وقد صدر في صباح يوم السّبت الثّامن من نيسان سنة ۱۹۱٦ في البهجة في حديقة الرّوضة المباركة بالعنوان التالي:
إلى أحبّاء الله وإماء الرّحمن في محافل ومجامع الولايات المتّحدة وكندا عليهم وعليهنّ البهاء الأبهى.
يا أيّتها النّفوس المباركة إنّي أرجو لكم الفوز والفلاح الأبديّين وألتمس لكم كلّ التّوفيق في العوالم الإلهيّة وأملي أن يسطع كلّ واحد منكم من أفق العالم سطوع نجمة الصّباح، ويكون كلّ واحد منكم في هذه الحديقة الإلهيّة شجرة مباركة تؤتي الفواكه الأبديّة. ولذا أدلّكم إلى كلّ ما فيه تأييداتكم السّماويّة وأنوار الملكوت الإلهيّ، وهو أنّ ألاسكا إقليم واسع ومع أنّ إحدى إماء الرّحمن قد توجّهت إلى تلك الأشطار وتعيّنت في المكتبة العامّة بوظيفة أمينة المكتبة، ومع أنّها لا تقصّر في الخدمة ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، لكن نداء الملكوت لم يرتفع بعد في ذلك الإقليم الشّاسع، لقد تفضّل المسيح قائلاً اذهبوا إلى شرق العالم وغربه ونادوا بملكوت الله، بناءً على ذلك يجب أن تشمل الرّحمة الإلهيّة جميع النّاس فلا ترضوا بعد هذا أن يبقى قطر ألاسكا محرومًا من نسائم صبح الحقيقة، فاجهدوا ما استطعتم وأرسلوا إلى تلك الجهات نفوسًا ناطقة بليغة منقطعة إلى الله منجذبة بنفحات الله منزّهة ومقدّسة عن النّفس والهوى، زادهم ومتاعهم تعاليم الله يعملون بها هم بأنفسهم أوّلاً ثمّ يدعون النّاس إليها، عسى أن تنير بإذن الله أنوار الهداية الكبرى ذلك القطر وتعطّر نسائم محبّة الله الهابّة من حديقة الرّحمن مشام سكّان ألاسكا. فإذا وفّقتم بمثل هذه الخدمة فأيقنوا بأنّكم وضعتم تاج السّلطنة الأبديّة على رؤوسكم وأصبحتم من المقبولين والمقرّبين لدى العتبة الإلهيّة وكذلك جمهوريّة المكسيك هي ذات أهمّيّة بالغة فأغلبيّة أهاليها من الكاثوليك المتعصّبين ولا خبر لهم أبدًا عن حقيقة التّوراة والإنجيل ولا عن التّعاليم الإلهيّة الجديدة وهم لا يعلمون أنّ أساس الأديان الإلهيّة واحد وأنّ المظاهر المقدّسة هم بمثابة شمس الحقيقة طلعوا من مطالع متعدّدة، إنّ هؤلاء النّاس غرقى بحر التّقاليد فلو نفخت فيهم نفخة من الحياة لنتجت عن ذلك نتائج عظيمة، ولكنّ النّفوس التي تعزم على السّفر إلى المكسيك يجب أن يلمّوا باللّغة الإسبانيّة. وكذلك الجمهوريّات المركزيّة السّتّ الواقعة في أمريكا الوسطى جنوبي المكسيك وهي غواتيمالا، هندوراس، السلفادور، نيكاراغوا، كوستاريكا، باناما والقطر السّابع بليز (أو هندوراس البريطانيّة) فالّذين يسافرون إلى تلك الجمهوريّات يجب أن يعرفوا اللّغة الإسبانيّة. يجب عليكم الاهتمام كلّ الاهتمام بأهالي أمريكا الأصليّين أي الهنود الحمر، لأنّ هذه النّفوس أشبه بأهالي الجزيرة العربيّة القديمة الّذين كانوا قبل البعثة النّبويّة كالوحوش فلمّا طلع فيهم النّور المحمّدي استناروا إلى درجة أناروا العالمين، وكذلك الأمر في هؤلاء الهنود فإنّهم لو تربّوا ونالوا الهداية فلا ريب في أنّهم يتنوّرون بالتّعاليم الإلهيّة بحيث ينيرون بها كلّ الأقاليم.
إنّ جميع هذه الأقاليم سالفة الذّكر ذات أهمّيّة بالغة وخاصّة جمهوريّة باناما التي فيها يلتقي المحيط الأطلسي بالمحيط الهادي، وهي مركز للعبور والمرور من أمريكا إلى سائر القارّات وسوف تكون لها في المستقبل أهمّيّة كبرى. وكذلك جزر الهند الغربيّة أمثال كوبا، هاييتي، بورتوريكو، جامايكا، وكذلك جزر الأنتيل الصّغرى وجزر البهاما وحتّى أنّ جزيرة واتلنغ الصّغيرة مهمّة جدًّا وخاصة جمهوريّتي هاييتي وسانت دومينغو اللّتين يقطنهما الجنس الأسود والواقعتين في مجموعة جزر الأنتيل الكبرى، وكذلك مجموعة جزر بيرمودا الواقعة في المحيط الأطلسي لها أهمّيّتها، وكذلك جمهوريّات قارة أمريكا الجنوبيّة أمثال كولومبيا، الإكوادور، بيرو، البرازيل، غيانا البريطانيّة، غيانا الهولنديّة، غيانا الفرنسيّة، بوليفيا، تشيلي، الأرجنتين، أوراغواي، باراغواي، فنزويلا، وكذلك بعض الجزر الواقعة شمال أمريكا الجنوبيّة وشرقها مثل جزر فوكلاند، غالاباغو، خوان فرنانديز، توباغو، ترينيداد، وكذلك مدينة بهائيّة الواقعة على السّاحل الشّرقي من البرازيل وحيث أنّها سمّيت منذ سنين بهذا الاسم فإنّ هذا الاسم سيكون له تأثير شديد فيها.
وصفوة القول يجب أن تكون لدى أحبّاء الله همم عالية وأهداف سامية ويتفضّل حضرة المسيح بقوله طوبى للفقراء لأن لهم ملكوت الله ويعني بهذا أنّ هنيئًا للفقراء الّذين لا شهرة لهم ولا ألقاب إذ سيكونون أسياد العالم الإنسانيّ، وكذلك يتفضّل في القرآن بقوله ونريد أن نمنّ على الّذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمّة ونجعلهم الوارثين ويريد تعالى بهذه الآية أننا نسبغ فضلنا على الضّعفاء فنجعلهم ورثة الأنبياء والمرسلين.
وها قد آن الأوان لتخلعوا رداء التّعلّق بهذا العالم الفاني وتنسخلوا من عالم البشريّة انسلاخًا كلّيًّا وتصبحوا ملائكة السّماء وتسافروا إلى هذه الأقطار، والله الّذي لا إله إلا هو لتصبحنّ كلّ واحد منكم إسرافيل الحياة ولتنفخنّ نسمة الحياة في الآخرين وعليكم وعليكنّ التّحيّة والثّناء.
يا إلهي الفريد يا ربّ الملكوت إن هذه النّفوس جيشك السّماويّ فامددهم وانصرهم بجنود الملأ الأعلى حتّى يصبح كلّ واحد منهم أشبه بفيلق يفتح تلك البلاد بمحبّة الله وبنورانيّة التّعاليم الإلهيّة، كن لهم يا إلهي نعمَ الظّهير والنّصير، وآنسهم في القفار والجبال والوديان والغابات والبحار والصّحارى حتّى ينادوا بقوّة ملكوتيّة وبنفثات من روح القدس، إنّك أنت المقتدر العزيز القدير وإنّك أنت العليم السّميع البصير. ع ع