوّادا في السّجيّة زاهدا ناسكا وقد كان في أوّل تحصيله في جوار مولاه ثامن الأئمّة من آل اللّه - صلّى اللّه عليهم - وكان معروفا بالزّهد والورع ومتمايزا في بين الأمثال والإكفاء والورود على مشهد الإمام - عليه السّلام - حتّى خلص من تحصيل العلوم الظّاهرة والرّسوم المتعارفة ألقى اللّه في قلبه طلب مقام وعلم غير ما في يد النّاس لأنّ اللّه أجل من أن يخلق الخلق وينزله من ألف ألف عالم إلى عالمنا هذا لغاية ما هو المعروف الآن من العلماء القشريين من العلم الظّاهر القشر ومعرفة العوام الصّرف إلى أن الجأه التّفكّر في هذا إلى السّير في العلماء والورود على المتسمين بالعلم والطّلب من كلّ واحد بعد واحد إلى أن تشرّف بخدمة جناب العالم الكامل حاجي ملّا جعفر كرمانشاهاني وأظهر له ما في قلبه وطلب دفع ما في صدره وبيّن له جناب العالم المذكور طريقة الشّيخ الباب والسّيّد الطّاهر الطّهور وذكر أوصافهما وما عليه شأنهما من مقامات المعرفة والمراتب السّبعة اشتاق إليهما اشتياق الصّبي إلى أُمِّهِ والطّير إلى وكره وتحصّل منه أيّاما من كلمات الشّيخ الباب وكتب السّيّد - صلّى اللّه عليه - حتّى غلب عليه حبّ لقاء السّيّد الباب - روحي فداه - وهاجر من المشهد المقدّس الرّضوي إلى الأرض المقدّسة الحسيني العلويّ بعد الإستيذان من والديه ودعوتهما على ما هو عليه من الاعتقاد والمذهب الصّحيح وتشرّف على مجلس الحضور بعد القرب من شجرة الطّور والقبر المحبور وكان يستفيد من رشحات الباب الأعظم وطفحات العماد الأقوم - صلّى اللّه عليه وسلّم - وعرف من المقامات والمراتب العاليات من أسرار العلوم المستودعة في قوسي الصّعود والنّزول سيما علم الأخلاق والطّريقة وحسن الأخلاق وطيب الأعراق في مدّة ما لا يمكن لغيره في أزمنة كثيره وكتب بيده كلّ ما صدر من قلم السّيّد الباب إلّا قليلا من النّسخ المفقودة الأصل وكان ملازما لخدمة السّيّد وطالبا لصحبته ما كان مجلس درس أو محل بحث وكلام ووعظ في أوقاته المخصوصة إلّا وقد كان حاضرا حافظا ومنتقلا للإشارات وملتفتا للتلويحات والحاصل أنّه كان جامعا للعلم والعمل والزّهد والتّقوى وطريقة السّلوك العلميّة والعمليّة معا وبقي في الأرض المقدّسة مدّة سبع سنين تقريبا لمحض تحصيل المعرفة والعبادة وله أهل وأولاد في وطنه ما كان يصبر على مفارقة السّيّد الباب حتّى جاء أبوه وعمّه ليذهبا به ولم يقدر لمخالفتهما واستأذن من مولاه وأعطاه السّيّد - روحي فداه - حِرْزًا وأذن له بالمشي وبقي عند أهله بسنتين أو أقل أو أزيد بأيّام وضاق له الخناق وما قدر أن يصبر على الافتراق أكثر من هذا ثمّ عزم ثانيا الرّجوع إلى الأرض الطّيّبة والسّاحة المقدّسة كان فيها إلى أن توفّى مولاه - صلّى اللّه عليه - واسدل عليه ثوب رضاه وفي السّنة الّتي قبل عام الوفاة عزم - سلّمه اللّه - لطواف بيت اللّه بعد زيارة أوليائه وكان في قلبه وبناه المشي راجلا حتّى قرب الموسم وأراد الحركة بدون إطّلاع أحد من الأصحاب طلبه السّيّد الباب - روحي فداه - ليلا من اللّيالي وقال تريد مكّة قال نعم قال - روحي فداه - لا تمش هذه السّنة بقاؤك عندنا أحسن فقبّله وسلّم أمره حتّى وقع ما وقع وكان - سلّمه اللّه - يحلف باللّه بأنّي ما أظهرت مضمر قلبي لأحد حتّى لرفيقه الّذي أن يخدمه ليلا ونهارا وكان يعدّ هذا من جملة الكرامات للسّيّد الباب - صلّى اللّه عليه - والحاصل أنّ صفاته المحسنة وأحواله الحسنة وأخلاقه المستحسنة أجلى من أن يوصف وأجلّ من أن يعد ويعرف من لم يره لم يدر وكان من الماشين بالرّجل حول التّخت في آخر سفر السّيّد (ص) وقال - روحي فداه - في خان الخانزاد تعييرا لاهل الدّنيا من أصحابه لا رجاء لي إلّا من هؤلاء الماشين والسّاعين حول الهودج وأمّا همّكم ففي الأكل والشّرب وأمّا جناب الملّا حسن البجستاني فرجل صادق ومؤمن صافي حربه سلم وغضبه صلح وغيضه ضحك طيّب الذّات حسن الفطرة متأثّر من الخطرات ومتألّم من المرجوحات ذاكر ربّه مقل غلبه ومكثر ذنبه يشكر لفعل الطّاعات ويستر لصدور العبادات كما يستغفر عن اللّغو ويتأوه للمكروهات حليم ودود رحيم رؤوف ليّن العريكة وطيّب السّجيّة ينسى من أساء له ويذكر من أحسن إليهّ يحب الحقّ ويبغض الباطل باطنه يعرف من ظاهره وظاهره يحكي عن باطنه أفهم الناس في رتبته وأشرفهم في درجته لا يتكلّم إلّا بما يعلم ولا يسأل عمّا لا يعلم والحاصل كلّ من جلس معه مجلسا أو مجلسين يعلم كلّ ما أقول صدقا ويعرف كلّ ما كتبته حقّا وكذا جناب مولانا الولي ميرزا محمّد عليّ ابن العالم المعروف - أيّده اللّه بمنّه - فتى شاب تام البصيرة وحسن السّيرة كامل الصّفات وبالغ السّمات جواد صبور وقور شكور شجاع في الشّكل وقوّي في القلب ثابت الجاش غير خائف ولا خاش مستبصر في أمر دينه مطمئن في إيمانه كالجبل لا تحرّكه العواصف ولا تزيله القواصف كفاه فخرا وشرفا قول بقيّة اللّه - صلّى اللّه عليه - في شأنه الفتى العربي القزويني وقد صبر على بليّة لو صبّت على الجبال لتندكّ وعلى ذكور الرّجال لتنفكّ لا يبالي للحقّ عن المهالك ولا يتزلزل إذا أظلمت المسالك يرفق لأخيه وإن ظلم ويوصل لصاحبه وإن إنفصم بار باذل عارف عادل يطلع على الإشارات وينتقل إلى التّلويحات زاهد في شبابه فقيه في مقامه معرض عن الدّنيا وراغب للعقبى وإنّ متاع الدّنيا عنده أدنى كلّ شيء فواللّه العظيم ما رأيت ابن عالم إلى الآن أزهد وأتقى منه طالبا للمراتب العالية والمقامات السّامية مع حداثة السّن وبدو الشّباب رقيق القلب ورحيب الصّدر وإن شئت صدق مقالتي أُنظر إلى أبناء علماء العصر وزنه معهم كأنّهم كيس التّين مقابل الدّرّ الثّمين فها هو ابن حجّة الإسلام كان رئيسا للالواط الأظلام وصار سببا لإهانة أبيه من السّلطان وكذا ابن العالم الكلباسي فإنّ قوله فلان وفلان قد ملأ الأصقاع وطرق كلّ الأسماع وكذا ابن شيخ محمّد حسن النّجفي قد أحدث في بين العرب كبائر لم تسمع آذناهم ولم يكتسب يمناهم وكذا ابن شيخ محمّد حسين اصفهاني نازل كربلاء قد كان مستأنسا لسيّد مصطفى اصفهاني بعد فوت أبيه وقد كان أبوه مكدر العيش في حفظه وهكذا زيد وعمر ولو شئت أن تقول بلفظ الكلّ لما أخطأت فرجت أحوالهم وأطلعت عليهم وما سواهم أكثر منهم وأما ما سمعت بغير مصاحبة ومرابطة منىذّي فبنو علماء كلّ البلاد إلّا قليل سيما علماء الطّهران والقزوين فإن قلت هذا ادّعاء محض وافتراء صرف أقول وهب أنّي أقول الصّبح ليل أيعمى النّاظرون عن الضّياء وهكذا جناب ملّا عبدالجليل وسائر السّابقين الواردين للماء المعين بعد غور الماء في سنة السّتّين إذا لاحظت أحوالهم تراهم أزهد الخلق وأعبدهم وأشدّهم ذكرا للموت وحبّا للقاء الرّبّ تعالى وعليك موازنة الكلّ مع أهل مرتبته فإنّ حسنات الأبرار سيئات المقرّبين فإنّ سائر السّابقين لا يقاس مع جناب الملّا عليّ [البسطامي] المحبوس في سجن الظّالم وجنابه لا يقاس مع جناب باب الباب [الملّا حسين] وهو لا يقاس مع الأبواب العظام وهم مع خاتم الأبواب فخاتم الأبواب أكرم وأكمل ما تحته والأبواب العظام أكمل ما تحتهم وجناب باب الباب آخوند ملّا حسين أفضل وأكمل ما تحته من أهل الايجاد وجناب الملّا عليّ [البسطامي] أشرف الباقين والسّابقين أشرف اللّاحقين فكلّ سافل بالنّسبة إلى ما فوقه ناقص وأمّا بالنّسبة إلى ما تحته فأكمل وأكمل ومن هذا اشتبه منادي السّفياني الكرماني خؤار الولياني ومدّه على الضّعفاء والمساكين بأنّ الملّا حسين ما كان بابا لأنّه لو كان بابا ليلزم أن يكون مهيمنا على كلّ كمال وعالما بكلّ علم وقابلا لكلّ نوال وعارفا بكلّ رسوم ولا يكون فاقدا لشيء من السّنن والمندوبات ولا مصدرا لظهور المرجوحات حتّى شرب الغليان وترك النّوافل في بعض الأحيان وكذا السّابقون الّذين مدحهم الإمام بقيّة اللّه - صلّى اللّه عليه وعجّل فرجه - وقد خبط خبط عشواء والتجاء خرط القتاد بيد جزاء ضلّ وأضلّ كثيرا حيث ما فرّق بين المراتب السّبعة أو الثّمانية على قول قال - عليه السّلام - لجابر: أتدري ما المعرفة البيان أوّلا والمعاني ثانيا والأبواب ثالثا والإمام رابعا والأركان خامسا والنّقباء سادسا والنّجباء سابعا وعدد البعض الصّلحاء مرتبة أخرى وكذا الفقهاء فإنّ مرتبة المعاني عند رتبة البيان نقص محض بل عدم صرف لأنّه مقام ليس كمثله شيء والمعاني رتبة معاني المصادر والأبواب نقص بالنّسبة إلى المعاني والإمامة بالنّسبة إلى الأبواب والأركان بالنّسبة إلى الإمام والنّقباء بالنّسبة إلى الأركان والنّجباء بالنّسبة إلى النّقباء والفقهاء بالنّسبة إلى النّجباء والصّلحاء الرّعيّة بالنّسبة إلى الفقهاء نقص بحت وجهل بات فإنّ النّقابة لا شك إنّها مرتبة الأبواب العظام والنّجابة رتبة الأبواب الجزئيّة حملة العلوم الحقّة من النّقباء فإنّ جناب الباب أعني الملّا حسين - سلّمه اللّه - لو فرض كونه من النّجباء إنّما هو حاو للكمالات الّتي في رتبته وكامل بالنّسبة إلى الفقهاء والصّلحاء وأما لالنسبة إلى النّقباء فناقص البته وكذا السّابقون لو فرض كونهم من الفقهاء ولو لا نفر من كلّ فرقة ليتفقّهوا في الدّين فكمالهم بالنّسبة إلى الصّلحاء الرّعيّة لا النّجباء الكرام فلكلّ رتبة منها صفات وأحوال يختص تلك الرّبتة بها لا غير فغلط الّذي خالط المبحث ومشي في أرض العلوم بغير هدى من اللّه ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل اللّه ويريد أن يطفئ نور اللّه بأفواه المبطلين واللّه متم نوره ولو كره المشركون فالأبواب أكمل ما تحتهم وباب الباب أكمل ما تحته والسّابقون المهاجرون أكمل ما تحتهم ومن ارتاب في ما قلت فليختبر إن كان طالبا للحقّ وسالكا بالصّدق أوليئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع وإن اشتبه الأمر في تميز صفات المراتب ومعرفة أحوال الأشخاص فعليك بكتب الشّيخ والسّيّد البابين - صلّى اللّه عليهما - وقد استوفى الشّيخ الباب ببيان مراتب الأربع من البيان والمعاني والأبواب والإمام في أوّل تفسير الجامعة الكبيرة والسّيّد الباب (ص) ببيان مراتب النّقباء والنّجباء في كتاب شرح القصيدة فقد تزندق من لم يحفظ المراتب وتدمدم من أغمض عن الحقّ في المطالب للبلوغ إلى الآمال والمآرب فإنّه ح [حينئذ] من المعاندين الفجّار ومصداق لقوله تعالى ﴿قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً فَإِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ﴾ فهذه صفات السّابقين الواردين بدار الأمن شيراز في الجملة فإنّ التّفصيل يوجب التّطويل ناشدتكم باللّه لو كان أشخاصا هذا اأوالهم وصفاتهم وسماتهم هل يهلكون أنفسهم بل النّفوس لطلب الجلال والمرتبة مع أنّ كلّ واحد منها ذو شأن ورفعة في وطنه أنصفوا بينكم وبين اللّه لو أنّ جناب باب الباب يقعد في أحد المشاهد ويظهر العلم ويشتغل بالدّرس والبحث أما كان مثل أحد من الرّؤساء القشريين وكذا سائر السّابقين بالنّسبة إلى مقامهم ومرتبتهم ربّما يخطر بالبال بل يظهر في لسان المقال فإنّ كلّ ما ذكر من الأوصاف والكلم الاجحاف بهت زور وكلام گزاف وأقول كلّ من يدّعي ما ليس فيه كذبته شواهد الامتحان فإنّي باللّه العظيم ما كتبت شيئا خافيا عن درك عامّة النّاس بل اضمرت أكثر ما كان ظاهرا خوفا من الخنّاس الوسواس وإن تكذبني من شارك في نطفته الشّيطان لكنّي مصدّق بحمد اللّه عند أولياء الرّحمن أهل البصائر من الإنس والجان ولو اطّلع أحد بكيفية وصول هؤلاء الرّجال إلى معرفة ذكر اللّه المتعال لما يقع في قلبه شبهة ولا في صدره ريبة لكن اللّه رفع بنيانه وسدد تبيانه ليهلك من هلك عن بيّنة ويحيي من حيّ عن بيّنة ... إلى قوله بعد تفصيل طويل وربّما يخطر ببعض الأذهان بأنّه قد أخذ من السّيّد باب اللّه المقدّم وتعلّم هذه العلوم منه قلنا إنّ الذّكر الأكبر - صلّى اللّه عليه وروحي فداه - قد تشرّف بأرض المقدّسة وبقي في كلّ المشاهد إحدى عشر شهرا ثمانية أشهر في جوار الحسين (ع) وثلثة أشهر في خدمة سائر الأئمّة (ع) وفي مدّة بقائه في كربلاء كان يحضر على مجلس الدّرس كلّ يومين أو ثلثة أيّام مرّة أمّا أوّله أو وسطه أو آخره ومع هذا ما سمعنا من السّيّد الباب أن يتكلّم في تلك الأوقات من هذه العلوم الّتي ذكرت أسمائها فواللّه ما فات منّي درس ولا موعظة منذ عشر سنين إلى يوم وفاته (ص) وما سمعت منه أبدا علم التّقارب ولا التّباعد ولا من غيره وعلى فرض ذاك أنصف بينك وبين اللّه هل يمكن لأحد أن يتحصّل في هذه المدّة القليلة تلك العلوم الجليلة ويتصرّف فيها ويصنّف فيها كتابا ويتصدّى سؤالا وجوابا لأهل العلم والصّلّاب المستنيرة بنور باب اللّه المقدّم وترّبوا عنده وأمّا عمله فكعلمه لأنّ العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلّا فارتحل والعبوديّة جوهرة كنهها الرّبوبيّة فأينما وجد العلم فالعمل معه وكذا العكس لأنّهما جناحان للسّالك السّائر كما أنّ الطّير لا يقدر أن يطير بجناح واحد كذا العارف المدفّ في أرض العلوم وهواء المعرفة لا يقدر أن يصل إلى المقامات ويحيط بالدّرجات العاليات بالعلم وحده فكلّ من ادّعى العلم وهو متهاون في العمل فكاذب وكذلك العكس ففي هذا المقام إذا ثبت العلم فعلم أنّ العمل مقرون معه إلى قوله بعد شرح وتفصيل ... فعلى هذا بطل كلام الخان عليه اللّعنة والنّيران من اللّه الملك الدّيّان وأولياء الرّحمن - صلّى اللّه عليهم أجمعين - وَأَلَّفَ بهم كتابا ذا سور وقابل به كتاب اللّه المجيد وفرقانه الحميد وقال إنّه أوحى إليه كتاب جديد وَأَلَّفَ لهم صحيفة عارض بها زبور آل الرّسول الأمين - عليهم صلوات اللّه أبد الآبدين - وألّف خطبا قابل بها أمير المؤمنين - عليه صلوات المصلّين - إلى آخر كلامه ... - لعنه اللّه - كأنّه قد غفل عن قوله تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ وعن قوله سبحانه ﴿إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ يوم الجمع إذا اطلق يراد بها أوّلا وبالذّات يوم القيمة وعلى غيره ثانيا وبالعرض من باب حقيقة بعد حقيقة أو الاشتراك إن قلنا بحقيقة والقيمة على قسمين قيمة صغرى وقيمة كبرى الكبرى معلومة وأمّا الصّغرى يوم القائم - (ص) عجّل اللّه فرجه - ومشهد الرّكن الرّابع لأنّه الصّادع لتبليغ هذا الرّكن فيومه يوم الجمعة كما هو يوم عاشورا ويوم النّيروز ولا يلزم اجتماعها كما صرّح به الشّيخ الباب (ع) ويوم الفرق أيضا لافتراق الفريقين فريق في الجنّة وفريق في السّعير وما أظنّ أنّ جناب الخان ينكركون مشهد الشّيعة يوم الجمع ومحل جمع الجوامع ومحل ظهور العلامات وبروز الآيات فالفرقان النّازل في يوم الجمع هو الفرقان النّازل لأمر الشّيعة والرّكن الرّابع واطلاقه على القرآن المعروف لاشتماله عليه في التّأويل والباطن وعن قوله تعالى ﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ﴾ ...الخ إن قلت أنّ المراد من الفرقان هو الكتاب فقد افتريت بربّك وأنزلت كلامه عن الفصاحة والبلاغة للقول بالتّكرار من غير وجه وإن قلت أنّه غيره فقد ثبت المطلوب وأمّا قول الصادق (ع): الكتاب هو المجمل منه والفرقان هو المفصل بالنّسبة إلى ذلك الوقت حيث ما كان الفرقان ظاهرا وبالنّسبة إلى حال السّائل حيث ما كان عارفا لأنّ القرآن باعتبار الأشخاص ذو حالات ثلث الأوّل إنّه متشابه كلّ كما قال تعالى اللّه ﴿نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ ... الخ هذا بالنّسبة إلى الّذين أنكروا الولاية وأعرضوا عن الآخرة كما أخبر اللّه سبحانه عنهم بقوله الحقّ وكلامه الصّدق ﴿وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا﴾ فلا يفهمون منه شيئا لا ظاهرا ولا باطنا الثّانية بعضه متشابه وبعضه مفصلة محكم كما قال تعالى ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ وهذا بالنّسبة إلى الّذين خمدوا وانجمدوا واقتصروا على الظّاهر والقشر كما أشار إليهم سبحانه في قوله ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا﴾ ﴿كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا﴾ ... الخ الثّالثة محكم كلّه ومفصل جله كما قال سبحانه ﴿تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ يعني جميع آياته لشأن إفادة الجمع المضاف العموم وقوله تعالى ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ هذا بالنّسبة إلى الأشخاص الّذين رقوا الأحجاب وخرقوا الأسباب ووصلوا بمقام فصل الخطاب وميّزوا البيت من الباب ودخلوا البيوت من أبوابها كما قال تعالى ﴿لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا﴾ أصحاب التّوسّم وأرباب التّفرّس مواقع النّور وبيت الظّهور أفمن ﴿جَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ فقول الإمام (ع) بالنّسبة إلى الحالة الثّانية لا الأولى ولا الثّالثة لأنّ في الحالة الأولى كلّه مجمل وفي الحالة الثّالثة كلّه محكم مفصل فلا معنى للتّفريق فإنّ كلامنا مع الّذين يدّعون مقام العارفين الكاملين والبالغين الواصلين ويحسبون أنفسهم من أصحاب الرّتبة الثّالثة فيلزم ما قلنا وورد ما ذكرنا من التّكرار والعبث والزّيادة ونقصان في الفصاحة والبلاغة إلّا أن يقول أنّي عوام قشري فلا كلام معه وغفل عن قوله (ع) كما في آخر إرشاد المفيد معناه أنّ أصعب ما يكون على النّاس أو العلماء في تعليم القرآن الجديد لأنّه يخالف فيه التّأليف والتّرديد منّي وعن قوله (ع) كما في الينبوع والبصائر والاكمال وكتاب غيبة البحار وغيبة الشّيخ الباب (ص) وغيرهما: يأتي القائم بأمر جديد وكتاب جديد وسنّة جديدة وقضاء جديد على العرب شديد إطلاق القائم على غير مولانا الإمام محمّد بن الحسن (ع) كثير في الأخبار منها يقوم القائم بخراسان وقائم منّا بجيلان وفي قوله (ع) على العرب شديد يعني لأهل العربيّة والقواعد المعروفة إيمآء بأنّ ذلك الكتاب على خلاف ما عندهم من التّأليف وهو مؤيّد للحديث المقدّم

قد فهم من كان ذا فهم سديد و ﴿أَلْقَى السَّمَعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾ ﴿سُبْحَانَ اللّهِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ ﴿وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ وَالحَمْدُ للّهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾

المصادر
المحتوى
OV