سورة الزبر

حضرة بهاء الله
أصلي عربي

سورة الزبر – من آثار حضرة بهاءالله – مجموعة ١٠٠ مجلد، رقم ٨٣، الصفحات ١٣٢ - ١٣٦

﴿ هو الأمنع الأقدس الأبهى ﴾

جمال الرّحمن عن أفق الرّضوان خلف سحاب الأحزان قد كان بالحقّ مشروقًا وان يرفع السّحاب يظهر الإضطراب في كلّ نفس بحيث ينفضّون العباد عن مالك الإيجاد لذا اتّخذ لوجهه الحجاب ليستشرق الأنوار على الأبرار على قدر مقدورًا وهذا شأن الأبرار من الأخيار فكيف الّذينهم كفروا بربّهم المختار واتّخذوا العجل لأنفسهم من دون اللّه محبوبًا وإنّا لمّا وجدنا النّاس صمّاء عمياء تركناهم في تيه الوهم والهوى وخرجنا عن بينهم بسلطان الّذي كان على العالمين مشهورًا وجلسنا في البيت وحدة منقطعًا عن كلّ الوجوه ومرتقبًا فضل الّذي كان في أمر الألواح من أنامل للّه مرقومًا فلمّا احتجب النّاس نفسهم في سبحات الجلال منعت أنوار الجمال عن أعينهم واتّخذ سلطان القدم لنفسه مقامًا كان عن أبصر العالمين مستورًا وعن ورآء هذا السّتر ستر ما اطّلع به أحد إلّا نفس الحقّ وكذالك كان الأمر في أمّ الكتاب من ستر الوحي بالعدل مذكورًا فسوف يصيحنّ الموحّدون ويضعن أنامل الحيرة بين الأنياب ولن يجدّن الغلام ولو يتفحّصنّ في أقطار السّموات والأرض وكذالك كان الحكم من لدى البها على لوح القضا بالأمر مقضيًّا ذالك من نبأ الغيب توحيد إليك وإلى الّذينهم آمنوا ليعرفنّ قدر تلك الأيّام ويتّخذنّ إلى ذي الرّوح دليلاً

يا قوم أن اغتنموا قدر تلك الأيّام ولا تحرموا أنفسكم من هذا الفضل الّذي كان على هيكل الإنسان مبعوثًا أن يا اسمي العظيم اسمع ندآء ربّك الأبهى عن منظر الكبرى مقرّ اللّه العليّ الأعلى ليجذبك نغمات الأحلى إلى سدرة المنتهى مقام الّذي استشرقت فيه شمس البقا عن أفق الكبريا وجعله اللّه عن مسرّ المشركين منزوهًا دع ما سوائي عن ورائك ثمّ ادخل بقعة القدس بقلبك ليمرّ عليك رسلات السّبحان عن مصر الرّحمن وتهتزّك باهتزار يهتزّ به العالمين مجموعًا شوقًا للقاء اللّه وطلبًا لمرضاته وكذالك فصّلنا الآيات في هذا اللّوح الّذي كان بلحظات اللّه ملحوظًا

أن يا أَلِف الإلهي أن استقم على الأمر ثمّ ادع النّاس إلى شطر ربّك ولا تدعهم بأنفسهم لأنّ الشيّطان قد قعد على كلّ مرصد ليضلّ النّاس عن شاطئ الّذي كان في أزل الآزال مبروكًا أن اتّبع ما يُوْحَى إليك ثمّ احفظ الأغنام عن الذّياب ثمّ اجتمعهم في فجوة من الأمن في فلك هذا الإسم الّذي كان على كلّ شيء محيطًا

قل إنّا أرفعنا راية البرهان باسمي الرّحمن وأظهرنا الحجّة بشأن يعجز عنها كلّ من في السّموات والأرض من كلّ وضيع وشريف قل إنّ برهاني نفسي وسلطاني قدرتي ودليلي ظهوري وحجّتي قيامي بين السّموات والأرض وما ينزل من قلمي هو خلقي إن أنتم به عليمًا

أن يا إسمي الأعظم إنا جعلناك ملكوت أسمائنا بين الأرض والسّما إذًا فاظهر ما تشاء من أسمائنا الحسنى لتهدينّ النّاس إلى هذا الجمال الّذي جائهم على غمام الأمر بسلطان مبينًا أنِ انطق اللّسان بالبيان في ذكر ربّك المنّان ولا تخف من أحد وتوكلّ في كلّ الأمور على اللّه ربّك وإنّه ينصرك بجنود الغيب والشّهادة ويحرسك عن كلّ مشرك أثيمًا إيّاك أن لا تنسى حين الّذي كنت حاضرًا بين يدي العرش وأشرقت عليك عن أفق فم ربّك شمس الكلمات بآيات الّتي جعلها اللّه بيّنات أمره في ملكوت الإنشاء وضياء وجهه لمن في الملك جميعًا

أن استمع ما يقولون المشركون تاللّه ما يخرج من فمهم يلعنهم وهم لا يستشعرن في أنفسهم ويكوننّ في غمرات الشّرك مغروقًا يَدَّعُونَ الإيمان في أنفسهم ويكفرون بالّذي بحرف من عنده ظهر حكم الإيمان في كلّ الأزمان كذالك أخذ اللّه أبصارهم وجعلهم عن شاطئ الفضل محرومًا وكانوا أن يحاربوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فلمّا جآئهم ما عرفوا كفروا به وكانوا على أعقابهم منقلبًا إذًا يكذّبهم كلّ الذّرّات ويتبرّء منهم أعمالهم كذالك يدحض اللّه عمل الذّينهم كفروا وأشركوا وكانوا لدى عقبة الإعراض بالظّلم موقوفًا

أنِ استقم على الأمر ثمّ اسقِ العباد رحيق الحيوان من كأس ربّك الرّحمن قبل أن يرتفع نعيق الشّيطان ويصدّ النّاس عن سبيل قدس مشهودًا إنّ الّذين يتكلّمون بمثل الصّبيان قد قاموا على اللّه ومظهر نفسه وكفروا بنعمته الّتي كانت عن جهة الجود مرسولاً فسوف تنشر بين يديك ألواح وفيها حرّكت أنامل الجهل والشّرك على ردّ اللّه وكذالك كان الإنسان على ربّه كفورًا وإنّك لمّا شهدت وعرفت خذ قلم الأمر بأمر من عندنا ثمّ أنزل على الألواح ما ألقى اللّه على قلبك في رَدِّ مَن رَدَّ على اللّه تاللّه إذا يؤيدّك روح القدس وينطق في صدرك روح الّذي كان في كنائز العِصمة بحفظ اللّه محفوظًا كَسِّر شوكة التّقليد بقوّة التّوحيد ثمّ اصعد بجناحين الانقطاع لأسماء عزّ عليًّا ثمّ زيّن نفسك بالعبوديّة الصّرفة للّه ربّك لأنّ به يثبت آية التّوحيد وتنعدم راية الشّرك من كلّ مُنكر بغيًّا قل اللّه ثمّ ذر الذّينهم كفروا وأشركوا وكانوا بحجبات الشّرك محجوبًا قل قد ظهرت كلمة الفصل وبها فصل بين الأبرار والأشرار وبها يجعل بين العاليمن مفصولاً إنّ اللّه قد جعل الكلمة أحدّ من السّيوف لأنّ من السّيف يفصل بين الأركان والأجساد ومن الكلمة يفصل بين كلّ الأشياء من يومئذ إلى يوم الّذي فيه تشقّ ستر الممكنات ويأتي على غمام الحمرا جمال عزّ موعودًا وإنّها لماء الحيوان يحيي اللّه بها الخلايق مجموعًا وإنّها لسراج اللّه بين السّموات والأرض ويستضيء منها كلّ قلب طاهر منيرًا وإنّها المرءات الأعظم بين بريّته ومنها يعرف جمال القِدم على قدر مقدورًا وإنّها لثقل الأكبر ما بين السّموات والأرض وحجّة الله الباقية لمن في ملكوت الأمر والخلق وبها يتضوّع رايحة الله بين كلّ صغير وكبيرًا ومن لم يستطع أن يحضر بين يدي العرش وينظر جمال اللّه قل فلينظر إلى كلمة اللّه تاللّه بها تقرّ العيون وتطهّر قلوب كلّ عبد مريدًا قل يا قوم لا تقاسوا كلمة اللّه بكلمات دونه لأنّ بها خلق دونها ولا يعقل ذالك إلّا كلّ عاقل خبيرًا

أن اخرج عن خلف الأحجاب ثمّ اظهر بأمري الّذي كان على العالمين محيطًا ذكّر النّاس بما أذكرناك ثمّ ألهمهم ما ألهمناك ليتّخذنّ إلى شطر القدس سبيلاً ثمّ اعلم بأن حضر بين يدي العرش كتابك وارتدّت إليه لحظات القدس بأنوار حبّ لميعًا ليهتزّك عن رقد السّكون وتشتعل من نار الّتي كانت في سدرة الكلمات على طور المعاني بإذن اللّه موقودًا أن اشتعل بحرارة حبّ ربّك ثمّ اشتعل النّاس بنار الذّكر من هذه الكلمة التّي أشرقت عن أفق اللّوح بسلطان عظيمًا أن احفظ قوايم الأمر من زبر البيان لئلّا ينقضها جنود الشّيطان وهذا من أمر الّذي كان من سماء الحكم بالحقّ منزولاً ثمّ اعلم بأنّا وجدنا من كتابك رايحة القميص وأرسلنا إليك نفحات الرّحمن من شطر هذا الرّضوان لتجذبك رايحة السّبحان إلى سماء عزّ منيعًا وأعطيناك في هذا اللّوح أجنحة القوّة والإقتدار لتطير بها إلى مقام الّذي تشهد الممكنات في ظلّك كذالك أيّدناك بين عبادنا وأرفعناك إلى منظر الأعلى مقرّ قدس بديعا وكنّا معك في كلّ الأحيان وشهدنا ما ورد عليك في سبل ربّك وكنّا عليك شهيدًا وأذكرنا ما ورد عليك في الألواح وما وصل إليك بحكمة الّتي كانت في علم ربّك مكنونًا إيّاك أن لا تحزن فيما مسّتك الضّرّآء فسوف يقطع اللّه دابر الّذينهم ظلموك من دون بَيِّنَةٍ ولا كتاب منيرًا

أن اصبر ثمّ اصطبر إلى أن يأتي الوعد من لدن مقتدر قديرًا وإذا اشتدّ عليك البلا أن اذكر مصائبي وما ورد على جمالي من كلّ الملل وعن ورآئها عباد الّذين هم خلقوا بقولي وكان نفس الحقّ على ما أقول شهيدًا كذالك ألقيناك من جواهر الحكمة والبيان لتجتمع عباد الرّحمن وتحفظهم بقوّة من عندنا عن رمي كلّ مشرك شقيًّا

* وَالبَهَاءُ عَلَيْكَ وَعَلَى مَنْ مَعَكَ * * مِنَ الَّذِيْنَهُم اتَّخَذُوا فِي ظِلِّ * * رَبِّكَ مَقَامًا كَانَ * * عَنِ الشِّرْكِ * * مَطْهُورًا * *

المصادر
المحتوى
المرفقات
Tablet audio
OV