ربّ ربّ قد اشتدّ الظّلام و خرب الخيام علی رؤوس الأنام…

حضرت عبدالبهاء
اصلی فارسی

٤٨٦

ربّ ربّ قد اشتدّ الظّلام و خرب الخيام علی رؤوس الأنام و حجبت الأبصار غشاوة الاستکبار عن مشاهدة الأنوار و طبع علی قلوبهم لا يکادون يفقهون الأسرار يخوضون فی غمار الانکار و ينهمکون فی الغفلة و النّفار و يظنّون انّهم الأبرار. ربّ قد جهلوا جهلهم و غرّتهم الأوهام و ظنّوا انّها علوم و فنون تهدی الی الرّشاد. قد تعلّموا يا الهی الألفاظ و احتجبوا عن المعانی و الرّموز فی الزّبر و الألواح. حفظوا العبارات و غفلوا عن الاشارات و ترکوا البشارات و ما کان علومهم الّا سراب الأوهام او خوار العجول و الأنعام. مع‌ذلک اخذهم الاستکبار و غرّتهم الألفاظ و الکلمات و ظنّوا انّها آيات بيّنات کلّا ليس نحوهم الّا محواً و لا صرفهم الّا انصرافاً و لا منطقهم الّا سلباً و لا المعانی الّا لفظاً و لا فقههم الّا تقهقراً و لا اصولهم الّا فروعاً فحکمتهم نکبة يا الهی و تفسيرهم تقصير يا مولائی يتلقّون الأحاديث و هم احاديث و تماثيل يرتّلون القرآن و هم فی غفلة من البرهان يصلّون فی اللّيل و النّهار و ما کانت صلاتهم الّا مکاء و تصدية من دون شبهة و ارتياب ولو انّهم علموا يا الهی لآمنوا بک و بآياتک و خضعوا لسلطانک و خرّوا سجّداً لجمالک و نطقوا بثنائک و نشروا آثارک. قلت و قولک الحقّ و اضلّه اللّه علی علم و فرحوا بما عندهم من العلم و قالوا قلوبنا غلف ای اوعية العلوم و بها احتجبوا من المعلوم و حرموا علی انفسهم الرّحيق المختوم و ما يدرون انّی يبعثون. فقلت فی کتابک واضحاً جهاراً مثل الّذين حملوا التّوراة ثمّ لم يحملوها کمثل الحمار يحمل اسفاراً فالعلم ما ينقذ من الموهوم و يدلّ علی جمال المعلوم و ينکشف بها الغيوم و تظهر شمس الحقيقه فی نقطة الاحتراق بشعاع ساطع لامع علی الأفئدة و القلوب و ما هی الّا موهبة من لدنک و موعظة من عندک و اشراق من نيّر الآفاق و فيض مدرار يحيی قلوب اهل الوفاق. ربّ لک الحمد بما سقيت هذا العبد کأس الميثاق و نجّيته من الفراق و دعوته الی معين يندفق منه العلوم باشدّ انبثاق و کشفت عن بصره الغطآء فابصر انوار التّجلّی المتلألأ فی کبد السّمآء فانجذب بمجامع قلبه الی مرکز الجمال قطب الجلال ملتهباً فی قلبه نار محبّتک بين الوری ناطقاً بالثّنآء بين الملا منقطعاً عن کلّ ما سوی متوجّهاً الی الملکوت الأعلی ربّ مهّد له السّبيل و اجعله علی ملکوتک الدّليل و جرّعه من عين التّسنيم و کأس السّلسبيل و قدّر له الفيض الجزيل و الفوز الجميل حتّی ينشر آثار رحمتک فی البسيطة الغبرآء و يبثّ ادلّة وحدانيّتک بين اهل النّهی و يحيی القلوب بمآء مبارک نازل من السّمآء و يشرح الصّدور بترتيل آياتک علی لحن الورقآء ربّ کفّ عنه اکفّ السّوء و احفظه من کلّ سبع ضاری يزئر فی تلک الرّبوع انّک انت الحافظ القادر المقتدر المتعالی و انّک لعلی کلّ شیء قدير.

منابع