۸

هو الله

یا من جاهد فی الله و اهتدی الی نور الهدی. اعلم ان شمس الحقیقة دلیل علی ذاتها بذاتها. و برهانها نورها و شعاعها و حجتها حرارتها و اشراقها لا تحتاج الی دلیل یدل علیها انما یحتاج الی الدلیل و قرائن السبیل الاعمی لیستدل بذلک علی المدلول. و یستهدی الی العلة من المعلول و هذا شأن الذین فی حجاب عن النظر الی الجمال المعلوم. و انک أنت نزه نفسک عن هذه الدلائل و الآثار و الاقوال. ثم انظر الی شمس الحقیقة ببصیرتک الخارقة للاستار الکاشفة للانوار.

و هذا أمر یغنیک و یوصلک الی مبتغاک و ما عدا هذا لا یروی الظمآن و لا یقنع العطشان دع الاوهام و اترک المعقول و المنقول. و اسرع و توجه الی ملکوت ربک الغفور. تالله الحق تتتابع علیک ملائکة الالهام بالویة خافقة من الملأ الأعلی عند ذلک تکون ممن ألقی سمعه و هو شهید أسأل الله ان یجعلک مستفیضا من النور المبین. ثم امدد یدیک و افتح عینیک و حول اذنیک تسمع الجواب بلا سؤال و خطاب. الشجرة مرتفعة و الفروع ممتدة و الازهار مؤنقة و الاوراق مخضرة و الاثمار جنیة و القطوف دانیة. العین طافحة و السیول دافقة و البیت معمور و البیوت التی أوهن من بیت العنکبوت مطمور و علیک البهاء من الرب الغفور. و أما ما سألت عن الاقمار بقولک هل للاقمار التابعة للشموس المرکزیة الطائفة حولها بقوة الانجذاب موالید کموالید أرضیة. اعلم ان فی صریح القرآن ان الله بین بیانا شافیا کافیا تلتذ منه الآذان.

و قال ”ان فی خلق السموات و الأرض و ما بث فیهما من دابة“ فصرح بان فی السماء و الأرض کلیهما موجودات متحرکة بالارادة و لا شک و لا شبهة ان کل موجود متحرک بالارادة اما یکون من ذوی الحیاة الحیوانیة أم من ذوی الحقائق الانسانیة. و جمهور العلماء الذین جهلوا معنی القرآن و أرادوا ان یوفقوا بین صریح الآیة و القواعد البطلیموسیة التی کانت أوهاما أو کسراب بقیعة یحسبه الظمآن ماء قالوا ان الموجود المتحرک بالارادة فی السماء عبارة عن الملائکة من الملأ الأعلی.

و اما نوعیة تلک الموجودات هل هو مشابه بنوعیة الموجودات الأرضیة. نعم فقط انما اختلافه کاختلاف نوعیة الموجودات البحریة و الموجودات الأرضیة و الموجودات الهوائیة و الموجودات الناریة باختلاف طبائعها و تباین موازین عناصرها تختلف تلک الموجودات بحسب الاجزاء المرکبة منها ذواتها.

و أما سؤالک هل بالقواعد العلمیة و البراهین العقلیة یمکن الاهتداء الی هذه المسألة أم الاهتداء موقوف الی التلقیات الالهیة و الالهامات الربانیة. فاعلم بان هذه الحقائق العلمیة ادراکها منوط بالفیض الربانی و الکشف الصمدانی و للعقول و القواعد الفنیة سیطرة نوعا ما علی ادراک هذه الحقائق اجمالا بواسطة تدقیقات عقلیة و أدوات فلکیة و العقول تدندن حول هذا الحمی و لا تقدر ان تدخل فیه و البرهان علی هذا التدندن المنثور الضیائی الکاشف بواسطة الضیاء علی العناصر المرکبة منها السیارات فیظهر ان الموجودات الحیة فی تلک السیارات لابد تکون بحسب تلک العناصر هذا هو الحق و ما بعد الحق الا الضلال و البهاء علیک یا رفیع الرفیع الصادع البارع البدیع.

انی تلوت نمیقتک الغراء و ورقتک النورآء و أجبت عن المسائل التی سأل عنها ذلک النحریر الشهیر. و اتل علیه الکتاب و الخطاب الذی له و قل له قد تمت الحجة الغراء و ظهرت المحجة البیضآء و سطع أنوار البرهان و تحقق وجود العیان و أسأل الله ان یجعلک غریقا فی بحر الاطمینان و نفسا راضیة مرضیة قدسیة مستقرة فی أعلی الجنان (ع ع)