تذكرة الوفاء - جناب آقا عبدالله البغدادي

حضرة عبد البهاء
مترجم. اللغة الأصلية الفارسية

جناب آقا عبدالله البغدادي – تذكرة الوفاء – آثار حضرة عبدالبهاء

كان من زمرة المهاجرين والمجاورين، جناب آقا عبدالله البغدادي الذي اشتهر بين الخلق في أول أدوار شبابه أنه من أهل اللهو والهوى المنهمكين في اللذائذ، وشهد الكل أنه من أسرى الشهوات المستغرقين في بحور المشتهيات الجسمانية، ولكنه بمجرد إيمانه وإيقانه وانجذابه بنفحات الرحمن أصبح خلقًا جديدًا في حالة تستوجب الاستغراب إذ انقلب فجأة بالكلية وأصبح سماويًا بعد أن كان أرضيًا، وروحانيًا بعد أن كان جسمانيًا، ونورانيًا بعد أن كان ظلمانيًا، ورحمانيًا بعد أن كان شيطانيًا، ولؤلؤ صدف لامع بعد أن كان خزفًا، وجوهرًا وضّاءًا بعد أن كان حجرًا أسودًا، وقد احتار الأغيار في أمره وقالوا: "ما هذا الانقلاب الذي حصل لهذا الشاب الذي أصبح منقطعًا عن الدنيا، منجذبًا إلى الحق، طاهرًا بعد أن كان دنسًا، لابسًا ثياب الزهد والتقوى بعد ما كان منهمكًا في اللهو والهوى. نراه اليوم قد زهد في الدنيا وطوى بساط اللذات والمرح وقنع من الدنيا بالوله والانجذاب إلى الحق".

وخلاصة القول، إنه قد عاف الهناء ولذة العيش وتوجه راجلاً إلى عكاء بوجه مستبشر، كان بهي الطلعة نورانيًا وروحانيًا بدرجة أن قَلْبَ كل من رآه كان يمتلئ سرورًا وبهجة.

سألته مرّة: "آقا عبدالله كيف حالك؟"، فأجابني: "كنت، يا مولاي، مظلمًا أصبحت بعناية الجمال المبارك وفضله منيرًا، كنت بلقعًا أصبحت روضة أوراد غنّاء، كنت معذّبًا أصبحت في نعيم، كنت مكبلاً بالقيود الدنسة أصبحت حرًا منزهًا طاهرًا، كنت متعلّقًا بعالم الناسوت أصبحت متعلّقًا بعالم الملكوت، كنت كطائر في قفص أصبحت طليقًا أفترش الأرض في الصحاري الغبراء وألتحف السماء مسرورًا مبتهجًا. ولو أن فراشي كان قبل اليوم من الخزّ الناعم غير أن روحي كانت في عذاب أليم، ولو أني الساعة خالي الوفاض ولكنني في غاية الروح والريحان.

وعلى الجملة، إن هذا الشخص المنجذب بالنفحات قد ذاب قلبه أسى لما شاهد مظلومية نيّر الآفاق وتمنى أن يفدي حضرته بالروح حتى حان حينه واستجيب دعاؤه وانتقل من هذا العالم الظلماني إلى العالم النوراني.

أما قبره المنور ففي عكاء. عليه البهاء الأبهى وعليه الرحمة من فيض الكبرياء.

المصادر
المحتوى
OV