تفسیر البسملة - هو الله - الحمد للّه الّذی بفيض ظهوره…

حضرت عبدالبهاء
اصلی فارسی

۳

تفسیر البسملة

هو الله

الحمد للّه الّذی بفيض ظهوره الأعلی کشف الغطاء عن وجه الهدی و أشرقت الأرض و السماء فارتفع ضجيج الملأ الأعلی. سبحان ربّی الأبهی

قد انقضت اللیالی الدهماء و انشقت الحجبات الظلماء و انفلق صبح البقاء و لاحت شمس الحقیقة فی أفق العلی فهتفت ملائکة البشری تعالی تعالی من هذا الجمال الاسنی

قد هاج ریاح الوفاء و ماج قلزم الکبریا و خاض نفوس الاصفیاء و التقطوا لآلی نوراء و نثروا فی ذیل الاذکیاء فهلل الاولیاء سبوح قدوس رب هذه الایادی البیضاء

لاحت لوائح العطاء و فاحت فوائح الندی و هبت لواقح الصبا و ارتفعت سحائب الجود فوق الغبراء و حی الحیا تلک الحزون و الربی و تزینت الحدائق الغلباء و اخضرت الریاض الغناء فغردت حمائم الذکری فی الجنة العلیا تبارک الله رب الآخرة و الاولی

قد نفخ فی الصور النفخة الاولی و انصعق من فی الأرض و السموات العلی فتبعتها نفخة أخری نفخة الحیا و قامت الاموات من مراقد الفناء و امتد الصراط السوی بین الوری و نصب المیزان الأوفی و أزلفت الجنة المأوی و تسعرت نار اللظی فضجت النفوس بالنداء

قد قامت القیامة الکبری و ظهرت الطامة العظمی و حشر من فی الانشاء و جاء ربک و الملک صفا صفا فنطق ألسن أهل الولاء و قالت لبیک اللهم لبیک یا ربنا الأعلی الحی القیوم فی ملکوت الأبهی نحمدک و نشکرک فی جنة اللقاء علی هذه الموهبة و العطاء و الموائد التی لا تحصی و معاملتک الحسنی و مشاهدة جمالک الطالع اللامع بالافق الأعلی یا قیوم الأرض و السماء.

و البهاء الساطع اللائح من الفیض الرحمانی و التجلی الالهی. یفیض علی الکلمة الجامعة العلیا و الحقیقة اللامعة النوراء و الکینونة الباهرة الاولی و الذاتیة الکاملة المثلی المؤیدة بشدید القوی عند سدرة ‌المنتهی و المسجد الاقصی الذی بارک الله حوله المبشرة بطلوع شمس الضحی و بدر الدجی شارق البهاء الشجرة المبارکة الثابتة الاصل و فرعها فی السماء و علی فروعها و أصولها و أفنانها و أوراقها و أزهارها و أثمارها فی جمیع المراتب و الشؤون من ظاهرها و باطنها دائما أبدا سرمدا ببقاء الله الملک الأعلی

یا ایها السائل المتدندن حول الحمی المتساقط فی وهدة الحیرة فی أمر ربک الأبهی الی متی تستغرق نوما فی مضاجع الحسرة و الهوی و مراقد الشبهات و الامتراء فانتبه و اخرق الحجبات و مزق السبحات بقوة القوی و انظر ببصر ما زاغ فیما شاهد و رأی من آیات ربک الکبری.

ثمّ اعلم بانّ وفد فی فناء ساحة الکبرياء، معهد اللقاء رجال فازوا بلقاء ربّهم الأبهی و شملتهم العناية و اشرق عليهم أنوار الوجه و فاض عليهم غمام الجود ماء مبارکاً من العطاء و طهّر أفئدتهم عن شائبة المرية و الغوی و أدرکتهم لحظات أعين الرحمانيّة حتّی فازوا بمقام المکاشفة و الشهود و ذلک فضل يختصّ به من يشاء و نادوا ربّهم بصوتهم الاخفی.

ربّ اکشف الغطاء عن أبصار ذوی القربی و اهدهم سبل الرشاد انّهم عبادک الضعفاء، الاذلّاء الفقراء عاملهم برحمتک الکبری و اشف سمعهم و أبصارهم و ارفع الغشاوة عن قلوبهم فی ایامک و أوردهم علی شریعة هدایتک و منهل عنایتک فانهم هلکی من شدة الظمأ.

أی ربّ انّهم وقعوا فی البلاد الاقصی و جمالک الاعظم فی معاهد الانبیاء البقعة البیضاء و لا یفقهون معنی الکتاب و ما تمرنوا فی فهم فصل الخطاب بین الارّقاء و وقعوا فی تیه الحیرة صرعی من وساوس أهل الشقاء و أراجیف أولی الوهم و الهوی الذین نقضوا میثاقک و غفلوا عن اشراقک و ترکوا العروة الوثقی و تبرّؤا من مظهر نفسک العلی الأعلی علی المنابر فی محضر الجهلاء و تفوّهوا بما تزلزل به أرکان الوجود و سالت العبرات و اشتدت الزفرات فی قلوب أهل التقی.

أی ربّ لو لا فیضک الشامل الاوفی و فضلک الکامل علی ذوی النهی انّی للضعفاء ولو کانوا من أولی الحجی مع الاجنحة المنکسرة العروج الی الذروة الاسمی و الصعود الی الرفرف الأعلی و تختصّ برحمتک من تشآء و تهدی من تشاء و تضل من تشاء و ما يشاؤن الّا ان تشاء انّک أنت المؤيّد الموفّق المحيی المميت.

ثم حضروا هؤلاء عند عبد آواه الله فی جوار رحمته الکبری و أفاض علیه سحائب عنایته العظمی و التمسوا منه ان يتصدّی بطلب بیان معانی سورة الفاتحة الناطقة باسرار الملک الأعلی لیکون ذلک التفسیر و التأویل من معالم التنزیل عبرة للّذين یریدون البصیرة و الهدی فصدر الامر من مطلع ارادة ربک لهذا العبد البائس العاجز المنکسر الجناح ان احرّر ما یجریه علی قلمی بنفثات روح تأییده و انفاس قوة توفیقه لیکون ذلک عبرة لاولی النهی و یثبت ان الصعوة بفضل من الله. تستنسر فی ايّام اللّه

بسم الله الرحمن الرحیم

اعلم انّ البسملة عنوانها الباء و انّ الباء التدوینی هی الحقیقة المجملة الجامعة الشاملة للمعانی الالهيّة و الحقائق الربّانيّة و الدقائق الصمدانيّة و الاسرار الکونيّة. و هی فی مبدء البیان و جوهر التبیان عنوان الکتاب المجید و فاتحة منشور التجرید بظهور لا اله الا الله کلمة التوحید و آیة التفرید و التقدیس من حیث الاجمال و التفصیل

و ان الباء التکوینی هی الکلمة العلیا و الفیض الجامع اللامع الشامل المجمل الحائز للمعانی و العوالم الالهیة و الحقائق الجامعة الکونیة بالوجه الأعلی لان التدوین طبق التکوین و عنوانه و ظهوره و مثاله و مجلاه و تجلیه و شعاعه عند تطبیق المراتب الکونیة بالعالم الأعلی

فانظر فی منشور هذا الکون الالهیتلقاه لوحاً محفوظاً و کتاباً مسطوراً و سفراً جامعاً و انجيلاً ناطقاً و قرآناً فارقاً و بیانا“ واضحاً. بل أمّ الکتاب الّذی منه انتشر کلّ الصحائف و الزبر و الالواح

و انّ الموجودات و الممکنات و الحقائق و الاعیان کلّها حروف و کلمات و أرقام و اشارات تنطق بافصح لسان و ابدع بیان بمحامد موجدها و نعوت منشئها و تسبیح بارئها و تقدیس صانعها. بل کل واحدة منها قصیدة فریدة غراء و خریدة بدیعة نوراء ”قل لو کان البحر مداداً لکلمات ربی لنفد البحر قبل أن تنفد کلمات ربّی ولو جئنا بمثله مددا“ و لا یحیطون بشیء من علمه

و هذا الرق المنشور و حقیقة الزبور المحتوی علی کلمات الوجود منظوما و منثور. تلاه علینا الربّ الغفور تلاوة آیات الکینونة بسرّ البینونة اجمالاً و تفصیلا من حیث الایجاد من الغیب الی الشهود. و لا زالت هذه الکلمات صادرة و الآیات نازلة و البيّنات واضحة و المعانی ظاهرة و الحقائق بارزة و الاسرار کاشفة و الرموز سافرة و الالسن ناطقة. سرمداً أبداً فی هذه النشأة الکبری و مجالی القدرة العظمی، فسبحان ربّی الأعلی طوبی لاذن واعیة و أسماع صاغیة و أفئدة صافیة و ادراکات کافیة تنتبه لاستماع هذه الآیات الجلیلة و ادراک المعانی الکلّيّه الالهيّة.

و لنرجع الی بیان الباء و نقول انّها متضمنّة معنی الالف المطلقة الالهيّة بشؤونها و أطوارها اللینیة و القائمة و الالهيّة و المبسوطة و نحوها فی البسملة الّتی هی عنوان کتاب القدم بالطرازالأوّل، المشتملة علی جمیع المعانی الالهيّة و الحقائق الربّانيّة و الاسرار الکونيّة المبتدء فیها بالحرف الأوّل من الاسم الاعظم. بالوجه الاتمّ الاقوم کما قال امام الهدی جعفر بن محمّد الصادق علیه السلام فی تفسیر البسملة ”الباء بهاء الله“

و القوم انّما اعتبروا الحذف و التقدیر للالف بین الباء و السین جهلاً و سفهاً. حیث لم ینتبهوا لمعرفة الآیات الباهرة و البيّنات الظاهرة و الجامعیة الکاملة الشاملة الزاهرة السافرة فی هذا الحرف المجید السرّ الفريد. لانّها متضمنّة بالوجه الأعلی جمیع المعانی الکلّية المندمجة المندرجة فی هویة الحروفات العالیات و الکلمات التامّات.

أما تری انّ الالف ظهرت فی (سبح اسم ربّک الأعلی) و ( اقرأ باسم ربّک) و (باسم اللّه مجريها و مرسيها). لا سيّما انها أی الباء الف مطلقة الهیة فی غیبها و ألف مبسوطة فی شهادتها و عینها فاجتمعت الشهادة و الغیب و العلم و العین و الباطن و الظاهر و الحقیقة و الشؤون فی هذا الحرف الساطع البارع الصادع العظیم.

و انّ سائر الحروف و الکلمات شؤونها و أطوارها و آثارها و أسرارها. فانّها مبدء الوجود. و مصدر الشهود فی عالمی التکوین و التدوین و انّها عنوان الکتب الالهيّة و الصحف الربّانيّة والزبر الصمدانيّة. فی البسملة التی هی فاتحة الالواح و الاسفار و الصحائف و القرآن العظیم. و هذه الکتب باجمعها واتمّها و أکملها و جمیع معانیها الالهیة المندرجة المندمجة فی حقیقة کلماتها ساریة جاریة فی هويّة هذا الحرف الکریم و العنوان المجید کما هو مسلم عند أولی العلم

و مروی عن علی علیه السلام انّ کلّ ما فی التوراة و الانجیل و الزبور فی القرآن و کل ما فی القرآن فی الفاتحة و کل ما فی الفاتحة فی البسملة و کلّ ما فی البسملة فی الباء و کلّ ما فی الباء فی النقطة. و المراد من النقطة الالف اللینیة التی هی باطن الباء و عینها فی غیبها و تعينّها و تشخصها و تمیزها فی شهادتها.

و قد صرح به من شاع و ذاع فی الآفاق علمه و فضله السّيّد الأجلّ الرشتی فی دیباجة کتابه و فصل خطابه شرحا علی القصیدة اللاميّة. فقال ”الحمد لله الّذی طرّز دیباج الکینونة بسر البینونة بطراز النقطة البارز عنها الهاء بالالف بلا اشباع و لا انشقاق فهذه النقطة هی الالف اللینیة الّتی هی غیب الباء و طرازها و عینها و جمالها و حقیقتها وسرّها و کینونتها کما بیناه آنفا“

و هذه العبارة الجامعة اللامعة الواضحة الصریحة ما أبدعها و أفصحها و أبلغها و أنطقها. لله در قائلها و ناطقها و منشئها الّذی اطّلع باسرار القدم و کشف الله الغطاء عن بصره و بصیرته و أیده شدید القوی فی ادراکه و استنباطه و جعل الله قلبه مهبط الهامه و مشرق أنواره و مطلع أسراره و معدن لآلی حکمه. حتی صرّح بالاسم الاعظم و السرّ المنمنم و الرمز المکرّم و مفتاح کنوز الحکم. بصریح عبارته و بدیه اشارته و وضوح کلامه و رموز خطابه.

فانّک اذا جمعت النقطة الّتی هی عین الباء و غیبها و الهاء و الالف بلا اشباع و لا انشقاق استنطق منهنّ الاسم الاعظم الاعظم و الرسم المشرق اللائح فی أعلی أفق العالم، الجامع لجوامع الکلم، المشتهر الیوم بین الأمم

ثمّ انظر الی المتلبسین بالعلم المنتسبین الی ذلک المنادی فی أعلی النادی. کم من لیال تلوا هذه الخطبة الغرّاء . و کم من ایام رتلّوا هذه الدیباجة النوراء و لم یلتفتوا الی هذه الصراحة الکبری و هذه البشارة العظمی و الحال انّ هذه العبارة صریحة اللفظ واضحة المعنی، معلومة منطوقة من معالم التنزیل، و لا تحتاج الی تفسیر و تأویل و ایضاح و تفصیل. لیثبت انهم مصداق الآیة المبارکة ”انک لا تهدی العمی عن ضلالتهم“ و ”لا تسمع الصم الدعاء انک لا تهدی من أحببت و لکن الله یهدی من یشاء“

و هذا الراسخ فی العلم الشهیر الشریف. قد بيّن فی جمیع المواضع من شرحه المنیف بعبارات شتّی و اشارات غیر معمّی و بشارات أظهر من الصبح اذا بدا. سرّ هذا الظهور. الناطق فی شجرة الطور و السر المکنون و الرمز المصون و القوم یدرسون و یدرسون و لا یفهمون و لایفقهون بل فی طغیانهم یعمهون ذرهم فی خوضهم یلعبون

و لو لا یطول بنا الحدیث و نخرج عن صدد ما نحن به حثیث لبينّت بیانه و شرحت عباراته و أتیت بصریحه و کنایاته و لکن فلنضرب صفحا الآن عن هذا البیان و نتركه لزمان قدّره العزيز المنّان.

و نعود الی ما کنّا فیه من انّ القرآن عبارة عن کلّ الصحف و الالواح و الفاتحة جامعة القرآن. و البسملة مجملة الفاتحة و الباء هی الحقیقة الجامعة للکلّ بالکلّ فی الکلّ. و انّ الحمد فاتحة القرآن و البسملة فاتحة الفاتحة و انّ الباء فاتحة فاتحة الفاتحة.

و انّها لعنوان البسملة فی الصحف الاولی صحف ابراهیم و موسی و الاناجیل الاربعة الفصحی و القرآن الّذی علمه شدید القوی و البیان النازل من الملکوت الأعلی و صحائف آیات ربّک الّتی انتشرت فی مشارق الأرض و مغاربها و لمّا نزلت سورة البراءة فی الفرقان. مجرّدة عن البسملة فابتدء فیها بالباء دون غیرها من الحروف لجامعیتها و کاملیتها و عظیم برهانها و کثرة معانیها و قوة مبانیها.

و انّها أی الباء أوّل حرف نطقت به ألسن الموحدین و انشقّت به شفة المخلصین فی کور الظهور و الاختراع. بل أوّل حرف خرج من فم الموجودات و فاهت به أفواه الممکنات فی مبدأ التکوین و الابداع عند ما خاطب الحقّ سبحانه و تعالی خلقه فی ذرّ البقاء و نادی ألست بربّکم قالوا بلی. فابتدؤا بهذا الحرف الشفوی التامّ دون غیره من سائر الاحرف و بهذا ثبت له خصوصيّة لیس علیها کلام و فی الباء الواقعة المتصلة بخبر لیس فی الخطاب اشارة لطیفة بدیعة یعرفها العارف الخبیر و الناقد البصیر فافهم.

و بالجملة انّ الباء حرف لاهوتی جامع لمعانی جمیع الحروف و الکلمات و شامل لکلّ الحقائق و الاشارات و مقامه مقام جمع الجمع فی عالم التدوین و التکوین و الادلة واضحة و البراهین قاطعة و الحجج بالغة فی ذلک.

و انّها سبقت الاحرف الملکوتيّة و الارقام الجبروتيّة فی جمیع الشؤون و المراتب و المقامات و التعينّات الخاصّة بالحروفات العالیات. فهو فی أعلی مقامات الوحدة و الاجمال فی الحقیقة الأولی علی الوجه الأعلی.

و قد قال العالم البصیر ما رأیت شیأ الّا و رأیت الباء مکتوبة علیه. فالباء المصاحبة للموجودات من حضرة الحقّ فی مقام الجمع و الوجود أی ”بی قام کل شیء و ظهر.“

و قال محیی الدین بالباء ظهر الوجود و بالنقطة تميّز العابد من المعبود و النقطة للتمییز و هو وجود العبد بما تقتضیه حقیقة العبودیة انتهی

و النقطة فی هذا المقام آیة الباء و رایتها و من علائمها و معالمها و تعيّن من تعيّناتها و بها تمییزها و تعریفها و تشخیصها.

یا ايّها السائل المبتهل اذا اطّلعت علی بعض المعانی و الحقائق و العلوم من المنقول و المعقول، المودوع فی هذا الحرف الکریم القدیم الساطع الجامع المبین الّذی هو عنوان الاسم الاعظم العظیم قل فتبارک الله أحسن الناطقین و تعالی الله خیر المقدّرين و نعم المنشئین.

”و قال السید السند فی شرح القصیدة و قد قال سبحانه و تعالی ”الله نور السموات و الأرض“ فاطلق النور علی الاسم الّذی هو العلّة لانّ الظاهر بالالوهیة هو الاسم الاعظم الاعظم“ الی ان قال لقول مولانا و سيّدنا أبو عبد الله جعفربن محمد الصادق علیهما آلاف التحیة و الثناء من الملک الخالق فی تفسیر البسملة ”انّ الباء بهاء اللّه“.

يا أيّهاالسائل فاکرع خمر المعانی من هذه الکأس التی ملئت من فیض عناية الباری و تمعّن فی هذا التصریح الّذی قدّسه اللّه عن التفسير و التأويل حتّی تعرف أسرار الله المودعة فی هذا الحرف المجید و الرکن الشدید.

فثبت بالبرهان الواضح المبین و الدلیل اللائح العظیم انّ الاسم الاعظم و الطلسم الاکرم و السرّ الاقدم هو عنوان جمیع الکتب السماویة و الصحف و الالواح النازلة الالهيّة و مبتدء به فی اللوح المحفوظ و الرقّ المنشور و مستعان به فی أمّ الکتاب الّذی انتشر منه التوراة و الانجیل و الفرقان و الزبور. بل کان ملجأ منیعا للانبیاء و کهفا رفیعا و ملاذا آمنا للاصفیاء فی کلّ کور و دور من الاکوار و الادوار.

و ایضا قال فی شرح القصیدة و هو باء بسم الله الرحمن الرحیم الّتی ظهرت الموجودات فیها و هی الالف المبسوطة و شجرة طوبی و اللوح الأعلی.

فاذا اطّلعت بهذه الاسرار و أشرق علیک الانوار و هتکت الاستار و خرقت الحجبات المانعة عن مشاهدة العزیز الجبّار و شربت الرحیق فی الکأس الانیق من ید الرحمن فی ریاض العرفان و لاحظتک عین العنایة بجود و احسان و عرفت حقائق المعانی و الرموز و الاسرار الفائضة من حرف الاسم الاعظم فی عالم الانوار قل تعالی من هذا السرّ العجیب و تبارک الله من هذا الکنز الغریب و القدرة و القوّة و العزّة و الکبریاء للناطق بالحقّ و الهدی من هذا الحرف الّذی جمع الحقائق و المعانی کلّها و دقائق الکلمات باسرها حتّی الزبر و الصحف الأولی و ألواح ملکوت ربک الأبهی

و هذا بیان فی منتهی الاجمال و تبیان فی غایة الاختصار فی معانی هذا الحرف الکریم من النبأ العظیم فإنْ أطلق زمام جواد المداد فی مضمار المعانی الکلّيّة و الحقائق الجلیلة الّتی تتموّج کالبحار و تتلاطم کالمحیط الزخّار فی حقیقة سرّ الاسرار، الساری فی بواطن هذا الحرف المبین و النور القدیم لضاقت صفحات الآفاق و تتابع هذا الاشراق. مستمرا فی مطالع الاوراق.

و لکن أین المجال فی مثل هذه الاحوال و انّی لهذا الطیر المنکسر الجناح الطیران فی أوج العرفان بعد ما حجبت الابصار عن مشاهده الانوار و صمت الآذان عن استماع نداء الرحمن و القوم فی حجاب عظیم و ضلالهم القدیم. لعلّ الله بید القدرة العظمی يشقّ الحجبات الظلماء عن أعین الرمداء و البصائر المبتلیة بالعمی. عند ذلک تسمع نغمات عندلیب الوفاء علی أفنان دوحة الذکری.

و أمّا الآن نمسک العنان فی میدان التبیان و نبتدئ ببیان معنی الاسم و نقول انّ الاسماء الالهيّة مشتقّة من الصفات الّتی هی کمالات لحقیقة الذات و هی أی الاسماء فی مقام أحدیة الذات لیس لها ظهور و تعین و لا سمة و لا اشارة و لا دلالة بل هی شئون للذات بنحو البساطة و الوحدة الاصلیة ثمّ فی مقام الواحديّة لها ظهور و تعيّن و تحقّق و ثبوت و وجود فائض منبعث من الحقیقة الرحمانيّة علی الحقائق الروحانيّة و الکينونات الملکوتيّة فی حضرة الاعیان الثابتة. فمن ثمّ انّ الذات من حیث الربوبیة لها تجلیات و اشراقات علی الحقائق الکونیة و الموجودات الامکانيّة. یستغرق بها تلک الحقائق فی مقتضیاتها و آثارها و شئونها و کمالاتها و أسرارها فی الحقیقة الاولی بالوجه الأعلی

فبذلک الاعتبار أی أحدیة الذات الاسم عین المسمّی و حقیقته و هويّته و لیس له وجود زائد ممتاز عن الذات فانّ الوجود امّا عین الماهيّة أو غيرها. فاذا کان غیرها هل هو ملازم لها و من مقتضاها من غیر تعطیل و أنفکاک أو جاز التعطیل و الانفکاک فالأول حقیقة الذات من حیث أحدیته وجوده عین ماهيّته و ماهیته عین وجوده و الثانی مقام الوجوب فالوجود ممتاز عن الماهيّة و ملازم لها بوجه لا يتصوّر الانفکاک و لا يتخطّر الانفصال لانّه من مقتضاها و الثالث مقام الامکان أی الوجود المستفاد من الغیر المکتسب عمن سواه. فوجوده غیر ماهيّته و ماهيّته غیر وجوده مع جواز الانفکاک و الانفصال.

و مثله فی المضیئات. فانظر فی جرم القمر حال کونه ساطعاً منيراً لامعاً. انّما اکتسب و استفاد النور من الشمس و غیر ملازم له و یجوز انفکاکه منه و هذا مقام الوجود الامکانی و شأنه الحدوث فی عالم الکیان. لانّ الماهيّة غیر الوجود و الوجود غیر الماهيّة و یجوز الانفکاک بینهما.

و أمّا الشمس مع وجود الجرم و الضیاء أی الماهيّة و الوجود بالاستقلال و الامتیاز بینهما الالتزام و الاقتضاء أی الضیاء ملازم لجسمها و جسمها مقتضی له بوجه لا انفکاک و لا انفصال و لا انقطاع. لانّها شمس بوجوب الضیاء و اذ وقع أدنی توهّم التعطیل سقطت عن الوجوب الذاتی و الضیاء الاستقلالی و ثبت الاستفادة و الاستفاضة من الغیر و هذا شأن الامکان لیس شأن الوجوب.

و امّا حقیقة النور بذاته فی ذاته فشعاعه عین جسمه و جسمه عین شعاعه أی ماهيّته عین وجوده و وجوده عین ماهيّته لا تتصوّر الکثرة و الامتیاز وو لا تتوهّم الغيريّة و الاختلاف. و هذا مقام الوجود البحت و واحديّة الذات مع بساطة و وحدة الاسماء و الصفات.

فاذا کان الوجود المفهوم المحاط الواقع تحت التصوّر و الادراک من حیث حقیقته المجرّدة عن النسب و الاضافات هويّة مقدّسة عن الکثرات فی أحديّة الذات فما ظنّک بالحقيقة البسيطة الکلّيّة الّتی هی محیطة بالحقائق و الادراکات و منزّهة عن الاوهام و الاشارات بل عن کلّ وصف و نعت من جوهر الأحدیة و ساذج الواحدیة لانها حقیقة صمدانیة مجردة عن کل سمة و اشارة و دلالة فهل يتصوّر فيها التکثّر و التعدّد و الامتیاز من حیث کمالات الذات و وجه تعلّقه بالصفات و جامعیة للاسماء الالهيّة و الربوبيّة المقتضیة لوجود الممکنات. أستغفر الله عن ذلک تبارک اسم ربک ذو الجلال و الاکرام.

فبهذا الدلیل و البرهان و المکاشفة و العیان ثبت انّ الاسم فی الحقیقة الاولی عین المسمّی و کنهه و هويّته و ذاته و حقیقته لان الاسماء و الصفات فی الحقیقة تعبیرات کماليّة و عنوانات حقیقة واحدة. کان الله و لم یکن معه شیء و هذا بیان شاف کاف ظاهر باهر لا رموز و لا غموض یزیل کلّ حجاب و یکشف کل نقاب عن وجه الحقیقة عند من بلغ مقام المکاشفة و الشهود بتأیید من الربّ الودود.

و المقصود من الاسماء معانیها المقدّسة و حقائقها المنزّهة عن کلّ دلالة و اشارة. فان الاسماء المنطوقة الملفوظة باعانة الهواء فی عالم الشهادة لا شکّ انّها غیرالمسمّی لانّها اعراض تعتری الهواء و اشارات للمعانی الموجودة المعقولة فی الافئدة المقدّسة و العقول المجرّدة بل المراد المعنی القائم بالذات بوجه البساطة و الوحدة دون شائبة الامتیاز.

فلنختصر فی بیان الاسم و نذکر معانی الاسم الجلیل و الذکر الحکیم و العنوان الالهی فی لسان القاصی و الدانی. أی اسم الجلالة المتصرّف فی عالم الغیب و الشهادة نقول انّ المفسرّين و المأوّلين من أهل الظاهر و الباطن و اللب و القشور بمثل ما تحیرت عقولهم و ذهل شعورهم فی ادراک کنه ذات الأحدیة و حقیقة صفاته الکمالیة قد تکثرت بیاناتهم و تعددت تعریفاتهم و اختلفت معانیهم و احتارت عقولهم و عجزت نفوسهم فی بیان حقیقة مفهوم هذا الاسم الکریم و العلم العظیم و اشتقاقه.

قوم ذهبوا انّ اللام للتعریف و الاله اسم مصدر بمعنی المألوه کالکتاب بمعنی المکتوب و قالوا معناه المعبود بالاستحقاق و المنعوت بکلّ کمال جامع عند ملأ الآفاق و قوم اعتقدوا انّ معناه و فحواه المحتار فی ادراک کنهه کلّ العقول و النفوس علی الاطلاق و أمثال ذلک کما هو المذکور فی الکتب و الاوراق.

و أصحّ الاقوال عند المحقّقين منهم انّه علم للذات المستجمع لجمیع الصفات الکماليّة الفائض بالوجود و الشئون الالهيّة علی الموجودات الکونيّة و اختصروا علی ذلک و نحن لسنا بصدد ذلک و لا نسلک فی أضیق المسالک بل نقول انّ هذه الکلمة الجامعة و الحقیقة الکاملة من حیث دلالتها علی کنه الذات البحت البات لا يتصوّر عنها الاشارة و لا تدخل فی العبارة.

أمّا من حیث ظهور الحقّ سبحانه و تعالی بمظهر نفسه و استقراره و استوائه علی العرش الرحمانی. هذه الکلمة الجامعة بجمیع معانیها و مبانیها و اشاراتها و بشاراتها و شئونها و حقائقها و آثارها و أنوارها و باطنها و ظاهرها و غیبها و شهودها و سرها و علانیتها و أطوارها و أسرارها ظاهرة باهرة ساطعة لامعة فی الحقیقة الکلّيّة الفردانيّة و السدرة اللاهوتيّة و الکینونة الربّانيّة و الذاتيّة السبحانيّة، الهويّة المطلقة المجلّيّة بصفتها الرحمانيّة و شئونها الصمدانيّة الناطقة فی غیب الامکان قطب الاکوان، المشرقة فی سیناء الظهور طور النور فاران الرحمن المتکلّمة فی سدرة الانسان.

انّی أنا الله الظاهر الباهر المتجلّی علی آفاق الامکان بحجّة و برهان و قدرة و قوّة أحاطت ملکوت الاکوان خضعت الاعناق لآیاتی و خشعت الاصوات لسلطانی و شاخصت الابصار من أنواری و ملئت الآفاق من أسراری و قامت الاموات بنفحاتی و استیقظت الرقود من نسماتی و حارت العقول فیتجلّياتی و اهتزّت النفوس من فوحاتی و قرّت العیون بکشف جمالی وتنورّت القلوب بظهور آثاری و انشرحت الصدور فی جنّة لقائی و فردوس عطائی.

فآه آه یا ايّها السائل الناظر الی الحقّ بعين الخلق، المستوضح الدلیل من ابناء السبیل لو استمعت باذن الخلیل لسمعت الصریخ و العویل و الانین و الحنین من حقائق الموجودات و الالسنة الملکوتيّة من الممکنات بما غفل العباد و ضلّوا عن الرشاد فی یوم المیعاد عن الصراط الممتدّ بین ملکوت الأرض و السموات. مع انّ کلّ الأمم مبشّرة و موعودة فی صحائف الله و کتبه و صحفه و زبره بصریح العبارة، المستغنیة عن الاشارة، بهذا الظهور الاعظم و النور الاقدم و الصراط الاقوم و الجمال المکرّم و النيّر الافخم.

فاذا راجعت تلک الصحائف و الرّقاع تجدها ناطقة بانّ هذا القطر العظیم و الاقلیم الکریم منعوت بلسان الانبیاء و المرسلین، موصوف و موسوم بانّه أرض مقدّسة و خطّة طيّبة طاهرة و انّها مشرق ظهور االرّبّ بمجده العظيم و سلطانه القويم و انّها مطلع آیاته و مرکز رایاته و مواقع تجلّياته و سیظهر فیها بجنود حیاته و کتائب أسراره و انّها البقعة البیضاء و انّ فیها الجرعاء بوادی طوی و فیها طور سیناء و مواضع تجلی ربک الأعلی. علی أولی العزم من الانبیاء.

و فیها الوادی الایمن البقعة المبارکة و الوادی المقدّس و فیها سمع موسی بن عمران نداء الرحمن من الشجرة المبارکة الّتی أصلها ثابت و فرعها فی السماء. و فیها نادی یحیی بن زکريّا يا قوم توبوا قد اقترب ملکوت اللّه. و فیها انتشرت نفحات روح الله و رفع منه النداء. ربّی ربّی الهی الهی ايّدنی بروحک علی أمرک الّذی تزلزل منه أرکان الأرض و قواة السماء.

و فیها المسجد الاقصی. الّذی بارک الله حوله و الیها أسری بالجمال المحمّدی فی لیلة الاسراء. لیری من آیات ربّه الکبری و وروده علیها هو العروج الی الملکوت الأعلی و الافق الأبهی. فتشرّف بلقاء ربّه و سمع النداء و اطّلع باسرار الکلمة العلیا و بلغ سدرة المنتهی و دنی فتدلّی فکان قاب قوسین أو أدنی و دخل الجنة المأوی و الفردوس الأعلی و أراه الله ملکوت الأرض و السماء.

کلّ ذلک بوفوده علیربّه فی هذه البقعة المبارکة النوراء و هذه الحظیرة المقدّسة البیضاء و هذا کلّه صریح الآیة من غیر تفسیر و تأویل و اشارة لا ینکره الّا کلّ معاند جحود جهول و الّا کلّ من انکر صحف الله و زبره و نعوذ بالله من کلّ لجوج و عنود.

و اذا عاند معاند و قال تلک الاوصاف و النعوت و المحامد الّتی شاعت و ذاعت فی صحائف الملکوت انّما حازها هذا الاقلیم الکریم و القطر العظیم حیث کان منشأ الانبیاء و موطن الاصفیاء و ملجأ الاتقیاء و ملاذ الاولیاء فی زمن الأولین. فالجواب القاطع و البرهان الساطع انّ الله شرّف و بارک و قدّس هذه البقعة النوراء بتجلّياته و ظهور آیاته و نشر رایاته و بعث رسله و انزال کتبه. و مانبيّ و لا رسول الّا و هو بعث منها. أو هاجر الیها. أو تشرف بطوافها أو کان معراجه فیها.

فالخلیل اوی الی کهف الربّ الجلیل فیها. و موسی بن عمران سمع نداء الربّ المنّان من الشجرة المبارکة المرتفعة فی طور سیناء فیها. و الی الآن لم یلتفتوا الناس ما معنی هذه الواقعة العظیمة المذکورة فی کلّ الصحف و الزبر و ما هذه الشجرة المبارکة زیتونة لا شرقيّة و لا غربيّة یکاد زیتها یضیء و لو لم تمسسه نار نور علی نور.

فالشجرة هذه الحقیقة الظاهرة الباهرة الیوم. الناطق من فی نارها (بورک من فی النار). فموسی ابن عمران کان یسمع هذا النداء منها و ذلک الاستماع و الاصغاء مستمر الی الآن. لانّ حدود الزمان لیس لها حکم فی عالم الرحمن و مقامات الالوهيّة و الربوبيّة المقدّسة عن الوقت و الأوان. جمیع الازمنة فیها زمن واحد و الاوقات وقت واحد و فیها یتعانق الماضی و الحال و الاستقبال لأنه عالم أبد سرمد دهر لیس له أول و لا آخر

فلذرجع الی بیان ما کنّا فيه و نقول و انّ المسیح نادی ربّه لبيّک اللّهمّ لبيّک فی جبالها و سهولها و انتشرت روائح قدسه فیها و الحبیب اسری به الیها و تشرّف بلقاء ربّه و رأی آیاته العظمی فی مشارقها و مغاربها بوفوده علیها و قس علی ذلک سائر الانبیاء و المرسلین.

الی ان ظهر هذا الامر المبین الکریم و النبأ العظیمو السرّ القدیم و دار فی الاقطار الشاسعة و الاقالیم الواسعة الی ان تلألأ هذا الاشراق فی هذه الآفاق واستقرّ العرش الاعظم فی هذا القطر المکرّم. فلو کان شرفها و عزّها و سموّها و تقدیسها وتنزیهها لبعث الانبیاء فیها و هجرتهم الیها و وفودهم علیها لما خوطب موسی بن عمران ”فاخلع نعلیک انّک بالوادی المقدس طوی“ لو کانت البقعة المبارکة شرفها بقدومه لما امر بخلع نعله بخضوع و خشوع الّذی من لوازم آداب الوفود علی ملک کریم و سلطان عظیم و قال ”بورک من فی النار“ و بهذه کفایة لمن ألقی السمع و هو شهید و الا ولو یأتیهم بکلّ آیة لن یؤمنوا بها و”ما تغنی الآیات و النذر“ صدق الله العظیم.

و فی کتاب محیی الدین انّ هذه الأرض المقدّسة أرض میعاد أی تقوم فیها القیامة الکبری و هی البقعة البیضاء. و انّ الملحمة الکبری بمرج عکّا و تصبح أرضها کلّ شبر منها بدینار و فی جفر ابن مجله انّ مرج عکا مأدبة الله و اذا أردنا بیان الاحادیث و الاخبار و الروایات الواردة فی مناقب هذه الأرض المقدسة لیطول بنا الکلام و نقع فی الملام. فاختصرنا بما هو صریح القرآن و اشرنا مجملا لما هو فی الصحف الاولی و السلام علی من اتّبع الهدی

و لنعد الی معنی البسملة و نقول فی بیان الرحمن و الرحیم. اعلم انّ الرحمة عبارة عن الفیض الالهی الشامل لجمیع الموجودات ”و سعت رحمته کل شیء“ و انها مصدر لجمیع الممکنات من جمیع الشؤون و الاطوار و الظواهر و الاسرار و الحقيقة و الوجود و الآثار و التعيّنات و القابليّات و التشخصّات من الغیب و الشهادة فی عالم الانوار.

و انّها تنقسم قسمین بالرحمة الذاتيّة الالهيّة و هی عبارة عن افاضة الوجود بالفیض الاقدس الأعلی فی جمیع المراتب و المقامات الّتی لا نهایة لها للحقائق و الاعیان الثابتة فی حضرة العلم الذاتی الأعلی. و بالرحمة الصفاتيّة الفائضة من الحضرة الرحمانيّة بالفيض المقدّس الأوّل بحسب الاستعداد و القابلیات المستفیضة من التجلّيات الظاهرة الباهرة فی أعیان الموجودات.

و کلّ واحدة منهما تنحلّ الی رحمة عامّة . الّتی تساوت فیها الحقائق الموجودة من حیث الوجود العلمی و العینی. و رحمة خاصّة ظهر برهانها و انکشفت أسرارها و اشتهرت آیاتها و خفقت رایاتها و تلألأت أنوارها و تموّجت بحارها و طلعت شموسها و اکفهرّت نجومها و رقّ نسیمها و فاح شمیمها و أضاء أفق مبینها فی الحقائق النورانيّة الّتی استضائت و استفاضت و استنارت من الاشعة الساطعة من شمس الحقیقة فی جمیع الشئون و الاطوار و الاحوال و الآثار.

و بمثل هذا فانظر فی عالم التشریع و الظهور و الاشراق. تری انّ الفیض الاقدس الخاصّ الّذی به وجود الهياکل القدسيّة و الکینونات المنزّهة اللطيفة الروحانيّة هو افاضة الهدایة الکبری و ایقاد نارالمحبّة الالهيّة الموقدة فی القلوب الصافیة المشتعلة من النفس الرحمانی و المدد السبحانی و الفیض الالهی و الجود الصمدانی و تجد انّ الفيض المقدّس الربّانی هو افاضة الکمالات و الفیض الوجدانی و الصفات و الملکات و العطاء الروحانی و الخصائل و الفضائل الّتی بها حياة العالم و نورانيّة سائر الأمم

فهاتان الرحمتان الذاتیتان أی الخاصة و العامة الصادرتان من الفیض الاقدس الالهی الذاتی، مذکورتان فی البسملة الّتی فاتحة الایجاد و افاضة الوجود للموجودات المجرّدة و المادّية و أما الرحمتان الصفاتیتان الخاصّة و العامّة الصادرتان من الفیض المقدّس الصفاتی فهما مذکورتان فی الفاتحة الّتی هی بیان المحامد و النعوت الالهيّة. و بهذه کفایة لمن أراد ان يطّلع باسرار البسملة و الّا ليس لمعانیها بدایة و نهایة و الروح و البهاء علی أهل الهدایة و السلام


منابع
محتویات