تذكرة الوفاء - حضرة آقا محمد علي إصفهاني

حضرة عبد البهاء
مترجم. اللغة الأصلية الفارسية

حضرة آقا محمد علي أصفهاني – تذكرة الوفاء – آثار حضرة عبدالبهاء

﴿ هو الله ﴾

جناب آقا محمد علي أصفهاني، هو من الأحباء الأقدمين الذين اقتبسوا من نار الهدى في أول الأمر، ويعدّ من زمرة العرفاء وكان منزله مجمع العرفاء والحكماء، موصوفًا بعظيم الكرم وعلى خُلُقٍ عظيم محسوبًا في عداد المحترمين في مدينة أصفهان. داره ملجأ ومأوى للغرباء من الأغنياء والفقراء على السواء. وكان من أهل الذوق وحُسْن المَشْرَبْ، حليمًا سليمًا ونديمًا مألوفًا مشهورًا في كل بلد بعيشته الراضية. وبعد أن اهتدى بنور الهدى، اشتعل بالنار الموقدة في شجرة السيناء وأصبح بيته وقفًا للتبليغ ومضافته مركز التمجيد للربّ الكريم، يجتمع عنده الأحباب ليلاً ونهارًا وهو بينهم كالشمعة منيرًا بنار المحبّة المشتعلة في صدره. واستمر بيته مثوًا وحظيرة قدس لترتيل الآيات والبيّنات وبيان الحجج والبراهين الدامغة. ومع ما كان عليه من الشهرة بمعتقده بين أهالي أصفهان فقد أصبح بفضل انتسابه لإمام الجمعة بالمدينة محفوظًا مصونًا من غائلة الأعداء. وبلغ الحال أن إمام الجمعة نفسه من كثرة ضغط الأعداء جاهَرَهُ معتذرًا بأنه لم يعُد في مقدوره المحافظة عليه وحمايته قائلاً: "إنني بعد اليوم لا يمكنني المحافظة عليك وحمايتك لأنك في خطر عظيم، فأولى لك أن تغادر هذا البلد". فارتحل آقا محمد علي من أصفهان إلى العراق حيث فاز بشرف لقاء محبوب الآفاق، وما لبث أن قَلَبَ له الدهر ظهر المِجَنْ برهة ثم أخذت أحواله تتحسن. وكان يقنع بالقليل غير أنه عاش مسرورًا دمث الأخلاق ليّن العريكة يمازج الأغيار والأحباء على السواء إلى أن بارح الموكب المبارك بغداد إلى اسلامبول فسار بمعية حضرة بهاءالله إلى أدرنه –أرض السر- ولم تتغير حاله أبدًا ومضى بأدرنه متمتعًا بهناءة العيش مشتغلاً بالكسب نوعًا ما محفوفًا بالبركة التي لا تضارع ثم سافر ضمن الركب المبارك إلى قلعة عكاء حيث اعتقل أسيرًا واعتبر من المسجونين كل أيام حياته فائزًا بكمال الشرف في ظل الجمال المبارك.

كان طوال أيامه مسرورًا مبتهجًا مشتغلاً بالتجارة نوعًا ما ومكسبه كان ضئيلاً يصرف نصف نهاره في الاتّجار ويأخذ في النصف الآخر أدوات الشاي ويذهب على ظهر جواد إلى البساتين والحدائق الغلباء أو يتجه إلى الصحراء ويتناول شايه مبتهجًا مسرورًا. فطورًا تراه في المزرعة وطورًا في حديقة الرضوان أو في القصر المبارك فائزًا باللقاء غارقًا في بحار التنعم. وكلما شرب شايًا في القصر المبارك قال: "إنه لذيذ للغاية ورائحته ذكية ولونه جذاب وكان يستطيب الجلوس في الصحراء ومشاهدة الأوراد معجبًا بألوانها المختلفة الجذابة، وكان يقول إن كل شيء له رائحة عطريه حتى ماء الشرب والهواء الذي يستنشقه. وكان مسرورًا في جميع أوقاته بدرجة تفوق الحد والوصف وكان يعتقد أن ملوك العالم لم يتيسر لهم ما كان عليه من الفرح العظيم. ومع بلوغه سن الكبر، كنت تراه فارغ البال مرحًا مسرورًا، لا يأكل إلا من طيب الطعام. عاش في عكاء في هناء وأحسن مقام، ساكنًا في بيت على حده، ورغم أنه كان مسجونًا فلم يضجر إلى أن عرج إلى أفق العزة الأبدية بعد أن ناهز الثمانين من عمره. ونزلت في حقه ألواح متعددة من القلم الأعلى، وكان مشمولاً دائمًا بالألطاف المتناهية. عليه بهاء الأبهى وعليه آلافٍ من الرحمة والرضوان ومتعه الله بالروح والريحان. أما جدثه المنير ففي عكاء.

المصادر
المحتوى
OV