هُو اللّه - أيّتها المحترمة، قد وصل تحريرک البديع المعانی…

حضرت عبدالبهاء
نسخه اصل فارسی

هُو اللّه

أيّتها المحترمة، قد وصل تحريرک البديع المعانی اللطيف المبانی دالّ علی فرط محبّتک للّه و انجذابک الی ملکوت اللّه و اهتزازک بنسيم هابّ من رياض معرفة اللّه و غدوت منشرح الصدر عند تلاوتی لتلک العبارات الرائقة الّتی تحتوی علی معان فائقة

و تسألين عن الروح و مراتبه المتعدّدة و انّ القوم ذهبوا انّه حقيقة واحدة انّما يتعدّد باعتبار المراتب و المقامات فانّ له الترقّيات من الحيّز الادنی الی الحيّز الاعلی کترقّی الجماد من حيّز الجمود الی حيّز النموّ و ترقّی النبات من حيّز النموّ الی حيّز الاحساس.

و لمّا يصل الی عالم الانسان ّو يتشخّص بتعيّنات کاملة و أنّه عند ما يتعمّد بروح القدس يفوز بالحياة الابديّة. فهذه المسئلة صحيحة لکن المقصد من الروح الوجود و الحياة لانّ للوجود مفهوم واحد ليس مفهوم متعدّد. و انّ الوجود له مراتب و فی کلّ مرتبة من المراتب له تعيّن و تشخّص و قابليّة خاصّة. مثلاً عالم الجماد و النبات و الحيوان و الانسان کلّه فی حيّز الوجود و ليست احدی تلک الحقائق محرومة عن ذلک المفهوم ولکن الوجود له ظهور و بروز و شؤون فی کلّ رتبة من تلک المراتب ففی رتبة الجماد له تعيّن خاصّ يمتاز به عن سائر التعينّات و التشخّصات. ثمّ فی عالم النبات له شؤون و ظهور يختصّ بالعالم النباتی و تعيّن و تشخّص خاصّ به دون غيره. و فی رتبة الانسان الوجود له تجلّ و اشراق و ظهور بأعظم قوّة يتصوّر فی عالم الامکان. فبالجملة انّ الوجود له مفهوم واحد ولکن له ظهور و بروز و شؤون فی جميع المراتب و المقامات.

و امّا الارواح فهی حقائق ثابتة لها تشخّص و تعيّن و کمال و شؤون خاصّة ممتاز بعضها عن البعض و تختلف من حيث ذواتها و من حيث مفاهيمها. فانّ الروح الجمادی لا يقاس بالروح النباتی لانّه قوّة نامية. ثمّ الروح الحيوانی ايضاً حقيقة مشخّصة تمتاز عن غيرها بجميع شؤونها و مفهومها لانّها قوّة حسّاسة متحرّکة بالارادة و امّا الروح الانسانی فهو النفس الناطقة أی المدرکة لحقائق الاشياء و کاشفة لها و محيطة بها و لها آثار باهرة و انوار ساطعة و قوّة نافذة و قدرة کاملة تمتاز بجميع شؤونها و مفهومها عن سائر الارواح و انّها تتعمّد بالماء و الروح.

و أمّا الروح الملکوتی فهو اشراق من انوار شمس الحقيقة و تجلّ من تجلّيات اللاهوت فی عالم الناسوت و فيض من الفيوضات الابديّة و له الحياة السرمديّة و انّه آية من الآيات الباهرة و سنوح من السنوحات الرحمانيّة.

و امّا الروح القدس فهو مظهر الاسرار الربّانيّة و الحقيقة المقدّسة النورانيّة الفائضة بالکمالات الالهيّة علی الاروح الانسانيّة و هو نور ساطع لامع علی الآفاق کاشف لکلّ ظلام حادث فی حقيقة الامکان محيی للارواح مقدّس عن الاشباح قديم من حيث الهويّة أبدی من حيث الصفات و انّی لضيق المجال و اشتغال البال التزمت الاختصار فعليک بالتعمّق فی معانيها و الاقتباس من انوار مضامينها. و عليک التّحيّة والثّناء ع‌ع


منابع
محتویات