هو الله - اناجيک يا الهی فی غدوّی و آصالی و بهرة نهاری…

حضرت عبدالبهاء
اصلی فارسی

۹۶

هو الله

اناجيک يا الهی فی غدوّی و آصالی و بهرة نهاری و جنح الليالی و ادعوک بلسانی و جنانی و روحی و وجدانی و اعفرّ وجهی و امرّغ جبينی عند حنينی و أنينی الی أفقک المبين و صبحک المنير مبتهلاً اليک ان تشيد عبدک المؤيّد من عندک المعترف بوحدانيّتک المنجذب الی رحمانيّتک المشتعل بنار محبّتک المنشرح الصدر بنور معرفتک.

ربّ نزّهه عن الخطاء و اجزل عليه العطاء و اطفح له کأس الصفاء و رنّحه من سلاف الوفاء و اجعل له لسان صدق عليّا ربّ انّه خاطر بنفسه و روحه عند ما تسعّرت نيران الوباء و هبّت ريح اصفر صرصر دفراء علی موطن جمالک الانور الأعلی ربّ انّه ترک الراحة و الرخاء و الدعة و الهناء و ما استراح فی صباح و مساء و خاض فی غمار العناء و قام علی خدمة الوری و وقاية الاحبّاء و الخلطاء بل صيانة عموم البرايا فی تلک العدوة القصوی و يشهد بذلک ملأک الأعلی فاکتب له يا الهی أجر الفداء و خرج الضحيّة الکبری و قدّر له مقعد صدق فی جنّة الأبهی و أيّده بجنود السماء و احمله فی سفينة الکبرياء و انشر له شراع العلی و سيّره فی البحر المقدّس عن الارجاء و اکشف له الغطاء حتّی يری ما لا يُری الّا بفضل تختصّ به من تشاء من المشاهدة و اللقاء انّک أنت الکريم المعطی العزيز الوهّاب

ايّها المترنح من مدامة محبّة اللّه قد انتشقت نفحات رياض معرفتک باللّه و انتشيت من صهباء محبّتک فی جمال اللّه و انشرحت من ولهک فی النور المبين و شوقک الی محبوب العالمين و ظماء قلبک رشفاً من الرحيق فی هذه الکأس الانيق. فيا فرحاً لک بما آويت الی کهف منيع و احتميت بملاذ رفيع قد خرّت له اعناق العالمين فاستدعيت لک الفوز العظيم و الفيض الجليل الدافق کسيل منحدر و ماء منهمر من السحاب المدرار الی بطون الاودية و القفار و رجوت لک العون و العناية و الصون و الرعاية الی النهاية و أملی من الربّ الغیور ان ینصرک فی مهام الامور و ینجدک بجنود من الملأ الأعلی و جیوش من ملکوت السماء انّه علی کلّ شیء قدیر.

و اما ما سئلت من الآیة المبارکة فی القرآن العظیم و الفرقان المبین قوله تعالی ”بلی من أسلم وجهه لله و هو محسن“ الی آخر الآیة اعلم ايّدک اللّه انّ هذا الاسلام و التسلیم لهو الصراط المستقیم و المنهج القویم یستحیل حصوله الّا لمن القی السمع و هو شهید. و هذا هو الایمان الصحیح بربّ العالمين لانّ التسلیم فرع الایمان فلا یکاد الانسان ان یسلم الّا بعد الایقان. ثمّ اردف هذا البیان بامر آخر و قال و هو محسن و اطلق فی الاحسان و لم يقيّده بشیء فی حيّز الامکان فوجود هذا الانسان رحمة للعباد لأنّه یزداد لطفا و احسانا فی کلّ آن. و حیث الحال علی هذا المنوال عرفنا انّ الفلاح و النجاح و الفوز و النجاة لمن أسلم وجهه لله و بلغ مقام التسلیم و الرضا و فوض أموره الی الله و وجّه وجهه للّذی فطر الأرض و السماء و أحسن الی الوری و أعان الضعفاء و أغاث الفقراء و ضمد جریح الفؤاد و قریح الاحشاء و داوی کلّ طریح الفراش سقیم الانتعاش بل فدی حیاته حبا بالله لراحة عباد الله. و اما الاحسان الحقیقی و العطاء الموفور هو الهدی من أهل التقی لکلّ من يتذکّر و یخشی انّ هذا لهو الموهبة العظمی و العطيّة الّتی سجدت لها ملائکة السماء. و هذا المعنی قد نزل فی القرآن فی مواقع شتّی بعبارة أخری. منها ”انّ الّذين آمنوا و الّذين هادوا و النصاری و الصابئون من آمن بالله و الیوم الآخر و عمل صالحا“ ”و منها“ ” و العصر انّ الانسان لفی خسر الّا الّذين آمنوا و عملوا الصالحات“ فبالاختصار الاسلام الطوعی الاختیاری و مقام الرضاء و التسلیم أخصّ من الایمان و الایقان من حیث علم الیقین لانّ الایمان فی هذا المقام التصدیق بالخبر الصادر من الصادق الامین

و امّا عین الیقین و حق الیقین لا یکاد ان یضیء مصباحه فی زجاجة القلوب الّا بعد الاسلام الطوعی و التسليم لربّ العالمین و امّا الاسلام الاجباری کما قال الله تعالی ”و لا تقولوا آمنّا و لکن قولوا أسلمنا“ لسنا بصدده الآن و بالجمله انّ تسلیم الوجه أمر عظیم من أيّده اللّه به أدخله فی جنّة النعیم و وقاه من عذاب الجحیم. و الوجه له عدة معان منها بمعنی الرضاء کما قال الله تعالی ”یریدون وجهه“ و کذلک”انّما نطعمکم لوجه الله“ ای رضائه. و منها الوجه بمعنی الذات قال اللّه تعالی کلّ شیءهالک الّا و وجهه و منها الوجه بمعنی الجلوة قال الله تعالی ”فأینما تولّوا فثمّ وجه الله“ و الوجه له معان شتّی تفسیرا و تأویلا و تصریحا غیر ما بيّنّا و لکن لعدم المجال قد غضضنا الطرف عن الاطناب و الاسهاب فبناء علی ذلک انّ تسلیم الوجه أمر منأخصّ فضائل الابرار و أعظم منقبة الاحرار من أيّد بذلک وفّق علی الایمان التامّ فی أعلی درجة الایقان و الاطمئنان.

ثمّ أردف الله سبحانه و تعالی اسلام الوجه بالاحسان و قال و هو محسن أی لا یکمل اسلام الوجه و الایمان الحقیقی الّا بالاحسان و صالح الاعمال. ثمّ الاحسان الحقیقی ان تدعو الی الهدی و تحرض علی التوجّه الی الافق الأعلی وتبرّئ الاصمّ و الاعمی و تهدی الی الصراط السوی بقوّة برهان ربّک الأبهی و لا شکّ انّ النجاة‌ تحوم حول هذا الحمی و أيّ فضیلة أعظم من هذا ان یسلم الانسان وجهه لله و یحسن الی الوری و کذلک الاحسان الحقیقی ان تکون آیة رحمة ربّک الکبری شفاء کلّ علیل و رواء کلّ غلیل و ملاذ کلّ وضیع و معاذ کلّ رفیع و ملجأ کلّ مضطر و مرجع کلّ مقتر هذا هو الأمر المبرور و الفیض الموفور و السعی المشکورانّ ربّی لعزیز غفور.

و امّا ما سئلت ما ورد فی دعاء کمیل ”و الهمنی ذکرک“ أی وفّقنی علی ذکرک و الهمنی اناذکرک لانّ الالهام الالقاء فی القلوب و التلقین التعلیم الشفاهی الکافی الوافی. و امّا الالهام الالهی لا يکاد الّا بواسطة الفیض الربّانی و النفس الرحمانی مثل نوره کمشکاة فیها مصباح المصباح فی الزجاجة و ما دون ذلک احلام و أوهام و لیس بانعام. لانّ الالهام من حیث تعریف القوم واردات قلبيّه و الوساوس أیضا خطورات نفسيّه و بأيّ‌ شیء يستدلّ الانسان ان ما وقع فی قلبه هو الالهام الالهی‌ الّا ان یکون بواسطة الفیض الرحمانی و الدلیل علی ذلک ”انّک لتهدی الی صراط مستقیم“ فالواسطة هی‌ الوسیلة العظمی و مشکاة نور الهدی و کلّ الهام شعاع ساطع من هذا السراج الّذی یوقد و یضیء من هذا الزجاج. و امّا الذکر المذکور فی الرقّ المنشور هو التحقّق بالذکر لانّ المرء امّا يتفوّه بالذکر أو يتخطّر بالذکر أو يتحقّق بالذکر فالتحقّق هو الذکر الحکيم و قال اللّه تعالی شغفها حبّاً هذا هو التحقّق بالذکر لانّ الذکر یسری کالروح فی العروق و الشریان و ما أحلی سریان هذا الذکر فی القلوب و الاحشاء. و هذا الذکر لا يتحقّق الّا بالهام الهی و فیض ربّانی و انعطاف من المظهر الکلّی و اقتباس من النيّر المتلالئ. فالذکر المذکور فی الکلم المکنون کن عفیفا فی الطرف و أمینا فی الید و ذاکرا فی القلب أیضا التحقّق بالذکر الحکیم. و ان هذا لهو الصراط المستقیم.

و امّا ما سئلت من اللؤلؤ المصون فی الکلم المکنون مخاطبا الی همج رعاع ”ايّاک ان تحرم نفسک ملکا لا یزال بسبب الانزال“ أی لا تحرم نفسک عن المواهب الالهيّه و المنح الرحمانيّة و العطاء الموفور و الجزاء المشکور بسبب اتّباع الشهوات النفسانيّة و اللذائذ الجسمانيّة و الاحلام الشيطانيّة فالانزال کنایة عن اتّباع الشهوات و ارتکاب الخطيئات من أی نوع کان و للّه الآيات البيّنات. نسئل اللّه ان يجعل النفوس تنشرح باکتساب الفضائل و تضيق ذرعا بالبوادر الرذائل و تنجذب الی اللّه و تشتعل بنار محبّة اللّه و لا تستبدل الهدی بالضلالة و العمی و لا تستعوض بالفريدة النوراء و اليتيمة العصماء خزف الجهل و السفاهة و الشقی. و امّا ما سئلت عن جنّة الاسماء انّها لهی الهيکل المرقوم بالخطّ الأبهی أثر القلم الأعلی النقطة الاولی روحی له الفداء علی ورقة زرقاء. و فی الهيکل اشتقاق شتّی من کلمة البهاء و هذا الهيکل الکريم قد سرقه يحيی الاثيم و معه الواح شتّی باثر النقطة الاولی روحی له الفداء ظنّاً منه انّ ذلک يجديه نفعاً کلّا انّ هذا العمل حسرة له فی الآخرة و الاولی و لکن سواد ذلک الهيکل موجود عند الاحبّاء حتّی نسخة منه بخطّ يحيی و بعث هذه النسخة مع جملة کتب من الواح ربّک الی الهند امانة ولکن مرکز النقض القی فی قلب الامين ان يستولی عليها و لا يؤدّی الامانات الی أهلها هذا شأنهم فی الحياة الدنيا و بئس التابع و المتبوع و يا حسرة علی الّذين اتّبعوا من الّذين اتُّبعوا فی هذه الخيانة العظمی فسوف يظهر اللّه بقوّة من عنده انّ الخائنين لفی خسران مبين و عليک التحيّة و الثناء ع‌ع


منابع