شمس الكلمات من أفق بيان مليك الأسمآء و الصفات ...
من آثار حضرة بهاءالله، الايام المباركة البهائية، رقم 9، الصفحة 39
شمس الكلمات من افق بيان مليك الاسمآء والصّفات قد كانت في احسن السّاعات بانوار اللّه على الحقّ مشهوداً. روح التّبيان من قلم السّبحان على هياكل اهل الاكوان قد كان بالفضل مبذولاً. سرّ الاسرار عن خلف الاستار بارادة اللّه العزيز المختار قد كان بين الاخيار بالحقّ مذكوراً.
يخاطب اللّه هياكل المقدّسين الّذين خلقوا من الكلمة الاولى الّتي خرجت من فم اللّه المقتدر العليّ الاعلى ثمّ الملأ الاعلى ثمّ الّذين قدّسهم اللّه عن ادراك من في الارض والسّمآء وبعثهم اللّه من مشيّته الخفيّة المتعاليّة عن عرفان اهل الانشآء بان استبشروا في انفسكم بما جآء احسن الاحيان وظهرت السّاعة الّتي طافت حولها السّاعات الّتي وعدتم بها في الواح اللّه المقتدر العزيز الرّحمن وطلع عن مشرق القيّوم الفجر المكتوم بهذا الاسم المكنون ونوّر به كلّ ما كان وما يكون. تبارك الكريم مُظهر هذا الفضل العظيم.
قد ظهر يوم اللّه الموعود واستقرّ فيه مظهر المعبود على عرش اسمه الودود وتجلّى بشمس الفضل على كلّ شاهد ومشهود. انتم يا ملأ الحدود انقطعوا عمّا عندكم ثمّ زيّنوا هياكلكم بالطّراز المحمود ثمّ انظروا بالنّظر الاطهر جمال اللّه الانور الّذي استقرّ على العرش الاعظم بسلطانه المهيمن العزيز القدير. سبحان المحبوب قد اظهر الجمال المستور بسلطان مبين.
قد انتهت الايّام الى احسن اليوم وبلغت الاوقات الى اشرف الوقت واراد الغيب المكنون بان يظهر بكلّ الإِفضال على من في الارض والسّمآء ويبرهن ظهور اللّه واستعلآئه ثمّ سلطنة اللّه وكبريآئه على من في جبروت الامر والخلق ليتمّ نعمته على بريّته واحسانه على خلقه فلمّا ظهر خطفت ابصار المنتظرين الّا الّذين عصمهم اللّه بسلطانه وطهّر عيونهم عن حجبات العالمين. تبارك الّذي ظهر بالحقّ بطراز بدع منير.
ولمّا بلغ ميقات الظّهور في هذا اليوم المسطور شقّ حجاب القدر وطلع حكم الامضآء بعد القضآء بخروج نيّر افق البقآء عن شطر الزّورآء بما اكتسبت ايدي اهل النّفاق في هذا النّور الّذي اشرق وافاق باشراق قدس بديع. تبارك الّذي نزّل الامرين بسلطانه الاعظم العظيم.
ومن هذا الظّهور استبشرت حقائق كلّ الاشيآء وكلّ اخذوا كأس السّرور بانامل الوجد والشّوق وشربوا منها الرّحيق الطّهور على حبّ هذا الجمال الّذي ظهر بالحقّ بطراز اللّه الملك العدل الحكيم. تبارك الّذي اجتذب بهذا الظّهور افئدة المقرّبين.
قل هذا يوم ما رقم مثله من القلم الاعلى وما ادرك شبهه الملأ الاعلى ولا حقائق النّبيين والمرسلين. تبارك الّذي بعث هذا اليوم المبارك المقدّس العزيز البديع.
وفيه اهتزّت اركان العرش شوقاً لاستوآء اللّه عليه ثمّ تحرّكت اركان كرسي رفيع. تبارك اللّه مظهر هذا الجذب الّذي اخذ العالمين.
وفيه اشرقت شمس الجمال عن افق وجه اللّه الكبير المتعال وامطرت سحاب الافضال واثمرّت اشجار الفردوس بالاثمار الّتي جعلها اللّه مخصوصة لمن اقبل اليه في هذا الظّهور بقلب منير. تبارك اللّه الّذي قدّر هذا الفضل العظيم.
وفيه خرجت الارواح عن الابدان للنّظر الى جمال القدم من غير ستر وحجاب. تبارك الّذي اظهر هذا اليوم الكبير.
وفيه تصوّر الرّوح الاعظم على احسن الصُّوَر وظهر من الافق الاعلى واستقرب الى المنظر الابهى بضيآء هلّل من اشراقه الحورآء الى ان وقف تلقآء الوجه في الهوآء بطراز انجذبت منه افئدة المرسلين. تبارك اللّه موجد هذا الملك الكريم.
وخرج اهل الفردوس ثمّ اهل حظائر القدس ومواقع الانس ثمّ اهل الجنان والّذينهم استقرّوا خلف سرادق السّتر والكتمان من قصورهم واماكنهم وكانوا يتخافتون بينهم ويستخبر بعضهم بعضاً ما وقع في الابداع كَأَنَّ مالك القِدم قد ظهر بذاته لذاته ثمّ لخلقه وعباده من جبروت الاختراع بسلطان عظيم. تبارك اللّه محدث ما يريد بامره الغالب القدير.
ونادى الرّوح بندآء احاط الممكنات وقال قد قرّت عيونكم يا سكّان الارضين والسّموات ثمّ يا مظاهر الاسمآء والصّفات ثمّ يا اهل لجج الكبريآء ورآء عوالم الذّكر والاشارات اليوم يوم فيه يسقي اللّه العلي الاعلى بنفسه المقدّس الابهى كوثر القرب واللّقآء كلّ وضيع وشريف. تبارك اللّه الّذي ظهر بكلّ الفضل في هذا اليوم العظيم.
وهذا يوم قد شقّ فيه الحجاب الاكبر وظهر المنظر الاطهر وفيه ابتسم ثغر اللّه شوقاً للقآئه وفتحت ابواب الوصال على مظاهر الجمال والاجلال ثمّ على الّذين خرقوا سبحات الجلال بسلطان اللّه المقتدر العليم الحكيم وفُتحتْ السن الوجود من الغيب والشّهود بان تبارك اللّه احسن المبدعين.
حينئذ منع الرّوح الاعظم عن النّدآء واخذ جذب اللّه اهل مدائن البقآء ثمّ اهل الغرفات الحمرآء ثمّ اهل ملكوت الاسمآء وكلّ نزلوا عن مواقعهم الى ان وقفوا في مقابلة الرّأس بين الارض والسّمآء بخضوع وخشوع بديع. تبارك اللّه مظهر هذا الامر المبرم العزيز المنيع.
وارتفعت اصواتهم بالتّكبير والتّهليل في هذا اليوم الجليل الّذي ما كان نوره من الشّمس وضيآئها بل من نور وجه اللّه المَلك المتعالي الكريم. تبارك اللّه الّذي اظهره بالحقّ وفيه بعث العالمين.
ونادى مناد آخر من شطر المنظر الاكبر تاللّه هذا يوم قد شقّت فيه حجبات الاضداد وهبّت نسائم الاتّحاد واتى مالك الايجاد على ظلل الكبريآء في يوم الميعاد بسلطان مبين. تبارك اللّه الّذي نزل بالحقّ من جبروت قدس رفيع.
وهذا يوم فيه اتّحد المآء والنّار وكشفت الاستار عن وجه الاسرار بما ظهر جمال المختار بطراز نفسه المهيمن العزيز الجميل. فيا حبّذا هذا يوم فيه قرّت عيون المقرّبين.
فلمّا اخذ فرح اللّه كلّ ما سوىٰه فك الرّوح الاعظم شفتيه مرّة اخرى نادى وقال يا اهل ملكوت السّموات والارض ثمّ يا اهل جبروت الامر والخلق طوبى لآذانكم بما سمعتم آيات الوصل والوصال فاستمعوا حديث البعد والفراق بما اراد ان يخرج من شطر العراق نير الآفاق بما اكد هذا الميثاق في اوراق اللّه المقتدر العليم الحكيم.
قد فزع بهذا النّدآء سكّان الارض والسّمآء وارتفع ضجيجهم وصريخهم على شأن خرّت الوجوه على التّراب بحزن عظيم. فيا عجبا من هذا الفراق الاصعب العظيم. وتحيّر بهذا النّدآء ملأ الغيب والشّهود وبلغوا في تلك الحالة الى مقام نست الكاف ركنها النّون والحبيب جمال محبوبه العزيز الحميد. فوا حزنا من هذا القضآء المثبت المبين.
فلمّا بلغ الامر الى هذا المقام تحرّك جمال القِدم في نفسه وتحرّك كلّ الاشيآء في سرّها وجهرها الى ان قام وقامت بقيامه القيامة العظمى بين السّموات والارضين. حينئذ نادى الرّوح مرّة بعد اخرى قدّام الوجه يا اسرافيل تاللّه الحقّ قد خُلقتَ لهذا اليوم انفخ في الصّور في هذا الظّهور ليحيى به كلّ عظم رميم. فنفخ كما أُمِرَ وانصعق كلّ من في السّموات والارض ثمّ نفخ فيه اخرى اذاً هُمْ قيام ينظرون هذا المنظر الكريم ونطقوا بان تبارك اللّه احسن الخالقين.
ومشى جمال القِدم وكان يمشي امامه ملكوت الوحي وورآئه جبروت الالهام وعن يمينه لاهوت الامر وعن يساره جنود المقرّبين. فيا حبّذا هذا الامر الظّاهر البديع.
الى ان بلغ صحن البيت حينئذ وقعت على رجليه وجوه ملأ القدس ثمّ تزلزلت اركان البيت من فراق اللّه المقتدر العزيز القدير وناحت قبائل اهل المدائن كلّها واضطربت افئدة الطّائفين. فيا حزنا من هذا الفراق الّذي به انفصلت اركان العالمين.
وتوقّف جمال المحبوب بما سمع العويل والاضطراب من سكّان التّراب وبكت عين العظمة من بكآئهم وورد عليه من ضجيج احبّآئه ما لا حمله من في السّموات والارضين.
ثمّ مشى مرّة اخرى الى ان بلغ قرب ستر الحجاب شاهد قدّام رجله طفلاً رضيعاً انقطع عن ثدي امّه اخذ ذيل اللّه بانامل الرّجآء ودعاه بندآء ضعيف وبذلك ستر غبار الحزن وجه كلّ ذي شعور ومرّت نسائم الهمّ على الخلائق اجمعين. فوا اسفا من هذا الحزن الّذي به تغيّرت وجوه المخلصين. ولو لا عصمة اللّه لانفطرت في ذلك الحين السّموات السّبع وخسفت الارض باهلها واندك كلّ جبل شامخ رفيع.
ثمّ رفع انامل القوّة ستر حجاب العظمة وطلع عن خلفه جمال العزّة بسلطان عظيم. فلمّا اراد الخروج عن الباب ذات اللّه العزيز الوهّاب نادى الرّوح في آخر ندآئه تاللّه قد خرج محبوب العالمين عن بيته بما اكتسبت ايدي الظّالمين.
ثمّ بكى في نفسه وبكى ببكآئه اهل الارض والسّمآء والواقفون في الهوآء ثمّ الطّائفون حول جمال الكبريآء وقال فاعلموا بانّ في الخروج في يوم الظّهور لآيات ثمّ بيّنات للعارفين لعلّ اهل الارض والسّمآء بهذا الخروج في هذا اليوم الابدع الاعلى يخرجنّ عن حجبات النّفس والهوى ويتقرّبنّ الى اللّه العلي الابهى وينقطعنّ عمّا خلق في الدّنيا وما قدّر في ملكوت الانشآء كذلك اراد اللّه لهم فضلاً من عنده وانّه لهو الفضّال الغفور الكريم. تبارك اللّه مظهر هذا الفضل الاظهر المنيع.
خرج سلطان البقآء متوجّهاً الى شطر القضآء مع جنود الغيب والشّهادة ومن قدّامه يسمع حنين العاشقين وعن ورآئه عويل المشتاقين الى ان بلغ الشّطّ حينئذ تفرّد من اصفيآئه وفارق عنهم كأَنَّ الرّوح فارق عن اجساد هؤلآء المخلصين. ووصّاهم بالصّبر والاصطبار وامرهم بتقوى اللّه المقتدر العزيز المختار ومرّ عن الشّطّ الى ان دخل روضة الرّضوان واستقرّ فيها على العرش بسلطانه الابدع البديع. تبارك الكريم مبدع هذا الفضل العميم.
فلمّا استوى جمال القِدم تجلّى باسمه القيّوم على كلّ الاشيآء ليثبت ما رقم من القلم الاعلى من لدى اللّه العلي الاعلى ثمّ تجلّى باسمه الغني على الغيب والشّهود ثمّ باسمه الظّاهر على ما هو المذكور والمستور وباسمه الاعظم على مظاهر القِدم وسائر الامم وباسمه العليم على مطالع الاسمآء طوبى لمن اقبل الى ما ظهر من الفضل الاعظم في هذا اليوم العظيم. فيا حبّذا هذا الاستوآء الّذي به استقرّت افئدة المقرّبين واستقربت قلوب العارفين واستضآئت وجوه المقبلين وتزكّت نفوس المتوجّهين وقرّت عيون الملأ العالين وفتح لسان كلّ شيٴ من الغيب والشّهود بثنآء اللّه الملك العزيز الجميل. فيا حبّذا ذاك الشّذا الّذي منه تضوّع رائحة مسك المعاني بين العالمين.
وكان حين الاستوآء حين قيام العباد لصلوة العصر للّه العزيز الجميل وفي ذلك لآيات للموقنين وبيّنات للمتفرّسين واشارات للمتبصّرين. وتوقّف في الرّضوان جمال الرّحمن اثني عشر يوماً وفي كلّ يوم وليلة يطوفنّ حول سرادق العظمة وخبآء العصمة قبائل الملأ الاعلى والملئكة المقرّبون وارواح المرسلين ويحفظنّ ويحرسنّ اهل اللّه من جنود الشّياطين. تبارك اللّه الّذي اظهر هذا المقام العزيز المنيع.
وفي كلّ حين ينزل اهل غرفات الجنان باباريق من كوثر الظّهور واكواب من السّلسبيل الطّهور ويسقون بها اهل خبآء المجد وفسطاط عزّ منير. تبارك اللّه مظهر هذا الفضل الامنع المحيط.
فلمّا تمّ ميقات الجلوس واتى حكم الرّكوب حينئذ قام جمال الرّحمن وخرج عن الرّضوان وركب على خير حصان. تبارك السّبحان الّذي ظهر بين الاكوان بسلطانه الّذي استعلى على السّموات والارضين.
فلمّا خرج ضجّ الرّضوان واشجاره واوراقه واثماره وجداره وهوآئه ثمّ ارضه وبنآئه واستبشر اهل البراري والصّحارى ثمّ كثيبها وترابها.
كذلك استوى جمال الكبريآء على رفرف البقآء بما كان ناظراً الى حكم القضآء الّذي رقم من اصبع اللّه العليّ الابهى على الورقة المباركة البيضآء وكذلك قصصنا لكم يوم الظّهور وما ورد فيه من الخروج بما اكتسبت ايدي يأجوج الّذين كفروا واشركوا باللّه المقتدر العزيز الكريم.