اللّهمّ يا ربّ الملکوت المتجلّل بالجبروت المقدّس عن النعوت تعلم و تری تذلّل الضعفاء و تقهقر السفهاء و اضطراب قلوب البلهاء و تذبذب الجهلاء. و قد ظهر برهانک. و برز سلطانک و ثبتت حجّتک و تمّت کلمتک و ترّتلت آياتک و شاع ذکرک و علا أمرک و أحاطت الآفاق سطوة قيّوميّتک و ارتعدت فرائص الخلائق من قوّة ربوبيّتک. و علت راية ميثاقک فی الشرق و الغرب و خفقت علی صروح الشرف و المجد. و انتشرت نفحاتک فی کلّ الاقاليم. و امتدّ الصراط المستقيم و شهدت السن الامم بميثاق اسمک الاعظم مع ذلک تری ضعفاء القوم يخوضون فی شبهات اهل النوم و يتشبّثون باذکار اوهن من بيت العنکبوت و يهوون فی وهدة السقوط و يأوون الی حفرة القنوط و يعذرون کلّ من نقض الميثاق و قام علی النفاق فی صبيحة يوم الفراق و استهون العهد و تمهّد فی المهد و سخر بآيات الميثاق عند أکثر اهل الوفاق ثمّ حرّر بقلمه و خطّه رسائل الشقاق و نشره فی الآفاق فلمّا خابت منه الآمال افتری علی عبدک المنجذب الی الجمال القائم علی خدمتک فی الغدوّ و الاصال.
و اظهر سلطانک فی کلّ البلدان و رفع رايات سلطنتک فی کلّ الآفاق حتّی خابت الاعداء و عميت اعينهم من شدّة البکاء و قالوا کنّا نری بعد صعود نيّر الملأ الاعلی خمود هذا السراج و نضوب هذا البحر الموّاج و تنکيس هذا العلم المبين و تدمير هذا الرکن العظيم فخابت الآمال و قربت لنا الآجال و تقطع منّا الاوصال حيث کان هذا الرزء العقيم کأساً من السمّ النقيع و العلقم المرير فزاد السراج أنواراً و اشتدّت النار اشتعالاً و زادت الراية ارتفاعاً فشاع هذا الامر العظيم و ذاع فی کلّ الاقاليم. يا ليت لم يقع الصعود لمليک الوجود فالشمس زادت اشراقاً و الغمام ازداد ارعاداً و ابراقاً.
ثمّ الّذی رضی بالنقض و ترک الفرض اعلن الخلاف برسائله فی الاطراف. فرّح الاعداء و شرح صدور أهل البغضاء فأصبحت افواههم ضاحکة و السنهم هاتکة و سيوفهم فاتکة فاتّخذوا تلک الليلة الليلاء زينة و احيوها بالمسرّات و البشارات و قالوا قد هدم الرکن الشديد و تخلّل البنيان المشيد و تزلزل ارکان بيت التأييد و وقع الخلاف و البغضاء بين اهل البهاء الی امد مديد سيغور ماؤهم و يتکدّر صفاؤهم و تخمد نارهم و يطفأ سراجهم فيا طيور الليل حيّوا علی الغارة الشعواء ظلماً و بهتاناً. حيّوا للبأس بعد اليأس فتسعّرت نارهم بعد الخمود و ارتفع ضجيجهم بعد الصمت و السکوت.
هذا مساعی من خالف العهد و نصرة من استبدل الشهد ببقول الارض و الاعين رأت هذه الامور و الآذان سمعت بهذا النقض الهادم للبيت المعمور. مع ذلک تری يا الهی اناساً يرتابون فی هذا الامر الّذی ظهر ظهور الشمس فی اشدّ الاشراق و اطلّع به اهل الوفاق و تقرّ به عصبة الشقاق و تتجاهر به ثلّة النفاق و شهدت به حتّی الاعداء فی الآفاق مع ذلک يقول المرتابون لا يضرّه النقض و التحريف فی الکتاب لانّه مذکور فی الخطاب. ياللّه ما هذا الظلم العظيم يحرّفون کتاب اللّه و يشهد به الاهل و الاخوان مع ذلک يتردّدون اهل الخصوم و يرتابون مع نصّ قاطع من الحيّ القيّوم.
اگر آنی از ظلّ امر منحرف شود معدوم صرف بوده و خواهد بود. فهل من انحراف اعظم من نقض الميثاق و هل من انحراف أکبر من تحريف الکتاب و هل من انحراف أشدّ من الفساد و هل من انحراف اعظم من الاتّحاد مع الاعداء. و هل من انحراف أشدّ من امر يبکی الاحبّاء و يأجّج نار الجوی فی قلوب الاصفياء و يسرّ افئدة الاعداء و هل من انحراف أکبر من تطبيق اسم مرکز الميثاق بالنفی و الشيطان و هل من انحراف أشدّ من هدم البنيان العظيم و هل من انحراف اعظم من هتک حرمة امر اللّه. و هل من انحراف اشنع من التذلّل عند الخصماء. هذا ما فعل مرکز النقض و اشتهر فی الآفاق و يوجد الآن کتاب بأثر من قلم سليل الناقض الاکبر مرقوم فيه بحقّ مرکز العهد فسوف يبعث اللّه من لا يرحمه. هل من انحراف أشدّ من ذلک فانصفوا يا أولی الالباب. و أمّا الکلمات الّتی صدرت من قلم النجم الازهر و السراج الانور الشيخ الاجل احمد قد حرّرنا شرحاً عليها و ترکنا نشرها حتّی يفسّرها السائرون منهم الناقض المرقوم عند ذلک نأتی بهذا الثعبان المبين.
و امّا ما هوالمزبور فی التوراة من امر لوط و صباياه و الارتداد هذه اضغاث احلام ما انزل اللّه بها من سلطان. تلک اقاويل المؤرّخين من اهل الکتاب. و اعلموا انّ التوراة ما هو منزل فی الالواح علی موسی عليه السلام أو ما امر به. و امّا القصص فهذا امر تاريخيٌّ کتب بعد موسی عليه السلام. و البرهان علی ذلک انّ فی السفر الاخير کتب الحوادث الّتی وقعت بعد موسی و اخبر عنها. و هذا دليل واضح و مشهود بأنّ القصص دوّنت بعد موسی عليه السلام فلا اعتماد علی تلک الاقوال الّتی هی القصص و الروايات و ما انزل اللّه بها من سلطان لانّ الکتاب الکريم و الخطاب العظيم هو الالواح الّتی اتی بها موسی عليه السلام من الطور او ما نطق به مخاطباً لبنی اسرائيل بنصّ قاطع من الاحکام. بناء علی ذلک لا تستغربوا من اخبار صدرت من اقلام المؤرّخين من بعد موسی لانّها ليست من الآيات المحکمات فی الزبر و الالواح.
و امّا مسألة لا جبر و لا تفويض انّی لعدم المجال و تشتّت الاحوال اختصر بعدّة کلمات و انّها لکافية لاولیالعلم من اهل البشارات فاعلم انّ القدرة القديمة محرّکة للآفاق و مقلّبة للقلوب و الابصار. و مدخل الانسان فی الافعال هو الارادة و الميلان و القابليّة و الاستعداد فالبشر و الشجر متحرّکان و المحرّک لهاتين الحرکتين هو اللّه و لکن حرکة الانسان مباينة لحرکة الاشجار لانّ الحرکة الاولی بالاختيار و الارادة و الميلان و الثانية بالاضطرار و عدم الاختيار. و المحرّک هو العزيز الجبّار. هذا معنی لا جبر و لا تفويض و لا کره و لا تسليط امر بين الامرين و اذا أمعنت النظر لرأيت الحرکة فی جميع الکائنات سواء کان من الشجر و البشر و الدواب و الاجسام و محرّک الکلّ ربّ الموجودات انّما تختلف حرکة الشجر عن حرکة البشر لانّ هذه بارادته اذاً لا جبر و ما ظلمناهم ولکن کانوا أنفسهم يظلمون و لا تفويض حيث المحرّک هو اللّه قل کلّ من عند اللّه. و هذا هو الامر بين الامرين. و لنا مثل آخر و هو اذا اشتدّت ريح صرصر فی البرّ و البحر تری الفلک موآخر الی الشرق و الغرب و المحرّک لها الريح الشديد و لو لاها لما تحرّکت من مقامها أبداً اذاً لا تفويض ولکن اذا مال الملّاح بالسکان الی الشرق فتذهب بقوّة الريح مشرّقة و ان اماله الی الغرب تذهب بها الريح مغرّبة کما قال اللّه تعالی ”و کلّاً نمدّ هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربّک و ما کان عطاء ربّک محظوراً“ فثبت انّ لا جبر بل بارادة الانسان و ميلانه. هذا مختصر الجواب و اتأمّل من اللّه ان اجد فرصة کافية بعد ذا و ابثّ لک الدلائل و البراهين القاطعة فی هذه المسئلة الغامضة حتّی تری الامر بين الامرين واضحاً مشهوداً کنور المشرقين
الهی الهی ايّد احبّائک المخلصين علی الاقتفاء بالنور المبين. و وفّق عبيدک المقرّبين علی نشر نفحاتک بين العالمين حتّی يلتهوا عن شبهات الناقضين بتبليغ دينک المنير و بثّ تعاليمک و اشاعة آثارک و اذاعة بيّناتک بين الخافقين انّک انت الکريم الرحيم العزيز الوهّاب و انّک انت المقتدر المتعالی القويّ المختار عع