رسالة في شرح قوله (اع) ان الله يخلق على مقتضى الحكمة

الشيخ أحمد الاحسائي
النسخة العربية الأصلية

الشيخ أحمد الاحسائي - رسالة في شرح قوله (اع) ان الله يخلق على مقتضى الحكمة

رسالة مختصرة في شرح قوله (اع)

من مصنفات

الشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي

حسب جوامع الكلم – المجلد الثاني
طبع في مطبعة الغدير – البصرة
في شهر ربيع الاخر سنة 1430 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

سلام عليك ورحمة الله وبركاته

اما بعد فاعلم ان الكلام يختلف بحسب اختلاف المقامات فان قلنا انه يخلق على مقتضى الحكمة لاجل تفهيم العباد ما يريد منهم مما فيه صلاحهم وتوقيفهم لما يحب ويرضى قلنا ان الامكان بمعنى المكون من الممكنات كما هو مرادنا في قولنا ليس في الامكان ابدع مما كان اي ليس في المكونات على مقتضى الحكمة اكمل مما كون اذ لو امكن لكون فاذا كان كذلك قلنا انه تعالى ما خلق افضل منه ولو فرض شيء افضل منه صلى الله عليه واله لكان ذلك المفروض اياه لا سواه اذ كلما يعقل من المكونات على مقتضى الحكمة دون حقيقته صلى الله عليه واله الا اذا اريد به ما في الواح الباطل مما خلقه تعالى في الثرى مقتضى اوهام الملحدين فانهم اذا توهموا ان الجدار مثلا افضل من محمد واهل بيته صلى الله عليه وعليهم لا بد ان يخلق الله ذلك في تلك الالواح المنكوسة فتظهر صورة ذلك في خيال ذلك الشخص المتوهم لانه يقابل بمراة خياله تلك الالواح الخبيثة فتنتقش فيها صورة ما في تلك الالواح فافهم وان نظرنا في هذه المسألة بنظر النور فيما يحتمله الامكان بمعنى الجواز جاز ان نقول انه تعالى قادر على ان يخلق ما هو افضل من محمد وآله صلى الله عليه واله بل قد تحقق في اثار المشية مما انطوى عليه من خفايا اسرار القدرة الازلية سبحانه وتعالى والقران مشحون من ذلك والاحاديث متواردة بذلك ولكن لا يعقله الا العالمون والعالمون هنا بكسر اللام محمد واله صلى الله عليه واله ومن علموه ذلك مشافهة من شيعتهم ولكن لو خلق ما خلق على غير مقتضى الحكمة لما عرف احد من الخلق شيئا مما خلق الا ببيان خاص لا يصلح لشيء اخر وقد اشرنا الى هذا التعليل في ملحقات الفوائد واعلم ان القوم الذين قالوا ليس في الامكان ابدع مما كان يريدون بالامكان الجواز يعنون لا يمكن ان تتعلق قدرة الحق عز وجل بشيء يكون اكمل مما خلق ونحن نقول هذا الكلام باطل وقدرة الله تعالى لا تقف على حد يمكن العقول ان تقدره ولهذا قلنا ليس شيء الا الله عز وجل وخلقه فكل ما تعبر الالسن عن اسمه اما ان يكون هو الله سبحانه او خلقه وليس شيء اعتباري ولا ممتنع بل كل ذلك خلق الله تعالى اي خلقه ولو لم‌ يخلقه قبل ذلك لما امكن ان يتلفظ باسم يدل عليه يميزه عند المخاطب والمتكلم قال الصادق عليه السلام كلما ميزتموه باوهامكم في ادق معانيه فهو مثلكم مخلوق مردود اليكم وكذلك قال الرضا عليه السلام حين سأله ابن ‌فضال قال قلت له لم خلق الله عز وجل الخلق على انواع شتى ولم ‌يخلقه نوعا واحدا فقال لئلا يقع في الاوهام على انه عاجز ولا تقع صورة في وهم احد الا وقد خلق الله عز وجل عليها خلقا لئلا يقول قائل هل يقدر الله عز وجل صورة كذا وكذا لانه لا يقول من ذلك شيئا الا وهو موجود في خلقه تبارك وتعالى فيعلم بالنظر الى انواع خلقه انه على كل شيء قدير وكقوله عليه السلام لما قيل له انه اختلف زرارة وهشام بن الحكم فقال زرارة النفى ليس بشيء وليس بمخلوق وقال هشام النفى شيء مخلوق قال السائل فقال لي قل في هذا بقول هشام ولا تقل بقول زرارة ه‍ والحاصل ان الله سبحانه قادر على ان يخلق افضل من محمد صلى الله عليه واله الا انه يكون على خلاف مقتضى الحكمة فان قلت فهل يقدر على ان يخلق ذلك ويكون على مقتضى الحكمة قلت نعم ولكنه يكون على خلاف مقتضى الحكمة لانه اذا جعل ما هو خلاف مقتضى الحكمة هو مقتضى الحكمة كان غير معقول اذ المعقول ان الاعوج اعوج فلو جعل الاعوج مستقيما فان كان في حال انه اعوج كان ما قلنا وان اردت انه يغيره عن حقيقته الى حقيقة اخرى فهو قادر على ولكن هذا من مقتضى الحكمة ثم يا عباد الله الضعفاء لا تقدروا عظمة الله على قدر عقولكم فتهلكوا واما الاحتمالات والتجويزات والفروض التي تفرضونها وتعتبرونها فليست من الحق والنور فان العلم نقطة كثّرها الجاهلون ه‍ والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين

المصادر
المحتوى