بسم اللّه الرّحمن الرّحيم - الحمد للّه الّذی نزّل الآيات…

حضرت عبدالبهاء
اصلی فارسی

٢٨٢

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

الحمد للّه الّذی نزّل الآيات بالحقّ و جعلها کالبحر المتلاطم الموّاج تقذف دراری التّأويل من التّنزيل علی شأن کلّ کلمة منها جامعة للأسرار الالهيّه و الحقائق الکونيّه و اندرجت و اندمجت فيها اسرار ما کان و ما يکون و لها مراتب و شئون فی کلّ مرتبة تری بعين البصيرة انّها تنبأ عن رموز و بيانات و اشارات لا يدرکها الّا من جعله اللّه مجاهداً فی امره و متشوّقاً الی مشاهدة آثاره و ظمآناً لکأس الطافه و متوجّهاً الی وجهه المعطی الغفور بحيث تری انّها مائدة ممدودة سماويّة محتوية علی کلّ النّعمآء و اعظم الآلاء و فيها ما يشتهيه النّفوس القدسيّه و يبتغيه الحقائق الرّوحيّه و کلّ انسان طالب يجد رزقه و ما يشتاقه موجودة فيها لانّها نعمة للکلّ فی کلّ مرتبة من مراتب الوجود من الغيب و الشّهود و انّها الرّحمة الواسعة و النّعمة المنبسطة المحيطة علی الکائنات المحتوية علی الحقائق و الآثار و الشّئون فاذا امعنت النّظر فی اطوارها مرّة تجدها انّها الأرض المبارکة الّتی تنبت رياحين التّقديس و اشجار التّنزيه و ازهار التّوحيد و اوراد التّفريد ففی کلّ حين تأتيک بآثار جديدة تذهل عنه العقول و تتحيّر فی مشاهدتها النّفوس و تجد طوراً انّها هی المآء المقدّس الطّهور الّذی نزل من السّمآء فسالت به اودية الحقائق المجرّدة عن التّعيّنات المحدودة و الکينونات الکاشفة للسّبحات الجلاليّه الهاتکة حجبات الانّيّة فاهتزّت و ربت و اخضرّت بالمعارف اللّدنّيّه کما قال و قوله الحقّ و علّمناه من لدنّا علماً و تارة تشهدها انّها النّور السّاطع و الکوکب اللّامع فانتشرت منها الأشعّة السّاطعة من شمس الحقيقة و اضاءت الوجود و ازالت الغيوم و محت الظّلمات عند شروقها و طلوعها و مرّة تبصرها انّها هی الشّجرة المبارکة المنبتة الّتی اصلها ثابت فی الأرض و فرعها فی السّمآء و تعطی اکلها فی کلّ حين و محتوية علی کلّ الفواکه النّورانيّه و الثّمرات الرّوحانيّه من کلّ لون و نوع لا يحصيه الّا اللّه العالم الخبير و جوهر الصّلوات و ازکی التّحيّات علی من اشرقت الأرض و السّموات بانوار کلماته الّتی دلّت علی کلّ معنی من المعانی الجارية السّارية فی حقائق کلّ شیء من الجزئيّات و الکلّيّات و البدايات و النّهايات و آله و عترته الطّاهرة الّذين تفجّرت ينابيع الحکمة و التّأويل و حقائق معانی التّنزيل من کلماتهم الجامعه و حکمهم البالغه و اسرارهم التّامّه و نطقوا و اوّلوا کلّ لفظ و حرف بمسائل و مطالب و دلائل لا يحصيها الّا المحصی الخبير.

يا ايهّا السّائل السّابح فی برّيّة الاشارات فاستمع لما يجيبک هذا العبد المتوسّل بذيل الطاف ربّه الرّحمن و تفکّر و تأمّل و انصف فی هذا الأمر الّذی تزلزل منه ارکان الوجود و اضطرب من سطوة ظهوره افئدة الّذين تاهوا فی بيدآء الحدودات و فلوات الاشارات ثمّ اکشف حجبات الأوهام و السّبحات المجلّله عند العوامّ و اهتک الأستار لغلبة الأسرار لتری بحور الحقيقة و العلم موّاجاً متلجلجاً عن يمينک و شمالک و عين الواقع مکشوف و مشهود امام عينک و تطير باجنحة الرّوح فی هذا الفضآء الأعظم الوسيع ايّاک ايّاک ان تأخذک اشارات القوم فی سلوکک فی سبيل ربّک و مجاهدتک فی اللّه و ان تنظر بعين الخلق فی شئون و آثار الحقّ و تحجبک الأستار عن مشاهدة الأنوار لأنّ تلک الشّئون حجبت الأبصار عند ظهور مطالع الوحی و مشارق القدس فی کلّ زمن و دور و ذلک يظهر لک عندما امعنت النّظر فی ظهورات الّتی سبقت من لدی اللّه المقتدر العزيز القيّوم ا ما تشهد بأنّ ملّة اليهود الی الآن ينتظرون ظهور الموعود و ملّة الانجيل يترصّدون طلوع الکوکب الجليل عن مطلع الآفاق بعدما اشرقت الأنوار و فاز الأبرار بالطاف ربّک العزيز المختار ا ما تمّت کلمة ربّک و ا ما بلغت الحجّة و ظهرت المحجّة و ا ما ظهرت العلامات و ا ما حرقت الحجبات فکيف احتجبوا و تاهوا فی سباسب الغفلة و العمی لعمرک لم تحرم عليهم مائدة العرفان و لا تکدّر عليهم کأس الايقان الّا انّهم اخذوا آيات اللّه و کلمات اوليائه باصطلاح اهل الجهل و العوامّ لذا غفلوا عن ذکر اللّه و اعرضوا عن آياته و اشرکوا بسلطانه و جعلوا انفسهم عن هذا الفضل الأعظم محروماً مأيوساً فواحسرةً عليهم و وااسفاً علی انفسهم بما لم يتّخذوا نصيباً من فضل اليوم الأعظم و لم يشربوا قطرة من هذا البحر الزّاخر العذب السّائغ الموّاج و لم يشمّوا رائحة من هذه الرّياض المتعطّرة منها الآفاق بل اشمأزوا منها و يميلون و ينجذبون الی المنتنة الدّفرآء ذلک مبلغهم من العلم کما قال و قوله حقّ ان يروا سبيل الرّشد لا يتّخذوه سبيلاً و ان يروا سبيل الغيّ يتّخذوه سبيلاً فما لهؤلآء القوم لا يکادون يفقهون حديثاً تبّاً لهم و سحقاً انّ شرّ الدّوابّ عند اللّه الصّمّ البکم الّذين لا يعقلون و انّک انت يا ايّها السّائل ان تسمع منّی دع هذه الاشارات عن ورائک ثمّ خذ باليمين کأس اليقين و باليسار مصباح الأنوار و ارکض فی برّيّة السّينآء و ناد باعلی النّدآء حتّی يسمع اهل ملأ الأعلی ضجيجک و صريخک فی حبّ مولاک القديم و ناج مولاک بهذا التّشبّث و الدّعآء:

اللّهمّ يا الهی انا الّذی انقطعت عن کلّ ما سواک و توسّلت بحبل الطافک و ذيل ردآء حضرة رحمانيّتک و ولّيت وجهی عن کلّ الوجوه متوجّهاً الی وجه فردانيّتک و اعرضت عن کلّ ملجأ ملتجئاً بکهف عزّ وحدانيّتک و استغنيت بک عن کلّ شیء مفتقراً الی جودک و احسانک. ای ربّ انّی مريض اهدنی الی معين شفائک و ای ربّ انّی ظمآن اسقنی من انهار کافور عطائک ای ربّ انّی مضطرب البسنی ردآء الاطمينان و طراز الايقان بجودک و افضالک ای ربّ قوّنی علی طاعتک و اشدد ظهری فی عبوديّتک و اطعمنی من نعمائک الّتی اختصصتها للمخلصين من خلقک و لا تجعلنی محروماً من الطافک و مأيوساً لدی باب احديّتک ای ربّ اصلح شئونی و کفّر عنّی سيّئاتی و اغفر جريراتی و اهدنی الی سبيل رضائک و اقمصنی من قمائص الطافک و امتنی فی حبّک و احينی بروح عنايتک و هيّأ لی فی امری رشدا انّک انت المقتدر علی ما تشآء و انّک انت الغفور العطوف الرّحيم. ای ربّ انّی مخمود اجّج فی قلبی نار محبّتک و مدهوش افقنی من سکرة الاشتغال بغيرک و اخرق بنورک حجبات الّتی حالت بينی و بينک انّک انت الفضّال الکريم.

فأمّا ما سئلت من الفرق بين التّأويل و التّحقيق فاعلم بأنّ مقام التّأويل هو باطن علم اليقين الّذی هو عين اليقين و امّا الحقيقة هو حقّ اليقين لأنّه التّحقّق بآثار الشّیء و شئونه و اکتساب دلائله و صفاته فاذا نظرت بعين الحقّ فی مراتب الوجود تری انّ النّفوس الّتی حشرت فی المراتب و المقامات منهم من کان فائزاً بمقام علم اليقين فهذا مثله مثل من سمع بوجود النّار و صفاتها و آثارها و لم يشهدها و منهم من ايّده اللّه بعين اليقين و هذا مثله من رأی النّار و صفاتها و صفائها و ادرک اسرارها و امّا من شرّفه اللّه بمقام الحقّ اليقين فهذا مثله عند ربّک من دخل النّار و اشتعل بها و احترق من حرارتها و ذاق شدّة لظيها و حدّة نفوذها ولکن النّاس اليوم غفلوا عن ذکر اللّه بشأن حتّی سدّت علی وجوههم ابواب علم اليقين فکيف ما فوقها و ودعوا الحقّ عن ورائهم ظهريّا ثمّ اعلم بأنّ التّفسير و التّأويل و التّحقيق و التّلميح و التّوضيح کلّ ذلک بالنّسبة الی الخلق والّا کلّ ذلک عند ربّک و الرّاسخين فی العلم سوآء ليس هنالک الّا العين الواقع و السّرّ الواضح و الرّمز اللّائح ولکن بالنّسبة الی مراتب الخلق و اطواره و شئونه تختلف التّعبيرات و ليس التّأويل کما زعموا القوم لأنّهم ظنّوا بانّ التّأويل عبارة عن اخراج معنی من المعانی من الآيات و الأحاديث بايّ وجه کان سوآء کان مطابق للواقع من کلّ الوجوه ام وجه من الوجوه و هذا هو عين الخطاء لأنّ التّأويل عبارة عن حقيقة المعنی الّذی قصد به القائل حقيقة و هذا يظهر عند بيان المبين و تظهر الحقيقه للتّطابق من کلّ الوجوه و ليس لأحد ان يأتی به الّا بعد ظهور البرهان و ثبوت الحجّة و السّلطان و النّاس لم يعلموا ذلک لأنّهم فی معزل من العلم لا يعلمون الّا قشوره فانظر بالبصر الحديد ليوم بعثة رسول اللّه صلّی اللّه عليه و آله فانّه اتی بالبرهان الّذی به ثبت نبوّة عيسی عليه السّلام عندذلک بيّن معانی الانجيل بالألحان الجليل فلم يبق عذر للّذين تديّنوا بدين اللّه الّا ان يذعنوا للحقّ بأنّ هذا التّأويل هو حقيقة معنی الانجيل ولکن النّاس لم يسمعوا و لم يؤمنوا بذلک فنزلت الآية المبارکه: مثل الّذين حملوا التّوراة و الانجيل ثمّ لم يحملوها کمثل الحمار يحمل اسفارا لانّهم کانوا يحاججون بظواهر الکتب المقدّسه متّخذينها بحسب اصطلاحهم و معرفتهم و کانوا ينکرون حقائق معانيه الّتی لا يعرفها الّا ملک مقرّب او نبيّ مرسل کما روی عن اهل البيت عليهم السّلام: حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله الّا ملک مقرّب او نبيّ مرسل او عبد امتحن اللّه قلبه للايمان و کذلک الحديث المشهور المروی فی بحار الأنوار و عوالم و ينبوع عن الصّادق عليه السّلام: العلم سبعة و عشرون حرفاً فجميع ما جائت به الرّسل حرفان و لم يعرف النّاس حتّی اليوم غير الحرفين فاذا قام قائمنا اخرج الخمسة و العشرين حرفاً أ ليست هذه الخمسة و العشرين حرفاً من الحقائق و الأسرار و معالم التّأويل من مواقع التّنزيل و کذلک الحديث المشهور: نحن نتکلّم بکلمة و نريد منها احدی و سبعين وجهاً و لنا لکلّ منها المخرج. يا ايّها السّائل فانصف باللّه هل يقتدر احد من هؤلآء العلمآء بعد هذا الحديث ان يقول انّ المقصود من الأحاديث المأثوره عن نجوم سمآء الأحديّه ما اقوله او اعرفه بحسب ظاهره من دون حجّة و برهان ما لم ينزل اللّه به من سلطان لا فوالّذی خلقک ليس لهم ذلک الّا ان يفتروا علی اللّه بالبغی و الطّغيان اذا فاعرف بانّ الحقيقة الّتی هی فوق مقام التّأويل هی تأويل مؤيّد بحجج بالغة و براهين واضحة من اللّه و هذا هو الحقّ و ما بعد الحقّ الّا الضّلال.

و امّا ما سئلت بأنّ منشأ هذا الأمر مستفاد من الأحاديث المأثوره عن ائمّة الهدی روح العالمين لهم الفدآء و مع ذلک ما صرح فی الأحاديث باسم الموعود و کنيته و لقبه و مکانه و زمانه بوضوح يعرفه العوامّ، فاعلم اوّلاً بأنّ الأئمّة صلوات عليهم اجمعين کلامهم جوهر الکلام و ساذج البيان و روح التّبيان و الکلام صفة المتکلّم هل يليق لملوک اقاليم الوجود بأن يتکلّموا بلسان السّوقة و المملوک لا فومالک الملوک. و ثانياً العوامّ هم الّذين غفلوا عن ذکر اللّه والّا من توجّه اليه بقلب خاضع خاشع سليم و جاهد فی اللّه حقّ جهاده ليهديه اللّه الی سبيله المستقيم ولو کان امّيّا کما سمعت انّ اباذر الغفاری و عمّار ياسر مع انّ احدهما کان راعياً و الآخر تمّارا و کلاهما امّيّان علما و عرفا تأويل کتب المقدّسه بقوله تعالی يهدی من يشاء ولکن ابا عامر الرّاهب و حيّ ابن اخطب و ابن هلال مع انّهم کانوا من اعلم العلمآء فی عصرهم و افقه النّاس بالتّوراة و الانجيل مع ذلک لم يعرفوا کلمة من تأويلهما و معانيهما لذا اعرضوا عن الحقّ و رجعوا الی حفرة العذاب. ثالثاً انّ معرفة کافّة الآيات و الأحاديث صعبة مستصعبة لا يختصّ بالأحاديث المنبئة فی ظهور القائم عليه السّلام و ليس فی وسع النّاس العوامّ بحسب الظّاهر ان يعرفوها اذا فکيف مکلّفون ليتّعظوا بها و يعرفوا معانيها و حقائقها لأنّ الکتاب لم ينزل خاصّة للعلمآء بل للعموم. رابعاً انّ معرفة اللّه اعظم و اصعب عن کلّ شیء و النّاس کافّة مکلّفون بها. خامساً انّ الأئمّة عليهم السّلام منعوا عن التّصريح کما روی عن ابی عبداللّه عليه السّلام ايّاکم و التّنويه يعنی لا تصرحوا و لا تشهروا بل لوحوا تلويحاً فيما نقول لکم من امر القائم و اخفوه عن المخالفين لانّه حکمة بالغة فما تغنی الآيات و النّذر عن قوم لا يؤمنون. سادساً هذا القول يرجع الی کلّ المظاهر المقدّسة من قبل بحيث لم يصرح فی التّوراة و الانجيل بوضوح العبارة فی زمانهم و مکانهم و اسمهم و لقبهم و کنيتهم بل لوحوا تلويحات لطيفه و اشارة بديعه. سابعاً کثر الأخبار عن ظهوره عليه السّلام ولکن النّاس لم يتفرّسوا فی کلمات اهل اللّه روحی لهم الفدآء و انّی اذکر لک بعضاً منها بوجه الايجاز و الاختصار.

فی حديث المفضّل قال المفضّل للصّادق عليه السّلام: فکيف يا مولای فی ظهوره قال عليه السّلام فی سنة السّتّين يظهر امره و يعلو ذکره. عن ابی عبداللّه عليه السّلام حينما سئل عن المحرّم قال عليه السّلام يحرم فيه الحلال و يحلّ فيه الحرام سئل عليه السّلام عن الجماد قال عليه السّلام فيها الفتح من اوّلها الی آخرها. عن عليّ عليه السّلام العجب کلّ العجب بين جمادی و رجب و عن اميرالمؤمنين عليه السّلام فی الخطبة التّطنجيّه فتوقّعوا ظهور مکلّم موسی من الشّجرة علی الطّور و فی دعآء النّدبه و قدّمت لهم الذّکر العليّ و الثّنآء الجليّ و فی کتاب فوايد المخلصين من الشّيخ مفيد رحمه اللّه قوله حقّ و مقاله صدق الا قد طلعت انوار الحقيقة و ظهرت آثار الالهيّه فی اربعة مواضع الأوّل فی نبيّ بسيط ثمّ فی وليّ بسيط ثمّ فی ناحية التّرکيب و هو تقديم الولاية علی النّبوّة ثمّ القضيّة بالعکس الا کلّ ذلک نظراً الی التّعيّن و التّشخّص قال السّيّد حسين الاخلاطی يجیء ربّاً لکم فی النّشأتين و يحيی الدّين بعد الرّاء و غين و عن ابی عبداللّه عليه السّلام و من اعظم البليّه انّه يخرج اليهم صاحبهم شابّاً و هم يحسبونه شيخاً کبيرا و عن الشّاعر المشهور قد غاب فی نسبة اعجميّ الفارسيّ العلوی حسب الرّضی و امثال ذلک کثيره ولکن انّ الأمر اوضح من ان يحتاج فی ثبوته الی هذه الأدلّة لأنّه بنفسه مثبت بالبرهان القاطع و البيان الواضح و ما دونه محتاج اليه و السّلام علی من اتّبع الهدی.

منابع