هو اللّه - حمداً لمن اشرق و لاح و تجلّی علی الوجود…

حضرت عبدالبهاء
اصلی فارسی

٦٩

هو اللّه

حمداً لمن اشرق و لاح و تجلّی علی الوجود بانوار الشّهود و اظهر المقام المحمود فی اليوم الموعود و جعل الآفاق منوّراً بفيضه فی اليوم المشهود و انطبعت و ارتسمت صور الملأ الاعلی فی صفائح القلوب بظهوره فی الجمال المعبود فخضعت الکائنات و خشعت الاصوات و ذلّت الرّقاب و عنت الوجوه للحيّ القيّوم و انشرحت به الصّدور و انجذبت به القلوب و قرّت به العيون و اهتزّت به الارواح بما دارت الاقداح فی محفل الافراح و نطقت الالسن بالثّنآء علی جمال المعبود فی يوم مشهود ولکنّ النّفوس الّتی احتجبت و غفلت عن ذکر ربّها و توارت فی حجاب کثيف و عمت عن مشاهدة آيات ربّها و ذلّت و انعدمت و اضمحلّت و اختارت الطّبقة السّفلی و تحجّبت فی حجباتها و حرمت من فضل بارئها و عطآء ربّها فتبّاً لها و سحقاً لها بما اختارت الذّلّة الکبری و ابتعدت عن العزّة العظمی فبئست النّشأة نشأتها الی ابد الآباد.

الهی الهی انّی اتضرّع اليک ان تکشف الغطآء و تسمح بالعطآء و تعفو عن الخطآء و تنوّر الاعين الّتی عمت عن الهدی و تسمع الآذان الّتی صمّت عن النّدآء و تنطق الالسن الّتی خرست عن الثّنآء و تحيی القلوب الّتی ماتت فی يوم البهآء انّهم يا الهی عجزة اذلّاء و اذلّة سفهآء لا يملکون لانفسهم نفعاً و لا ضرّاً فمن لم تهده يا الهی الی الافق الاعلی فليس له من هاد بين الوری و من لم تلق عليه کلمة التّقوی فمن له فی هذه الظّلمات الدّهمآء الّا ايّده شديد القوی يسعی اليک بقلب طافح بالولآء و يدرکه الطافک من ملکوتک الابهی و تنجيه من زمرة الاخسرين اعمالاً اذاً يا الهی اکشف الحجبات الّتی غشت البصائر و الابصار و اهد الکلّ الی سبيل النّجاة حتّی يطّلعوا علی الاسرار و يتذکّروا بذکرک فی العشيّ و الابکار و يقوموا علی خدمة امرک فی اللّيل و النّهار و ينادوا باسمک فی السّرّ و الاجهار و ينجذبوا الی جمالک السّاطع بالانوار انّک انت الکريم الرّحيم العظيم المقتدر الوهّاب يا مولی المتعال.

ايّها العالم النّحرير و الفاضل الشّهير قد اطّلعت بمضمون الکتاب و مفهوم الخطاب و اردت الجواب بفصل الخطاب ولکن القلب فی اهتزاز و اشتعال و الجسد فی اضطراب و اشتغال بما هجم الاحزاب بجنود الارتياب و کيف لی المجال مع اشتغال البال و انّی لی الاقتدار حتّی اشرح و افصّل عمّا سئلت عنه من معضلات المسائل بين الخلائق ولکنّنی ابيّن لک بالايجاز لانّه ضرب من الاعجاز اذاً فاعلم بانّ الکتب المنزلة من التّورية و الانجيل و الزّبور و الفرقان و الصّحف و الزّبر الالهيّه و البيان کلّها متطابقة متوافقة ولکنّ الّذين لم يطّلعوا باسرار الکلمات و غشت ابصارهم الحجبات لم يقتدروا علی حلّ المشکلات و التّوفيق بين العبارات المعضلات لانّهم تشبّثوا بالقشور و غفلوا عن المعنی المنشور و اللّبّ الخالص من ذلک المعنی المشهور لانّ کلمات اللّه و آياته منها محکمات و منها متشابهات امّا اولئک الانعام لم يعرفوا المحکمات فضلاً عن المتشابهات. و امّا ما اشرت اليها انّ الجديد من الآيات لم يطابق القديم من الکلمات بلی اذا نظرت الی ظواهرها و غفلت عن بواطنها رأيتها متخالفة متباينة لانّ البيان الجديد جوهر التّبيان و من آيات محکمات فاذا اردت تطبيق المحکمات الجديدة من الآيات بالمتشابهات القديمة من الکلمات لا يوافق بعضها بعضاً و امّا اذا نظرت بعين البصيرة الی الآيات المتشابهة من القرآن و اطّلعت بتأويلها لرأيت انّ کتب اللّه و صحفه متطابقة متوافقة فی کلّ القرون و الاعصار فلنذکر مسئلة من المسائل و هی مسئلة آدم و وجوده فی الجنّة و تقرّبه الی الشّجرة و خروجه منها و اذا نظرت بعين الحقيقة الی ظاهر هذه الکلمات لوجدتها من الممتنعات و لا يليق ظواهرها بصدورها من العقلآء فکيف بالّذی خالق الارضين و السّموات و امّا اذا نظرت الی تأويل تلک الکلمات التّامّات کما صار بيانه فی الصّحف الجديدة من الآيات لوجدته حقّا ثابتاً مطابقاً للواقع من جميع الجهات و يدلّ علی عظمة ربّک و کبريائه و عزّه و جلاله و سموّه و علائه و ما عدا ذلک انّ الامم القديمة من اليهود و النّصاری لم تحتجب فی يوم ظهور محمّد رسول اللّه عليه الصّلوة و السّلام الّا انّها لمّا طبقت القرآن بظواهر الانجيل و التّورية لم تجدهما متطابقين بل رأتهما متخالفين کما هو منصوص فی کتب القوم الّذين انکروا القرآن و اعترضوا علی ربّهم الرّحمن و احتجبوا عن العيان و ما علموا حقيقة التّبيان و لهذا انکروا الرّسول و تمرّدوا عن القبول بل جادلوا و حاربوا و سفکوا دمآء الاصفيآء و اذا اردت تفصيل هذا ليطول معنی الکلام فينبغی لذلک النّحرير الجليل ان يراجع القرآن و التّورية و الانجيل فاذا وجد آياتها متطابقة من حيث ظواهرها دون بواطنها فتکون الشّبهات الواقعة فی هذا الامر واقعة فی محلّها والّا عليک بالتّتبّع فی الکلمات الاولی و الآيات الاخری و استنباط المعانی الکلّيّة المندمجة المندرجة السّارية فی بواطنها و هکذا اعتراض اولی التّورية علی نصوص الانجيل بقولهم انّه يخالف کلّيّاً النّصّ الموجود فی التّورية و کتب سائر الانبيآء اذاً ينبغی لمثلک العالم النّبيل و الفاضل الجليل ان يدقّق النّظر فی المعانی و المبانی و الاسرار المودعة فی الکتاب کما قال و قوله الحقّ لا يعلم تأويلها الّا اللّه و الرّاسخون فی العلم.

و امّا قضيّة البرهان لقد ظهر ظهور الشّمس فی رابعة النّهار و اشتهر فی کلّ الاقطار و انّی لمتحيّر ان ابيّن ايّ برهان من البراهين الواضحة و الدّلائل اللّائحة و الحجج البالغة الّتی ظهرت فی هذا الدّور العظيم و القرن الکريم اذکر لک الصّحف المطهّرة و الزّبر المکمّلة الّتی عجزت عنها کلّ من فی الارض من فصحائها و بلغائها او اذکر لک قدرة الحقّ الظّاهرة و قوّته الباهرة و عزّته القاهرة الّتی احاطت الآفاق ام اذکر لک قوّة الکلمة و نفوذ الارادة و عظمة الامر ام اذکر لک الالواح الّتی نزلت خطاباً للملوک و تلين من استماعه القلوب القاسية کالصّخور و وقوع ذلک الخطاب فی عالم الشّهود بعد برهة من السّنين و الشّهور بلی اذا اذکر لک خوارق العادة ممّا وقعت و يعجز عنها کلّ العالمين انّها لم تکن برهاناً ساطعاً دامغاً لانّها امر مسموع غير مشهود والّا لذکرت لک اموراً تذهل منها العقول و تحتار من وقوعها النّفوس فلننظر الی ما قالوا المفسّرون للقرآن حيث نطقوا بانّ اعظم برهان للفرقان سورة الرّوم لانّ فيها صرّح الحيّ القيّوم بانّ الرّوم من بعد غلبهم سيغلبون و قد وقع هذا بعد بضع من السّنين فيا للانصاف لانّا اذا نظرنا الی الصّحف المطهّرة الّتی نزلت فی هذا القرون الاخيرة لرأينا لايعدّ و لايحصی من هذا القبيل قد نزلت آيات و اخبرت و انذرت و بشرت و ما قضت برهة من الزّمن الّا ظهرت اسرارها و اشتهرت آثارها و تحقّقت قضاياها و هذا امر اشتهر فی مشارق الارض و مغاربها منها الخطاب البليغ لعلج اهل الکتاب النّابليون العظيم المفتخر بنفوذ کلمته فی کلّ الاقاليم و عظمة سلطنته الّتی تموّجت راياتها علی صروح المجد بين العالمين و هو فی عزّه العالی و شرفه المتعالی خاطبه ربّ الجنود بخطاب يرتعد منه فرائص کلّ مختال فخور فاستغربت کلّ النّفوس کيف هذا الخطاب مع عظمة هذا الرّجل الفريد فی الآفاق حيث ذلّه و خذلانه ممتنع و مستحيل بهذه الاوقات فما مضت عدّة شهور الّا انثلّ عرشه العظيم و نکس علمه الرّفيع و سقط اکليله الجليل فاصبح اسيراً من دون نصير و اشتهر ندآء الامر فی کلّ الاقاليم و بمثل هذا و بمثل هذا و بمثل هذا و ليس لی مجال للاسهاب و الاطناب و اکتفيت بالايجاز حتّی تطّلع علی الحقيقة بعد المجاز و عليک التّحيّة و الثّنآء. ع ع

منابع