تذكرة الوفاء - جناب أستاذ باقر وجناب أستاذ أحمد

حضرة عبد البهاء
مترجم. اللغة الأصلية الفارسية

جناب أستاذ باقر وجناب أستاذ أحمد – تذكرة الوفاء – آثار حضرة عبدالبهاء

﴿ هو الله ﴾

كان في عداد المهاجرين أخوان نجاران هما جناب الأستاذ باقر والأستاذ أحمد. كان هذان الشقيقان طيبيّ الأصل وهما من أهالي كاشان، يشد الواحد منهما أزر أخيه منذ اعتنقا الأمر إذ آمنا بمجرد سماع النداء وخطاب –أَلَسْتُ- (أَلَسْتُ بربّكم) فقالا: "بلى" واشتغلا في بلدتهما زمنًا في التعبّد والابتهال حتى أصبح أمر اهتدائهما إلى سبيل البهاء أشهر من نار على علم. واحترمهما الأحباء والأغيار، واشتهرا بالأمانة والزهد والتقوى بين الجميع. ولمّا تطاول عليهما الأعداء، وضيّقوا المسالك، هاجرا إلى العراق واستظلاَّ في ظلال المبارك. حقًا، إنّهما شخصان مباركان، أمضيا أوقاتهما في العراق بالتبتّل والتضرّع والابتهال.

ذهب الأستاذ أحمد إلى أدرنه، أما أخوه فبقي في العراق مأسورًا في بلدة الموصل. بعد ذلك ذهب الأستاذ أحمد في معيّة الجمال المبارك إلى السجن الأعظم، وما لبث أخوه أن هاجر من الموصل إلى عكاء، فالتحق بأخيه والتجآ إلى ساحة الأقدس وتخلّصا من كل قيد، واشتغلا بالتجارة في عكاء، وابتعدا عن القاصي والداني، وعاشا في رحاب الرحمن ساكتيْن موقّريْن، على كمال الإيقان والاطمئنان، يعاشران الكلّ بالروح والريحان في جميع الأحيان. ثم وقع صعود الأستاذ باقر وبعد قليل اختطفت المنون أخاه الأستاذ أحمد.

ومختصر القول، إن هذيْن الأخويْن كانا مؤمنيْن موقنيْن ثابتيْن راسخيْن صابريْن شاكريْن متضرّعيْن مبتهليْن متوجهيْن إلى حضرة الكبرياء في كل الأحيان. ولم يحصل منهما أدنى قصور أو فتور طوال مدة آقامتهما في السجن، وكانا في كمال الفرح والسرور، ثمليْن من الكأس الطهور. وقد بكاهما، بعد موتهما، جميع الأحباء وأدميت قلوبهم وازداد حزنهم عليهما، وما وسع الجميع إلا أن طلبوا لهما العفو والمغفرة من ألطاف الجمال المبارك، وكانا في أيام حياتهما مشمولين بالألطاف ومؤيدين بالإسعاف، وكان الجمال المبارك راضيًا عنهما فاكتفيا بهذه العناية زادًا لسفرهما الأخير إلى العالم الأبدي.

عليهما البهاء الأبهى وعليهما الرحمة من ألطاف الكبرياء ولهما مقعد صدق في ملكوت الأبهى. أما قبراهما ففي عكاء.

المصادر
المحتوى
OV