بیان نبوت خاصه

حضرت باب
النسخة العربية الأصلية

بیان نبوت خاصه - من اثار حضرت نقطه اولى – بر اساس نسخه مجموعه صد جلدى، شماره 40، صفحه 81 – 132

تذكر: اين نسخه كه ملاحظه ميفرمائيد عينا مطابق نسخه خطى تايپ گشته و هرگونه پيشنهاد اصلاحي در قسمت ملاحظات درباره اين اثر درج گرديده است.

بسم الله الرحمن الرحيم

ألحمد للّه الّذي جعل طراز ألواح كتاب الإذن طراز النّقطة الّتي عيّنت بعد ما شيّئت وقدّرت قبل أن قضيت وأذنت حين ما أجّلت وأحكمت فلاح ما [تلوح] بها جوهريّات [الكينونيّات] المتشعشعة في حقائق أهل اللّاهوت ليعرفنّ كلّ الممكنات في مقام عرفان الصّفات بما تجلّى اللّه في مقام عرفان ظهور الذّات بأنّه لا إلٓه إلّا هو في أزل الآزال لم يك في شأن معه غيره ولا يمكن في الإمكان ذكر من نفسه إذ ذاتيّته هي الذّاتيّة السّاذجيّة الّتي هي بكينونيّتها مقطّعة البدايات عن مقام العرفان ومسدّدة سبل الآيات عن مقام البيان إذ إنّها كما هي عليها لا يعرف أحد كينونيّتها ولا وصف أزليّتها ولا نعت صمدانيّتها إذ ما سواها قد وجدوا في مقام الإمكان بالإبداع وذوّتوا في مقام الأكوان بالاختراع سبحانه وتعالى لم يزل كان وصفه واصف نفسه وذاته موحّد ذاته ولا يعلم أحد كيف هو إلّا هو سبحانه وتعالى عمّا يصفون والحمد للّه الّذي أبدع كلّ ما شاء بأمره وجعل في كينونيّات مجرّدات الموجودات آية من أزليّته وهندسة من مقام إرادته ودلالة في مقام رحمانيّته ليتلجلج كلّ الأشياء في عوالم الأسماء والصّفات بتلجلج ظهورات آثار قيّوميّته في عالم المجرّدات وشئونات مظاهر العدل والفضل في مقامات الملك والملكوت لئلّا يحتجب أحد في مقام عن ظهور حضرت طلعته ويراه ظاهرا موجودا بأنّه لا إلٓه إلّا هو حيّ في كينونيّة الذّات وقيّوم في ذاتيّة الصّفات وإنّ من علوّ كبريائيّته لن يقدر أن يصعد إليه أعلى شوامخ المجرّدات في عوالم الماديّات ولا أن يطير إلى هواء قدس قدّوسيّته طير الأفئدة من الظّهورات في عوالم الكلّيات فسبحانه وتعالى جلّ وعلا حضرة قيّوميّته من أن تنال إليها أيدي أحد من الممكنات أو أن يقدر أن يعرف ذاته في شأن من المقامات أو أن يوصف نفسه في مقام من العلامات فسبحانه وتعالى من ادّعى عرفان كنه ذاته فقد سلك سبيل الإمتناع ولا يمكن ذلك في منتهى غايات الإرتفاع لأنّ المعرفة فرع الإقتران وإنّه جلّ ذكره لم يزل لم يقترن بخلقه ولا يوصف بعباده ولا ينعت بظهور إبداعه إذ إنّه كما هو عليه محدود بحدود الإنشائيّة ومنعوت بشئونات الإبداعيّة ولا يدلّ في شأن إلّا عن حدّه ولا يحكي في مقام إلّا عن عجزه لأنّ المثل في كينونيّات ظهورات الملك لن يدلّ إلّا بقطع السّبيل وإنّ الظّهورات في ذاتيّات حقائق ماديّات الملكوت لن تحكي إلّا بمنع الدّليل فسبحانه وتعالى فمن ادّعى توحيده فقد عدّه ومن عدّه فقد جزّأه ومن جزّأه فقد وصفه بصفات خلقه وقرن معه شيئا من آثار ملكه ومن قال إنّه هو هو فقد احتمل الكذب في نفسه والإفك في مقام عرفانه لأنّ الإشارات بحقيقتها ممتنعة عن الوصول إلى ساحة قدسه ودالّة باليأس عن عرفان قيّوميّته [رجعت] كينونيّات المقامات في كلّ العوالم إلى مقام إبداعه وإنّه هو بذاته لن يحكي إلّا عن حدّ الحدوث وشأن الثّبوت بعد رتبة المفقود قبل الوجود في الموجود ولا له سبيل إلى عرفان ذات المعبود سبحانه وتعالى عمّا يشركون والحمد للّه الّذي اخترع كلّ المخترعات لمقام ظهور عدله ليشهدنّ كلّ ذرّات الممكنات من مبادي العلل إلى منتهى الظّلمات الصّمّاء الدّهماء العمياء الصّيلم بما شهد اللّه لمحمّد حبيبه الّذي استخلصه في القدم بعلم منه على سائر الممكنات واصطفيه لمقام ولايته على كلّ البريّات واجتبيه لمقام نفسه في الأداء والقضاء من مبادي عالم الأسماء والصّفات إلى رتبة التّراق وارتضاه لسرّ رحمانيّته على كلّ من وجد في البدايات والنّهايات فأشهد أنّ محمّدا صلّى اللّه عليه وآله عبده الّذي اصطفيه لنفسه وجعله في مقام الذّات منفردا عن الشّبه عن أبناء الجنس [ليتلألأنّ] كلّ الممكنات [بتلألؤ] ظهورات عرفانه في الأنفس والآفاق حتّى يعرفوه بما فضّله اللّه على الكلّ وأعطاه في المبدء والمآب فجلّ وعلا ذكر موجده لم تر عين بمثل محمّد رسول اللّه في الإمكان فلا يمكن بمثله لما لا يمكن أن يكن في الإمكان إلّا بالإمكان فجزاه اللّه عن من في ملكوت الأمر والخلق بما شاء وقدّر عليه في كلّ المقامات إنّه هو معطي الحسنات في المبدء والإياب والحمد للّه الّذي أنشأ مستسرّات آيات ظهورات قدّوسيّته في [أعلى] مشاعر المجرّدات ليدلعن في ظهورات غياهب آيات اللّاهوت وما خلق اللّه في أجمة الجبروت والقصبة الأولى من شجرة الملك والملكوت وما أحاط علم الله في أرض النّاسوت بثناء مظاهر قدرته وأركان توحيده وآيات تفريده وعلامات تقديسه عباده الّذين قد جعلهم اللّه في مقامات الأمر والخلق مقام حبيبه لئلّا يحتجب عن عرفان جلالتهم أحد في السّموات والأرض ويراهم كلّ الموجودات بما قدّر اللّه في الكتاب مقامات الأسماء والصّفات بأنّهم عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون والحمد للّه الّذي يقبل من عباده بفضله من أعمالهم بما شاء كما شاء بعدما يعلم أنّ وجودهم ذنب في تلقاء مدين قدس قهّاريّته ولا يليق بساحة قرب قدّوسيّته ذكر أحد من خلقه ليعلم الكلّ أنّ عادته الإحسان وسنّته البيان وسبيله العفو والإفضال ولا يتعاظمه شيء في ملكوت الأمر والخلق وإنّه لا إلٓه إلّا هو العزيز المتعال وبعد لمّا طلع نور الأمر من ساحة عزّة حضرت العالي والجناب المستطاب المتعالي مقرّب حضرت الخاقان ومعتمد دولة السّلطان أدام اللّه ظلّ عنايته على مفارق رعاياه وبلّغه إلى غاية ما يتمنّاه من أمر مبدئه ومنتهاه إلى العبد السّاكن في ظلال مكفهرّات رحمة اللّه وعنايته بأن اذكر بيان سرّ الأحديّة في إثبات النّبوّة الخاصّة للآية الأزليّة والسّرّ الرّبّانيّة والنّور الإلٓهيّة والذّكر الرّحمانيّة والظّهور المتجلّية في الصّورة الأنزعيّة والنّفس الكلّيّة والقصبّة الأولى اللّاهوتيّة والرّحمة الواسطة الجلية والطّلعة [المتلألئة] المتشعشعة العلية والهيكل المتقدّسة المتلامعة الرّبّانيّة والقمص الطّالعة المشرقة الجلية الّتي ظهرت في السّرّ الأحمديّة والعلانيّة المحمّديّة صلوات اللّه عليه وآله بما طلعت شمس البداية بالبداية ثمّ بما غربت شمس النّهاية بالنّهاية ولمّا كان أمره المطاع وحكمه الفصل في مقامات الإمتناع قد استعنت من اللّه واتّبعت أمره وأتوكّل على اللّه بإظهار ما جعل اللّه في الكيان بالوجود إلى العيان وهو إنّ اللّه لم يزل كان خلوّا من خلقه وخلقه خلوّ منه لأنّه لم يزل كان بلا وجود شيء معه ولا يزال إنّه هو كائن بمثل ما كان بلا ذكر شيء في رتبته إذ ذاتيّته لم تزل أن تدل إلّا على ذاتيّته وإنّ كينونيّته لا تزال لا تحكي إلّا عن كينونيّته وانقطعت الأسماء والصّفات عن ساحة قرب كبريائيّته واضمحلّت الآيات عند الصّعود إلى ذروة قدس صمدانيّته إذ لا يزال لا وصف له دون ذاته ولا نعت له دون جنابه وإنّ ما سواه في منتهى مقامات العرفان وظهورات البيان لن يدركوا إلّا حظّ أنفسهم ولا يعرفوا إلّا مقامات إنّيّتهم لأنّ الممكن لا [يمكنه] عرفان الذّات إلّا بما تجلّى لكلّ بكلّ في عوالم الأسماء والصّفات فلمّا ثبت أنّ عرفان الأزل ممتنع محال وأنّ التّغيّير لا يمكن في مقام ذات الجلال وأنّ الخلق في كلّ مقام لا سبيل لهم بالوصول إلى قرب حضرت المتعال ولقد ثبت في الحكمة وأتقن في الشّريعة بأنّ معرفة ذات الأزل ممتنع محال فكذلك الأمر يجري في الخلق بأنّ الصّعود إلى ساحة قدسه لا يمكن لأحد لأنّ ما لا يذكر في ذكر المقامات الّتي [ثبّتت] في مقام النّزول فكذلك الحكم في الصّعود وأنّ في جميع المقامات الّتي ذكرت في مقام الحقيقة وفصّلت في دلالات الطّريقة وثبتت في آيات الشّريعة كلّها دالّة باليأس عن معرفة ذلك المقام الّذي دلّ على الذّات بالذّات للذّات وبالإمتناع عن الصّعود إلى مقام ذروة الصّفات فيثبت بذلك حكم الواقع فإذا فصّل ذلك البيان وثبت في الميزان حكم العيان لا شكّ أنّ اللّه يبدع ما يشاء بما يشاء بأمره ولا مردّ في شأن لحكمه فقد أبدع ذاتيّة المشيّة لمقام إنّيّته وظهور قيّوميّته وآية صمدانيّته ومقام طلوع نور قدّوسيّته ولقد أبدعها بنفسها لنفسها من دون نفس تسبقها ولا ذكر يساويها ولا نعت يشابهها ولا وصف يعارضها وجعل ذاتيّتها نفس كينونيّتها وإنّيّتها نفس نفسانيّتها وهي علّة العلل في مبادىء الأمر وغايات الختم الّتي قد جعلها اللّه في مقام المشيّة مقام نفسه وإنّها كما هي عليها لا يطلق عليها الأسماء والصّفات ولا الإشارات والسّبحات وكلّ ما ذكر في [رتبتها] لا يذكر إلّا في رتبة أثر ذلك المقام [وإليها] الإشارة في كلّ ما نزّل في الكتاب من مقامات الأمر وظهورات الختم الّتي هي أثر لظهور المشيّة في الإرادات وكلّ ما لا يطلق [عليها] في مقاماته الدّالّة على اللّه في عوالم المجرّدات والماديّات والشّبحيّات والعرضيّات وما كان وراء ذلك في كلّ المقامات فهو من مقامات ظهور تلك الرّتبة الأوّليّة وإنّ بها كلّ الممكنات يتوجّهون إلى اللّه ويستدلّوا على أزليّته وقدرته وقهّاريّته وكبريائيّته ومقاماته الّتي هي بذاتيّتها دالّة على طلعة حضرته وبهاء ربوبيّته وإنّ الأمر لمّا نزل من مبادي الأمر وغايات الختم وظهورات العدل إلى رتبة المفعول وجدت الإرادة بنفسها من علّيّة ظهور المشيّة وبها عيّنت المتعيّنات وذوّتت المتذوّتات وبها أراد اللّه أن يظهر إنّيّات الكينونيّات والذّاتيّات والنّفسانيّات والإنّيّات وإنّ المراد بآيات الظّهورات ومقام الجوهريّات وما يحدث في مقام التّجلّيات في تلك الرّتبة أنّها آية وشبح بالنّسبة إلى رتبة المشيّة وظهور الإرادة وإنّ بتلك الرّتبة تظهر خفيات بواطن الإمكان وظهورات مراتب الأعيان وإنّ اللّه جلّ وعزّ يحتج بها على عباده في يوم القيمة في مقام ظهور الأمر في الرّتبة المتعيّنة وهي مقام تكرار الذّكر الأوّل في رتبة ظهور المشيّة وإنّ اللّه سبحانه بعد ظهور تلك الرّتبة قد جعل مقام ظهور المشيّة في ذلك المقام وهي بنفسها مقام تنزّل المشيّة ثمّ بعد ظهور تلك الرّتبة قد أبدع اللّه ذاتيّة طمطام يمّ القدر وجعلها في مقام نفسه آية من الإرادة وفي مقام ذاته آية من المشيّة إذ كينونيّتها دالّة على أحديّة ظهور الذّات وإنّيّتها ناطقة بالآيات المحدودة في مقامات الصّفات وإنّ ذلك المقام بعينه هو ظهور المشيّة بعينها ولذا كان في مقام الظّهور مقامات الباطن في مقام ظاهر الباطن ولذا أشار الإمام عليه السّلام بأنّ أوّلنا محمّد صلّى الله عليه وآله وأوسطنا محمّد وآخرنا محمّد وإنّ في الحقيقة لو نظر العبد بعين الفطرة ليرى في المقام الثّالث بعينه ظهور الأوّل بل يجري فيه بمثل المقام الّذي قال الصّادق عليه السّلام في ذكر الصّورة الأنزعيّة من جدّه عليه السّلام حين صرّح باللّاهوتيّة في [هيكل] الولاية بأنّها ليس هي هو ولا هو غيرها وكذلك الأمر إلى أن اتّصل إلى رتبة القضاء والإذن والأجل والكتاب فإنّ كلّ ذلك مراتب ظهور المشيّة بعينها وإنّ ذكر تلك المراتب السّبعة الّتي هي مراتب ظهور المشيّة الّتي هي الحقيقة المحمّديّة صلوات اللّه عليها هي لإثبات النّبوّة المطلقة وإنّ ذكر تلك الشّئونات لم يك إلّا لإثبات علم بعض المقامات لبيان إثبات النّبوّة الخاصّة والولاية الكلّيّة اللّامعة وإنّ إثبات تلك المسئلة على سبيل الباطن يجري بعرفان مقامات متعدّدة معدودة فمنها لمّا ثبت أنّ الشّيء لم يك موجودا إلّا بموجد خلقه ولم يك بمثل عباده ولا له نعت بمثل خلقه لأنّه لو ثبت له حجّة الخلق لم يك موجدا وإنّه لم يدلّ على نفسه لنفسه إلّا بنفسه لأنّ في مقام دلالة الذّات لو يمكن أن يكون معه أحد فيمكن أن يدلّ على حضرت غيره ولم يك خلقا معه في مقام فلا يعرفه أحد ولا يدلّ على ذاته شيء لأنّ الدّلالة حقّ في شأن ثبت وجود شيء معه ولو لم يكن وجود ولا ذكر لشيء في ساحة قدس كبريائيّته لم يجر الدّلالة وإنّ ما نزل في الأخبار من شموس العظمة والأنوار يا من دلّ على ذاته بذاته وقوله عليه السّلام إلٓهي بك عرفتك وأنت دللتني عليك ودعوتني إليك ولو لا أنت لم أدر ما أنت وقوله عليه السّلام اعرفوا اللّه باللّه وإنّ في ذلك المقام في الحقيقة ليست الدّلالة إلّا في مقام الآيات ولا لها ذكر إلّا في مقام العلامات وإنّ بعرفان ذلك البيان يسهّل على العبد سبيل العرفان في مقام التّبيان وإذا ثبت بدليل العقل وجود المشيّة على ذلك المنهج بأنّ لكلّ شيء [ظهور] في العالم وإنّها لهي العلّة الكلّيّة والأصل الواقع ولو لم [يظهرها] اللّه لم تظهر قدرته في رتبتها وإن لم تظهر فلا يثبت حكم التّوحيد للذّات جلّ سبحانه فيثبت بذلك حكم ما أردت بيانه فلمّا ثبت أنّ مثل خلق المشيّة بدليل العقل فرض ولا يمكن أن يقول أحد لم وبم لأنّ الّذي يقول ذلك يدرك الكيفيّة الّتي ذوّتت من أثر المشيّة فكيف يثبت بأمرنا الشّيء حكم ذاته وإنّ ذلك مشهود عند أولي الألباب من أهل المبدء والمآب فكما صحّ حكم وجود مثل المشيّة الّتي كانت مبدء النّبوّة الخاصّة والولاية المطلقة والأنوار الإلٓهيّة والأسرار الرّبّانيّة والآية الصّمدانيّة يلزم عرفانها والحول في مقاماتها ولمّا كان ثابتا بدليل العقل أنّ السّافل لن يقدر أن يدرك رتبة العالي إلّا بظهور إنّيّته الّتي تجلّى لها بها يثبت أنّ العلم بالنّبوّة الخاصّة الحقيقيّة لا يمكن لأحد حتّى يقدر أن يدركه أو يثبته لأنّ العبد إذا أراد عرفان ذلك المقام حقّ عليه بأن يلاحظ في الآيات الّتي أبدعها اللّه في نفسه من تجلّيات ظهور تلك النّبوّة الكلّيّة من الحضرة الأحمديّة صلوات اللّه عليها ما شرقت شمس البداية والنّهاية فلمّا ثبت ذلك الميزان في ذلك المقام يعرف العبد بأنّ اللّه لم يخلق شيئا إلّا لبروز قدرته وأنّ الفيض لم يزل يتجدّد من عنده وينزل من ساحة قدسه حتّى نزل إلى مقام لا يمكن أن يرفع من ذلك المقام فإنّ أوّل الفيض الّذي ظهر من المشيّة هي كانت نفس الإرادة وكذلك يجري الأحكام إلى منتهى مقامات الغايات والنّهايات وإنّها كما هي عليها بنفسها لا شكّ قد خلقها اللّه للكمال ولا ريب أنّها لم تقدر أن تتحمّل ما أراد اللّه لها في عوالم الإمكان إلّا بالنّزول فيها وتحمّل لبس هذا العالم لعرفان أهله وإنّ حامل النّبوّة الكلّيّة الّتي هي المشيّة قد تنزّلت بإذن اللّه من عالم ذاتها إلى أن اتّصلت إلى مقام الجسد الّذي لم يمكن لها النّزول بعد ذلك لأنّ ما كان ما فيها بالقّوة يظهر إلى العيان وليس ورائها رتبة نزول في مقام الإنسان فلمّا ثبت بدليل العقل أنّ تلك النّقطة تنزّلت حتّى اتّصلت إلى المقام الّذي لا يمكن بعده رتبة وأنّ ذلك حكم يلتزمه عقول كلّ النّاس ولا يقدر أن ينكره أحد في مقام العرفان لأنّ لمّا ثبت وجود الذّات فيثبت وجود نفسه الكلّيّة الّتي هي كانت مبدء العلل وهي تثبت نزوله إلى رتبة الجسد لدوام الفيض ووجود قابليّته لتجلّيات ظهور صمدانيّته وإنّ رتبة الجسد مع حمل مراتب البداية لا شكّ أشرف المقامات وأثنى الدّرجات بل لا يمكن فيض الرّب على جهة الكمال لنفس إلّا بوروده في مقام الأجساد لأنّ ما جعل اللّه فيه بالقوّة يظهر بالفعل والعيان فيثبت بذلك حكم الواقع وإنّ عرفان تلك المقامات قبل إثبات الأمر الّذي أريد إظهاره حقّ على الطّالب إليه لأنّ العلم ببدايات الأمر وغايات الختم هو علّة سكون الفؤاد في مقام عرفان حكم الفؤاد وكذلك الأمر للمقامات الّتي أمر اللّه وشاء في الكتاب لأولي الألباب من أهل المبادي والإياب فلمّا ثبت بالادلّة العقليّة طبقا على الآيات الملكيّة والإشارات العلميّة الحقيقيّة والعلامات الخفيّة الذّهنيّة ووجوب وجود ذلك النّور وهذه النّفس الكلّيّة ثبتت النّبوّة الخاصّة في هيكل جسد محمّد رسول اللّه صلّى الله عليه وآله لأنّ غيره لم يك مثله ولا يمكن نزول النّقطة الأوّليّة وورودها في مقام الجسديّة إلّا بالهيكل الّذي تولّد روحي ومن في ملكوت الأمر والخلق فداه حيث قد شهد الكلّ في حين ولادته علامات لم تك إلّا لمثله ولا يظهر إلّا لشأنه ففي الحين الّذي ظهر جسمه قد كتبت على كتفه آيات النّبوّة بحيث لا يقدر أن يمكن ذلك الأمر العظيم لأحد سواه فلمّا ثبت في ذكر النّبوّة المطلقة الكلّيّة والولاية الأوّليّة الأزليّة بأن لا يمكن أن يتنزّل من مبادي الفعل إلى منتهى عالم الكثرة الّتي هي عالم الأجساد إلّا بصورة كينونيّتها وهيكل ذاتيّتها يشهد النّاظر في هيكل جسده الظّاهر وعنصره اللّطيف ما قدّر اللّه في بدء وجوده لأنّ ظهور المشيّة لا يمكن أن يتحقّق في هذا العالم إلّا بتلك الصّورة الّتي ظهر محمّد رسول اللّه صلّى الله عليه وآله لأنّ البدء لم يظهر بكلّه إلّا في رتبة الختم وقد شهد العقل بأنّ الّذي هو مبدء الفيض في مقام الرّتبة الأولى لا يمكن أن يتم ظهوره إلّا بختم لم يك بعده بمثله ولذا كان محمّد رسول اللّه صلّى الله عليه وآله هو الفاتح لما سبق والخاتم لما استقبل والمهيمن على ذلك كلّه ولا يتحمّل العقل عرفان النّبوّة المطلقة الأوّليّة الكلّيّة إذ لا مفرّ له في السّبيل إلّا بأن يعرف بالنّبوّة الخاصّة في حقّ تلك الآية الكبرى في [هيكل] الأحمديّة صلوات اللّه عليها ما طلعت شمس الإبداع بالإبداع ثمّ ما غربت شمس الاختراع بالاختراع لأنّ الذّكر الأوّل الّذي ثبت بالعقل وجوده لا يمكن أن يظهر في عالم الأجساد إلّا بمثل ما ظهر في السّنة المعيّنة واليوم المعيّن والسّاعة المعيّنة ووجب في الحكمة طبقا على مقام الحقيقة كما ثبت في ظهور الشّريعة بأنّ لا بدّ أن يكون إسم أبيه عبدالله بن عبد المطّلب ابن هاشم بن عبد مناف لأنّ ظهوره صلّى الله عليه وآله من مبادي الأمر لم يكن إلّا بظهور عبوديتّه للّه سبحانه في عوالم الأمر والخلق وإنّ بين الأسماء والمعاني كما ثبت في ميزان الحقيقة مناسبة ذاتيّة وسرّ جوهريّة الّتي بها يثبّت العبد كلّ المراتب الّتي خلقها اللّه له وأنّ إسم أبيه وجب في الحكمة أن يكون إسم ظهور رتبته قبل طلوع رسالته لأنّ [رتبة] العبوديّة في أبيه لم [تك] إلّا بفاضل عبوديّته الّتي قد جعل اللّه فيه ولذا نسب إسمه إلى اللّه مع أنّ إسم الجلالة ما نزل في الكتاب قبل ولادته (ع) وإنّ اللّه بلطيف صنعه وعظيم إحسانه قد جعل إسمه منسوبا إلى نفسه ليكون دليلا لسرّ ظهور حمل نور المشيّة وأنّ الّذي أبسط اللّه يديه في مقامات التّجريد وظهورات التّفريد ليقدر أن يثبت النّبوّة الخاصّة في كلّ ما نسب إلى محمّد صلّى اللّه عليه وآله حتّى في سواد عينيه لأنّ نور الأحديّة قد ظهرت في كلّ جسده على حدّ سواء وتدلّ على كلّ جهاته في كلّ الشّؤن بمثل ما يدلّ على حضرته في عوالم الغيب والشّهود حيث لا يخفى على النّاظر المطّلع بشمائله لأنّ على صورة جسده صلّى اللّه عليه وآله لم ير أحد بمثله قط ولا يمكن في الإمكان مثله ولا يشتبه على أحد نبوّته الخاصّة في جسده الظّاهر كما أشار إليه أبو جعفر (ع) في كلامه حين سئل عنه صف نبيّ اللّه قال (ع) كان نبيّ اللّه أبيض مشرب حمرة أدعج العينين مقرون الحاجبين شئن الأطراف كأنّ الذّهب أفرغ على براثنه عظيم مشاشة المنكبين إذا التفت يلتفت جميعا من شدّة استرساله سربته سائلة من لبّته إلى سرّته كأنّها وسط الفضّة المصفّاة وكأنّ عنقه إلى كاهله إبريق فضّة يكاد أنفه إذا شرب أن يرد الماء وإذا مشى تكفّأ كأنّه ينزل في صبب لم ير مثل نبيّ اللّه صلّى الله عليه وآله قبله ولا بعده لأنّه كما [كانت] ذاته الأقدس في مبادي الفعل علّة الموجودات فكذلك الحكم في جسده لأنّه هو بعينه نزول الذّكر الأوّل لظهور الآية الّتي قدّر اللّه لها [كما أظهر اللّه من جسمه الشّريف] ليلة المعراج ما وجب في الحكمة أن يكون في حقيقته بأنّه روحي فداه كما ذكرت الحميراء كان في بيته وكما شهد الرّحمن وملائكته كان في جميع ملكوت السّموات والأرض في حين واحد بجسمه وجسده ولباسه ونعليه لأنّه بعينه لم يحك إلّا عن إحاطة المشيّة وظهور النّبوّة الكلّيّة وليس لأحد أن يقول ربّما يكون أحد مثله في ذلك الشّأن لأنّ الطّفرة في الوجود عند الكلّ باطلة فكما ثبت في عوالم التّجرد تفّرده عن أبناء الجنس والشّبه وتقدّسه عن الشّبه والمثل وجب في الحكمة أن يكون في هذا العالم كذلك لأنّ بمثل محمّد صلّى الله عليه وآله رسول اللّه لم يتولّد أحد لأنّ حين تولّده أظهر شئونا يعرف الكلّ بأنّ مثل الذّكر الأوّل لا يمكن ولو أمكن لا بدّ أن يظهر وما قال أحد في مقام أحد من الخلق بمثل ما ظهر لظهور نور الأحديّة في الطّلعة المحمّديّة والهيكل الأحمديّة صلوات اللّه عليها ما طلعت شمس الهويّة وإن أنكر أحد بنبوّته في عالم الظّهور يلزمه دليل العقل بالآيات النّفسانيّة وما وقعت في الآفاق من الظّهورات الرّبّانيّة لظهوره لأنّه لو لم يظهر لم يظهر جسد لم ير أحد بمثله قطّ ولا إسما لم تسمّ أحد بمثله ولا وصيّا كان إسمه عليّا (ع) فقد ثبت في مقام الدّليل إثبات النّبوّة في إسمه لأنّ المشيّة في العالم الأوّل ما وجدت إلّا بعنصر نار من نفسه الّتي هي العلّة الفاعليّة والظّهور البحتة الأزليّة وهي رتبة المادّة في الذّكر الأوّل فلمّا وجد الذّكر الأوّل في رتبة المادّة يلزمه عنصر الهواء لرتبة صورته وظهور العلّة الثّانية في رتبته فإذا تحققت الإنّيّة وجب في الحكمة بأنّ يكون بينهما ربط لظهور العلّة الثّالثة والشّئونات اللّازمة في هذه الرّتبة فلمّا ثبتت الثّلاثة يشهد العقل بصورة جامعة تدلّ على الأربعة وهي مقام عنصر التّراب والعلّة الغائيّة الّتي هي بعينها نفس الظّهورات الثّلاثة فلمّا تحقّق في سبيل الحقيقة بأنّ الشّيء لم يوجد إلّا بمراتب أربعة يظهر في الكون كلّ مراتب المشيّة في إسم حامل النّبوّة الخاصّة صلوات اللّه عليه ما طلعت شمس الإختراع بالإختراع ثمّ ما غربت شمس الإنشاء بالإنشاء لأنّ في الإسم الظّاهر الدّال على جسده تثبت حقيقة مقامه الّذي لا تعطيل له في كلّ مكان يعرف اللّه به في مقام الظّهور من عرفه لا فرق بينه وبينه إلّا إنّه عبده وخلقه لأنّ بمثل إسم محمّد صلّى الله عليه وآله لا يمكن في الإبداع لأنّ حرف الميم هو أوّل حرف المشيّة فلمّا ظهر ذلك الحرف في إسمه دلّ بأنّه في ركن عنصر النّار جامع كلّ المقامات من رتبة القابليّات والمقبولات لأنّ رتبة القوابل إذا اقترنت بالرّتبة المقبولة تكون عدّته أربعين وذلك تمام المراتب الّتي وعد اللّه في الطّور الأوّل لموسى (ع) حيث قال اللّه عزّ ذكره وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلة وقد شهدت الآية عن اللّه في حقّ حرف أوّل من إسمه رتبة التّماميّة لإقتران القابليّة والمقبوليّة وإنّ ذلك الحرف في ذلك المقام إذا نظر النّاظر بطرف الفؤاد ليعرف بحقيقته بأنّ تلك العدّة إذا صفت عن ظهور الكثرة لم يبق إلّا حرف التّوحيد لأنّ من حرف الميم إذا أخذ حدود القابليّة والمقبوليّة لم يبق إلّا أربعة أحرف الّتي تدلّ على مراتب الحقيقة الّتي لا يمكن أن يتحقّق في الوجود بغيرها وهذا الحرف لمّا كرّرت ظهر حرف الثّاني من إسمه الشّريف لأنّ الحاء عدّته هي الثّمانية فلمّا نزل ذلك الحرف فيظهر بمثل حرف الأوّل لأنّ أولي الألباب لا يعلم ما هنالك إلّا بما هيهنا وإنّ في رتبة عنصر النّار حقّ عند اللّه أن يكون حرف الميم لتماميّة ظهوراته وفي رتبة عنصر الهواء وجب في الحكمة أن يكون حرف الحاء لأنّه إذا أقرنته بسرّ الأربعة والحرف الأوّل لتكون عدّته مطابقا بعدّة أحرف أحرف كلمة الهواء وإنّ فيه إشارات قدسيّة ودلالات عرشيّة وآيات بدئيّة وعلامات ختميّة الّتي لا يحتملها الأفكار ولا يصعد إليها أعلى طير الأبصار إلّا لمن شاء اللّه من أهل الأسرار وإنّ بعد ذلك الحرف وجب في الحكمة وأتقن في الحقيقة وأحكم في الشّريعة أن يكون حرف الآخر حرف الدّال لظهور سرّ حرف التّاء في رتبة التّراب وظهورات التّوحيد في مقامات الجسديّة لأنّ حرف الدّال هو من الحروف الظّلمانيّة وهو حرف الإنّيّة وآية الحدّيّة في الرّتبة المحمّديّة صلّى الله عليه وآله الّتي تدلّ على أوّل مقامه وتحكي عن قيّوميّة ذاته وظهور كينونيّته وليس في الإمكان إسم يكون آخر ظهوره بمثل ما يشهد به نفسه إلّا في إسم محمّد صلّى الله عليه وآله لأنّ ذلك الحرف الظّلمانيّة الّتي ظهرت في آخر إسمه الشّريف لركن الترّاب ليكون أعلى من الحروف النّورانيّة في غيره بل من أثر ذلك الحرف قد تحقّقت التّحقّقات في ملكوت الأسماء والصّفات وتذوّتت المتذوّتات في عرش البهاء إلى أن اتّصل الفيض بإذن اللّه إلى رتبة التّراب فلمّا ثبت بدليل العقل اللّامع الّذي يحكي عن الآيات المتجلّية في ذاته ليعرف العبد بأنّ حامل الذّكر الأوّل الّذي هو المشيّة لم يكن أن يظهر في مقام الإيجاد إلّا وأن يكون إسمه محمّد صلّى الله عليه وآله لأنّ حرف البدء مع كمال مراتبه وتماميّة ظهوراته لمّا تنزّل إلى رتبة التّراب لم يدلّ إلّا على سرّ حقيقته ولذا ظهر حرف الدّال لعرف ظهور حرف توحيد الذّات والصّفات والأفعال والعبادة فجلّ وعلا صنع اللّه سبحانه فقد [أظهر] آيات قدرته في كلّ شيء ليستدلّ المستدلّون في مقام إثبات ظهور قيّوميّته في كلّ شيء ولئلّا ينسى أحد ذكره في شأن ويراه ظاهرا موجودا بمثل يوم الّذي لم يك معه شيء مذكورا وإنّ ذلك شأن من سبل إثبات النّبوّة الخاصّة في الهيكل المحمّديّة [والحضرة] الأحديّة المتجلّية في الصّورة الأحمديّة وإنّ كلّ ما نسب إلى مقام الذّات لا يواريها الحجبات ولا يعادلها الدّلالات ولا يساويها حكم الأسماء والصّفات وإنّ نور توحيد الذّات قد ظهر في جسمه صلّى اللّه عليه وآله بمثل ما ظهر في مقام المشيّة وإنّ الّذي يثبت بالعقل فرض توحيد الذّات والصّفات والأفعال والعبادة فرض عليه بإثبات النّبوّة الخاصّة بمجرّد استماع إسمه الشّريف لأنّ الذّكر الأوّل لمّا تعيّن لم يظهر مراتب وجوده إلّا في آخر مقاماته وأنّ اللّه قد جعل كلّ آيات الآفاق في الأنفس ولو لم يجعل اللّه آيات الآفاق في الأنفس لم يقدر العبد أن يطّلع على ما في الآفاق فلمّا ثبت عرفان بيان النّبوّة في الآيات النّفسيّة ليسهل عرفان [الآيات] الآفاقيّة لأنّ العقل يدلّ على ما جعل اللّه في نفسه بإثبات صانع فلمّا أيقن يلزمه إثبات حامل النّبوّة الكلّيّة لأنّ فيض الأزل لم يك إلّا تامّا وإذا شاء اللّه أن يخلق المشيّة فإنّ في الحين وجدت بنفسها وإنّ اللّه لم يزل لم يشأ إلّا بمشيّته لأنّ الذّات لم يقترن بخلقه ولا يغيّر في شأن بإبداعه فلمّا ثبت الفيض الكلّي من إبداعه في الأنفس يلتزمه وجوده في الآفاق بمثله ولمّا ثبت بأن يكون آيات الآفاق طبق الأنفس حقّ بأن يكون حامل تلك النّبوّة الكلّيّة في الآفاق إسمه محمّد لما ذكرت في سرّ إسمه وأبوه عبداللّه بل لو أبسط الإنسان سرّ الواقع يثبت أرض ولادته وسنّه وكلّ شئونه ولكنّ العقول لم يدرك حقيقة الأمر لأنّ العقل إذا رقّ ولطف يدرك شيئا محدودا وإنّ إثبات تلك المقامات يصعب على الّذي ينظر بالأشياء بطرف الحدّ والهندسة وإذا كشف العبد حجبات سبحات أنوار الجلال عن ساحة عزّة قرب أوّل تعيّنّ في الإمكان والأكوان ليطّلع بحقيقة الأمر بأنّ في الحين الّذي ظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كلّ آيات السّموات والأرض كانت في مقام الاعتدال وإنّه روحي ومن في ملكوت الأمر والخلق فداه قد ظهر في مقام من الأزمان كان شأن الخلق في مقام قول الّذي قاله اللّه عزّ شأنه ثمّ أنشأناه خلقا ءاخر فتبارك اللّه أحسن الخالقين وإنّ يوم أوّل بديع الفطرة كان شأن معرفة النّاس في مقام النّطفة وترقّي الكلّ في الذّروة الأولى في مراتب ظهورات النّبيّين والمرسلين حتّى صلحت بنية الكون وينضّج حكمه عالم الأكبر وأراد اللّه سبحانه لإظهار أوّل نور من نفسه وذكر من قدّوسيّته وآية من وحدانيّته ليتلجلجن كلّ الذّرّات في مقام الظّهورات بما أراد اللّه من الخلق في يوم قام بروزهم في هذا العالم ليأخذ كلّ نصيبه من علم الكتاب بما قدّر اللّه في حكم المبدء والمآب وإنّ ما فصّلت في تلك الإشارات في مقام إثبات النّبوّة الخاصّة ترد في مقام الظّاهر وأمّا الإشارة إلى مقام الباطن فله دلالات وأمارات حيث يعرف العبد ويطّلع به عند الميزان إذا نظر بسرّ الإمكان وعرف قدرة الرّحمن في حقيقة البيان وهو أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله الّذي ظهر في يوم معلوم هو يوم ظهور آخر تعين المشيّة في رتبة البطون وأنّ كما دلّ العقل على إثبات ذات ساذج علمه بحت في مقام توحيد الذّات يدلّ على إثبات ذلك النّور المشرق من أفق السّماء في الحين الّذي طلع وأشرق وقال لمن سئل عنه بم فضّلت على أهل الإنشاء فقال أنا أوّل من أجاب في الذّرّ الأوّل وذلك إشارة إلى مقام التّكوين ثمّ من أجاب اللّه في التّدوين لأنّ في اليوم الّذي ظهر جسد رسول اللّه صلّى الله عليه وآله في الذّرّ الثّاني في هذا العالم فهو اليوم الّذي ظهر أثر المشيّة في الذّرّ الأوّل وإنّ علم ذلك المقام لم يتبيّن بحقيقته إلّا بعد معرفة القدم الظّاهر في رتبة المشيّة ومعرفة الأزل الظّاهر في رتبة الذّكر الأوّل ومعرفة السّرمد ثمّ معرفة الدّهر ثمّ معرفة الزّمان ولذا أشير ببيّناته وإنّ ذكر القدم والأزل يطلق باختلاف المقامات والمراتب والشّئونات فإذا أطلق في معرفة الذّات فهو نفس الذّات من دون ذكر الأسماء والصّفات وإذا أطلق في رتبة الفعل فهو السّرمد في الحقيقة بحسب إسمه كما أشار عليّ (ع) في خطبته يوم الجمعة والغدير وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله الّذي استخلصه اللّه في القدم على سائر الأمم وقال عليه السّلام أنا صاحب الأزليّة الثّانيّة وربّما يطلق القدم في مقام الزّمانيّات كقوله عزّ ذكره كالعرجون القديم ولكن الميزان في مقام البيان هو الّذي أشرت بأنّ القدم الّذي ليس له أوّل ولا آخر هو القدم الّذي يطلق على مظاهر آيات الذّات وكذلك الحكم في ذكر الأزل فإنّه نفس الذّات للذّات بالذّات وإنّ السّرمد هو شأن الفعل وهو شأن ليس له بدء في علم اللّه ولا له ختم لأنّ الفيض لا ينقطع من الفيّاض المطلق وإنّ نظر الدّقيق لو أراد أن يجري الحكم في البدء بمثل الختم بأن لا يجعل للذّكر الأوّل أوّلا إلّا نفسه فيصح الحكم ولكن صعب على القلوب الإحاطة به وأمّا الزّمان فهو الّذي يتحقّق بطلوع الأفلاك وغروبها وإنّ له أوّلا وآخرا فإذا شهد الإنسان بحقيقة ذلك البيان فيقدر أن يعرف في الحين الّذي ظهر جسم محمّد صلّى الله عليه وآله في عالم الزّمان ظهور المشيّة في الخلق الأوّل وإنّ بعد ذلك البيان قد ثبت بالدّلالات النّفسانيّة وجوب ظهور النّبي صلّى الله عليه وآله في السّنة [الثّالثة] والمائة من الألف السّابع ولزوم إسمه وصفاته الّتي قد كتب اللّه له واختصّها به من دون خلقه من فرض صلوة اللّيل وحكم النّساء في التّسعة وما اختصّه اللّه به في أحكام نبوّته وحالات بعثته حيث لا يمكن أن يتحقّق ذلك إلّا في المقام الّذي أشار اللّه إليه في كتابه من الوحي إلى المقام الّذي قال اللّه في حقّه وهو بالأفق الأعلى ثمّ دنا فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما يرى ولقد رءاه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنّة المأوى إذ يغشى السّدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من ءايات ربّه الكبرى وأنّ بدليل العقل لم يمكن الطّفرة بعد العلم بظهوره في هذا العالم لأنّ النّفي فرع الإثبات في هذا العالم ولو لم يقدر أن يحيط به علم الحدودات والهندسيّات وإنّ وراء هذه الإشارات لو ينظر العبد إلى مقام الصّفات وظهور المقدورات ليقدر أن يثبت الأمر بسبيل دون ما أظهرت في البيان وإنّ كلّما فصّلت في بيان إثبات النّبوّة للهيكل الأحمديّة هو على سبيل الباطن وأمّا البيان على سبيل ظاهر الباطن فهو أنّ اللّه في كلّ حين لا شكّ أنّه يعلم كلّ شيء وقادر على كلّ شيء فلمّا ادّعى مسمّى إسم محمّد صلّى الله عليه وآله بالنّبوّة الكلّيّة الأزليّة ولم يغلب عليه أحد في حجّته فلا ريب أنّ اللّه كان مصدّقه فيما ادّعى وليس حجّة عند أولي الألباب أعظم من ذلك في سبل الصّواب لأنّ الأمر الّذي كان اللّه مصدّقه فلا يقدر أحد أن يقول فيه لم وبم وإن لم يتعقّلوا بعقولهم في مقام الإدراك وذلك مشهود عند كلّ من نظر بحكم عقله بآيات نفسه والعلامات الآفاقيّة في نفسه ولو لم يك محمّدا صلّى الله عليه وآله لم يك سواه لأنّ الفيض الكلّي الأوّلي ما ظهر في الوجود إلّا بمثل ما ظهر في بدء الأمر وإنّ لبيان تلك المسئلة ذكر في مقام البيان حيث يطّلع عليه من يظهر في نفسه كلّ ما جعل اللّه في الكيان وهو أنّ أوّل ذكر الإمكان في رتبة الأعيان هو مقام آدم الأوّل وأنّ الألف إشارة إلى مقام أوّل ذكره الّذي هو مقام الأحديّة البحتة الصّرفة الّتي هي حاكية عن مبدئها بنفسها لنفسها وأنّ الدّال في وسط الإسم إشارة إلى ظهور العلل الأربعة الّتي لا يمكن أن يوجد شيء إلّا بها وأنّ الميم إشارة على أنّه خمّرت طينته من مظاهر تلك العلل من العناصر الأربعة فإنّ الشّيء لا يتمّ ظهوراته في مقام إلّا بعدّة أربعين لظهور العشر بعد الثّلاثين في رتبة الإجتماع ولذا جعل اللّه إسم الذّكر الأوّل آدم طبقا لما ظهر في هذا العالم ولمّا كان الشّيء لم يتمّ إلّا بظهور نزوله فإنّ أوّل نزوله تحقّق من إنّيّته ومن هذا خلق اللّه حوّاء من آدم الأوّل لسكونه ولذا كان عدّة إسمها خمسة عشر بعدد كلّ ضلع من أضلاع شكل المثلّث في عدّة الهاء وهو الإرادة في مبادي الفعل وإليه الإشارة في قول محمّد رسول اللّه أنا وعليّ أبوا هذه الأمّة لأنّ بعد نزول المشيّة وتعيّن الإرادة وجدت الكثرات من طمطام يمّ القدر حين الرّبط وإنّ تلك الثّلاثة لمّا تنزّلت صارت أربعة ومن هذا خلق اللّه بعد شكل المثلّث آيات التّربيع ولا يمكن عدّة في الوجود أكمل وأتمّ من تلك العدّة السّبعة وهو عدّة [القصبات] الغيبيّة في أجمة اللّاهوت الّتي كانت أسمائها محمّدا وعليّا وحسنا وحسينا وجعفرا وموسى وفاطمة صلوات اللّه عليهم وإنّ هذه السّبعة لمّا تنزّلت من عالم الغيب إلى الشّهادة ظهرت [القصبات] السّبعة في عالم الشّهادة وإنّ الأصل فيها هو الذّرّة الأولى الأزليّة حامل النّبوّة الخاصّة والولاية الكلّيّة وإنّ بها أبدع اللّه الأفلاك السّبعة من الشّمس والقمر والعطارد والزّهرة والمرّيخ والمشتري والزّحل وفي تلقائها ظهرت عدّة الأسبوع الأحد للمشيّة ولظهور الآية الواحديّة في كلّ مقاماتها والإثنين للإرادة وإنّ الإشارة بذكر الإثنين لوجود الزّوجين وتعيّن الهيكلين وإنّ الثّلاثاء للقدر لأنّه في مقام الرّبط وشكل المثلّث ولذا ثبت في علم الطّلسميّات شكل التّثليث للافتراقات وأشباهها ممّا فيه حجّة تفريق وتعطيل وإنّ الأربعاء للقضاء ولذا ثبت عند أهل الأعداد شكل التّربيع لمقام الاجتماع والمحبّة وهو يوم الحسين (ع) فمن لاحظ فيه أسرار القضاء فإنّه مبارك في مقام المؤتلفات والمجتمعات كما صرّح بذلك الإمام (ع) في ذكر يوم الأربعاء ردّا لمن قال فيه دون ذلك ومن لاحظ فيه جهة المصائب النّازلة على شموس العظمة فلا ينبغي أن يفعل الأمور البديعيّة الّتي تحتاج بعلم السّاعات وحكم التّباعد والتّقارب في رتبة الظّهورات والخميس لمقام الإذن وإنّ حامله كان جعفر بن محمّد [عليهما السّلام] والجمعة لمقام الأجل وإنّ اللّه قد جعل حامله موسى بن جعفر بن محمّد [عليهما السّلام] وإنّ في تلك العدّة تمّت جهات الشّيء من حدود الهندسيّات والسّبت هو لكمال الأمر مشروح العلل مبيّن الأسباب وهو يوم فاطمة صلوات اللّه عليها وإنّ على ذلك البيان يظهر أنّ حامل الذّكر الأوّل يجب في الحكمة أن يظهر من بين الألف السّادس والسّابع من السّتّين لأنّ بعد حدود السّتّة الّتي هي العدد التّام يجب في الحكمة الإلٓهيّة أن يظهر ذلك النّور المشرق الّذي هو الأصل في ظهورات البدء والختم في المقامات الّتي لا غاية لها إلّا بها ممّا لا نهاية لها بها فلمّا ثبت بدليل العقل أنّ الذّكر الأوّل الّذي هو آدم الأوّل والبديع من فطرة ظهور الأزل يظهر بعد السّتّة الحدوديّة الّتي هي في مقام الجسد النّطفة والعلقة والمضغة والعظام والكساء والخلق الآخر فتبارك اللّه أحسن الخالقين فلمّا تمّت حدود العالم الأكبر ونضجت بنيته وصلحت سريرته وذكّت علانيّته قد ظهر روحي فداه في أوّل اعتدال مقام الإنسان وإنّ قبل ظهوره قد أظهر اللّه مائة وأربعة وعشرين ألف نبيّا إلّا نفسه لظهور أنوار قدسه في شئونات الحدّيّة في رتبة الواو وفي مقام التّوحيد ليصلح بنية العالم الأكبر لظهور الهاء وإنّ كلّ ما حكموا به النّبيّين ونزّل اللّه من السّماء صحف الأحكام لهم هو في مقام الحدّيّة وبالنّسبة إلى تلك الشّجرة الأوّليّة قشر ولذا نسخت الشّرايع من النّبيّين لأنّ يوم النّطفة لم يحتمل أحكام العلقة ولذا نسخت الأحكام من النّبيّين إلى اليوم الّذي بلغ مقام العالم الأكبر بمقام خلق الإنسان فإذا بلغ إلى مقام أوّل هيكل الإنسانيّة ظهرت آية الأحديّة واستمرّت شريعته إلى يوم القيمة ولم يغيّر شريعته ولا يبدّل أحكامه وإن اختلف في مراتب الظّهور بمثل ما نسخ بعض الأحكام في أوائل بعثته وجاء في الأخبار بأنّ حجّة اللّه يظهر بكتاب جديد وأحكام جديدة فهو ليس من النّسخ بل إنّ المراد هو مثل الولاية فإن قيل يوم الغدير ما ظهر بحقيقته فكذلك الحكم في كلّ المختلفات الّتي نسخت أو بعد يظهر فإنّها من ظهورات تلك الشّريعة المقدّسة لا غيرها فلمّا ثبت في الحقيقة بالآيات الآفاقيّة والظّهورات النّفسانيّة والكيفوفيّات الملكيّة والاقترانات الزّمانيّة بأنّ الذّكر الأوّل حامل الفيض الكلّي لم يظهر في العوالم الأكبر إلّا بعد مراتب حدود السّتّة لأنّها لم تظهر إلّا بسرّ التّوحيد وظهور التّجريد فقبل أن يبلغ العالم الأكبر وأهله إلى مقام الجسديّة اللّحميّة الّتي أوّل مراتب الإنسانيّة لم يظهر روحي فداه فيجب في الحكمة أنّ ظهوره بعدما قضت الحدود أن يكون أوّل مراتب ظهورات التّوحيد في عالم البطون وفي عالم الظّهور فظهر روحي فداه يوم الجمعة حين الزّوال بعدما قضى من شهر العين الأوّل إثني عشر ليلة وبكلّ شأن ممّا ظهر تثبت نبوّته لأنّ اليوم الجمعة هو اليوم السّتّة وأنّ الزّوال هو أوّل استقرار شمس الأزل على مركزه ولهذا وصف عنها أهل الهيئة بذلك الوصف طبقا للعالم العلوي وإنّ فلك الشّمس كروي متوازي السّطحين مركزه مركز العالم ممثل لفلك البروج في المنطقة والقطبين وفي ثخنه آخر مثله خارج المركز مماسّ محدّبه محدّب الأوّل على نقطة الأوج ومقعّرة على نقطة الحضيض فيفضل عند متمّمين متدرّجي الثّخن إلى غاية ما هي ضعف ما بين المركزين والشّمس مركوزة في ثخن الخارج عند منتصف ما بين قطبيه مماسة لمسطحيه على نقطتين وأفلاك كلّ من العلويّة والزّهرة وإنّ ظهوره في شهر عين الأوّل فهو من كمال ظهور اعتدال الأيّام لأنّ مقام الاعتدال فهو في فصل الرّبيع وإنّ ما قضي من الشّهر إثني عشر يوما إشارة إلى ما يقضي من بعده من شموس العظمة محالّ أمره ومعادن حكمه ولغيره لا يمكن أن يولد بمثله لظهور تلك الاقترانات الملكيّة لأنّ لكلّ جهة من تلك المراتب جهات ولكلّ جهة جهات ممّا لا نهاية لها بها لأنّ مثل شئونات الرّبّانيّة والظّهورات الرّحمانيّة كمثل مرءات فيها قد حكمت صورة ولتلك الصّورة صورة إلى ما لا نهاية لها بها ولا نفاد لفيض اللّه في شأن ولقد وجب في الحكمة بأن حملت به أمّه في أرض مكّة الّتي هي حرم اللّه في أيّام التّشريق عند الجمرة الوسطى لأنّ أرض حرم اللّه لم يخلق إلّا لاستقرار جسد حامل الفيض الكلّي وإنّ في أيّام التّشريق إشارة بما ذكر في أحكام المنى وعند الجمرة لإنكسار وسطى آيات علامة السّجّين في رتبة التّعيّن وبمثل ذلك يجب في الحكمة أن يكون إسم أمّه آمنة بنت وهب بن عبد مناف ابن زهرة بن كلاب بن مرّة بن كعب وأنّ عدّة إسمها تعدل إسم اللّه أكبر وإنّما نقص منه عدّة الحروف الأربعة عشر إشارة إلى مقامها الّتي قابلت في مقامات التّوحيد الذّات والصّفات والأفعال والعبادة لمحمّد رسول اللّه صلّى الله عليه وآله وأوصيائه وبنته وبمثل ذلك وجب في الحكمة أن وضعته أمّه في شعب أبي طالب في بيت محمّد بن يوسف ومات أبوه عبداللّه وهو كان ابن شهرين وماتت أمّه في حين كان روحي فداه ابن أربعة سنين لأنّ أولي الألباب لا يعلم ما هنالك إلّا بما هيهنا وإنّ لتلك الإشارات مقامات لا يحصيها الأقلام ولا يسعها الصّحف والدّلالات وإن أريد أن أفسّر تلك الإشارات فيخرج ميزان البيان لمن أراد أن يطّلع بحقيقة التّبيان وإنّ بحكم العيان يجب في الحكمة الإلٓهيّة واللّطيفة الرّبّانيّة والأسرار الواقعيّة بأن يكون حامل ذلك الفيض الأوّل بعدما قضى من سنّه أربعين سنة ولم يبق بعد مبعثه في مكّة إلّا [ثلاثة] عشر سنة ثمّ هاجر إلى المدينة وبقى هنالك عشر سنة ولم يبق في هذا العالم إلّا [ثلاثة] وستّين سنة وقبض بعدما قضت إثني عشر ليلة من الشّهر العيّن الأوّل في يوم الإثنين وأن يكون نسائه تسعة وأولاده سبعة فمنها [ثلاثة] ذكور وأربعة إناث [وتكون] فاطمة صلوات اللّه عليها آخرها لأنّ علّة التّدوين بعينها هو التّكوين وإنّ أولي الألباب لا يحيط بعلم شيء في ذلك المقام إلّا بما قد قدّر اللّه في العالم العلوي لأنّ ظهور نبوّته في هذا العالم لا بدّ أن يكون بعد الأربعين بعدد حرف الميم لأنّ طينة آدم الأوّل صلصل في كفّ القدرة أربعين صباحا وإليه الإشارة في مراتب حدود نفسه من ذكر الميم لأنّ الذّكر الأوّل ما وجد إلّا بقبول رتبة القابليّات والمقبولات في مقام إمكانه ولذا لم يظهر سرّ الأزليّة إلّا بعدما قضت بمثل تلك العدّة وإنّ في عالم السّرمد هذه العدّة ما كان إلّا أقرب من لمح البصر ولمّا نزل في عالم الجسد والحدّ فصارت أربعين سنة وفيه رموز كثيرة لمّا ما حان وقته ما أريد إظهاره وإنّ النّاظر إلى قطب الصّفات في ملكوت الأسماء والذّوات ليشهد أنّ ذلك النّور الأوّل لا بدّ أن يكون في مقام القطب بالنّسبة إلى القصبات الثّلاثة عشر ويجب في الحكمة أن يظهر ذلك القطب الالٓهي في الحين الّذي زالت الشّمس في مقامها لأنّ فلكه الزّهرة وليس بينها فرق في علم الهيئة إلّا بما وصف أهل ذلك العلم بأنّه كفلك الشّمس إلّا أنّ مناطق خوارجها تقاطع منطقة البروج على نقطتين متقاطرتين ولها تداوير مركوزة في خوارجها وهي الحوامل كارتكاز الشّمس وهي فيها بحيث يماس سطح كلّ سطح تدويره على نقطتيه وإنّ أهل الرّصد لو يشاءون ليقدرون أن يبيّنوا النّبوّة الكلّيّة الخاصّة والقصبات المتجلّية المعدودة في هياكل الولاية بطلوع شمس يوم تولّده طبقا للعالم العلوي وإنّ ذلك ذكر من حرف عدّة الميم لما مضى قبل بعثته ولقد مكث بعد بعثته في مكّة ثلاثة عشر سنة لظهور الهياكل المقدّسة في حرم الله من نفسه وليعلم الكلّ في سكونه على تلك الأرض استقرار سرّ الأزليّة في الهياكل [المتلألئة] الشّعشعانيّة اللّامعة المتقدّسة وله رموز حيث يعرف النّاظر إلى بساطة صرف الظّهور في كلّ مراتب الغيب والشّهود ولو أفصّل كلّ العلل في كلّ مقام لا يسعه شيء لأنّ فيض اللّه لم يزل يتجدّد في حقيقة العبد وما كان لفيضه في شأن من زوال وإنّ بعد مهاجرته من حرم اللّه الّذي هو مقام نفسه في رتبة المشيّة فيجب في الحكمة أن ينزل على أرض يكون إسمها مدينة ويستقرّ هنالك عشر سنة لأنّ الهجرة من المقام الأوّل هو أوّل سفر من الحقّ إلى الخلق ويجب فيه أن يكون مقام الخلق في عشر مراتب الظّهور لأنّ أوّل مقام التّعيّن في رتبة الخلق هو أثر فعل البيان ثمّ المعاني والأبواب والإمامة ثمّ الأركان في مقام ثمّ النّقباء ثمّ النّجباء في مقام ثمّ المعادن ثمّ النّبات ثمّ الجماد وإنّ ذلك حكم كلّيّات العوالم وإلّا إذا أبسط أحد يده في العلم فيمكن أن يذكر لكلّ علّة شيء عللا ما لا نهاية لها بها ولكن الأصل في تلك الإشارات هو نور الفؤاد وسرّ الايجاد وبروز آيات الإنوجاد في مقامات الأمر وظهورات الختم وإنّ النّاظر إلى مقام ظهور الذّات لو يقترن مع ذاته وصف من شيء أو نعت عن شيء فقد خرج عن حكم نور الفؤاد ويجري عليه أحكام يوم المعاد من الإنّيّات العرضيّة والذّاتيّات الجوهريّة وما لا يدرك أحد بحقيقتها إلّا بالعلم الواقع والسّرّ اللّامع وإنّ ذلك في مقام عرفان المبادي بنور الإمكان إلّا في مقام الأعيان لكلّ مقام حكم في تلك الشّئونات وإنّ السّر في تلك الظّهورات ليس من علم خاص من أهل البيان بل إنّ الإنسان يبسط شئونات العلميّة في مقام البيان بما عرف من أحكام العيان وإنّ بظهور سنّه والسّاعة الّتي قبض فيها روحي فداه ثبت نبوّته لأنّ في الحكمة يجب أن يكون حامل الفيض الكلّي أن يظهر بظهورات كلّ المراتب وأنّ عدّة السّتّة لمّا ثبت أنّه التّام وأنّ العشرة هو تمام مقام الإنفعال فكان عدّة السّتّين لظهور ستّة مراتب الفعل في المراتب العشرة وأنّ الثّلاثة هو إشارة إلى مقام نفسه بأنّه لمّا نزل من عالم الغيب إلى الشّهود وبلّغ إلى الكلّ ما أمر اللّه به المعبود يظهر حكم الصّعود وهو المقام الثّالث من مراتب البطون ولذا وجب في الحكمة أن يقبض روحي فداه في يوم الإثنين وكان في الشّهر الّذي ظهر بمثل ما قضى من عدّة اللّيالي لأنّ البدء مثل الختم ولا يصحّ لغيره أن يكون يوم الختم له بمثل البدء من نفسه وما أعلم أن يظهر اللّه لأحد بأن يجعل يوم صعوده بمثل نزوله فسبحان اللّه موجده لم تر عين بمثل رسول اللّه صلّى الله عليه وآله قطّ ولا يمكن في الإمكان مثله وسبحان اللّه موجده عمّا يصفون ولمّا ثبت في الحكمة أنّ لكلّ ظهور ظهر في أيّام بعثته بل قبله وما سيظهر من بعد أمارات لنبوّته الكلّيّة وآيات لظهور صرف بساطته الأوّليّة فيجب في الحكمة أن يظهر من تلك الشّجرة الإلٓهيّة سبعة أولاد لأنّ المشيّة إذا نزّلت ظهورها صارت سبعة وإنّ منها [ثلاثة] في مقام حكاية المشيّة وأربعة منها في مقام الحكاية من الإرادة وإنّ اللّه قد قبض السّتّة في هذا العالم ليعلم الكلّ أنّها في رتبة النّزول لم تقترن ولا تتعلّق بشأن وبقي منها ورقة مباركة جامعة حاكية من كلّ مراتبها الّتي لا تعطيل لها في كلّ مقام يعرفها بها من عرفها بها من عرفها لا فرق بينها وبينها إلّا أنّها هي الّتي ذوّتت عنها ودلّت عليها وحكت عنها وكانت لها شرفا وذكرا ويجب في الحكمة أن يكون إسمها فاطمة صلوات اللّه عليها وأنّ عدّتها في الحروف إذا لاحظ أحد وزاد على حرف إسمه صلّى اللّه عليه وآله أربعين عدّة الّتي هي مراتب القابليّة والمقبوليّة وثلاثة عدّة لتمام حكايتها عن آية أبيها وبعلها ونفسها ليشاهد سرّ الواقع وله نكات عند أهل الحقيقة لو عبّر عنها لم ير أحد بينها ربطا في مقام الظّهور مع أنّه هو العلّة في مقامات الغيب والبطون وإنّ باسم فاطمة صلوات اللّه عليها ثبت الولاية الكلّيّة الأوّليّة لعليّ عليه السّلام والنّبوّة المطلقة الإلٓهيّة لأبيها عليه السّلام لأنّ بمثلها في الظّهور لم تر عين في الإمكان ولولا خلق اللّه عليّا عليه السّلام فليس لها كفو في مقام الإمكان لأنّ إسمها [المبارك] يدلّ على جلالة بطونها وعظم رتبتها وكبر شأنها وإنّ الحرف الأوّل الألف إذا نزل في مقام العشرة وضرب في ثلاثة عشر رتبة المراتب العشرة الّتي هي القصبات الكلّيّة والظّهورات القدسيّة فلا يبق إلّا حرف الهاء الّذي آخر إسمها الشّريف وهو إشارة إلى مراتب توحيدها ودالّة على أنّ كلّ ما ظهر في الطّلعة الأحمديّة قد [احتملته] فاطمة صلوات اللّه عليها في رتبة آخر إسمها ولذا وجدت حقائق الأنبياء والأوصياء من فاضل نورها ولذا دلّت حقائق الأنفس والآفاق مع أنّها أثر جسمها الشّريف على اللّه سبحانه ولو لم يجعل الله آخر حرف إسمها الشّريف الهاء فلم يتلجلجن حقايق الموجودات بتوحيد الذّات وما قدّر اللّه في مقام الصّفات وإنّ ذلك دليل للسّرّ الواقع لأنّ ما عرف أولو الألباب هنالك لا يطابق حكم الواقع إلّا بما هيهنا وإنّ على المتفرّس بنور الحقيقة مكشوف بأنّ ذلك الاستدلال هو من سبيل الواقع والعلم بمبادي الأمر في منتهى غايات الأوامر وأنّ الّذي لا يعلم بعلم ربط الحقيقة بين الجهات الحدوديّة فلم يقدر أن يشاهد تلك الإشارات والنّسب وسبل الاقترانات والاجتماعات في سبيل دليل النّبوّة الخاصّة الكلّيّة ولقد وجب في الحكمة وأتقن في الشّريعة بأنّ لا بدّ أن يكون لحامل ذلك النّور الأكبر أثر في مقام الظّهور لأن يكون حاكي جميع مقاماته في رتبة البطون ويجب أن يكون ذلك الأثر صفة مؤثّرة وحاكية عن عظم شأنه وكبر مقامه ولو لم يدلّ الأثر على مؤثّره فلم يكن الأثر أثرا فلمّا ثبت في الحكمة سرّ المسئلة فحقّ أن يكون مثل فاطمة صلوات اللّه عليها أثرا لذلك الفيض الكلّي لظهور مراتب التّوحيد في إسمها ويجب في الحكمة أن يكون ذلك الأثر علّة كلّ العلل فيما خلق اللّه تحت رتبته ويكون آخر إسمه حرف الهاء لأنّ اللّه ما خلق شيئا إلّا لتوحيده وظهور تفريده والإقرار بمقامات عظمته وقدّوسيّته فيجب في الحكمة الإلٓهيّه أن يكون كلّ الموجودات آيات لظهور ذلك الحرف وعلامات لتلك الكلمة وإنّ بوجودها ثبتت النّبوّة الخاصّة لمحمّد رسول اللّه صلّى الله عليه وآله وإنّ له روحي فداه أسماء في مراتب الإمكان بل كلّ الأسماء سمة لإسمه ودالّة على حضرته وحاكيّه عن جناب عزّته بل إنّ النّبييّن والمرسلين وكلّ الخير ظهورات لمقامات قدس نبوّته وإنّ كلّ مراتب الظّهورات إذا لاحظ الإنسان بطرف الحدود منحصرة في ثمانية مقامات فمنها عالم البيان وصرف ظهور التّوحيد في العيان وهو عالم صرف البساطة والدّلالة في مقام الإمكان ومنها مقام المعاني وهو مقام أوّل تعيّن الذّكر الأوّل في العالم الأوّل ومنها عالم الإنسان ومنها عالم الجنّ ومنها عالم الملك ومنها مقام المعدن ومنها مقام النّبات ومنها مقام الجماد وإنّ كلّ المراتب من كلّ الذّرّات لا تحكي إلّا عن ظهور نبوّته في ملكوت الأسماء والصّفات وإذا اختلج ببال أحد من أولي الألباب أنّ تلك الأمارات لنبوّته لكانت بعد الظّهور فارتفع شبهته بحول اللّه وقوّته بأنّ بدليل العقل لمّا ثبت وجود قطب للعالم الأكبر وإنّ ذلك لم يبلغ إلى غاية مقام فيض اللّه في مقام الأجساد إلّا بنزوله من بدء العوالم إلى رتبة الأجسام وإنّ في أقل عدّة سبعة ألف من الزّمان لم يتّصل ذلك النّور المشرق إلى مقام الأعيان وإنّ تمام العدّة هي في مقام يحكي العالم الأكبر عن حدود السّتّة الّتي هي مقام الإنّيّة فلمّا تجاوزت وبلغت إلى ظهور نور التّوحيد في رتبتة قد أظهر اللّه محمّدا صلّى الله عليه وآله وإنّ في السّماء إسمه أحمد وإنّ ذلك لسرّ حرف الميم لأنّ مقام القابليّات والمقبولات لو اتّصلت إلى مقام مركزها لم يبق إلّا حرف الألف وإنّ ذلك حقيقة الأمر في سرّ إسمه وإنّ إسمه في مقام الأرض هو بعينه إسم السّماء إلّا أنّ الحجب كانت أكثر لظهور المراتب والشّئونات لمن نظر بعين المبدء إلى ظهور الذّات والصّفات وإنّ كلّ ما فصّلت في ذلك الكتاب من الدّلائل الآفاقيّة والأنفسيّة للنّبوّة الخاصّة هو في مراتب ظهورات نقطة البدء الّتي هي كانت نفس المشيّة لا سواها ولكن إذا نظر أحد إلى مقام تجلّي ذات الأحمديّة فلا يحتاج له بالاستدلال بالآيات الدّالّة على بعثته وظهور قدرته لأنّ قبل أن يبعثه اللّه لم يك ظهور إنّيّته في الآفاق والأنفس ظاهرا بل لمّا ظهر في هذا العالم فقد ملئت وجود الإبداع والاختراع آيات تجلّيه ولا يصعب على النّاظر سبيل العرفان فإنّ المراد بالزّمان وذكر القبل هو في مقام الدّهر والسّرمد لا الزّمان المحدود لأنّ الحين الّذي بعث محمّد صلّى الله عليه وآله بالرّسالة ففي ذلك الحين ملأ كلّ الوجود بآيات نبوّته مع أنّ قبل ظهوره كانت آية بعثته قديمة في الأنفس والآفاق وإنّ مثله كمثل عبد سئل عن الإمام عليه السّلام عن حكم التّمر فإنّه روحي فداه قد أجابه على جهة التّرديد بأنّه لو أكل فقد قضى في علم اللّه أكله وإن لم يأكل قضى في علم اللّه بأنّه لم يأكل وكذلك كان الحكم في يوم البعثة فلمّا بعث قضى في علم اللّه بأنّ آيته كانت في حقيقة الأنفس والآفاق مكنونة وإنّ ذلك من أسرار آل محمّد صلّى اللّه عليه وآله حيث نزل في الحديث كلّه بأنّ أمرنا هو السّرّ وسرّ السّرّ والسّرّ المستسرّ والسّرّ المقنّع بالسّرّ إلى آخره وإنّ من الإشارات القدسيّة الّتي هي أصل لعرفان النّبوّة الكلّيّة هو العلم بصورة إسمه في مقام التّربيع لأنّ حامل الفيض الأوّل لم يك ظهوره تامّا إلّا بمقامات أربعة في مقام توحيده فمنها مقام توحيد الذّات في نفس ظهور الذّكر الأوّل ومنها مقام توحيد الصّفات في نفس ظهور ذكر الإرادة ومنها مقام توحيد الأفعال في نفس ذكر القدر ومنها مقام توحيد العبادة في نفس ظهور ذكر القضاء وإنّ الحروف الأربعة في إسمه صلّى الله عليه وآله دالّة على تلك المقامات الكلّيّة وإنّ حرف الميم [هو] مظهر إسم اللّه القابض ثمّ حرف الحاء مظهر إسم اللّه الحيّ ثمّ حرف الميم مظهر إسم اللّه المحيي ثمّ حرف الدّال مظهر إسم اللّه المميت ولذا كان ثلاثة أحرف من إسمه المقدّس من حروف صراط علي حق [نمسكه] وحرف منه من الحروف الظّلمانيّة وإنّ الكلّ لو صعدوا إلى ذروة الحقايق لم يقدروا أن يعرفوا ذلك الحرف الظّلماني لأنّ ذلك حرف كان وجوده في رتبة ذلك الإسم وهي دالّة على مقام إنّيّته في مقامات الملك وهي كانت في مقام الإنّيّة أعظم من الحروف النّورانيّة من كلّ الجوهريّات وإنّ هيكل التّربيع في مقام النّزول يظهر بعد شكل التّثليث ولذا كان أوّل إسم اختاره اللّه لنفسه هو العلي العظيم ولكن في مقام الصّعود يظهر بالعكس وإنّ شكل المثلّث حرف إسم الولي وهو سرّ إسم النّبي صلّى الله عليه وآله حيث أشار الصّادق (ع) في كلامه لمفضّل ولما كان ذلك الحديث هو من الأحاديث الّتي فيه أسرار النّبوّة والولاية جامعة لأذكره في ذلك المقام ليكون عزّا للنّاظرين وآية حقّ للعارفين وهو على ما روي عن المفضّل بن عمر الجعفي قال قلت لمولانا الصّادق (ع) الوعد منه الرّحمة وقد خلوت به فوجدت منه فرصة اتمنّاها لسالك يا مولاي عمّا جرت في خاطري من ظهور المعنى لخلقته بصورة مرتّبة فهل الذّات تتصوّر أو تتجزّئ أو تتبعّض أو تحوّل عن كيانها أو تتوهّم في العقول بحركة أو سكون وكيف ظهور الغيب الممتزج بخلق ضعيف وكيف يطيق المخلوق النّظر إلى الخالق مع ضعف المخلوقات فقال عليه السّلام يا مفضّل إنّ في خلق السّماوات والأرض واختلاف اللّيل والنّهار لأيات لأولي الألباب يا مفضّل إنّ علمنا صعب مستصعب وسرّنا وعر بعيد عن اللّسان أن يترجم عنه إلّا تلويحا وما يعرف شيعتنا بحسب درايتهم بنا وبمعرفتهم لنا وسحقا لمن يروي ما لا يدري ويعتقد ما لا يتصرّف في عقل ولا ينتضج في لبّ وذلك إيمان اللّسان ووعد الحواس والحجّة فيه على صاحبه وذلك أنّ القرآن نزل على إيّاك أعني واسمعي يا جارة فاستمع لما يوحى إليك وأنظر بعين عقلك وانصت بنور لبّك واستمع وع فقد سئلت عن نبأ عظيم وحقّ يقين فسألقي عليك سؤالا ثقيلا وهو الّذي ضلّ في معرفته خلق كثير إلّا من رحم ربّك إنّه هو الغفور الرّحيم وما أنبأ به الباقر لجابر عن الوعر الأوعر الّذي خفي على سائر العالم إلّا عن صفوة المختصّين والبلغاء المستحفظين الّذين اخلصوا واختصّوا وشهدوا الحقّ بما علموا وصدّقوا بما عاينوا كما ذكر في التّنزيل قول السّيّد الأمين إلّا من شهد بالحقّ وهم يعلمون إنّه الحقّ والأمر يا مفضّل لطيف وسرّ هذا العلم غامض واعلم أنّ الذّات تحكي عن الأسماء والصّفات غيب ممتنع لا يمتنع عنه بالحقّ ولا يستسرّ عنه خفيّ لطيف ولا شيء أعظم منه موصوف باتّصافه له مشهود بآياته معروف بظهوراته كان قبل القبل وقبل أن يحيث الحيث لا حيث غيره وقبل المكان إذ لا مكان إلّا ما كوّنه وهو إلى ما لا نهاية لا يحوّل عن حال ولا عمّا كان فيه من كيانه ولا يفتقر إلى شيء فليتعيّن به ولا ينسب إلى غيره فيعرف به بل هو حيث هو وحيث كان فلم يكن إلّا هو وأعلم يا مفضّل أنّ الظّهور تمام البطون والبطون تمام الصّمت والظّهور والقدّرة والعزّة تمام العقل ومتى لم تكن كلّيّات الحكمة تامّة في بطونها وتامّة في ظهورها كانت الحكمة ناقصة من الحكيم وإن كان قادرا يا مفضّل قلت زدني يا مولاي شرحا يحيى به من قرب وتقرّب به من مشى بنورك وعرفك حقيقة المعرفة قال (ع) يا مفضّل إنّ ظهور الأزل بين خلقه عجيب لا يعلم ذلك إلّا عالم خبير وإنّ الذّات لا يقال لها نور لأنّها منيرة كلّ نور فلمّا شاء من غير فكر ولا همّ إظهار المشيّة وخلق المشيّة للشّيء وهما الميم والشّين فأشرق من ذاته نور شعشعاني لانبت له أنوار غير باين عنه فتظهر النّور نور الضّياء لمن تتبيّن منه وأظهر الضّياء ظلّا فأقام صورة الوجود بنفسي الضّياء والظّل وجعل النّور باطنه والذّات منه مبدءها وكذلك الاسم غير متّحد بنوره ما رأى خلقه بخلقه فإذا بطن ففي ذاته وغيبه الّذي ليس شيء كهو إلّا هو فتعالى اللّه العظيم يا مفضّل وسئلت عن المشيّة كيف أبدئها منشئها فافهم ما أنا ذاكره لك يا مفضّل فقد سئلت عن أمر عظيم إنّ مولاي القديم الأزل تعالى ذكره يبدىء مشيّته لم يزل لها عالما فكانت تلك إرادة من غير همّة ولا حدوث فكرة ولا انتقال من سكون إلى حركة ولا من حركة إلى سكون لأنّ القدرة طباعه وذلك لأنّه يظهر المشيّة الّتي هي اسمه ودلّ بها على ذاته لا لحاجة منه إليه ولا غيب به فلم بدت بطبع الحكمة عند إرادته يكون الاسم ولعلمه بأنّ الحكمة إظهاره ما في الكيان إلى العيان ولو لم يظهر ما علّمه من غامض علمه إلى وجود معانيه بعضا لبعض لكان ناقصا والحكمة غير تامّة لأنّ تمام القوّة الفعل وتمام العلم المعلوم وتمام الكون المكوّن فافتح يا مفضّل قلبك لكلام ربّك واعلم أنّ النّور لم يكن باطنا في الذّات فظهر منه ولا ظاهرا منه فبطن فيه بل النّور من الذّات بلا تبعيض وغائب في غيبته بلا استنار ومشرق منه بلا انفصال كالشّعاع من القرص والنّور من الشّعاع لمولاك يا مفضّل اخترع الإسم الأعظم والمشيّة الّتي أنشأت الذّات ولم يكن النّور عند اختراعه الاسم زيادة ولا نقصان والاسم من نور الذّات بلا تبعيض وظاهره بلا تجزّي يدعو إلى مولاه ويشير إلى معناه وذلك عند تغيّر كلّ ملّة لإثبات الحجّة وإظهار الدّعوة ليثبت على المقرّ إقراره ويردّ على الجاحد إنكاره فإن غاب المولى عن أبصار خلقه فهم المحجوبون بالغيبة ممتحنون بالصّورة يا مفضّل الّتي ظهر به للاسم ضياء نوره وظلّ ضيائه الّذي تشخّص به الخلق لينظروه ودلّهم على بارئه ليعرفوه بالصّورة الّتي هي صفة النّفس والنّفس صفة الذّات والاسم مخترع من نفس الذّات ذلك سمّى نفسا ولأجل ذلك قوله عزّ وجلّ ويحذّركم اللّه نفسه وإنّما حذّركم أن تجعلوا محمّدا صلّى الله عليه وآله مصنوعا لكان الذّات محدثا مصنوعا وهذا هو الكفر الصّراح واعلم يا مفضّل أنّه ليس بين الأحد والواحد إلّا كما بين الحركة والسّكون أو بين الكاف والنّون لاتّصاله بنور الذّات قائمة بذاتها وهو قوله تعالى ألم تر إلى ربّك كيف مدّ الظّلّ ولو شاء لجعله ساكنا ثمّ جعلنا الشّمس عليه دليلا يعني ما كان فيه من الذّات فالصّورة الأنزعيّة هي الضّياء والظّل وهي الّتي لا تغيّر في قديم الدّهور ولا فيما يحدث من الأزمان فظاهره صورة الأنزعيّة وباطنه المعنويّة وتلك الصّورة هي هيول الهيولات وفاعلة المفعولات وأسّ الحركات وعلّة كلّ العلل لا بعدها سرّ ولا يعلم ما هي إلّا هو ويجب أن تعلم يا مفضّل أنّ الصّورة الأنزعيّة الّتي قالت ظاهري إمامة ووصيّة وباطني غيب منيع لا يدرك وليست كلّيّة الباري ولا الباري سواها وهي هو ثباتا وإيجادا وعيانا يقينا وتعيينا لا هي هو كلّا ولا جمعا ولا إحصاء ولا إحاطة قال المفضّل قلت يا مولاي زدني شرحا فصلا فقد علمت من فضلك ونعمك ما اقصر عن صفته قال (ع) يا مفضّل سل عمّا أحببت قلت يا مولاي تلك الصّورة الّتي رأيت على المنابر تدعو من ذاتها إلى ذاتها بالمعنويّة وتصرّح باللّاهوتيّة قلت لي إنّها ليست كلّيّة الباري ولا الباري غيرهما فكيف نعلم بحقيقة هذا القول قال (ع) يا مفضّل تلك بيوت النّور وقمص الظّهور وأنس العبادة ومعدن الإشارة حجبك بها عنه وذلك منها إليه لا هي هو ولا هو غيرها محتجب بالنّور ظاهر بالتّجلّي كلّ يراه بحسب معرفته وينال على مقدار طاقته فمنهم من يراه قريبا ومنهم من يراه بعيدا يا مفضّل إنّ الصّورة نور منير وقدرة قدير ظهور مولاك رحمة لمن آمن به وأقرّ هو محمّد صلّى الله عليه وآله فقال (ع) هو الواحد وعذابا على من جحد وأنكر ليس ورآئه غاية ولا له نهاية قلت يا مولاي فالواحد الّذي هو محمّد فقال الواحد إذا سمّي ومحمّد إذا وصف قلت يا مولاي فعلى م باين غير المعنى وصف اسمه فقال (ع) ألم تسمع إلى قوله ظاهري إمامة ووصيّة وباطني غيب لا يدرك قلت يا مولاي فما باطن الميم فقال (ع) نور الذّات وهو أوّل الكون ومبدع الخلق ومكّون لكلّ مخلوق ومتّصل بالنّور منفصل لمشاهدة الظّهور أن بعد فقريب وأن نأى فمجيب وهو الواحد الّذي أبداه أحد من نوره والأحد لا يدخل في العدد فالواحد أصل الأعداد وإليه عودها وهو المكنون قلت يا مولاي يقول السّيّد الميم أنا مدينة العلم وعليّ بابها فقال (ع) يا مفضّل إنّما عنى به تسلسل الّذي سلسل من نوره ومعنى قوله وعليّ بابها يعني إنّه هو أعلى المراتب وباب لهم ومنه يدخلون إلى المدينة وعلم العلم وهو المترجم بما يمدّه سيّده من علم الملكوت وجلال اللّاهوت فقلت يا مولاي يقول السّيّد الميم أنا وعليّ كهاتين لا أدري يمينا ولا شمالا وأقرب بين سبابتيه فقال يا مفضّل ليس مقدار أحد من أصل العلم يفصل بين الاسم والمعنى غير أنّ المعنى فوقه لأنّه من نور الذّات اخترعه فليس بينه وبين النّور فرق ولا فاصل فلأجل ذلك قال أنا وعليّ كهاتين إشارة منه إلى العارفين أنّ ليس هنالك فصل ولو كان بينه وبينه فصل لكان شخصا غيره وهذا هو الكفر الصّراح أما سمعت قول اللّه تعالى أن يفرّقوا بين اللّه ورسله وقوله ويقطعون ما أمر اللّه به أن يوصل وإيماء بها للأفعال أن يقال أنّ اللّه بينه وبين بارئه واسطة ولأجل هذا قال أنا وعليّ كهاتين لأنّه بدر الأسماء وأوّل من تسمّى فمن عرف الإشارة استغنى عن العبارة ومن عرف مواقع الصّفة بلغ قرار المعرفة ألم تسمع إلى إشارات الإسم إلى مولاه تصريحا بغير تلويح حيث يقول إنّك كاشف الهّم عنّي وأنت مفرّج كربتي أنت قاضي ديني أنت منجز وعدي فيكشف عن اسمه الظّاهر بين خلقه فيقول أنت على إشارة منه إلى مولاي فكانت الإشارة إلى بابه أنا مدينة العلم وعليّ بابها فمن أراد المدينة فليقصد إلى الباب فلمّا تحقّق في غياهب تلك الكلمات إثبات النّبوّة الخاصّة على مقام ظهور الآيات في ملكوت الأسماء والصّفات لأذكر أدلّة في مقام الشّريعة ليعرف كلّ من شاء أن يعرف حكم تلك الإشارات بتلك الأخبار النّازلة من شموس العظمة والجلال عن أبي عبداللّه عليه السّلام قال قال اللّه تبارك وتعالى يا محمّد إنّي خلقتك وعليّا نورا واحد يعني روحا بلا بدن قبل أن أخلق سمواتي وأرضي وعرشي وبحري ولم تزل تهلّلني وتمجّدنّ ثمّ جمعت روحكما فجعلتهما واحدة فكانت تمجّدني وتقدّسني وتهلّلني ثمّ قسمتها ثنتين وقسمت الثّنتين فصارت أربعة محمّد واحد وعليّ واحد والحسن والحسين ثنتين وفاطمة ثمّ خلق اللّه من نور ابتدأها روحا بلا بدن ثمّ مسحنا سبحانه بيمينه فأضاء نوره فينا وروي عن أبي حمزة الثّمالي قال سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول أوحى اللّه سبحانه إلى محمّد صلّى الله عليه وآله يا محمّد إنّي خلقتك ولم تك شيئا ونفخت فيك من روحي كرامة منّي اكرمتك بها حين أوجبت لك الطّاعة على خلقي جميعا ومن أطاعك فقد أطاعني ومن عصاك فقد عصاني وأوجبت ذلك في عليّ عليه السّلام وفي نسله ممّن اختصصته منهم لنفسي وروى بسند صحيح عن أبي جعفر عليه السّلام وقال إنّ اللّه تبارك وتعالى لم يزل متفرّدا لوحدانيّته ثمّ خلق محمّدا صلّى الله عليه وآله وعليّا وفاطمة فمكثوا ألف دهر ثمّ خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوّض أمورها إليهم فهم يحلّون ما يشاؤون ويحرّمون ما يشاؤون ولن يشاؤوا إلّا أن يشاء اللّه ثمّ قال يا محمّد صلّى الله عليه وآله هذه الدّيانة الّتي من تقدّمها مرق ومن تخلّف عنها محق ومن لزمها لحق خذها إليك يا محمّد وروي صحيحا عن أبي عبداللّه عليه السّلام قال رسول اللّه قال إنّي أوّل مؤمن بربّي وأوّل من أجاب حين أخذ اللّه سبحانه ميثاق النّبيّين وأشهدهم على أنفسهم ألست بربّكم قالوا بلى فكنت أوّل نبيّ قال بلى فسبقهم بالإقرار باللّه وروى جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال يا جابر إنّ اللّه أوّل ما خلق خلق محمّدا وعترته الهداة المهتدين فكانوا أشباح نور بين يدي اللّه قلت وما الأشباح فقال ظلّ النّور أبدان نورانيّة بلا أرواح وكان مؤيّدا بروح واحدة وهي روح القدس فبه كان يعبد اللّه وعترته ولذلك خلقهم حلماء وعلماء بررة أصفياء يعبدون اللّه بالصّلاة والصّوم والسّجود والتّسبيح والتّهليل ويصلّون الصّلاة ويحجّون ويصومون ولمّا كان الظّاهر في كلّ العوالم طبق الباطن والسّرّ نفس العلانية ليشهد العارف بظهورات المبادي في مقام بيان تلك الأخبار ظهور الأدلّة العقليّة الّتي ذكرتها بدليل الحكمة في مقام الجوهريّات والماديّات والعرضيّات والسّبحيّات وما علم اللّه جلّ شأنه وراء تلك الإشارات إنّه هو الوليّ في المبدء والإياب وإنّ ما أشرت بدلائل الحكمة في تلك المقامات فهو من أسرار أهل الفضل والعدل في ملكوت الأسماء والصّفات وإنّ الأدلّة الّتي يعرف أهل الموعظة والمجادلة بالّتي هي أحسن هي من سبيل الحدود وإنّ طرق الإستدلال تختلف باختلاف المقامات فبكلّ دليل يحتج المحتج بإثبات نبوّة أحد من الأنبياء فبذلك الدّليل ثبتت نبوّة محمّد صلّى الله عليه وآله لأنّ دلائل النّاس لم يخل من أمرين فإنّه إن كان الدّليل في مقام الأنفس فهو ظهورات في مقامات النّفوس من الأمارات الّتي يبلغ العبد إلى مقام الاطمينان والسّكون وإن كان في مقام الآفاق فهو من ظهور المعجزات الّتي ملأت شرق الأرض وغربها تثبت النّبوّة وليس دليل أعظم لنبّوة محمّد صلّى اللّه عليه وآله مثل القرآن فإنّ به يثبت نبوّته الخاصّة والعامّة في كلّ مقامات الظّهور من الغيب والشّهود وإنّ اليوم معجزة القرآن ظاهرة لأنّ الحروف الّتي قد جعل اللّه في يديّ الكلّ ولم تخل من ثمانية وعشرين حرفا لو اجتمع الكلّ على أن يركّبوا كلماتا بمثل حديث منه لن يقدروا ولو كان الكلّ على البعض ظهيرا فليس أمر سهل بل إنّ ذلك أعظم من كلّ معجزاته الّتي ظهرت من ساحة عزّة قدسه وإنّ اليوم يثبت بوجود القرآن للنّبوّة الخاصّة للطّلعة الأحمديّة صلوات اللّه عليها ما طلعت شمس البداية بالبداية ثمّ ما غربت شمس النّهاية بالنّهاية بل إنّ النّاظر إلى مقامات الشّهود لو أراد أن يستدلّ بكلّ حرف من القرآن لنبوّته الخاصّة لكلّ الموجودات ليقدر لأنّ اللّه قد نزّل القرآن بشأن لن يقدر أحد بمثله وإنّ المراد بالمثل هو القوّة الإلٓهيّة والقدرة الرّبّانيّة والكلمات القدّوسيّة والمعاني اللّطيفة الّتي بها يعجز كلّ من في السّموات والارض وإنّ المراد لو كان بظاهر صور الحروف فلا شكّ أنّ الأعراب قد أتوا بكلمات مركّبة ولم يقبل منهم رسول اللّه صلّى الله عليه وآله كما قال أحد منهم حين الّذي نزلت آية اقتربت السّاعة وانشقّ القمر دنت السّاعة وانشقّ القمر فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وآله فضّ اللّه فمك وإنّ ذلك دليل على أنّه لن يأت بمثله لأنّ شرط المثليّة يتحقّق في مقام كان من كلّ جهاته مثلا لأنّ الحكيم لو أمر بإتيان المثل ليلاحظ كلّ مقاماته من مقامات تجريده إلى غاية مراتب تكثيره وإنّه جلّ شأنه لمّا علم أنّ الخلق لن يقدروا أن يقاوموا في مقام الإتيان بجميع مراتبه الّتي قد أحاط علمه احتج بهم في كتابه بالصّور الظّاهريّة الّتي كان أنزل مراتبه في كتابه وإنّهم على ذلك لن يقدروا أن يأتوا بمثله حديثا لأنّ أصل المثليّة قد يتحقّق في مقام كان صادقا وناطقا من مبادي العلل وإن لم يك صادقا فإنّ إتيانه كان مكذّبه لأنّ الحجّة تثبت في شأن كان إتيانها من اللّه وإن لم يك من عنده فلم يجر عليها حكم فلمّا ثبت أنّها كانت من عند اللّه فلم يظهر فيها العجز وخلاف القواعد الإلٓهيّة لأنّ اللّه هو حيّ قادر فمن ينطق من عنده لا يعجزه أحد ولا يقدر أحد أن يأتي بمثله فبذلك ثبتت حجّية القرآن على كلّ مراتب الوجود من الجنّ والإنس وإنّ الكلّ لو اجتمعوا أن يأتوا بمثل ألف من القرآن لن يقدروا ولن يأتوا ولو كان الكلّ على البعض ظهيرا لأنّ اللّه لمّا نزّل ذلك الألف قد أعطاه هيمنة ظهوره على كلّ ما دقّ وجلّ وإنّ الإشارات تحجب العبد عن التّقرّب إلى ساحة القدس والصّفات وإلّا فكلّ ظهورات مبادي الفعل وظهورات الإنفعال مذكورة تحت ذلك الألف من القرآن وإنّ الصّور لمّا كانت متشاكلة لم يقدر أن يعرف العبد صورة الألف الّذي من عند اللّه عن صورة ألف الخلق فسبحان اللّه ما أعظم شأن كتابه وما أجلّ ظهور آياته تجري فيها مظاهر تنزيهه كأنّها هي شيء ليس بمثله شيء في ملكه ولا يعادله شيء في حقيقة سرّه ولذا فرض في الشّريعة سرّ الحقيقة لأن لا يمسّ أحد ذلك الألف من القرآن إلّا بالطّهارة وإنّ الخلق لو نظروا ليشاهدوا بالواقع في عظمة حرف من القرآن كلّ ظهورات الإمكان بحسبه وإنّ الإمام عليه السّلام أو من أيّد بفضل اللّه لو أراد أن يخرج كلّ الدّين من معنى حرف الألف ليقدر بذلك لأنّ فيض اللّه لا غاية له فكما أنّ لمعناه معنى في كتاب اللّه فكذلك الحكم يجري في معنى ذلك المعنى إلى ما لا نهاية لها بها وإنّ الحكم لكلّ حرف من القرآن كان من عند اللّه بمثل ما أرشحت في ذكر الألف منه بل لو كان كلّ البحر مدادا لحرف منه لتفنى البحور قبل أن يبلغ معناه إلى حدّ في الإنشاء بل يجري فيه قول الرّحمن ولا رطب ولا يابس إلّا في كتاب مبين ولذا قال عليّ عليه السّلام في مقام الإفتخار أنا النّقطة تحت الباء ومنه خرجت الموجودات إلى رتبة العيان فإنّ اليوم ثبتت النّبوّة الخاصّة بذلك الكتاب لأنّ الأثر يدلّ على مؤثّره فكما أنّ النّبي صلّى الله عليه وآله هو حامل الفيض الكلّي الّذي انقطعت الأسماء دونه واضمحلّت الآثار عن قربه فكذلك الحكم لكتابه لأنّه منفرد في عالم الحروف والمعاني عن الأشياء والأمثال وله هيمنة على كلّ الأسماء والصّفات وإنّ الّذي أراد أن يحتج في النّبوّة الخاصّة إن كان من طينة العلّيّين وما دخل من قبل دين الإسلام فإن سمع آية من القرآن ففي الحين ليؤمن به لأنّ من غير ذلك الكتاب لا يدعو بسرّه إلى ذلك الجناب وفي كلّ حرف منه مخزون آية قدرة من العزيز الغفّار كأنّها هي في مقام الظّهور تلك الآية المباركة لو أنزلنا هذا القرءان على جبل لرأيته خاشعا متصدّعا من خشية اللّه وتلك الأمثال نضربها للنّاس لعلّهم يتفكّرون وإنّ اليوم كلّ من أراد أن يدخل في دين محمّد رسول اللّه صلّى الله عليه وآله وولاية أوليائه المصطفين على بصيرة فحقّ عليه أن يدخل بعرفان القرآن بأنّه آية حبيبه من الرّحمن لن يقدر أن يأتي بمثله أحد من الإنسان ولو أنّ بالتّواتر تثبت المعجزات وبالآيات الأنفسيّة والدّلالات الآفاقيّة تثبت نبوّته لكلّ من له رائحة مسك من الإنصاف ولكن كلّ ذلك مبدء عرفانهم ينتهي إلى عرفان النّفس وقبولها ولكن بالقرآن يثبت الفؤآد ويسكن الرّوح ويطمئن النّفس ويروّح الجسم وله أثر في الموجود فاجعل اللّه لغيره وإنّه بالاجتماع أعظم آيات اللّه في مقام المعاني والحروف ولا يعادله شيء من المعجزات الجسميّة لأنّ ليس شيء في الوجود أشرف من الكلام ولذا قد جعل اللّه البيان بينه وبين أصفيائه وكان دائما عند كلّ من يكون واسطة بين الحقّ والخلق ولذا إنّه أعظم الآيات لأنّ في القرآن كلّ المعجزات ظاهرة لأنّه لا بدّ أن يكون فيه كلّ رطب ويابس تحت رتبته ولكن في سائر المعجزات لم يجر حكم القرآن لعلوّ شأن البيان عن ما دونه في التّبيان وإنّ باللّه الاعتصام فيما جرى القلم في البيان وإنّ من الشّئونات الدالّة على نبوّته المطلقة هو آثار نفسه حيث أشار أبو جعفر عليه السّلام في كلامه حيث قال عزّ ذكره كان في رسول الله صلّى الله عليه وآله ثلاثة لم تكن في أحد غيره لم يكن له سواء وكان لا يمر في طريق فيمر فيه بعد يومين أو ثلثة إلّا عرف أنّه قد مرّ فيه لطيب عرفه وكان لا يمر بحجر ولا بشجر إلّا سجد له وإنّ من دون كينونيّة المشيّة إذا نزلت في هذا العالم لا يمكن لها تلك الصّفات وبكلّ واحد منها تثبت نبوّته الكلّيّة الأزليّة وإنّني أنا أشير إلى كلمة آخرها الّتي له يسجد كلّ شيء لأنّ مشيّته وكلّ المشيئات إنّما صنعه فلمّا ثبت أنّ رتبة الجماد الّتي كانت آخر مراتب الفيض تسجد لجنابه فدليل بأنّ فوق عالم الجسد كلّ له وإنّ ولايته في الأنفس كلّ الشّئونات منها ساجدون للّه وكذلك الحكم في الآفاق حيث أشار الإمام عليه السّلام في قوله ويؤيّد عليه قول اللّه في مقام باطن الظّاهر وإن ما من شيء إلّا يسبّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم فلمّا دلّ النّقل على وجود النّبوّة الخاصّة طبقا على حكم العقل أشير بأدلّة مكنونة الّتي لا يعلم كنهها إلّا اللّه أو من شاء لما شاهدت عنايات جناب المستطاب لعلّ بذلك يعمل أحد في دين اللّه ويوصل ثوابه إلى الّذي أمر بإنشاء ذلك الكتاب وهو إلى العقل الّذي أراد أن يعرف حكم النّبوّة الخاصّة ويؤمن بها فلا شكّ أنّه وجه من آثار فيض تلك النّبوّة الكلّيّة وإنّ ذرّات الهواء لو أرادوا أن يطّلعوا بحكم قمص الشّمس لن يقدروا أن يعرفوا منها شيئا إلّا بما تجلّت لها بها بشعاعها في مقام إنّيّتها فإذا عرف الإنسان بنور العيان حكم ذلك البيان ليشهد أنّ عقل الكلّ لن يدركوا من نبوّته صلّى الله عليه وآله إلّا بمثل ما تدرك ذرّات التّراب عند طلوع نور الشّمس وكلّ ما عرف من ظهور قمص الشّمس فهو في الحقيقة عرفان ذلك الشّعاع الّذي اتّصل إنّيّتها في رتبتها ولا يمكن لها دون ذلك في مقام فكذلك الحكم للعقول الّتي يريدون أن يعرفوا بالأدلّة الآفاقيّة والأنفسيّة النّبوّة الخاصّة للهيكل الأحمديّة والقمص الإلٓهيّة والطّلعة الرّبّانيّة والكينونيّة المتشعشعة المتلامعة السّرمديّة لأنّ دون ذلك لا يمكن في مقام العرفان وإنّ بالحقيقة الأوّليّة لن يثبت عند أحد نبوّته الخاصّة إلّا في رتبة نفسه وإنّ في مقامات ظهوراتها ولو كانت لها آية فيها ولكن الأمر هو الّذي نزلت في غياهب تلك الإشارات وفصّلت في مستسرّات تلك العبارات لمن عرف الفصل عن الوصل في ملكوت الأسماء والصّفات ولمّا عرف العقل ذلك الحكم ليشهد في بين يديّ اللّه وأوليائه بأنّ إثبات النّبوّة الخاصّة للهيكل المحمّديّة أعظم ذنب لا يعادله ذنب لأنّ الأمر الّذي لا يمكن إثباته في الإمكان بحقيقة ما هو عليه من الأمر والحكم أجلّ وأعظم من أن تثبته بالعكوسات المنقطعة الّتي هي بذاتيّتها دالّة بالعجز وحاكية بالمنع ومدلّة بالإقتران فسبحان اللّه ما أعظم حكم من أراد ذلك وإن لم أجد السّبيل ولا أرى الدّليل لعرفان ذلك القطب الجليل وإنّ اللّه وملائكتة شهداء عليّ بأن [كلّ ما] فصّلت في آيات إثبات النّبوّة الخاصّة والولاية المطلقة ما قصدت إلّا العجز البحت عن ذكر الدّليل والذّل الصّرف عن عرفان السّبيل لأنّ دون ذلك لا يمكن في مقام من الخلق ومن ادّعى إثبات النّبوّة الخاصّة بحقيقتها الّتي هي عليها فقد احتمل الإفك في نفسه ويجري عليه أحكام حدود قابليّته ولكن الآيات لمّا كانت في بعض الأنفس ألطف وأدقّ من غيرها فلذا قد فصّلت بيان [الآيات] المحكمات ممّا يمكن في التّبيان لذكر النّبوّة الخاصّة بمثل أحكام الزّجاجة عن الخمر حيث قال الشّاعر

رقّ الزّجاج ورقّت الخمر فتشابها فتشاكل الأمر

فكأنّما خمر ولا قدح وكأنّما قدح ولا خمر

وقال أحد في مقامه

صفاتك أسماء وذاتك جوهر بريء المعاني عن صفات الجواهر

يجلّ عن الأعراض والكيف والمتى ويكبر عن تشبيهه بالعناصر

وإنّ ذلك سرّ الأمر في بيان الواقع ولكنّ اليوم ما أعلم أحدا أن يثبت حكم تلك النّبوّة بمثل ما إنّي فصّلت في ذلك الكتاب لأنّ علمي بالإثبات هو التّأييد من عند ربّ الأرباب ومن غيري لو سلك سبل الحقيقة ما أجد إلّا من شواهد الكتاب والسّنّة ونعم ما قيل

وكلّ يدّعي وصلا بليلا وليلى لا تقرّ لهم بذاكا

إذا انبجست دموع من خدود تبيّن من بكى ممّن تباكى

ولكنّ الشّرف في الحقيقة ليس في علم إثبات هذه المسئلة الغامضة بل الشّرف هو الّذي صدّق الرّسول صلّى الله عليه وآله قائل حيث قال

ألا كلّ شيء ما خلا اللّه باطل وكلّ نعيم لا محالة زائل

وإنّ كلّ ما فصّلت في تلك الإشارات من الدّلائل المحكمة هو حظّ أهل السّبحات وإنّ حقيقة العلم بالنّبوّة الخاصّة وإثباتها فهو في شأن كان العلم نفس المعلوم والدّليل نفس البطون لو لم يك كذلك لم يثبت فيض الأوّل بغيره وإنّ ذلك ليس من جهة العرفان بل إنّه من جهة الحجب والأستار كما أشار الإمام عليه السّلام في كلامه عزّ ذكره إلى أن قال ولعلمه بأنّ الحكمة إظهار ما في الكيان إلى العيان ولو لم يظهر ما علّمه من غامض علمه إلى وجود معانيه بعضها لبعض لكان خاطئا والحكمة غير تامّة لأنّ تمام القوّة الفعل وتمام العلم المعلوم وتمام الكون المكوّن وإنّ الأمر في الحقيقة هو من عرفان ذلك السّبيل لا دونه لأنّه لو أراد أحد أن يعرف الحمرة بالبياض أو الخضرة بالصّفرة لن يعرفه بحقيقته لأنّ الشّيء لم يعرفه بحقيقتة بدون جهة نفسه ومن أراد أن يعرف النّبوّة الخاصّة بحقيقته فلم يقدر إلّا بنفس النّبي صلّى اللّه عليه وآله حيث أشار الإمام عليه السّلام عن ذلك المقام اعرفوا اللّه باللّه والنّبي بالنّبوّة وإنّ ذلك لهو السّرّ في الواقع لأنّ للعرفان رتبتان كما ثبت عند رجال الأعراف فإن كان من جهة عرفان الذّات بنفس الذّات فهو العرفان على جهة الحقيقة والكمال كما أشار إليه الإمام عليه السّلام في أكثر مقامات العرفان فمنها ما قال عليّ عليه السّلام في دعاء الصّباح يا من دلّ على ذاته بذاته ومنها ما قال عليّ بن الحسين عليه السّلام في دعائه لأبي حمزة الثّمالي بك عرفتك وأنت دللتني عليك ودعوتني إليك ولو لا أنت لم أدر ما أنت ومنها ما قال جلّ ذكره بما نزل في الإنجيل اعرف نفسك تعرف ربّك ظاهرك للفناء وباطنك أنا والعرفان على جهة الدّلالة بأنّ الأثر يدلّ على مؤثّره و إنّ ذلك أدنى مقامات العرفان بل لا يقبل اللّه من أهل البيان ذلك العرفان لما عرّفهم من قول أمنائه بأنّ اللّه أجلّ من أن يعرف بخلقه بل خلقه يعرف به فلمّا تحقّق عرفان الشّيء بذاته في مقام أوّل التّجلّي فكذلك الحكم في ظهورات هذا المتجلّي فلا يمكن لأحد أن يثبت النّبوّة الخاصّة لمحمّد صلّى الله عليه وآله على سبيل الحقيقة بآيات الأنفس والآفاق لأنّ ما دون ذات حامل النّبوّة الخاصّة أثر بالنّسبة إلى ذلك المقام ولا يثبت حقيقة عرفان الشيء بآثار ظهوراته بل من أراد أن يثبت النّبوّة الخاصّة لحضرته فحقّ عليه بأن لا يجعل الدّليل له دون نفسه ولا السّبيل إليه دون ذاته لأنّ الأشياء منقطعة عنه لعلوّ بهاء جلاله في ملك اللّه وإنّ الآثار بأسرها ممتنعة عن عرفان حضرته لعلوّ سناء سنائه في دين اللّه فسبحان اللّه ما أعلى شأن نبي اللّه في الإمكان وما أعظم ثناء رسول اللّه في الأكوان وإنّه المتفرّد عن التّشابه والتّماثل في عوالم الأعيان

يا جوهرا قام الوجود به والخلق بعدك كلّهم عرض

فلمّا تحقق في مقام عرفان الذّات بأنّه بما يمكن في الإمكان لا يمكن إلّا بذاته لذاته فكذلك الحكم يجري في نقطة وجود فيض الأوّل الكلّي الّذي هو الذّكر الأوّل والأزليّ الظّاهر له به ولمّا يجب في الحكمة أن يكون تنزّل الذّكر الأوّل إلى مقام التّراب بمثل ظهور البدء له به فيثبت أنّ غير ذات حامل النّبوّة الكلّيّة لم يقدر أن يظهر في عالم الجسد إلّا بهيكل بدئه الّذي كلّ للّه به ساجدون فمن ذلك البيان يعرف الإنسان أنّ غير نقطة البيان لم يتّصل في مقام التّبيان أنا أوّل من أجاب في الذّرّ لأنّ من دونه لا يقدر بذلك الكلام فكما أنّ ذاته يعرف ذاته فكذلك الحكم في نبوّته فإنّها تعرف نبوّتها لا دونها ومن أراد أن يثبتها بدليل سواها فقد حجب عن مطالعة مقامات عرفان الذّوات وظهورات الصّفات وكان ثبوته بالدّليل هو النّفي المحض لأنّ لو أثبت نبوّته صلّى الله عليه وآله بشيء دون ذاته لم يثبت في الحقيقة إلّا وجود ذلك الشّيء الّذي دونه لأنفس النّبوّة الّتي هي المراد في مقام جريان المداد وإنّ ذلك السّبيل لإثبات النّبوّة الكلّيّة أعظم من كلّ الدّلائل والبراهين لأنّ غيره هو مقام الشّبحيّات والعرضيّات الّتي يسكن العبد في مقام الموعظة الحسنة والمجادلة بالّتي هي أحسن في مقام الطّلب وأمّا بدليل الحكمة الّتي هي حقيقة الدّليل للسّالك في صراط الجليل فمتنع بغير ذلك السّبيل وإنّه مع عظم مقامه وكبر شأنه وعلوّ بهائه الّذي أعظم من كلّ ظهورات الدّلائل أخفّ من كلّ الدّلائل لأنّ كلّما زادت الكثرة غلظت الحجب وكلّما رقّت الحجب لطف المقام ولذا إنّ دليل الحكمة مع منتهى لطافته بعيد عن الأنظار وصعب على الأفكار والعرفان به ولذا نطق الحديث بحكمه إنّ أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله إلّا ملك مقرّب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان فلمّا تحقّق بدليل الحكمة النّبوّة الخاصّة لمن له مشعر الفؤآد وسرّ الحقيقة فأشير بذلك الدّليل إلى مراتب الولاية وإثباتها لما [اقرن] اللّه حكمها بالنّبوّة وهو أنّ الذّكر الأوّل لا يمكن تنزّله بالظّهور في عالم الغيب إلّا بمقامات سبعة لأنّ الشّيء له جهة ربّ وجهة نفس وإذا ثبت الجهات تثبت حكم الرّبط وبه يثبت الثّلاثة فلمّا تنزّلت الثّلاثة صارت أربعة ولذا جعل اللّه عدّة مقامات الفعل سبعة إذ دونها لا يمكن في الإبداع وإنّه العدد التّام الكامل الّذي ليس في الأعداد عند أهل الحقيقة أكمل منها وإنّ تلك المراتب لمّا ظهرت في عالم الغيب تحقّقت نفوس الأئمّة عليهم السّلام وإنّ عدّتها هي السّبعة وهو محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين وجعفر وموسى صلوات اللّه عليهم وإنّ تلك السّبعة لمّا تنزّلت من عالم الغيب إلى مقام الشّهادة ظهرت [أربع] عشر نفسا لأنّ شهادة تلك الأسماء في مراتب الأجساد والألفاظ هو عليّ ومحمّد وعليّ ومحمد وعلي والحسن و م ح م د صلوات اللّه عليهم وإنّهم الدّالّون على اللّه في كلّ عالم بالدّلالة الّتي لا يمكن في الإمكان أعلى منها بأنّه لا إلٓه إلّا هو حقّ في أزل الآزال وإنّه هو خلوّ من العباد وإنّ العباد خلوّ منه وليس بينهما ربط ولا بينونة عزلة وإنّ نسبته كان بكلّ الذّرّات قبل وجودها وبعد وجودها سواء ولا يعلم أحد كيف هو إلّا نفسه سبحانه وتعالى عمّا يشركون فلمّا ثبت أنّ في مبادئ العلل لا يمكن ظهور الذّكر الأوّل إلّا في [القصبات الأربعة] عشر فيثبت بعلم ذلك المقام ولاية أئمّة الدّين بأنفسهم بدليل الحكمة وبظهوراتهم بدليل الموعظة وبأسمائهم بدليل المجادلة بالّتي هي أحسن وإنّ النّاظر إلى مقام الذّات والسّاكن في ملكوت الأسماء والصّفات لو شاهد ظهورات الولاية الكلّيّة ليقدر أن يثبت بكلّ شأن ينسب إليهم ولايتهم المطلقة على كلّ الموجودات لأنّ بكلّ دليل يثبت توحيد الذّات تثبت النّبوّة المطلقة لمحمّد صلّى الله عليه وآله والولاية الكلّيّة لأوصيائه صلوات اللّه عليهم لأنّ أركان التّوحيد هو أحرف لا يدلّ في شأن إلّا على اللّه ولذا [كانت] آية الأحديّة في الظّهور والإمكان نفس آية النّبوّة في الظّهور التّكويني وكذلك الحكم في آيات الولاية الّتي هي نفس آية النّبوّة في مقامات البطون والظّهور وإذا جرى القلم بذكر أركان التّوحيد لأشير بإثبات [رتبة] الشّيعة لمن حمل ذلك الحرف الرّابع لأنّ الشّيء في عالم المبادي والعلل لم يخلق إلّا بالعلّة الفاعليّة الّتي هي مقام إبداع الذّات كلّ ما أراد لا من شيء لظهور توحيده ثمّ بالعلّة المادّية الّتي هي مقام النّبوّة الكلّيّة لظهور حكم رسوله ثمّ بالعلّة الصّوريّة لظهور ولاية ثلاثة عشر نفسا الّذين هم [القصبات] الكلّيّة في أجمة الجبروت بأنّهم أولياء اللّه وأوصياء رسوله صلّى اللّه عليه وآله ثمّ بالعلّة الغائيّة الّتي هي الثّمرة في تلك الظّهورات والغاية في تلك الشّئونات لظهور حامل [الحرف] الرّابع الّذي جعله اللّه في مقام نور ولاية المطلقة الكلّيّة العامّة وإنّ بدليل العقل يجب في الحكمة أنّ مقام العلّة الغائيّة هو الرّتبة [الرّابعة] في مقام النّزول ولذا أشار الصّادق عليه السّلام في حديث ذكر الإسم حيث قال عزّ ذكره إنّ اللّه تبارك وتعالى خلق إسما [بالحروف] غير متصوّت وباللّفظ غير منطق وبالشّخص غير مجسّد وبالتّشبيه غير موصوف وباللّون غير مصبوغ منفيّ عنه الأقطار مبعّد عنه الحدود محجوب عنه حسّ كلّ متوهّم مستتر غير مستور فجعله كلمة تامّة على أربعة أجزاء معا ليس منها واحد قبل الآخر فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها وحجب منها واحدا وهو الإسم المكنون المخزون فهذه الأسماء الّتي ظهرت فالظّاهر هو اللّه تبارك وتعالى وسخّر سبحانه لكلّ إسم من هذه الأسماء أربعة أركان فذلك إثنا عشر ركنا ثمّ خلق لكلّ ركن منها ثلاثين إسما فعلا منسوبا إليها هو الرّحمن الرّحيم الملك القدّوس الخالق البارىء المصوّر الحيّ القيّوم لا تأخذه سنة ولا نوم العليم الخبير السّميع البصير الحكيم العزيز الجبّار المتكبّر العليّ العظيم المقتدر القادر السّلام المؤمن المهيمن البارئ المنشيء البديع الرّفيع الجليل الكريم الرّزّاق المحيي المميت الباعث الوارث فهذه الأسماء وما كان من الأسماء الحسنى حتّى تتمّ ثلاثة مائة وستّين إسما فهي نسبة لهذه الأسماء الثّلاثة وهذه الأسماء الثّلاثة أركان وحجب الإسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثّلاثة وذلك قوله تعالى قل ادعوا اللّه أو ادعوا الرّحمن أيّاما تدعوا فله الأسماء الحسنى وإنّ الأركان الثّلاثة الّتي ظهرت في الكون هو الإقرار بالتّوحيد والنّبوّة والولاية وحجب الرّكن المخزون ونور الغيوب لعدم تحمّل الخلق وإنّه ظاهر أظهر من كلّ شيء مع الثّلاثة في الظّهور محجوب وكان باطن الأمر في مقام نفسه وله يوم إذا شاء اللّه ليظهره وهو الإسم الّذي لمّا أظهره القائم عليه السّلام أعرض النّقباء عن ساحة قربه ثمّ لمّا لم يروا المفرّة فيرجعون إليه ويؤمنون به بحكم ذلك الإسم وهو الإسم الأعظم والسّرّ الأقدم والرّمز المنمنم الّذي لا يتمّ عمل أحد إلّا بعرفانه والأخذ عن جنابه لذا لمّا سئل أحد من النّصارى عن الإسم الأعظم عن [مولانا] الكاظم عليه السّلام قال أخبرني عن ثمانية أحرف نزلت فتبيّن في الأرض منها أربعة وبقي في الهواء منها أربعة على من نزلت تلك الأربعة الّتي في الهواء ومن يفسّرها قال ذلك قائمنا فينزّله الله عليه فيفسّره وينزّل عليه ما لم ينزّل على الصّدّيقين والرّسل والمهتدين ثمّ قال الرّاهب فأخبرني عن الإثنين من تلك الأربعة الأحرف الّتي في الأرض ما هي قال أخبرك بالأربعة كلّها أمّا أوّلهن فلا إلٓه إلا اللّه وحده لا شريك له باقيا والثّانية محمّد رسول اللّه صلّى الله عليه وآله مخلصا والثّالثة نحن أهل البيت والرّابعة شيعتنا منّا ونحن من رسول اللّه صلّى الله عليه وآله ورسول اللّه من اللّه بسبب وإنّ بكلّ دليل يثبت الأركان الثّلاثة فيثبت ذلك الرّكن في ذلك الحرف فإن كان الدّليل هو الحكمة فسبيل عرفانه هو نفسه لا سواه وإن كان غيره لم يقدر أحد أن يدّعي مقامه كما ثبت في ميزان النّبوّة وإن في مقام الأثر فلا بدّ أن يكون حامل [الآثار] الثّلاثة من بساطة التّوحيد في مقام التّجريد وآيات شأن النّبوّة في مقام التّحديد ودلالات آثار الولاية في مقام التّحميد ولذا فرض لمن ادّعى ذلك المقام بأن يظهر من تلك الآثار بشأن لن يقدر أحد غيره فإذا شاء بشأن كلمة الحجيّة لا يعجزه شيء فينطق ويكتب كما شاء بما شاء بلا سكون قلم ولا تفكّر في شأن الآيات ولا أخذ صور من حروف القرآن لأنّ به يثبت سرّ الأحديّة في النّبوّة ولا يمكن أن [تتحقّق] هذه القدرة إلّا في العلّة الثّانوية الّتي هي حاكية عن العلّة الأولى والعلّة الرّابعة لظهور الكلمة الجامعة وإنّ الّذي يقول فيه ما يتوهّم ظنّه فيرجع القول في حكم الكتاب بمثله الحرف بالحرف وإذا شاء بشأن هو شأن المناجات في الخطب آثار تجلّي الولاية فيقدر بشأن لم يسبقه أحد في الإظهار ولا يقاومه أحد من أولي الأفكار والأبصار حيث قد ثبت ميزان آثار الولاية في المناجات والخطب لمن عرف مواقع الحكم في مقام الدّلالات وإذا شاء بعد تلك الآثار لظهور يقينه في حكم اللّه ليقدر أن يقوم بين يديّ اللّه ويقول ما ورد في الشّريعة من أحكام المباهلة كما وقعت بين يديّ اللّه جلّ ذكره وإنّ لعرفان المقام شئونات لا يحصيها أحد إلّا اللّه وليس [كلّ ما] يعلم العبد يقدر أن يقول ولو لا التّكليف في السّر والخوف ممّا قال عليّ بن الحسين عليهما السّلام في كلامه حيث قال عزّ ذكره وربّ جوهر علم لو أبوح به لقيل لي أنت ممّن يعبد الوثنا لأظهرت سرّ الواقع في ذلك المقام ولكن أشير بمقامه في الحديث الّذي نزل في مقام المعرفة عن [جابر] حيث قال عزّ ذكره في حديث طويل إلى أن قال يا جابر أوتدري ما المعرفة المعرفة إثبات التّوحيد أوّلا ثمّ معرفة المعاني ثانيا ثمّ معرفة الأبواب ثالثا ثمّ معرفة الإمام رابعا ثمّ معرفة الأركان خامسا ثمّ معرفة النّقباء سادسا ثمّ معرفة النّجباء سابعا وهو قوله عزّ وجلّ لو كان البحر مدادا لكلمات ربّي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربّي ولو جئنا بمثله مددا الحديث فمن عرف الإشارات استغنى عن العبارات ومن عرف مواقع الصّفة في تلك الدّلالات بلغ قرار المعرفة في غياهب تلك المقامات وإنّ إلى اللّه [ترجع] الأحكام في ملكوت الأسماء والصّفات وأستغفر الله ربّي عمّا يحصي الكتاب إنّه هو التّوّاب والجود والإحسان في المبدء والمآب وإلى ذلك المقام قد أخذت القلم من الجريان وأسئل اللّه العفو فيما نزّلت من الكيان إلى العيان وسبحان اللّه ربّ العرش عمّا يصفون وسلام على المرسلين والحمد للّه ربّ العالمين

المصادر