
إذًا نطق لسان اللّه في كلّ شيء بأنّي حيّ في هذا الأفق الّذي ظهر بالحقّ وسمّي في ملإ الأعلى باسم العليّ الأعلى ثمّ في مداين الأسمآء باسم البهي الأبهى ثمّ بين ملإ الإنشآء بهذا الإسم الّذي منه ارتفع الضّجيج عن كلّ من في السّموات والأرض إلّا من عصمه اللّه بفضله وأنقذه عن غمرات الوهم والهوى وأصعده إلى سدرة المنتهى في هذا الحرم القصوي الّذي يطوفنّ في حوله كلّ ما كان وما يكون ولكنّ النّاس احتجبوا أنفسهم عمّا أشرق بالحقّ واظهر نفسه بين العالمين بسلطان كان على الحقّ محيطاً قل يا قوم تاللّه الحقّ إنّ هذا لبحر الّذي منه ظهرت البحور وإليه يذهب كلّها ومنه أشرقت الشّموس وإليه يرجع كلّها ومنه أثمرت سدرات الأمر بأثمار الّتي كلّ واحدة منها بعثت على هيكل نبيّ وأرسل إلى عالم من عوالم الّتي ما أحصاها أحد إلّا نفس اللّه الّتي أحاطت الموجودات بحرف من كلمة الّتي خرج من قلمه الّذي كان محكوما تحت إصبعه الّذي كان على الحقّ قويّا كذلك يغنّ جمال القِدم في هذه الأيّام المظلم الصّيلم فيا ليت من ذي سمع ليسمع نغماته وينقطع عن العالمين جميعا
أن يا عبد النّاظر إلى شطر البهآء في هذا اليوم الّذي اضطربت فيه أنفس كلّ مشرك بعيدا فاعلم بأن حضر بين يدي الوجه ما ألهمه اللّه في صدرك وشهدناه ببصر الرّحمة والجود وأنزلنا عليك تلك الكلمات الّتي بها ظهر كلّ أمر محتوما وكلّ سرّ مستورا ثمّ اعلم بأنّ اللّه قد غفرك بفضل من عنده وطهّرك عن المعاصي في حين الّذي ذكرت في كتابك هذا الذّكر الّذي منه اقشعرّت جلود كلّ غافل دنيَا وهبّت عليك نسايم البقآء عن شطر ربّك العلي الأعلى وقلّبك إلى شاطئ القصوي حين غفلتك عنه وكذلك تمّت عليك نعمة اللّه وفضله لتكون شاكرا في نفسك وتكون على الحقّ رضيا ولقد نزّلنا في هذا اللّوح مائدة الأمر من سمآء الفضل تاللّه من يرزق منها ليشهد نفسه عن كلّ من في الملك غنيّا
وأمّا ما سألت عن اللّه ربّك فيما نزّلناه من قبل على محمّد عربيّا فاعلم بأنّ أوّل ما بعثناه بالحقّ فهو عَلِيّ قد أشرقناه عن أفق الفارس وأنزلناه على ظلل الرّوح من سمآء عزّ عليًّا وآخِر ما بعثناه فهو أيضًا عَلِيّ وسمّيناه في الملإ الأعلى باسمنا القُدُّوس إن أنت بذلك عليما وعزّزناهما بهذا الجمال الّذي ظهر بالحقّ وأشرق عن أفق الأمر بسلطان مبينا وإنّا لو نريد أن نفسّر لك تلك الآية لن يكفيه المداد ولا الأقلام ولكن اختصرنا بما فسّرنا لك لأنّا نكون في تلك الأيّام في أمر عظيما ولم نجد الفرصة ولو شآء اللّه وأراد لنفسّرها ونفصّلها رحمة من لدنّا عليك وإنّ رحمتي عليك كثيرا أن استقم على الأمر ثمّ ذكّر النّاس بالحكمة والموعظة ولا تجادل مع أحد كذلك أمرك لسان القدس أن اعمل بما أُمرت وكن على استقامة منيعا