هو الله - یا أیها السائل البارع الصادع، فاصعد إلی معارج الحکم الربّانيّة.

حضرت عبدالبهاء
اصلی فارسی

۱۳۵

هو الله

یا أیها السائل البارع الصادع، فاصعد إلی معارج الحکم الربّانيّة. ثمّ ادخل فی الجنّة الروحانيّة الالهيّة و استظلل فی ظلال الشجرة المبارکة الّتی غرست فی بحبوحة الفردوس لتساقط لک ثمرة جنيّة عرفانيّة و تشهد آیات ربّک فی هذه الروضة المبارکة الّتی قدّر اللّه فیها ما لا رأت عین و لا سمعت أذن بما کانت مستورة عن الانظار و مخفيّة عن الابصار الا من أشهده الله ملکوت الروح و جعله علی الصراط القيّم مستقيما. ثمّ اعلم بانّ المسئلة الّتی سألت عنها لها شروح و تفاسیر لا یمکن الیوم بیانها و لا تقتدر الاذان ان تسمعها لانّ النفوس محجوبة بحجب الظلام و الابصار ضربت علیها غشاوة من النار کیف تقتدر هذه الطیور المجروحة بسهام البغضاء ان تطیر فی هواء المعانی و البیان أو تترنّم ببدائع الالحان علی الافنان و لکن لمّا وجدت حضرتک ظمآنا الی کوثر معرفة الله وعطشانا الی المعین الصافی العذب الجاری فی جنّة الاحديّة لذا اشتاق قلبی ان أذکر لحضرتک کلمة ممّا ألقی الله فی قلوب المخلصین.

فاعلم بانّ الارواح تنقسم بروح حيوانيّة و روح انسانيّة و روح رحمانيّة و روح لاهوتيّة فامّا الروح التی مشترکة بین الانسان و الحیوان انّها فانیة فی ذاتها و معدومة عند انعدام الاجساد و اضمحلال الاجسام لانّها من موادّ العناصر فلمّا کانت مادّتها قابلة الانعدام و متغيّرة فی تتابع الازمان فلا بدّ انّها تفنی

و امّا الروح الانسانيّة عبارة عن النفس الناطقة الّتی يمتاز بها الانسان عن الحيوان انّها ليست من عوالم العناصر الجسمانيّة بل هی من موادّ روحانيّة لا يعتريها الفساد و هی معذّبة بما انحجبت عن اللّه ربّها و احتجبت عن مشاهدة بارئها و ادراک آيات موجدها فی عوالم الانفس و الآفاق و هی متصرّفة بذاتها فی ادراک کلّ شیء و محيطة بالحقائق الممکنة علی ما هی عليها ان تتوجّه الی مرکز الهدی بين ملأ الانشاء و الّا تنزل فی درکات الجهل و العمی و تهبط فی الطبقات السفلی من الضلالة و الغوی

و امّا الروح الرحمانيّة الّتی من امر اللّه فهی عبارة عن القوّة القدسيّة و التأييدات الربّانيّة و التوفيقات الصمدانيّة و المعارف الالهيّة و العلوم السماويّة الّتی يؤيّد اللّه بها من يشاء من عباده الصالحين و بها يحصل لهم المکاشفات الغيبيّة و المشاهدات اللاريبيّة فيفوزون بالرحمة الکاملة السابقة و النعمة السابغة فيدخلون فی جنّة الأحديّة و الحديقة الصمدانيّة و يطربون و يحبرون بما أعطاهم اللّه من فضله و يشکرونه علی نعمه و آلائه


و امّا الروح اللاهوتيّة فهی جوهرة قدسيّة و کلمة تامّة و آية کاملة و سرّ الوجود و الحقيقة المکنونة عن أعين کلّ موجود و هی القلم الأعلی و النفس الرحمانيّة و ظهور الحقّ عن مشرق الابداع و شمسه فی مطلع الاختراع فهذه مختصّة بالانبياء فی عوالم الانشاء و من غير هذه الارواح الّتی بينّتها و ذکرتها لحضرتک قد خلق اللّه أرواحا لا تعدّ و لا تحصی و منها روح نباتی و روح ملکوتی و روح جبروتی و روح عقلی و کذلک بين الانبياء أرواح مشترکة و أرواح مختصّة کروح الامين انّها مختصّة بالکلمة العليا و القلم الأعلی محمّد رسول اللّه صلّی اللّه عليه و سلّم کما قال اللّه تعالی” نزل به الروح الامین علی قلبک“ ولکن لو أردنا بيان ذلک لا يکفيه الاوراق و لا تستطيع الآذان ان تسمعها لذا نختم القول الی هذا المقام و نکتفی به

يا ايّها السائل الجليل لعمری لو استنشقت رائحة الوفاء لألقيت عليک کلمة لو تسمعها تطير فی هواء تسمع من هزيز ارياحه أن لا اله الّا هو و لکن حينئذ کلّت السن بلابل الحقّ عن بدائع النغمات بل تسری الحکم الربّانيّة من القلوب الی الصدور کسريان الروح فی النفوس نعم ما قال

لقد خلوت مع الحبيب و بيننا سرّ ارقّ من النسيم اذا سری


منابع