بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي ابدع ما في السموات والارض بامره واقام الكل بحكمه ليعرف كل الموجودات في مقام عرفان طلعة الذات وايات ظهورات الصفات الايات المودعة في حقايق الانفس والافاق لئلا يحتجب احد في ذكر شيء عن ذكر الله ويراه بما تجلى له به ظاهرا موجودا بانه لا اله الا هو قائما بذاته في ازل الازال وانه في كل شان يوصف ذاته بذاته وان ما سواه لن يقدروا ان يوحدوا كنه ازليته ولا ان يعرفوا حكما من صمدانيته اذ ذاتيته مقطعة الجوهريات عن مقام العرفان وان كينونيته مفرقة الماديات عن مقام البيان ولا يقدر احد ان يشير الى حضرته لعلو قيوميته ولا ان يذكر وصفا من ظهورات مشيته قدرته وجعلها علة في مبدء الامر لنفسها من دون حكم يساوقها ولا ذكر يعادلها ولا نعت يساويها ولا وصف يقابلها ثم جعلها مقام نفسه في الاداء وظهور محمد صلى الله عليه واله في الانشاء اذ كان الله لم يزل كان ولم يكن معه سواه ولا يدركه بصر في غياهب ايات الامكان وانه يدرك كل ما شاء بما شاء كما شاء سبحانه وتعالى عما يصفون ثم احدث الله بعد تلك الاية الاحدية في عالم اللاهوت والظهورات الصمدانية في عالم الجبروت والدلالات الواحدية في مقامات الملك والملكوت والشئون الرحمانية في مقامات ظهورات ما خلق الله في ارض الناسوت نفس الارادة لتعين الكثرات وظهور البدايات والغايات وما احاط علم الله وراء تلك المقامات من اللانهايات ليتذوت بها كل الصور في كل العوالم بما اختار الشيء في تلقاء حكم ربه ثم نفس القدر لظهور المقدر طمطام الزاخر الداخر بطن الامكان والعمق الاكبر في عوالم الاكوان ليميز به كل من توجه بعد نفي السبحات والاشارات الى طلعة حضرت ظهور البحت البات عمن يرى طلعة الصفات في مقام الكثرات عن دون ظهور الذات ثم نفس القضاء لظهور القضاء قبل البداء ثم الامضاء في نفس البداء ثم نفس الاذن والاجل والكتاب لما اراد الله في خلق كل ما شاء كما شاء لظهورات المقدورات وتمام المعلومات وما لا يحصي علم احد في مقام ذكر العلامات الا من شاء الله سبحانه انه لا اله الا هو العلي العظيم وبعد قد نزل كتابك واطلعت بخطابك فاعرف يا ايها الناظر الى تلك الاشارات ان الله قد جعل لكل شيء ايات ظهوراته في خلق كل شيء ليشاهد الكل ايات الجوهريات والماديات والعرضيات والشبحيات وما قدر الله وراء ذلك في كل شيء من خلق الله وان ذلك الامر لما لم يخلص من جهات الانية الا بظهور طلعة حضرته الربوبية في الهيكل البشرية قد جعل الله له ميزانا في البيان وقسطاسا في التبيان لئلا يرى احد ايات ظهورات الربوبية الملقاة في حقيقة العبودية بمثل سبحات انيات العرضية وهو في مقام الحقيقة صرف البساطة وفي مقام الطريقة شان الاستقامة على ظهورات نور البساطه وفي مقام الشريعة العمل بما نزل الله في الكتاب على سبيل الروح والثواب والخوف من رب الارباب وما قدر الله من الجزاء في يوم الحساب انه هو العالم بالمبدء والاياب وان ما ذكرت في كتابك من اختلافات الناس في ذكري فلا شك ان اكثر الناس قد جعلوا الههم هواهم بما يقولون بافواهم ما اتبعت اهوائهم فسوف يؤاخذهم الله بما اكتسبت ايديهم ولكن ليس العجب من الناس لان في كل الاعصار كان بعض الناس في مقام الكذب والافتراء انظر الى النصارى كيف افتروا على الله وقالوا ثالث ثلاثة ثم الى اليهود حيث قالوا ان الـــعزيز ابن الله ثم الى الاعراب حيث قال الله عن لسانهم ان الله فقير ونحن اغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الانبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق فكما افتروا على الله لا شك افتروا على اولياء الله كلهم وليس العجب منهم فاعوذ بالله من افترائهم في حقي مما انا استحي ان اذكره في ذلك الكتاب ولكن اذكر بعض ما اردت والله شهيد علي وكفى بالله شهيدا فبعض افتروا حكم الرياسة ثم بعض حكم الولاية ثم بعض حكم بطلان الاجتهاد وان الله يعذبهم بما افتروا انني انا عبد مؤمن بالله واياته اكرمني الله علم المعرفة وانا حدثت الناس بحكم القران حيث قال عز ذكره واما بنعمة ربك فحدث فلما عظموا في عيونهم ذلك العلم من الذي لم يتعلم عند الخلق كبر عليهم ولذا وقعت الفتن بين الناس فمجمل القول اني مصدق بهذا الدين حرفا بالحرف فمن زاد عليه حرفا او نقص حرفا فليس مني وانا منه بريء بلى ان تلك النعمة التي انعم الله علي نعمة عظيمة التي بها تبينت اختلافات المقامات اذا نظر اليها ذو انصاف بعين البصيرة وليس لي دعوى بديعة لا في الحقيقة ولا في الشريعة والله شهيد بيني وبين الكل وانه ليحكم يوم القيمة بين الكل بما كانوا فيه يختلفون واما ما سئلت من معنى قوله عز ذكره ونحن اقرب اليك من حبل الوريد وحقيقة معنى قربه الى الله في كل المقامات فاعلم ان الذات لم يزل لم يك معه غيره ولا له نعت في خلقه قد انقطعت الاسماء والصفات عن ساحة حضرته وامتنعت الاشارات والعلامات عن قرب جلال قيوميته وانه كما هو لا يعلم احد كيف هو الا هو وان كل الاسماء سمة لمشيته وكل الايات دلالات لقدرته ولما علم ان لا سبيل لاحد في معرفة كنهه والتقرب بذاته قد تجلى لكل بكل على غاية فيض ابداعه ونسب هذا التجلي الى نفسه اذ غير ذلك لا يمكن في الامكان ليتلجلج المتلجلجات بظهور ايات مشيته ويتذوت المتذوتات بظهور مقامات قدرته وان ذات الازل لم يزل لن يقترن بعباده وليس له في رتبته ذكر عن غيره حتى اذكر حكم قربه وان قربه في كل شان كان على حد سواء بلا ذكر اقتران مع شيء في الامكان وانه الاقرب الى كل شيء عن القرب بنفسه لانه لم يزل كان نسبته الى كل ما ابدع بمثل نسبته بمثل يوم لم يبدعه وان ذلك سر الواقع في هذه المسئلة ولها وجوه كثيرة في مقامات الامر وغايات الختم فمنها ان الاقرب اليك من حبل الوريد هو الاشارات الى ظهورات اية الله التي خلق الله في فؤادك الذي انت بها توحده وتعرفه وتخاف منه وترجوا ثوابه وان ذلك شان من مقام الابداع ومنها الاشارة الى محال الامر ومواقع الحكم ائمة الدين وهداة الخلق اجمعين عباد الذين قد انتجبهم الله لنفسه واصطفيهم لولايته واقامهم مقام ولاية حضرته في كل ما نسب الى نفسه من المعرفة والطاعة والمعصية والجهالة وانهم اقرب الى الموجودات من انفسهم بانفسهم وان ائمة الدين في كل شان كان نسبتهم الى الاشياء بحد سواء لانهم في كل شان محال مظاهر القرب وانهم في منتهى مقام البعد اقرب وفي منتهى مقام القرب كانوا في المنظر الاكبر الذي لا يدركهم الابصار مما سواهم ولا يعرفهم الافكار من دونهم وانهم المتعالون عن مقامات الظهور والمنزهون عن ذكر الاسماء والبطون فسبحان الله موجدهم عما يصفون ومنها ان اردت ان تطلع بحقيقة المسئلة فاجعل لكل سلسلة من السلسلة الثمانية حكم قرب الذي غيره معدوم معه مع ان كل نسب القرب اليك بحد سواء ولكن الناظر الى رب التراب يعرف حكم القرب بفراسته ولا يمكن ان يعرف احكام ذلك القرب الا بطرف البدء ونظر الفؤاد وان الاقرب الذي لا يعدله شيء هو الابعد الذي لا يعرفه شيء وهو مقام النقطة في كل العوالم التي يعبر في مقام الحقيقة المحمدية صلوات الله عليه ما طلعت شمس الابداع بالابداع ثم ما غربت شمس الاختراع بالاختراع ثم مقام الالف اللينية وهو مقام قرب علي عليه السلام اليك ثم مقام الالف الغيبية اذا تطلق بعد اللينية وهو مقام قرب الحسن عليه السلم ثم مقام الالف الغير المعطوفة وهو مقام قرب الحسين عليه السلم ثم مقام الالف المبسوطة وهو مقام قرب القائم عليه السلم اليك ثم مقام الحروف وهو مقام قرب ائمة الدين صلوات الله عليهم ثم مقام اجتماع حروف التي هي الكلمة وهي مقام قرب فاطمة صلوات الله عليها ثم مقام اثر دلالة الكلمة وهو مقام قرب النبيين والمرسلين بحسب مراتب مقاماتهم وكثرة اختلافاتهم ثم مقام قرب شيعة ائمة العدل بحسب ما قدر الله لهم في علامات الامر وغايات الختم ولذلك الرتبة مقامات كثيرة حيث يعرف المتفرس بنور الحقيقة وكذلك الحكم انت تعرف في مقام النية وقصد القربة وان المراد بالقربة هو جهة الوحدة الصرفة البحتة التي دلت على الله سبحانه وان العبد فرض عليه في مقام كل الاعمال والحركات والارادات والنهايات الا يعمل الا لله وحده ولا يشرك في عبادته وصفا ولا نعتا ومن اراد القربة الخالصة حق عليه بان يدخل لجة الاحدية النازلة في كلام علي عليه السلام حيث قال عز ذكره رب ادخلني لجة بحر احديتك وطمطام يم وحدانيتك وان اكثر الناس في مقام الحقيقة لو ينظر احد بالواقع لم يكونوا على الصراط الخالص الذي ليس فيه ذكر عن الشرك لان العامل لو يرى الله وعمله ثم نفسه لا يعمل لله خالصا ولا يجري نية التقرب وذلك مذهب النصارى حيث ذكر الله سبحانه وقالت النصارى ثالث ثلثة وان العامل لو يعمل بشان لم ير ذكرا دون الله ولا يلاحظ في مقام الاعمال ذكر شيء سواه فقد عمل لله خالصا وثبت في اعماله حكم التقرب والا لا يمكن نية التقرب الا بذكر ذلك المقام والعمل به وان ذلك امر صعب مستصعب لن يقدر احد ان يحتمله الا ان يشاء الله وانت لو تصف بصرك لترى الشرك في كثير من الاعمال بل ان مقام التقرب هو مقام التجلي الذي لا يعرف الا بنفس المتجلي وعلى العبد حق بان يعمل لله على ذلك الصراط لان بغيره لا يدخل احد لجة الاحدية وان ذلك حكم غاية فيض الامكان في مقام الاعيان ولا يصل احد الى مقام العدل وذروة الفضل الا بالتقرب الخالص والاستقامة الدائمة وان على الكل حق بان لا يعمل في شان الا لله وفي حبه فاذا عمل على ذلك المنهج البيضاء والاية الحمراء فقد عبد الله بغاية الفيض الذي وعد الله له في الكتاب ولذا اشار الامام عليه السلم في مقام العبادة فقال عليه السلم يا هشام الله مشتق من اله واله يقتضي مالوها والاسم غير المسمى فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا ومن عبد الاسم والمعنى فقد اشرك وعبد اثنين ومن عبد المعنى دون الاسم فذلك التوحيد افهمت يا هشام قال قلت زدني قال ان لله تسعة وتسعون اسما فلو كان الاسم هو المسمى لكان لكل اسم منها الها ولكن الله معنى يدل عليه هذه الاسماء فكلها غيرها يا هشام الخبز اسم للماكول والماء اسم للمشروب والثوب اسم للملبوس والنار اسم للحرق افهمت يا هشام فهما تدفع به وتثاقل به اعدائنا والملحدين مع الله عز وجل غيره قلت نعم قال فقال (ع) نفعك الله به وثبتك يا هشام قال هشام فوالله ما قهرني احد في التوحيد حين قمت مقامي هذا وان ذلك هو معنى التقرب في مقام الكينونيات والذاتيات والجوهريات والماديات والنفسانيات والانيات والاشارات في تلك الرتبة هي العلة لذكرها والا لا سبيل لاحد في مقام تقرب الذات ولا بالظهور عن مقام دلالات الصفات وكفى بذكر تلك الكلمات في جواب تلك المسئلة لمن له علم بالبداية والنهاية وان ما سئلت من معنى قوله عز وجل الرحمن على العرش استوى فاعرف ان للعرش اطلاقات كثيرة فمنها عرش في مقام المشية وان المستوي عليها هو محمد صلى الله عليه واله ومنها عرش في مقام الارادة وان المستوي عليها هو علي عليه السلم ومنها عرش في مقام القدر وان المستوي عليها هو الحسن عليه السلم ومنها عرش في مقام القضاء وان المستوي عليها هو الحسين علىه السلم ومنها عرش في مقام الاذن وان المستوي عليها هي فاطمة صلوات الله عليها ومنها عرش في مقام الاجل وان المستوي عليها هو جعفر بن محمد عليهما السلم ومنها عرش في مقام الكتاب وان المستوي عليها هو موسى بن جعفر عليهما السلم ومنها عرش في مقامات الجوهريات ومنها عرش في دلالات الماديات ومنها عرش في علامات الكينونيات ومنها عرش في دلالات الذاتيات وان في كل مقام من منتهى بدء الفعل يصح عليه اطلاق اسم العرش الى منتهى صقع التراب حيث اشار الامام عليه السلام من زار الحسين (ع) عارفا بحقه كمن زار الله في عرشه وان المشبه في مقام حكم ذكر العرش ليكون عين المشبه به وان تلك الارض عرش في مقام التراب وان الناظر الى رب الاسماء والصفات لو يصف بصره ويدق نظره ويبسط يداه ليعرف اشارات اهل البيان في مقامات الامر وظهورات الحكم وتجليات البحت وايات العدل ومقامات الفضل وما قدر الله وراء ذلك في كل المقامات من اللانهايات الى ما لا نهاية لها بها وانك لو تطلق العرش في رتبة المشية فليس المستوي عليها الا نفسها ولا ينعت في مقامها الا ذاتيتها ولكن تحت تلك التربة لو تطلق في مقام الارادة حق ان يكون المستوي عليها هي الارادة الى ان ينزل الامر من مبادئ الفعل الى منتهى الغايات التي قدر الله لها في علمه وان ما ورد في الاخبار بان الذين يحملون العرش كانوا اربعة من الاولين واربعة من الاخرين فهو الحق لان مقامات السبعة اذا اجتمعت تذوتت صورة جامعة ولذا اشار الله اليه في كتابه ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية وان ذلك لهو السر في الواقع وان الامر لا بد ان يكون في كل العوالم كذلك وان الله قد جعل لكل ركن من العرش نورا فمنه الركن الاول حامل اسم الله القابض وهو لونه البياض ومنه ابيض كل شيء في الامكان ومنه الركن الثاني حامل اسم الله الحي وهو لونه الاصفر ومنه اصفر كل شيء في الاكوان ومنه الركن الثالث حامل اسم الله المحيي ومنه اخضر كل شيء في الاعيان ومنه الركن الرابع حامل اسم المميت ومنه احمر كل شيء في مراتب الانفس والافاق واني لو اجعل كل ما خلق الله في الامكان تفسير لفظ العرش لحق ولكن ابى الله في الظهور الا بعض الظهورات التي في مقام البطون وانك لو تجعل الرحمانية مقام الذات يلزم الاقتران وان اهل البيان لو ارادوا ان يفسروا في مقام ظهور الذات لا يفسروا بانه العرش الا بالاذن والعلم وكذلك انت تعرف حكم الاسماء والصفات اذا اراد المفسر ان يفسر الكلام باحسن تبيان في العيان وان حامل اسم الرحمانية في مقام الولاية هو علي عليه السلم وانه روحي ومن في ملكوت الامر والخلق فداه مستوي على عرش العطاء لكل شيء وانه المعطي لكل حقه وانه السائق الى كل شيء رزقه والله من ورائه محيط بل هو قران مجيد في لوح محفوظ واما ما سئلت من حركة الافلاك على جهة الاختيار فلا شك ان الله سبحانه لم يخلق شيئا في الاختيار الا بمثل الخلق الاول رتبة المشية ولا يمكن ان يلبس حلة الوجود شيء الا بقبوله وكل الحكم في كل شئونات العبد فكما انك في كل حين تحتاج بمدد من الله لوجودك فكك تحتاج لكل شئوناتك ما يحصي كتاب ربك وان ما ذكرت ان كان على جهة الاختيار فكيف لا يرجع ان ذلك مشهود عند الناظر بالبصيرة والشاهد بطرف الحقيقة انظر الى نفسك انك تعمل بعمل باختيارك فلما وقع لم تقدر ان ترجعه وان تعمل ثانيا فهو عمل غير ذلك فكذلك الحكم في الافلاك يسيرون باذن الله باختياراتهم بمثل ما قضى من سن الانسان ولم يقدر ان يرجعه وان سر ذلك يرجع الى مقام ذكر سر الاختيار لان دون العلم بحقيقة المسئلة لم يقدر العبد ان يعرف حقيقة الامر وان سئوالك من بقاء اصحاب النار في النار ثم سئوالك مع العلم باختيار الثواب وقدرته فكيف يختار العبد شان العذاب مع وجود عقله في المبدء والماب بلى ان حقيقة بيان تلك المسائل لا يمكن الا بعلم القدر وسر المقدر وهو ان الله قد علم باختيارات كل الموجودات وما عملت ايديهم في ملكوت السماء والصفات ولقد جزاهم وصفهم حين ابداعهم واجرى الاسباب لهم بما علم في حقهم وان السئوال في مقام الست بربكم لم يكن الا نفس الجواب وان اكثر الحكماء لما ارادوا ان يعرفوا حقيقة تلك المسئلة قد جعلوا ميزان الفهم العقل ولذا لم يقدروا ان يبينوا حقيقة المسئلة لان العقل لم يدرك الا شيئا محدودا ولا يقدر ان يفهم معنى قوله عليه السلم لا جبر ولا تفويض بل امر بين الامرين الا بنظر الفؤاد الذي يقدر ان يتحمل في شيء واحد وحين واحد جهة التعارض ولا ريب ان الله لم يجبر العباد في حين الخلق بالوجود بل عرض عليهم فمن قبل قد اوجده الله ومن اعرض جعله الله في مقام الادبار وان الذي يخطر على قلب الانسان بان حين عرض الوجود لو يشعر وفيه عقل فكيف يختار الكفر وان لم يشعر فكيف يقع التكليف من الرب اللطيف جل ذكره وان ذلك علة شبهة النفوس وعدم ذوبان العبد في معرفة البطون وان الذي يعرف به العبد في مقام الحقيقة فهو يرجع الشبهة في مقام الشريعة وان علة الاختيار في حين كان وجوده نفسه لا شيئا سواه لان الحين الذي ابدع الله المشية لم يكن شيئا الا نفسها ولا ابداعا الا نفسها ولا شان وجود الا من نفسها ولا شان قبول الامن نفسها فكذلك الحكم في كل المراتب لم يك وجود الشيء في اختيار قبول شيء الا بنفسه وان الله يفعل ما يشاء بامره وان العبد يفعل كل ما يشاء بحول ربه وقوته بما اختارت نفسه في تلقاء مدين جود ربه فكك ان العبد في هذا العالم يعلم ان الخمر الذي يشربه يتغير حاله بالسكر ويعلم بحكم الله في يوم القيمة بالنار وبعد ذلك يشربه فكذلك في مبادئ العلل والذر الاول ان العبد بعد يقينه بان جزاء الكفر خلود النار يقبل ويقول لا ابالي وان ما ذكرت فكيف يكون المختار يرضى بالبقاء في النار مع ان علة البقاء كان هو نفس قبوله ولا يشتبه عليك باني اذا ايقنت بنار لم اختره ولا ادخل فيه بلى ان في مقام مبادي العلل لم يك نارا جسمانيا وان العبد لو يقول هنالك حرف لا فيكون ذلك الحرف في منتهى مقام النزول نار جهنم له ولذا لما يتحقق لم يقدر ان يخرج عنه وان مع الشان الذي اذ الكافر لم يقدر ان يصبر في النار لو نظر بالواقع لم يحكم على نفسه الا بمثل ما حكم الله له لان علة ذلك النار هو كان نفس قبوله لا سواه وان تلك الاشارات لو يوصلك الى مقام العرفان فاشكر لله ربك فانه لهو الحق في المبدء الماب والا فاسئل الله من فضله بفتح باب الفؤاد عليك فان بدون نور ذلك المشعر لم يقدر العبد ان يتصور في شيء واحد صفات متعارضة بان مع وجود العقل كيف يقبل العبد النار او ان يمكن احد ان يعرف ربه ويعرض من حكمه بلى بمثل ما عرفناك هو الامر الخالص والميزان القائم لان الله ابدع الكل كما هو عليه بما هو اهله ولم يك حكم ما هو عليه في مقام الشيء الا نفس ما هو عليه كان الجواب بعينه هو نفس السئوال في كل مقامات الامكان من البدايات الى النهايات فاسئل عرفان تلك الاشارات ممن عرف حق الصفات في احكام المبدء والماب وان ما سئلت من معنى كفوا احد فلا شك ان الله لم يزل كان ولم يك معه شيء سواه وان الان ليكون بمثل ما كان ولم يك
في رتبته شيء وليس له مثل ولا كفو وان معنى كفوا احد هو حق التنزيه والتقديس بمثل المقامات النازلة في الكتاب والسنة وان في الصور المسبحين لما يتصور فيه شريك الباري وبعض شئونات المردودة التي هي شان الخلق ذكر الله سبحانه في الكتاب لافك النفوس ومكنة القلوب والا في الحقيقة ليس لله ذكر في الامكان لا في مقام اثبات النعت ولا في مقام تنزيه الشان وان مثل تلك الكلمة هي بعينها لو كان الهين اثنين ولا شك انه لا يمكن ان يكون الهين اثنين فقد نزل الله تلك الكلمة لابطال صور السجين ولو ان في الحقيقة لم يذكر عنده اله دون نفسه ولا مثل ولا كفو وانه المتعال الذي ليس كمثله شيء في السموات ولا في الارض ولا يعزب من علمه شيء وهو اللطيف الخبير