هُوَ الباقِي فِي الأُفُقِ الأَبهى
أَتَى أَمْرُ اللهِ عَلَى ظُلَلٍ مِنَ البَيانِ وَالمُشْرِكُونَ يَوْمَئِذٍ فِي عَذابٍ عَظِيمٍ. قَدْ نُزِّلَتْ جُنُودُ الوحي بِراياتِ الإِلْهامِ عَنْ سَماءِ اللَّوْحِ باسْمِ اللهِ المُقْتَدِرِ القَديرِ. إذًا يَفْرَحُنَّ المُوَحِّدُون بِنَصْرِ اللهِ وَسُلْطانِهِ وَالمُنْكِرُونَ حِينَئِذٍ فِي اضْطِرابٍ مُبِينٍ.
يا أَيُّها النَّاسُ أَتَفِرُّونَ عَنْ رَحْمَةِ اللهِ بَعْدَ الَّذِي أَحاطَتِ المُمْكِناتِ عَمَّا خُلِقَ بَيْنَ السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ، أَنْ لا تُبَدِّلُوا رَحْمَةَ اللهِ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلا تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُم مِنْهَا وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْها إِنَّه عَلَى خُسْرانٍ عَظِيمٍ. مَثَلُ الرَّحْمَةِ مِثْلُ الآياتِ إنَّها نُزِّلَتْ مِن سَماءٍ واحِدَةٍ. وَيُسْقَوْنَ المُوَحِّدُونَ مِنْها خَمْرَ الحَيَوانِ وَالمُشْرِكونَ يَشْرَبونَ مِنْ ماءِ الحَمِيمِ. وَإذَا يُتلَى عَلَيْهِم آياتُ اللهِ تَشْتَعِلُ فِي صُدُورِهِم نارُ البَغْضَآءِ كذلِكَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَى أَنْفُسِهمْ وَكانُوا مِنَ الغافِلِينَ. أَنِ ادْخُلُوا يا قَوْمِ فِي ظِلِّ الكَلِمَةِ ثُمَّ اشْرَبُوا مِنْها رَحِيقَ المَعَانِي وَالبَيانِ لأَنَّ فِيها كُنِزَ كَوْثَرُ السُّبْحَانِ وَظَهَرَتْ عَنْ أُفُقِ مَشِيئَةِ رَبِّكُمُ الرَّحْمنِ بِأَنْوارٍ بَدِيعٍ.
قُلْ قَدِ انْشَعَبَ بَحْرُ القِدَمِ مِنْ هَذَا البَحْرِ الأَعْظَمِ فَطُوبَى لِمَنِ اسْتَقرَّ فِي شاطِئهِ وَيَكُونُ مِنَ المُسْتَقِرَّينَ. وَقَدِ انْشَعَب مِنْ سِدْرَةِ المُنْتَهَى هَذَا الهَيْكلُ المُقَدَّسُ الأَبْهَى غُصْنُ القُدْسِ فَهنيئًا لِمَنِ اسْتظَلَّ فِي ظِلِّه وَكانَ مِنَ الرَّاقِدينَ.
قُلْ قَدْ نَبَتَ غُصْنُ الأَمْرِ مِن هَذا الأَصْلِ الَّذِي اسْتَحْكَمَهُ اللهُ فِي أَرْضِ المَشِيَّةِ وَارْتَفَعَ فَرْعُهُ إلى مَقَامٍ أَحاطَ كُلَّ الوُجُودِ فَتَعَالَى مِنْ هَذا الصُّنْعِ المُتَعالِي المُبَارَكِ العَزِيزِ المَنِيع. أَنْ يَا قَوْمِ تَقَرَّبُوا إلَيْهِ وَذوقُوا منْهُ أَثْمارَ الحِكْمَةِ وَالعِلْمِ مِنْ لَدُن عَزيزٍ عَليمٍ. وَمَنْ لَمْ يَذُقْ مِنْهُ يَكُونُ مَحْرُومًا عَنْ نِعْمَةِ اللهِ وَلَوْ يُرْزَقُ بِكُلِّ مَا عَلَى الأَرضِ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ العَارِفِينَ.
قُلْ قَدْ فُصِّلِ مِنْ لَوْحِ الأَعظَمِ كَلِمَةٌ عَلَى الفَضْلِ وَزَيَّنَها اللهُ بِطِرَازِ نَفسِهِ وَجَعَلَها سُلْطَانًا عَلَى مَنْ عَلَى الأَرْضِ وَآيَةَ عَظَمَتِه وَاقْتِدَارِه بَيْنَ العَالَمِينَ لِيُمَجِّدُنَّ النَّاسُ بِهِ رَبَّهُمُ العَزِيْزَ المُقْتَدِرَ الحَكِيمَ وَيُسَبِّحُنَّ بِهِ بَارِئَهُمْ وَيُقَدِّسُنَّ نَفْسَ اللهِ القائِمَةَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ إِنْ هَذَا إِلا تَنْزيلٌ مِنْ لَدُنْ عَلِيمٍ قَدِيمٍ.
قُلْ يا قَوْمِ فَاشْكُرُوا اللهَ لِظُهُورِهِ لأَنَّه لَهُوَ الفَضلُ الأَعْظَمُ عَلَيكُم وَنِعْمَتُهُ الأَتَمُّ لَكُمْ وَبِهِ يَحْيى كلُّ عَظْمٍ رَمِيمٍ، مَنْ تَوَجَّهَ إلَيْهِ فَقَدْ تَوَجَّهَ إِلى اللهِ فَمنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَقَدْ أَعْرَضَ عَنْ جَمَالِي وَكَفرَ بِبُرْهانِي وَكانَ مِنَ المُسْرِفينَ. إِنَّهُ لَوَدِيعَةُ اللهِ بَيْنَكَمُ وَأَمانَتُهُ فِيكُمْ وَظُهُورُهُ عَلَيكُمْ وَطلُوعُهُ بَيْنَ عِبادِه المُقرَّبينَ كَذِلكَ أُمِرْتُ أنْ أُبَلِّغَكُمْ رِسالَةَ اللهِ بَارِئِكُمْ وَبَلَّغْتُكُمْ بِما أَمِرتُ بِهِ إذًا يَشْهَدُ اللهُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ مَلائِكَتُهُ وَرُسُلُهُ ثمَّ عِبادُهُ المُقَدَّسِينَ.
أَنِ اسْتَنْشِقُوا رَائِحَةَ الرِّضْوَانِ مِن أَوْرَادِهِ ولا تَكُونُنَّ مِنَ المَحرُومِينَ. أَنِ اغْتَنِمُوا فَضْلَ اللهِ عَلَيْكُمْ وَلا تَحْتَجِبُوا عَنْهُ وَإِنَّا قَدْ بَعَثْناهُ عَلَى هَيْكَلِ الإِنْسانِ فَتَبارَكَ اللهُ مُبْدِعُ ما يَشَاءُ بِأَمْرِه المُبْرَمِ الحَكِيمِ. إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مَنَعُوا أَنْفُسَهُمْ عَنْ ظِلِّ الغُصْنِ أُولَئِكَ تاهُوا فِي العَرآءِ وَأَحْرَقَتْهُمْ حَرارَةُ الهَوَى وَكانُوا مِنَ الهَالِكينَ.
أنِ اسْرِعُوا يا قَومِ إلَى ظِلِّ اللهِ لِيَحفَظَكُمْ عَنْ حَرِّ يَوْمِ الَّذِي لَنْ يَجِدَ أَحَدٌ لِنَفْسِه ظِلاًّ ولا مِأْوًى إِلا ظِلَّ اسْمِهِ الغَفُورِ الرَّحِيمِ. أَنِ البِسُوا يا قَوْمِ ثَوبَ الإِيقانِ لِيَحْفَظَكُمْ عَن رَمْي الظُّنُونِ وَالأَوْهامِ وَتَكُونُنَّ مِن المُوقِنيِنَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الَّتي لَنْ يُوقِنَ أَحَدٌ وَلَنْ يَسْتَقِرَّ عَلى الأَمرِ إِلا بِأَن يَنْقَطِعَ عَنْ كُلِّ ما فِي أَيْدِي النّاسِ وَيَتَوَجَّهَ إِلى مَنْظَرِ قُدْسٍ مُنِيرٍ.
يَا قَوْمِ أَتَتَّخِذُونَ الجِبْتَ لأَنفُسِكُمْ مُعينًا مِنْ دونِ اللهِ وَتَتَّبِعُونَ الطّاغُوتَ رَبًّا مِنْ دُونِ رَبِّكُمُ المُقْتَدِرِ القَديرِ. دَعُوا يا قَوْمِ ذِكْرَهُما ثُمَّ خذُوا كَأْسَ الحَيَوانِ بِاسْمِ رَبِّكُمُ الرَّحمنِ تَاللهِ بِقَطْرَةٍ مِنَها يَحْيَى الإِمكانُ إِنْ أَنْتُمْ مِنَ العَالِمينَ. قُلِ اليَوْمَ لا عاصِمَ لأَحَدٍ مِنْ أَمْرِ اللهِ ولا مَهْرَبَ لِنَفْسٍ إِلا اللهُ وَهَذَا لَهُوَ الحَقُّ وَما بَعْدَ الحَقِّ إِلا الضَّلالُ المُبِينُ.
وَلَقَدْ حَتَمَ اللهُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِأَنْ يُبَلِّغُوا أَمْرَهُ عَلَى ما يَكُونُ مُسْتَطِيعًا عَلَيْهِ كَذلِكَ قُدِّرَ الأَمْرُ مِنْ إِصْبَعِ القُدْرَةِ وَالاقْتِدارِ عَلَى أَلْواحِ عِزٍّ عَظِيمِ. وَمَنْ أَحْيَى نَفْسًا فِي هَذَا الأَمْرِ كَمَنْ أَحَيى العِبَادَ كُلَّهُم وَيْبَعَثُهُ اللهُ يَوْمَ القِيامَةِ فِي رِضْوانِ الأَحَدِيَّةِ بِطِرازِ نَفْسِهِ المُهَيْمِنِ العَزِيزِ الكَرِيمِ. وَإِنَّ هَذَا نُصْرَتُكُمْ رَبَّكُمْ وَمِنْ دُونِ ذلِكَ لَنْ يُذْكَرَ اليَوْمَ عِنْدَ اللهِ رَبِّكُمْ وربِّ آبائِكُم الأَوَّلِينَ.
وَإِنَّكَ أَنْتَ يا عَبْدُ أَنِ اسْتَمِعْ مَا وَصَّيْنَاكَ فِي اللَّوْحِ ثُمَّ ابْتَغِ فَضْلَ رَبِّكَ فِي كُلِّ حِينٍ. ثُمَّ انْشُرِ اللَّوحَ بَيْنَ يَدَيِّ الَّذِينَ هُمْ آمَنُوا بِاللهِ وَبِآياتِهِ لِيُبَلِّغُنَّ ما فِيهِ وَيَكُونُنَّ مِنَ المُحْسِنينَ.
قُلْ يا قَوْمِ لا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَلا تُجادِلُوا مَعَ النَّاسِ لأَنَّ هَذَا لَمْ يكُنْ شَأْنَ الَّذِينَ هُمُ اتَّخَذُوا فِي ظِلِّ رَبِّهِمْ مَقامًا كانَ عَلَى الحَقِّ أَمِين. وَإِذَا وَجَدْتُمْ عَطْشانًا فَاسْقُوهُ مِنْ كَأْسِ الكَوْثَرِ والتَّسْنيمِ، وَإِنْ وَجَدْتُمْ ذَاتَ أُذُنٍ وَاعِيَةٍ فَاتْلُوا عَلَيهِ آيَاتِ اللهِ المُقْتَدِرِ العَزِيزِ الرَّحِيم.
أَنِ افْتَحُوا اللِّسانَ بِالبَيانِ الحَسَنةِ ثُمَّ ذَكِّروا النَّاسَ إِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُقْبِلاً إلَى حَرَمِ اللهِ وإِلا دَعُوهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ اتْركُوهُمْ فِي أَصْلِ الجَحِيمِ. إِيَّاكُمْ أَنْ لا تَنْشُرُوا لَئَالِئَ المَعَانِي عِنْدَ كُلِّ أَكْمَهٍ عَقِيمٍ. لأنَّ الأَعْمَى يَكُونُ مَحْرومًا عَنْ مُشاهَدَةِ الأَنْوارِ وَلَنْ يَفْرِقَ الحَجَرَ عَنْ لُؤْلُؤِ قُدْسٍ ثَمِينٍ. إِنَّكِ لَوْ تُلْقِي عَلَى الحَجَرِ أَلْفَ سَنَةٍ مِنْ آياتِ عِزٍّ بَدِيعِ هَلْ يَفْقَهُ فِي نَفْسِه أَوْ يُؤثِّرُ فِيهِ لا فَوَرَبِّكَ الرَّحْمنِ الرِّحِيمِ، وَلَوْ تَقْرَأُ كُلَّ الآياتِ عَلَى الأَصَمِّ هَل يَسمَعُ مِنها حَرْفًا لا فَوَجَمالِ عِزٍّ قَدِيمٍ.
كذَلِكَ أَلقَيْناكَ مِنْ جَواهِرِ الحِكْمَةِ وَالبَيانِ لِتَكُونَ ناظِرًا
إِلَى شَطْرِ رَبِّكَ وَتَنْقَطِعَ عَنِ العَالَمِينَ وَالرُّوحُ عَلَيْكَ
وَعَلَى الَّذينَ هُمْ اسْتَقرُّوا عَلَى مَقَرِّ القُدْسِ
وَكَانُوا فِي أَمْرِ رَبِّهِمْ
عَلَى اسْتِقَامَةٍ
مُبِينٍ
إشارة الى حضرة عبدالبهاء
الغصن الاعظم، من ألقاب حضرة عبدالبهاء
"سورة الغصن، نزّلت باللغة العربية بحقّ ميرزا علي رضا المستوفي، من أهالي خراسان. كان هذا المؤمن يحمل لقب "مستشار الدولة". شغل منصبًا مرموقًا في الدوائر الحكومية في إقليم خراسان حيث تمتّع بنفوذ عظيم هناك. ولم يكن مبلّغه سوى الملاّ حسين [بشروئي] الذي بلّغه أمر الله في مشهد"، كتاب ظهور حضرة بهاءالله، أديب طاهرزاده، المجلد 2